حيــــــــــدرة
11-03-2009, 02:08 AM
بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
والحـــــــمد لله قاصم الجبارين ومبير الظالمين وفاضح الكذابين
... رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ...
يامقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك ما أحييتني
_____________________
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
أطلع الله تعالى رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله على أهداف المتآمرين ومخططاتهم، وكشف له قادتهم، ورسم له صورة يقينية لحركة الأحداث المستقبلية، لكن حكومة العدل الإلهي لا تعاقب على النوايا والأهداف ما لم تخرج إلى حيز الواقع وتترجم إلى أفعال مادية، والمتآمرون كانوا ينتظرون بفارغ الصبر موت النبي، لينفذوا تلك الأهداف، ويترجموا تلك النوايا الفاسدة.
لذلك لم يبق أمام الرسول سوى تحذير الأمة - وخاصة الفئة القليلة المؤمنة من الخطر الماحق المحدق بها، ومن كشف قادة التآمر وكشف أهدافهم ونواياهم، وكشف أوليائهم ووسمهم بمياسم يعرفون بها.
فقد سمى رسول الله الذين أسلموا خلال فتح مكة (بالطلقاء) ليميزهم عن غيرهم من المسلمين، وعندما تلفظ أئمة الكفر الذين قادوا جبهة الشرك بالإسلام سماهم رسول الله بالمؤلفة قلوبهم، فكان رسول الله يعطي الواحد منهم مبلغا من المال ليؤلف قلبه، وحتى لا ينقلب عليه لأن أئمة الكفر لا أيمان لهم. كانت الفئة المؤمنة تعرف الطلقاء، وتعرف المؤلفة قلوبهم، وتعرف تاريخهم الأسود، وأن إسلامهم مهزوز، وهذه إشارات كافية لو أطيع الله ورسوله، ثم إن الفئة القليلة المؤمنة كانت تعرف المنافقين، بل إن الرسول الأعظم قد وضع معيارا علميا مجردا لتمييز المؤمن من المنافق، فكشف الرسول بأمر من ربه هذه المعيار قائلا ...:
(لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) ..
( صحيح الترمذي ج 2 ص 30، وصحيح النسائي ج 2 ص 27، وخصائص النسائي ص 27، وصحيح ابن ماجة ص 12، ومسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 84 و 95 و 128، وتاريخ بغداد ج 2 ص 255، وحلية الأولياء ج 4 ص 185 وقال هذا حديث صحيح، وكنز العمال ج 6 ص 394 ) ...
قال أبو سعيد الخدري:
(كنا نعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب) ...
( صحيح الترمذي ص 299، ومسند أحمد ج 6 ص 292 ).
وأكد أبو ذر الغفاري وجود هذا المعيار واستعماله فقال:
( ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم لله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب) ( المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 129 وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وكنز العمال ج 6 ص 39، والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 214 ).
وأكد ابن مسعود وجود هذا المعيار بقوله:
(كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ببغضهم لعلي بن أبي طالب)...
( تاريخ بغداد ج 3 ص 153، وكتاب (الهاشميون في الشريعة) ص 225 وما فوق ).
وأكد جابر بن عبد الله الأنصاري استعمال المؤمنين لهذا المعيار بقوله:
(ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب) ...
( الاستيعاب لابن عبد البر ج 2 ص 464، ومجمع الزوائد ج 9 ص 123 وقال رواه الطبراني في الأوسط ورواه البزار ).
هذا المعيار الذي وضعه الله ورسوله لمعرفة المؤمنين من المنافقين كاف لو أطيعا، فلو أحبت الفئة المؤمنة الإمام عليا وإطاعته، لأفشل مؤامرات المتآمرين!!!
ولم يكتف الرسول بذلك بل صرح علنا بوجود قيادة تخريبية، فقال أمام أصحابه يوما :
(إن في أصحابي اثني عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل من سم الخياط) ...
( رواه الإمام أحمد ومسلم في صحيحه راجع كنز العمال ج 1 ص 164، ومعالم الفتن ج 1 ص 67 ) ..
