اميرة الشماع
21-02-2009, 04:23 AM
لم يميز نفسه ولا عشيرته بني هاشم عن فقراء المسلمين !
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
********************************
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد ، الذي لم يميز نفسه وقبيلته عن عامة المسلمين بدرهم واحد ، وكان بعضهم في حاجة ماسة ! فمن كلام له عليه السلام :
والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً ، وأجرًّ في الأغلال مصفداً ، أحبُّ إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، أوغاصباً لشئ من الحطام . وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها ، ويطول في الثرى حلولها ! والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق ، حتى استماحني من بركم صاعاً ، ورأيت صبيانه شعث الشعور غُبر الألوان من فقرهم ، كأنما سُوِّدت وجوههم بالعِظْلم ، وعاودني مؤكداً وكرر علي القول مردداً ، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً طريقتي ، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من ميسمها ! فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى). (نهج البلاغة:2/216) .
وفي تاريخ اليعقوبي:2/183: وأعطى الناس بالسوية لم يفضل أحداً على أحد ، وأعطى الموالي كما أعطى الصلبية ، وقيل له في ذلك فقال: قرأت ما بين الدفتين فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضل هذا ، وأخذ عوداً من الأرض ، فوضعه بين إصبعيه . انتهى .
وروى في دعائم الإسلام:1/384: أن علياً عليه السلام أمر عمار بن ياسر ، وعبيد الله بن أبي رافع ، وأبا الهيثم بن التيهان ، أن يقسموا فيئاً بين المسلمين ، وقال لهم: إعدلوا فيه ولا تفضلوا أحد على أحداً . فحسبوا فوجدوا الذي يصيب كل رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأعطوا الناس . فأقبل إليهم طلحة والزبير ومع كل واحد منهما ابنه ، فدفعوا إلى كل واحد منهم ثلاثة دنانير ، فقال طلحة والزبير: ليس هكذا كان يعطينا عمر ، فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم ؟ قالوا: بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام ، فمضيا إليه فوجداه في بعض أمواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل بين يديه ، فقالا: ترى أن ترتفع معنا إلى الظل؟ قال: نعم ، فقالا له: إنا أتينا إلى عمالك على قسمة هذا الفئ ، فأعطوا كل واحد منا مثل ما أعطوا سائر الناس ، قال: وما تريدان ؟ قالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر . قال: فما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيكما؟ فسكتا ، فقال: أليس كان صلى الله عليه وآله وسلم يقسم بالسوية بين المسلمين من غير زيادة ؟ قالا: نعم . قال: أفسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالإتباع عندكما أم سنة عمر؟ قالا: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن يا أمير المؤمنين لنا سابقة وغَنَاء وقرابة ، فإن رأيت أن لا تسوينا بالناس فافعل ، قال: سابقتكما أسبق أم سابقتي؟ قالا: سابقتك ، قال: فقرابتكما أقرب أم قرابتي؟ قالا: قرابتك ، قال: فغَنَاؤكما أعظم أم غَنَائي؟ قالا: بل أنت أعظم غَنَاء ، قال: فوالله ما أنا وأجيري هذا في هذا المال إلا بمنزلة واحدة ، وأومى بيده إلى الأجير الذي بين يديه !
قالا: جئنا لهذا وغيره ، قال: وما غيره؟
قالا: أردنا العمرة فأذن لنا ، قال: إنطلقا فما العمرة تريدان ! ولقد أُنبئت بأمركما وأُريت مضاجعكما ! فمضيا ، وهو يتلو وهما يسمعان: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عظيماً !
وفي نهج البلاغة:2/185، في كلام له عليه السلام مع طلحة والزبير:وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة ، فإن ذلك أمرٌ لم أحكم أنا فيه برأيي ، ولا وليته هوى مني ، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد فُرغ منه ، فلم أحتج إليكما فيما فرغ الله من قسمه وأمضى فيه حكمه ، فليس لكما والله عندي ولا لغير كما في هذا عتبى . أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق ، وألهمنا وإياكم الصبر ). انتهى
**********************
من كتاب / جواهر التاريخ 1 / للشيخ : علي الكوراني
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي لم تشتك رعيته من ظلمه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***************************
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي لم تشتك رعيته من ظلمه
**************************
بل كان هو يشكو هو من ظلم رعيته له ويقول:
{ أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم ، ليس لأنهم أولى بالحق منكم ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم وإبطائكم عن حقي !
ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي !
إستنفرتكم للجهاد فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا .
أشهودٌ كغياب ، وعبيدٌ كأرباب ! أتلو عليكم الحِكَم فتنفرون منها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها !
وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبا ، ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم !
أقوِّمكم غَدْوةً وترجعون إليَّ عشية كظهر الحية عجز المقوِّم وأعضل المقوَّم !
أيها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، المبتلى بهم أمراؤهم ! صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه ! وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه ! لوددتُ والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم . (نهج البلاغة:1/187) .
***********************
من كتاب / جواهر التاريخ 1 / للشيخ : علي الكوراني
علي عليه السلام يعيد العهد النبوي في احترام حقوق الإنسان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
**************************
علي عليه السلام يعيد العهد النبوي في احترام حقوق الإنسان
**************************
لا إجبار عند عليٍّ على بيعة، ولاحطبٌ عنده ، ولا حرقُ بيوت !
فواجبه الأول هو إعادة الإرادة الحرة للإنسان المسلم ، التي صادرها زعماء قريش بمجرد أن أغمض النبي صلى الله عليه وآله وسلم عينيه !
وكيف يجبر عليٌّ أحداً على بيعته ، وهو الإنسان الصافي الإنسانية ، أباً عن جد من أبي طالب الى إبراهيم ، والى آدم عليهم السلام ، والمؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وما أنزل عليه والمستوعب لقضية الإنسان وحقوقه المقدسة في شريعة الإسلام .
كيف يجبر أحداً على بيعته وهو التقي الذي يخاف من معصية ربه في نملة يسلبها جلب شعير ، فكيف بالتعدي على حق إنسان له كرامته وحرمته عند الله ؟!
وهو الصادق عندما قصَّ للمسلمين على المنبر قصة الأشعث زعيم كندة ، الذي أراد أن يرشيه ليوليه على منطقة من مناطق المسلمين ، فوسط له الوسطاء ، وتملق اليه بالكلام ، وجاءه بطبق حلوى !
قال عليه السلام :
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ، ومعجونة شنئتها ، كأنما عجنت بريق حية أوقيئها { يقصد قطر السكَّر فيها } ، فقلت أصلةٌ أم زكاةٌ أم صدقة ، فذلك محرم علينا أهل البيت . فقال: لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية . فقلت: هبلتك الهبول ، أعن دين الله أتيتني لتخدعني ، أمختبط أنت أم ذوجنة أم تهجر ! والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ! ما لعليٍّ ولنعيم يفنى ولذة لاتبقى}
!(نهج البلاغة:2/18)
لقد كان علي عليه السلام الخليفة الوحيد الذي لم يجبر أحداً على بيعته ، ففضح بذلك اضطهاد مَن قبله ومَن بعده للمسلمين ، ومصادرتهم لحرياتهم !
قالوا له: إن عبدالله بن عمر وسعد بن وقاص وأسامة بن زيد تخلفوا عن بيعته ، واستأذنه عمار بن ياسر أن يأتي بهم ليجبرهم على البيعة كما جرت سنة قريش ! فقال له:
دع عنك هؤلاء الرهط الثلاثة ، أما ابن عمر فضعيف في دينه ، وأما سعد بن أبي وقاص فحسود ، وأما محمد بن مسلمة فذنبي إليه أني قتلت قاتل أخيه ، مرحباً يوم خيبر . ( المعيار والموازنة للإسكافي ص108) .
وكان علي عليه السلام الخليفة الوحيد ، الذي أعطى الحرية لمعارضيه وناقديه والعاملين ضده ، ولم ينقص من حقوقهم من بيت المال ولا غيره شيئاً ، حتى لودعوا الى الخروج عليه والثورة ، مالم يباشروا في ذلك !
{ كان عليه السلام جالساً في أصحابه ، فمرت بهم امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم ! فقال عليه السلام : إن أبصار هذه الفحول طوامح ، وإن ذلك سبب هُبابها ، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله ، فإنما هي امرأة كامرأة !
فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه ! فوثب القوم ليقتلوه ، فقال عليه السلام : رويداً ، إنما هوسبٌّ بسب ، أوعفوٌ عن ذنب . ( نهج البلاغة:4/98 )
وبهذه الحرية التي أعطاها أمير المؤمنين عليه السلام لخصومه ، فضح القرشيين الذين بطشوا بالناس للتهمة والظنة ، وقتلوهم على الكلمة ، وجعلوا رئيس الدولة أعظم حرمةً من الله تعالى ورسله !
وكان علي عليه السلام الخليفة الوحيد الذي لم يجبر أحداً من المسلمين على الحرب معه ، بل ندب المسلمين الى نصرته ، وأوضح لهم حقه وباطل أعدائه ، فاستجاب له من أراد ، وتخلف عنه من أراد ! ولم يُنقص من حقوقهم شيئاً !
ففضح بذلك سياسة إجبار الناس على القتال ، التي وجدت قبل حكمه ، ثم تفاقمت بعده ، حتى وصلت الى أن: بشر بن مروان بن الحكم كان إذا ضرب البعث على أحد من جنده ثم وجده قد أخل بمركزه ، أقامه على كرسي ثم سمَّر يديه في الحائط ثم انتزع الكرسي من تحت رجليه ، فلا يزال يتشحط حتى يموت ! وإنه ضرب البعث على رجل حديث عهد بعرس ابنة عمه ، فلما صار في مركزه كتب إلى ابنة عمه كتاباً ، ثم كتب في أسفله:
لولا خلافةُ بشرٍ أو عقوبتُه وأن يرى حاسدٌ كفي بمسمار
إذاً لعطلت ثغري ثم زرتكم إن المحب إذا ما اشتاق زوَّار .
(تاريخ دمشق:10/256)
*********************
من كتاب / جواهر التاريخ 1 / للشيخ : علي الكوراني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
********************************
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد ، الذي لم يميز نفسه وقبيلته عن عامة المسلمين بدرهم واحد ، وكان بعضهم في حاجة ماسة ! فمن كلام له عليه السلام :
والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً ، وأجرًّ في الأغلال مصفداً ، أحبُّ إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد ، أوغاصباً لشئ من الحطام . وكيف أظلم أحداً لنفس يسرع إلى البلى قفولها ، ويطول في الثرى حلولها ! والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق ، حتى استماحني من بركم صاعاً ، ورأيت صبيانه شعث الشعور غُبر الألوان من فقرهم ، كأنما سُوِّدت وجوههم بالعِظْلم ، وعاودني مؤكداً وكرر علي القول مردداً ، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقاً طريقتي ، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها وكاد أن يحترق من ميسمها ! فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى). (نهج البلاغة:2/216) .
وفي تاريخ اليعقوبي:2/183: وأعطى الناس بالسوية لم يفضل أحداً على أحد ، وأعطى الموالي كما أعطى الصلبية ، وقيل له في ذلك فقال: قرأت ما بين الدفتين فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضل هذا ، وأخذ عوداً من الأرض ، فوضعه بين إصبعيه . انتهى .
وروى في دعائم الإسلام:1/384: أن علياً عليه السلام أمر عمار بن ياسر ، وعبيد الله بن أبي رافع ، وأبا الهيثم بن التيهان ، أن يقسموا فيئاً بين المسلمين ، وقال لهم: إعدلوا فيه ولا تفضلوا أحد على أحداً . فحسبوا فوجدوا الذي يصيب كل رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأعطوا الناس . فأقبل إليهم طلحة والزبير ومع كل واحد منهما ابنه ، فدفعوا إلى كل واحد منهم ثلاثة دنانير ، فقال طلحة والزبير: ليس هكذا كان يعطينا عمر ، فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم ؟ قالوا: بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام ، فمضيا إليه فوجداه في بعض أمواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل بين يديه ، فقالا: ترى أن ترتفع معنا إلى الظل؟ قال: نعم ، فقالا له: إنا أتينا إلى عمالك على قسمة هذا الفئ ، فأعطوا كل واحد منا مثل ما أعطوا سائر الناس ، قال: وما تريدان ؟ قالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر . قال: فما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيكما؟ فسكتا ، فقال: أليس كان صلى الله عليه وآله وسلم يقسم بالسوية بين المسلمين من غير زيادة ؟ قالا: نعم . قال: أفسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالإتباع عندكما أم سنة عمر؟ قالا: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن يا أمير المؤمنين لنا سابقة وغَنَاء وقرابة ، فإن رأيت أن لا تسوينا بالناس فافعل ، قال: سابقتكما أسبق أم سابقتي؟ قالا: سابقتك ، قال: فقرابتكما أقرب أم قرابتي؟ قالا: قرابتك ، قال: فغَنَاؤكما أعظم أم غَنَائي؟ قالا: بل أنت أعظم غَنَاء ، قال: فوالله ما أنا وأجيري هذا في هذا المال إلا بمنزلة واحدة ، وأومى بيده إلى الأجير الذي بين يديه !
