أحمد إبراهيم الربيعي
21-02-2009, 12:47 PM
من عواقب أعظم المصائب
نحاول هنا تسليط الضوء على واحدة من عواقب عصيان أوامر النبي (ص) والتي شملت الأمة الإسلامية جمعاء إلا وهي (زوال البركة) نتيجة ذلك العصيان الأكبر، وإليك أخي المؤمن بعض الأقوال العظيمة التي تنبأ بالنتائج الوخيمة الحاصلة من مخالفة أوامر النبي الأعظم (ص) وبالذات فيما يخص أمر الخلافة من بعده :
1ـ قال رسول الله(ص) في يوم غدير خم: (معاشر الناس لا تظلوا عنه - يعني علياً (ع) - ولا تنفروا منه ولا تستكبروا ولا تستنكفوا من ولايته فهوا الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم ……معاشر الناس انه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهذا علي إمامكم ووليكم وهو مهلك الآخرين قال تعالى: (ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين)(احتجاج الطبرسي ج1/)
2ـ قال أمير المؤمنين(ع): (لو أن الأمة منذ قبض رسول الله (ص) اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) (السقيفة لسليم بن قيس الهلالي ص123)
3ـ قالت فاطمة الزهراء (ع): (تا الله لو تكافؤا على زمام نبذه إليه رسول الله (ص) لأعتقله وسار بهم سيراً سجما لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ولأوردكم منهلاً روياً فضفاضاً تطفح ضفتاه (كناية عن كثرة الخير فيضان الماء بطفح ضفتاه) ولا يترنم جانباه ولأصدرهم بطانة(أيضاً كناية عن كثرة الخير أيفاءً تعني الشبع أو الزيادة على الشبع التخمة) ولنصح لهم سراً وإعلاناً غير متحل منهم بطائل إلا بغمر الناهل وردعه سورة الساغب ولفتحت عليهم بركات السماء والأرض وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون)(نهج البلاغة شرح عبد الحميد بن أبي الحديد مجلد4ص87/بلاغات النساء لأبن طيفورص23)
4ـ قال الصحابي الجليل سلمان المحمدي(رض): (أما والذي نفس سلمان بيده لو وليتموها علياً(ع) لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء ولو دعوتم الحيتان في البحار لأتتكم ولما عال ولي الله ولا طاش لكم سهم من فرائض الله ولا أختلف اثنان في حكم الله (احتجاج الطبرسي ج1ص149)
5ـ قال الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري(رض): (أما والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولما عال ولي الله ولا طاش سهم من فرائض الله ولا أختلف اثنان في حكم الله (تاريخ اليعقوبيص120/عبد الله بن سبأ ص78).
هذا وتوجد أقوال أخرى مشابهة لهذه الأقوال الصادقة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على مصداق ما وعد الله تعالى أوليائه ومطيعيه والله جل وعلا يعطي بلا حساب وينفق بلا إقتار، قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء) وإن كانت الأمة قد عصت ربها وبدلت نعمة الله وأبعدت من قربه الله وقربت من أبعده الله فما جزاؤها إلا أنها ظلمت نفسها ويحق فيها قوله تعالى: (ألم ترى إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار)(سورة إبراهيم 28 ) والأقوال التي مرت علينا جميعها موثقة وليس لقائليها أي قصد أو نفع غير مرضاة الله تعالى، فلوا أخذنا على سبيل المثال مقولة أبي ذر(رض) ودرسناها وترجمنا قبلها شخصية قائلها لاتضح لدينا ما يلي: أن هذا الصحابي الجليل هو من المسلمين الأوائل ومن خيرة وكبار الصحابة وكانت له منزلة خاصة لدى رسول الله(ص) وأهل بيته الأطهار(ع) والمسلمين بصورة عامة فقد كان (رض) مثالاً رائعاً للصدق والورع والتقوى والزهد والتقشف والجرأة ضد الباطل وأهله، لا تأخذه في الله لومة لائم وقد قال فيه رسول الله(ص): (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر)(علل الشرايع للشيخ الصدوق ج1ص176/مسند أحمد بن حنبل ج2ص175) وهذه شهادة عظيمة لأبي ذر تدل على صدقه من الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وذلك لتفانيه في نصرة الحق وعدم السكوت على الباطل نتيجة لصدقه وجرأته في إباحة أموال الأغنياء للفقراء لما جعل الله لهم فيها من الحق وبتصديه لمن حول الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض يرتع فيها هو وبني أبيه فقد شكاه معاوية لعثمان وأرسله إليه وبدوره عثمان نفاه إلى الربذة إلى أن توفاه الله فيها وحيداً