بنت الأحساء
16-02-2009, 07:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و آلهالمعصومين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على الحسين وعلى عليبن الحسين
وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
الذين بذلوا مهجهم دونالحسين عليه السلام
الطفل عليّ وكربلاء...
خرج علي ّ , جلس على عتبة الباب ...
ينتظر أباه
طال انتظاره ...
قام ودخل , يدور من غرفة لـِ غرفة
خرج إلى الشارع ...
ركب في السيارة وقال لِـ جون ...
أذهب بي إلى السوق
إلى دكان أبي ...
وقف مندهشاً وجد الدكان صامتاً وكأنه يعرف الحقيقة
فجأة بدأ يصرخ
أين أبي ؟؟؟
أريد أبي ...
تعب ...
لم يسمع إلّا صدى صوته يتردد ...
رجع إلى البيت منهكاً ...
جلس على الأرض , وأسند رأسه ...
وانخرط في بكاء مرير ...
جاءته أمه تمسح رأسه ...
ما بك يا حبيبي ؟؟
لماذا تبكي ؟؟
أين كنت ؟؟
أريد أبي يا أمي ...
أين أبي ؟ أين ذهب ؟ لِمَ لم يعد ؟
تعال معي يا حبيبي ...
..................................................
سأخبرك بما حدث ...
استحم علي ومسحت أمه بيدها الحنون على رأسه
وضعته في فراشه وغطته بحبها ...
واسترسلت تقول ...
اسمع يا علي ...
في زمن من الأزمان
وفي أرض مختارة
كان هناك ولد أسمه محمد الباقر
صحبه جده الحسين معه في ...
رحلة تثبيت أركان العقيدة وتأصيل الدين
كان أبيه العليل علي ...
يشرح له كل ما يدور في قضية الوجود ...
سمع الباقر خطبة الحق ...
وأيضاً سمع خطاب الجور
ثم رأى ...
كيف طغى الشيطان ؟
وعميت البصائر ...
وغطى العيون غشاوة ثقيلة حجبت القلوب ...
فانكشف الغبار ...
عن أبطال مجندلة على الرمضاء
تسيل دماءها في أخاديد
محفورة على وجوه المحبين ...
ألم ترها على وجه أبيك ؟؟
-علي يطالع في ذهول
وهز رأسه ...
كأنه مع الباقر يشاهد فصول ملحمة كربلاء -
هل انتهت قصة بغي يزيد ؟
لا ....
لأنها لم تبدأ معه بل منذ وفاة الرسول ...
واغتصاب حق البتول ...
وسحب البساط من تحت رجل الأمير ...
فقد ركبوا زينب وأمانة المقتول ...
فوق هزل النوق ...
وساروا يقطعون الفيافي والدور ...
تتصفحهم عيون الفضول ...
ومازال الليل يسترهم
والشمس تصب جام غضبها على الرؤوس
حتى وقفوا في مجلس المخمور
وداس برجسه على رأس المظلوم
حتى بلغت روح أهله التراق ...
والباقر ينظر , والصور تنسكب بحرقة في ذاكرته
.................................................. ...
وبعد يا أمُ ...
هزت زينب عرش الطاغوت ...
بخطابها المشهور ...
أزاحت به شبهة الجور ...
وتبعها علي المعلول ...
بكلمات ارتعدت بها فرائص المشبوه
انفرجت سريرة الباقر
اعتزازاً بنصر كلمة الحق على السيوف ...
في الخربة رأى عمته رقية ...
كيف تموت على رأس المذبوح ؟؟
وبعد فصول وفصول ...
تبدل جهل النفوس
وأصبحت " فبصرك اليوم حديد "
.................................................. ...
مرت أيام العذابات ببطء عجيب
وكان يوم الأربعين ...
رجعت الأسرى إلى أرض الحسين
تزوره شوقاً , وتتمنى عنده تُقيم
تشكي له حالها , وتعتذر عن التقصير
لكن كان غصباً , سحبوها وقلبها بعدُ لم يطيب ...
وعند حبيبها , زينب جلست في مناجاة الحزين ...
ثم هرولت ناحية العزيز
كفيلها مقطوع الكفين ...
تروي لها عتبها وشوقها والحنين ...
احتملها العليل وعلته تزيد ...
- هل أنت معي يا ولدي ؟
هل تريد المزيد ؟؟
هز رأسه مجيبها ...
بنعم , فلقد زال غبار الجهل عن رأسي الصغير -
......................................
يا ولدي ...
