أحمد إبراهيم الربيعي
16-02-2009, 05:57 PM
قم جدد الحزن في العشرين من صفرِ ففيه ردت رؤوس الآل للحفرِ
خواطر في أربعينية سيد الشهداء (ع)
كثيرةٌ هي الخواطر التي تحلق في سماء الأذهان الصافية والمرحومة والدائمة التعلق والتفكر بعظمة الخالق، وببعض من اصطفاهم من الخلائق، ومنهم صاحب الذكرى العطرة وأسرع وأوسع سفن نجاة العترة، أبي الأحرار وسيد الشهداء والثوار الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه). وكذلك كثيرةٌ هي الومضات والمحطات والملاحظات التي استوقفتنا في كربلاء الشهادة والإباء في هذا العام.
نعم هي كثيرةُ ولعلها تهدر هدير الأمواج المتلاطمة من الأمواج البشرية، والأفواج الدرية، من الزائرين الحسينيين المتهافتين على ضريحه المطر ومشهده الأنور.
ولكن لايسع الزمان ولا المكان إلا بذكر اليسير اليسير منها فاقتصرناها على ثلاث:
1- الجيش من قمع الزائرين إلى خدمتهم:
أن من نعم الباري (عز وجل) على العراقيين عامة وشيعة أهل البيت (ع) خاصة هو زوال النظام الطاغوتي وزوال بعض الأمور القمعية التي كان يمارسها بحق الشعب العراقي المظلوم، وضد الشعائر المعظمة. فقد كان الجيش العراقي – الصدامي – مجرد أداة لإبادة الشعب وحماية مصالح الطغمة العفلقية الحاكمة، أما ما شاهدناه اليوم في كربلاء المقدسة من مواقف للجيش العراقي الجديد فهو أمرٌ يختلف تماماً عما كان في السابق، فالجيش الجديد لم يأخذ دوره في حفظ الأمن والنظام فحسب، بل تعداه ذلك إلا مجموعة من الخدمات التطوعية الأخرى، كقيام مجموعة من الكتائب النقلية العسكرية بنقل الزوار بواسطة الأرتال العسكرية، وتنظيم السير، وتخفيف شدة الزحام، وكذلك بتوزيع الأطعمة والأشربة والمرطبات على الزائرين الكرام. مما خفف الكثير من العناء عليهم.. لقد تمنيت في تلك اللحظات العطرة أن يبعث الله عز وجل الطاغية المجرم المقبور صدام من الجحيم المقيم لمجرد عشرة دقائق فقط لينظر بعينه أفواج الزائرين، وكيف يقوم الجيش الذي كان يستخدمه سابقاً في قمع الشعب وضرب تلك الأضرحة والقباب المقدسة، بتسهيل أمورهم، ليرتد طرفه وهو باكٍ أرمد ثم يعود إلى جحيم الخلد وبأس المصير. أسوةَ بذلك الشاعر الذي خاطب معاوية (لع) قائلاً:
قم وأرمق النجف الأغر بنظرةٍ يرتد طرفك وهو باكٍ أرمدُ
إلى أن يقول:
تلك العظام عز ربُك شأنها تكاد لولا خوف ربك تعبدُ
فيا طغاة أعتبروا....
2- القضية الخالدة:
من محاسن صدف هذه الزيارة المباركة أني التقيت الأستاذ أبي منتظر الكناني مقدم برنامج (قضية ساخنة) الذي كان يبث من قناة الكوثر الفضائية – سحر سابقاً – والذي كان يسلط الضوء وبكثرة على القضية العراقية أكثر من غيرها، وكان يلتقي معظم المعارضين السياسيين في المنفى، ومنهم كبار القادة السياسيين في الحكومة العراقية الحالية، كان اللقاء في ضريح عون (ع) فقلت له: أيه يا أبا منتظر هل توجد قضيةٌ أسخن وأخلد من قضية أبي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)، فقال : لا أبداً أبداً . قلت له: أنها القضية الخالدة والرائدة في كل شيء، قال: نعم. وكان مفعماً بذلك الشعور الذي لا يوصف بين ملايين الزائرين، الظاهر أن الكناني جاء ضمن وفدٍ إعلامي إيراني كبير، حيث التقيت بعد ذلك بمجموعة من مذيعي ومقدمي برامج قناتي العالم والكوثر الفضائيتين الإيرانيتين.
