نور المستوحشين
02-02-2009, 09:54 PM
يا سائلاً أين الإحسان**اليوم أمسى في الأكفان
قولو إذاً تلك السُنَن تحيى بمن بعد الحسن
اجى لدار الضيافة اليوم ضيف بحسرته يناشد
يكفكف بيده عبراته خُبَر عني الحسن رايد
بلهيب النوح جاوبته بعد لا تجي يالوافد
الكرم ويا الحسن دفنوه جا المن بعد قاصد
إن كنت تبغي بحر الجود**فالجود قد أمسى مفقود
بدرُ الهُدى بحرُ الندى قد ارتدى ثوب الكفن
ريحانة رسول الله و ابن أشرف المخلوقات
مرار السم فُطَر جبده مصابه ماخِلَص من مات
على نعشه سهام من كل صوب غِدَت تتراكم الرميات
عُقُب بحر الكرم فاضت بحور الدمع و الحسرات
يومُ شجونٍ يومٌ فراق**و الدمعُ نارٌ في الأحداق
قلبي ذوى من الجوى فمن طوى يوم المِحَن
مثل ماصوبوا نعشه تصوَّب جبدي بمصابه
و عًلَي جور الوقت حُرَب و تركز بالقلب نابه
و تمحَّن قلبي بصوابين صواب الحسن و صوابه
عساني موسد بقبره علية هالوا ترابه
أنعى سليلاً للنجباء**أنعى حبيباً للزهراء
دهر النبى للمجتى سلَّ الضبى جورُ الزمن
قبل دار المجد جانت زهية و تستطع بأنوار
عقب غيبة أبوم محمد صُفَت وحشة و خِلية الدار
فَقِد نور الحسن جدَّد مصاب الضلع و البسمار
و جدَّد عالمحن لوعات طبرة والده الكرار
آهٍ على الضلع المصيوب**آهٍ على الشيب المخضوب
دهرٌ قسى كيف رسى ذاك الأسى في المؤتمن
اذكَرِت الزهرة و الكرار صِرِت اتعثر بهمي
و الهيَّج لظى جروحي دعاني حاير بهضمي
اسمعِت زينب تِحِن و تصيح متت مسموم يبن أمي
و حين اسمَعِت صرختها تداعى كل عضو بجسمي
ألَّمني صوت الحوراء**صوتُ شجونٍ صوتُ بكاء
تبكي على تاج العُلا حتى اعتلى صوت المحن
ألوذ بكاسر همومي و غدى بروح الأجل يحدي
قبل جبد الحسن ياريت بالسم قطِّعوا جبدي
و أخِبرَك دمعة عيوني جداول حُفرَت بخَدّي
و قبل لا ينحفر لحده عساهم حفروا بلحدي
أبكي على السبط المسموم**أبكي على القلب الملكوم
و لو عتي في مهجتي عن مقلتي غاب الوَسَن
http://alqaffela.jeeran.com/الإمام%20الحسن%20المجتبى.jpg
ولادته ونشأته
في الخامس عشر من شهر رمضان، ربيع القرآن، ولد الإمام الحسن عليه السلام.
في بيتٍ طينيٍ صغير فتح عينيه، وتربّى في أحضان جدّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأمّه فاطمة الزهراء عليها السلام.
كان سيدنا محمّد يحبّ حفيده الحسن ويقول: إنّه ابني، ويقول:
إنه رَيحـانَتي من الدنيا.
ثم يدعو الله قائلاً:
اللهم إني أحبّه فأحبّه فأحبه وأحبّ من يحبّه.
وكان سيّدنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يردد دائماً:
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة.
وذات يوم كان رسول الله يصلّي في المسجد، فجاءَه الحسن وهو ساجد فصعد على ظهره ثم رقبته، وكان الرسول يقوم برفق حتى ينزل الحسن، فلما فرغ من صلاته قال بعض المسلمين : يا رسول الله إنك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
إن هذا ريحانتي وإن ابني هذا سيد وعسى أن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين .
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
تَقــوَاه
كان الإمام الحسن عليه السلام أعبد أهل زمانه. حجّ بيت الله ماشيا خمسةً وعشرين حجة.
