مشاهدة النسخة كاملة : ما وراء الموت
فطومة الحلوة
06-03-2009, 08:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذي القصة قريتها في أحد المنتديات والأسلوب مرره روعه أنصحكم بقراءتها وان شاء الله تعجبكم
... الجــــــزءالأول ...
... الإحتضــــــار...
منذ أيام عم الألم جسدي وأخذ يؤذيني .. وبدأت علامات الموت تدنو مني وحلت بي حالة الإحتضار .
أداروا برجلي نحو القبلة .. وأحاط بي زوجتي وأبنائي وأقربائي وبعض أصدقائي .. ومنهم من ترقرقت دموع عينيه .. فأغمضت عيني بهدوء وغرقت في بحر أفكاري .. وأخذت أفكر مع نفسي .. بم قضيت عمري .. ومن أين لملمت أموالي ـ رغم قلتها ـ وأين أنفقتها !!!
لقد كان التفكير بذلك يؤلمني كثيرا .. ومن شدة القلق فتحت عيوني .
الموت ((خروج الروح من الجسد ))
(( الناس نيام .. فإذا ماتوا انتبهوا ))
في تلك الأثناء انتبهت إلى وجود شبح طويل القامة يرتدي ثيابا بيضاء قد نشب يديه على أطراف أصابع قدمي وأخذ يتجه نحو الأعلى من جسدي .. ولم أكن أشعر بالألم عندما كان عند قدمي لكن الألم أخذ يزداد كلما ارتفع نحو الأعلى وكأن الألم بأجمعه أخذ يتحرك إلى الأعلى من جسدي حتى وصلت يديه إلى حلقومي .. حينها أصبح جسدي بلا شعور .. بيد أن رأسي أصبح ثقيلا بحيث كنت أشعر بأنه سينفجر من شدة الضغط .. وأن عيني ستخرجان من حدقتيهما .
تقدم عمي الشيخ العجوز نحوي وقد امتلأت عيناه بالدموع وقال لي : يا ولدي أقرأ الشهادتين .. أنا أقرأها وأنت رددها معي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا ـ رسول الله وأن عليا ولي الله ...
لقد كنت أراه وأسمع صوته .. فتحركت شفتاي ببطء .. وما أن أردت التلفظ بالشهادتين حتى أحاطت بي أشباح سوداء قبيحة وألحوا علي أن لا أنطق بالشهادتين .. لقد كنت سمعت بأن الشياطين تحاول سلب إيمان المرء عند موته .. لكنني لم أكن أتصور أبدا أنهم يفلحون في صدي .
يتبع...
فطومة الحلوة
06-03-2009, 09:03 PM
... الجـــــزء الثـــــاني ...
ومرة أخرى أدنى عمي وجهه مني وتلفظ بالشهادتين .. ولما أردت تحريك لساني تحركت الشياطين مرة أخرى ولكن عن طريق التهديد في هذه المرة .
لقد كانت لحظات عجيبة .. فمن ناحية كان الذي يرتدي ثيابا بيضاء يمارس أعمالا مدهشة .. ومن جهة ثانية .. كنت أواجه إصرار عمي على النطق بالشهادتين .. ومن جهة ثالثة محاولات الأشباح الخبيثة في سلب إيماني في آخر لحظات حياتي .
ثقل لساني وكأن شفتي قد خبطت مع بعضهما .. لقد اعتراني العجز .. وكنت أريد الخلاص من هذا الوضع المؤلم ولكن كيف !! وعن أي طريق !! وبواسطة من !! في غضون ذلك التجاذب ظهرت من بعيد أنوارساطعة فقام الرجل ذو الثياب البيضاء إجلالا لها فيما ولت تلك الوجوه القبيحة هاربة .. ورغم عدم معرفتي في تلك اللحظات لتلك الأنوار الطاهرة الفريدة لكنني عرفت فيما بعد أنهم الأئمة الأطهار عليهم السلام قد حضروني في اللحظات الحساسة وببركة وجودهم أشرق وجهي وانفتح لساني فتحركت شفتي ونطقت بالشهادتين هنا امتدت يد ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء لتمسح على وجهي .. وشعرت بالإطمئنان بعد أن كنت أعاني شدة الألم والإضطراب .
لقد أصبحت وكأنني ألقيت الآلام والعذاب بأجمعه على كاهل أهل الدنيا لأنني شعرت بالإستقرار وكأنني لم أرى حرية واستقرارا كالذي عشته في ذلك اليوم فقد انفتح عقلي .
كنت أرى الجميع وأسمع أحاديثهم .. هنا وقعت عيناي على ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء فسألته : من أنت !! وماذا تريد مني !! فإنني أعرف كل الذين حولي إلا أنت .!
فقال : كان عليك أن تعرفني .. أنا ملك الموت .
فاضطربت لسماع اسمه واهتز كياني .. فوقفت أمامه أتخضع وقلت : السلام عليك يا ملك ربي فلطالما سمعت باسمك ومع ذلك لم أستطع معرفتك حين الموت .. هل تريد الإذن مني كي تقبض روحي !!
فأجاب ملك الموت مبتسما : إنني لا أحتاج إلى أذن من أي أحد لأنتزع روحه من جسده .. وإذا ما تأملت جيدا سترى أنك قد ودعت الحياة الفانية .. أنظر إلى جسدك قد بقي بين أهل الأرض !ـ
فنظرت إلى الأسفل فاستحوذت علي الدهشة والحيرة .. إذ أن جسدي مطروح على الأرض بلا حراك بين أقربائي ومعارفي .. فيما كانت زوجتي وأبنائي وكثير من الأقارب يحومون حولي وهم يبكون وترتفع صرخاتهم إلى عنان السماء وأخذ آخرون بالشكوى والتساؤل : لقد تعجل عليه الموت .. لماذا !!!
أخذت أفكر مع نفسي : لم ينوح هؤلاء !! ومن أجل من !! أردت دعوتهم لإلتزام الهدوء .. وهل يكون ذلك !!....
صرخت فيهم : أيها الأعزاء التزموا الهدوء .. أما تريدون راحتي واستقراري !! فلماذا هذا التفجع والحزن !!
يتبع..
فطومة الحلوة
06-03-2009, 09:07 PM
... الجـــــزء الثـــــالث ...
أخذت أفكر مع نفسي : لم ينوح هؤلاء !! ومن أجل من !! أردت دعوتهم لإلتزام الهدوء .. وهل يكون ذلك !!....
صرخت فيهم : أيها الأعزاء التزموا الهدوء .. أما تريدون راحتي واستقراري !! فلماذا هذا التفجع والحزن !!
بعد الألم المضني أصبحت الآن في كامل الراحة والسعادة ..
إنني أخاطبكم أما تسمعون !! لم هذا البكاء !! مم عويلكم وبكاؤكم !! نوروا الدار بالدعاء وذكر الحق تعالى .
استمر عويل واستغاثة الحاضرين .. يعلو ويعلو .. هنا سمعت صوت ملك الموت يقول : ما الذي دهى هؤلاء !! مم صراخهم وعويلهم !! ولم هذه الشكوى والتفجع !! لم هذا البكاء واللطم على الرؤوس !! أقسم بالله أنني لم أرتكب ظلما بحقه .. فلقد نفد رزقه في هذه الدنيا .. ولو كنتم مكاني لقبضتم روحي بأمر من الله .. أعلموا أن دوركم سيأتي يوما ما .. وسأتردد على هذه الدار حتى لا أدع أحدا فيها .. إن عبادتي وطاعتي لله هي أن أقطع كل يوم وليلة أيدي الكثيرين عن هذه الدنيا .
الناس مستمرون بعملهم لا يسمعون هذه الإنذارات .. تمنيت لو كنت سمعت هذه الإنذارات ولو مرة واحدة في الحياة الدنيا كي تكون عبرة لي .. لكن وااااحسرتاااه ثم وااااحسرتاااه !!
لفوني بقطعة قماش وبعد ساعة حملوني إلى المغتسل .. إنه مكان معروف الذي لطالما جئت هنا لغسل أمواتنا .. وهنا لفت انتباهي المغسل حيث كان يقلبني كيف شاء ودون عناء ـ ونظرا لعنايتي بجسمي فقد صرخت بالمغسل : تمهل قليلا !! ارفق بي !! فقبل لحظات خرجت الروح من هذه العروق فأضعفتها وأعجزتها ... لكنه واصل عمله دون أدنى عناية بمطالبي المتكررة .
انتهى الغسل .. ثم لفوني بذلك الكفن الذي كنت قد اشتريته بنفسي .. لقد كنت أفكر أنذاك بأن شراء الكفن إنما هو عمل روتيني .. ولكن ما أسرع أن لف جسدي بالبياض .. حقا إن الدنيا دار جواز .
وعند سماعي لنداء الصلاة ... الصلاة ... الصلاة .. دخلني نوع من الطمأنينة .
... التشييـــــع ...
"".. أنا راحل .. وثقوا أنكم ستلحقون بي .. ولا تتصوروا أن الموت خلق لغيركم .. عجبا لكم تشاهدون الموت ولا زلتم غافلين ..!!!""
لما انتهت الصلاة حملوا جنازتي على أيديهم .. ومرة أخرى بعثت صرخات الشهادتان الطمأنينة في نفسي .. ولعلاقتي بجسدي أمسكت بأعلى الجنازة وأخذت أسير معها .
لقد كنت أعرف المشيعين جيدا .. مجموعة بقاعدة التابوت .. وأخرى تمشي خلفه .. كنت أسمع أصواتهم وأحاديثهم .. حتى أن باطن الكثير قد انكشف لي .. من هنا اعتراني السرور لحضور البعض .. فيما كان حضور آخرين يؤذيني حيث كانت الرائحة الكريهة المنبعثة منهم تعذبني .. كنت أرى بعضهم على هيئة قردة في حين كنت أحسبهم في الدنيا من الصالحين .. من جانب آخر نظرت إلى أحد معارفي فداعبت روحي رائحة العطر المنبعثة منه .. وقد كنت في الدنيا لا أكن له الإحترام وذلك للبساطة الطاغية على ظاهره .. وربما أسقطته من عيني غيبة الآخرين له .. و و ..
كان التابوت يسير مرفوعا على أكتاف أصدقائي وكنت أرافقهم والقلق من المستقبل يهيمن علي .
يتبع..
فطومة الحلوة
06-03-2009, 09:10 PM
... الجـــــزء الـــــرابع ...
كان التابوت يسير مرفوعا على أكتاف أصدقائي وكنت أرافقهم والقلق من المستقبل يهيمن علي .
وفي الوقت الذي كانت ألسنة الكثير من المشيعين تترنم بنداء " لا إله إلا الله :.. كان اثنان من أصدقائي يتهامسان فيما بينهما فدنوت منهما وأنصت لحديثهما ..
وااااعجبا !! متى تستيقظان من غفلتكما !! أتتحدثان عن معاملة وصكوك مرفوضة وأرباح و ...!! كان من الأفضل أن تفكرا في هذه اللحظات بآخرتكما .. بذلك اليوم الذي سيحل عليكما وينقض عليكما الموت !! إذ ستنقطع أيديكما عن الأرض والسماء وتغلق صحيفة أعمالكما وتطلبان الفرصة مثلي .. حينها لن تحصلا على الإذن بالعودة وستعضان على أيدي الندامة : يا ليتنا قد فكرنا بهذه الآخرة الباقية في تلك الدنيا الزائلة .
أيها الأصدقاء !! إنني أدعو لكم أن تعمر دنياكم وتكون آخرتكم أكثر عمرانا .. ولكن أقسم عليكم بالله أن تستيقظوا من غفلتكم وفكروا جيدا .. وإذا لم تفكروا بي ففكروا بآخرتكم على أقل تقدير .. فكروا بذلك اليوم حيث ستلحقون بي .. امضوا هذه اللحظات بذكر الموت .. فإذا لم تفكروا بالموت هنا .. فأين ستعودون إلى أنفسكم !! كأن الموت لم يخلق لكم !!
عجبا .. ثم عجبا لكم تنظرون إلى الموت ولازلتم غافلين .
وهنا توجهت إلى أهلي وعيالي قائلا :" أيها الأعزاء !! لا تغرنكم الدنيا كما غرتني .. لقد أجبرتموني على جمع الأموال التي لذاتها لكم وتبعاتها علي .
... القبـــــر ...
وصل المشيعون إلى المقبرة .. وعند مشاهدتي لها استحوذ على فؤادي الغم .. مروا على العديد من القبور حتى بانت حفرة من بعيد فهيمن علي الإضطراب والرعب .
بقيت مسافة على قبري فوضعوا جنازتي على الأرض .. استرحت قليلا .. وبعد قليل رفعوا التابوت ثانية وساروا به قليلا .. ثم وضعوه على الأرض ثم رفعوه وساروا به وحطوا به على مقربة من القبر .. ألقيت بنظرة إلى داخل القبر فانتابني الرعب مرة أخرى .
رفعت مجموعة منهم جنازتي من التابوت وما إن أدخلوا رأسي في القبر تصورت من شدة الخوف والرهبة كأنني هويت من السماء إلى الأرض .. وحينما كانوا يدخلون الجسد إلى اللحد ألقيت من خارج القبر بنظرة إلى جسدي وأخرى وجهتها إلى الناس .. فاقترب أحدهم من جسدي مناديا بإسمي .. فدنوت منه واستمعت لكلامه فقد كان مشغولا بالتلقين .
كنت أسمع كل ما يقول وأردد معه .. ما أروعه فقد كان يتلفظ بروية وطراوة .. وما إن مضت لحظات حتى بدأوا بوضع الصخور فوق اللحد فشعرت بالأذى والأسى لأنهم سجنوا جسدي تحت التراب .
تأملت مع نفسي من الأفضل أن أنسحب ولا أدخل القبر مع الجسد .. ولكن لشدة تعلقي بالجسد جئت إلى جانب الجنازة .. وفي طرفة عين بدأت الأيدي تهيل التراب على الجسد .
يتبع..
فطومة الحلوة
06-03-2009, 09:14 PM
... الجـــــزء الخـــــامس ...
حل أوان الغربة انتابني السرور لكثرة الذين جاؤوا لمواراة جثماني الثرى .. وشعرت بالمتعة لحضورهم وتلاوتهم للقرآن والصلوات على النبي وآله .
ثم أخذ الحاضرون بالإنصراف شيئا فشيئا ولم يبق منهم إلا نفر يقدرون بعدد الأصابع .. ولكن لم يمضي من الوقت إلا القليل حتى تركوني وحيدا ـ وهذا ما لم أصدقه ـ ربما لا تتصورون ما جرى علي في تلك اللحظات .. فلم أكن أتوقع منهم هذا الجفاء .. أولادي .. بناتي .. زوجتي وكذلك أصدقائي المقربين الذين لم أبخل عليهم بالمودة .. لكنهم سرعان ما انصرفوا وتركوني وحيدا !! وددت لو أصرخ فيهم :
" أين تذهبون !! ابقوا معي .. لا تتركوني وحيدا ".. في تلك الأثناء سمعت مناديا ينادي في الناس : توالدوا للموت .. واجمعوا للفناء .. وابنوا للخراب .. ولكن للأسف فقد كانوا في واد آخر محرومين من الإستماع لهذا النداء .. ولما عرفت أن الناس قد خرجوا من المقبرة ناديتهم : اذهبوا .. ولكن اعلموا بأنكم ستنزلون التراب يوما صدقتم أم لم تصدقوا .. شئتم أم أبيتم .. اعلموا فوالله لا يؤخر الأجل .
بعد كل ذلك الصراخ والعويل رجعت إلى نفسي فوجدت أن كل ما بقي لي هو قبر مظلم موحش مهول يثير الغموم .. فاستحوذت علي الرهبة .. أخذت أفكر مع نفسي : وكأنهم قد قذفوا في فؤادي كل ما في أفئدة الأرض من غموم وكل ما في الدنيا من قلق .. وأنه غم ورعب لو نزل على بدن الإنسان لأهلكه .. ونتيجة لذلك الضغط النفسي بكيت وسالت دموعي ساعات وساعات .
أخذت أتذكر أعمالي فأدركت قلة بضاعتي .. فتمنيت لو عدت مع الذين كانوا قد اجتمعوا على قبري .. كي أقضي عمري بالعبادة وإحياء الليل والأعمال الصالحة وأنفق ما كنت جمعته خلال السنوات الأخيرة من عمري على الفقراء .. ليتني ... ليتني .!!
