مشاهدة النسخة كاملة : ممكن تفدوني مهم
(خادمة الرضا)
07-03-2009, 03:05 PM
لوسمحتوا هل يوجد من يفسر القران الكريم
لاني لي 3 ايام اذا فتحت القران الكريم
تفتح لي سورة النحل من اول الايات
ممكن اعرف وش تفسير اول ايات من سورة النمل
وفي اليوم الثالث 3 مرات افتح القران الكريم ونفس اشي
ينفتح على نفس السوره النحل
اعتذر عن الغلط في اسم السورة
نجف الخير
07-03-2009, 05:20 PM
السلام عليكم
التفائل بالقرآن الكريم جيد والآيات من الأوائل من سورة النمل مباركة ان شاء الله تفسيرها موجود في التفاسير المخصصة لذلك
وهذا تفسير الآيات الأوائل من سورة النحل
أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (4) وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)
====================
الغالب على الظن - إذا تدبرنا السورة - أن صدر السورة مما نزلت في أواخر عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة قبيل الهجرة، و هي أربعون آية يذكر الله سبحانه في شطر منها أنواع نعمه السماوية و الأرضية مما تقوم به حياة الإنسان و ينتفع به في معاشه نظاما متقنا و تدبيرا متصلا يدل على وحدانيته تعالى في ربوبيته.
و يحتج في شطر آخر على بطلان مزاعم المشركين و خيبة مساعيهم و أنه سيجازيهم كما جازى أمثالهم من الأمم الماضية و سيفصل القضاء بينهم يوم القيامة.
و قد افتتح سبحانه هذه الآيات بقوله: «أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه و تعالى عما يشركون» مفرعا آيات الاحتجاج على ما فيه من التنزيه و التسبيح و من ذلك يعلم أن عمدة الغرض في صدر السورة الإنباء بإشراف الأمر الإلهي و دنوه منهم و قرب نزوله عليهم، و فيه إبعاد للمشركين فقد كانوا يستعجلون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - استهزاء به - لما كانوا يسمعون كلام الله سبحانه يذكر كثيرا نزول أمره تعالى و ينذرهم به و فيه مثل قوله للمؤمنين: «فاعفوا و اصفحوا حتى يأتي الله بأمره» و ليس إلا أمره تعالى بظهور الحق على الباطل و التوحيد على الشرك و الإيمان على الكفر، هذا ما يعطيه التدبر في صدر السورة.
و أما ذيلها و هي ثمان و ثمانون آية من قوله: «و الذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا» إلى آخر السورة على ما بينها من الاتصال و الارتباط فسياق الآيات فيه يشبه أن تكون مما نزلت في أوائل عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة بعيد الهجرة - فصدر السورة و ذيلها متقاربا النزول - و ذلك لما فيها من آيات لا تنطبق مضامينها إلا على بعض الحوادث الواقعة بعيد الهجرة كقوله تعالى: «و الذين هاجروا في الله» الآية، و قوله: «و لقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر» الآية النازلة على قول في سلمان الفارسي و قد آمن بالمدينة، و قوله: «من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره» الآية النازلة في عمار - كما سيأتي - و كذا الآيات النازلة في اليهود و الآيات النازلة في الأحكام كل ذلك يفيد الظن بكون الآيات مدنية.
و مع ذلك فاختلاف النزول لائح من بعضها كقوله: «و الذين هاجروا» إلخ: الآية - 41، و قوله: «و إذا بدلنا آية مكان آية»: الآية: 101 إلى تمام آيتين أو خمس آيات، و قوله: «من كفر بالله من بعد إيمانه»: الآية: 106 و عدة آيات تتلوها.
و الإنصاف - بعد ذلك كله - أن قوله تعالى: «و الذين هاجروا»: الآية: 41 إلى تمام آيتين، و قوله: «من كفر بالله من بعد إيمانه»: الآية: 106 و بضع آيات بعدها، و قوله: «و إن عاقبتم فعاقبوا»: الآية: 126 و آيتان بعدها مدنية لشهادة سياقها بذلك، و الباقي أشبه بالمكية منها بالمدنية.
