ثورة القران
20-02-2009, 04:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
قصة لقاء المحامي الفرنسي بالإمام الخميني (قد)
“وليم كاروشت” قانوني فرنسي له شهرة عالمية في الدفاع عن السجناء السياسيين. زار إيران وحضر إحدى اللقاءات مع الإمام الخميني فی حسينية “جمران”، وكتب على اثر ذلك المقال الذي نشر في مجلة “viers Magazine Else” الهولندية .
الطيران من باريس إلى طهران استغرق (6) ساعات. الطائرة مملوءة بالمسافرين. كثير من النساء وبكافة الأعمار كلهن محجبات ما عدا النزر القليل. الوضع على متن الطائرة اعتيادی وليس مكهرب. كثير من الأمتعة تباع وكثير من بضائع السوق الحرة ـ ما عدا الكحول طبعاً ـ، اللغة الانجليزية هی لغة المضيفات وطاقم بالانجليزية والفارسية فقط ولا يوجد حرف واحد بالفرنسية، فرنسيتي يجاب عليها بالانجليزية.
وصلنا طهران عند الساعة الرابعة صباحاً، وحللت فی فندق انتركونتيننتال. والآن غير اسمه إلى “لاله انتركونتيننتال” غرفة 709، مع تلفزيون وحانة فارغة.زياراتی كانت متكررة، وفی وقت الشاه كنت احلّ ضيفاً على إيران، وإيران هی محطة مؤقتة بالنسبة لی، وذلك بسبب عملی كقانونی وكمدافع عن السجناء السياسيين، وفی تلك الفترة كانت حول الحزب الشيوعی “تودة”، وكانوا من السجناء السياسيين، الشيوعية قد اجتثت من جذورها ولكن لا زالت خطرة، وفی نفس الوقت كانت تعمل ـ آنذاك ـ الولائم لرؤساء الدول الغربية فی مخيم شيت الذهبی.
الحرس الثوري منتشرون في كل طابق من طوابق الفندق كلهم ملتحين أو لم يحلقوا ذقونهم من عدة أيام، وفی يوم الجمعة كنت حاضراً في اجتماع للصلاة فی باحة الجامعة، حضره ما بين (50 إلى 60) الفاً من الأتباع المخلصين، (وفي نفس الباحة، وبعد اسبوع، شهدت عملية تفجير فی وسط الحشد الغفير من المصلين، عشرة قتلى ومائة جريح، إمام الجمعة كان رئيس الجمهورية الإسلامية (آنذاك) آية اللّه السيد علي الخامنئي وبعد ساعتين ـ أی بعد انتهاء الصلاة ـ تفرّقت الحشود البشرية وهم يهتفون وقبضات أيديهم مرفوعة عالياً، أكثر الحشود كانت تزمجر بشعارات هادرة، وعلامات الغضب بادية على وجوههم.
زيارة الإمام الأحد صباحاً، الساعة السابعة
لقد انتابني الخوف من جراء ذلك المشهد، وماذا يريدون؟ ماذا يقولون؟ آية اللّه الخلخالي طمأنني وقال: يريدون منك وعند رجوعك للوطن أن تشهد وتقول أن شعب طهران بودّه وبإخلاص يريد أن يحافظ على جمهوريته الإسلامية.زيارة الإمام الأحد صباحاً، الساعة السابعة موعد الزيارة إلى بيت الإمام الخميني. موكب مدهش من سيارات المرسيدس محاطة بالحرس الثوري، وكذلك سيارتي محاطة ومن جميع الجهات.
