melika
21-11-2006, 07:55 AM
السلام علیکم
يتناول القرآن بالتحليل والإيضاح ظاهرات مرضية عديدة، تكشف عن أوضاع نفسيّة وحالات بعيدة عن الإيمان، والاخلاص الصادق، حالات تكشف عن ضعف كامن في أعماق النفس عند مواجهة الموقف الصعب، وعند ساعة الاختبار والابتلاء، عندما تذهب ساعات الرخاء والمغانم والآمال العريضة، وتحل مرحلة التضحية والفداء والمعاناة الصعبة، تجد هذا الصنف من الناس يظهر على حقيقته، ويكشف عمّا تحويه نفسه من خواء وتناقض وانهيار وسوء ظن، والقرآن يصوّر ذلك ويوضحه بقوله:
(وَطائِفَة قَد أهَمَّتهُم أنفُسُهُم يَظُنُّونَ باللهِ غَير الحَقّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقولونَ هَل لَنا مِن الأَمرِ مِن شَيء قُل إِنَّ الأَمرَ كُلَّهُ لِلّهِ يُخفونَ فِي أنفُسِهِمْ ما لا يُبدونَ لَكَ يَقولونَ لَو كانَ لَنا مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ما قُتِلنَا هاهُنا قُلْ لَو كُنْتُم فِي بُيوتِكُم لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلى مَضاجِعِهِم وَليَبْتَليَ اللهُ ما فِي صُدورِكُم وَلُيمَحِّصَ ما فِي قُلوبِكُم وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدور ) (آل عمران / 154) .
(يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لإخوانِهِم إِذا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَو كانُوا غُزَّىً لَو كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلوبِهِم وَاللهُ يُحيي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِير ) (آل عمران / 156) .
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا باللهِ فَإِذا أَوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِن جاءَ نَصرٌ مِنْ رَبّكَ لَيَقولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُم أَوَ لَيْسَ اللهُ بِأعْلَم بِما فِي صُدورِ العالَمين ) (العنكبوت / 10) .
لنقف أمام هذه القراءة القرآنية الدقيقة للنفس البشرية، والتشخيص الفذ لحالات الضعف الإنساني، وللمحتوى المرضي والضبابية المستترة في هذا الصنف من الناس، لنتأمل في قراءة القرآن وتشخيصه الربّاني لنزداد وضوحاً وبصيرة بتلك النفوس والشخصيات المتميزة في الأحوال والأوضاع الطبيعية، حين المكاسب والمغانم كي نتمكّن من التعامل مع هذا القبيل من الناس بوعي وحذر ونضعه في الموضع المناسب له، فلا نخدع به ولا ندخله في صميم البناء، وتكوين جماعة المؤمنين وحملة المبادئ، فإن تلك العناصر الهزيلة المنهارة تفتح الثغرات وتهدّد قوة البناء وتعرض كيان الجماعة المجاهدة إلى الخطر في اللحظات الصعبة، وحين الشدّة والمواجهة مع العدوّ، فيتسرّب التداعي وتتسع دائرة الخطر.
لنتابع القراءة التشخيصية التي قدمها القرآن، ولنضع أيدينا على تلك الحالات المرضية الخطرة، فهو يشخصها كالآتي:
قد أهمتهم أنفسهم.
* يظنّون على الله غير الحق، ظن الجاهلية، وتظنّون بالله الظنونا.
* يقولون: هل لنا من الأمر من شيء، ولو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا.
* يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك.
* إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا.
* لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا.
* ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم.
لنتأمل في هذه الدراسة النفسيّة، والتحليل الاستبطاني العميق الذي يقدّمه القرآن لنا، ليزيدنا وضوحاً وبصيرة بالناس الذين نتعامل أو نسير معهم في مسيرة الدعوة والجهاد، فهو يحذّرنا من أولئك الذين (أهمتهم أنفسهم )، وهم الذين استولى عليهم الخوف بسبب المحنة، والموقف الصعب، فلم يعودوا يفكروا إلاّ بأنفسهم، فلا همّ لهم إلاّ خلاصها والفرار بها وتحقيق المكاسب لها.
إنّ هذا الصنف من الناس لا يمكن أن يحمل مسؤولية الرسالة ومهمة الدعوة إلى الله سبحانه، لأنّه عنصر ضعيف مهزوم يتمحور في سعيه حول ذاته ومصالحه الشخصية الآنية.
