شيعية موالية
20-11-2006, 11:45 PM
مرقد أولاد مسلم
موقعه
يقع هذا المرقد الطاهر على بُعد حوالي ثلاث كيلومترات شرقيَّ المسيَّب (1)، وهي واقعة على الضفّة الشرقيّة من نهر الفرات، وهناك المرقد المشهور بمرقد أولاد مسلم ابن عقيل بن أبي طالب عليه السّلام، أو مرقد وَلَدَي مسلم اللذَين ذكر قصّتَهما الشيخُ الصدوق على نحوٍ من التفصيل (2).
وخلاصتها أنّ محمّد الأصغر وإبراهيم ابنَي مسلم بن عقيل قد فرّا بعد واقعة عاشوراء بطفّ كربلاء، حين هجمت خيل عمر بن سعد على مخيّم الإمام الحسين عليه السّلام عند غروب يوم عاشوراء سنة 61 هجريّة، فَضَلاّ طريقهما حتّى أُسِرا وأُودِعا السجن، ثمّ هرّبهما السجّان، فالتجآ إلى امرأة، وتكرّرت معهما قصّة أبيهما فقبض عليهما حارث بن عروة الطائي (3)، وقتلهما على شطّ الفرات.
وذُكر أنّ محمّد الأصغر كان وُلدِ عام 52 هجريّ، وإبراهيم وُلد عام 53 هجريّ، وقُتِلا شهيدَين مظلومَين بريئَين عام 62 هجري، فيكون عمر الأوّل عشر سنوات والثاني تسع سنوات رضوان الله عليهما.
تحقيق موجز
المكان المنسوب إلى وَلَدي مسلم أنّه قبرهما، هو مكان مقتلهما، ويذهب الظنُّ القوي أنّه موضع دفنهما أيضاً، وإن كان جسداهما قد رُميا بعد القتل في نهر الفرات وحُمل رأساهما إلى عبيدالله بن زياد (4)، وكان هنالك موضع سجنهما أيضاً، فإنهما دُفنا في الموضع ذاته بعد أن التُقِطا من الماء.
قال السيّد عبدالرزّاق المقرّم لدى ذِكره هذا المرقد: إنّ السيرة بين الشيعة على المُثول بمشهدهما الواقع بالقرب من المسيّب تفيد القطعَ به، وبناءً على ما أفادته الرواية ( رواية الصدوق ) مِن إلقاء بدنَيهما في الفرات، يكون هذا الموضع: إمّا محلَّ القتل، وإمّا أنّهما أُخرِجا فدُفِنا هناك.
ويضيف السيّد المقرّم قائلاً: إنّ سيرة الشيعة، والشهرة بينهم، تُحقّق كونَ المشهد المعروف لولَدَي مسلم على الإجمال، ولم يحصل الشكّ في أدوارهم اتّباعاً للخلف على طريقة السلف، حتّى كثرت زُرافات الزائرين لهما تقرّباً إلى الله تعالى. والعمارة المتجدّدة حول القبرين على نحوٍ غير واحد من المشاهد المحقَّق ثبوتها، وكلّ هذا بمشهد العلماء، فلا يُعتنى حينئذٍ بمَن تأخذه الوسوسة إلى مَناحٍ ممقوتة، كما هو شأنه في جملةٍ من المظاهر والمشاعر (5).
وقال الفاضل الدربندي بعد ذِكر مقتل ولَدَي مسلم: وقبرهما في المكان المعروف الآن ـ أي قريب من الفرات عند قرية المسيّب ـ، وكيفيّة دفنهما في ذلك المكان ـ وإن كانت من الأمور التي لم نظفر فيها برواية ـ إلاّ أنّ كون قبرهما في ذلك المكان كأنّه ممّا عليه إجماع الطائفة الإماميّة. وقد ثبت بالنقل المتضافر أنّ كامل الفضلاء من حزب الفقهاء والمجتهدين ومعشر المحدّثين من أهل المشاهد المقدّسة، كانوا يقصدون ذلك المكان لزيارتهما (6).