سرنا ولمدة ساعة وبسرعة 120 كلم فی الساعة، غادرنا مركز العاصمة طهران من الناحية الشمالية وباتجاه قرية حسينية جمران، حيث لم يبارحها الخميني منذ فترة ليست بالقصيرة، فوقفنا على مرتفع، ومرة أخرى مئات من الحرس الثوري وتتراوح أعمارهم ما بين (20 ـ30) سنة، ثم سرنا راجلين، ولمدة عشرة دقائق، وقد منحونی هوية للدخول. دخلنا فی **اق ضيق على طرفيه بيوت قديمة، فی أول العوائق، لا يسمح لی ان أحمل آلة تصوير أو فيلم، وعندما صعدنا (100متر) فی ذلك ال**اق وإذا بحاجز آخر أمامنا عبارة عن سياج حديدي، حراس الثورة لم يتحركوا من جانبي ولا حتى سنتيمتر واحد، كل وجه جديد يقابلني يحيّيني، وأنا أرد التحية بالمثل وبواسطة رأسی، بعضهم يبتسم لی، والبعض الآخر ينظر لی باندهاش، والسبب هو أن الإمام نادراً ما يستقبل أجنبي من دولة رأسمالية، كفرنسا فهی التی تموّل العراق ـ علناً ـ بأحدث ما تنتج مصانعها من الأسلحة.
وليم كاروشت:
نحن نسير صعوداً إلى الأعلى، إلى ان وصلنا إلى شارع موحل، البيوت عبارة عن اكواخ. وبعد العائق أو الحاجز الثالث، وضعت قطعة من القماش الخام على الأرض وهی تشبه السجادة، خلعت حذائي، وهنا يبدأ عالم الخميني، وبعد 20 متر سوف نضع أقدامنا فی داخل البيت، انه بيت متواضع أكثر من البيوت السابقة، عبارة عن بناية من طابقين لم تكتمل لحد الآن. الخمينی الذی بوسعه أن يسكن فی أضخم القصور، ولكنه اختار أكثر البيوت بؤساً، وعندما دخلت وجدت نفسی أمام ساحة من 100 متر مربع. الأرض طينية مغطاة بسجاد خشن، الجدران عبارة عن طابوق احمر وهی عارية من كل شیء. القاعة عالية جداً، وفی احد أركانها توجد غرفة انتظار، من كل الجوانب تشاهد أسلاك كهربائية مقطعة ومعلقة، هذا هو مسجد الإمام. إن مساجد أصفهان الرائعة بعيدة جداً عن طهران، وفی احد الجدران هيكل حديدی وفوقه شرفة متواضعة، وفی احد جوانبها يوجد كرسی مغطى بوشاح ابيض، وفی الجانب الآخر توجد باب خضراء من خشب، ومن خلالها سوف يدخل الخمينی، ومن خلال تلك الشرفة المتواضعة أخذ الخمينی، وخلال العامين الماضيين يصب جام غضبه على أعدائه.
انتظرت، ولدقائق طويلة، وإذا بعينی فی النهاية تسقط على ذلك الرجل “الذی ترتجف له كهوف الارض قاطبة”. أول الداخلين: آية الله علي خامنئي رئيس الجمهورية الإسلامية يتبعه رئيس البرلمان حجة الإسلام هاشمی رفسنجانی.وتنتظر مرة أخرى، الباب أخذت تنفتح ببطئ، فظهر اثنان من المعممين واحد منهم هو ابن الإمام، وهذا هو الإمام الخمينی بنفسه، ماشياً بخطوات بطيئة ولكنها متزنة وثابتة، متجهاً نحو الكرسی المخصص له ثم جلس، هذا هو كل شیء، ومن خلال جلوسه ألقى نظرة خاطفة باتجاه ضيوفه الأجانب، وبدأ وبصوت واضح وقوی بالموعظة والتی استمرت ساعة واحدة، ومن دون ان يبدو على كلامه التردد، وجهه ينبعث منه النور ومن تحت تلك العمامة السوداء، وعلى أكتافه عباءة بنية، جسده باق من دون حركة، فقط الرأس يتحرك ولبعض المرات يميناً ويساراً، الابتسامة مفقودة والوجه صاف كالشمع، ومن دون أن تظهر عليه التجاعيد.