فريداً لا يوجد لديه ما يكفن به جثمانه، ولو أمعنا النظر في كلماته التي نحن بصدد شرحها لوجدناها تطفح بالحق وبدلائل الصدق ودقة المعاني إذ يقول(رض): (لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله) ففي العبارتين مقاصد عظيمة حيث أن المقصود بمن قدمه الله هو مولانا أمير المؤمنين(ع) لما قدمه الله تعالى في مواطن عديدة، فقد قدمه رسول الله(ص)على جميع الصحابة وأعطاه الراية يوم فتح خيبر وهو الذي قدمه الله على جميع الصحابة الذين تقدموا لخطبة الزهراء(ع)الذين من جملتهم أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف فقدم علياً(ع) على كل هؤلاء وزوجها منه، وكذلك قدمه الله تعالى بأن جعله من النبي بمنزلة هارون من موسى(ع) وكرأسه من بدنه، أما من أخره الله فهو يقصد بذلك أبي بكر حيث أخره الله عز وجل في مواطن عديدة منها عندما هم رسول الله(ص) بإرساله إلى مشركي قريش بسورة (براء) فهبط الأمين جبرائيل(ع) وأمره عن الله تبارك وتعالى أنه لا يؤديه عنه إلا علي (ع) فأرسل رسول الله علياً خلفه وأخذها منه وبلغها هو بنفسه، وهذه كما فيها تأخير لمن قدمه الناس فيها تقديم لمن أخره الناس، وكذلك أخره الله ورسوله حينما خرج رسول الله (ص) في مرضه الذي توفي فيه حينما خرج محموماً ـ بأبي وأمي ـ يتخطى بين رجلين (هما علي والفضل بن العباس(ع) كما روت عائشة ورواه البخاري عنها) فوجد أبي بكر في المسجد واقفاً في محرابه يريد أن يؤم القوم للصلاة فأومأ إليه رسول الله(ص) أن تأخر فأخره وصلى بالناس، هذا وقد أخره الله في مواطن عديدة أخرى. ثم يقول أبا ذر: (لو أقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم) وفيه إشارة إلى قوله(ص): (علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وقاضي ديني وولي كل مؤمن بعدي …وقوله أنه وارث علمي ومعدن حكمي والإمام من بعدي) وهذا ما يشير إليه أبي ذر في أمر الولاية والوراثة وكيف ضيعت الأمة وصية نبيها ونكثت عهدها وبيعتها لولي الأمر والخليفة الشرعي، وقد يقصد بالوراثة أيضا مسألة غصب فدك من الزهراء(ع)، فضمن للأمة أن أقرت بالولاية والوراثة في أهل البيت(ع) لـ(أكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم)، وقوله هذا مطابق لقوله تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة)(سورة التوبة 120) فقد قال بعض المفسرين إنها نزلت في الذين يتخلفون عن الغزوات مع رسول الله (ص) ولكننا لو أمعنا النظر في قوله تعالى: (بأنفسهم عن نفسه) وقارناها مع آية المباهلة لوجدنا أن المقصود بنفس رسول الله هو الإمام علي لقوله تعالى: (وأنفسنا وأنفسكم)(آل عمران 61) فيتبين لنا ما معناه (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ـ عن علي بموالاته ونصرته ـ ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة) والظمأ والنصب والمخمصة هم (العطش والتعب والجوع) وهذا ما أكده أبي ذر(ض) بقوله: (لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم) وهو ما قاله أيضاً سلمان المحمدي والزهراء وعلي نفسه ورسول الله(ص) إذن لو كان قد تولي علي(ع) الخلافة من بعد رسول الله (ص) لأكل المسلمون من فوق رؤوسهم ومن تحت أقدامهم، ولا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة، والجدير بالذكر أن الآية التي تسبق هذه الآية من سورة التوبة هي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)(سورة التوبة) وقال أبن عباس(رض) في تفسيره لهذه الآية: (مع الصادقين) مع علي وأصحابه وكذلك قال الصادقين الباقر والصادق(ع)(تفسير شبر) وفي نهاية حديثه يحذر أبي ذر عن الحال إذا أستمر على ما هو عليه من اغتصاب الخلافة وإبعاد صاحبها الشرعي عنها فأنهم – أي المسلمون – لا ينفكون من عواقب مستقبلية وخيمة ويعظهم أخيراً قائلاً: (فإذا فعلتم ما فعلتم فذوقوا وبال أمركم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).(آل عمران159)
اللهم أحينا محيا محمد وآل محمد (ص) وأمتنا ممات محمد وآل محمد، ووفقنا لأتباع دينك وإحياء سنن نبيك الأعظم (ص).
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا ، وغيبة إمامنا ، فارحمنا بتعجيل فرج خاتم الأوصياء وحجتك على الثقلين من عبادك يا أرحم الراحمين.