جاء رومان
وأنا غارق في بحر أفكاري ارتفع صوت من يسار القبر : إنك تتمنى العودة عبثا .. فقد أغلقت صحيفة حياتك !! فرعبت لذلك الصوت في تلك الظلمة وكأن أحدا قد دخل القبر فسألته بصوت مهزوز :
ـ من أنت !!
فأجاب :
ـ أنا رومان من ملائكة الله .
قلت : لعلك عرفت ما يدور بذهني !!
قال : نعم .
قلت : أقسم لو تركتني أعود إلى ذلك العالم لن أعصي الله أبدا وأعمل على كسب رضاه .. اليوم حيث انصرف عني كل من أعرفهم بل وحتى أفراد أسرتي وتركوني .. أدركت غدر الدنيا .. فاطمئن إذا رجعت إلى الدنيا لن أغفل لحظة واحدة عن طاعة خالقي وعبادته !!
قال : إنها كلمة هو قائلها .. لكن اعلم أن الواقع غير ما تتمناه لا بد أن تمكث في البرزخ من الآن وحتى قيام الساعة .
بعد ذلك باشر بإحصاء أعمالي الصالحة والطالحة تلك الأعمال التي ارتكبتها طيلة حياتي وسجلها الكرام الكاتبين .
عجبا لها من صحيفة تضم حتى أصغر أعمالي صالحها وقبيحها , وفي تلك اللحظات شاهدت أعمالي أمام عيني .
كنت أفكر بثقل أعمالي وخفتها فبادر (( رومان )) إلى تعليق صحيفة أعمالي في رقبتي بحيث شعرت وكأن جبال الدنيا كلها علقت في عنقي .
ولما أردت أن أسأله عن السبب في ذلك , قال : كل إنسان يطوق بأعماله .
قلت : وإلى متى يجب أن أتحمل ثقل هذا الطوق ؟
قال : لا تقلق , بعد ذهابي سيأتي منكر ونكير للمسائلة ثم تزول هذه المشكلة عنك .
قال رومان ذلك وانصرف .
يتبع..
فطومة الحلوة
06-03-2009, 09:20 PM
... الجـــــزء الســـــادس ...
... مسائلة القبر ...
لم يمضي الكثير من الوقت على انصراف رومان فتناهت إلى مسامعي أصوات غريبة عجيبة . وأخذت الأصوات تقترب أكثر فأكثر ويزداد في نفسي الرعب والرهبة , حتى وقف أمام عيني شبحان ضخمان مذهلان وبلغ اضطرابي ذروته لما شاهدت في يد كل منهما عمودا ضخما من حديد يعجز من في الدنيا عن تحريكه , ثم فهمت أنهما منكر ونكير .
فتقدم أحدهما مني فصاح صيحة لو سمعها أهل الدنيا لماتوا.
وتصورت أن أمري قد انتهى .
وبعد لحظات تكلما وباشرا بالسؤال :
من ربك ؟ من نبيك ؟ من إمامك ؟ فتلكأ لساني لشدة الخوف والرعب , وتوقف عقلي , بالرغم من أن فهمي وعقلي ازداد عما هو في الدنيا مئات المرات لكنه قصر هنا ... كنت أعلم بنزول أعمدتهم على رأسي إن لم أجبهم , ما عساني فاعل ؟ أطرقت برأسي وأخذت بالبكاء وتهيأت لنزول الضربة .
في تلك اللحظات حيث كنت أتصور أن كل شيء قد انتهى , تعلق فؤادي برحمة الله سبحانه وشفاعة المعصومين ـ عليهم السلام ـ,
فأخذت أردد : يا أفضل خلق الله وعباده , لقد كنت طيلة عمري أطلب منكم أن تدركوني عندما أحل في قبري وليس من كرمكم التخلي عني في هذا الحال !
هنا ارتفعت أصوات أولئك بالسؤال . ولم يمضي إلا قليلا من الوقت حتى استنار قبري , وأصبح منكر ونكير أكثر شفقة فسر قلبي واطمأنت روحي وانفتح لساني , فأجبتهم بشجاعة وصوت عالي الله ربي ومحمد نبيي , وعلي وأولاده أئمتي , والقرآن كتابي , والكعبة قبلتي ... إلخ , ولقد وددت لو أعادوا السؤال كي أجيبهم بكل قوة .
وفي الوقت الذي بدأ منكر ونكير راضيان فتحا من تحت قدمي بابا إلى جهنم وقالا : لولا أنك قد أحسنت الجواب لكان مستقرك هناك . ثم أغلقوا ذلك الباب وفتحوا من أعلى رأسي بابا أطل على الجنة فبشروني بالسعادة .
ومع هبوب نسيم الجنة امتلأ قبري بالنور واتسع لحدي واسترحت قليلا .
وهنا انتابتني حالة من السرور العارم والسعادة لخلاصي من ضيق القبر وظلمته .
... الحضور عند الغربة ...
لم يستمر سروري لظفري في أول اختبار وسرعان مازال , وبزواله دخلت في حالة من الشعور بالضيق والغربة فأخذت أفكر مع نفسي : لقد كان لي في الدنيا الكثير من الأصدقاء والمعارف والأقرباء , وكانت لي بهم علاقات طيبة وحميمة , لكن يدي أصبحت صفرا منهم .
يا إلهي ! كيف أتحمل الغربة في هذه اللحظات العصيبة القاسية ؟! وهل سيستمر هم الغربة مسيطرا علي في هذا العالم ؟
أطرقت برأسي وأخذت أبكي دون اختيار مني , وما هي إلا لحظات حتى تناهى إلى مشامي عطر طيب للغاية , وأخذ يزداد ويزداد .
وفي الوقت الذي كان كتابي يثقل كاهلي رفعت رأسي بصعوبة فشاهدت رجلا يقف أمامي فأدهشني وجوده , لقد كان شابا حسن الوجه طيب الأخلاق , فمسح الدموع من عيني بيده وابتسم لي .
فبادرت بالسلام تعبيرا عن تأدبي أمامه وجلست على ركبتي أنظر مدهوشا إلى عينيه وأردد : تبارك الله أحسن الخالقين . ثم سألته بصوت واضح : من أنت حتى جئت تسليني وتصحبني في هذه اللحظات المليئة بالغربة والإضطراب ؟
فأجاب مبتسما : لست غريبا , وهذه الديار تعرفني حيث أكون رفيقا ومؤنسا في هذا الطريق الخطير .
قلت : إنه الفلاح , ولكن من أنت ؟ لا شك أنك غريب على أهل ذلك العالم , فلم أرى مثلك جمالا مدى حياتي .
فقال له ولم تزل تلك الإبتسامة مطبوعة على شفتيه : الحق معك أن لاتعرفني ! فلقد كنت في ذلك العالم قليلا ما تهتم بي . فأنا ثمرة أعمالك الصالحة وها أنت تراني بهذه الهيئة .
اسمي (( حسن )) وأنا الذي آخذ بيدك في هذا الطرق الخطر .
هذا ما لدي الآن انتظروني في الأجزاء القادمة..
همس الغلا
12-03-2009, 03:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واحشرنا معهم واهلك أعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركااته
عن جد قصة حلووووة ومؤثــــرة جدا
وفيها معلوماات حلووة اول مرة اسمعهاا
أنتظر البااقي بأحر من الجمــــر لاتطولين علينااا
ومشكووورة حبيبتي فطوومة
يعطيك ربي ألف ألف عاافية
والله يخلصناا من ظلمة وضيق القبر واللحد
موفقة لكل خير
تقبلي مروري
تحيااتي
همــــــــوسة
فطومة الحلوة
14-03-2009, 04:08 PM
أهلا حبيبتي هموووسه
نورتي يا الغالية
ان شاء الله انزل الأجزاء الجديدة بس انا انتظر يكون في تفاعل
لأن ما شاء الله المشاهدين مو شوية
واذا مروا يومين وماحد رد بحطهم لجل عيونك
كم هموسه عندنا؟؟؟ بس وحده
تحياتي..
انت ثاري
15-03-2009, 06:16 AM
اللهم صل على محمد وأل محمد وعجل فرجهم ياكريم
قريت هالقصه من قبل ووايد حلوه وحتى نهايتها حلوه ...
بارك الله فيكٍ
فطومة الحلوة
16-03-2009, 02:24 PM
بوركت اخي/اختي
{انت ثاري}
شكرًا ع المرور الحلو
فطومة الحلوة
16-03-2009, 02:30 PM
... الجـــــزء الســـــابع ...
... حضـــــور الـــــذنب ...
ثم أمرني أن أسلمه كتابي الذي بدي اليمنى . فناولته إياه وقلت : لك جزيل شكري وتقديري لأنك أنقذتني من غربتي وسترافقني وتواسيني في رحلتي هذه .
قال : سوف لن أدعك وحيدا ما استطعت , إلا ..
تغيرلون وجهي فسألته مرعوبا : وماذا ؟
قال : إلا أن يتغلب علي ذلك القادم فتبقى أنت وهو !
سألته : ومن هو ذاك ؟
قال : ن كل ما أعرفه هو أنك سلمتني صحيفة أعمالك اليمنى أما صيفة أعمالك التي في الشمال فهي مازالت معلقة في عنقك ولا تدع شيئا إلا أحصته . وهنا لك شخص آخر اسمه (( الذنب )) سيستلمها منك , فإذا ما تغلب علي ستكون رفيقه حينذاك , وإلا فإنني سأرافقك على مدى هذا الطريق المحفوف بالمخاطر .
قلت : سأعطيه الصحيفة مباشرة حتى يذهب , قال (( حسن )): إنه نتيجة أعمالك القبيحة وخطاياك ويحب البقاء عندك .
كنا مسترسلين في الحديث وإذا بي أشعر برائحة كريهة للغاية تزعجني . قد ملأت تلك الرائحة الأجواء وقطعت علينا حديثنا , وبرز في قبري شبح قبيح وكريه . ومن شدة هلعي التجأت بـ(( حسن )) وتعلقت به بقوة , وهنا أمسك ـ الذنب ـ بعنقي بيديه القذرتين الوسختين وأخذ يزمجر مقهقها : إنني سعيد يا صاحبي ... وواصل قهقهته بصوت عالي , فاستحوذ علي الرعب والخوف وعقد لساني عن الكلام واشتدت ضربات قلبي حتى فقدت الوعي . ولما أفقت وجدت رأسي في أحضان (( حسن )) ولكنني بمجرد رؤيتي لوجه حسن الملطخ بالدماء هيمن على فؤادي الحزن حيث تصورت أن ذلك الشبح القذر ـ الذنب ـ قد انتصر عليه وقهره , ولكن (( حسن )) كان يعلم بما يدور في قلبي , نظر إلي وقال بهدوء : لا تحزن , فبعد صراع وجدل شديد أعطيته كتابه وأبعدته عنك حتى حين .
ثم نهضت متكئا على كتف (( حسن )) والدموع تترقرق في أحداقي , وقلت : إنني أود أن تبقى إلى جانبي إلى الأبد , لقد أزعجني ذلك الشبح الكريه , والغربة بالنسبة لي أفضل بكثير من المكوث إلى جانبه فإذا ما جاورني الذنب سأعيش الإضطراب .
قال (( حسن )): له الحق في أن يجاورك فهذا ما أردته أنت .
قلت له متعجبا : إنني لم أدعه أبدا .
قال : على أية حال أعمالك الطالحة وذنوبك هي التي جعلته يكون هكذا ولا بد أن تراه مرة أخرى إلى جانبك .
فاعتراني الخجل لما قاله (( حسن )) واضطربت بشدة , ثم سألته مرتعدا : متى وأين ؟.
قال : ربما في الطريق الذي سنسلكه .
قلت : أي طريق , أي مسير ؟
قال : في ضوء ما بشرك به منكرونكير فإن مستقرك في بقعة تقع في وادي السلام . وعليك الإستعداد للرحيل إلى هناك .
قلت : وأين يقع وادي السلام ؟
قال : هو مكان يتمنى كل مؤمن أن يبلغه , ولابد لك من العبور من وادي برهوت كي تتطهر في الطريق من كل درن وخبث , وذلك من خلال المشقات والصعاب التي ستتجرعها وحيث تذوب خطاياك , فتبلغ مقصدك بسلام .
قلت : وما هو برهوت ؟
قال : إنه مكان يستقر فيه الكافرون والظالمون وفيه يذوقون عذاب البرزخ .
يتبع...
فطومة الحلوة
16-03-2009, 02:32 PM
... الجـــــزء الثـــــامن ...
... وادي بـــــرهـــــوت ...
خرجنا من القبر وكان (( حسن )) يتقدمني وأنا أتبعه على بعد مسافة قليلة , ولم يدع لي الخوف والرهبة لحظة أعيش فيها بأمان , وكلما تقدمنا يزداد المكان انفتاحا وتصبح المناظر أكثر دهشة .
ثم طلبت من (( حسن )) أن لا يبتعد عني وأن يكون معي جنبا إلى جنب وقدما بقدم وأن ينقل خطواته بهدوء ؟
فتوقف (( حسن )) وقال : قد أودعوك عندي كي أؤنسك وأعينك حتى تصل وادي السلام بسلام , لهذا فإنني أسيرأمامك قليلا لتعرف الطريق جيدا . وتوقف هنيئة ثم واصل كلامه قائلا : بطبيعة الحال إذا ما استطاع الذنب من خديعتك أو أجبرك على مرافقته فإننا سنصل متأخرين لا محالة .
منذ ذلك الحين ازداد اضطرابي وأخذ يتصاعد عندي احتمال ظهور الذنب من جديد .
لقد قطعنا الطريق رغم ما اعترضنا خلاله من مشاكل حتى وصلنا جبلا استطعنا بصعوبة بالغة الصعود إلى قمته , وعلى مرأى منا تبين وادي مترامي الأطراف وأجواؤه قد ملئت دخانا ونيرانا .
نظرإلي (( حسن )) وقال : هذا هو وادي برهوت وأنت ترى الآن مشهدا منه فقط .
فأمسكت بـ(( حسن )) وقلت : إنني أخاف هذا الوادي .
لنسلك طريقا أكثر أمانا منه .
توقف (( حسن )) وقال : هذا هو طريق عبورك , ولكن سوف لن أتركك ما استطعت وسأقاوم بإعانتك عند مواضع الخطر قللت كلمات (( حسن )) من اضطرابي وخوفي نوعا ما , ولكن لازلت أشعر بالقلق في داخلي .
خيم الصمت علينا للحظات : توجهت بعدها لـ(( حسن )) وقلت له : ألا يوجد طريق أكثر أمانا من هذا الطريق ؟
أدار بوجهه نحوي وقال : من الأفضل أن تعلم أن الناس جميعا سواء المؤمن أو الكافر لابد لهم من العبور يوم القيامة على جسر يسمى (( الصراط )) يشرف على النار , فمن استطاع العبور بسلام دخل الجنة وإلا فإن أدنى زلة ستؤدي إلى قعر جهنم , وفي عالم البرزخ صورة من الجنة والنار فقط ولا يمكن مقارنته بيوم القيامة العظيم , ووادي برهوت يشابه الصراط في يوم القيامة ولابد من العبور عليه حتى بلوغ وادي السلام بسلام وبكل جدارة , ولكن الويل للمثقلين ومن أحاط بهم العذاب أو التيه على أقل تقدير .
فكرت قليلا وقلت : لا حيلة أمامي ... علينا المسير على بركة الله . توجهنا نحو تلك الصحراء الشاسعة , وكلما أمعنا في المسير تأخذ حرارة الجو بالتزايد ولما وصلنا سطح الأرض ضاقت نفسي فطلبت من (( حسن )) التوقف للإستراحة لكنه رفض وواصل الطريق وقال لي : أمامنا طريق طويل وخطير فلا تضيع الوقت , فكلما أسرعنا في مسيرنا استطعنا الخلاص أسرع .
قلت : أنا لا أستطيع فقد أنهكتني شدة الحرارة , وفي تلك الحال حيث العرق يتصبب من رأسي ووجهي , سقطت على الأرض فسقاني (( حسن )) جرعة من الماء الذي كان معه , وفي الوقت الذي كان لم يزل يئن من جروحه رفعني ووضعني على ظهره وواصل الطريق .
هنا أصابني الخجل والسرور في آن واحد لأنه لم يتركني لوحدي رغم ما به من جروح وأخذ يواسيني كصديق حميم .