قال الرواي عن رسول الله حذيفة :
(أشهد أن الاثني عشر حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) ...
( رواه مسلم في صحيحه ج 17 ص 125 ) .
وروى عمار بن ياسر مثل ذلك في الفتح الرباني ج 21 ص 202.
ومن الطبيعي أن يسمي رسول الله قادة التخريب، لأن رسول الله ما ترك قائد فتنة إلا وقد سماه للناس باسمه واسم أبيه واسم قبيلته ...
( راجع ما رواه أبو داود في عون المعبود حديث رقم 4222 - 4243 ).
واقترب الرسول من نقطة الخطر، فأعلن أمام أصحابه محذرا وكاشفا المتآمرين بقوله :
(هلاك أمتي على يد غلمة من قريش) ...
( رواه البخاري كتاب بدء الخلق باب علامات النبوة ج 2 ص 280 ) .
ووضح النبي الصورة فقال :
(يهلك أمتي هذا الحي من قريش) ...
( رواه البخاري أيضا في كتاب بدء الخلق باب علامات النبوة ج 2 ص 280، ومسلم في صحيحه كتاب الفتن ج 18 ص 41 ) .
وتوسع النبي في هذه الناحية فقال لأصحابه: (لتحملنكم قريش على سنة فارس والروم، ولتؤمنن عليكم اليهود والنصارى والمجوس) ...
( مجمع الزوائد ج 7 ص 236 وقال رواه الطبري ) .
ويقصد الرسول من قريش (الغلمة)، الذي أشار إليهم، (والحي) الذي وضحه. بعد هذا التعميم أخذ رسول الله يوضح الصورة بالتخصيص لتكون مفهومة للجميع فوقف النبي طويلا عند بني أمية، وحذر الأمة منهم، وكشف حقيقة مشاعرهم فقال :
(إن أكثر بطون قريش بغضا لمحمد ولآل محمد هم بنو أمية وبنو مخزوم...) ...
( المستدرك على الصحيحين للحاكم وحلية الأولياء لأبي نعيم، وكنز العمال ج 11 ص 169 ) .
وتحدث الرسول عن الشجرة الملعونة، وعد رؤياه لنزو الأمويين على منبره نزوالقرود، وتيقن المسلمون من استياء الرسول البالغ من تلك الرؤيا ...
( رواه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 174 وأقره الذهبي وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 6 ص 243 رواه الترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي ).
ثم وقف الرسول طويلا عند الحكم بن العاص والد مروان بن الحكم وجد خلفاء بني أمية فقال الرسول لأصحابه:
(ويل لأمتي من هذا وولد هذا) ...
( راجع كنز العمال ج 11 ص 167، والإصابة لابن حجر ج 2 ص 29 ) .
وقال يوما لأصحابه مشيرا إلى الحكم: (ويل لأمتي مما في صلب هذا) ...
( رواه ابن عساكر راجع كنز العمال ج 11 ص 167 ).
وأشار الرسول إلى ذات الشخص بقوله :
(إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة رسوله وسيخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء وبعضكم يومئذ شيعته) ...
( رواه الدارقطني راجع كنز العمال ج 11 ص 167، وابن عساكر ج 11 ص 360، والطبراني ج 11 ص 167 ).
وبعد أن كشف الرسول خطورة الرجل وحقيقة أولاده (لعنه رسول الله ولعن أولاده) ...
( مجمع الزوائد ج 5 ص 241 وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ) .
قال عبد الرحمن بن أبي بكر لمروان :
(إن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه) ...
( مجمع الزوائد ج 5 ص 241 وقال رواه البزار ) .
وقال الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب لمروان: (لقد لعنك الله على لسان رسوله وأنت في صلب أبيك) ...
( مجمع الزوائد ج 5 ص 240، وابن سعد وابن عساكر راجع كنز العمال ج 11 ص 357، وابن كثير ج 8 ص 280 ).
