سامي حسون
01-02-2009, 08:02 PM
ذات صباحات مدينيه تتنفس بصيف حار جدا غير عادي..تأكدت من ذلك الرجل البدين القصير الأبطن بحرارتها من العرق المتراكم في قفاه..وهو جالسا على حافة حينا.. يتأمل في طبيعة حياة الناس.. بتكشيرته المعتادة في وجوه الماره والجالسين والواقفين.. تجده معقوف الأنف،غارقاً رأسه الأصلع الضخم، بين كتفيه..جاحظاً عيناه..عندما تشاهده لأول مرة..تحدثك نفسك للتوً، بأن صرة في بطنه جعلته منتفخا تماما كما الكره.. يسرح برجليه على مقاس غطاء ثوبه الساحلي وسجادته الشيرازية التي اشتراها من حاج عجمي أثناء موسم الحج.
كان الرجل البدين صاحب صوت جهوري عال،يردد كلمات غير واضحة «يا أهل الحال يا أهل الحال أمتا تصفى الأحوال» تسمع صوته، حتى وان كنت داخل البيت المسكون بأطفال لا يكتفوا من صراخهم وشقاوتهم.. فقط يفهمها عجائز الحي من حركتهم العفوية وهم يتهامسون وقد ستروا وجوههم خلفه.. وفي كل لحظة سماع تلك الكلمات.. أحاول فك شفرتها..لكن أجد نفسي عاجزا عن معانيها الغامضة.. مذهول لعدم معرفة سبب ترددها على لسانه دائما.. وكلما ولجت باب الحي الخشبي الكبير.. أجده أمامي في جلسته الدائمة.. أتخطى برحة الحي.. تعترضني تلك الجملة من رجل شامي الأصل بعربته المتنقلة «بليلة بللوكِ، وسبع جواري خدموكِ».... برغم أنها تتسلل على آذاني في الشوارع والأزقة الضيقة.. أو رائحة «الشريك» المحشي بحبات الحمص الصفراء، تتقاذف إلى انفي ومعدتي فشهوتي ترغبه في جوعي دوماً.
كل ذلك قد لا يعنيني أكثر من تلك الكلمات التي يفوح بها الرجل البدين القصير الأبطن، «يا أهل الحال.. يا أهل الحال أمتا تصفى الأحوال».. أحسست أنها جملة لها مغزى مختلف..عرضية لا عابرة... لملمت شتات أفكاري على أن أصل إلى الرجل البدين، وأنا في غاية من الغرابة.. افترس الوجوه المارة...قد أكون أنا الغريب بينهم.. عجائز الحي يعرفون انه رجل ماكر..لكنهم سرعان ما ينسون خداعه في قذف كلماته الغليظة.. تجدهم يقفون دائما عند وسط الحي بالقرب من البئر المحيط بصخور جلبوها من جبال المدينة التي تراه من مسافة بعيدة... هو رجل عاطل، عن العمل، والزواج والحياة الاجتماعية.. برغم انه مقتدر... يفترش لسانه اللاذع، كي يهيئ الغارة المناسبة بجمل ساخرة لكل رجل يلتصق به العار الاجتماعي في قطع صلة الرحم وآكل مال الحرام..
وغارة أخرى لامرأة تخوض مراوغة النساء في طلاسم مشعوذ يلبي رغباتها ومكايدها... تسعى لإدراك مكنون وأعماق هذه الكلمات الساخرة التي بدأت مع الخلق، مع الوجود، مع الحياة في فعل مزعج صدر من رجل ملتوي..تجده من حين لآخر يبدل الزوجات، ينجب أطفالا ويستحق اللقب المستحيل «بابا» أو امرأة تتناقل في حكايات شجار بين زوجين، كي تحضا بشريحة كبيرة من الناقصات مثلها أو فتاة تغزو أنوثتها نحو الهاوية من اجل الحصول على بعض الحاجيات في تزينها أكثر.....ببساطة وبسرعة مضيئتين أدرك أن الغفوة والغفلة قائمة في أرجاء الحي.. لا تريد المحو أو إزاحتها أبدا..
فمنذ أن باغتني صياح ديك الجيران. ارتفعت أصوات المؤذنين، ونداءات تدعو للنهوض والصلاة. أصوات مبهمة انطلقت من الدهاليز والقاعات والأبواب والنوافذ وعمق الأزقة الضيقة، فقررت الذهاب إلى تمزيق شكوكك الناهضة كصياح الديك والأصوات المبهمة للرجل البدين، تقدمني الشك خطوة، والظن به خمسة خطوات فوجدتني نفسي على مقربة من ذلك الجدار الفاصل بين حينا والشارع العام.. أقف بجانب شجرة النبق السامقة،والتي تتربع في جهة الغرب من حينا، والتي يتسلقها الأطفال ليقطفوا ثمارها، كنت قد ربطت انتظاري بتلك الشجرة في صباح يوما ما، مكررا نفسي لعلي اقطف ثمر الصبر بابتسامة، وانتظار الرجل البدين في مكانه المعتاد، لكي افهم أجندته أكثر، حتى ارتب شتات أفكاري بكلماته الساخرة لأهل الحي «يا أهل الحال.. يا أهل الحال أمتا تصفى الأحوال»...