لكن ما معنى تلك النظرات الثاقبة! نار تخرج من تلك العينين. هو لا يدعك تحس بما يجيش فی قرارة نفسه هو دائماً “ابن الإسلام”، وهو الذی لم تتغير منزلته وهيبته، هو يعيش لا ليمتاز على الآخرين بل يعيش وهو يخشى اللّه، لا يوجد عنده مكان للريبة، هو يصهر الحقيقة مع أفكاره الخاصة، له قدسية إلهية مهيبة. الغرفة قد امتلأت بالمعممين والعلماء، والذی ـ على جانبی ـ أخذ يدوّن خطبة الإمام وحتى لو اوعز بتنفيذ الأحكام المتشددة، يبقى على سكينته المهيبة، جالساً من دون أیّ حركة انفعالية، فقط يداه، التی تكون فی حالة تقاطع دائم حول ركبتيه وتتحركان بين لحظة وأخرى وببطئ.
“جمهوريتنا ينعتها الغرب بالعُتمة والظلام، ونفس هذه الأكاذيب تصل إلى مسمع شعوبنا وعلمائنا، الدعاية تشوّه وبالقصد كل ما يحدث عندنا”.هذه اول الكلمات التی نطق بها الإمام، ويضيف إليها، “انتم شاهدتم ماذا حدث فی إيران عندما قامت الثورة، انا سوف أكون ممتنّاً إذا قابلتم الناس الذين على صلة بكم وتخبروهم، اخبروهم الحقيقة بكل بساطتها وصدقها، لا أكثر ولا اقل من الحقيقة، إنا لا التمس منكم أن تعملوا دعاية إلى جمهوريتنا الإسلامية. كل واحد فی الخارج، من الذين يعرفون إيران جيداً ويعرفون الجمهورية الإسلامية عندنا يهاجمونها ويلفقون الأكاذيب والأباطيل ضدها وينطقون بكلمات مهينة، هم فی الحقيقة يمارسون ذلك ضد الإسلام ونحن يهمنا فقط الإسلام، هم خائفون من الإسلام، إذا قالوا إننا ضد إيران فهم كاذبون، يتخذون إيران ذريعة لهم فقط، الإسلام هو هدفهم الوحيد، إذا أصحبت جمهوريتنا ديمقراطية بدلاً من إسلامية، فسوف لا تسمع احد يتفوه علينا بكلمة.
يجب ان نجتث الأنانية وحب الذات، التی وجدت مع نشوء هذا العالم، الأنانية وحب الذات حطمت كل شیء، الإنسانية، المجتمع، الحكومة والدولة، الأنانية وحب الذات هی ارث خلّفه الشيطان. ولهذا السبب من الواجب علينا أن ننفی هذا الشيطان من أنفس شعوبنا”.حوالی (10) دقائق كاملة بلور الخمينی هذا الموضوع مع التأكيد على القرآن الكريم وأحاديث الرسول (ص) والمبادئ هی كل شیء بالنسبة له.
بعد ذلك أخذ الخمينی يؤكد علينا، الخمينی يرغب منّا ان نذهب إلى الجبهة، الأجانب يجب ان يسرجوا النور لكی يشاهدوا بأم أعينهم ما هو حجم المأساة التی أوجدتها الصواريخ العراقية فی تلك المناطق، مناطق مُحيت عن وجه البسيطة، أموات، مدن مم**ة. يجب أن يذهب الأجانب إلى معسكرات الأسرى العراقيين ويشاهدون طيب المعاملة التی يعامل بها هؤلاء الأسرى، “انظروا حولكم واحكموا وقولوا الحقيقة عندما ترجعوا إلى بلدانكم. أرجو منكم أن تقولوا الحقيقة لا أكثر ولا اقل، وبهذه الطريقة سوف تفتحون أعين الذين لم يتفهّمونا لحد الآن”.