وحتى يكون الأمر معلوما للجميع، والخطر مكشوفا أمام الجميع أمر رسول الله بنفي الحكم بن العاص، فنفاه بالفعل، وأعلن بأنه عدو لله ولرسوله، وبقي منفيا طوال عهد الرسول، وطوال عهدي أبي بكر وعمر، ولما آلت الخلافة إلى عثمان أعاده معززا مكرما، واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه وحاملا لأختامه وناطقا باسمه، ولما مات الحكم أقام عثمان على قبره فسطاطا تعبيرا عن حزنه كما كان يفعل أهل الجاهلية ...
( الإصابة لابن حجر ج 2 ص 29 ).
وتوقف الرسول عند أبي سفيان وأولاده يزيد ومعاوية قليلا لأن الناس جميعا كانوا على يقين بأن أبا سفيان وأولاده كانوا هم قادة جبهة الشرك، ورموز أئمة الكفر، فهم ألد أعداء الله ورسوله، وكان الناس كلهم يعرفون، بأن آل أبي سفيان موتورون، وحاقدون على رسول الله وآله ومن المحال أن تشفى قلوبهم من هذا الحقد، فمن غير المعقول أن ينسى الذين آمنوا أصحاب هذا التاريخ الأسود، ومع هذا فإن رسول الله قد توقف عندهم وحذر منهم ولعنهم.
قال الحلبي في رواية عن رسول الله، صار رسول الله يقول: (اللهم العن فلانا وفلانا) ...
( السيرة الحلبية ج 2 ص 234 ) .
وأخرج البخاري قال: حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول:
(اللهم العن فلانا وفلانا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده وقال السيوطي :
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: قال رسول الله يوم أحد: (اللهم العن أبا سفيان، والعن الحرث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية).
قال السيوطي وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قال (كان الرسول يدعو على أربعة نفر وكان يقول في صلاة الصبح (اللهم العن فلانا وفلانا...) ...
( الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 71 ) .
وأخرج نصر بن مزاحم المنقري عن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(اللهم العن التابع والمتبوع) اللهم عليك بالأقيعس، فقال ابن البراء لأبيه الأقيعس؟ قال: معاوية) ...
( وقعة صفين ص 217 تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون ).
وأخرج نصر بن مزاحم قال... فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه أحدهما قائد وآخر سائق، فلما نظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اللهم العن القائد والسائق والراكب) قلنا أنت سمعت رسول الله؟ قال: (نعم وإلا فصمت أذناي) ...
( وقعة صفين ص 220 تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون ).
وانظر إلى رسالة محمد بن أبي بكر التي وجهها لمعاوية فقد جاء فيها:
(وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو أصدق الناس نية، وأفضل الناس ذرية، وخير الناس زوجة... وأنت اللعين ابن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله الغوائل، وتجهدان في إطفاء نور الله، تجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل، وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلقته) ...
( مروج الذهب للمسعودي ج 3، ص 14، وإمتاع الأسماع للمقريزي ).
مما يدل أن لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سفيان ومعاوية كان شائعا ومعروفا بين الناس وما يدل على صحة ذلك أن معاوية الذي رد على رسالة محمد بن أبي بكر لم ينف واقعة لعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأبيه وله ولإخوته).
وأكمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رسم الصورة فكشف كل العناصر التي ستجلب أو تساهم بجلب هذا الخطر المحدق، فقال: (ليردن علي قوم أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم يوم القيامة) ( صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 1 ص 141، وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 15 ص 159 ورواه أحمد والبيهقي راجع كنز العمال ج 14 ص 418 ).
وفي رواية أخرى (فأقول يا رب أصحابي!! فيقال لي: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) ...
( صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 1 ص 141، وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 15 ص 159 ).
وفي رواية أخرى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... فيقال: (إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم) ...
( راجع صحيح البخاري تفسير سورة الأنبياء ج 3 ص 160، وصحيح مسلم ج 17 ص 94 ).
ووضح النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصورة أكثر قال قلت: ما شأنهم فيقال لي:
(إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم) ...