هاهو الركب يصل مشارف مدينة الجد المسموم
فيصيح بشر في أهلها ...
" يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار "
أم البنين تستقبله بالدموع
وقلبها يدق كأنه الناقوس
ينذر بالخطر , لكنه لا يعلم أي خطب فظيع
ينتظر سمعها يخترق توقع المحذور ...
فجاءها الخبر كالصاعقة ...
أسقط حملها والحضور ...
فأصبحت منهارة تسأل عن الحسين المظلوم
فأجابها كل من كان يصحبه مقتول ...
وكل بنيكِ محمد وجعفر وعون ...
لكنها كانت تلح عن خبر المحبوب
وحتى عباس رأسه مفضوخ ...
أتعبت قلبي يا مرسول
تجلدي يا أمُ ...
فكلهم تحت حوافر الخيل مكسرة الصدور
حسينهم زادوا عليه من حقدهم فصول
شقت الصفوف تبحث عن زينب والمعلول
وزينب أمامها لكنها لم ترها ...
فقد غيّرت ملامحها الشموس
ولمّا صاحت أماه ...
تلاقت الأوجاع بالأوجاع
والهموم بالهموم ...
باتوا على حزنٍ لم ينتهي
ترافقوا معه وصار ديدنهم ...
لم يبقى إلّا المنْتَظِر
فرجٌ من ربه ...
بقرب اليوم الذي فيه
يخلص المعذب ...
والمستضعف الذي أصبح حب الحسين ذنبه ...
وفي كل سنة يقتل حسين المخلد
ويزيد المقبور ...
يلطخ من تبعه بدم حسين ...
قطع عليّ سرد أُمه ...
والباقر , ماذا فعل ؟
قالت له بتأنِ :
حمل الرسالة ...
ومضى , يبلغ الحق لا يستسلم ...
وأنت يا بُني تعيش مرفه
تبكي أباك وهو معزز
بدماء الأحرار مؤمن
مدافعاً عن الحق , التحق بركب إمامه ...
فهنيئاً لكل من أختار سفينة الحسين
" لكن سفينة الحسين أوسع ... "
هدأت روح عليّ , وراح في نوم عميق
يحلم أن يرى الطفل باقرا ...
.................................. المنـ ـصفر1430ـى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و آلهالمعصومين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على الحسين وعلى عليبن الحسين
وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
الذين بذلوا مهجهم دونالحسين عليه السلام
الطفل عليّ وكربلاء...
خرج علي ّ , جلس على عتبة الباب ...
ينتظر أباه
طال انتظاره ...
قام ودخل , يدور من غرفة لـِ غرفة
خرج إلى الشارع ...
ركب في السيارة وقال لِـ جون ...
أذهب بي إلى السوق
إلى دكان أبي ...
وقف مندهشاً وجد الدكان صامتاً وكأنه يعرف الحقيقة
فجأة بدأ يصرخ
أين أبي ؟؟؟
أريد أبي ...
تعب ...
لم يسمع إلّا صدى صوته يتردد ...
رجع إلى البيت منهكاً ...
جلس على الأرض , وأسند رأسه ...
وانخرط في بكاء مرير ...
جاءته أمه تمسح رأسه ...
ما بك يا حبيبي ؟؟
لماذا تبكي ؟؟
أين كنت ؟؟
أريد أبي يا أمي ...
أين أبي ؟ أين ذهب ؟ لِمَ لم يعد ؟
تعال معي يا حبيبي ...
..................................................
سأخبرك بما حدث ...
استحم علي ومسحت أمه بيدها الحنون على رأسه
وضعته في فراشه وغطته بحبها ...
واسترسلت تقول ...
اسمع يا علي ...
في زمن من الأزمان
وفي أرض مختارة
كان هناك ولد أسمه محمد الباقر
صحبه جده الحسين معه في ...
رحلة تثبيت أركان العقيدة وتأصيل الدين
كان أبيه العليل علي ...
يشرح له كل ما يدور في قضية الوجود ...
سمع الباقر خطبة الحق ...
وأيضاً سمع خطاب الجور
ثم رأى ...
كيف طغى الشيطان ؟
وعميت البصائر ...
وغطى العيون غشاوة ثقيلة حجبت القلوب ...
فانكشف الغبار ...
عن أبطال مجندلة على الرمضاء
تسيل دماءها في أخاديد
محفورة على وجوه المحبين ...
ألم ترها على وجه أبيك ؟؟
-علي يطالع في ذهول
وهز رأسه ...