و هذا و إن لم يوافق شيئا من المأثور لكن السياق يشهد به و هو أولى بالإتباع.
و قد مر في تفسير آية 118 من سورة الأنعام احتمال أن تكون نازلة بعد سورة النحل و هي مكية.
و الغرض الذي هو كالجامع لآيات ذيل السورة أن فيها أمرا بالصبر و وعدا حسنا على الصبر في ذات الله.
و غرض السورة الإخبار بإشراف أمر الله و هو ظهور الدين الحق عليهم و يوضح تعالى ذلك ببيان أن الله هو الإله المعبود لا غير لقيام تدبير العالم به، كما أن الخلقة قائمة به و لانتهاء جميع النعم إليه، و انتفاء ذلك عن غيره، فالواجب أن يعبد الله و لا يعبد غيره، و بيان أن الدين الحق لله فيجب أن يؤخذ به و لا يشرع دونه دين و رد ما أبداه المشركون من الشبهة على النبوة و التشريع و بيان أمور من الدين الإلهي.
هذا هو الذي يرومه معظم آيات السورة و تنعطف إلى بيانه مرة بعد مرة و في ضمنها آيات تتعرض لأمر الهجرة و ما يناسب ذلك مما يحوم حولها.
قوله تعالى: «أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه و تعالى عما يشركون» ظاهر السياق أن الخطاب للمشركين لأن الآيات التالية مسوقة احتجاجا عليهم، إلى قوله في الآية الثانية و العشرين: «إلهكم إله واحد» و وجه الكلام فيها إلى المشركين، و هي جميعا كالمتفرعة على قوله في ذيل هذه الآية: «سبحانه و تعالى عما يشركون» و مقتضاه أن يكون الأمر الذي أخبر بإتيانه أمرا يطهر ساحة الربوبية من شركهم بحسم مادته، و لم تقع في كلامه حكاية استعجال من المؤمنين في أمر، بل المذكور استعجال المشركين بما كان يذكر في كلامه تعالى من أمر الساعة و أمر، الفتح و أمر نزول العذاب، كما يشير إليه قوله: «قل أ رأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ما ذا يستعجل منه المجرمون - إلى قوله - و يستنبؤنك أ حق هو قل إي و ربي إنه لحق و ما أنتم بمعجزين»: يونس: 53 إلى غير ذلك من الآيات.
و على هذا فالمراد بالأمر ما وعد الله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الذين آمنوا و أوعد المشركين مرة بعد مرة في كلامه أنه سينصر المؤمنين و يخزي الكافرين و يعذبهم و يظهر دينه بأمر من عنده كما قال: «فاعفوا و اصفحوا حتى يأتي الله بأمره»: البقرة: 109.
و إليه يعود أيضا ضمير «فلا تستعجلوه» على ما يفيده السياق أو يكون المراد بإتيان الأمر إشرافه على التحقق و قربه من الظهور، و هذا شائع في الكلام يقال لمن ينتظر ورود الأمير: هذا الأمير جاء و قد دنا مجيئه و لم يجىء بعد.
و على هذا أيضا يكون قوله: «سبحانه و تعالى عما يشركون» من قبيل الالتفات من الخطاب إلى الغيبة إشارة إلى أنهم ينبغي أن يعرض عن مخاطبتهم و مشافهتهم لانحطاط أفهامهم لشركهم و لم يستعجلوا نزول الأمر إلا لشركهم استهزاء و سخرية.
و بما مر يندفع ما ذكره بعضهم أن الخطاب في الآية للمؤمنين أو للمؤمنين و المشركين جميعا فإن السياق لا يلائمه.
على أنه تعالى يخص في كلامه الاستعجال بغير المؤمنين و ينفيه عنهم قال: «يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها و الذين آمنوا مشفقون منها و يعلمون أنها الحق»: الشورى: 18.