كادت نفَسي تتقطع كقلبي بين الانتظار، وبين رجال يتسارعون في العودة للحي يمرون على نفس الأماكن دون أن تتغير هذه الأماكن، يتسارعون للعودة إلى عاداتهم الخفية المتستر عليها، كما يعدن النساء إلى مخابئهن لاختراع وجع آخر منتظرين وقت العبادة لتطهير أرواحهم من الخطايا والذنوب المقترفة في حق بعضهن البعض..بينما الرجل البدين القصير الأبطن محمولاً على الأكتاف بصوت جمهوري وحدوه «لا آله إلا الله» نحو بقيع «الغرقد» لوضعه في بيته الجديد؟؟!!
كان الرجل البدين صاحب صوت جهوري عال،يردد كلمات غير واضحة «يا أهل الحال يا أهل الحال أمتا تصفى الأحوال» تسمع صوته، حتى وان كنت داخل البيت المسكون بأطفال لا يكتفوا من صراخهم وشقاوتهم.. فقط يفهمها عجائز الحي من حركتهم العفوية وهم يتهامسون وقد ستروا وجوههم خلفه.. وفي كل لحظة سماع تلك الكلمات.. أحاول فك شفرتها..لكن أجد نفسي عاجزا عن معانيها الغامضة.. مذهول لعدم معرفة سبب ترددها على لسانه دائما.. وكلما ولجت باب الحي الخشبي الكبير.. أجده أمامي في جلسته الدائمة.. أتخطى برحة الحي.. تعترضني تلك الجملة من رجل شامي الأصل بعربته المتنقلة «بليلة بللوكِ، وسبع جواري خدموكِ».... برغم أنها تتسلل على آذاني في الشوارع والأزقة الضيقة.. أو رائحة «الشريك» المحشي بحبات الحمص الصفراء، تتقاذف إلى انفي ومعدتي فشهوتي ترغبه في جوعي دوماً.
كل ذلك قد لا يعنيني أكثر من تلك الكلمات التي يفوح بها الرجل البدين القصير الأبطن، «يا أهل الحال.. يا أهل الحال أمتا تصفى الأحوال».. أحسست أنها جملة لها مغزى مختلف..عرضية لا عابرة... لملمت شتات أفكاري على أن أصل إلى الرجل البدين، وأنا في غاية من الغرابة.. افترس الوجوه المارة...قد أكون أنا الغريب بينهم.. عجائز الحي يعرفون انه رجل ماكر..لكنهم سرعان ما ينسون خداعه في قذف كلماته الغليظة.. تجدهم يقفون دائما عند وسط الحي بالقرب من البئر المحيط بصخور جلبوها من جبال المدينة التي تراه من مسافة بعيدة... هو رجل عاطل، عن العمل، والزواج والحياة الاجتماعية.. برغم انه مقتدر... يفترش لسانه اللاذع، كي يهيئ الغارة المناسبة بجمل ساخرة لكل رجل يلتصق به العار الاجتماعي في قطع صلة الرحم وآكل مال الحرام..
وغارة أخرى لامرأة تخوض مراوغة النساء في طلاسم مشعوذ يلبي رغباتها ومكايدها... تسعى لإدراك مكنون وأعماق هذه الكلمات الساخرة التي بدأت مع الخلق، مع الوجود، مع الحياة في فعل مزعج صدر من رجل ملتوي..تجده من حين لآخر يبدل الزوجات، ينجب أطفالا ويستحق اللقب المستحيل «بابا» أو امرأة تتناقل في حكايات شجار بين زوجين، كي تحضا بشريحة كبيرة من الناقصات مثلها أو فتاة تغزو أنوثتها نحو الهاوية من اجل الحصول على بعض الحاجيات في تزينها أكثر.....ببساطة وبسرعة مضيئتين أدرك أن الغفوة والغفلة قائمة في أرجاء الحي.. لا تريد المحو أو إزاحتها أبدا..
فمنذ أن باغتني صياح ديك الجيران. ارتفعت أصوات المؤذنين، ونداءات تدعو للنهوض والصلاة. أصوات مبهمة انطلقت من الدهاليز والقاعات والأبواب والنوافذ وعمق الأزقة الضيقة، فقررت الذهاب إلى تمزيق شكوكك الناهضة كصياح الديك والأصوات المبهمة للرجل البدين، تقدمني الشك خطوة، والظن به خمسة خطوات فوجدتني نفسي على مقربة من ذلك الجدار الفاصل بين حينا والشارع العام.. أقف بجانب شجرة النبق السامقة،والتي تتربع في جهة الغرب من حينا، والتي يتسلقها الأطفال ليقطفوا ثمارها، كنت قد ربطت انتظاري بتلك الشجرة في صباح يوما ما، مكررا نفسي لعلي اقطف ثمر الصبر بابتسامة، وانتظار الرجل البدين في مكانه المعتاد، لكي افهم أجندته أكثر، حتى ارتب شتات أفكاري بكلماته الساخرة لأهل الحي «يا أهل الحال.. يا أهل الحال أمتا تصفى الأحوال»...
كادت نفَسي تتقطع كقلبي بين الانتظار، وبين رجال يتسارعون في العودة للحي يمرون على نفس الأماكن دون أن تتغير هذه الأماكن، يتسارعون للعودة إلى عاداتهم الخفية المتستر عليها، كما يعدن النساء إلى مخابئهن لاختراع وجع آخر منتظرين وقت العبادة لتطهير أرواحهم من الخطايا والذنوب المقترفة في حق بعضهن البعض..بينما الرجل البدين القصير الأبطن محمولاً على الأكتاف بصوت جمهوري وحدوه «لا آله إلا الله» نحو بقيع «الغرقد» لوضعه في بيته الجديد؟؟!!