الشعب الإيرانی والعلماء يكافحون ضد الظلم
الخمينی انهي تلك المناقشة مؤكداً على معاناة الشعوب الإيرانية، “سنين وهذه الشعوب تكافح ضد الملكية التی عزلته عن الإسلام”.“الشعب الإيرانی والعلماء يكافحون ضد الظلم وبلا هوادة، فمن الذی يؤمن بالعمل الصالح ويعمل به فسوف ينجح بكل خطوة يقدم عليها”.“الشعب الإيرانی كله يؤمن بالشهادة وبها يحصل على النصر، وإلى يومنا هذا يكافح فی سبيل اللّه ودفاعاً عن وطنه، جنودنا ينذرون أرواحهم فی سبيل اللّه، وهو الذی بيده السماوات والأرض، العراق هو الذی فرض على الشعب الإيرانی هذه الحرب، القرآن يقول ان جميع الناس على هذه الارض هم أخوان، والقرآن لا يأمرنا بالاقتتال، ولكن إذا كانت هناك حرب عادلة، فهی حربنا ضد الكفار”.
كاروشت:
“يجب ان يكون التسامح بين المؤمنين والقسوة ضد من لا يؤمنون، الفساد، اللصوص، المجرمون، والذين يهاجمون إيران هم مجرمون ويجب ان يفنون، يتاجرون باسم الحقد والغضب، ويتلقون العون من الشياطين الكبار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتی، انظروا إلى المأساة فی هذا العالم، وانظروا ماذا يجری فی إثيوبيا، الأطفال يموتون جوعاً، وكل هذه المجاعة تحصل وبدلاً من ان يطعموا هؤلاء الجياع، يعمل الشياطين الكبار مدافع لكی يدمروا بها هذا العالم المحروم، لماذا يضربون كل محاولات الإخاء؟”
وهنا يختم الخمينی خطبته: ويقول “ربنا افتح قلوبنا، ربنا أعطنا الصحة، والتقدم والنصر، ربنا اغنی الفقراء والعن الشياطين الكبار، ربنا أحفظ لنا ديننا الحنيف”.الخطبة انتهت، وآية اللّه أخذ يرد التحية والسلام بيده ورأسه وغادر القاعة، الباب فتحت واغلقت وغاب الإمام خلفها، والآن حان وقت مقابلة كبار المسلمين المجتهدين، والجنرالات والوزراء
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
قصة لقاء المحامي الفرنسي بالإمام الخميني (قد)
“وليم كاروشت” قانوني فرنسي له شهرة عالمية في الدفاع عن السجناء السياسيين. زار إيران وحضر إحدى اللقاءات مع الإمام الخميني فی حسينية “جمران”، وكتب على اثر ذلك المقال الذي نشر في مجلة “viers Magazine Else” الهولندية .
الطيران من باريس إلى طهران استغرق (6) ساعات. الطائرة مملوءة بالمسافرين. كثير من النساء وبكافة الأعمار كلهن محجبات ما عدا النزر القليل. الوضع على متن الطائرة اعتيادی وليس مكهرب. كثير من الأمتعة تباع وكثير من بضائع السوق الحرة ـ ما عدا الكحول طبعاً ـ، اللغة الانجليزية هی لغة المضيفات وطاقم بالانجليزية والفارسية فقط ولا يوجد حرف واحد بالفرنسية، فرنسيتي يجاب عليها بالانجليزية.
وصلنا طهران عند الساعة الرابعة صباحاً، وحللت فی فندق انتركونتيننتال. والآن غير اسمه إلى “لاله انتركونتيننتال” غرفة 709، مع تلفزيون وحانة فارغة.زياراتی كانت متكررة، وفی وقت الشاه كنت احلّ ضيفاً على إيران، وإيران هی محطة مؤقتة بالنسبة لی، وذلك بسبب عملی كقانونی وكمدافع عن السجناء السياسيين، وفی تلك الفترة كانت حول الحزب الشيوعی “تودة”، وكانوا من السجناء السياسيين، الشيوعية قد اجتثت من جذورها ولكن لا زالت خطرة، وفی نفس الوقت كانت تعمل ـ آنذاك ـ الولائم لرؤساء الدول الغربية فی مخيم شيت الذهبی.