و كذا ما ذكروه أن المراد بالأمر هو يوم القيامة و ذلك أن المشركين و إن كانوا يستعجلونه أيضا كما يدل عليه قولهم على ما حكاه الله تعالى: «متى هذا الوعد إن كنتم صادقين»: يس: 48 لكن سياق الآيات لا يساعد عليه كما عرفت.
و من العجيب ما استدل به جمع منهم على أن المراد بالأمر يوم القيامة أنه تعالى لما قال في آخر سورة الحجر: «فوربك لنسألنهم أجمعين» و كان فيه تنبيه على حشر هؤلاء و سؤالهم قال في مفتتح هذه السورة: «أتى أمر الله» فأخبر بقرب يوم القيامة و كذا قوله في آخر الحجر: «و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين» و هو مفسر بالموت شديد المناسبة بأن يكون المراد بالأمر في هذه السورة يوم القيامة و مما يؤكد المناسبة قوله هناك: «يأتيك» و هاهنا: «أتى».
و أمثال هذه الأقاويل الملفقة مما ينبغي أن يلتفت إليه.
و نظيره قول بعضهم: إن المراد بالأمر واحدة الأوامر و معناه الحكم كأنه يشير به إلى ما في السورة من أحكام العهد و اليمين و محرمات الأكل و غيرها و الخطاب على هذا للمؤمنين خاصة و هو كما ترى.
قوله تعالى: «ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده» إلى آخر الآية.
الناس على اختلافهم الشديد قديما و حديثا في حقيقة الروح لا يختلفون في أنهم يفهمون منه معنى واحدا و هو ما به الحياة التي هي ملاك الشعور و الإرادة فهذا المعنى هو المراد في الآية الكريمة.
و أما حقيقته إجمالا فالذي يفيده مثل قوله تعالى: «يوم يقوم الروح و الملائكة صفا»: النبأ: 38، و قوله: «تعرج الملائكة و الروح إليه»: المعارج: 4 و غيرهما أنه موجود مستقل ذو حياة و علم و قدرة و ليس من قبيل الصفات و الأحوال القائمة بالأشياء كما ربما يتوهم، و قد أفاد بقوله: «قل الروح من أمر ربي» أنه من سنخ أمره، و عرف أيضا أمره بمثل قوله: «إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء»: يس: 83، فدل على أنه كلمة الإيجاد التي يوجد سبحانه بها الأشياء أي الوجود الذي يفيضه عليها لكن لا من كل جهة بل من جهة استناده إليه تعالى بلا مادة و لا زمان و لا مكان كما يفيده قوله: «و ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر»: القمر: 50 فإن هذا التعبير إنما يورد فيما لا تدريج فيه أي لا مادة و لا حركة له، و ليكن هذا الإجمال عندك حتى يرد عليك تفصيله فيما سيأتي إن شاء الله في تفسير سورة الإسراء.
فتحصل أن الروح كلمة الحياة التي يلقيها الله سبحانه إلى الأشياء فيحييها بمشيئته، و لذلك سماه وحيا و عد إلقاءه و إنزاله على نبيه إيحاء في قوله: «و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا»: الشورى: 52، فإن الوحي هو الكلام الخفي و التفهيم بطريق الإشارة و الإيماء فيكون إلقاء كلمته تعالى - كلمة الحياة - إلى قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحيا للروح إليه، فافهم ذلك.
فقوله تعالى: «ينزل الملائكة بالروح من أمره» الباء للمصاحبة أو للسببية و لا كثير تفاوت بينهما في المآل كما هو ظاهر عند المتأمل فإن تنزيل الملائكة بمصاحبة الروح إنما هو لإلقائه في روح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليفيض عليه المعارف الإلهية و كذا تنزيلهم بسبب الروح لأن كلمته تعالى أعني كلمة الحياة تحكم في الملائكة و تحييهم كما تحكم في الإنسان و تحييه، و ضمير «ينزل» له تعالى و الجملة استئناف تفيد تعليل قوله في الآية السابقة: «سبحانه و تعالى عما يشركون».
