المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسرة آل الحكيم.. أصول وتاريخ ح 1


يا مسلم ابن عقيل
25-02-2009, 02:47 AM
الباحث/عمار العامري
http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-fefdd8d8c6.jpg


أسرة آل الحكيم من الأسر المعروفة ومشهورة في النجف الأشرف ( )، إذ تعد من البيوتات ذات المكانة العلمية والاجتماعية المتميزتين، ذاع صيتها في العراق وطار في الأفاق لاسيما في عهد عميدها المرجع الديني الأعلى السيد الإمام محسن الحكيم، وهي من الأسر العلوية التي تعود نسبها إلى الحسن المثنى ومنه الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب(ع)( )، وتنتهي إلى أسرة الطباطبا المعروفة والمنتشرة في العالم الإسلامي، والمعروف عنها في العراق أنها أسر تنتهي إلى جد واحد هو السيد إبراهيم الطباطبا( ) وهو الثائر العلوي في العصر العباسي وقد حاربه الخلفاء العباسيين حتى ثأر عليهم وقتل على أيديهم، وهو ابن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر، ومن هذه الأسر آل الحكيم وال بحر العلوم في النجف الأشرف وأسرة آل صاحب الرياض والسادة الحجة وآل البروجرديين في كربلاء.

http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-52400698e7.jpg


وبرز منها السيد الإمام محسن بن السيد مهدي بن السيد صالح بن السيد احمد بن السيد محمود الطباطبائي الحكيم (1888- 1970)، عرف اليتم صغيراً، فقد توفي والده في جبل عامل بلبنان، حيث كان وكيلا للمرجعية الدينية النجفية، ابتدأ السيد الحكيم حياته العلمية بقراءة القران الكريم وحفظه ودرس عند أخيه الأكبر السيد محمود الحكيم مقدمات العلوم الدينية وبعدها مرحلة السطوح، ثم حضر عند الشيخ الخراساني وكان عمره حين حضوره لديه ثمانية عشر عاما، وبعد ثلاث سنوات من الحضور توفي الشيخ الخراساني، فانتقل السيد الحكيم إلى درس الشيخ ضياء الدين العراقي في الفقه والأصول، كما حضر لدى الشيخ علي باقر آل صاحب الجواهر، وحضر عند الشيخ حسين النائينئ أما درس الأخلاق فقد حضره لدى الفقيه المجاهد السيد محمد سعيد الحبوبي( ).
http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-7ea1dcca3f.jpg


http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-1b4ddeabc8.jpg


http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-19f0484bb7.jpg




من أولى مواقفه السياسية متحدياً السلطات من أجل مصلحة العليا للشعب العراقي وجه السيد محسن الحكيم عام 1949 صفعة قوية للملك فيصل الثاني الذي لم يكن قد جلس على العرش بعد وللحكومة حين رفض استقبال الملك وحاشيته عند زيارتهم إلى النجف الأشرف، فإربك الحكومة وجعلها تتخبط، فقد جاء رئيس بلدية المدينة، النجف الاشرف واخبر السيد محسن الحكيم بأن الملك سيزور المدينة بعد يومين، لكن السيد الحكيم اخبره بأنه لن يخرج إلى استقبال الملك ثم جاء القائمقام وطلب من السيد محسن الحكيم الحضور في استقبال الملك، فرفض أيضا، فجاء متصرف لواء كربلاء عبد الرسول الخالصي، وقال من ضمن حديثه " سيدنا هذه اهانة لي وأنا شيعي، ولكن السيد الحكيم لم يوافق على إبداء الاستعداد للحضور، وبعد نقاش طويل، انتفض السيد محسن الحكيم قائلا " نحن لسنا جزءا من زخرف الحضرة حتى يأتي الملك ويطلعونه على الزخارف، لقد اجتمعت به في المرة الأولى قبل عام لوجود احتياجات لدى الناس ذكرناها له، ولكن يبدو إن القضية ليست جدية حيث لم يتم لحد ألان تنفيذها، وإنما الأمر لا يعدو الدعاية، وأنا لست مستعدا أن أكون جزءا من زخرف الحضرة "( ).
http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-8a7d500fc9.jpg