كان إذا قام للوضوء والصلاة، اصفرّ لونه وأخذته رجفة من خشية الله، وكان يقول:
حقّ على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.
فإذا وصل باب المسجد رفع رأسه إلى السماء، وقال بخشوع:
إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المُسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم.
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
حـِلمُـه
كان الإمام الحسن ذات يوم في الطريق، فصادفه رجل من أهل الشام وكان يكره أهل البيت، فراح يسبّ ويشتُم الحسن عليه السلام، وظل الحسن ساكتاً لا يجيبه إلى أن انتهى. عندها ابتسم الحسن عليه السلام وقال بعد أن سلم عليه:
أيها الشيخ أظُنّك غريباً.. إن سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كانت لك حاجة قضيناها لك.
فوجئ الرجل الشامي بجواب الحسن، وأدرك -على الفور- أن معاوية كان يخدع الناس ويشيع فيهم عن عليّ وأولاده ما ليس بحق.
تأثر الرجل وبكى، ثم قال:
أشهد أنك خليفة الله في أرضه، وأن الله أعلم حيث يجعل رسالته، لقد كنتَ أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ.
ومضى الرجل مع الإمام إلى منزله ضيفا إلى أن ارتحل.
http://www.binkhamis.org/cards/w/alhassan/01.jpg
ألقابه
ومن القابه السيد ، السبط ، الأمير، الحجة ،البر، التقي، الأثير، الزكي ، المجتبى ، الأول ، الزاهد ، وسماه الله تعالى الحسن وسماه في التوراة شبراً وكنيته أبو محمد وأبو القاسم
نقش خاتمه
العزة لله وحده
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
بلاغته
كان الإمام الحسن ( عليه السلام ) قمّة في البلاغة والفصاحة ، وكلامه دليل على ذلك ، وإليك بعض كلماته الدالّة على ذلك :
1ـ عن جنادة بن أبي أميّة قال : دخلت على الحسن ( عليه السلام ) في مرضه الذي توفّي فيه ، فقلت له : عظني يا بن رسول الله ؟
قال ( عليه السلام ) : ( نعم يا جنادة ، استعدَّ لسفرك ، وحصّل زادك قبل حلول أجلك ، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك ، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه ، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوّتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك .
واعلم أنّ الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب ، وفي الشبهات عتاب ، فَأَنزِلِ الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك ، فإن كان حلالاً كنت قد زهدت فيه ، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر ، فأخذت منه كما أخذت من الميتة ، وإن كان العقاب فالعقاب يسير .
واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً ، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة ، وهيبة بلا سلطان ، فاخرج من ذل معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزَّ وجلَّ .
وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة ، فاصحب مَن إذا صحبته زانك ، وإذا أخذت منه صانك ، وإذا أردت منه معونة أعانك ، وإن قلت صدَّقك ، وإن صلت شدّ صولتك ، وإن مددت يدك بفضل مدّها ، وإن بدت منك ثلمة سدّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن سألته أعطاك ، وإن سكتَ عنه ابتداك ، وإن نزلت بك إحدى الملمّات واساك ، مَن لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك منه الطرائق ، ولا يخذلك عند الحقائق ، وإن تنازعتما منقسماً آثرك ) .
2ـ قال ( عليه السلام ) في بيان إبطال الجبر والتفويض : ( من لا يؤمن بالله وقضائه وقدره فقد كفر ، من حمل ذنبه على ربّه فقد فجر ، إنّ الله لا يُطاع استكراهاً ، ولا يعطي لغلَبه لأنّه المليك لما ملَّكهم ، والقادر على ما أقدرهم ، فإن عملوا بالطاعة لم يَحُل بينهم وبين ما فعلوا ، فإذا لم يفعلوا فليس هو الذي يجبرهم على ذلك .