نحاول هنا تسليط الضوء على واحدة من عواقب عصيان أوامر النبي (ص) والتي شملت الأمة الإسلامية جمعاء إلا وهي (زوال البركة) نتيجة ذلك العصيان الأكبر، وإليك أخي المؤمن بعض الأقوال العظيمة التي تنبأ بالنتائج الوخيمة الحاصلة من مخالفة أوامر النبي الأعظم (ص) وبالذات فيما يخص أمر الخلافة من بعده :
1ـ قال رسول الله(ص) في يوم غدير خم: (معاشر الناس لا تظلوا عنه - يعني علياً (ع) - ولا تنفروا منه ولا تستكبروا ولا تستنكفوا من ولايته فهوا الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم ……معاشر الناس انه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهذا علي إمامكم ووليكم وهو مهلك الآخرين قال تعالى: (ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين)(احتجاج الطبرسي ج1/)
2ـ قال أمير المؤمنين(ع): (لو أن الأمة منذ قبض رسول الله (ص) اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) (السقيفة لسليم بن قيس الهلالي ص123)
3ـ قالت فاطمة الزهراء (ع): (تا الله لو تكافؤا على زمام نبذه إليه رسول الله (ص) لأعتقله وسار بهم سيراً سجما لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ولأوردكم منهلاً روياً فضفاضاً تطفح ضفتاه (كناية عن كثرة الخير فيضان الماء بطفح ضفتاه) ولا يترنم جانباه ولأصدرهم بطانة(أيضاً كناية عن كثرة الخير أيفاءً تعني الشبع أو الزيادة على الشبع التخمة) ولنصح لهم سراً وإعلاناً غير متحل منهم بطائل إلا بغمر الناهل وردعه سورة الساغب ولفتحت عليهم بركات السماء والأرض وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون)(نهج البلاغة شرح عبد الحميد بن أبي الحديد مجلد4ص87/بلاغات النساء لأبن طيفورص23)
4ـ قال الصحابي الجليل سلمان المحمدي(رض): (أما والذي نفس سلمان بيده لو وليتموها علياً(ع) لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولو دعوتم الطير لأجابتكم في جو السماء ولو دعوتم الحيتان في البحار لأتتكم ولما عال ولي الله ولا طاش لكم سهم من فرائض الله ولا أختلف اثنان في حكم الله (احتجاج الطبرسي ج1ص149)
5ـ قال الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري(رض): (أما والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم ولما عال ولي الله ولا طاش سهم من فرائض الله ولا أختلف اثنان في حكم الله (تاريخ اليعقوبيص120/عبد الله بن سبأ ص78).
هذا وتوجد أقوال أخرى مشابهة لهذه الأقوال الصادقة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على مصداق ما وعد الله تعالى أوليائه ومطيعيه والله جل وعلا يعطي بلا حساب وينفق بلا إقتار، قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء) وإن كانت الأمة قد عصت ربها وبدلت نعمة الله وأبعدت من قربه الله وقربت من أبعده الله فما جزاؤها إلا أنها ظلمت نفسها ويحق فيها قوله تعالى: (ألم ترى إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار)(سورة إبراهيم 28 ) والأقوال التي مرت علينا جميعها موثقة وليس لقائليها أي قصد أو نفع غير مرضاة الله تعالى، فلوا أخذنا على سبيل المثال مقولة أبي ذر(رض) ودرسناها وترجمنا قبلها شخصية قائلها لاتضح لدينا ما يلي: أن هذا الصحابي الجليل هو من المسلمين الأوائل ومن خيرة وكبار الصحابة وكانت له منزلة خاصة لدى رسول الله(ص) وأهل بيته الأطهار(ع) والمسلمين بصورة عامة فقد كان (رض) مثالاً رائعاً للصدق والورع والتقوى والزهد والتقشف والجرأة ضد الباطل وأهله، لا تأخذه في الله لومة لائم وقد قال فيه رسول الله(ص): (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر)(علل الشرايع للشيخ الصدوق ج1ص176/مسند أحمد بن حنبل ج2ص175) وهذه شهادة عظيمة لأبي ذر تدل على صدقه من الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وذلك لتفانيه في نصرة الحق وعدم السكوت على الباطل نتيجة لصدقه وجرأته في إباحة أموال الأغنياء للفقراء لما جعل الله لهم فيها من الحق وبتصديه لمن حول الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض يرتع فيها هو وبني أبيه فقد شكاه معاوية لعثمان وأرسله إليه وبدوره عثمان نفاه إلى الربذة إلى أن توفاه الله فيها وحيداً فريداً لا يوجد