و المعنى: أن الله منزه و متعال عن شركهم أو عن الشريك الذي يدعونه له و لتنزهه و تعاليه عن الشريك ينزل سبحانه الملائكة بمصاحبة الروح الذي هو من سنخ أمره و كلمته في الإيجاد - أو بسببه - على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون.
و ذكر بعضهم أن المراد بالروح الوحي أو القرآن و سمي روحا لأن به حياة القلوب، كما أن الروح الحقيقي به حياة الأبدان.
قال: و قوله: «من أمره» أي بأمره، و نظيره قوله: «يحفظونه من أمر الله» أي بأمر الله لأن أحدا لا يحفظه عن أمره، انتهى.
أما قوله: إن «من» في قوله «من أمره» بمعنى الباء استنادا إلى قوله: «يحفظونه من أمر الله» أي بأمر الله إلخ فقد مر في تفسير سورة الرعد أن «من» على ظاهر معناه و أن بعض أمره تعالى يحفظ الأشياء من بعض أمره فلا وجه لأخذ «من أمره» بمعنى «بأمره» بل قوله «بالروح من أمره» معناه بالروح الكائن من أمره - على أن الظرف مستقر لا لغو - كما في قوله: «قل الروح من أمر ربي» و معناه ما تقدم.
و أما قوله: إن الروح بمعنى الوحي أو القرآن و كذا قول بعضهم: إنه بمعنى النبوة فلا يخلو عن وجه بحسب النتيجة بمعنى أن نتيجة نزول الملائكة بالروح من أمره هو الوحي أو النبوة، و أما في نفسه و هو أن يسمى الوحي أو النبوة روحا باشتراك لفظي أو مجازا من حيث إنه يحيي القلوب و يعمرها، كما أن الروح به حياة الأبدان و عمارتها فهو فاسد لما بيناه مرارا أن الطريق إلى تشخيص مصاديق الكلمات في كلامه تعالى هو الرجوع إلى سائر ما يصلح من كلامه لتفسيره دون الرجوع إلى العرف و ما يراه في مصاديق الألفاظ.
و المتحصل من كلامه سبحانه أن الروح خلق من خلق الله و هو حقيقة واحدة ذات مراتب و درجات مختلفة منها ما في الحيوان و غير المؤمنين من الإنسان و منها ما في المؤمنين من الإنسان، قال تعالى: «و أيدهم بروح منه»: المجادلة: 22، و منها ما يتأيد به الأنبياء و الرسل كما قال «و أيدناه بروح القدس»: البقرة: 87، و قال: «و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا»: الشورى: 52 على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله.
هذا ما تفيده الآيات الكريمة و أما أن إطلاق اللفظ على هذا المعنى هل هي حقيقة أو مجاز و ما أمعنوا في البحث أنه من الاستعارة المصرحة أو استعارة بالكناية أو أن قوله: «بالروح من أمره» من قبيل التشبيه لذكر المشبه صريحا بناء على كون «من» في قوله: «من أمره» بيانية كما صرحوا في قوله: «حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر»: البقرة: 187 أنه من التشبيه للتصريح بالمشبه في متن الكلام فكل ذلك من الأبحاث الأدبية الفنية التي ليس لها كثير تأثير في الحصول على الحقائق.
و ذكر بعضهم أن «من أمره» بيان للروح، و «من» للتبيين، و المراد بالروح الوحي، كما تقدم.
و فيه أنه مدفوع بقوله تعالى: «قل الروح، من أمر ربي» فإن من الواضح أن الآيتين تسلكان مسلكا واحدا، و ظاهر آية الإسراء أن «من» فيها للابتداء أو للنشوء، و المراد بيان أن الروح من سنخ الأمر و شأن من شئونه و يقرب منها قوله تعالى: «تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر»: القدر: 4.