ونحن نسير في طريقنا لفت انتباهي صوت رهيب , فنظرت نحو الجانب الأيسر من الصحراء , فذعرت لما شاهدت مما دفعني إلى أن ألقي بنفسي من أعلى كتف (( حسن )) ودون اختيار مني احتميت به .
كان هناك شخصان عظيمي الجثة أسودين تتطاير من فمهما وأنفيهما النيران والدخان وشعرهما يخط الأرض ويحمل كل منهما عمودا ضخما من حديد .
اضطربت وقلت لـ(( حسن )) من هؤلاء ؟! ربما يتوجهان نحونا !
تبسم (( حسن )) وقال : لا تخف , فهؤلاء منكر ونكير متوجهان نحو كافر جاء لتوه من الدنيا ليسألاه كما سألاك , قلت : هؤلاء أكثر قبحا . قال : إنهما مشغولان مع كافر الآن .
مضى قليل من الوقت فسمعت صوت سقوط شيء ما هز الأرض تحت أقدامي , ولما سألت (( حسن )) عن السبب أجاب : إنها ضربة نزلت على ذلك الكافر .
من الآن فصاعدا ستسمع الكثير من هذه الأصوات التي تهز الأرض .
ان شاء الله أضع البقية غدًا...
همس الغلا
16-03-2009, 09:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واحشرنا معهم واهلك أعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركااته
ماشااء الله معلوماات اول مرة اسمعهاا عن ((حسن))
وعن وادي برهوت الذي هو اشبه بالصرااط
اللهم اجعلنا من الذين يعبرون فيه بسلام وأماان
مشكوورة فطوومة ع تنزيل باقي الأجزاء
وأنا بإنتظاار البقية بأسرع وقت
يعطيك ربي ألف عاافية
موفقة لكل خير
تقبلي مروري
تحيااتي
همــــــوسة
فطومة الحلوة
17-03-2009, 02:36 PM
يا هلا هموووس
هالقصه تحتوي معلومات مررررره حلوه
وان شاء الله الجميع يستمتع قراءتها
والحين راح انزل باقي الأجزاء
فطومة الحلوة
17-03-2009, 02:45 PM
... الجـــــزء التـــــاسع ...
... وادي سحـــــيق ...
اتخذ (( حسن )) طريقه من أعلى القمم وأحيانا بين أودية صغيرة وطويلة حتى وجدت نفسي على شفا واد سحيق وعظيم .
سألت (( حسن )): هل علينا العبور من هذا الوادي ؟
قال : نعم . وإن عبوره يستغرق وقتا طويلا فعليك الإسراع .
نظرت إلى قعر الوادي مرعوبا , لقد كان عميقا بحيث لا يرى قعره , عدت إلى (( حسن )) وقلت له : وهل حقا لا يوجد طريق آخر أكثر أمانا من هذا الوادي ؟!
مسح (( حسن )) على رأسي بيده وقال : طرق العبور في هذا الوادي كثيرة , ولكن لكل معبره الذي لابد أن يجتازه .
قلت منزعجا : وهل هذا استحقاقي في أن أعبر من مكان بحيث تعذبني النيران والدخان من الأعلى , ومن الأسفل القمم والأودية السحيقة ؟ فتبسم (( حسن )) وقال : أعلم يا صديقي أن هذا العذاب ما هو إلا مردود أعمالك القبيحة في الدنيا وإذا لم تتحمل ذلك في هذا الطريق لن تصل إلى وادي السلام أبدا , فقد سجل عليك أدنى قبيح عملته في الدنيا وهذا جزاؤه .
نظرا لما تعتريني من لهفة لوصول وادي السلام فقد أذعنت لمواصلة الطريق بهدوء وأخذت بالمسير خلف (( حسن )) ودخلت ذلك الوادي .
انهمكنا بالمسير داخل الوادي ولم يلح بالأفق ما يدل على انتهائه , وكنت أفكر في أن عمق الوادي دليل على عظمة ذنوبي ... هنا انتبهت إلى نفسي حين سماعي لصوت انهيار الأحجار من أعلى الوادي .
فالتحقت بـ(( حسن )) فورا كي يعينني إذا واجهتني مشكلة . كنت مضطربا مرعوبا تكاد عيوني تخرج من أحداقي , فشاهدت رجلا يسقط مع أحجار صغيرة وكبيرة إلى قعر الوادي .
فأشار إلي (( حسن )) وقال : لا تنظر إلى الأسفل بل أنظر إلى أعلى الوادي فشاهدت شبحا ضخما أسودا يضحك بصوت عالي وقف على أعلى الوادي .
قال (( حسن )): هذا الشبح هو ذنوب ذلك الرجل الذي سقط , ولقوتها فقد تغلبت على حسناته فألقتها في قعر الوادي . هنا وضع (( حسن )) يده على كتفي وقال : هذه عاقبة اتباع الهوى .
لما سمعت هذا الكلام استحوذ علي الخوف من ذنوبي وإمكانية غلبتها علي في أية لحظة .
بعد قطعنا لطريق طويل وصلنا أخيرا إلى نهاية الوادي , شاهدت ذلك الرجل ملقى على الأرض وكان رفيقه ـ أي حسن ـ ضعيفا وواهنا بحيث أنه كلما حاول حمله على كتفه لم يستطع .
طلبت من (( حسن )) أن يساعده فاعتذر قائلا : إنني مكلف بمرافقتك ,{ ولا تزر وازرة وزر أخرى }.
قلت : لكننا كنا في الدنيا يعين بعضنا البعض !
قال حسن : في هذا العالم كل يتحمل وزر أعماله , ولست أشفع له إذا استحق الشفاعة , وعليك الدعاء أن يكون من محبي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ عسى أن تناله شفاعتهم .
حركت رأسي متحسرا ودعوت أن يكون كذلك .
ربما استغرق قطعنا للطريق ساعات طوال من ساعات الدنيا حتى وصلنا طريقا ينتهي إلى الأعلى . هنا التفت (( حسن )) نحوي وقال : استعد للصعود إلى أعلى هذا الوادي الخطير .
ألقيت ببصري نحو الأعلى وكلما نظرت لم أستطع تخمين ما تبقى حتى نهاية الطريق . فأصابني الإحباط لأنني مضطر لقطع هذا الطريق الطويل , ولكن لا حيلة لي سوى ذلك من أجل الوصول إلى وادي السلام .
بعد تحمل المشقات والكثير من الصعاب وصلنا أخيرا إلى قمة الوادي . تمنيت أن لا تعترضنا مثل هذه المعوقات . وبعد قليل من الإستراحة واصلنا طريقنا باتجاه وادي السلام .
بعد قليل من المسير شاهدت طائرا ضخما يحلق على مقربة من الأرض , فقال (( حسن )): أتريد أن تشاهد منظرا مثيرا ؟
قلت : طبعا
قال : حسنا فانظر إلى ما يقوم به هذا الطائر .
حط الطائر قريبا من صخرة وألقى بقسم من بدن رجل خارج منقاره ثم طار وعاد بعد قليل ليلقي بقسم آخر من الجسد وهكذا كررها أربع مرات حتى ظهر هيكل رجل مزعج وقبيح للغاية .
حاولت أن أسأل (( حسن )) لكنه أشار علي بالسكوت ومتابعة الحدث .
ثم ابتلع الطائر قسما من جسد ذلك الرجل وطار وكرر ذلك أربعا حتى لم يبقى أثر للرجل .
التفت إلي (( حسن )) وقلت له : حسنا الآن قل لي ما معنى هذا العمل , من كان ذلك الرجل ؟
قال : إنه أشقى الأشقياء عبد الرحمن ابن ملجم المرادي وسيبقى في هذ العذاب إلى يوم القيامة .
سألته : ومن أين جاء به هذا الطائر وأين ذهب به ؟
أجاب : مستقره في وادي عذاب .
سألته مدهوشا : وأين هو وادي عذاب ؟
قال : إنه جانب من وادي برهوت يتعذب فيه الكافرون والمنافقون وإني أتمنى أن لا يكون مرورنا منه . وبدوري تمنيت ذلك وأنا أشعر بالخوف يهيمن على وجودي
يتبع..
فطومة الحلوة
17-03-2009, 02:47 PM
... الجـــــزء العـــــاشر ...
... هـــــدية مـــــن الدنيـــــا ...
بعد قطعنا الطريق الطويل جدا وصلنا إلى واد خطير ورهيب للغاية . فأصابتني رعدة خوفا من أن يطل الذنب مرة أخرى من مكمنه ويداهمني . توقفت وأخذت أفكر بالمصاعب الكثيرة التي كنت ألاقيها في طريقي , عاد إلي (( حسن )) وقال : لم توقفت ؟ هيا نتحرك .
قلت : إنني أخاف . قال : لا مفر لك , لابد من السير .
تحركت نحو الأسفل مضطربا , وما أن سرت خطوات من شفير الوادي نحو الأسفل حتى أطل من الجانب الآخر للوادي مخلوق نوراني له جناح وفي طرفة عين جاء عند (( حسن )) وبعد أن استفسر عن أحوالي سلمه رسالة ثم ودعنا وعاد مسرعا . وبعد أن قرأ (( حسن )) الرسالة وضعها في صحيفة أعمالي والتفت إلي وقال : أبشرك , فسألته مندهشا : ما الأمر ؟ قال : بعث أهل بيتك وأصدقاؤك بهدية إليك وجاء بها هذا الملك إليك وسيقلل من همك وغمك بمقدارها .
قلت : وكيف ؟ قال (( حسن )) وهو يشير إلى ذلك الوادي الرهيب : سوف لن نعبر من هذا الوادي نتيجة لهذه الهدية التي هي عبارة عن تلاوة للقرآن وإقامة مجلس تذكر فيه مصيبة الحسين بن علي ـ عليهما السلام ـ والدموع التي أهيلت من أجله .
سررت لهذا الخبر ودعوت لهم جميعا بالمغفرة . ثم عدنا أدراجنا من ذلك الطريق الذي قطعناه وسلكنا طريقا أكثر يسرا
... أوديـــــة الإرتـــــداد ...
بعد قليل وصلنا معبرا ضيقا على جانبيه أودية رهيبة , وكأن (( حسن )) كان ينتظر سؤالا مني فالتفت إلي قائلا : هذه الأودية الموحشة هي أودية الإرتداد ويستغرق الوصول إلى قعرها سنوات متمادية من سني الدنيا .
وفي قعرها أفران من النار هي صورة لنار جهنم , وأولئك القابعون فيها سيبقون فيها إلى يوم القيامة .
سيطرت علي الرهبة بحيث بركت في مكاني دون وعي مني . فرفعني (( حسن )) من مكاني وقال : ركز نظرك علي ولا تنظر إلى قعر الوادي أبدا . وهكذا تجرأت على السير في هذا الطريق الموحش .
في غضون ذلك عمت الوادي صرخة رهيبة فالتفت إلى الخلف فشاهدت رجلا يسقط إلى قعر الوادي , وفي وسط صرخاته وعويله الذي هز فؤادي , سمعت صوت ذنوبه .
كان (( حسن )) يشاهد المنظر مثلي فقال : إنه تعيس , فقد قطع الطريق إلى هنا بسلام , لكنه سيمكث في قعر الوادي حتى قيام الساعة . فسألته متعجبا : ولماذا ؟
قال إنه ارتد بعد سنين من إيمانه . ثم أخذت أدقق كثيرا في طريقي وكنت أضع قدمي في موطأ قدم (( حسن )) خشية السقوط .
ورغم زلات قدمي أحيانا لكننا قطعنا ذلك الطريق الشاق الصعب بسلام , ووضعنا أقدامنا في طريق ضيق كثير المنعطفات تحيط به تلال عالية ومنخفضة , وكان العبور منه محفوفا بالقلق والإضطراب
... خـــــدعة ...
كان (( حسن )) يواصل طريقه وأنا أتبعه بكل لهفة ولكن بقلب مضطرب . وصلنا مفترق طريقين فتوجه (( حسن )) نحو اليمين , غير أن يدا سوداء ضخمة كمت فمي وعيني ونتيجة للرائحة الكريهه التي كانت تنبعث منها عرفت أن ذلك هو الذنب .
حاولت إزاحة تلك اليد السوداء المغطاة بالشعر وحينما أفلحت واجهني شبح ذلك الذنب القبيح .
أصابني الذعر فحاولت الفرار واللحاق بـ(( حسن )) غير أن الذنب سحب يدي بقوة وقال : هل نسيت عهدك ؟
فأجبته مذعورا : أي عهد هذا ؟
قال : لقد كنت في الدنيا تصحبني , وعاهدتني أن نكون معا في هذا العالم أيضا , قلت : إنني لا أعرفك أبدا , قال : إنك تعرفني جيدا لكنك لم ترى صورتي ,. الآن وقد تفتحت رؤيتك وأخذت تشاهدني . قلت : حسنا , ماذا تريد مني الآن ؟ قال : إني ألاحقكم منذ بداية الرحلة وحتى الآن , وقد حاولت اللحاق بك في وادي الإرتداد فلم أفلح .
قلت : وماذا كنت تريد مني هناك ؟
قال : أردت المرور بك من ذلك الوادي .
فصرخت منزعجا : يعني إنك كنت ترد تكبيلي حتى قيام الساعة !
قال : كلا لقد كنت أريد إيصالك إلى مرامك بأسرع وقت , ولكن لا بأس , فإنني أعرف طريقا سهلا لا يعرف به أي شخص آخر .
قلت : وحتى (( حسن ))؟
قال : كن على ثقة لو كان على علم به لما أخذ بيدك عبر هذا الطريق الصعب , وهنا تذكرت (( حسن )) حيث تقدمني متصورا أنني أسير خلفه .
ضاق صدري وطلبت من (( الذنب )) أن يتركني , لكنه في هذه المرة هددني واحمرت عيناه فأصبحتا كبؤرتي دم وقال : إما أن تأتي معي أو أعيدك إلى حيث جئت .
لما سمعت هذا الكلام ارتعد بدني واضطررت لمرافقته شريطة أن أتقدمه وهو يدلني من خلفي لأن مجرد رؤيته كانت تمثل عذابا بالنسبة لي .
وهكذا تقدمت في الطريق المتجه يسارا وبعد فترة من المسير وصلنا كهفا كبيرا , ودون أن ألتفت إليه سألت الذنب : ما العمل ؟
قال : إنك ترى أنه لا طريق آخر أمامنا ولابد لنا من المرور من داخل الكهف .
دخلت الكهف لكن ظلمته التي تفوق التصور أرعبتني فسمعت صوت الذنب وهو يصرخ : لماذا توقفت ؟ الطريق ممهد ويخلو من الأخطار . واصل طريقك براحة بال .
تقدمت خطوات ثم توقفت ونظرت إلى ما حولي فلم يعد باب الكهف يرى .
كان الظلام يخيم على كل شيء , فخيم رعب عجيب على كياني , فناديت الذنب لكنني لم أسمع جوابا , ثم ناديت مرعوبا لكنني لم أسمع سوى صدى صوتي .
لم تنفك عني الرهبة والإضطراب , فأدرت برأسي لأرى ما يحيط بي لعلي أعثر على منفذ للهروب , لكنني لا أعرف أين بداية الكهف ولا نهايته .
جلست متحيرا نادما غمر قلبي الحزن والألم وبكيت لفراق صديقي الحميم الوفي (( حسن )) وإذا بي في تلك الأثناء أسمع صوت شخص يمر قد نبهني , ففتحت مسامعي عسى أن أعرف جهة الصوت , فانشرح فؤادي لعطر (( حسن )) الأخاذ , فترقرقت في عيوني دموع الشوق .
فتحت ذراعي وضممته إلي مسرورا ورويت له ما جرى لئلا ينزعج مني . فقال (( حسن )): لما شعرت بعدم وجودك على أثري رجعت من نفس الطريق وعرفت بالأمر من خلال الرائحة الكريهه التي كانت تنبعث من الطريق المتجه نحو اليسار فسرت في نفس الإتجاه لكنني لم أعثر عليك رغم بحثي عنك , حتى وصلت قرب الغار فشاهدت الذنب ولما رآني ولى هاربا . حينها عرفت أنه قد خدعك , وعندما دخلت الكهف سمعت عن بعد صوت بكاء ونحيب فسررت وأسرعت نحوك .
يتبع غدًا..
فطومة الحلوة
18-03-2009, 02:37 PM
... الجـــــزء الحـــــادي عشـــــر ...
... التوبـــــة ...