فلو أجبر الله الخلق على الطاعة لأسقط عنهم الثواب ، ولو أجبرهم على المعاصي لأسقط عنهم العقاب ، ولو أنّه أهملهم لكان عجزاً في القدرة ، ولكن له فيهم المشيئة التي غيَّبها عنهم ، فإن عملوا بالطاعات كانت له المنّة عليهم ، وإن عملوا بالمعصية كانت له الحجّة عليهم )
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
مظلوميته
كتب عليه منذ بداية حياته أنْ يكون مظلوماً في حياته، ومظلوماً بعد وفاته، مظلوماً في نظر الأصدقاء فضلا عن الأعداء، ومظلوماً في نظر الباحثين، وفي نظر العواطف والأحاسيس والتقييم والتحليل لمجمل حياته.
وهذه المظلومية نلاحظها بشكل واضح عندما نقرأ ما جرى على الإمام الحسن (عليه السلام) في زمن أبيه (عليه السلام)، وقبل الصلح. حيث يبدو أنّ هناك مؤامرة ـ نعبر عنها تخطيط ـ وهناك جهات كانت تستهدف الإمام الحسن (عليه السلام) بشائعات وأحاديث وكلمات مؤذيه له (عليه السلام) ومؤذية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث تتناول أخص القضايا بالإنسان، من قبيل قضية الزواج والطلاق. حيث نجد هناك حديثاً كثيراً في التأريخ حول هذا الموضوع، حتى أنّه نُسب إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه صعد المنبر وقال: (أيّها الناس لا تزوجوا ابني الحسن).
لاحظوا هذا الموقف بحيث إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو خليفة المسلمين يصعد على المنبر، ويتحدث بهذه القضية وبهذا الشكل العلني، اعرفوا كم هي الإشاعات والأحاديث والمسائل التي كانت تدور حوله، حتى أدى الأمر بأمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أنْ يتحدث بهذا الشكل.
لقد كان الإمام الحسن (عليه السلام) مظلوماً، ثم ظلم بعد الصلح من أتباعه ومواليه حيث يدخل عليه بعض مواليه، فيقول له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين)(3).
والإمام الحسن (عليه السلام) هو معز المؤمنين وحافظهم، وضحى بكل وجوده وحياته ومعنوياته، لأنّ معنويات الإنسان وشرفه وكرامته وعزته وجاهه أفضل وأعظم من بني الإنسان، فالإنسان يبذل دمه ووجوده من أجل شرفه وكرامته، فقد قال الإمام الحسين (عليه السلام): (الموت خير من ركوب العار)(4).
والإمام الحسن (عليه السلام) كان يفهم هذه الأُمور، فيبذل كل حياته في سبيل حفظ المؤمنين، ولكن مع ذلك يدخل عليه أحد أصحابه فيقول له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين).
ثم نجد مظلوميته (عليه السلام) بعد وفاته ; لأنّ تكريم الإمام الحسن (عليه السلام) محدود، وبعد ذلك نجد ما جرى على قبره الشريف، وعلى هذا الوجود المبارك، فعندما يذهب الزائر في أيام الحج ويقف على قبره (عليه السلام) يتقطع قلبه، وتأخذه العَبْرة بمجرد مشاهدة المنظر الذي يراه من خلال هذه الأحجار المتناثرة.
لقد كان الإمام الحسن (عليه السلام) مظلوماً، وكأنّه كُتب على هذا الوليد أنْ يكون مظلوماً منذ بداية حياته، فلنرَ بأي شيء كانت ظلامته؟
في الواقع لا يوجد هناك أي تفسير لظلامة الإمام الحسن (عليه السلام) إلاّ قضية الإسلام، فالإمام الحسن (عليه السلام) عاش من أجل قضية واحدة، وهي قضية الإسلام والدفاع عنه، وعن هذا الخط الإسلامي الأصيل، والدفاع عن هذه الجماعة الصالحة المتمثلة بشيعة أهل البيت (عليهم السلام)
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
الشهادة: 7 صفر 50 ه
مدة الإمامة: 10 سنوات
القاتل: جعدة ابنة الأشعث
مكان الدفن: البقيع
http://fc17.deviantart.com/fs40/f/2009/032/c/3/alhasan_by_almaqabi.jpg
فلنتقدم بأحر التعازي لصاحب العصر والزمان ولمراجعنا العظام وللأمة الاسلامية جمعاء بهذا المصاب الجلل
تحياتي نور...
