melika
23-11-2006, 12:28 PM
بسم الله الرحمن الرحیم
من أهم الدعائم الخلقية والمنجيات الأبدية هي التوبة وقد أولاها القرآن الكريم عناية فائقة ورددها في كثير من الآيات البينات منها قوله تعالى: (فمن تاب بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم) المائدة/ 39.
وقوله سبحانه: (كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه مَن عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) الأنعام/ 54.
وقوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً) النساء/ 17.
كل هذه الآيات المباركات تدعو إلى وجوب مبادرة العبد إلى التوبة مما احتطبه من ذنوب وموبقات لينال مغفرة الله ورضاه.
والتوبة من متممات الاستغفار وتابعة له ولذا نرى بعض الآيات تتضمن التوبة والاستغفار ولقد قرن الله تعالى التوبة بالاستغفار كقوله: (وإن استفروا ربكم ثم توبوا إليه) هود/ 3، لأن الداعي إلى التوبة والمحرض عليها هو الاستغفار وهذا يدل على أنه لا سبيل إلى طلب المغفرة من الله إلا بإظهار التوبة.
والتوبة التي يدعو إليها القرآن يجب أن تكون عقاب ارتكاب الذنب والإصابة بالمرض فلا يترك المذنب المرض يتفاقم ويستعصي العلاج.
والتوبة في حقيقة اللغة هي الرجوع وإذا أُضيفت التوبة إلى الانسان أُريد بها رجوعه عن الزلات والندم على فعلها فكل تأخير فيها هو إخلال في الشخصية الإنسانية وكل إسراع وصدق فيها هو إصلاح للنفس وسببب قوي للقضاء على الشر.
يقول الكاتب الهولندي فرانز ستال مقارناً بين مبادئ الخلقية وبينما تدعو إليه حركة التسلح الخلقي: إن التوبة في الاسلام هي وسيلة تغيير الأفراد أنفسهم وهي سلاح خلقي عظيم فيها الندم والتغير والتحول.
وللتوبة عدة فوائد تعود بالنفع والربح على الانسان ومن تلكم الفوائد ما يلي:
أولاً: إن التوبة تبين لنا سعة رحمة الله تعالى لعباده المذنبين، قال تعالى: (ومَن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) الحجر/ 56، وقال تعالى في موضع آخر: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون) الأعراف/ 156.
ثانياً: تقضي على تشاؤم الانسان وتعطيه الأمل في الحياة وتجعله متفائلاً سعيداً بعيداً عن غضب الله تعالى قريباً من رحمته.
ثالثاً: إن في التوبة رجوعاً إلى الله تعالى وطاعته وتجديد العزم والمواصلة على السير في الخط الإلهي وعدم الابتعاد عن شريعة السماء.
رابعاً: إن في التوبة تحقيقاً لشكر الله تعالى على هدايته وتوفيقه لعبده للسير على خطى الاسلام الحنيف.
خامساً: إن في التوبة اعترافاً بالذنب من قبل العبد أمام مولاه لتفضل عليه بالمغفرة والعفو والرحمة وهو الذي كتب على نفسه الرحمة والمغفرة.
سادساً: قال رسول الله (ص): المؤمن إذا تاب وندم فتح الله عليه في الدنيا والآخرة ألف باب من الرحمة ويصبح ويمسي على رضاء الله وكتب له بكل ركعة يصليها من التطوع عبادة سنة وأعطاه الله بكل آية يقرؤها نوراً على الصراط وكتب له بكل يوم وليلة ثواب نبي وله بكل حرف من استغفاره وتسبيحه ثواب حجة وعمرة وبكل آية في القرآن مدينة ونور الله قبره وبيّض وجهه وله بكل شعرة على بدنه نور كأنما تصدق بوزنه ذهباً وكأنما أعتق بكل نجم رقبة ولا يصيبه شدة القيامة ويؤنس في قبره ووجد في قبره روضة من رياض الجنة وزار قبره كل يوم ألف ملك يؤنسه في قبره وحُشر من قبره وعليه سبعون حلة وعلى رأسه تاج من الرحمة ويكون تحت ظل العرش من النبيين والشهداء ويأكل ويشرب حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يوجهه إلى الجنة.
بغض النظر عن سند الرواية فإن دلالتها تشير إلى التوبة النصوح التي ليس بعدها فعل للمعصية وارتكاب الخطيئة فإن العبد إذا قبلت توبته من قبل الله تعالى فإن كرم الله سبحانه لا حد له ولا حدود.
سابعاً: عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه، قال: إن الله عزوجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها، قوله عزوجل: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) البقرة/ 222، فمن أحبه الله لم يعذبه.