وبعد صمت واصل (( حسن )): لقد كان هذا الطريق مقدر لك سلفا لكن جرى استثناؤه وذلك لتوبتك , رغم محاولات الذنب في إعادتك إلى ذلك الطريق .
قلت : لقد كانت توبتي من الذنوب الكثيرة التي ارتكبتها صغيرها وكبيرها . قال : إنه طريق رهيب للغاية كان عليك قطعه لولا توبتك وهو بالإضافة إلى طوله ومنعطفاته ومعابره الضيقة والمظلمة , فإنك لا تأمن ما فيه من حيوانات وحشية , ثم أخذ (( حسن )) بيدي وقال : هيا بنا نعود إلى طريقنا السابق .
قطعنا ما تبقى من الطريق حتى وصلنا مكانا فسيحا يشبه المستنقع ولما وضعت قدمي بركت فيه حتى الركبة . وكان (( حسن )) يسير بسهولة , فلما رآني تراجع إلى الخلف وطلب مني أن أمسك بيدي على رقبته ليعينني . غطست في المستنقع حتى فمي ولم تعد لدي إمكانية الصراخ وطلب المعونة , وإذا بذلك الملك يطل علينا وناول (( حسن )) حبلا وقال له : هذا الحبل كان هو قد أرسله سلفا فأعنه كي يتخلص . ذهب الملك وألقى (( حسن )) بالحبل إلي فاستطعت الإمساك بالحبل والتخلص من تلك الهلكة , ولما تجاوزنا المستنقع سألت (( حسن )): ما هو مراد الملك من القول : هذا الحبل كان هو قد أرسله ؟
قال (( حسن )): لو أنك تتذكر , قبل عشر سنوات من موتك قمت بتشييد مدرسة يتعلم فيها الأطفال الآن , فخيراتها هي التي أدت إلى خلاصك من هذه المحنة وحضرت عندك لتنقذك .
أيدت ما قاله (( حسن )) ثم قلت متبخترا : قبل خمس سنوات قمت بتشييد مسجد , فأين أصبحت خيراته ؟ ابتسم (( حسن )) وقال : بما أن بناءك للمسجد كان رياء , من أجل الشهرة وليس في سبيل الله فإنك قد تلقيت الأجر من الناس . قلت : وأي أجر ؟
قال : المدح والثناء من قبل الناس , تذكر ما كان يدور في قلبك حينما كان يمدحك الناس , لقد كنت تقدم رضاهم على رضا ربك , واعلم أن الله إنما يتقبل الأعمال التي تؤدى لأجله وحسب .
استحوذت علي حالة من الحسرة والندامة من ناحية , ومن ناحية أخرى شعرت بالخجل وأخذت بتوبيخ نفسي , أرأيت كيف ضيعت أعمالك بالرياء وحب الذات في حين كان باستطاعتها إغاثتك في مثل هذا اليوم ؟.
... موكـــــب الشهـــــداء ...
(( طوبى لأولئك الذين مضوا شهداء فلا تفكروا بمنزلتهم فإن أفكاركم قاصرة عن بلوغ ذلك , بل فكروا بطريقهم وهدفهم ))
واصلنا سيرنا في وسط صحراء مترامية الأطراف , ولم تخف حرارة الجو أبدا , واستولى علي الإرهاق ولم تبقى في قدرة على مواصلة الطريق .
في تلك الأثناء سمعت أصواتا فأدرت برأسي نحو يمين الصحراء , فشاهدت منظرا مثيرا , إذ رأيت مجموعة من الناس قد اخترقت الصحراء ومضت بسرعة فائقة ولم يخلفوا وراءهم سوى الغبار , فتوقفت متعجبا وأخذت أنظر إلى الغبار المتطاير , ثم حركني (( حسن )) فانتبهت على نفسي , وأردت أن أسأله فسبقني (( حسن )) وقال : هل شاهدت المنظر ؟, قلت : ومن هؤلاء ؟
قال : هؤلاء زمرة من الشهداء .
قلت مذهولا : الشهداء ؟
قال : نعم الشهداء .
قلت : وأين يريدون ؟
قال : وادي السلام .
فأدرت برأسي نحو (( حسن )) متعجبا وقلت وادي السلام !
قال : نعم وادي السلام .
قلت : لقد ذللنا هذه المسافة الطويلة بما فيها من مشقات ومحن كي نسعد يوما بالوصول لوادي السلام , وها أنت تقول أن هؤلاء يتوجهون نحو وادي السلام بهذه السرعة , فهل هنالك فارق بيننا وبينهم ؟
فطبعت ابتسامة على وجه (( حسن )) وقال : بينك وبينهم فرق بين السماء والأرض ثم واصل كلامه : لقد عبدت الله في الدنيا على عجل فعليك الآن أن تقطع الطريق بمشقة وصعوبة , أين أنت من الشهداء فالشهيد تغفر ذنوبه بمجرد أن تسقط أول قطرة من دمه على الأرض وتذلل له الطرق .
وفي يوم القيامة أيضا أول من يدخل الجنة الشهداء , فإنهم قطعوا طريق مائة عام في ليلة واحدة , وها هم اليوم يقطعون وادي برهوت في طرفة عين .
فغبطت الشهداء على منزلتهم وأخذت أردد : طوبى لهم حسن مآب .
تابع..
فطومة الحلوة
18-03-2009, 02:40 PM
... الجـــــزء الثانـــــي عشـــــر ...
... نيـــــران الحســـــرة ...
لشدة ما انتابتني من حسرة وغم جلست وأخذت أحدث نفسي : أية درجة ومنزلة هذه منذ مدة وأنا أدور في هذه الصحراء وواجهت الكثير من العوائق والمصاعب ولازلت لم أصل بعد إلى نتيجة .
لكن هؤلاء بلغوا مقصدهم بهذه السرعة , فحقا طوبى لأولئك مضوا شهداء .
سالت الدموع على وجنتي وبلغت روحي حنجرتي .
بكيت وبكيت بصوت عال حتى أخرجت ما في فؤادي من عقد الدنيا ... لكن الحسرة والغبطة لموكب الشهداء بقيت في قلبي , وهل يمحوها البكاء ؟
جاءني (( حسن )) بهدوء وأخذ يهدئ من روعي ويشجعني على مواصلة الطريق الذي كان طويلا مضنيا .
رغم قطعنا لمسافة طويلة من الطريق لكن لم تلح في الأفق نهاية الصحراء .
وعلى بعد رأيت عمودا أسودا ما بين عمق الأرض والسماء يتصل بنيران السماء ودخانها وهو يتحرك , ولما اقترب ظهر أنه يشبه الغبار يدور حول نفسه , ولما رأيته التصقت بـ(( حسن )) ولفني الرعب والهلع فسألته : ما هذا العمود ؟
قال : إنه غبار الشهوات يدور حول نفسه بسرعة مذهلة .
قلت له مضطربا : وما العمل في هذه الحالة ؟ فالغبار يتجه نحونا بسرعة لا توصف وهو يلف كل ما يحيط به .
قال (( حسن )): أحط بيديك حول ظهري , وانتبه لئلا يفصلك الغبار عني .
أخذ الغبار يقترب منا شيئا فشيئا بصوت المرعب , وأخذ اضطرابي يزداد ويزداد حتى أصبح الجو مظلما خلال طرفة عين .
لقد أحاط بنا الغبار وحاول لفنا إليه غير أن (( حسن )) قد التصق بالأرض كالطود , وقد استطعت السيطرة على نفسي بصعوبة بالغة في حين قبضت بيدي على ظهر (( حسن )).
كنت بين الحين والآخر أسمع صوت (( حسن )) وسط ضجيج الغبار وهو ينادي : انتبه لا يفرقك الغبار عني !
كانت لحظات غاية في الصعوبة وكنت أخشى أن يفرقني الغبار عن (( حسن )) لقد وهنت يداي وتثاقلت أذناي فلم أعد أسمع صوت (( حسن )).
وفجأة فلتت يداي عن (( حسن )) وبطرفة عين ابتعدت عن (( حسن )) عدة كيلومترات وألقى بي نحو الأعلى .
كان الغبار يدور ولشدة الضجيج وارتفاع درجات الحرارة فقدت الوعي , ولما فتحت عيني شاهدت الشبح الأسود الموحش للذنب واقفا فوق رأسي وكانت رائحته الكريهة تؤذيني فنهضت بسرعة وحينما حاولت الهرب قبض على يدي بقوة وجذبني نحوه وقال : إلى أين أيها الصديق عديم الوفاء ؟ أتفضل مرافقة (( حسن )) على مرافقتي ؟ في حين أنك اخترتني رفيقا في الدنيا .
نظرت إلى وجه الذنب نظرة سريعة فلمست أن هيكله قد صغر قليلا .
ودون أن أنتبه إلى كلامه سألته : ما الخبر , فقد أصبحت ضعيفا ونحيفا ؟
قال منزعجا : كل ما أتجرعه هو بسبب (( حسن )).
فسألته متعجبا : بسبب (( حسن ))؟
قال : نعم , فلقد فرقك عني ليؤذيك قليلا من خلال مرورك من طرق معقدة وصعبة .
قلت : حسنا , وما علاقة أذيتي بضعفك ؟ فأجاب منزعجا : كلما يزداد عذابك يصيبني الضعف أكثر فأكثر وتذوب لحوم بدني وإذا ما وصلت إلى وادي السلام لن يبقى لي أثر , ثم عظ على نواجذه وقال : الآن الدور لي فلابد أن ترافقني .
... إلـــــى النـــــار ...
وأنا أرتعش من شدة الخوف والرهبة , سألته : إلى أين ؟ فأشار الذنب إلى جبل إلى يساره وقال : خلف هذا الجبل هنالك وادي جميل أود أن تبقى فيه إلى يوم القيامة .
كنت أعلم أن لا جدوى من العناد واللف والدوران , فسرت في الطريق الذي أشار إليه , فتقدم هو مسرورا عجولا وبين الحين والآخر يلتفت ويشجعني على مواصلة الطريق .
وبالرغم من أنني لم أرى خيرا من الذنب وبشاراته المتكررة وسروره الغير مبرر حفزني على الإستمرار في المسير .
أخذت أفكر مع نفسي عسى أن ألتقي بـ(( حسن )) خلف الجبل , ولعل وادي السلام يقع خلف الجبل وأن الغبار قد أدناني منه , ولكن هل يمكن الوصول إلى وادي السلام بدون (( حسن ))؟
قطعنا منتصف الجبل فتناهت إلى مسامعي أصوات نحيب , فواصلت الطريق دون أن أكترث لها , وكلما اقتربنا من قمة الجبل يزداد صوت النحيب حتى استحوذ علي الحوف والرعب فتوقفت وقلت للذنب : ما هذه الأصوات التي أسمعها , فأجاب الذنب مضطربا : أية أصوات ؟
قلت : هذه الأصوات والصرخات التي تصدر من خلف هذا الجبل فتقطع فؤادي .
قال الذنب : إنني لا أسمع صوتا لعلها هلاهل وأفراح أهالي تلك المنطقة المنعمين .
فقلت له : إنني أسمع أصواتا وصرخات أشبه ما تكون بالصياح والعويل .
فقال الذنب : قلت لك إنني لا أسمع صوتا فلا تضيع الوقت بلا داعي , واصل الطريق بسرعة فالوقت ضيق والطريق طويل .
هنا فهمت أن الذنب يخفي شيئا وهو يتظاهر بعدم السماع , ولم يكن هنالك من مناص فلقد أبعدني الغبار عن (( حسن )) وأصبحت الآن أسيرا بيد الذنب , يا ليتني لم أترك (( حسن )) لكن الغبار كان من القوة بحيث أبعدني عنه .
كنت أسير خلف الذنب بين طيات الجبل يعتريني الشك والتردد وإذا بي أسمع صوت (( حسن )) وهو يصيح بي : قف جانبا , ففعلت وإذا بصخرة كبيرة تسقط على رأس الذنب ألقت به في قعر الوادي .
عندما شاهدت (( حسن )) مقبلا علي من أعلى الجبل واحتضنني , سررت لرؤية ذلك الوجه الجميل والعطر الفواح ووضعت رأسي على كتفه وأخذت أبكي .
قال لي (( حسن )) وهو يمسح دموعي والبسمة ترتسم على شفتيه : ماذا تفعل هنا يا صديقي ؟ أتدري أين أنت الآن ؟
قلت : كلا , فهز (( حسن )) رأسه وقال : إنك على شفا وادي العذاب , لقد سمعت بإسم هذا الوادي سابقا من (( حسن )) لكنني لم أصدق أبدا أنني سأقترب من هذا الواد الخطير , طلبت من (( حسن )) أن يحدثني عن هذا الوادي فاستجاب لي وقال : إنه مستقر الذين يعجزون عن العبور من برهوت ولن تكون لهم القدرة على العبور من الصراط يوم القيامة وبالتالي فإنهم سيسقطون في قعر جهنم , وهنا تلفحهم نفحة من نيران جهنم , أما في القيامة فإنهم سيستقرون فيها .
لقد أرعبني اسم وادي العذاب ووقوفي على شفيره , وبعد أن هون (( حسن )) من روعي دعاني للإستراحة قليلا لرفع التعب .
أحبتي الأعضاء نظرا لطول الجزء الثاني عشر قررت أن أجعله قسمين ولقد كتبت القسم الأول الآن وإن شاء الله سوف أكتب لكم القسم الثاني غدا
نسايم
18-03-2009, 04:40 PM
الشكر الجزيل لمجهودك الرائع اخيتي الفاضلة
بانتظار المزيد من مشاركاتك المتميزة
فطومة الحلوة
18-03-2009, 05:38 PM
الله يسلمك نسايم
وكلنا بخدمة هـ المنتدى العزيز علينا وبخدمة اعضاءه
تقبلي مودتي
فطومة الحلوة
19-03-2009, 01:31 PM
... تكملة الجـــــزء الثانـــــي عشـــــر ...
... عـــــذاب مجـــــرم فـــــي البـــــرزخ ...
في تلك الأثناء ووسط صراخ المعذبين سمعت صراخا يقترب منا وبعد لحظات أصبح الصوت أكثر وضوحا وإن صاحبه يئن أنينا يقطع الفؤاد وهو يشتكي العطش فأصابني الهلع وتوجهت نحو (( حسن )) لأسأله : ما هذا الصوت ؟
نظر (( حسن )) إلي بوجهه الرؤوف وقال : أنظر إلى أعلى الجبل واحتفظ بهدوءك , ولما نظرت إلى قمة الجبل شاهدت رجلا كبل عنقه بالسلاسل وأخذ بأطراف السلسة رجلان قبيحا الخلقة ضخما البنية , وكان ذلك الرجل يئن من العطش ويتلفت هنا وهناك .
عندما شاهدنا أسرع نحونا ومن شدة خوفي احتميت بـ(( حسن )) وسألته بهمس من هذا ؟
قال (( حسن )): إنه من كبار القابعين في برهوت وهو الآن يذوق العذاب في وادي العذاب . هكذا أخذ يقترب منا ومد يده كالمتسول طالبا الماء , ولما وصل على بعد خطوات من (( حسن )) سحب المكلفون به السلاسل ومنعوه من التقرب كان يبكي ويهمل الدموع وتقدم من (( حسن )) طالبا جرعة ماء , لكن (( حسن )) امتنع , غير أنه واصل توسله , فسأله (( حسن )): أو ليس لك رفيق اسمه حسن ؟
فأطرق برأسه وقال : أي صديق وأي حسن ؟ إن ذنبي هو رفيقي أودعني منذ البداية بيد ملائكة العذاب وانصرف وعلي الآن البقاء حتى يوم القيامة أعاني من العطش وأبقى مقيدا بالأغلال والسلاسل .
فقال له (( حسن )) مستهزئا : إذن فادعو ربك ليعجل بيوم القيامة , كي تتخلص من هذا العذاب , فنهض من مكانه وأخذ يصرخ : كلا ... كلا فإننا في وادي العذاب لا نريد أن تقوم القيامة , فقد أرهقنا ما في البرزخ من عذاب قليل فكيف الحال من عذاب جهنم ... ثم أغمي عليه , فانهال عليه ملائكة العذاب ضربا بأعمدة الحديد المشتعلة , وفجأة قفز من مكانه وأخذ يرغو كرغو الكلب *** واشتعل جسده نارا ثم بدأ يحفص بأقدامه وألسنة النيران تتصاعد من جسده وصوته يهز الأرض .