قولو إذاً تلك السُنَن تحيى بمن بعد الحسن
اجى لدار الضيافة اليوم ضيف بحسرته يناشد
يكفكف بيده عبراته خُبَر عني الحسن رايد
بلهيب النوح جاوبته بعد لا تجي يالوافد
الكرم ويا الحسن دفنوه جا المن بعد قاصد
إن كنت تبغي بحر الجود**فالجود قد أمسى مفقود
بدرُ الهُدى بحرُ الندى قد ارتدى ثوب الكفن
ريحانة رسول الله و ابن أشرف المخلوقات
مرار السم فُطَر جبده مصابه ماخِلَص من مات
على نعشه سهام من كل صوب غِدَت تتراكم الرميات
عُقُب بحر الكرم فاضت بحور الدمع و الحسرات
يومُ شجونٍ يومٌ فراق**و الدمعُ نارٌ في الأحداق
قلبي ذوى من الجوى فمن طوى يوم المِحَن
مثل ماصوبوا نعشه تصوَّب جبدي بمصابه
و عًلَي جور الوقت حُرَب و تركز بالقلب نابه
و تمحَّن قلبي بصوابين صواب الحسن و صوابه
عساني موسد بقبره علية هالوا ترابه
أنعى سليلاً للنجباء**أنعى حبيباً للزهراء
دهر النبى للمجتى سلَّ الضبى جورُ الزمن
قبل دار المجد جانت زهية و تستطع بأنوار
عقب غيبة أبوم محمد صُفَت وحشة و خِلية الدار
فَقِد نور الحسن جدَّد مصاب الضلع و البسمار
و جدَّد عالمحن لوعات طبرة والده الكرار
آهٍ على الضلع المصيوب**آهٍ على الشيب المخضوب
دهرٌ قسى كيف رسى ذاك الأسى في المؤتمن
اذكَرِت الزهرة و الكرار صِرِت اتعثر بهمي
و الهيَّج لظى جروحي دعاني حاير بهضمي
اسمعِت زينب تِحِن و تصيح متت مسموم يبن أمي
و حين اسمَعِت صرختها تداعى كل عضو بجسمي
ألَّمني صوت الحوراء**صوتُ شجونٍ صوتُ بكاء
تبكي على تاج العُلا حتى اعتلى صوت المحن
ألوذ بكاسر همومي و غدى بروح الأجل يحدي
قبل جبد الحسن ياريت بالسم قطِّعوا جبدي
و أخِبرَك دمعة عيوني جداول حُفرَت بخَدّي
و قبل لا ينحفر لحده عساهم حفروا بلحدي
أبكي على السبط المسموم**أبكي على القلب الملكوم
و لو عتي في مهجتي عن مقلتي غاب الوَسَن
http://alqaffela.jeeran.com/الإمام%20الحسن%20المجتبى.jpg
ولادته ونشأته
في الخامس عشر من شهر رمضان، ربيع القرآن، ولد الإمام الحسن عليه السلام.
في بيتٍ طينيٍ صغير فتح عينيه، وتربّى في أحضان جدّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام وأمّه فاطمة الزهراء عليها السلام.
كان سيدنا محمّد يحبّ حفيده الحسن ويقول: إنّه ابني، ويقول:
إنه رَيحـانَتي من الدنيا.
ثم يدعو الله قائلاً:
اللهم إني أحبّه فأحبّه فأحبه وأحبّ من يحبّه.
وكان سيّدنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يردد دائماً:
الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة.
وذات يوم كان رسول الله يصلّي في المسجد، فجاءَه الحسن وهو ساجد فصعد على ظهره ثم رقبته، وكان الرسول يقوم برفق حتى ينزل الحسن، فلما فرغ من صلاته قال بعض المسلمين : يا رسول الله إنك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
إن هذا ريحانتي وإن ابني هذا سيد وعسى أن يصلح الله به بين فئتين من المسلمين .
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
تَقــوَاه
كان الإمام الحسن عليه السلام أعبد أهل زمانه. حجّ بيت الله ماشيا خمسةً وعشرين حجة.
كان إذا قام للوضوء والصلاة، اصفرّ لونه وأخذته رجفة من خشية الله، وكان يقول:
حقّ على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.
فإذا وصل باب المسجد رفع رأسه إلى السماء، وقال بخشوع:
إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المُسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم.