قالا: جئنا لهذا وغيره ، قال: وما غيره؟
قالا: أردنا العمرة فأذن لنا ، قال: إنطلقا فما العمرة تريدان ! ولقد أُنبئت بأمركما وأُريت مضاجعكما ! فمضيا ، وهو يتلو وهما يسمعان: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عظيماً !
وفي نهج البلاغة:2/185، في كلام له عليه السلام مع طلحة والزبير:وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة ، فإن ذلك أمرٌ لم أحكم أنا فيه برأيي ، ولا وليته هوى مني ، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد فُرغ منه ، فلم أحتج إليكما فيما فرغ الله من قسمه وأمضى فيه حكمه ، فليس لكما والله عندي ولا لغير كما في هذا عتبى . أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق ، وألهمنا وإياكم الصبر ). انتهى
**********************
من كتاب / جواهر التاريخ 1 / للشيخ : علي الكوراني
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي لم تشتك رعيته من ظلمه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***************************
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي لم تشتك رعيته من ظلمه
**************************
بل كان هو يشكو هو من ظلم رعيته له ويقول:
{ أما والذي نفسي بيده ليظهرن هؤلاء القوم عليكم ، ليس لأنهم أولى بالحق منكم ولكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم وإبطائكم عن حقي !
ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي !
إستنفرتكم للجهاد فلم تنفروا ، وأسمعتكم فلم تسمعوا ، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا ، ونصحت لكم فلم تقبلوا .
أشهودٌ كغياب ، وعبيدٌ كأرباب ! أتلو عليكم الحِكَم فتنفرون منها ، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها !
وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبا ، ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم !
أقوِّمكم غَدْوةً وترجعون إليَّ عشية كظهر الحية عجز المقوِّم وأعضل المقوَّم !
أيها الشاهدة أبدانهم ، الغائبة عقولهم ، المختلفة أهواؤهم ، المبتلى بهم أمراؤهم ! صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه ! وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه ! لوددتُ والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم ، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم . (نهج البلاغة:1/187) .
***********************
من كتاب / جواهر التاريخ 1 / للشيخ : علي الكوراني
علي عليه السلام يعيد العهد النبوي في احترام حقوق الإنسان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
**************************
علي عليه السلام يعيد العهد النبوي في احترام حقوق الإنسان
**************************
لا إجبار عند عليٍّ على بيعة، ولاحطبٌ عنده ، ولا حرقُ بيوت !
فواجبه الأول هو إعادة الإرادة الحرة للإنسان المسلم ، التي صادرها زعماء قريش بمجرد أن أغمض النبي صلى الله عليه وآله وسلم عينيه !
وكيف يجبر عليٌّ أحداً على بيعته ، وهو الإنسان الصافي الإنسانية ، أباً عن جد من أبي طالب الى إبراهيم ، والى آدم عليهم السلام ، والمؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وما أنزل عليه والمستوعب لقضية الإنسان وحقوقه المقدسة في شريعة الإسلام .
كيف يجبر أحداً على بيعته وهو التقي الذي يخاف من معصية ربه في نملة يسلبها جلب شعير ، فكيف بالتعدي على حق إنسان له كرامته وحرمته عند الله ؟!