http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-6e3ee45a90.jpg


http://www.qlb-q.org/upload//uploads/images/qlb-f7d7fe6a47.jpg





ومن مواقفه السياسية هي سفرته إلى العتبات المقدسة في الكاظمية وسامراء التي توصف بالتاريخية، ويرجع السبب في هذه الزيارة إلى توتر العلاقة بين المرجعية الدينية والحكومة العراقية آنذاك الممثلة برئيس الوزراء أحمد حسن البكر، وكان ذلك في 7/10/1963، والهدف من هذه السفرة تحريك الضغط الجماهيري على السلطات العراقية، فقد عانى العراق في تلك الفترة من أزمات منها أتساع الأفكار الإلحادية وسيطرة بعض العناصر المخالفة للإسلام بتوجهاتها، نتيجة للإطاحة بحكومة عبد الكريم قاسم في شباط 1963، فقد أثبتت هذه الزيارة قوة المرجعية الدينية لاسيما السيد الحكيم، واتساع مداها على الآفاق وبدأت مواقف السيد محسن الحكيم الداعية للدفاع عن حقوق الشعب أمام الحكومة ولاسيما منها ما يمس العقائد الإسلامية، فقد عارض السيد الحكيم الحكومة في العهد الملكي، حينما شرعت قانونا للأحوال الشخصية المخالف للشريعة الإسلامية، مما اجبرها على تقديمه لمجلس النواب آنذاك، فأرسل الإمام الحكيم ولده السيد يوسف للاتصال بالنواب وإبلاغهم استنكار المرجع لهذا القانون ووجوب إلغائه، وإصدار رأي صريح بهذا الشأن، مما حدا بالنواب إلى معارضته فاضطرت الحكومة إلى إحالته على اللجنة التي وضعت لدراسته وإعادة النظر فيه، فكانت هذه نهايته( ).



وأيضا فقد طلب السيد محسن الحكيم من جماعة العلماء في بغداد تقديم مذكرة إلى عارف، تتضمن طلبات الشعب وبشكل واضح وهي خمسة طلبات تتلخص في :
1ـ إلغاء قانون الأحوال الشخصية وإعادة المحاكم الشخصية.
2ـ مراعاة شعور الأمة في وضع الدستور الذي يخالف أحكام القران والسنة المطهرة.
3 ـ خلق روح العدالة والمساواة وعدم التمييز بين أبناء الشعب العراقي.
4 ـ مكافحة الانحلال الخلقي، وإيقاف هدم كيان الأمة الاجتماعي.
5 ـ تعديل مناهج التعليم والتربية والحث على التحلي بالخلق الإسلامي الكريم( ).
ومن المواقف التي أصبحت منعطفا تاريخيا في العلاقة بين المرجعية والحكومة من جهة وبين المرجعية والجماهير العراقية من جهة أخرى، هو حقن دماء الشعب الكردي الذي يطالب بحقوقه، لاسيما بعد إن عقد عبد السلام عارف مؤتمر علماء الإسلام من اجل إصدار فتوى تحرض على أن الأكراد (بغاة يجب قتالهم)، وطلبوا من الإمام الحكيم تأييد الفتوى لكنه رفض وقال" على أي أساس، ما دامت الحكومة غير شرعية فلا يجوز قتالهم"( ) ومقابل مؤتمر عبد السلام، دعا السيد محسن الحكيم إلى تجمع كبير للعلماء في كربلاء المقدسة للإعلان عن رأيه المعارض لفتوى إبادة الأكراد، وحقنا لدماء المسلمين منهم، وقد عقد الاجتماع بمناسبة أربعينية الإمام الحسين "عليه السلام " في العشرين من صفر من عام 1964، وأعلن في ذلك التجمع الكبير رفض الحكيم مقررات مؤتمر عارف واصدر فتوى تحريم قتل الأكراد واستمر السيد الحكيم بموقفه الرافض التعاون مع السلطات، الذين بدءوا في التضييق على الشعب العراقي بأكمله وفرض ضغوط على المرجعية الدينية، بهدف إذعانها لأرائهم، ولاسيما الضغط على حيث واجه التحدي بكل إصرار وصمود من اجل كسر شوكتهم، حتى بعد الأزمات التي عصفت بالمرجعية الدينية وسيق على أثرها كواكب من أبناء المراجع وزعماء العشائر إلى دوائر الأمن، وتسفير طلبة الحوزة العلمية، وبدأت التهم المضللة تلاحقهم، وكشف ذلك عن الصراع بين أبناء الشعب العراقي ورجال الانقلاب وأعوانهم( ).
وبعد وفاة الإمام الحكيم تعرض أبناءه حالهم حال باقي العراقيون القتل والإبادة والتهجير ففي يوم الأربعاء المصادف 18/ 5/1983 أعدم ستة من أفراد عائله آل الحكيم وفيما بعد وخلال سياسة النظام وسيطرته على مقاليد الحكم بالقوة، نفذ إعدام الوجبة الثانية منهم في 5/ آذار/ 1985م، إذ أعدم عشرة شهداء من أبناء هذه الأسرة ولم تنحصر تضحيات أسرة آل الحكيم على الإعدام فقط، إنما هناك من توفي تحت التعذيب أو في ظروف غامضة مثل السيد غياث الحكيم نجل السيد جاسم الحكيم، كما استشهد أحد مرضى العائلة وهو حجة الإسلام السيد محمد حسين الحكيم نجل آية الله السيد محمد علي الحكيم بإبرة مسمومة بعد نقله من سجن أبو غريب إلى مستشفى الرشيد العسكري، وبقيت عائلة السيد محسن الحكيم ترزح في أقبية ودهاليز النظام العراقي، يتنقلون بهم من دوائر الأمن إلى الأقسام المغلقة إلى الأقسام الخاصة في سجن أبي غريب.