الحرس الثوري منتشرون في كل طابق من طوابق الفندق كلهم ملتحين أو لم يحلقوا ذقونهم من عدة أيام، وفی يوم الجمعة كنت حاضراً في اجتماع للصلاة فی باحة الجامعة، حضره ما بين (50 إلى 60) الفاً من الأتباع المخلصين، (وفي نفس الباحة، وبعد اسبوع، شهدت عملية تفجير فی وسط الحشد الغفير من المصلين، عشرة قتلى ومائة جريح، إمام الجمعة كان رئيس الجمهورية الإسلامية (آنذاك) آية اللّه السيد علي الخامنئي وبعد ساعتين ـ أی بعد انتهاء الصلاة ـ تفرّقت الحشود البشرية وهم يهتفون وقبضات أيديهم مرفوعة عالياً، أكثر الحشود كانت تزمجر بشعارات هادرة، وعلامات الغضب بادية على وجوههم.
زيارة الإمام الأحد صباحاً، الساعة السابعة
لقد انتابني الخوف من جراء ذلك المشهد، وماذا يريدون؟ ماذا يقولون؟ آية اللّه الخلخالي طمأنني وقال: يريدون منك وعند رجوعك للوطن أن تشهد وتقول أن شعب طهران بودّه وبإخلاص يريد أن يحافظ على جمهوريته الإسلامية.زيارة الإمام الأحد صباحاً، الساعة السابعة موعد الزيارة إلى بيت الإمام الخميني. موكب مدهش من سيارات المرسيدس محاطة بالحرس الثوري، وكذلك سيارتي محاطة ومن جميع الجهات.
سرنا ولمدة ساعة وبسرعة 120 كلم فی الساعة، غادرنا مركز العاصمة طهران من الناحية الشمالية وباتجاه قرية حسينية جمران، حيث لم يبارحها الخميني منذ فترة ليست بالقصيرة، فوقفنا على مرتفع، ومرة أخرى مئات من الحرس الثوري وتتراوح أعمارهم ما بين (20 ـ30) سنة، ثم سرنا راجلين، ولمدة عشرة دقائق، وقد منحونی هوية للدخول. دخلنا فی **اق ضيق على طرفيه بيوت قديمة، فی أول العوائق، لا يسمح لی ان أحمل آلة تصوير أو فيلم، وعندما صعدنا (100متر) فی ذلك ال**اق وإذا بحاجز آخر أمامنا عبارة عن سياج حديدي، حراس الثورة لم يتحركوا من جانبي ولا حتى سنتيمتر واحد، كل وجه جديد يقابلني يحيّيني، وأنا أرد التحية بالمثل وبواسطة رأسی، بعضهم يبتسم لی، والبعض الآخر ينظر لی باندهاش، والسبب هو أن الإمام نادراً ما يستقبل أجنبي من دولة رأسمالية، كفرنسا فهی التی تموّل العراق ـ علناً ـ بأحدث ما تنتج مصانعها من الأسلحة.
وليم كاروشت:
نحن نسير صعوداً إلى الأعلى، إلى ان وصلنا إلى شارع موحل، البيوت عبارة عن اكواخ. وبعد العائق أو الحاجز الثالث، وضعت قطعة من القماش الخام على الأرض وهی تشبه السجادة، خلعت حذائي، وهنا يبدأ عالم الخميني، وبعد 20 متر سوف نضع أقدامنا فی داخل البيت، انه بيت متواضع أكثر من البيوت السابقة، عبارة عن بناية من طابقين لم تكتمل لحد الآن. الخمينی الذی بوسعه أن يسكن فی أضخم القصور، ولكنه اختار أكثر البيوت بؤساً، وعندما دخلت وجدت نفسی أمام ساحة من 100 متر مربع. الأرض طينية مغطاة بسجاد خشن، الجدران عبارة عن طابوق احمر وهی عارية من كل شیء. القاعة عالية جداً، وفی احد أركانها توجد غرفة انتظار، من كل الجوانب تشاهد أسلاك كهربائية مقطعة ومعلقة، هذا هو مسجد الإمام. إن مساجد أصفهان الرائعة بعيدة جداً عن طهران، وفی احد الجدران هيكل حديدی وفوقه شرفة متواضعة، وفی احد جوانبها يوجد كرسی مغطى بوشاح ابيض، وفی الجانب الآخر توجد باب خضراء من خشب، ومن خلالها سوف يدخل الخمينی، ومن خلال تلك الشرفة المتواضعة أخذ الخمينی، وخلال العامين الماضيين يصب جام غضبه على أعدائه.