وهكذا أعاده ملائكة العذاب على تلك الحال يجرونه إلى وادي العذاب , ورغم سعادتي للتعذيب الذي يتعرض له مثل هؤلاء غير أنني كنت أشعر برعشة شديدة في بدني , فوضع (( حسن )) يده بهدوء على كتفي وقال : لا عليك فإنه يستحق مثل هذا العذاب .
هيا بنا فالطريق طويل والغبار ألقى بك في مكان خطير وموحش , وإذا سرت خطوات نحو الأعلى سترى براكين من النيران تغلي وتلقي بألسنة النيران على الأرض , وأهلها قد توقفوا عن الحركة وعليهم تجرع ذلك حتى يوم القيامة , وأمثال ذلك الرجل كثيرون ولا شك في أنك ستصاب بالخوف والرهبة لمشاهدتك إياهم إذن من الأفضل أن لا نسير نحو الأعلى .
قلت : رغم علمي أن الأمر كذلك لكنه مليء بالعبر ولو استطعت لألقيت عليهم نظرة عابرة .
رد علي (( حسن )): كما قلت لك هذا المكان موحش للغاية , وإن بعض أنواع العذاب يوم القيامة تبدو هنا مصغرة ومخففة وتنال المستحقين , ومع ذلك فلا طاقة لك على تحمل رؤيتها , إذا تحليت بالصبر فإننا سنمر على جانب من برهوت وهناك الكثير من المذنبين الذين عجزوا عن مواصلة الطريق وأحاط بهم العذاب رغم التفاؤل بخلاصهم يوما ما , وهناك بإمكانك مشاهدة بعض المعذبين , استجبت له وواصلنا طريقنا على سفح الجبل .
... ذوبـــــان الذنـــــوب ...
ونحن نطوي الطريق حدثت (( حسن )) بقضية نحول الذنب , فضحك (( حسن )) وقال : الحق مع الذنب إذا ما ضعف لأن بدنه كان في الدنيا أضخم مما عليه الآن وإن ما تجرعته من مصائب في الدنيا وصبرك عليها والعذاب الذي تجرعته حين الموت هو الذي أنهك قواه .
وبالرغم من أن تذكر الإبتلاءات والمصائب التي تعرضت لها في الدنيا كان صعبا مرهقا بالنسبة لي إلا أنني كنت مسرورا وفرحا لأن ذلك حد من قوة ذنبي .
قطعنا شوطا طويلا , ورغم عدم جرأتي على النظر إلى الجانب الآخر من الجبل غير أن صياح أهل الوادي وصراخهم لم يدعني أهدأ أبدا .
تابع..
فطومة الحلوة
19-03-2009, 01:36 PM
... الجـــــزء الثالـــــث عشـــــر ...
... فـــــي قبضـــــة الذنـــــب ...
لقد كانت مواصلة الطريق صعبة للغاية , لكنني كنت أسير مستعينا بـ(( حسن )) وفجأة وقع بصري نحو قعر الجبل فذهلت حيث شاهدت هيكلا ضخما يحمل شخصا مكبل اليدين والرجلين وهو غير آبه بعويله وصراخه متوجها به نحو أعلى الجبل .
عرفت أن هذا الهيكل هو ذنب ذلك الشخص , وشاهدت (( حسن )) واقفا مثلي يراقب المنظر , لم يقترب ذلك الهيكل الأسود منا بعد وإذا بملائكة العذاب أطلوا من خلف الجبل يحملون معهم الأغلال كأنهم على علم بمجيء هذا الشخص . وعندما وصل الذنب لهم ألقى بذلك المسكين وعاد إلى حيث أتى ضاحكا بصوت عال , فتناول الملائكة ذلك الشخص وكبلوا رجليه بالسلاسل وسحبوه نحو وادي العذاب يضربون به الصخور .
دنا (( حسن )) مني وقال : هذا هو مصير الكافرين , ثم ضرب بيده على كتفي وقال : هيا بنا فالطريق صعب وطويل .
... نـــــور الإيمـــــان ...
السلسلة الجبلية التي كنا نسير في سفحها كانت تعلو جبلا تتصاعد منه النيران وتتصل بعنان السماء وقد سدت الطريق أمام العابرين , شعرت بأن بلاءا جديدا قد برز أمامنا , فدنوت من (( حسن )) مضطربا مرعوبا وقلت له : يبدو أننا وصلنا طريقا مسدودا , والطريق موصد أمامنا , قال لي (( حسن )) وهو يواصل طريقه : لا بأس عليك وتعال معي فهنالك كهوف صغيرة وقصيرة في هذا الجبل علينا أن نعبر أحدها لتدرك قوة إيمانك , فسلته متعجبا : قوة إيماني ؟
قال : بلى .
قلت : وكيف ؟
قال : أعلم أن كل إنسان ينال السعادة يوم القيامة على قدر إيمانه , وهنا صورة مصغرة لمقياس قوة الإيمان وعلى كل حال عليك النظر لا الكلام .
من رده فهمت أنه علي الصمت .
ثم ظهر أمامنا نفق ضيق مظلم لا نافذة فيه ولما دخلناه أصابني الهلع لشدة ظلامه , وبعد خطوات توقفت وقلت لـ(( حسن )): المسير في هذه الظلمة موحش وغيرممكن وما العمل إذا لحق بي الذنب في هذه الظلمة ؟
دنا (( حسن )) مني وقال : لا تفكر بمجيء الذنب , فالضربة التي أنزلتها به لن تجعله يلحقنا بهذه السرعة بالإضافة إلى أنه يضعف أكثر فأكثر في كل لحظة .
سررت لخلاصي من شر الذنب لفترة , لكن التفكير بظلمة الطريق استحوذ علي مرة أخرى لذلك فقد توجهت إلى (( حسن )) متسائلا : كيف سنتقدم في هذه الظلمة ؟
قال (( حسن )): نظرا لما تتمتع به من إيمان سيظهر أمامنا نور يضيء لنا الدرب , بعد قليل من الوقت شع من وجه (( حسن )) نور أضاء الطريق لعدة أمتار .
سرت إلى جانب (( حسن )) مسرورا , وكنا نمر أحيانا بمستنقعات عميقة استطعت العبور منها بقوة إيماني .
... المتوسلـــــون ...
قطعنا قليلا من الطريق وإذا بصرخات وصياح في وسط ذلك الظلام يطرق مسامعي , ولما أنصت قليلا تبين أنه صوت بعض المتوسلين بنا كي نفيض عليه من نورنا فيقتبسوا منه ويسيروا على ضوئه .
كان (( حسن )) يسير أمامي فناداني قائلا : لا تستمع لهم فإنهم حثالات المنافقين والكافرين جاؤوا إلى هنا إنهم لايستحقون ولا قبسا ضعيفا من النور ومصيرهم السقوط في واحد من هذه الحفر الموحشة , وحيث واجهنا إصرارا منهم توقف (( حسن )) وخاطبهم : إن كنتم بحاجة إلى نور الإيمان فارجعوا إلى الدنيا وأتوا به .
التفت أحدهم نحوي وقال : يا عبد الله ألم نكن نحن وأنتم من المصلين الصائمين ؟ فلماذا تقولون ارجعوا إلى ذلك العالم وأنت تعلم أنه مستحيل .
استشطت غضبا وصككت أسناني على بعضها وقلت لهم : نعم لقد كنتم معنا لكنكم كنتم تعملون للقضاء على ديننا لا نصرته , لقد كنتم بالمرصاد تحاولون ضرب الإسلام وها أنتم الآن قد عرفتم أنكم كنتم من المخدوعين .
... تخاصـــــم المجرميـــــن ...
انتهى كلامي معهم ثم دنوت من (( حسن )) وقلت له : هيا بنا لئلا يعاودون الإلحاح .
قال (( حسن )): أما ترغب أن تستمع تخاصمهم وتنازعهم ؟
تأمل جيدا , فأنصت لهم فسمعت أصواتهم في قلب الظلام وإذا بهم يخاطب بعضهم بعضا http://ma7asen.com/vb/images/smilies/frown.gif( لولاكم لكنا من المؤمنين وتمتعنا بنور الإيمان )) فرد عليهم أولئك : أنحن صددناكم عن الإيمان ؟ فإن كنتم تريدون الإيمان لآمنتم .
مضت لحظات من الصمت ثم صرخ أحدهم غاضبا : إن فلانا هو السبب فقد بدأ بلاؤنا منذ أن استمعنا لما قاله وأطعناه !
فأجابه : لو أنكم لم تطيعوني طاعة عمياء , فارتفع صوت شخص آخر : لقد أطعناك في الدنيا فهيا أنقذنا مما نحن فيه .
وهنا ارتفع صوت كبيرهم قائلا http://ma7asen.com/vb/images/smilies/frown.gif( أما ترون أننا جميعا مشتركون في العذاب فأنى لي إنقاذكم )) وما أن انتهى كبيرهم من الكلام حتى بدأ الذي اتبعوه بالدعاء بالويل والثبور عليه قائلين http://ma7asen.com/vb/images/smilies/frown.gif( ربنا إننا بريئون هو كبيرنا ومرشدنا في الدنيا فضاعف عليه العذاب )).
لم ينتهي تخاصمهم بعد فجذبني (( حسن )) وقال : هيا بنا فإن نزاعهم لا نهاية له وسيطول نزاعهم في جهنم أيضا . وبعد خطوات تناهى إلى مسامعي صوت رهيب فسألت (( حسن )) عن مصدره فقال : هو صوت أحد المجرمين قد سقط في حفره سحيقة .
سررنا لأن مثل هذا العذاب لا يطالني وهذا ما دفعني إلى مواصلة الطريق بمزيد من الأمان .
... سرعـــــة العبـــــور ...
تقدمنا قليلا وإذا ببعض أنوار خافتة وأخرى قوية نسبيا تلفت انتباهي . فتصورت أنهم طائفة مثلنا يسيرون على ضوء نورهم , ولم يمضي سوى قليل من الوقت حتى وصلنا شخصا يتخطى رويدا رويداعلى ضوء واحد من الأنوار الخافتة جدا فسلمت عليه وسألته عن حالته فقال : لقد أصابني الإرهاق , فعلى الرغم من أنني أسير في هذا النفق منذ مدة طويلة لكنني لازلت في بداية الطريق .
قلت : هذا بسبب قلة إيمانك , أيد ما قلته له , وفي الوقت الذي كان يمشي ببطء تأوه بشدة وقال : واحسرتاه واحسرتاه , ولم نبتعد عنه سوى خطوات وإذا بصراخ يعلو , أردت الرجوع لكن (( حسن )) قال بسرعة : لقد تعجل وحيث أن نور إيمانه ضعيف جدا فقد هوى في إحد الحفر قلت : وما الذي سيحصل في نهاية المطاف ؟
توقف (( حسن )) وقال : لا شيء فإن (( حسن )) الخاص به سينقذه , لكنه يصل مقصده متأخر جدا . وما أن انتهى (( حسن )) من كلامه سطع أمامنا نور أخذ بأبصارنا ولما اختفى سألت (( حسن )) متعجبا : ما الذي حصل ؟
فتأوه (( حسن )) وقال : لأنه أحد علماء الدين قضى عمره مطيعا عابدا مخلصا لله , وها هو الآن طوى هذا الطريق المظلم بسرعة فائقة مستنيرا بنور إيمانه , فتحسرت أنا أيضا وقلت : طوبى له , فياله من نور ويا لها من سرعة .
دخل الهم فؤادي ووضعت رأسي بين ركبتي من الندم والخجل وقلت : واحسرتاه فهذا النور هو نتيجة أتعابي لسنوات طويلة من عمري .
ناديت نداء انطلق من أحشائي : يا إلهي , يا عليما بأحوال الأحياء والموتى انظر إلي وزدني نورا ليسهل علي العبور من هذا المعبر الشاق .
وبقيت على تلك الحال أبكي وأبكي حتى شعرت بأن النفق ازداد نورا ولما رفعت رأسي من بين ركبتي شاهدت (( حسن )) وقد أصبح أكثر نورانية من ذي قبل فنهضت وتوجهت نحوه مذهولا وقلت له : لقد أصبحت أكثر نورانية !
قال : لقد من الله عليك برحمته وأفاض عليك بنور مضاعف وهذا بلا شك يعتبر استجابة لدعائك في الدنيا حيث كنت كثيرا ما تطلب رحمة الله لسفرك الأخروي , ثم واصل كلامه : لا أحد يستطيع العبور من برهوت معتمدا على عمله الصالح , فلابد من أن تشمله رحمة الله إلى جانب عمله .
سررت كثيرا وحمدت الله على لطفه ورحمته اللامتناهية , كنت أسير بسرعة وأمان أكثر حيث تجاوزت بعض الناس فيما استطاعت مجموعة أخرى تجاوزنا , مع أني كنت أشعر بالإرهاق لكنني لم أكن أبالي بسبب لهفي لوادي السلام , فقلت لـ(( حسن )): ما أطول هذا الممر ؟
فأجابني (( حسن )) وهو يحث الخطى بسرعة : لو أنك صمدت أمام غبار الشهوات لكان الطريق قد سهل عليك كثيرا , والآن لا بأس فعليك الصبر قليلا فما أسرع أن ينتهي هذا الطريق ......
انتظروني في الأجزاء القادمة
عشق الكلمة
21-03-2009, 05:03 AM
أحببت ان اقف هنا لاسجل شكري وتقديري لهذا الطرح المتميز القيم ولى عودة مجددا ان شاء الله لمتابعة كاملة للاجزاء ..
فطومة الحلوة
21-03-2009, 02:59 PM
شكرا جزيلا على هذه القصص
لا شكر على واجب
وأتمنى أن تحوز القصة على إعجابك
فطومة الحلوة
21-03-2009, 03:00 PM
أحببت ان اقف هنا لاسجل شكري وتقديري لهذا الطرح المتميز القيم ولى عودة مجددا ان شاء الله لمتابعة كاملة للاجزاء ..
تسلم اخي العزيز
انتظر تعليقاتكم بفارغ الصبر
فطومة الحلوة
24-03-2009, 02:41 PM
... الجـــــزء الرابـــــع عشـــــر ...
... طـــــرق فرعيـــــة ...
وأخيرا انتهينا من تلك الظلمة الموحشة ودخلنا صحراء مترامية الأطراف وبعد أن سرنا فيها خطوات توقف (( حسن )) وقال : انظر يا صديقي , إن السير في هذا الطريق محفوف من الآن وصاعدا بالمخاطر أكثر مما سبق , ثم ألقى نظرة سريعة على الطريق واستمر في حديثه : كل من ابتلي في الدنيا بنوع من الإنحراف سينحرف هنا أيضا , ثم أشار بيده إلى الطريق الذي يقابلنا وقال : هذا هو الطريق المستقيم الذي ينتهي بوادي السلام ولكن لابد من الإنتباه فهنالك الكثير من الطرق الفرعية فالطرق المتناثرة على اليمين والشمال مضلة وأما الجادة الوسطى فهي المستقيمة ـ فأخذت أردد : اللهم اهدنا الصراط المستقيم . ثم طلب مني أن أسير خلفه وسرنا في الطريق الذي أمامنا, وكان جميع الذين عبروا الكهف ساروا في هذا الطريق للوصول إلى وادي السلام وكان الناس يطوون هذا الطريق بما لديهم من حسنات صغيرة أو كبيرة وبسرعات مختلفة .
بعد أن سرنا مسافة وصلنا مفترق طريقين ودون أن يتوقف (( حسن )) أشار إلى الطريق الواقع على الشمال وقال : هذه جادة الحسد والطغيان من دخلها خرج من جادة الشرك التي تنتهي بوادي العذاب .
وفي تلك الأثناء شاهدنا شخصا قد وطأ بقدمه تلك الجادة ورحت أفكر بأمره فتألمت لأنه اختار هذا الطريق المنحرف بعد كل تلك المصاعب والطريق الذي قطعه . وكنت أتمنى أن يندم ويؤوب قبل وصوله إلى جادة الشرك . لم يزل ذلك المنظر يشغل بالي حتى واجهت مشهدا آخر في طريقي حيث شاهدت رجلا صغير البنية يسير إلى جانب الطريق خائفا مرتعدا , فالتفت إلى (( حسن )) وقال : طأ بقدمك رأس هذا وتقدم .
توقفت وسألته متعجبا : لماذا ؟ قال : المتكبرون في الدنيا تصغر أبدانهم هنا كي يركلهم الناس بأقدامهم .