al-baghdady
25-02-2009, 05:24 PM
آل الحكيم
أسرة العلم والجهاد والشهاده
بارك الله بك على الموضوع
لكن الموضوع يخص منتدى علماء الشيعه
البغدادي

يا مسلم ابن عقيل
25-02-2009, 07:39 PM
شكرا لكم على المرور...

بارك الله بكم

يا مسلم ابن عقيل
27-02-2009, 03:31 PM
الباحث/عمار العامري



خرج السيد الإمام محسن الحكيم في موقف سياسي بمثابة تظاهرة سياسية دينية في عام 1387هـ /1968م ، تزامنت مع الاعتداء الصهيوني في الخامس من حزيران 1967، واحتلاله القدس وأراضي الجولان في سوريا، فأتخذ السيد محسن الحكيم مواقف مهمة وبارزة من تلك الإحداث، فقد وصفت هذه التظاهرة بأن الآمال الإسلامية معقودة عليها لجمع وحدة المسلمين، ويذكر إن سيارة السيد محسن الحكيم دخلت مطار بغداد وبقيت نهاية الموكب خارج مدينة بغداد العاصمة( )، وهذا التوديع شارك فيه ممثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء آنذاك وممثلو الطوائف المسيحية، فقد خصص رئيس الجمهورية طائرته الخاصة لنقل السيد الحكيم( ).
وما إن جاء انقلاب 8/ شباط/ 1963 حتى بدأ بإراقة دماء ثوار عام 1958، حيث اعدم عبد الكريم قاسم وعدد من الضباط المقربين له، إذ أخذت كفة البعثيين بالسيطرة على الأمور العامة في البلاد، ورغم ذلك بسطت المرجعية الدينية يدها بالعلاقات الاجتماعية الجيدة مع العشائر العراقية التي باتت السور القوي الساند للمرجعية الرشيدة( )، ولم يتوقف بطش السلطة بمقتل زعماء الثورة وإنما تجاوز ذلك إلى ارتكابهم أبشع الجرائم وافضح المجازر بحق أعدائهم الألداء من جماعة الحزب الشيوعي ودعاة الأفكار الاشتراكية، ولم يكتف رجال السلطة بإعدام أندادهم وما لحقها من أحداث وجرائم لا إنسانية، إنما امتدت أياديهم إلى التعذيب بالعصي والأنابيب المطاطية، واستخدام الوسائل الوحشية لأخذ الاعترافات من المتهمين، وأخذت حملات الاعتقالات الواسعة تطال الآلاف من العراقيين وعلى دواعي سياسية أو ثأرية أو كيدية في عموم أوساط الشعب العراقي( )، وأخذت الأمور تتطور، فبدأت السلطات باعتقال مجموعة من المتدينين الأبرياء وشيوخ العشائر وتعذيبهم بتهم مختلفة، هذه التطورات لم تكن بعيدة نظر عن السيد محسن الحكيم، فقد بحث مع بعض قادة الجيش الذي زاره هذه الأمور، وأشار إليه بعدم شرعية اعتقال هولاء وتعذيبهم وكان ذلك بحضور جمع من الناس، وكلامه كان حديا وهدده فيه( ).
وما إن وقعت حركة تشرين الثاني من عام 1963 التي قام بها عبد السلام عارف، حتى أوفد السيد الإمام الحكيم جماعة من العلماء لمقابلة رئيس الوزراء، وحملهم رسالة توجيهية في النصح الكريم والأخلاق العالية ونبذ الخلافات المذهبية ورفض الاستفزازات للمرجعية، وكان الوفد يضم السيد مهدي الحكيم والسيد علي نقي الحيدري والسيد محمد طاهر الحيدري والشيخ علي الصغير والسيد إسماعيل الصدر والسيد مرتضى العسكري والسيد هادي الحكيم( )، ولم يسفر عن اللقاء نتائج ايجابية، ولم تأخذ الحكومة مطالب المرجع الديني بالجدية، وهذا يؤكد أن الحكومة وما تبعها من تغييرات داخلية في هيكلة الحزب لم تأتِ لمصلحة الشعب العراقي، ولم تصغ ِ للمرجعية الدينية في النجف الأشرف، لأسباب كان أهمها إن السلطة ورجالها يمتازون بالطائفية والمذهبية( )، ولم يتوقف نقد الإمام محسن الحكيم لهذا الحد، إنما تعدى ذلك لإيقاف خطط الحكومة الرامية لتأميم الشركات والمصارف وتحويل النظام الاقتصادي إلى نظام اشتراكي( )، ونتيجة الوضع الاقتصادي في العراق المتدهور، وانخفاض المستوى المعاشي للمواطنين لاسيما بعد تهريب رأس المال إلى الخارج، وانخفاض الإنتاج الوطني، وخروج أكثر من عشرين ألف عامل من الشركات الحكومية، الذين أصبحوا في عداد العاطلين( ).
انتقد السيد محسن الحكيم علماء الأزهر في مصر بسبب فتاوى التأييد للاشتراكية، واعتبرها تتقاطع مع أحكام الإسلام، وما يستدل به من هذه المواقف إن آراء المرجعية ليست مقيدة بالحلال والحرام، وإنما خرجت عن المألوف وبدأت تطرح رأيها حول صيغة الأنظمة ومنها النظام الاقتصادي في البلد، وهذا ما عزز تكاتف الشعب العراقي معها، ووسع الفجوة بينها وبين السلطة ورجالها المتحزبين لفئاتهم، الذين لا يذعنون لرأي الجماهير