لديه ما يكفن به جثمانه، ولو أمعنا النظر في كلماته التي نحن بصدد شرحها لوجدناها تطفح بالحق وبدلائل الصدق ودقة المعاني إذ يقول(رض): (لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله) ففي العبارتين مقاصد عظيمة حيث أن المقصود بمن قدمه الله هو مولانا أمير المؤمنين(ع) لما قدمه الله تعالى في مواطن عديدة، فقد قدمه رسول الله(ص)على جميع الصحابة وأعطاه الراية يوم فتح خيبر وهو الذي قدمه الله على جميع الصحابة الذين تقدموا لخطبة الزهراء(ع)الذين من جملتهم أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف فقدم علياً(ع) على كل هؤلاء وزوجها منه، وكذلك قدمه الله تعالى بأن جعله من النبي بمنزلة هارون من موسى(ع) وكرأسه من بدنه، أما من أخره الله فهو يقصد بذلك أبي بكر حيث أخره الله عز وجل في مواطن عديدة منها عندما هم رسول الله(ص) بإرساله إلى مشركي قريش بسورة (براء) فهبط الأمين جبرائيل(ع) وأمره عن الله تبارك وتعالى أنه لا يؤديه عنه إلا علي (ع) فأرسل رسول الله علياً خلفه وأخذها منه وبلغها هو بنفسه، وهذه كما فيها تأخير لمن قدمه الناس فيها تقديم لمن أخره الناس، وكذلك أخره الله ورسوله حينما خرج رسول الله (ص) في مرضه الذي توفي فيه حينما خرج محموماً ـ بأبي وأمي ـ يتخطى بين رجلين (هما علي والفضل بن العباس(ع) كما روت عائشة ورواه البخاري عنها) فوجد أبي بكر في المسجد واقفاً في محرابه يريد أن يؤم القوم للصلاة فأومأ إليه رسول الله(ص) أن تأخر فأخره وصلى بالناس، هذا وقد أخره الله في مواطن عديدة أخرى. ثم يقول أبا ذر: (لو أقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم) وفيه إشارة إلى قوله(ص): (علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وقاضي ديني وولي كل مؤمن بعدي …وقوله أنه وارث علمي ومعدن حكمي والإمام من بعدي) وهذا ما يشير إليه أبي ذر في أمر الولاية والوراثة وكيف ضيعت الأمة وصية نبيها ونكثت عهدها وبيعتها لولي الأمر والخليفة الشرعي، وقد يقصد بالوراثة أيضا مسألة غصب فدك من الزهراء(ع)، فضمن للأمة أن أقرت بالولاية والوراثة في أهل البيت(ع) لـ(أكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم)، وقوله هذا مطابق لقوله تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة)(سورة التوبة 120) فقد قال بعض المفسرين إنها نزلت في الذين يتخلفون عن الغزوات مع رسول الله (ص) ولكننا لو أمعنا النظر في قوله تعالى: (بأنفسهم عن نفسه) وقارناها مع آية المباهلة لوجدنا أن المقصود بنفس رسول الله هو الإمام علي لقوله تعالى: (وأنفسنا وأنفسكم)(آل عمران 61) فيتبين لنا ما معناه (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ـ عن علي بموالاته ونصرته ـ ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة) والظمأ والنصب والمخمصة هم (العطش والتعب والجوع) وهذا ما أكده أبي ذر(ض) بقوله: (لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم) وهو ما قاله أيضاً سلمان المحمدي والزهراء وعلي نفسه ورسول الله(ص) إذن لو كان قد تولي علي(ع) الخلافة من بعد رسول الله (ص) لأكل المسلمون من فوق رؤوسهم ومن تحت أقدامهم، ولا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة، والجدير بالذكر أن الآية التي تسبق هذه الآية من سورة التوبة هي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)(سورة التوبة) وقال أبن عباس(رض) في تفسيره لهذه الآية: (مع الصادقين) مع علي وأصحابه وكذلك قال الصادقين الباقر والصادق(ع)(تفسير شبر) وفي نهاية حديثه يحذر أبي ذر عن الحال إذا أستمر على ما هو عليه من اغتصاب الخلافة وإبعاد صاحبها الشرعي عنها فأنهم – أي المسلمون – لا ينفكون من عواقب مستقبلية وخيمة ويعظهم أخيراً قائلاً: (فإذا فعلتم ما فعلتم فذوقوا وبال أمركم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).(آل عمران159)
اللهم أحينا محيا محمد وآل محمد (ص) وأمتنا ممات محمد وآل محمد، ووفقنا لأتباع دينك وإحياء سنن نبيك الأعظم (ص).
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا ، وغيبة إمامنا ، فارحمنا بتعجيل فرج خاتم الأوصياء وحجتك على الثقلين من عبادك يا أرحم الراحمين.