وقال كمّونة عند تحدّثه حول مشاهد المسيّب: بقربها مشهد عامر فيه قبر محمّد وإبراهيم ابنَي مسلم بن عقيل بن أبي طالب (7).
وأمّا حرز الدين فيقول: إنّ هذه الشهرة قد مضى عليها قرونٌ وقرون حتّى وصلت إلينا، ولم يتنكّر لها أحدٌ من مشاهير علماء الشيعة الإماميّة إلاّ الشاذّ النادر، وفي عصرنا فقد زار القبرَ بعضُ مَن يُعتمد عليه في التاريخ والآثار من علمائنا المحقّقين... وهذا التباني منهم هو المعبَّر عنه بالسيرة، فإذاً الشهرة والسيرة قامتا على إثبات هذه البقعة لولَدَي مسلم (8).
الدفن.. القبر
يَحتمِل الشيخ علي القسّام أنّ الذي تولّى دفنَ وَلَدي مسلم هم جماعة من القبائل الذين شاهدوا مقتلهما، أو مَن تولّى قتلَ قاتلهما حيث كان مِن محبّي أهل البيت عليهم السّلام حسب رواية الطريحي في ( المنتخب ) (9).
ويضيف الشيخ القسّام بعد ترجيحه كونَ ولَدَي مسلم مدفونين في هذا المكان: ولعلّ ما يؤيّد الشهرةَ قولُ السادن لحرم أولاد مسلم، وهو الحاج عليّ (10)، أنّه اتّفق في بعض السنين أن حدَثَ شقّ في القبّتين فتطلّب ذلك ترميمَ أساس المبنى، وفي أثناء ذلك وجدوا قبرينِ متقابلين، مكتوب على أحدهما: محمّد بن مسلم، وعلى الآخر: إبراهيم ابن مسلم (11).
وإذا كان تعذّر تحديد تاريخٍ لبناء القبر، فإنّه يظهر كونه عامراً منذ القرون الأولى، حيث كان المؤمنون يَفِدون إليه للتبرّك به، حتّى تطوّر البناء وأصبح مُحاطاً ببساتين النخيل التي قيل إنّها من الوقف الخاصّ بالمرقد.
وكان على قبرَيهما ضريح مُشبَّك مصنوع من البُرونز الأصفر وسطَ حرمٍ واحدٍ مستطيل الشكل ذي بابَينِ يُطلاّنِ على الطارمة المستطيلة، وعلى كلّ قبر قبّة صغيرة مغطّاة بالقاشاني. وحرمهما مفروش بالسجّاد الإيراني، وأمام حرمهما صحن تبلغ مساحته ضِعفَ مساحة الحرم، وفي طرفَيه الغربي والشرقي غُرَف للزائرين. ومبنى الصحن مكوَّن من طابق واحد وله باب واحد من جهة الجنوب ( القِبلة )، ولا يوجد للمرقد مِئذنة.
وعمارة المرقد ـ بشكلٍ عامّ ـ مبنيّة من الطابوق والإسمنت، وأمّا الغرف المحيطة بالصحن فهي مبنيّة على شكل أقواس ( طاق )، وأمام كلّ غرفة إيوان صغير لحمايتها من الحرّ والبرد والمطر. ويوجد في الصحن أماكن خاصّة للوضوء ومَطاهِر ( مرافق صحيّة )، وتُقدَّر مساحة الحرم مع مظلّته الأمامية بـ 5, 17 في 125 مترا، وارتفاع الحرم بحدو أربع أمتار.
http://www.imamreza.net/images/maghalat/ghobor/177.jpg
البُناة.. والبناء
يُنسب بناء حرم أولاد مسلم ـ على ما ذُكر ـ إلى الحاج محمّد حسين الصدر (12)، وذلك في عام 1220هـ. وكان في وسط الصحن جدارٌ يُنصِّف الصحن إلى نصفين: الأوّل ـ ممّا يلي المدخل، خُصّص ليكون مربطاً لدوابّ الزائرين، والثاني ـ لراحة الزائرين. وفي عام 1355هـ قام جماعة مِن تجّار إيران بالاستئذان من المرجع السيّد أبي الحسن الإصفهانيّ في رفع الجدار الفاصل، فأذن لهم، فرفعوه وشيّدوا غرفاً في الإيوانات لاستراحة الزائرين.