يا مسلم ابن عقيل
27-02-2009, 03:33 PM
الباحث/عمار العامري




بعد مدة من وصول البعثيين إلى السلطة في 17/ تموز عام 1968 قصد احمد حسن البكر الإمام محسن الحكيم بزيارة مفاجئة لم يتم الإعداد لها سلفا، وأراد البكر من هذه الزيارة أن تكون أشبه بفرض الأمر الواقع على المرجعية الدينية ، وفعلا حاولت السلطة من خلال إعلانها بوسائل الأعلام، عن أن اللقاء كان ودياً وأبدى السيد محسن الحكيم ارتياحاً تجاه الثورة وقادتها وإعلان تأييده لها( )، ولكن الإمام الحكيم اعترض على نشر خبر اللقاء بهذه الطريقة، ورداً على ذلك قام السيد مهدي الحكيم إخبار الحكومة بضرورة الإعلان بأن الزيارة كانت مفاجئة، ولم يعد لها سابقا ولم يتضمن اللقاء سوى بعض كلمات المجاملة، واستجابت الحكومة لهذه الضغوطات فجاء الإعلان على لسان متصرف كربلاء الذي نقلته وكالة الأنباء العراقية بان زيارة رئيس الجمهورية كانت مفاجئة لمدينتي النجف والكوفة لاسيما زيارة السيد محسن الحكيم، بعد هذا الموقف تأزمت العلاقة بين المرجعية الدينية في النجف الأشرف والسلطة والحزب اللتين يقودهما احمد حسن البكر، فكانت السلطات تحاول فرض سيطرتها الكاملة على جميع مرافق الحياة في العراق ولا تقبل بان يكون هناك كيان مستقل خارج سيطرتها ومنها الحوزة العلمية في النجف الأشرف والتي تتزعمها المرجعية الدينية( )، فالحكومة كانت متوجهة نحو بناء دولة جديدة مستندة على المبادئ العلمانية وفصل الدين عن السياسة، لذلك بدأت بالتعرض للخط الإسلامي وتوجيه الاتهامات للشخصيات المؤثرة والعاملة فيه( )، وكان ابرز المواقف السياسية للسلطة ضد المرجعية الدينية هو قرارات المؤتمر القطري السابع لحزب البعث المنعقد بتاريخ 4 نيسان 1969 والذي سمى حركة المرجعية الدينية والأجهزة والمؤسسات المرتبطة بها بـ (التيار الرجعي) بهدف إجبار المرجعية على التخلي عن استقلالها وجعلها أداة بيد السلطة( )،
ومع ذلك طلبت قيادة الحزب أن يكون التعامل بحذر شديد مع التيارات الإسلامية لحساسية الموقف وخطورته عندما تكون المواجهة علنية ومباشرة مما يؤدي إلى عزله عن الشعب، إن هذه القرارات التي أعلنت من خلال وسائل الإعلام أثارت استنكار السيد الإمام محسن الحكيم وكسرت أواصر الثقة بين المرجعية الدينية والحكومة، لاسيما بعدما شعر بان الحكومة العراقية تحاول تقليل شأن الحوزة العلمية من خلال دفعها في مواقف محرجة، وزج بعض التابعين لأجهزتها الأمنية والحزبية في الحوزة العلمية لتبديل القاعدة الطلابية وتغيير وسطها العلمي في النجف الأشرف، وتحويل العتبات المقدسة في العراق إلى مزارات تحت إشرافها( ).