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
حـِلمُـه
كان الإمام الحسن ذات يوم في الطريق، فصادفه رجل من أهل الشام وكان يكره أهل البيت، فراح يسبّ ويشتُم الحسن عليه السلام، وظل الحسن ساكتاً لا يجيبه إلى أن انتهى. عندها ابتسم الحسن عليه السلام وقال بعد أن سلم عليه:
أيها الشيخ أظُنّك غريباً.. إن سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كانت لك حاجة قضيناها لك.
فوجئ الرجل الشامي بجواب الحسن، وأدرك -على الفور- أن معاوية كان يخدع الناس ويشيع فيهم عن عليّ وأولاده ما ليس بحق.
تأثر الرجل وبكى، ثم قال:
أشهد أنك خليفة الله في أرضه، وأن الله أعلم حيث يجعل رسالته، لقد كنتَ أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ.
ومضى الرجل مع الإمام إلى منزله ضيفا إلى أن ارتحل.
http://www.binkhamis.org/cards/w/alhassan/01.jpg
ألقابه
ومن القابه السيد ، السبط ، الأمير، الحجة ،البر، التقي، الأثير، الزكي ، المجتبى ، الأول ، الزاهد ، وسماه الله تعالى الحسن وسماه في التوراة شبراً وكنيته أبو محمد وأبو القاسم
نقش خاتمه
العزة لله وحده
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
بلاغته
كان الإمام الحسن ( عليه السلام ) قمّة في البلاغة والفصاحة ، وكلامه دليل على ذلك ، وإليك بعض كلماته الدالّة على ذلك :
1ـ عن جنادة بن أبي أميّة قال : دخلت على الحسن ( عليه السلام ) في مرضه الذي توفّي فيه ، فقلت له : عظني يا بن رسول الله ؟
قال ( عليه السلام ) : ( نعم يا جنادة ، استعدَّ لسفرك ، وحصّل زادك قبل حلول أجلك ، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك ، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه ، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوّتك إلاّ كنت فيه خازناً لغيرك .
واعلم أنّ الدنيا في حلالها حساب وفي حرامها عقاب ، وفي الشبهات عتاب ، فَأَنزِلِ الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك ، فإن كان حلالاً كنت قد زهدت فيه ، وإن كان حراماً لم يكن فيه وزر ، فأخذت منه كما أخذت من الميتة ، وإن كان العقاب فالعقاب يسير .
واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً ، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة ، وهيبة بلا سلطان ، فاخرج من ذل معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزَّ وجلَّ .
وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة ، فاصحب مَن إذا صحبته زانك ، وإذا أخذت منه صانك ، وإذا أردت منه معونة أعانك ، وإن قلت صدَّقك ، وإن صلت شدّ صولتك ، وإن مددت يدك بفضل مدّها ، وإن بدت منك ثلمة سدّها ، وإن رأى منك حسنة عدّها ، وإن سألته أعطاك ، وإن سكتَ عنه ابتداك ، وإن نزلت بك إحدى الملمّات واساك ، مَن لا تأتيك منه البوائق ، ولا تختلف عليك منه الطرائق ، ولا يخذلك عند الحقائق ، وإن تنازعتما منقسماً آثرك ) .
2ـ قال ( عليه السلام ) في بيان إبطال الجبر والتفويض : ( من لا يؤمن بالله وقضائه وقدره فقد كفر ، من حمل ذنبه على ربّه فقد فجر ، إنّ الله لا يُطاع استكراهاً ، ولا يعطي لغلَبه لأنّه المليك لما ملَّكهم ، والقادر على ما أقدرهم ، فإن عملوا بالطاعة لم يَحُل بينهم وبين ما فعلوا ، فإذا لم يفعلوا فليس هو الذي يجبرهم على ذلك .