3- ومن الأخلاق ما سحر:
في الطريق إلى كربلاء المقدسة حيث كنا نستقل باص نوع (هونداي) ووسط الزحام الشديد، وبخطأ مروري من قبل سائق باص آخر كاد يتسبب لنا وللباص المقابل ولبعض الزوار المشاة بحادث مروري لولا حفظ الله ببركات الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه). وكان الجميع قد غضب من ذلك السائق بما فيهم الركاب الذين معه، وإذا بسائقنا ينهال بالشتائم على ذلك السائق.
فما كان من السائق المخطأ إلا تقديم الاعتذار من الجميع عموماً ومن سائقنا خصوصاً، فسكن الجميع، ولكن سائقنا لم يسكن ولم يسكت فتواصل بالشتم والتوبيخ، فكان السائق المخطأ يكرر الاعتذار ويبالغ فيه وبحسن الكلام، ويقول لنظيره جراء شتمه: (رحم الله والديك). هنا انقلبت الموازين، وإذا بجميع الركاب في الباصين وكذلك المشاة يتعاطفون مع السائق المخطأ، لينقلب الموقف على سائقنا. بين قائل: (أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وقد أعترف بذنبه وأعتذر فما هذا الكلام الزائد) ومنهم من قال: (أتقِ الله يا رجل فالرجل أعتذر كفاك مهاترةً وإصراراً، وأحمد الله على سلامة الجميع) ومنهم من قال: (أتق الله ولا تشتم الرجل نحن في وادٍ مقدس وفي يومٍ مقدس والرجل أعتذر). وهكذا أنقلب الموقف بسبب حسن الخلق من المخطأ إلى المصيب، وفعلاً كان للتصرف الأخلاقي وضبط النفس الأمارة بالسوء سحره في جذب القلوب وتغيير المواقف.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى زوار الحسين.
خواطر في أربعينية سيد الشهداء (ع)
كثيرةٌ هي الخواطر التي تحلق في سماء الأذهان الصافية والمرحومة والدائمة التعلق والتفكر بعظمة الخالق، وببعض من اصطفاهم من الخلائق، ومنهم صاحب الذكرى العطرة وأسرع وأوسع سفن نجاة العترة، أبي الأحرار وسيد الشهداء والثوار الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه). وكذلك كثيرةٌ هي الومضات والمحطات والملاحظات التي استوقفتنا في كربلاء الشهادة والإباء في هذا العام.
نعم هي كثيرةُ ولعلها تهدر هدير الأمواج المتلاطمة من الأمواج البشرية، والأفواج الدرية، من الزائرين الحسينيين المتهافتين على ضريحه المطر ومشهده الأنور.
ولكن لايسع الزمان ولا المكان إلا بذكر اليسير اليسير منها فاقتصرناها على ثلاث:
1- الجيش من قمع الزائرين إلى خدمتهم:
أن من نعم الباري (عز وجل) على العراقيين عامة وشيعة أهل البيت (ع) خاصة هو زوال النظام الطاغوتي وزوال بعض الأمور القمعية التي كان يمارسها بحق الشعب العراقي المظلوم، وضد الشعائر المعظمة. فقد كان الجيش العراقي – الصدامي – مجرد أداة لإبادة الشعب وحماية مصالح الطغمة العفلقية الحاكمة، أما ما شاهدناه اليوم في كربلاء المقدسة من مواقف للجيش العراقي الجديد فهو أمرٌ يختلف تماماً عما كان في السابق، فالجيش الجديد لم يأخذ دوره في حفظ الأمن والنظام فحسب، بل تعداه ذلك إلا مجموعة من الخدمات التطوعية الأخرى، كقيام مجموعة من الكتائب النقلية العسكرية بنقل الزوار بواسطة الأرتال العسكرية، وتنظيم السير، وتخفيف شدة الزحام، وكذلك بتوزيع الأطعمة والأشربة والمرطبات على الزائرين الكرام. مما خفف الكثير من العناء عليهم.. لقد تمنيت في تلك اللحظات العطرة أن يبعث الله عز وجل الطاغية المجرم المقبور صدام من الجحيم المقيم لمجرد عشرة دقائق فقط لينظر بعينه أفواج الزائرين، وكيف يقوم الجيش الذي كان يستخدمه سابقاً في قمع الشعب وضرب تلك الأضرحة والقباب المقدسة، بتسهيل أمورهم، ليرتد طرفه وهو باكٍ أرمد ثم يعود إلى جحيم الخلد وبأس المصير. أسوةَ بذلك الشاعر الذي خاطب معاوية (لع) قائلاً:
قم وأرمق النجف الأغر بنظرةٍ يرتد طرفك وهو باكٍ أرمدُ
إلى أن يقول:
تلك العظام عز ربُك شأنها تكاد لولا خوف ربك تعبدُ
فيا طغاة أعتبروا....