وبرز حادث آخر عكر العلاقة هو قيام احمد حسن البكر بزيارة السيد محسن الحكيم وبشكل مفاجئ، والتي طلب فيها البكر تدخل السيد الحكيم والطلب من محمد رضا بهلوي شاه إيران بعدم مساندة ودعم الفصائل الكردية المتمردة في شمالي العراق، وقد رفض السيد الحكيم هذا الطلب( ).
وتسارعت الإحداث بعد أن شرعت الحكومة العراقية قانوناً عدل بموجبه قانون الأوقاف، الذي جعل العتبات المقدسة والأوقاف الدينية الشيعية تحت تصرف وزارة الأوقاف( )، واستمرت الحكومة في تضييق الخناق على الحوزة العلمية إذ قامت بمحاولة عزلها عن الخارج بمضايقة الشيعة القادمين من الدول الأخرى لزيارة العتبات المقدسة، من اجل منع وصول الحقوق الشرعية إلى المرجعية الدينية من مقلديها خارج العراق، وهذا ما حدى بالسيد مهدي الحكيم لمقابلة البكر وتسجيل احتجاج المرجعية على تعديل قانوني الأوقاف والتجنيد والممارسات الأخرى( ).
إلا أن الحكومة لم توقف ضغوطها على الحوزة العلمية واستمر التأزم في العلاقة بين المرجع الإمام الحكيم والبكر لاسيما بعد الإجراء الذي اتخذته الحكومة بتأميم جامعة الكوفة التي تعتبر اكبر المشاريع التربوية التي تبنتها الحوزة العلمية وتهدف إلى إقامة جامعة علمية كبرى على الطراز الأكاديمي العالمي، جاء ذلك القرار بتوقيع صالح مهدي عماش وزير الداخلية آنذاك في 19/12/1969 القاضي بإلغاء جامعة الكوفة ومصادرة أموالها ،تبع ذلك اعتقال بعض أعضاء الهيئة الإدارية ،وعلى ضوء ذلك ذهب السيد مهدي الحكيم لمقابلة البكر وإبلاغه استنكار المرجعية لهذا القرار( )، ألا أن البكر أنكر القرار وادعا أن لا قيادة الحزب ولا الحكومة لديها علم وإنما عماش هو الذي فعل ذلك، فرد عليه مهدي الحكيم "
نحن نعلم أن الدول تحاول الإكثار من معاهد الثقافة والعلم وليس التقليل منها وان هؤلاء الناس لم يكلفوا الدولة شيئاً ولديهم كفاءات علمية وقد جمعوا مبلغا من المال من اجل أن يقيموا معهدا ثقافيا، فلماذا يتم إلغاءه؟، والحكومة لها الحق أن تقول نحن نشك في الأشخاص أو إننا لا نعرف القائمين على المشروع وهذا معقول من قبل دولة إذ أن لها حق الإشراف، وأما أن تلغي هذا العمل فهو شيء غريب وغير معقول "، فأكد البكر مرة أخرى " ليس لدى الحزب ولا الحكومة علم بالموضوع وان عماش اتخذ هذه الخطوة لوحده وانه (مو خوش ادمي)"( ) لكن المتتبع للإحداث يجد أن هذا كان جوابا تكتيكا أريد به كسب الوقت وتهدئة الوضع ولكن القرار بقي محتفظا بسريانه ونافذ المفعول.