و ذكر بعضهم أن المراد بالروح هو جبريل و أيده بقوله: «نزل به الروح الأمين على قلبك»: الشعراء: 194، فإن من المسلم أن المراد به في الآية، هو جبريل و الباء للمصاحبة و المراد بالملائكة ملائكة الوحي و هم أعوان جبريل، و المراد بالأمر واحد الأوامر، و المعنى ينزل تعالى ملائكة الوحي بمصاحبة جبريل بأمره و إرادته.
و فيه أن هذه الآية نظيرة قوله تعالى: «يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق»: المؤمن: 15، و ظاهره لا يلائم كون المراد بالروح هو جبريل.
و أردأ الوجوه ما ذكره بعضهم أن المراد بالروح أرواح الناس لا ينزل ملك إلا و معه واحد من الأرواح، و هو منقول عن مجاهد، و فساده ظاهر.
و قوله: «على من يشاء من عباده» أي إن بعث الرسل و تنزيل الملائكة بالروح من أمره عليهم متوقف على مجرد المشية الإلهية من غير أن يقهره تعالى في ذلك قاهر غيره فيجبره على الفعل أو يمنعه من الفعل كما في سائر أفعاله تعالى فإنه تعالى يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد.
فلا ينافي ذلك كون فعله ملازما لحكم و مصالح و مختلفا باختلاف الاستعدادات لا يقع إلا عن استعداد في المحل و صلاحية للقبول فإن استعداد المستعد ليس إلا كسؤال السائل، فكما أن سؤال السائل إنما يقربه من جود المسئول و عطائه من غير أن يجبره على الإعطاء و يقهره كذلك الاستعداد في تقريبه المستعد لإفاضته تعالى و حرمان غير المستعد من ذلك فهو تعالى يفعل ما يشاء من غير أن يوجبه عليه شيء أو يمنعه عنه شيء لكنه لا يفعل شيئا و لا يفيض رحمة إلا عن استعداد فيما يفيض عليه و صلاحية منه.
و قد أفاد ذلك في خصوص الرسالة حيث قال: «و إذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله، الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله و عذاب شديد بما كانوا يمكرون»: الأنعام: 124، فإن الآية ظاهرة في أن الموارد مختلفة في قبول كرامة الرسالة و أن الله سبحانه أعلم بالمورد الذي يصلح لها و يستأهل لتلك الكرامة و هو غير هؤلاء المجرمين الماكرين و أما هم فليس لهم عند الله إلا الصغار و العذاب لإجرامهم و مكرهم.
هذا.
و من هنا يظهر فساد استدلال بعضهم بالآية على نفي المرجح في مورد الرسالة و محصل ما ذكره أن الآية تعلق الرسالة على مجرد المشية الإلهية من غير أن تقيدها بشيء، فالرسول إنما ينال الرسالة بمشية من الله لا لاختصاصه بصفات تؤهله لذلك و يرجحه على غيره و وجه الفساد ظاهر مما تقدم.
و نظيره في الفساد الاستدلال بالآية على كون الرسالة عطائية غير كسبية، و ذلك أنه تعالى غير محكوم عليه في ما ينسب إليه من الفعل لا يفعل إلا ما يشاء، و الأمور العطائية و الكسبية في ذلك سواء، و لا شيء يقع في الوجود إلا بإذنه.
و قوله: «أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون» بيان لقوله: «ينزل الملائكة بالروح» لكونه في معنى الوحي أو بيان للروح بناء على كونه بمعنى الوحي، و الإنذار هو إخبار فيه تخويف، كما أن التبشير هو إخبار فيه سرور على ما ذكره الراغب أو إعلام بالمحذور كما ذكره غيره، و التقدير على الأول أخبروهم مخوفين بوحدانيتي في الألوهية و وجوب تقواي، و على الثاني أعلموهم ذلك، على أن يكون «أنه» مفعولا ثانيا لا منصوبا بنزع الخافض.
دمتم بود
vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
Jannat Alhusain Network © 2024