ولما تذكرت تكبر هؤلاء في الدنيا أخذتني العصبية فركلته بقدمي وألقيت به على الأرض وواصلت طريقي دون اكتراث بعويله وصراخه . وما أن ابتعدنا قليلا حتى وصلنا مفترق ثلاثة طرق . فتوقف (( حسن )) ليدلني فقال : واصل طريقك المستقيم ولا تلتفت يمينا ولا شمالا . لأن طريق اليمين طريق النمامين الذين يؤذون الناس بألسنتهم , وأضاف : وفيه حيوانات لادغة تلسع المارين من هناك . في غضون ذلك دخله شخص فخرجت بعض الأفاعي من الأرض وأنبتت أنيابها بجسده فتركته مطروحا على الأرض يصرخ بصوت عال ونظرا لرعب المنظر أدرت بوجهي شمالا فدهشت لرؤية شخص ضخم البطن لا يستطيع السير وكثير ما يسقط على الأرض . ولفقدانه التوازن انحرف نحو طريق الشمال وأخذ يواصل طريقه زحفا .
سألت (( حسن )): أي طريق هذا الذي يسير فيه ؟ قال : هذا طريق آكلي الربا حيث يذوقون أشد العذاب .
... الغلـــــي ...
سار بنا الطريق نحو قمة تل , ومن الأعلى انتبهت إلى الجانب الثاني من التل فشاهدت مجموعة من المأمورين يقفون على الطريق وقد وقفوا عدة أشخاص , وإلى جانب المأمورين كانت تتصاعد ألسنة من النيران , ولشدة خوفي ورعبي دنوت من (( حسن )) ومنعته من المسير, فمسح (( حسن )) بيده على رأسي وقال : لا تخف فلا شأن لهم بك فقد وقفوا يتصيدون أفرادا معينين . وفي تلك الحال ارتفع صوت عويل وصراخ ولما نظرت عرفت أن شخصا كان واقفا والنيران والدخان يتطاير من جبهته ولما أمعنت النظر شاهدت مسكوكة مغلية قد طبعت على جبهته , ثم أحمى المأمورون مسكوكة أخرى ووضعوها على ظهره فملأ صراخه وعويله أجواء الصحراء , نظرت في وجه (( حسن )) متحيرا , ونظر هو أيضا في وجهي وقال : هذا جزاؤه (( فهذه المسكوكة كان قد جمعها في الدنيا , وكان يرد المحرومين والمستضعفين ولم يؤدي حقوقهم ))ـ قال (( حسن )) ذلك وسار نحو الأسفل ولحقت به مرعوبا وخائفا .
ولما وصلنا عند هؤلاء المأمورين الغلاظ الشداد تضاعف خوفي ورهبتي ولكن ما خفف من روعي وجعلني أهدأ هو أنهم أفسحوا لنا الطريق للمرور فعبرنا من بينهم دون الشعور بالخطر ..
... قطعـــــة مـــــن نـــــار ...
ابتعدنا عنهم خطوات فراودتني فكرة الإلتفات إلى الخلف ولما نظرت دهشت لرؤيتي المأمورين وهم يمسكون بشخص من رجليه ويديه ويحاولون إدخال قطعة من نار بالقوة في فمه , توقفت عن المسير ورجعت إلى الوراء فهالني المنظر , فكانت صرخاته وعويله أليمة للغاية , وفي الوقت الذي كان داخله يستعر فقد كان يقطع الطريق زحفا , وفجأة شعرت بيد حسن على كتفي فنظرت إليه وسألته : ما الأمر ؟
قال : إن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل يتولى أمرهم مثل هؤلاء الملائكة المكلفين بإطعامهم قطعة مستعرة من الحديد .
وبعد صمت قليل واصل (( حسن )) كلامه فقال : بطبيعة الحال فإن هؤلاء يقفون عند معبر حقوق الناس .
وبعد استماعي لكلام (( حسن )) اطمأن قلبي قليلا ولكن نظرا لتألمي من ذلك المنظر توجهت إليه وطلبت منه الإبتعاد عن ذلك المكان .
ثم سرنا وسرنا حتى وصلنا شخصا رافعا يديه إلى الأمام وهو يتخطى خطوات قصيرة بحذر , فقال (( حسن )) وهو يواصل مسيره مشيرا بإصبعه إلى ذلك الشخص : منذ أن خرج هذا المسكين من النفق أصيب بالعمى .
ثم سار في طريق فرعي يبعد عنا خطوات وقال (( حسن )): هذا طريق أهل الدنيا وسرعان ما يدخله , فسألته لماذا ؟
قال : ذلك واضح لأنه فضل الدنيا وأهلها على الآخرة وعلى المؤمنين . وهذه الطائفة من الناس ممن يشترون الخسران المبين لأنفسهم , وذلك هو شراء الدنيا بالآخرة . ولم ينتهي (( حسن )) من حديثه وإذا بهذا الشخص يطأ بقدمه طريق أهل الدنيا , وبقيت أسير في طريقي وتارة أعود إلى الخلف لأنظر من ذلك الأعمى البائس .
كنا نطوي الطريق على ما يرام , وكنا أحيانا نسبق غيرنا فيما يسبقنا آخرون وقد صادفنا في طريقنا طرقا فرعية وأناسا عجيبين , ومن بينهم أشخاصا ذوي لسانين امتدت من أفواههم وتستعر فيها النيران , فقال لي (( حسن )): إنهم المنافقون .
كما شاهدنا الذين ارتكبوا أعمالا تخالف العفة وانغمسوا في الشهوات غير المشروعة وقد لجموا بلجام من نار . لكن الأكثر إزعاجا هو الطريق الفرعي الذي تسير به النساء , فهو طريق ينتهي إلى صحراء وتتعذب فيها نساء كثيرات , فمنهن من علقن بشعورهن وذلك لأنهن كن يبدين شعورهن للأجانب , منهن من يأكلن لحومهن , وهن من كن يتزين أمام الأجانب , منهن من كانت رؤوسهن رأس خنزير وأبدانهن بدن حمار لأنهن مارسن النميمة في الدنيا .
والذي أثار دهشتي خلال مشاهدتي لجميع تلك المناظر هو عجز (( حسن )) الخاص بهؤلاء بحيث أنه كان يتخلف عن صاحبه أحيانا مسافة مئات الأمتار فيعجز عن هدايته وإعانته .
تابع..
فطومة الحلوة
24-03-2009, 02:45 PM
... الجـــــزء الخـــــامس عشـــــر ...
... المرصـــــاد ...
قطعنا مسافة طويلة حتى وصلنا نفقا , وقبل أن نصل أعلى ذلك النفق تناهت إلى مسامعنا أصوات من الجانب الآخر للقمة أردت أن أسأل (( حسن )) عنها لكنني فضلت الإطلاع عنها شخصيا عند الوصول إلى القمة .
لما وصل (( حسن )) إلى أعلى القمة توقف , وبدوري التحقت به مسرعا أسحب أنفاسي بقوة , فذهلت لما رأيت واستحوذ علي الخوف والإضطراب .
فقد كانت الطرق والأودية المحيطة بتلك القمة مليئة بالملائكة والذين وقعوا في قبضتهم , فهم قد سيطروا على كل من كان يحاول المرور من هذا الطريق , فسألت (( حسن )): ما الخبر هنا ؟
كان (( حسن )) ينظر يمينا وشمالا , فقال : هذا هو المرصاد , قلت له مندهشا : وما المرصاد ؟
قال : مكان التحقيق حول حقوق الناس , توقف (( حسن )) هنيئة ثم واصل كلامه : لوكان في عنقك أدنى حق للناس بدءا من القتل وانتهاءا بالصفعة أو أي دين آخر , كل ذلك يصبح سببا في بؤسك .
مرة أخرى استطلعت الوادي , فكانت مجموعة من الناس محملين بالهموم والأحزان وقد افترشوا الأرض ولم يكونوا قادرين على التحرك لثقل السلاسل المطوقة في أعناقهم , وآخرون مصفدون بالحديد يتولاهم ملائكة غلاظ عظيموا الجثة , فيما تاه آخرون في الوادي لا يؤذن لهم بالمرور من الطريق .
كلما ارتفع صوت المأمورين في الأجواء بالإذن لأحد ما بالعبور وكان قد أوقف لمدة طويلة فإنه يواصل طريقه بكل سرور .
ثم التفت (( حسن )) إلي وقال : هيا بنا نذهب .
قلت مضطربا : لا يمكننا المضي من هذا المضيق .
فقال : إن الملائكة يسيطرون على كافة الطرق فلا يمكن التغاضي عن حقوق الناس وإن الله سبحانه لا يغض الطرف عن الظلم , ربما يتنازل الباري عن حقه ويقبل شفاعة الصالحين , لكنه لا يعفو عن حقوق الناس أبدا .
سألت (( حسن )): كيف يتم معرفة الأشخاص هنا ؟
قال : من كانت بذمته حقوق الناس يتم التعرف عليه ومنعه من العبور من قبل الملائكة , أردفت متسائلا : وإلى متى عليهم البقاء هنا ؟
قال : تختلف مدة بقائهم وتوقفهم , فالبعض يبقون أشهرا , وآخرون سنوات , ثم سألته : وكم يطول التحقيق في حقوق الناس ؟
قال : عدل الله هو الحاكم هنا , والتحقيق يجري لصالح المظلوم إلا أن يعفو المظلوم عن حقه , وإلا سيؤخذ من حسنات الظالم وتضاف إلى ميزان المظلوم حتى يرضى , وإذا لم تكن حسنات الظالم كافية أخذ من سيئات المظلوم وأضيفت إلى سيئات الظالم , وفي الحقيقة فإن هذا يعتبر قصاصا من الظالم .
دخل الرعب والخوف فؤادي لما سمعته من (( حسن )).
ولما وجدت أنه لا مفر من المرور من بين هؤلاء المأمورين قلت لـ(( حسن )): لا حيلة لا ... لنذهب .
طوينا منعطفات النفق ودخلنا المرصاد وما مضى إلا لحظات حتى وجدت نفسي وجها لوجه أمام أحد المأمورين وبإشارة من أحدهم وضعوا سلسلة ضخمة في عنقي ودون أن يمنحوني فرصة لمعرفة السبب أخذوا يسحبونني حتى أخرجوني من الطريق عبثا أخذت أحرك رجلي علني أفلح في الهروب منهم , غير أن جميع محاولاتي باءت بالفشل أما سطوتهم , وطلبت من (( حسن )) أن يستفسر عن سبب فعلتهم هذه لكنه اقترب مني وقال : عليك أن تعرف أن هؤلاء لا يعذبون أحدا دون علة .
تأملت قليلا فعرفت القصة , فلقد اقترضت مبلغا من المال من جارنا ولم أستطع تسديده له وذلك لسفره ثم مرضه , فصارحت (( حسن )) بذلك وطلبت منه البحث عن طريق للنجاة . وقد نظر (( حسن )) إلي وقال : لو استطعت أن تزور ذويك في عالم الرؤيا وتطلب منهم أداء ما بذمتك من دين ففي ذلك أمل في خلاصك وإلا فإنك ستظل هكذا .
وبمساعدة من (( حسن )) استطعت أن أزور ولدي الكبير في عالم الرؤيا وأحدثه عن حالي .
بقيت أنتظر ما يرد به أهلي وإذا بي أرى شخصا يحمل فوق ظهره أغلالا من نار ويهرول بهذا الإتجاه وذاك ويصرخ : الويل لي , فهذه الأموال التي اقترفتها بالخطايا هي التي أوقعتني هكذا في البلاء , في حين أنفقها الورثة في سبيل الله فنالوا السعادة , وعلى جانب آخر شاهدت حشدا كثيرا قد هجموا على شخص يطالبونه بحقوقهم .
وعند رؤيتي لهذه المشاهد الرهيبة والحال التي أنا فيها غرقت في تفكير عميق وأخذت أحدث نفسي : لو كنت أعلم أن حقوق الناس من الأهمية وغير قابلة للعفو إلى هذا الحد لبذلت المزيد من التأني في تعاملي مع الناس سواء أثناء المعاملات أو إبداء وجهة النظر والإدلاء بالشهادة أو حتى أثناء الحديث معهم , وهنا أخذت بالصراخ دون وعي : الويل من هذا المعبر إنه حقا معبر الهلاك والشقاء .
في تلك الأثناء فتح المأمورون الأغلال عن عنقي وابتعدوا عني . تصورت في الوهلة الأولى أنهم تركوني بسب صراخي , ولكن عندما ضمني (( حسن )) إليه مسرورا قال لي : لقد قضي دينك وإنك الآن حر في العبور من المرصاد , وارتفع صوت المأمور بإطلاق سراحي .
واصلنا طريقنا المستقيم للوصول إلى وادي السلام .
انتظروا الأجزاء القادمة
همس الغلا
02-04-2009, 01:33 AM
يااااعلي عن جد أشياااء مؤثــــرة
ومعلومات جديدة واول مرة اسمعهاا
مشكوووورة فطووومة على المعلومااات
يعطيك ربي الف عاافية
وننتظر باقي الاجزااء
ياريت تنزلينهم خميس وجمعة عشان نقدر نقرأهم
تحيااااتي
همـــــــوسة
فطومة الحلوة
02-04-2009, 12:14 PM
يااااعلي عن جد أشياااء مؤثــــرة
ومعلومات جديدة واول مرة اسمعهاا
مشكوووورة فطووومة على المعلومااات
يعطيك ربي الف عاافية
وننتظر باقي الاجزااء
ياريت تنزلينهم خميس وجمعة عشان نقدر نقرأهم
تحيااااتي
همـــــــوسة
يا هلااااا هموسة
ان شاء الله يا الغلا هاليومين ان شاء الله تنتهي القصة إذا ما خاب ظني
مودتي
فطومة الحلوة
02-04-2009, 12:20 PM
... الجـــــزء الســــادس عشـــــر ...
... صـــــراع مصـــــيري ...
تجاوزنا معبر المرصاد المحفوف بالمخاطر , وتقدمنا حتى بدا هيكل أسود مذهل يتوسط الطريق , ولما تقدمنا أكثر ظهر أنه معروف لدينا ولما اقتربنا أكثر عرفته جيدا , إنه الذنب لكنه أصغر من ذي قبل وأكثر نحولا ويرتدي زيا غريبا .
سرت خطوات إلى جنب (( حسن )), لقد كان وجهه ـ الذنب ـ مكفهرا ورائحته كريهة متقلدا سيفا حادا وينظر إلي بعيون ناقمة .
وقف (( حسن )) وكنت أقف خلفه وأخذ الخوف يخيم على قلبي شيئا فشيئا .
نظر إلي (( حسن )) برأفة ووضع يده على كتفي وقال : استعد للصراع مع الذنب !
استحوذت علي الدهشة وقلت : صراع مع من ؟
نظرت إلى الذنب وأعدت سؤالي : مع الذنب ؟
قال : مع الذنب .
دخلني الرعب والإضطراب وعرق جبيني , ولما عرف (( حسن )) بالخوف الذي انتابني قال : في هذه الرحلة وفي هذا المكان لا خوف على أولياء الله ,(( والمؤمنين بالله واليوم الآخر والمحسنين ))(( والذين خافوا الله في الدنيا , ولا هم يحزنون )).
استلهمت الصلابة من حديث (( حسن )) فنظرت إليه وكان في يده سيف بتار فقلت له : من غير الممكن خوض صراع بيد خالية أمام عدو شهر السيف بوجهي .
قال : لا عليك فإن نفس ذلك الملك الذي أعانك مرات ومرات سيأتي ليجهزك .
قلت له : وما هو دورك في هذا الصراع ؟
تأمل قليلا وقال : سأحدثك عن عدوك وإعدادك وتشجيعك , ثم صافحني وقال : بعد أن يئس الذنب من إضلالك والإيقاع بك في الطرق الفرعية والمرصاد هاهو يقف أمامك الآن للمرة الأخيرة وبكل قواه متصورا أنه ربما يقضي عليك وقد جاءك هذه المرة بثوب الدنيا شاهرا سيف الشهوات , فعليك الحذر من أسنان سيفه فكل واحد منها يمثل واحدة من الشهوات . وهي حادة وجارحة وإذا ما تمكنت واحدة منها من بدنك فإننا سنواجه صعوبة في بلوغ مقصدنا .
الذنب واقف وسط الطريق ويراقب تصرفاتنا و (( حسن )) ألقى ببصره مرة أخرى نحو الأعلى , وأنا أيضا توجهت ببصري نحو تلك الجهة فلمحت من بعيد ذلك الملك المغيث بدا محلقا , وبطرفة عين حلق فوق رؤوسنا ثم سلم وأعطى (( حسن )) سيفا وثوبا قتاليا ودرعا وخنجرا ثم غادر .