ذكر ذلك الشيخ علي القسّام مضيفاً ـ نقلاً عن سادن الروضة الحاج علي الهلال ـ: أنّه قام ببناء البهو ( الطارمة ) من جمع التبرّعات من المؤمنين في العراق، وذلك عام 1352هـ، وقد أشرف على بنائه المعمار حمّودي البغدادي (13).
ويضيف قائلاً: في عام 1381هـ قامت تلك الجماعة الخيّرة السابقة الذكر من التجّار بتزويد مبنى الروضة بإسالة الماء الصافي لراحة الزائرين، كما أُوصل التيّار الكهربائي للمبنى عام 1384هـ (14).
وفي عام 1394هـ جُدِّد بناء المرقد، وأُقيمت فيه أقواس على الطراز الإسلاميّ، وزُيّنت بالنقوش والخطوط الجميلة، كما حُوِّلت المقبرة الملحقة بالمرقد بعد اندراس معالمها إلى ساحة موقف للسيارات فمراحل البناء تكون هكذا:
1 ـ البناء القديم: قبران وسط بستان.
2 ـ البناء الصفوي: ضمن تشييد الصفويّين لدى دخولهم العراق مراقد أهل البيت عليهم السّلام وبنائها، لا سيّما في عهد إسماعيل الأوّل الصفوي ( ت 930هـ )، ويُنسَب لهم بناء قبّتَي ولَدَي مسلم.
3 ـ بناء الوزير القاجاري محمّد حسين الصدر سنة 1220هـ: ولعلّه هو الذي كسا القبّتين بالقاشاني وأقام بعض الإيوانات.
4 ـ خدمات السادن علي الهلال سنة 1352هـ بمؤازرة المحسنين: فشيّد البهو الإمامي للروضة.
5 ـ خدمات التجّار الإيرانيّين الأربعة سنة 1355هـ: وهم الحاج رضا الجعفري، والحاج معين الخرّازي، والحاج غلام علي التنججي، والحاج مرتضى الگياهي.. فبنَوا غرفاً للزائرين.
6 ـ التبرّعات الحكوميّة: حيث خصّصت وزارة الماليّة العراقية عام 1376هـ مبلغاً مقداره ( 2500 ) ديناراً لتعمير الصحن، وبناء الجانب الغربيّ منه للزائرين.
7 ـ تجديد بناء المرقد: وذلك عام 1394هـ، فأُدخل عليه بعض التعديلات الفنيّة والزخرفة.
هذا بعد إيصال الماء والكهرباء إلى المرقد الطاهر.
وصف دقيق
حسب التحقيق الميداني الذي نهض به السيّد سلمان هادي آل طعمة في 29 / شوّال / سنة 1417 هجريّة: يحمل المرقد رقم القطعة 118 من المقاطعة 25 باسم: أولاد مسلم، ويقع على أرضٍ مساحتها 27 دونماً (15)، يحتلّ قسماً منها موقف لسيّارات الوافدين، أمّا القسم الآخر فخاصّ بالمرقد.
الواجهة الأماميّة والتي تقع إلى جهة الجنوب من المرقد هو الصحن، وطوله من الشرق إلى الغرب 40 متراً وعرضه 30 متراً، يتوسّط واجهتَه الأماميّة المدخلُ الخارجيّ للصحن وارتفاعه 6 أمتار بعرض 5,3 أمتار، يُحاط بكَتيبة مزخرفة بالقاشاني الكربلائي كُتب في أعلاها آية النور:
بسم الله الرحمن الرحيم: اللهُ نورُ السماواتِ والأرضِ مَثَلُ نورهِ كمِشكاةٍ فيها مِصباحٌ المصباحُ في زُجاجةٍ الزجاجةُ كأنّها كوكبٌ دُرّيٌّ يُوقَد مِن شجرةٍ مباركةٍ زَيتُونةٍ لا شَرقيّةٍ ولا غَربيّةٍ، يكادُ زَيتُها يُضيء ولو لَم تَمْسَسْهُ نارٌ نورٌ على نورٍ يَهدي اللهُ لنورِهِ مَن يشاءُ ويَضرِبُ اللهُ الأمثالَ للناسِ واللهُ بكلِّ شيءٍ عليم .