ثامناً: لقد خص الله تعالى أهل الإيمان بالتوبة دون الكافرين، فقد ورد عن أبي جعفر (ع) قال: يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها غفرت له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان قلت فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعادت التوبة؟ فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته قلت فإنه فعل ذلك مراراً يذنب ثم يتوب ويستغفر الله فقال كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات فإياك وأن تقنط المؤمنين من رحمة الله.
تاسعاً: إن التوبة توسع الرزق.
عاشراً: إن التوبة تطيل في العمر.
الحادي عشر: إن التوبة تحسن حال التائب وتجعله في يسر من العيش.
الثاني عشر: ذكر بعض المفسرين (إن من لطف الله بالعباد إن أمر قابض الأرواح بالابتداء في نزعها من أصابع الرجلين ثم يصعد شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى الصدر ثم ينتهي إلى الحلق ليتمكن في هذه المهلة من الإقبال بالقلب على الله والوصية والتوبة ما لم يعاين والاستحلال وذكر الله سبحانه فتخرج روحه وذكر الله على لسانه فيرجى بذلك حسن خاتمته) وفقنا الله وإياكم للتوبة النصوح.
الثالث عشر: إن التوبة تؤدي إلى إسقاط العقاب والفوز بأعلى الكرامات مع الملائكة المقربين والمرسلين والعباد الصالحين.
وهذه الدرجة لن تنال إلا بالتوبة وإتعاب البدن بالطاعة لله تعالى.
الرابع عشر: ما روي عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): (مَن تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثير مَن تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته، ثم قال: إن الشهر لكثير مَن تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال: إن الجمعة لكثيرة مَن تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال: إن اليوم لكثير مَن تاب قبل أن يعاين ملك الموت قبل الله توبته).
الخامس عشر: إن التوبة تضيء القلب وتجليه من الرين المتراكم عليه نتيجة فعل الخطايا والذنوب.
السادس عشر: عن تفسير العياشي عن أبي عبدالله (ع) قال: رحم الله عبداً تاب إلى الله قبل الموت فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة ومنقذة من شفا الهلكة فرضى الله بها على نفسه لعباده الصالحين، فقال:
(كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه مَن عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم).
(ومَن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً).
** الشيخ مجيد الصايغ
من أهم الدعائم الخلقية والمنجيات الأبدية هي التوبة وقد أولاها القرآن الكريم عناية فائقة ورددها في كثير من الآيات البينات منها قوله تعالى: (فمن تاب بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم) المائدة/ 39.
وقوله سبحانه: (كتب ربكم على نفسه الرحمة إنه مَن عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) الأنعام/ 54.
وقوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً) النساء/ 17.
كل هذه الآيات المباركات تدعو إلى وجوب مبادرة العبد إلى التوبة مما احتطبه من ذنوب وموبقات لينال مغفرة الله ورضاه.
والتوبة من متممات الاستغفار وتابعة له ولذا نرى بعض الآيات تتضمن التوبة والاستغفار ولقد قرن الله تعالى التوبة بالاستغفار كقوله: (وإن استفروا ربكم ثم توبوا إليه) هود/ 3، لأن الداعي إلى التوبة والمحرض عليها هو الاستغفار وهذا يدل على أنه لا سبيل إلى طلب المغفرة من الله إلا بإظهار التوبة.
والتوبة التي يدعو إليها القرآن يجب أن تكون عقاب ارتكاب الذنب والإصابة بالمرض فلا يترك المذنب المرض يتفاقم ويستعصي العلاج.
والتوبة في حقيقة اللغة هي الرجوع وإذا أُضيفت التوبة إلى الانسان أُريد بها رجوعه عن الزلات والندم على فعلها فكل تأخير فيها هو إخلال في الشخصية الإنسانية وكل إسراع وصدق فيها هو إصلاح للنفس وسببب قوي للقضاء على الشر.
يقول الكاتب الهولندي فرانز ستال مقارناً بين مبادئ الخلقية وبينما تدعو إليه حركة التسلح الخلقي: إن التوبة في الاسلام هي وسيلة تغيير الأفراد أنفسهم وهي سلاح خلقي عظيم فيها الندم والتغير والتحول.
وللتوبة عدة فوائد تعود بالنفع والربح على الانسان ومن تلكم الفوائد ما يلي:
أولاً: إن التوبة تبين لنا سعة رحمة الله تعالى لعباده المذنبين، قال تعالى: (ومَن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) الحجر/ 56، وقال تعالى في موضع آخر: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون) الأعراف/ 156.
ثانياً: تقضي على تشاؤم الانسان وتعطيه الأمل في الحياة وتجعله متفائلاً سعيداً بعيداً عن غضب الله تعالى قريباً من رحمته.