لما رأى الذنب ذلك تحرك من مكانه قليلا وبدا الخوف على وجهه القبيح , والتفت إلى (( حسن )) مسرورا وقلت له : إن عدتي تفوق عدة الذنب .
ثم سألته : هذه الآلات ثمرة أي من أعمالي ؟
كان (( حسن )) يهز السيف في يده فقال لي : هذه ثمرات الأعمال التي قمت بها في الدنيا , فالسيف ثمرة دعائك ومناجاتك , ثم قال وهو يلبسني الثوب : وهذا علامة التقوى في الدنيا , وقوته ترتبط بقوة تقواك .
ولما ارتديت لامة الحرب وأخذت السيف بيدي وفي الأخرى أمسكت بالدرع , قال : وهذه ثمار صيامك , ثم قبلني (( حسن )) وشحنني بالقوة والصلابة ببسمته المليحة ثم قال لي : لا تخف أبدا , فإنك ستقضي عليه بضربة واحدة , هززت رأسي مؤيدا لكلامه وتوجهت نحو الذنب الذي أشهر سيفه وأخذ يرتجز قائلا : إنني أبرز إليك نيابة عن الدنيا والشيطان ولن أدعك تجتاز هذا الطريق وسوف أهجم عليك بسيفي هذا من بين يديك ومن يمينك وشمالك ومن أمامك وخلفك , وسأنزل ضرباتي الماحقة على رأسك , ثم التفت إلى يمينه وقال : إن كنت تريد مني ن أتركك فاخرج من هذا الطريق واحملني على ظهرك ثم أشار بإصبعه وقال : كما يفعل ذلك الشخص , فلما نظرت رأيت شخصا حاملا ذنبه على ظهره ويمشي بخطوات بطيئة جدا . هنا أدركت أنها إحدى خدع الذنب يريد بها تحطيمي في هذا الوادي ويمنعني من بلوغ مقصدي , فصحت به : هيهات , سوف أقارعك ولن أخضع لك ذليلا .
وفي تلك اللحظة شعرت بسيف الذنب وهو يهوي على رأسي فرفعت الدرع فوق رأسي فكانت ضرباته قوية بحيث أن واحدة من أسنانه نفذت فأصابت رأسي , وهويت بسيفي على خاصرة الذنب فولى هاربا صارخا مولولا , ثم باشرت بعلاج جرحي وإذا بـ(( حسن )) يصرخ بي : احذره فقد جاءك من الخلف , فرجعت فجأة إلى الخلف وفاجأته بضربة ثانية على خاصرته الأخرى فتقهقر .
استمر الصراع بهذه الحالة وأنزلت بالذنب عدة ضربات أخرى , فيما كان يهاجمني يمينا وشمالا وهو يلهث , ففاجأني بضربة فرقت درعي وأصابت بدني , ولكن مازلت أنا بطل الميدان بفضل ما يقدمه (( حسن )) من تشجيع لي .
وبين الفينة والأخرى أسمع صوت (( حسن )) وهو يقول : ثمن الجنة القضاء على الذنب , من هذا الكلام ازدادت معنوياتي , كان الوقت يمضي والذنب يصاب بالإرهاق ويزداد تعبه حتى سقط على الأرض وسط الطريق فقد أرهقته شدة الجراح لكنه لم يزل يحاول إعاقة عبوري .
تقدمت عازما على إنزال الضربات الأخيرة على رأسه فلحق بي (( حسن )) وسلمني الخنجر الذي بيده اليمنى وقال : بهذا الخنجر فقط بإمكانك الخلاص من شرور الذنب إلى الأبد , وفي تلك اللحظة فهمت أنني دخلت ميدان الحرب بلا خنجر , فأخذت الخنجر وأنا أمعن النظر به وقلت : عجبا لك من آلة نافعة ! هل بإمكانك أن تفصح ... فقط كلامك فقال : لعلك تريد أن تعرف نتجة أي من أعمالك ؟
قلت : نعم , فقال : إنها نتيجة الصلوات التي كنت ترسلها إلى النبي وآله في الدنيا , فهي قوية بحيث أنها تستطيع القضاء على الذنب .
دنوت من جثة الذنب شبه الهامدة وغرست الخنجر في بدن الذنب وابتعدت عنه مباشرة , فكان بدنه يكبر ويزداد حجمه وكنت أشعر بالسرور لأنينه , وبعد قليل انهار جسد الذنب محدثا صوتا رهيبا وتناثرت أشلاؤه هنا وهناك في الوادي .
فارتفع صوت (( حسن )) مسرورا فجاءني مسرعا وضمني إليه وهنأني بكل حرارة وأنا بدوري لم أخفي فرحتي واحتضنته ولما انتهى عناقنا قال لي : لقد شفيت كافة جروحي تماما بالقضاء على الذنب , ومن الآن فصاعدا سأبذل لك العون بكل نشاط وحيوية .
لقد كنت ناسيا جروح (( حسن )) وما أن سمعت كلامه هذا طرت فرحا وهنأته على ذلك وضممته إلي وأخيرا فتح الطريق أمامنا فواصلنا طريقنا يحدونا الأمل والسرور .
تابع..
فطومة الحلوة
02-04-2009, 12:24 PM
... الجـــــزء الســـــابع عشـــــر ...
... بشـــــرى الشفـــــاعة ...
كنت أضج احيانا من الجراحات التي نزلت برأسي وبدني , ولقد كنت غافلا عنها بسبب اندفاعي لمقارعة الذنب وللفرحة التي أعقبتا , وكنت أخشى أن تعيقني عن مواصلة الطريق .
لم نقطع من الطريق إلا قليلا فجلست على الأرض وطلبت من (( حسن )) شيئا من الإستراحة , فرجع إلي وقال : الوقت قليل فلابد من السير بأي نحو كان .
قلت : أما تراني لا أقدر ؟
وكعادته في مواساته لي , تقدم نحوي وقال : ليت تقواك أكثر من هذا بقليل لاستطاع درعك دفع الضربة التي نزلت عليه كسائر الضربات . ألقيت بنظرة على الدرع , والألم قد سلب مني الراحة ثم قلت : العجب لهذا الدرع الذي لم يستطع المقاومة أمام تلك الضربة رغم ضخامته . فأجابني (( حسن )) مباشرة , إنك لم تصم سنة كاملة بعد بلوغك , أما بقية الأيام فإنك ربما أذهبت أثرها بأعمال غير مرضية .
استولت علي الحسرة والندامة والخجل , فأخذ (( حسن )) بيدي وأنهضني من الأرض وقال : لو استطعت الوصول إلى وادي الشفاعة فهنالك أمل في مواصلتك الطريق مشافى وبسهولة .
كان اسم الشفاعة معروف لدي كثيرا ومبعث تفاؤل لي في الدنيا , لذا فقد أسرعت بالسؤال : أين هذا الوادي ؟
فأشار (( حسن )) إلى الأمام وقال : إلى الأمام قليلا , ثم واصل قائلا : إن الشفاعة تتعلق بالقيامة الكبرى لكنك تستطيع الآن أن تفهم إن كنت من أهلها أم لا , فإن بشروك بها فإنك ستستلهم روحية جديدة وتطوي بقية الطريق كل يسر .
كنت أحيط بيدي على رقبة (( حسن )) ونواصل طريقنا بصعوبة بالغة . وحين مسيرنا قلت لـ(( حسن )): لو كنت أستطيع العودة إلى الدنيا لأخبرت أهلها أن خير الزاد التقوى . فهز (( حسن )) رأسه وقال : وهو كذلك بالطبع , ثم سكت ولم أعد أقدر على مواصلة طريقي إذ عم الألم جميع كياني فطلبت من (( حسن )) العون فحملني على كتفيه وسار . وأنا في تلك الحال قلت له : أتستطيع حملي على ظهرك حتى نصل وادي السلام ؟
قال : لا إذن بالدخول لوادي السلام لمن ضربه ذنبه وجرح بدنه , فأدركت أن لا مناص لي سوى أن تدركني الشفاعة وحسن .
أخذنا نقترب خطوة فخطوة نحو وادي الشفاعة يحدونا الأمل , وأحيانا يقشعر بدني ويهتز كياني لئلا تدركني الشفاعة , ولم يكن لدي سوى (( حسن )) الذي يؤنسني في تلك الحالة أخذ المناخ يتحسن شيئا فشيئا فقد انخفضت درجة الحرارة ولم يبقى من الدخان المتراكم في السماء سوى طبقة خفيفة وكنت أتجرع كل أنواع الألم والعذاب بغية الوصول إلى وادي الشفاعة .
أخيرا وصلنا مرتفعا يمر طريقنا من خلاله , فتوقف (( حسن )) وقال : على الطرف الآخر من هذا المرتفع يقع وادي الشفاعة الزاخر بالبركة والخيرات , وعندما وصلنا إلى الأعلى هب نسيم عذب فألقى (( حسن )) بي على الأرض وقال : لنجلس هنا بانتظار بشارة الشفاعة , فإذا ما نلت شفاعة أحد أو بالأحرى شفاعة المعصومين الأربعة عشر ـ عليهم السلام ـ فإن جميع جراحك ستلتئم .
سررت كثيرا لعلمي بأنني كنت من أتباع مذهب أئمة أفضل الشفعاء بالنسبة لي .
خطر على ذهني سؤال أقلقني فتوجهت إلى (( حسن )) فسألته : وذا لم تنفع ؟ وكأن (( حسن )) لم يكن يتوقع مني هذا السؤال فأطرق برأسه , فأعدت عليه السؤال مرعوبا أكثر من ذي قبل : وإن لم ينفعني علاج الشفاعة ؟ فأجابني (( حسن )) وهو مطرق الرأس : حينذاك ستصبح شقيا تعيسا .
اعترتني حالة من الرهبة والإضطراب وأخذت أبكي دون وعي مني , وكعادته في مواساتي ورأفته بي اقترب (( حسن )) مني وقال : لا تبكي , فإننا حيث قطعنا كل هذا الطريق فإننا سنقطع ما تبقى ببركة هؤلاء بفضل منزلتهم عند الله , فلطفهم أكبر من أن يتركونا على هذه الحالة و ...
وهنا قطع كلام (( حسن )) بسلام من أحد المعارف , فالتفتا نحو مصدر الصوت , إنه ذلك الملك المغيث قد جاءني هذه المرة بمرهم الشفاعة لإنقاذي , فقال هذا الملك وهو يسلم المرهم لـ(( حسن )) هذه هدية وهي عبارة عن بشارة بالشفاعة من آل الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ ثم ابتعد عنا محلقا بجناحيه , فلم تعد الدنيا تلمني من الفرح وودعت ذلك الملك بعيون مغرورقة بالدموع .
ولما وضع (( حسن )) الدواء على جروحي شعرت وكأن آلامي وضعفي التي كانت تخيم على كياني قد زالت ووقفت على قدمي مباشرة , وفي هذه المرة ترقرقت عيناي بدموع الشوق وصرخت بصوت عال : السلام عليكم محمد وآله الطاهرين الذين يبذلون الشفاعة لمن يحبهم , وإن الله لن يرفض شفاعتهم يوم القيامة أبدا .
لقد كان صوتي جليا قويا بحيث وصل أسماع مجموعة من أهل وادي الشفاعة فجاؤوني يهرعون وقالوا لي : ما الخبر ؟ سمعنا منك صوت فرح لا يطلقه إلا الحائزون على الشفاعة .
فأجتهم والسرور يملؤني : نعم , نعم لقد نلت البشارة بشفاعة آل محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ وضمدوا جروحي التي أصابني بها الذنب .
فقال لي أحدهم مهموما : وما عسانا فاعلون ؟ فهل هنالك من يشفع لنا ؟
قلت له : ولم تريدون الشفاعة ؟
قال : لا يؤذن لنا بالعبور .
فسألته متعجبا : ولماذا ؟
قال وهو يبكي : لقد أخبرنا الملائكة بأننا أفلحنا بالوصول إلى هنا , لكننا من الآن فصاعدا بحاجة إلى بشارة الشفاعة ... هنا نادى علي (( حسن )) وطلب مني أن لا أضيع الوقت هدرا .
ونحن نسير سألت (( حسن )): ماهو مصيرهم ؟ فرد علي : لا تفكر بهم , فلكل واحد نصيب من الإنتظار لنيل الشفاعة , فطائفة مثلك تطلب الشفاعة , وآخرون كهؤلاء يطلبون الإذن بالعبور , مثل هؤلاء كانوا قد نسوا الله في الدنيا وأنكروا الشفاعة . وكانوا يتقاعسون عن إقامة الصلاة , لكنهم حيث تعقدت أمورهم أخذوا يفكرون بالشفاعة .
لازلنا نسير في وادي الشفاعة , فألقيت بنظرة نحو أولئك المحتاجين وقلت لـ(( حسن )): ليت الناس جميعا كانوا صالحين في الدنيا بحيث يستغنون عن شفاعة أي إنسان .
نظر (( حسن )) إلي وقال : كلا , ليس كذلك فالجميع بحاجة إلى شفاعة محمد وآله ـ صلى الله عليه وآله ـ, فالبعض يحتاجون الشفاعة لدخول الجنة , وآخرون يمدون أيديهم لنيلها لغرض بلوغ درجات أعلى فيها , فدهشتني الحيرة لهذا الكلام فلم أتكلم بعدها أبدا .
وبعد سكوت قصير واصل (( حسن )) حديثه حول أهل وادي الشفاعة فقال : البعض منهم لم يكونوا يقبلون أعذار أخوتهم المؤمنين , وآخرون لم يكونوا يطعمون المسكين , وطائفة أخرى كانوا يخوضوا باللعب واللهو فكيف يشفع لهم إن لم يذوقوا العذاب لعل رحمة الله تدركهم فيما بعد .
وأخيرا ودعنا وادي الشفاعة وواصلنا طريقنا بمزيد من النشاط والحيوية .
كنت أشعر بأنني أسير بخفة أكثر من السابق , وكأنني أريد التحليق وأصل إلى وادي السلام خلال لحظة واحدة , نظرت إلى الأعلى فلم أجد أثرا للنار , لكن طبقات خفيفة من الدخان كانت تلوح في الأفق لكنها كانت في طريقها إلى الزوال بإطلالة نور أبيض بهيج , وكانت تطل علينا بين الحين والآخر أشجار خضراء زاهية , كنا نطوي طريقنا بسرعة فائقة وقليلا ما كنا ننتبه إلى ما يدور حولنا .
كنا نواصل مسيرنا وإذا بنا نلمح عن بعد بابا يحتشد عنده قوم وقفوا ينتظرون ويحرسها ملائكة شداد أقوياء . وقفت عند الباب دون اختيار وأخذت أراقب الحراس والحشود الواقفة , وبين الحين والآخر يسلم بعض الناس أوراقا خضراء للحراس فيعبرون من الباب , فأدرت بعيني نحو (( حسن )) الذي كان واقفا خلفي ويراقب تصرفاتي , فسألته : ما الذي يحدث هنا ؟
أجابني : هذا خط السعادة فهو آخر نقطة من برهوت .
ثم واصل كلامه بنبرة خاصة : هنا باب الولاية فمن عبرها نال السعادة الأبدية . قلت : وماذا يعني باب الولاية ؟
قال : لا يدخل وادي السلام إلا من تعلق قلبه في الدنيا بمحبة علي ـ عليه السلام ـ وآل النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ, فيمنح مثل هؤلاء بطاقة الولاية ليعبروا من هذا الباب بيسر ويقتربوا من أبواب وادي السلام .
سررت كثيرا لسماعي اسم وادي السلام , لكنني سرعان ما أخذت أفكر ببطاقة الولاية فتوجهت مرعوبا مضطربا إلى (( حسن )) وقلت له : لقد كنت في الدنيا مواليا لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ لكنني لا أمتلك بطاقة الولاية , فأشار بيده إلى يمين الباب وقال : اذهب إلى تلك الخيمة الخضراء , فتوجهت إليها على عجل , فوجدت فيها رجلا يرتدي ثيابا بيضاء حسن الوجه وقد جلس في زاوية منها ويتحدث مع أحد البرزخيين , وكأن ذلك الشخص كان محروما من بطاقة العبور وهو الآن يتوسل للحصول عليها .