وتأتي تحتها آية التطهير: إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكمُ الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تطهيراً .
وقد كُتبت الآيات الشريفة بماء الذهب على القاشاني، وتحتها ـ أي على الباب مباشرة ـ زخرفة نباتية على القاشاني، وفي وسطها كتيبة: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله.
والباب محاط بعددٍ من الأقواس مكسوّة مِن كلّ جوانبها بالقاشاني الكربلائي. والباب مصنوع من خشب الصاج بتاريخ 1385هـ ( 1965م )، كما هو مثبّت عليه. وإلى جانب الباب مشربة ماء كُتب في أعلاها على القاشاني: بسم الله الرحمن الرحيم: وجَعَلْنا مِنَ الماءِ كلَّ شيءٍ حيٍّ سلام الله على الحسن والحسين.
إشربِ المـاءَ هنيئـاً يا مُحِبّْ واذكُرِ السبطَ الشهيدَ المُحتسِبْ
والجانب الشرقي من الصحن مؤلّف من طارمة تحتوي على تسعة أقواس مبنيّة من الطابوق تعلوها كتيبة من القاشاني عليها آية الكرسيّ (16). أمّا الجانب الغربي فهو مكوّن من طابقين: الأسفل ـ يحتوي على ستّ غُرف يليها المصلّى، والأعلى ـ يتألّف من اثنتي عشرة غرفة اتُّخِذ معظمها لراحة الزائرين.
موقعه
يقع هذا المرقد الطاهر على بُعد حوالي ثلاث كيلومترات شرقيَّ المسيَّب (1)، وهي واقعة على الضفّة الشرقيّة من نهر الفرات، وهناك المرقد المشهور بمرقد أولاد مسلم ابن عقيل بن أبي طالب عليه السّلام، أو مرقد وَلَدَي مسلم اللذَين ذكر قصّتَهما الشيخُ الصدوق على نحوٍ من التفصيل (2).
وخلاصتها أنّ محمّد الأصغر وإبراهيم ابنَي مسلم بن عقيل قد فرّا بعد واقعة عاشوراء بطفّ كربلاء، حين هجمت خيل عمر بن سعد على مخيّم الإمام الحسين عليه السّلام عند غروب يوم عاشوراء سنة 61 هجريّة، فَضَلاّ طريقهما حتّى أُسِرا وأُودِعا السجن، ثمّ هرّبهما السجّان، فالتجآ إلى امرأة، وتكرّرت معهما قصّة أبيهما فقبض عليهما حارث بن عروة الطائي (3)، وقتلهما على شطّ الفرات.
وذُكر أنّ محمّد الأصغر كان وُلدِ عام 52 هجريّ، وإبراهيم وُلد عام 53 هجريّ، وقُتِلا شهيدَين مظلومَين بريئَين عام 62 هجري، فيكون عمر الأوّل عشر سنوات والثاني تسع سنوات رضوان الله عليهما.
تحقيق موجز
المكان المنسوب إلى وَلَدي مسلم أنّه قبرهما، هو مكان مقتلهما، ويذهب الظنُّ القوي أنّه موضع دفنهما أيضاً، وإن كان جسداهما قد رُميا بعد القتل في نهر الفرات وحُمل رأساهما إلى عبيدالله بن زياد (4)، وكان هنالك موضع سجنهما أيضاً، فإنهما دُفنا في الموضع ذاته بعد أن التُقِطا من الماء.