( صحيح البخاري ج 4 ص 142 كتاب الدعوات باب الصراط ).
ومعنى ذلك أنه لن يكون بإمكان المتآمرين تنفيذ مخططاتهم دون دعم ومؤازرة بعض أولئك اللصيقيين بالنبي من أصحابه.
ولغاية إكمال الحلقة، وحتى لا يضل الناس بعد هدى وتوضيحا وتبيانا لما سيكون، وكشفا لحقيقة المتآمرين الذين ينتظرون بفارغ الصبر موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يحرفوا ويأولوا الواضحات قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم محذرا وملخصا بقوله :
(أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن ويضعه على غير موضعه، ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره) ...
( رواه الطبراني راجع معالم الفتن ج 1 ص 91 ).
لأن الله قد حسم الموقف وخصص فئة معينة لفهم القرآن فهما يقينيا وهم أهل بيت النبوة، والمتأول يقفو ما ليس له به علم، ويتولى مهمة مخصصة لغيره، ولأن هذا المتأول محكوم بهواه، واتباع آرائه الشخصية، مما يعني إهمال مضامين الشرعية الإلهية، وإحلال التأملات والآراء الشخصية محلها، تحت شعار أن هذا المتأول مشفق وناصح لله ولرسوله ومجتهد وأنه يرى ما لا يرى أهل بيت النبوة والقلة المؤمنة.
وتوضيحا للصورة بين الرسول الأعظم أن القرآن سيقرأه بعد وفاة الرسول ثلاثة (مؤمن ومنافق وفاجر) ...
( رواه الحاكم وأقره الذهبي في ذيل المستدرك ج 4 ص 507 ) ..
ولكن لا يمسه إلا المطهرون أي لا يفهم المقصود الشرعي إلا المطهرون وهم أئمة أهل بيت النبوة، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
وليقنع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بأن ما يقوله يقين ومن عند الله، بين لهم أن بني إسرائيل حين تركوا النصوص الشرعية وقالوا بالرأي ضلوا وأضلوا) ...
( رواه الطبراني كنز العمال ج 11 ص 181 ).
وليكشف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كافة جوانب المؤامرة فقد توقف طويلا عند بعض زوجاته.
روى البخاري في صحيحه (كتاب الجهاد والسير باب ما جاء في أزواج الرسول عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال:
(قام رسول الله خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: (ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان) ...
( صحيح البخاري مطابع الشعب ج 4 ص 100 ).
وفي لفظ آخر خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة فقال: (رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان)...
( صحيح مسلم كتاب الفتن الفتنة من المشرق ج 2 ص 560 وج 18 ص 31 - 33 بشرح النووي (3) سورة التحريم آية: 4 ).
فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان مريضا في بيت عائشة، وأن المواجهة بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعمر بن الخطاب في بيت عائشة، قرب الاحتمال أن تكون عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي التي أخبرت عمر بن الخطاب عن الموعد الذي حدده النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكتابة توجيهاته النهائية وعن مضمون هذه التوجيهات، وعلى أثرها استعد عمر وحشد عددا كبيرا من أعوانه ليحولوا بين الرسول وبين كتابة توجيهاته.
ثم إن القرآن الكريم قد أشار إلى زوجتين من زوجات الرسول بقوله:
(وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه) ...
قال عمر بن الخطاب في ما بعد إن اللتين تظاهرتا على الرسول هي حفصة ابنة عمر، وعائشة ابنة أبي بكر، هكذا أخرج البخاري في تفسير هذه الآية ...، ثم إن الله تعالى قد طلب منهما التوبة والتوبة لا تطلب إلا ممن عصى ...!
( صحيح البخاري ج 3 ص 136 - 137. الكشاف ج 4 ص 566، وتفسير الرازي ج 8 ص 332، والدر المنثور ج 6 ص 239، وتفسير القرطبي ج 18 ص 777 و 188، وفتح القدير ج 5 ص 250، وتفسير ابن كثير ج 4 ص 387 ).