يا مسلم ابن عقيل
27-02-2009, 03:34 PM
الباحث/عمار العامري




وهكذا توسعت فجوة الخلافات وأصبحت الأجواء مشحونة بالتذمر والاستياء من خطوات السلطات، وحاول صدام حسين في بداية الانقلاب لقاء السيد الإمام محسن الحكيم في النجف الأشرف وجوبه طلبه بالرفض ولمرات عدة( )، فقد أرسل محمود الصافي احد عناصر حزب البعث في النجف الأشرف لترتيب اللقاء، لكن الإمام الحكيم رفض ذلك واخبره بان السيد مهدي في بغداد ويستطيع أن يراه( )،اثر ذلك التقى محمود الصافي بالسيد مهدي ونقل له جواب السيد الإمام الحكيم بخصوص ما يريده صدام، ثم جاء شخص أخر والتقى بالسيد محمد مهدي طالبا منه التهيؤ للقاء صدام حسين فأجابه الحكيم "استقبل في منزلي مختلف الطبقات الاجتماعية وصدام احدهم"،وهكذا تكررت الاتصالات مرات أخرى لعقد اللقاء فازدادت الإجراءات وصعدت الحكومة من موقفها ولم تكف عن وعودها ولم تفعل هذه الإجراءات إلا لكسب الوقت وتقوية نفوذها وهيمنتها في الشارع وزرع الخوف في قلوب الجميع( ).
ولهذا أصدرت السلطات قرارا جديدا يثير المشاعر ويؤجج الموقف، متمثل بقرار إلغاء إعفاء طلبة الحوزة العلمية العراقيين من التجنيد الإجباري، ومع هذه التطورات ذهب السيد مهدي الحكيم لمقابلة البكر وإبلاغه باعتراض المرجعية الدينية على هذا القانون، والطلب منه التراجع عنها، وبقي قرار شمول طلبة العلوم الدينية بالتجنيد الإجباري مستمراً وان الهدف من كل هذه القرارات المدروسة هو محاصرة المرجعية الدينية وسلب نقاط قوتها وتسجيل ملاحظاتها على الشخصيات التي تتمتع بالتأثير في الأوساط الدينية، أمثال السيد محمد مهدي الحكيم لحياكة الدسائس لهم، ولم تتوقف السلطات عند حد معين تجاه الحوزة العلمية وإنما قامت الأجهزة الأمنية باعتقال الإيرانيين والباكستانيين القادمين من مناسك الحج لزيارة العتبات المقدسة ومصادرة أموالهم بدون أي مبرر مقبول( ).
وتزامنا معه أعدت الحكومة العراقية قانونا جديدا مثل تدخلاً سافراً في شؤون العتبات المقدسة في محاولة منها للسيطرة على ايرادتها والاستيلاء على مواردها، وفي إجراء شكلي تم إرسال مسودة النظام الجديد إلى السيد محسن الحكيم ، الذي توجه، لمقابلة البكر لإبلاغه ببعض الملاحظات على القانون وتقديم احتجاجا على اعتقال الزوار، فأبدى الأخير تفهمه ووعد بإجراء التعديلات اللازمة، أما بالنسبة لموضوع الزوار فقد اعترف البكر بوجود اعتقالات نافيا مصادرة أموالهم مدعيا أن الأجهزة الحكومية تعيد أموالهم لهم ثم تسفرهم إلى بلادهم.