قال السيّد عبدالرزّاق المقرّم لدى ذِكره هذا المرقد: إنّ السيرة بين الشيعة على المُثول بمشهدهما الواقع بالقرب من المسيّب تفيد القطعَ به، وبناءً على ما أفادته الرواية ( رواية الصدوق ) مِن إلقاء بدنَيهما في الفرات، يكون هذا الموضع: إمّا محلَّ القتل، وإمّا أنّهما أُخرِجا فدُفِنا هناك.
ويضيف السيّد المقرّم قائلاً: إنّ سيرة الشيعة، والشهرة بينهم، تُحقّق كونَ المشهد المعروف لولَدَي مسلم على الإجمال، ولم يحصل الشكّ في أدوارهم اتّباعاً للخلف على طريقة السلف، حتّى كثرت زُرافات الزائرين لهما تقرّباً إلى الله تعالى. والعمارة المتجدّدة حول القبرين على نحوٍ غير واحد من المشاهد المحقَّق ثبوتها، وكلّ هذا بمشهد العلماء، فلا يُعتنى حينئذٍ بمَن تأخذه الوسوسة إلى مَناحٍ ممقوتة، كما هو شأنه في جملةٍ من المظاهر والمشاعر (5).
وقال الفاضل الدربندي بعد ذِكر مقتل ولَدَي مسلم: وقبرهما في المكان المعروف الآن ـ أي قريب من الفرات عند قرية المسيّب ـ، وكيفيّة دفنهما في ذلك المكان ـ وإن كانت من الأمور التي لم نظفر فيها برواية ـ إلاّ أنّ كون قبرهما في ذلك المكان كأنّه ممّا عليه إجماع الطائفة الإماميّة. وقد ثبت بالنقل المتضافر أنّ كامل الفضلاء من حزب الفقهاء والمجتهدين ومعشر المحدّثين من أهل المشاهد المقدّسة، كانوا يقصدون ذلك المكان لزيارتهما (6).
وقال كمّونة عند تحدّثه حول مشاهد المسيّب: بقربها مشهد عامر فيه قبر محمّد وإبراهيم ابنَي مسلم بن عقيل بن أبي طالب (7).
وأمّا حرز الدين فيقول: إنّ هذه الشهرة قد مضى عليها قرونٌ وقرون حتّى وصلت إلينا، ولم يتنكّر لها أحدٌ من مشاهير علماء الشيعة الإماميّة إلاّ الشاذّ النادر، وفي عصرنا فقد زار القبرَ بعضُ مَن يُعتمد عليه في التاريخ والآثار من علمائنا المحقّقين... وهذا التباني منهم هو المعبَّر عنه بالسيرة، فإذاً الشهرة والسيرة قامتا على إثبات هذه البقعة لولَدَي مسلم (8).
الدفن.. القبر
يَحتمِل الشيخ علي القسّام أنّ الذي تولّى دفنَ وَلَدي مسلم هم جماعة من القبائل الذين شاهدوا مقتلهما، أو مَن تولّى قتلَ قاتلهما حيث كان مِن محبّي أهل البيت عليهم السّلام حسب رواية الطريحي في ( المنتخب ) (9).
ويضيف الشيخ القسّام بعد ترجيحه كونَ ولَدَي مسلم مدفونين في هذا المكان: ولعلّ ما يؤيّد الشهرةَ قولُ السادن لحرم أولاد مسلم، وهو الحاج عليّ (10)، أنّه اتّفق في بعض السنين أن حدَثَ شقّ في القبّتين فتطلّب ذلك ترميمَ أساس المبنى، وفي أثناء ذلك وجدوا قبرينِ متقابلين، مكتوب على أحدهما: محمّد بن مسلم، وعلى الآخر: إبراهيم ابن مسلم (11).
وإذا كان تعذّر تحديد تاريخٍ لبناء القبر، فإنّه يظهر كونه عامراً منذ القرون الأولى، حيث كان المؤمنون يَفِدون إليه للتبرّك به، حتّى تطوّر البناء وأصبح مُحاطاً ببساتين النخيل التي قيل إنّها من الوقف الخاصّ بالمرقد.