انتظرت، ولدقائق طويلة، وإذا بعينی فی النهاية تسقط على ذلك الرجل “الذی ترتجف له كهوف الارض قاطبة”. أول الداخلين: آية الله علي خامنئي رئيس الجمهورية الإسلامية يتبعه رئيس البرلمان حجة الإسلام هاشمی رفسنجانی.وتنتظر مرة أخرى، الباب أخذت تنفتح ببطئ، فظهر اثنان من المعممين واحد منهم هو ابن الإمام، وهذا هو الإمام الخمينی بنفسه، ماشياً بخطوات بطيئة ولكنها متزنة وثابتة، متجهاً نحو الكرسی المخصص له ثم جلس، هذا هو كل شیء، ومن خلال جلوسه ألقى نظرة خاطفة باتجاه ضيوفه الأجانب، وبدأ وبصوت واضح وقوی بالموعظة والتی استمرت ساعة واحدة، ومن دون ان يبدو على كلامه التردد، وجهه ينبعث منه النور ومن تحت تلك العمامة السوداء، وعلى أكتافه عباءة بنية، جسده باق من دون حركة، فقط الرأس يتحرك ولبعض المرات يميناً ويساراً، الابتسامة مفقودة والوجه صاف كالشمع، ومن دون أن تظهر عليه التجاعيد.
لكن ما معنى تلك النظرات الثاقبة! نار تخرج من تلك العينين. هو لا يدعك تحس بما يجيش فی قرارة نفسه هو دائماً “ابن الإسلام”، وهو الذی لم تتغير منزلته وهيبته، هو يعيش لا ليمتاز على الآخرين بل يعيش وهو يخشى اللّه، لا يوجد عنده مكان للريبة، هو يصهر الحقيقة مع أفكاره الخاصة، له قدسية إلهية مهيبة. الغرفة قد امتلأت بالمعممين والعلماء، والذی ـ على جانبی ـ أخذ يدوّن خطبة الإمام وحتى لو اوعز بتنفيذ الأحكام المتشددة، يبقى على سكينته المهيبة، جالساً من دون أیّ حركة انفعالية، فقط يداه، التی تكون فی حالة تقاطع دائم حول ركبتيه وتتحركان بين لحظة وأخرى وببطئ.
“جمهوريتنا ينعتها الغرب بالعُتمة والظلام، ونفس هذه الأكاذيب تصل إلى مسمع شعوبنا وعلمائنا، الدعاية تشوّه وبالقصد كل ما يحدث عندنا”.هذه اول الكلمات التی نطق بها الإمام، ويضيف إليها، “انتم شاهدتم ماذا حدث فی إيران عندما قامت الثورة، انا سوف أكون ممتنّاً إذا قابلتم الناس الذين على صلة بكم وتخبروهم، اخبروهم الحقيقة بكل بساطتها وصدقها، لا أكثر ولا اقل من الحقيقة، إنا لا التمس منكم أن تعملوا دعاية إلى جمهوريتنا الإسلامية. كل واحد فی الخارج، من الذين يعرفون إيران جيداً ويعرفون الجمهورية الإسلامية عندنا يهاجمونها ويلفقون الأكاذيب والأباطيل ضدها وينطقون بكلمات مهينة، هم فی الحقيقة يمارسون ذلك ضد الإسلام ونحن يهمنا فقط الإسلام، هم خائفون من الإسلام، إذا قالوا إننا ضد إيران فهم كاذبون، يتخذون إيران ذريعة لهم فقط، الإسلام هو هدفهم الوحيد، إذا أصحبت جمهوريتنا ديمقراطية بدلاً من إسلامية، فسوف لا تسمع احد يتفوه علينا بكلمة.