قال الرجل ذو الثياب البيضاء لذلك البرزخي : كما قلت لك عليك العودة إلى وادي الشفاعة عسى أن يدركك الفرج وإلا فإن مشكلتك أنت والواقفين في الخارج لا تحل هنا .
غادر البرزخي الخيمة مهموما , فدخلت وألقيت السلام ثم جلست أمام ذلك الرجل العظيم , فرد علي السلام , وقبل أن أبوح بطلبتي تصفح دفترا كان أمامه وكانت رجلاي ويداي ترتجفان , ولكن لم يطل بي المقام حتى امتدت يده نحو وهي تحمل بطاقة خضراء , ولما سلمني إياها تبسم بوجهي وقال : لقد بلغت السعادة فهنيئا لك .
وهكذا مررنا من باب الولاية وخلفنا وراءنا المأمورين ومن لا ولاية لهم .
انتظروني غدًا في آخر جزأين من الرواية
تحياتي
فطومة الحلوة
11-04-2009, 04:05 PM
الجزء الثامن عشر
أبواب وادي السلام
ألقيت ببصري إلى الأعلى . لا أثر للدخان والنيران , وكل ما في الأجواء نور ,كلما تقدمنا إلى الأمام كان يزداد توهجاً ، الأرض مستقيمة والخضرة واللطافة تشاهد في كل الأرجاء , الفرح سلب مني الاستقرار , حتى ((حسن)) فقد شاهدته مسرورا بحيث ام أه أبداً قد غرق بمثل هذا السرور والفرح قبل ذلك , ودون وعي مني تقدمت ((حسن)) وأخذت أواصل طريقي مهرولا.
ابتعدنا قليلاً عن باب الولاية فانشطر الطريق إلى ثمانية فروع , لم أعرف ماذا أصنع , وبأي اتجاه أسير , توقفت حتى وصل ((حسن)) فاستفسرت عن مصيري , وضع ((حسن)) يده على كتفه وقال : للجنة يوم القيامة ثمانية أبواب , واحدة للنبيين والصديقين وواحدة للشهداء والصالحين وواحدة للمسلمين ومن لم يضمروا العداء لآل البيت عليهم السلام , وخمسة أبواب للشيعة وأتباع أهل البيت - عليهم السلام , ووادي السلام صورة مصغرة للجنة ونفحة منها . ثم أشار إلى أحد الطرق وقال : هذا طريقنا عجل وتعال معي .
لم تتقدم شيئا فهب نسيم لطيف فعم الأجاء عطر دفعني لأن أقف وأتنسم عبيره دون وعي مني , نظرت إلى وجه ((حسن)) الجميل الباسم قد تسمر في وجهي , فسألته : ماالأمر؟ ولماذا تنظر إلي هكذا؟ أجابني مسرورا: هذا عطر الجنة قد هب من وادي السلام وهو دليل على اقترابنا من المقصد وعلي الذهاب الآن , فاختفت البسمة عن ملامحي فسألته مضطرباً: إلى أين تريد الذهاب؟ ألم يكن القرار أن نكون معاً إلى الأبد؟
فتبسم ((حسن)) وقال: لاتخف لن أفترق عنك أبداً ولكن لابد من أذهب أمامك إلى وادي السلام لكن أهيئ دار السلام التي خصصت لك .
فسألته مسروراً: وأين هي دار السلام؟
فأجاب: لكل مؤمن مستقر امن واستقرار في وادي السلام تسمى دار السلام .
عمر فؤادي بالفرح وتفتحت شفتاي عن بسمة غامرة , ثم سألته :ما الذي علي أن أصنعه بإنتظارك ؟
قال وهو يسير : واصل طريقك بتؤدة فإذا ما وصلت الباب ستجدني هناك .
سار (( حسن )) مسرعا وواصلت طريقي بنفس الإتجاه حتى لاحت أمامي من بعيد باب وادي السلام ضاعفت من سرعتي وكلما تقدمت إلى الأمام كنت أشاهد الباب تكبر أمامي , وشيئا فشيئا كانت تبدو بالأفق أشجار خضراء على جوانب الباب ,فقدت صبري فأخذت أسير راكضا , وفي تلك الأثناء شاهدت ملائكة يحلقون بإتجاهي فتوقفت إجلالا لهم , ولما أصبحوا فوق رأسي قالوا معا : السلام عليك أيها العبد الصالح , طوبى لك الجنة والسعادة , فرددت عليهم قائلا : الحمد لله الذي لم يحرمني الجنة .
ودعني الملائكة وذهبوا , عرفت أنني اقتربت من مقصدي أخذت أركض بسرعة حتى وجدت نفسي عند باب السعادة والرفاه أي وادي السلام .
... حفـــــل الإستقبـــــال ...
عندما وقع بصري على الأوضاع داخل وادي السلام بهت وتسمرت في مكاني وتملكتني الدهشة لرؤية تلك المناظر الجميلة التي لا يمكن تصديقها .
لم أدري كم قضيت وأنا على تلك الحال حتى شعرت أن هناك من يهز كتفي , فتحت عيني فإذا بي أشاهد وجه (( حسن )) الباسم , فأحسست بالراحة لرؤيته مرة ثانية إلى جانبي فاحتضنته , وفي تلك الأثناء همس (( حسن )) في أذني : لقد جاء بعض المؤمنين لإستقبالك , تأملت قليلا وإذا بزمرة من المؤمنين وقفوا أمامي مبتسمين , تركت (( حسن )) وتوجهت نحوهم بهدوء , ولما وصلت عندهم رحبوا بي جميعا وبدوري سلمت عليهم واحتضنتهم واحدا واحدا .
ثم سألني أحد المؤمنين عن أخيه , فقلت له : إنه لم يزل يزرع في مزرعة الدنيا , وسألني آخر عن أحد الأشخاص فأجبته : لقد رحل عن الدنيا قبل مجيئي إلى البرزخ بسنوات فأطرق السائل برأسه وقال : أعانه الله , فسألته بعجب : وما الذي حصل ؟
قال : إنه لم يأتي إلى هنا لحد الآن .
من ذلك فهمت أنه مازال ممتحنا في وسط الطريق أو استقر في وادي العذاب . ثم تقدم أحد المؤمنين نحوي مستفسرا عن أحد الطواغيت في الدنيا فأجبته : للأسف إنه لم يزل حيا يواصل طغيانه , فقال لي : لا تأسف إذ أن الله لا يمد الكافرين والظالمين خيرا لأنفسهم بل ليرتكبوا المزيد من الخطايا فينالهم العذاب الأليم في الآخرة .
انتهى حفل الإستقبال بعد أن أنست بهم ولم أشأ تفرقهم عني . وقد شعر (( حسن )) بما يدور في داخلي فقال لي : لا تقلق فإنك ستلتقي بهم وبسائر المؤمنين الذين يلتقون ببعضهم البعض بين فترة وأخرى , ومدة كل لقاء تتبع درجة الملاقي والملاقى , ثم سحبني من يدي وقال : هيا بنا فقد عددت لك مستقرك .
ونحن نسير كنت أشاهد أهل وادي السلام زرافات زرافات جاؤوا للقاء بعضهم البعض وقد تحلقوا حلقات حلقات فيتحادثون فيما بينهم تغمرهم الفرحة والسعادة والإبتسامة تعلو وجوههم .
يتبع..
فطومة الحلوة
11-04-2009, 04:07 PM
... الجـــــزء الأخيـــــر ...
... كوثـــــر البـــــرزخ ...
ثم وصلنا نهرا جميلا وعجيبا لم أرى مثله طيلة حياتي , بل لم أكن أتصوره حتى في عالم الخيال , ففي جانب منه ماء زلال وفي الجانب الآخر يجري لبن سائغ أكثر بياضا من الصقيع , والأعجب من ذلك هو جريان شراب بينهما يشبه في حمرته الياقوت قل نظيره بالجمال , ونظرت إلى بداية النهر ونهايته فلم أجد له بداية أو نهاية . ووقعت عيناي على أشجار ورياض على جانبي النهر كانت مناظرها من الدهشة بحيث أنني لم أرى مثلها ولم تخطر على بالي حتى في عالم الرؤيا . تعلقت عيناي بالنهر فسألت عن منبعه , فأجابني (( حسن )): إنه نهر الكوثر الذي ورد الحديث عن منابعه في القرآن الكريم وهو يجري على امتداد وادي السلام , في كل منطقة يتميز بطعم خاص , قلت : ولماذا ؟ قال : كلما تسامت منزلة المؤمن ازداد مستقره روعة وبذلك يزداد نهر الكوثر جمالا . ثم حلق ببصره إلى آخر النهر فقال : عندما يمر النهر من وادي الشهداء فإنه يصبح جميلا لطيفا بحيث تقصر الأبصار عن النظر إليه , سألته متعجبا : إذا كان الأمر كذلك فكيف يكون عبوره عند الأئمة ـ عليهم السلام ـ؟ أدار (( حسن )) ببصره نحوي وقال : ماذا تقول ؟ إنهم في غنى عن هذا النهر , فكل ما في هذا النهر من لذة وحلاوة ورقة إنما هو ببركة الأئمة والأنبياء ـ عليهم السلام ـ.
سكت هنيئة ثم واصل كلامه : هناك تقع منابع النهر ونحن الآن نقف على بقعة صغيرة منه . وبعد قليل قال (( حسن )): أتريد أن تشرب منه ؟ وحيث أن ذلك لم يخطر ببالي بسبب انشغالي بجمال المنظر . قلت بكل سرور : بالطبع بالطبع , ولم أكن بالمرة منتبها إلى إمكانية الشراب من هذا النهر , فابتسم (( حسن )) وقال : إذن هيا بنا إلى مستقرك فهناك الكوثر أكثر عذوبة .
أخذنا نسير على ضفة النهر بحيوية ونشاط بالغين , وقد شدني جمال الكوثر عن المناظر المحيطة به , وكلما تقدمنا أكثر ازداد جمالا وروعة . وفي كل آن تزداد عندي اللهفة لإرتشاف جرعة من النهر حتى بلغنا منطقة توقفت عن الحركة فجأة وتوجهت نحو (( حسن )) وقلت له : لن أتقدم خطوة واحدة إن لم أشرب من هذا النهر ! فرد علي قائلا : إنك الآن في دار السلام الخاص بك وبإمكانك الإرتشاف ما شئت هنيئا مريئا , فأخذت أفكر في كيفية تناولي منه فأشار (( حسن )) إلى أعلى شجرة وقال : أطلب من تلك الحورية التي تجلس على الغصن لترويك , نظرت إلى الأعلى فشاهدت حورية غاية في الجمال وقد أمسكت بكأس رائع في يدها , ولما أجلت بنظري إلى الأشجار وجدت فوق كل شجرة حورية تحاول خطف فؤادي بدلالها وغزلها , وبإشارة خاطفة ملأت إحداهن ذلك الكأس الظريف بماء الكوثر وقدمته لي وهي تبدي دلالا واحتراما وأدبا , وما أن ارتشفت جرعة منه حتى أصابني السكر فلم أعد أشعر بوجود أدنى ألم ووجع في بدني من رحلتي تلك .
... زيـــــارة للعائلـــــة ...
هنا تذكرت أسرتي فقلت لـ(( حسن )): أريد بأي نحو كان المرور على الدنيا لأوقظ أهلها من غفلتهم ليعلموا أن الموت يعني الخلاص , خلاص من الآلام والعذاب التي يعج به ذلك العالم , فإذا عرفوا بالصفاء الذي يسود هذا العالم لم يعد الموت مرا بالنسبة لهم .
رد (( حسن )) علي قائلا : لا إذن لك في إخبارهم عما يدور هنا , لكنك تستطيع زيارتهم . فقلت مسرورا : وكيف ؟
قال : لكل واحد من أهل البرزخ الإذن في زيارة أهله على هيئة طائر جميل , ومدة هذه الزيارة تتناسب مع استحقاقهم , فبعضهم يزورون أهلهم كل يوم جمعة , وآخرون كل شهر , وطائفة يحصلون على إذن الزيارة كل عام مرة واحدة .
ربت (( حسن )) على كتفي وقال : تأهب , لأنك تستطيع الآن زيارة أهلك . كان ظلام الليل قد ألقى بأجنحته على الدنيا , جلست على جدار وأخذت أراقب حركاتهم عبر زجاجة النافذة , فكانت زوجتي منهمكة بالأعمال المنزلية وأولادي كل منهم منهمك بشأنه , ثم مررت على دار ولدي الكبير وابنتي الكبيرة ومن هناك توجهت إلى بيوت إخوتي وأخواتي , وقد سررت كثيرا لعدم ارتكابهم الذنوب . ولنفاذ صبري على المكوث في الدنيا أكثر من ذلك فقد عاودت الرجوع إلى مستقري في وادي السلام .
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
تمت بحمد الله
همسة احاسيس
12-04-2009, 05:29 PM
م
ش
ك
و
ر
ة
=
مشكورة
فطومة الحلوة
13-04-2009, 08:00 PM
م
ش
ك
و
ر
ة
=
مشكورة
يا هلا حياتي الشكر لمرورج يا الغلا
بفخار رافضيه
13-04-2009, 08:16 PM
يعيطج العافيه ((فطومه الحلوه ))
انا عندي الكتااب ..واسمه ((مسيرة الارواح في البرزخ ))
وصراحه روعه قمة الابدااع واستفدت منه وااجد
ارجوو ان كل من يقرأ يستفيد
فطومة الحلوة
14-04-2009, 02:46 PM
يعيطج العافيه ((فطومه الحلوه ))
انا عندي الكتااب ..واسمه ((مسيرة الارواح في البرزخ ))
وصراحه روعه قمة الابدااع واستفدت منه وااجد
ارجوو ان كل من يقرأ يستفيد
الله يعافيج حبيبتي
تسلمي ع المرور الحلو
خاتم عقيق&
15-04-2009, 04:08 AM
اللهم صلى على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم ارحم موتنا وموت المؤمنين والمؤمنيات
الفاتحة لارواح المؤمنين والمؤمنيات تسبقها الصلاه على محمد وآل محمد
ياااااارب بحق فاطمة الزهراء علية السلام يبلغش شفاعة اهل البيت وتسكني فسيح الجنة
يارب العالمين
تسلم اناملج الذهبية على الكتابة
قرئت من قبل هذا الكتاب ولكن قريئه مرة اخري يالغالية
لاتنسني من الدعاء
تقبلي مروري اختج خاتم
فطومة الحلوة
16-04-2009, 10:33 AM
اللهم صلى على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم ارحم موتنا وموت المؤمنين والمؤمنيات
الفاتحة لارواح المؤمنين والمؤمنيات تسبقها الصلاه على محمد وآل محمد
ياااااارب بحق فاطمة الزهراء علية السلام يبلغش شفاعة اهل البيت وتسكني فسيح الجنة
يارب العالمين
تسلم اناملج الذهبية على الكتابة
قرئت من قبل هذا الكتاب ولكن قريئه مرة اخري يالغالية
لاتنسني من الدعاء
تقبلي مروري اختج خاتم
تسلمي حياتي على الدعوات الحلوة
ومعاك حق تقريه مرة ثانية وثالثة بعد لأن ها الكتاب في قمة الروعة
الله يشمل كاتبه بشفاعة أهل البيت عليهم السلام
تحياتي..
همس الغلا
16-04-2009, 02:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك أعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله الصرااحة أحلى رواية قرأتها في حيااتي
الله يرحمنا ويرحم موتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات أجمعين
الله يرزقنا الشفااعة جميعاا ياارب
ويسهل علينا سفر الآخرة في عالم البرزخ ويرزقنا عالي جناته
مشكوورة فطوومة على الرواية الروووعة
يعطيك ربي ألف عاافية
موفقة لكل خير
تحياااتي
همـــــــــوسة
فطومة الحلوة
16-04-2009, 11:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك أعدائهم الى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماشاء الله الصرااحة أحلى رواية قرأتها في حيااتي
الله يرحمنا ويرحم موتانا وموتى المؤمنين والمؤمنات أجمعين
الله يرزقنا الشفااعة جميعاا ياارب
ويسهل علينا سفر الآخرة في عالم البرزخ ويرزقنا عالي جناته
مشكوورة فطوومة على الرواية الروووعة
يعطيك ربي ألف عاافية
موفقة لكل خير
تحياااتي
همـــــــــوسة
يا هلا هموووسة
الله يعافيك يا قلبي
ومشكووووورة على المتابعة من البداية
مودتي..
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024