وكان على قبرَيهما ضريح مُشبَّك مصنوع من البُرونز الأصفر وسطَ حرمٍ واحدٍ مستطيل الشكل ذي بابَينِ يُطلاّنِ على الطارمة المستطيلة، وعلى كلّ قبر قبّة صغيرة مغطّاة بالقاشاني. وحرمهما مفروش بالسجّاد الإيراني، وأمام حرمهما صحن تبلغ مساحته ضِعفَ مساحة الحرم، وفي طرفَيه الغربي والشرقي غُرَف للزائرين. ومبنى الصحن مكوَّن من طابق واحد وله باب واحد من جهة الجنوب ( القِبلة )، ولا يوجد للمرقد مِئذنة.
وعمارة المرقد ـ بشكلٍ عامّ ـ مبنيّة من الطابوق والإسمنت، وأمّا الغرف المحيطة بالصحن فهي مبنيّة على شكل أقواس ( طاق )، وأمام كلّ غرفة إيوان صغير لحمايتها من الحرّ والبرد والمطر. ويوجد في الصحن أماكن خاصّة للوضوء ومَطاهِر ( مرافق صحيّة )، وتُقدَّر مساحة الحرم مع مظلّته الأمامية بـ 5, 17 في 125 مترا، وارتفاع الحرم بحدو أربع أمتار.
http://www.imamreza.net/images/maghalat/ghobor/177.jpg
البُناة.. والبناء
يُنسب بناء حرم أولاد مسلم ـ على ما ذُكر ـ إلى الحاج محمّد حسين الصدر (12)، وذلك في عام 1220هـ. وكان في وسط الصحن جدارٌ يُنصِّف الصحن إلى نصفين: الأوّل ـ ممّا يلي المدخل، خُصّص ليكون مربطاً لدوابّ الزائرين، والثاني ـ لراحة الزائرين. وفي عام 1355هـ قام جماعة مِن تجّار إيران بالاستئذان من المرجع السيّد أبي الحسن الإصفهانيّ في رفع الجدار الفاصل، فأذن لهم، فرفعوه وشيّدوا غرفاً في الإيوانات لاستراحة الزائرين.
ذكر ذلك الشيخ علي القسّام مضيفاً ـ نقلاً عن سادن الروضة الحاج علي الهلال ـ: أنّه قام ببناء البهو ( الطارمة ) من جمع التبرّعات من المؤمنين في العراق، وذلك عام 1352هـ، وقد أشرف على بنائه المعمار حمّودي البغدادي (13).
ويضيف قائلاً: في عام 1381هـ قامت تلك الجماعة الخيّرة السابقة الذكر من التجّار بتزويد مبنى الروضة بإسالة الماء الصافي لراحة الزائرين، كما أُوصل التيّار الكهربائي للمبنى عام 1384هـ (14).
وفي عام 1394هـ جُدِّد بناء المرقد، وأُقيمت فيه أقواس على الطراز الإسلاميّ، وزُيّنت بالنقوش والخطوط الجميلة، كما حُوِّلت المقبرة الملحقة بالمرقد بعد اندراس معالمها إلى ساحة موقف للسيارات فمراحل البناء تكون هكذا:
1 ـ البناء القديم: قبران وسط بستان.
2 ـ البناء الصفوي: ضمن تشييد الصفويّين لدى دخولهم العراق مراقد أهل البيت عليهم السّلام وبنائها، لا سيّما في عهد إسماعيل الأوّل الصفوي ( ت 930هـ )، ويُنسَب لهم بناء قبّتَي ولَدَي مسلم.
3 ـ بناء الوزير القاجاري محمّد حسين الصدر سنة 1220هـ: ولعلّه هو الذي كسا القبّتين بالقاشاني وأقام بعض الإيوانات.