يجب ان نجتث الأنانية وحب الذات، التی وجدت مع نشوء هذا العالم، الأنانية وحب الذات حطمت كل شیء، الإنسانية، المجتمع، الحكومة والدولة، الأنانية وحب الذات هی ارث خلّفه الشيطان. ولهذا السبب من الواجب علينا أن ننفی هذا الشيطان من أنفس شعوبنا”.حوالی (10) دقائق كاملة بلور الخمينی هذا الموضوع مع التأكيد على القرآن الكريم وأحاديث الرسول (ص) والمبادئ هی كل شیء بالنسبة له.
بعد ذلك أخذ الخمينی يؤكد علينا، الخمينی يرغب منّا ان نذهب إلى الجبهة، الأجانب يجب ان يسرجوا النور لكی يشاهدوا بأم أعينهم ما هو حجم المأساة التی أوجدتها الصواريخ العراقية فی تلك المناطق، مناطق مُحيت عن وجه البسيطة، أموات، مدن مم**ة. يجب أن يذهب الأجانب إلى معسكرات الأسرى العراقيين ويشاهدون طيب المعاملة التی يعامل بها هؤلاء الأسرى، “انظروا حولكم واحكموا وقولوا الحقيقة عندما ترجعوا إلى بلدانكم. أرجو منكم أن تقولوا الحقيقة لا أكثر ولا اقل، وبهذه الطريقة سوف تفتحون أعين الذين لم يتفهّمونا لحد الآن”.
الشعب الإيرانی والعلماء يكافحون ضد الظلم
الخمينی انهي تلك المناقشة مؤكداً على معاناة الشعوب الإيرانية، “سنين وهذه الشعوب تكافح ضد الملكية التی عزلته عن الإسلام”.“الشعب الإيرانی والعلماء يكافحون ضد الظلم وبلا هوادة، فمن الذی يؤمن بالعمل الصالح ويعمل به فسوف ينجح بكل خطوة يقدم عليها”.“الشعب الإيرانی كله يؤمن بالشهادة وبها يحصل على النصر، وإلى يومنا هذا يكافح فی سبيل اللّه ودفاعاً عن وطنه، جنودنا ينذرون أرواحهم فی سبيل اللّه، وهو الذی بيده السماوات والأرض، العراق هو الذی فرض على الشعب الإيرانی هذه الحرب، القرآن يقول ان جميع الناس على هذه الارض هم أخوان، والقرآن لا يأمرنا بالاقتتال، ولكن إذا كانت هناك حرب عادلة، فهی حربنا ضد الكفار”.
كاروشت:
“يجب ان يكون التسامح بين المؤمنين والقسوة ضد من لا يؤمنون، الفساد، اللصوص، المجرمون، والذين يهاجمون إيران هم مجرمون ويجب ان يفنون، يتاجرون باسم الحقد والغضب، ويتلقون العون من الشياطين الكبار الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتی، انظروا إلى المأساة فی هذا العالم، وانظروا ماذا يجری فی إثيوبيا، الأطفال يموتون جوعاً، وكل هذه المجاعة تحصل وبدلاً من ان يطعموا هؤلاء الجياع، يعمل الشياطين الكبار مدافع لكی يدمروا بها هذا العالم المحروم، لماذا يضربون كل محاولات الإخاء؟”
وهنا يختم الخمينی خطبته: ويقول “ربنا افتح قلوبنا، ربنا أعطنا الصحة، والتقدم والنصر، ربنا اغنی الفقراء والعن الشياطين الكبار، ربنا أحفظ لنا ديننا الحنيف”.الخطبة انتهت، وآية اللّه أخذ يرد التحية والسلام بيده ورأسه وغادر القاعة، الباب فتحت واغلقت وغاب الإمام خلفها، والآن حان وقت مقابلة كبار المسلمين المجتهدين، والجنرالات والوزراء