وفي مقطع آخر يكشف لنا من عمق أجواء المحنة عن حالة سوء الظن بالله وبنصره لنبيه محمد (ص) وللمؤمنين، ويوضّح كيف تستولي حالة الهلع والاحباط والظن (غير الحق) على هذا الفريق من الناس، كيف يظن أنّ الله خاذله، ومسلّمه إلى الأعداء، ولا يفرّق بين خذلان الذلّة، وخسران المعركة، ويتخذ موقف المشكك المنهار، ويظهر ما في نفسه من ضعف وهزيمة وهلع، ويبدأ بالنقد الهدّام وباللوم المشكك، ويطلق الكلمات الدالّة على ما كان يخفيه في نفسه من سوء الظّن، وعدم الثقة بالله وبرسوله وبموقفه هو وبعلاقته بجماعة المؤمنين، وبحالة ضعفه، فتراه يظهره الندم على وقوفه في صف الدعوة والجهاد، وأنّه كان مغرراً به، مخدوعاً بما قيل له، وصوّر أمامه، إنّه يسأل سؤال المشكك المرتاب: هل لنا أن نقرّر مصيرنا؟ أحقاً أننا سننتصر؟ سنكسب الموقف والمعركة؟ لو كان الوعد حقّاً فلِمَ مات اخواننا؟ لو كان الأمر لنا لما رضينا بأن يقتل إخواننا هنا؟ ولما فقدناهم إذن. إنّه يزرع الشك ويثير المرتب والأراجيف، إنّه يتساءل نادماً جزعاً هلعاً.
والقرآن يجيبه مؤنّباً وموبّخاً، إنّ الموت والحياة بيد الله، وإنّ نصيب أولئك المهزومين المتخاذلين هو الحسرة والندم، ولابدّ للإنسان من أن يدرك أجله، وما عليه إلاّ أن يؤدّي دوره بإخلاص وضبط دقيق، وما النصر إلاّ من عند الله.
إنّ هذا الإنسان الذي استزله الشيطان يستبطن حالة مرضيّة، ووضعيّة نفاقيّة تكشفها المحنة بكل وضوح، ويدوّنها القرآن للعبرة والموعظة.
إنّ هذا الصنف من الناس يخفي في نفسه ما لا يظهره للآخرين.
* البلاغ
يتناول القرآن بالتحليل والإيضاح ظاهرات مرضية عديدة، تكشف عن أوضاع نفسيّة وحالات بعيدة عن الإيمان، والاخلاص الصادق، حالات تكشف عن ضعف كامن في أعماق النفس عند مواجهة الموقف الصعب، وعند ساعة الاختبار والابتلاء، عندما تذهب ساعات الرخاء والمغانم والآمال العريضة، وتحل مرحلة التضحية والفداء والمعاناة الصعبة، تجد هذا الصنف من الناس يظهر على حقيقته، ويكشف عمّا تحويه نفسه من خواء وتناقض وانهيار وسوء ظن، والقرآن يصوّر ذلك ويوضحه بقوله:
(وَطائِفَة قَد أهَمَّتهُم أنفُسُهُم يَظُنُّونَ باللهِ غَير الحَقّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقولونَ هَل لَنا مِن الأَمرِ مِن شَيء قُل إِنَّ الأَمرَ كُلَّهُ لِلّهِ يُخفونَ فِي أنفُسِهِمْ ما لا يُبدونَ لَكَ يَقولونَ لَو كانَ لَنا مِنَ الأَمرِ شَيءٌ ما قُتِلنَا هاهُنا قُلْ لَو كُنْتُم فِي بُيوتِكُم لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ القَتلُ إِلى مَضاجِعِهِم وَليَبْتَليَ اللهُ ما فِي صُدورِكُم وَلُيمَحِّصَ ما فِي قُلوبِكُم وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدور ) (آل عمران / 154) .
(يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لإخوانِهِم إِذا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَو كانُوا غُزَّىً لَو كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلوبِهِم وَاللهُ يُحيي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِير ) (آل عمران / 156) .
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا باللهِ فَإِذا أَوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِن جاءَ نَصرٌ مِنْ رَبّكَ لَيَقولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُم أَوَ لَيْسَ اللهُ بِأعْلَم بِما فِي صُدورِ العالَمين ) (العنكبوت / 10) .