4 ـ خدمات السادن علي الهلال سنة 1352هـ بمؤازرة المحسنين: فشيّد البهو الإمامي للروضة.
5 ـ خدمات التجّار الإيرانيّين الأربعة سنة 1355هـ: وهم الحاج رضا الجعفري، والحاج معين الخرّازي، والحاج غلام علي التنججي، والحاج مرتضى الگياهي.. فبنَوا غرفاً للزائرين.
6 ـ التبرّعات الحكوميّة: حيث خصّصت وزارة الماليّة العراقية عام 1376هـ مبلغاً مقداره ( 2500 ) ديناراً لتعمير الصحن، وبناء الجانب الغربيّ منه للزائرين.
7 ـ تجديد بناء المرقد: وذلك عام 1394هـ، فأُدخل عليه بعض التعديلات الفنيّة والزخرفة.
هذا بعد إيصال الماء والكهرباء إلى المرقد الطاهر.
وصف دقيق
حسب التحقيق الميداني الذي نهض به السيّد سلمان هادي آل طعمة في 29 / شوّال / سنة 1417 هجريّة: يحمل المرقد رقم القطعة 118 من المقاطعة 25 باسم: أولاد مسلم، ويقع على أرضٍ مساحتها 27 دونماً (15)، يحتلّ قسماً منها موقف لسيّارات الوافدين، أمّا القسم الآخر فخاصّ بالمرقد.
الواجهة الأماميّة والتي تقع إلى جهة الجنوب من المرقد هو الصحن، وطوله من الشرق إلى الغرب 40 متراً وعرضه 30 متراً، يتوسّط واجهتَه الأماميّة المدخلُ الخارجيّ للصحن وارتفاعه 6 أمتار بعرض 5,3 أمتار، يُحاط بكَتيبة مزخرفة بالقاشاني الكربلائي كُتب في أعلاها آية النور:
بسم الله الرحمن الرحيم: اللهُ نورُ السماواتِ والأرضِ مَثَلُ نورهِ كمِشكاةٍ فيها مِصباحٌ المصباحُ في زُجاجةٍ الزجاجةُ كأنّها كوكبٌ دُرّيٌّ يُوقَد مِن شجرةٍ مباركةٍ زَيتُونةٍ لا شَرقيّةٍ ولا غَربيّةٍ، يكادُ زَيتُها يُضيء ولو لَم تَمْسَسْهُ نارٌ نورٌ على نورٍ يَهدي اللهُ لنورِهِ مَن يشاءُ ويَضرِبُ اللهُ الأمثالَ للناسِ واللهُ بكلِّ شيءٍ عليم .
وتأتي تحتها آية التطهير: إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكمُ الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تطهيراً .
وقد كُتبت الآيات الشريفة بماء الذهب على القاشاني، وتحتها ـ أي على الباب مباشرة ـ زخرفة نباتية على القاشاني، وفي وسطها كتيبة: لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، عليّ وليّ الله.
والباب محاط بعددٍ من الأقواس مكسوّة مِن كلّ جوانبها بالقاشاني الكربلائي. والباب مصنوع من خشب الصاج بتاريخ 1385هـ ( 1965م )، كما هو مثبّت عليه. وإلى جانب الباب مشربة ماء كُتب في أعلاها على القاشاني: بسم الله الرحمن الرحيم: وجَعَلْنا مِنَ الماءِ كلَّ شيءٍ حيٍّ سلام الله على الحسن والحسين.
إشربِ المـاءَ هنيئـاً يا مُحِبّْ واذكُرِ السبطَ الشهيدَ المُحتسِبْ
والجانب الشرقي من الصحن مؤلّف من طارمة تحتوي على تسعة أقواس مبنيّة من الطابوق تعلوها كتيبة من القاشاني عليها آية الكرسيّ (16). أمّا الجانب الغربي فهو مكوّن من طابقين: الأسفل ـ يحتوي على ستّ غُرف يليها المصلّى، والأعلى ـ يتألّف من اثنتي عشرة غرفة اتُّخِذ معظمها لراحة الزائرين.