ثالثاً: إن في التوبة رجوعاً إلى الله تعالى وطاعته وتجديد العزم والمواصلة على السير في الخط الإلهي وعدم الابتعاد عن شريعة السماء.
رابعاً: إن في التوبة تحقيقاً لشكر الله تعالى على هدايته وتوفيقه لعبده للسير على خطى الاسلام الحنيف.
خامساً: إن في التوبة اعترافاً بالذنب من قبل العبد أمام مولاه لتفضل عليه بالمغفرة والعفو والرحمة وهو الذي كتب على نفسه الرحمة والمغفرة.
سادساً: قال رسول الله (ص): المؤمن إذا تاب وندم فتح الله عليه في الدنيا والآخرة ألف باب من الرحمة ويصبح ويمسي على رضاء الله وكتب له بكل ركعة يصليها من التطوع عبادة سنة وأعطاه الله بكل آية يقرؤها نوراً على الصراط وكتب له بكل يوم وليلة ثواب نبي وله بكل حرف من استغفاره وتسبيحه ثواب حجة وعمرة وبكل آية في القرآن مدينة ونور الله قبره وبيّض وجهه وله بكل شعرة على بدنه نور كأنما تصدق بوزنه ذهباً وكأنما أعتق بكل نجم رقبة ولا يصيبه شدة القيامة ويؤنس في قبره ووجد في قبره روضة من رياض الجنة وزار قبره كل يوم ألف ملك يؤنسه في قبره وحُشر من قبره وعليه سبعون حلة وعلى رأسه تاج من الرحمة ويكون تحت ظل العرش من النبيين والشهداء ويأكل ويشرب حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يوجهه إلى الجنة.
بغض النظر عن سند الرواية فإن دلالتها تشير إلى التوبة النصوح التي ليس بعدها فعل للمعصية وارتكاب الخطيئة فإن العبد إذا قبلت توبته من قبل الله تعالى فإن كرم الله سبحانه لا حد له ولا حدود.
سابعاً: عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه، قال: إن الله عزوجل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها، قوله عزوجل: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) البقرة/ 222، فمن أحبه الله لم يعذبه.
ثامناً: لقد خص الله تعالى أهل الإيمان بالتوبة دون الكافرين، فقد ورد عن أبي جعفر (ع) قال: يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها غفرت له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة والمغفرة أما والله إنها ليست إلا لأهل الإيمان قلت فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعادت التوبة؟ فقال: يا محمد بن مسلم أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثم لا يقبل الله توبته قلت فإنه فعل ذلك مراراً يذنب ثم يتوب ويستغفر الله فقال كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة وإن الله غفور رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات فإياك وأن تقنط المؤمنين من رحمة الله.
تاسعاً: إن التوبة توسع الرزق.
عاشراً: إن التوبة تطيل في العمر.
الحادي عشر: إن التوبة تحسن حال التائب وتجعله في يسر من العيش.
الثاني عشر: ذكر بعض المفسرين (إن من لطف الله بالعباد إن أمر قابض الأرواح بالابتداء في نزعها من أصابع الرجلين ثم يصعد شيئاً فشيئاً إلى أن يصل إلى الصدر ثم ينتهي إلى الحلق ليتمكن في هذه المهلة من الإقبال بالقلب على الله والوصية والتوبة ما لم يعاين والاستحلال وذكر الله سبحانه فتخرج روحه وذكر الله على لسانه فيرجى بذلك حسن خاتمته) وفقنا الله وإياكم للتوبة النصوح.
الثالث عشر: إن التوبة تؤدي إلى إسقاط العقاب والفوز بأعلى الكرامات مع الملائكة المقربين والمرسلين والعباد الصالحين.
وهذه الدرجة لن تنال إلا بالتوبة وإتعاب البدن بالطاعة لله تعالى.
الرابع عشر: ما روي عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): (مَن تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته، ثم قال: إن السنة لكثير مَن تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته، ثم قال: إن الشهر لكثير مَن تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته، ثم قال: إن الجمعة لكثيرة مَن تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته، ثم قال: إن اليوم لكثير مَن تاب قبل أن يعاين ملك الموت قبل الله توبته).
الخامس عشر: إن التوبة تضيء القلب وتجليه من الرين المتراكم عليه نتيجة فعل الخطايا والذنوب.
السادس عشر: عن تفسير العياشي عن أبي عبدالله (ع) قال: رحم الله عبداً تاب إلى الله قبل الموت فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة ومنقذة من شفا الهلكة فرضى الله بها على نفسه لعباده الصالحين، فقال:
(كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه مَن عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم).
(ومَن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً).
** الشيخ مجيد الصايغ