وهو الصادق عندما قصَّ للمسلمين على المنبر قصة الأشعث زعيم كندة ، الذي أراد أن يرشيه ليوليه على منطقة من مناطق المسلمين ، فوسط له الوسطاء ، وتملق اليه بالكلام ، وجاءه بطبق حلوى !
قال عليه السلام :
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ، ومعجونة شنئتها ، كأنما عجنت بريق حية أوقيئها { يقصد قطر السكَّر فيها } ، فقلت أصلةٌ أم زكاةٌ أم صدقة ، فذلك محرم علينا أهل البيت . فقال: لا ذا ولا ذاك ولكنها هدية . فقلت: هبلتك الهبول ، أعن دين الله أتيتني لتخدعني ، أمختبط أنت أم ذوجنة أم تهجر ! والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ! ما لعليٍّ ولنعيم يفنى ولذة لاتبقى}
!(نهج البلاغة:2/18)
لقد كان علي عليه السلام الخليفة الوحيد الذي لم يجبر أحداً على بيعته ، ففضح بذلك اضطهاد مَن قبله ومَن بعده للمسلمين ، ومصادرتهم لحرياتهم !
قالوا له: إن عبدالله بن عمر وسعد بن وقاص وأسامة بن زيد تخلفوا عن بيعته ، واستأذنه عمار بن ياسر أن يأتي بهم ليجبرهم على البيعة كما جرت سنة قريش ! فقال له:
دع عنك هؤلاء الرهط الثلاثة ، أما ابن عمر فضعيف في دينه ، وأما سعد بن أبي وقاص فحسود ، وأما محمد بن مسلمة فذنبي إليه أني قتلت قاتل أخيه ، مرحباً يوم خيبر . ( المعيار والموازنة للإسكافي ص108) .
وكان علي عليه السلام الخليفة الوحيد ، الذي أعطى الحرية لمعارضيه وناقديه والعاملين ضده ، ولم ينقص من حقوقهم من بيت المال ولا غيره شيئاً ، حتى لودعوا الى الخروج عليه والثورة ، مالم يباشروا في ذلك !
{ كان عليه السلام جالساً في أصحابه ، فمرت بهم امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم ! فقال عليه السلام : إن أبصار هذه الفحول طوامح ، وإن ذلك سبب هُبابها ، فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله ، فإنما هي امرأة كامرأة !
فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه ! فوثب القوم ليقتلوه ، فقال عليه السلام : رويداً ، إنما هوسبٌّ بسب ، أوعفوٌ عن ذنب . ( نهج البلاغة:4/98 )
وبهذه الحرية التي أعطاها أمير المؤمنين عليه السلام لخصومه ، فضح القرشيين الذين بطشوا بالناس للتهمة والظنة ، وقتلوهم على الكلمة ، وجعلوا رئيس الدولة أعظم حرمةً من الله تعالى ورسله !
وكان علي عليه السلام الخليفة الوحيد الذي لم يجبر أحداً من المسلمين على الحرب معه ، بل ندب المسلمين الى نصرته ، وأوضح لهم حقه وباطل أعدائه ، فاستجاب له من أراد ، وتخلف عنه من أراد ! ولم يُنقص من حقوقهم شيئاً !
ففضح بذلك سياسة إجبار الناس على القتال ، التي وجدت قبل حكمه ، ثم تفاقمت بعده ، حتى وصلت الى أن: بشر بن مروان بن الحكم كان إذا ضرب البعث على أحد من جنده ثم وجده قد أخل بمركزه ، أقامه على كرسي ثم سمَّر يديه في الحائط ثم انتزع الكرسي من تحت رجليه ، فلا يزال يتشحط حتى يموت ! وإنه ضرب البعث على رجل حديث عهد بعرس ابنة عمه ، فلما صار في مركزه كتب إلى ابنة عمه كتاباً ، ثم كتب في أسفله:
لولا خلافةُ بشرٍ أو عقوبتُه وأن يرى حاسدٌ كفي بمسمار
إذاً لعطلت ثغري ثم زرتكم إن المحب إذا ما اشتاق زوَّار .
(تاريخ دمشق:10/256)
*********************
من كتاب / جواهر التاريخ 1 / للشيخ : علي الكوراني