2- القضية الخالدة:
من محاسن صدف هذه الزيارة المباركة أني التقيت الأستاذ أبي منتظر الكناني مقدم برنامج (قضية ساخنة) الذي كان يبث من قناة الكوثر الفضائية – سحر سابقاً – والذي كان يسلط الضوء وبكثرة على القضية العراقية أكثر من غيرها، وكان يلتقي معظم المعارضين السياسيين في المنفى، ومنهم كبار القادة السياسيين في الحكومة العراقية الحالية، كان اللقاء في ضريح عون (ع) فقلت له: أيه يا أبا منتظر هل توجد قضيةٌ أسخن وأخلد من قضية أبي عبد الله الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)، فقال : لا أبداً أبداً . قلت له: أنها القضية الخالدة والرائدة في كل شيء، قال: نعم. وكان مفعماً بذلك الشعور الذي لا يوصف بين ملايين الزائرين، الظاهر أن الكناني جاء ضمن وفدٍ إعلامي إيراني كبير، حيث التقيت بعد ذلك بمجموعة من مذيعي ومقدمي برامج قناتي العالم والكوثر الفضائيتين الإيرانيتين.
3- ومن الأخلاق ما سحر:
في الطريق إلى كربلاء المقدسة حيث كنا نستقل باص نوع (هونداي) ووسط الزحام الشديد، وبخطأ مروري من قبل سائق باص آخر كاد يتسبب لنا وللباص المقابل ولبعض الزوار المشاة بحادث مروري لولا حفظ الله ببركات الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه). وكان الجميع قد غضب من ذلك السائق بما فيهم الركاب الذين معه، وإذا بسائقنا ينهال بالشتائم على ذلك السائق.
فما كان من السائق المخطأ إلا تقديم الاعتذار من الجميع عموماً ومن سائقنا خصوصاً، فسكن الجميع، ولكن سائقنا لم يسكن ولم يسكت فتواصل بالشتم والتوبيخ، فكان السائق المخطأ يكرر الاعتذار ويبالغ فيه وبحسن الكلام، ويقول لنظيره جراء شتمه: (رحم الله والديك). هنا انقلبت الموازين، وإذا بجميع الركاب في الباصين وكذلك المشاة يتعاطفون مع السائق المخطأ، لينقلب الموقف على سائقنا. بين قائل: (أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، وقد أعترف بذنبه وأعتذر فما هذا الكلام الزائد) ومنهم من قال: (أتقِ الله يا رجل فالرجل أعتذر كفاك مهاترةً وإصراراً، وأحمد الله على سلامة الجميع) ومنهم من قال: (أتق الله ولا تشتم الرجل نحن في وادٍ مقدس وفي يومٍ مقدس والرجل أعتذر). وهكذا أنقلب الموقف بسبب حسن الخلق من المخطأ إلى المصيب، وفعلاً كان للتصرف الأخلاقي وضبط النفس الأمارة بالسوء سحره في جذب القلوب وتغيير المواقف.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى زوار الحسين.