فلو أجبر الله الخلق على الطاعة لأسقط عنهم الثواب ، ولو أجبرهم على المعاصي لأسقط عنهم العقاب ، ولو أنّه أهملهم لكان عجزاً في القدرة ، ولكن له فيهم المشيئة التي غيَّبها عنهم ، فإن عملوا بالطاعات كانت له المنّة عليهم ، وإن عملوا بالمعصية كانت له الحجّة عليهم )
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
مظلوميته
كتب عليه منذ بداية حياته أنْ يكون مظلوماً في حياته، ومظلوماً بعد وفاته، مظلوماً في نظر الأصدقاء فضلا عن الأعداء، ومظلوماً في نظر الباحثين، وفي نظر العواطف والأحاسيس والتقييم والتحليل لمجمل حياته.
وهذه المظلومية نلاحظها بشكل واضح عندما نقرأ ما جرى على الإمام الحسن (عليه السلام) في زمن أبيه (عليه السلام)، وقبل الصلح. حيث يبدو أنّ هناك مؤامرة ـ نعبر عنها تخطيط ـ وهناك جهات كانت تستهدف الإمام الحسن (عليه السلام) بشائعات وأحاديث وكلمات مؤذيه له (عليه السلام) ومؤذية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، حيث تتناول أخص القضايا بالإنسان، من قبيل قضية الزواج والطلاق. حيث نجد هناك حديثاً كثيراً في التأريخ حول هذا الموضوع، حتى أنّه نُسب إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه صعد المنبر وقال: (أيّها الناس لا تزوجوا ابني الحسن).
لاحظوا هذا الموقف بحيث إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو خليفة المسلمين يصعد على المنبر، ويتحدث بهذه القضية وبهذا الشكل العلني، اعرفوا كم هي الإشاعات والأحاديث والمسائل التي كانت تدور حوله، حتى أدى الأمر بأمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أنْ يتحدث بهذا الشكل.
لقد كان الإمام الحسن (عليه السلام) مظلوماً، ثم ظلم بعد الصلح من أتباعه ومواليه حيث يدخل عليه بعض مواليه، فيقول له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين)(3).
والإمام الحسن (عليه السلام) هو معز المؤمنين وحافظهم، وضحى بكل وجوده وحياته ومعنوياته، لأنّ معنويات الإنسان وشرفه وكرامته وعزته وجاهه أفضل وأعظم من بني الإنسان، فالإنسان يبذل دمه ووجوده من أجل شرفه وكرامته، فقد قال الإمام الحسين (عليه السلام): (الموت خير من ركوب العار)(4).
والإمام الحسن (عليه السلام) كان يفهم هذه الأُمور، فيبذل كل حياته في سبيل حفظ المؤمنين، ولكن مع ذلك يدخل عليه أحد أصحابه فيقول له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين).
ثم نجد مظلوميته (عليه السلام) بعد وفاته ; لأنّ تكريم الإمام الحسن (عليه السلام) محدود، وبعد ذلك نجد ما جرى على قبره الشريف، وعلى هذا الوجود المبارك، فعندما يذهب الزائر في أيام الحج ويقف على قبره (عليه السلام) يتقطع قلبه، وتأخذه العَبْرة بمجرد مشاهدة المنظر الذي يراه من خلال هذه الأحجار المتناثرة.
لقد كان الإمام الحسن (عليه السلام) مظلوماً، وكأنّه كُتب على هذا الوليد أنْ يكون مظلوماً منذ بداية حياته، فلنرَ بأي شيء كانت ظلامته؟
في الواقع لا يوجد هناك أي تفسير لظلامة الإمام الحسن (عليه السلام) إلاّ قضية الإسلام، فالإمام الحسن (عليه السلام) عاش من أجل قضية واحدة، وهي قضية الإسلام والدفاع عنه، وعن هذا الخط الإسلامي الأصيل، والدفاع عن هذه الجماعة الصالحة المتمثلة بشيعة أهل البيت (عليهم السلام)
http://www.hazza.org/up/uploads/776ef2b307.gif
الشهادة: 7 صفر 50 ه
مدة الإمامة: 10 سنوات
القاتل: جعدة ابنة الأشعث
مكان الدفن: البقيع
http://fc17.deviantart.com/fs40/f/2009/032/c/3/alhasan_by_almaqabi.jpg
فلنتقدم بأحر التعازي لصاحب العصر والزمان ولمراجعنا العظام وللأمة الاسلامية جمعاء بهذا المصاب الجلل
تحياتي نور...