كأنه مع الباقر يشاهد فصول ملحمة كربلاء -
هل انتهت قصة بغي يزيد ؟
لا ....
لأنها لم تبدأ معه بل منذ وفاة الرسول ...
واغتصاب حق البتول ...
وسحب البساط من تحت رجل الأمير ...
فقد ركبوا زينب وأمانة المقتول ...
فوق هزل النوق ...
وساروا يقطعون الفيافي والدور ...
تتصفحهم عيون الفضول ...
ومازال الليل يسترهم
والشمس تصب جام غضبها على الرؤوس
حتى وقفوا في مجلس المخمور
وداس برجسه على رأس المظلوم
حتى بلغت روح أهله التراق ...
والباقر ينظر , والصور تنسكب بحرقة في ذاكرته
.................................................. ...
وبعد يا أمُ ...
هزت زينب عرش الطاغوت ...
بخطابها المشهور ...
أزاحت به شبهة الجور ...
وتبعها علي المعلول ...
بكلمات ارتعدت بها فرائص المشبوه
انفرجت سريرة الباقر
اعتزازاً بنصر كلمة الحق على السيوف ...
في الخربة رأى عمته رقية ...
كيف تموت على رأس المذبوح ؟؟
وبعد فصول وفصول ...
تبدل جهل النفوس
وأصبحت " فبصرك اليوم حديد "
.................................................. ...
مرت أيام العذابات ببطء عجيب
وكان يوم الأربعين ...
رجعت الأسرى إلى أرض الحسين
تزوره شوقاً , وتتمنى عنده تُقيم
تشكي له حالها , وتعتذر عن التقصير
لكن كان غصباً , سحبوها وقلبها بعدُ لم يطيب ...
وعند حبيبها , زينب جلست في مناجاة الحزين ...
ثم هرولت ناحية العزيز
كفيلها مقطوع الكفين ...
تروي لها عتبها وشوقها والحنين ...
احتملها العليل وعلته تزيد ...
- هل أنت معي يا ولدي ؟
هل تريد المزيد ؟؟
هز رأسه مجيبها ...
بنعم , فلقد زال غبار الجهل عن رأسي الصغير -
......................................
يا ولدي ...
هاهو الركب يصل مشارف مدينة الجد المسموم
فيصيح بشر في أهلها ...
" يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار "
أم البنين تستقبله بالدموع
وقلبها يدق كأنه الناقوس
ينذر بالخطر , لكنه لا يعلم أي خطب فظيع
ينتظر سمعها يخترق توقع المحذور ...
فجاءها الخبر كالصاعقة ...
أسقط حملها والحضور ...
فأصبحت منهارة تسأل عن الحسين المظلوم
فأجابها كل من كان يصحبه مقتول ...
وكل بنيكِ محمد وجعفر وعون ...
لكنها كانت تلح عن خبر المحبوب
وحتى عباس رأسه مفضوخ ...
أتعبت قلبي يا مرسول
تجلدي يا أمُ ...
فكلهم تحت حوافر الخيل مكسرة الصدور
حسينهم زادوا عليه من حقدهم فصول
شقت الصفوف تبحث عن زينب والمعلول
وزينب أمامها لكنها لم ترها ...
فقد غيّرت ملامحها الشموس
ولمّا صاحت أماه ...
تلاقت الأوجاع بالأوجاع
والهموم بالهموم ...
باتوا على حزنٍ لم ينتهي
ترافقوا معه وصار ديدنهم ...
لم يبقى إلّا المنْتَظِر
فرجٌ من ربه ...
بقرب اليوم الذي فيه
يخلص المعذب ...
والمستضعف الذي أصبح حب الحسين ذنبه ...
وفي كل سنة يقتل حسين المخلد
ويزيد المقبور ...
يلطخ من تبعه بدم حسين ...
قطع عليّ سرد أُمه ...
والباقر , ماذا فعل ؟
قالت له بتأنِ :
حمل الرسالة ...
ومضى , يبلغ الحق لا يستسلم ...
وأنت يا بُني تعيش مرفه
تبكي أباك وهو معزز
بدماء الأحرار مؤمن
مدافعاً عن الحق , التحق بركب إمامه ...
فهنيئاً لكل من أختار سفينة الحسين
" لكن سفينة الحسين أوسع ... "
هدأت روح عليّ , وراح في نوم عميق
يحلم أن يرى الطفل باقرا ...
.................................. المنـ ـصفر1430ـى