لنقف أمام هذه القراءة القرآنية الدقيقة للنفس البشرية، والتشخيص الفذ لحالات الضعف الإنساني، وللمحتوى المرضي والضبابية المستترة في هذا الصنف من الناس، لنتأمل في قراءة القرآن وتشخيصه الربّاني لنزداد وضوحاً وبصيرة بتلك النفوس والشخصيات المتميزة في الأحوال والأوضاع الطبيعية، حين المكاسب والمغانم كي نتمكّن من التعامل مع هذا القبيل من الناس بوعي وحذر ونضعه في الموضع المناسب له، فلا نخدع به ولا ندخله في صميم البناء، وتكوين جماعة المؤمنين وحملة المبادئ، فإن تلك العناصر الهزيلة المنهارة تفتح الثغرات وتهدّد قوة البناء وتعرض كيان الجماعة المجاهدة إلى الخطر في اللحظات الصعبة، وحين الشدّة والمواجهة مع العدوّ، فيتسرّب التداعي وتتسع دائرة الخطر.
لنتابع القراءة التشخيصية التي قدمها القرآن، ولنضع أيدينا على تلك الحالات المرضية الخطرة، فهو يشخصها كالآتي:
قد أهمتهم أنفسهم.
* يظنّون على الله غير الحق، ظن الجاهلية، وتظنّون بالله الظنونا.
* يقولون: هل لنا من الأمر من شيء، ولو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا.
* يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك.
* إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا.
* لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا.
* ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم.
لنتأمل في هذه الدراسة النفسيّة، والتحليل الاستبطاني العميق الذي يقدّمه القرآن لنا، ليزيدنا وضوحاً وبصيرة بالناس الذين نتعامل أو نسير معهم في مسيرة الدعوة والجهاد، فهو يحذّرنا من أولئك الذين (أهمتهم أنفسهم )، وهم الذين استولى عليهم الخوف بسبب المحنة، والموقف الصعب، فلم يعودوا يفكروا إلاّ بأنفسهم، فلا همّ لهم إلاّ خلاصها والفرار بها وتحقيق المكاسب لها.
إنّ هذا الصنف من الناس لا يمكن أن يحمل مسؤولية الرسالة ومهمة الدعوة إلى الله سبحانه، لأنّه عنصر ضعيف مهزوم يتمحور في سعيه حول ذاته ومصالحه الشخصية الآنية.
وفي مقطع آخر يكشف لنا من عمق أجواء المحنة عن حالة سوء الظن بالله وبنصره لنبيه محمد (ص) وللمؤمنين، ويوضّح كيف تستولي حالة الهلع والاحباط والظن (غير الحق) على هذا الفريق من الناس، كيف يظن أنّ الله خاذله، ومسلّمه إلى الأعداء، ولا يفرّق بين خذلان الذلّة، وخسران المعركة، ويتخذ موقف المشكك المنهار، ويظهر ما في نفسه من ضعف وهزيمة وهلع، ويبدأ بالنقد الهدّام وباللوم المشكك، ويطلق الكلمات الدالّة على ما كان يخفيه في نفسه من سوء الظّن، وعدم الثقة بالله وبرسوله وبموقفه هو وبعلاقته بجماعة المؤمنين، وبحالة ضعفه، فتراه يظهره الندم على وقوفه في صف الدعوة والجهاد، وأنّه كان مغرراً به، مخدوعاً بما قيل له، وصوّر أمامه، إنّه يسأل سؤال المشكك المرتاب: هل لنا أن نقرّر مصيرنا؟ أحقاً أننا سننتصر؟ سنكسب الموقف والمعركة؟ لو كان الوعد حقّاً فلِمَ مات اخواننا؟ لو كان الأمر لنا لما رضينا بأن يقتل إخواننا هنا؟ ولما فقدناهم إذن. إنّه يزرع الشك ويثير المرتب والأراجيف، إنّه يتساءل نادماً جزعاً هلعاً.
والقرآن يجيبه مؤنّباً وموبّخاً، إنّ الموت والحياة بيد الله، وإنّ نصيب أولئك المهزومين المتخاذلين هو الحسرة والندم، ولابدّ للإنسان من أن يدرك أجله، وما عليه إلاّ أن يؤدّي دوره بإخلاص وضبط دقيق، وما النصر إلاّ من عند الله.
إنّ هذا الإنسان الذي استزله الشيطان يستبطن حالة مرضيّة، ووضعيّة نفاقيّة تكشفها المحنة بكل وضوح، ويدوّنها القرآن للعبرة والموعظة.
إنّ هذا الصنف من الناس يخفي في نفسه ما لا يظهره للآخرين.
* البلاغ