قالت عائشة يوما للنبي ...
(أنت الذي تزعم أنك رسول الله) ... ولهما ضرب الله مثلا (امرأة نوح وامرأة لوط) ...
( آداب النكاح ج 2 ص 35 لمحمد الغزالي، وكاشفة القلوب باب 94 ص 237. تفسير القرطبي ج 18 ص 202 وفتح القدير للشوكاني ج 5 ص 255 ).
والواضح تاريخيا أن السيدة عائشة كانت تحقد على الإمام علي عليه السلام ولا تطيق أن تلفظ اسمه ...
( راجع كتاب المواجهة تجد الكثير من النصوص التي تزيد ذلك ص 501 وما فوق ) .
وقد خرجت على الإمام علي تحت شعار المطالبة بدم عثمان، ونبحتها كلاب الحؤاب كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد عرف الخليفة عمر بن الخطاب جميلهما، فكان يميزهما بالعطاء عن بقية أزواج الرسول، وكانت كلمتهما مسموعة عنده، فلو طلبتا منه أن يستخلف عبدا حبشيا لفعل! قال عمر لابنه عبد الله عندما أبلغه بأن عائشة تطلب منه أن يستخلف على المسلمين ولا يتركهم بعده بلا خليفة (ومن تأمرني أن أستخلف) ...
( الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 22 ).
والخــــــــــلاصة ...:
والمعنى أن رسول الله قد كشف أصحاب الخطر على الشرعية الإلهية، وسماهم بأسمائهم ( راجع ما رواه أبو داود في عون المعبود حديث رقم 4222 - 4243 ) ووسمهم بمياسم خاصة يعرفون بها، وكان لعن الله لبعضهم على لسان رسوله من أعظم المياسم التي وسمهم بها ومن أوضحها، وقد بذل أعداء الله جهودا مضنية لمحو هذا الميسم ثم توصلوا أخيرا إلى نتيجة فاسدة مفادها أن رسول الله بزعمهم كان يفقد السيطرة على أعصابه فيسب المسلمين ويشتمهم ويلعنهم بدون سبب!!!
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) فهل يعقل أن يفعل ذلك صاحب الخلق العظيم
(وإنك لعلى خلق عظيم)!!!!
"بتصرف بسيط للأختصار والتبسيط"
"أين سنة الرسول ؟!!
وماذا فعلوا بها
تأليف
المحامي أحمد حسين يعقوب"
والســـــ على من أتبع الهدى وآله ـــــــــــلام
_(حيــــــــــــــدرة )_
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
والحـــــــمد لله قاصم الجبارين ومبير الظالمين وفاضح الكذابين
... رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ...
يامقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك ما أحييتني
_____________________
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
أطلع الله تعالى رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله على أهداف المتآمرين ومخططاتهم، وكشف له قادتهم، ورسم له صورة يقينية لحركة الأحداث المستقبلية، لكن حكومة العدل الإلهي لا تعاقب على النوايا والأهداف ما لم تخرج إلى حيز الواقع وتترجم إلى أفعال مادية، والمتآمرون كانوا ينتظرون بفارغ الصبر موت النبي، لينفذوا تلك الأهداف، ويترجموا تلك النوايا الفاسدة.
لذلك لم يبق أمام الرسول سوى تحذير الأمة - وخاصة الفئة القليلة المؤمنة من الخطر الماحق المحدق بها، ومن كشف قادة التآمر وكشف أهدافهم ونواياهم، وكشف أوليائهم ووسمهم بمياسم يعرفون بها.