اتجهت الحكومة في رد فعل انفعالي نحو تصعيد الضغط على التيار الإسلامي المتمثل بالمرجعية الدينية فشنت القوات الأمنية يوم الثامن عشر من صفر عام 1389هـ ( أي قبل يومين من زيارة كربلاء) حملة على المدارس الخاصة بطلبة المدارس الدينية في النجف الأشرف واعتقلت طلبتها تمهيدا لتسفيرهم وشملت حتى العراقيين من أصول إيرانية، وكان السيد الإمام محسن الحكيم حينها في كربلاء لأداء مراسم الزيارة وعندما سمع النبأ قرر العودة إلى النجف الأشرف، ومثلت عودته المفاجئة تعبئة شعبية ضد السلطة وإشعاراً إلى الشعب بخطورة الموضوع الذي حصل،وحدثت إرباكا وقلقاً لدى الأوساط الشعبية والحوزات العلمية والمهتمين فيها في العراق وخارجه، وانتشرت الأخبار عن الإجراءات التحقيقية التي اتخذتها السلطات ضد الحوزة العلمية في النجف الأشرف، مما دعا السيد الحكيم إلى التحرك السريع والعلني لمعالجة الموقف والاستعداد للمواجهة المباشرة مع النظام( )، يوم التاسع عشر من شهر صفر عقد في داره بمدينة النجف الأشرف حضره عدد كبير من العلماء للتباحث في هذا الشأن متدارساً مع بقية العلماء ومستشاريه هذا التطور الخطير والخلفيات التي تقف وراءه والأهداف التي تسعى السلطة لتحقيقها منه.
بعدها اتصل السيد مهدي الحكيم هاتفياً بـ (مجلس قيادة الثورة) طالبا منهم إرسال ممثلاً عنهم إلى مدينة النجف الأشرف، فوصل الوفد المؤلف من حردان التكريتي وخير الله طلفاح فبين السيد محسن الحكيم استنكاره وغضبه لما يحدث، ولاسيما الاعتقالات والتسفيرات والاتهامات بالجاسوسية بسهولة على الناس لاسيما فضلاء الحوزة العلمية أمثال السيد حسن الشيرازي، وقد علق خير الله طلفاح على موضوع السيد حسن الشيرازي " أن المتهم ليس فقط السيد حسن والواقع أن هناك شخصين متهمين احدهما اعتقل والأخر ترك لاعتبارات"( )، وبعد مغادرة الوفد قال السيد محمد مهدي لوالده " أن الأخر الذي ترك لاعتبارات هو أنا" فوافقه والده الرأي( ).
وبعد هذا الموقف قللت الحكومة من اعتقالاتها المقيمين في العراق، ألا أنها أعادت الطلب على السيد محسن الحكيم للتدخل في حل النزاع بين الحكومة وحكومة طهران، وتم إبلاغ السيد مهدي الحكيم عبر وسطاء من الحكومة بأنها ترغب بقيام السيد محسن الحكيم بهذه الوساطة، ونقل السيد الحكيم هذه الرغبة إلى والده فرفض التوسط ألا بطلب رسمي مكتوب، باعتبار أن الوضع السائد في العراق مريب حيث يوجد جهاز سري يحكم البلد من وراء المسؤولين( ).