فقد سمى رسول الله الذين أسلموا خلال فتح مكة (بالطلقاء) ليميزهم عن غيرهم من المسلمين، وعندما تلفظ أئمة الكفر الذين قادوا جبهة الشرك بالإسلام سماهم رسول الله بالمؤلفة قلوبهم، فكان رسول الله يعطي الواحد منهم مبلغا من المال ليؤلف قلبه، وحتى لا ينقلب عليه لأن أئمة الكفر لا أيمان لهم. كانت الفئة المؤمنة تعرف الطلقاء، وتعرف المؤلفة قلوبهم، وتعرف تاريخهم الأسود، وأن إسلامهم مهزوز، وهذه إشارات كافية لو أطيع الله ورسوله، ثم إن الفئة القليلة المؤمنة كانت تعرف المنافقين، بل إن الرسول الأعظم قد وضع معيارا علميا مجردا لتمييز المؤمن من المنافق، فكشف الرسول بأمر من ربه هذه المعيار قائلا ...:
(لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق) ..
( صحيح الترمذي ج 2 ص 30، وصحيح النسائي ج 2 ص 27، وخصائص النسائي ص 27، وصحيح ابن ماجة ص 12، ومسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 84 و 95 و 128، وتاريخ بغداد ج 2 ص 255، وحلية الأولياء ج 4 ص 185 وقال هذا حديث صحيح، وكنز العمال ج 6 ص 394 ) ...
قال أبو سعيد الخدري:
(كنا نعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب) ...
( صحيح الترمذي ص 299، ومسند أحمد ج 6 ص 292 ).
وأكد أبو ذر الغفاري وجود هذا المعيار واستعماله فقال:
( ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم لله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب) ( المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 129 وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وكنز العمال ج 6 ص 39، والرياض النضرة للطبري ج 2 ص 214 ).
وأكد ابن مسعود وجود هذا المعيار بقوله:
(كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ببغضهم لعلي بن أبي طالب)...
( تاريخ بغداد ج 3 ص 153، وكتاب (الهاشميون في الشريعة) ص 225 وما فوق ).
وأكد جابر بن عبد الله الأنصاري استعمال المؤمنين لهذا المعيار بقوله:
(ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب) ...
( الاستيعاب لابن عبد البر ج 2 ص 464، ومجمع الزوائد ج 9 ص 123 وقال رواه الطبراني في الأوسط ورواه البزار ).
هذا المعيار الذي وضعه الله ورسوله لمعرفة المؤمنين من المنافقين كاف لو أطيعا، فلو أحبت الفئة المؤمنة الإمام عليا وإطاعته، لأفشل مؤامرات المتآمرين!!!
ولم يكتف الرسول بذلك بل صرح علنا بوجود قيادة تخريبية، فقال أمام أصحابه يوما :
(إن في أصحابي اثني عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل من سم الخياط) ...
( رواه الإمام أحمد ومسلم في صحيحه راجع كنز العمال ج 1 ص 164، ومعالم الفتن ج 1 ص 67 ) ..
قال الرواي عن رسول الله حذيفة :
(أشهد أن الاثني عشر حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) ...
( رواه مسلم في صحيحه ج 17 ص 125 ) .
وروى عمار بن ياسر مثل ذلك في الفتح الرباني ج 21 ص 202.
ومن الطبيعي أن يسمي رسول الله قادة التخريب، لأن رسول الله ما ترك قائد فتنة إلا وقد سماه للناس باسمه واسم أبيه واسم قبيلته ...
( راجع ما رواه أبو داود في عون المعبود حديث رقم 4222 - 4243 ).
واقترب الرسول من نقطة الخطر، فأعلن أمام أصحابه محذرا وكاشفا المتآمرين بقوله :
(هلاك أمتي على يد غلمة من قريش) ...
( رواه البخاري كتاب بدء الخلق باب علامات النبوة ج 2 ص 280 ) .
ووضح النبي الصورة فقال :
(يهلك أمتي هذا الحي من قريش) ...
( رواه البخاري أيضا في كتاب بدء الخلق باب علامات النبوة ج 2 ص 280، ومسلم في صحيحه كتاب الفتن ج 18 ص 41 ) .
وتوسع النبي في هذه الناحية فقال لأصحابه: (لتحملنكم قريش على سنة فارس والروم، ولتؤمنن عليكم اليهود والنصارى والمجوس) ...
( مجمع الزوائد ج 7 ص 236 وقال رواه الطبري ) .
ويقصد الرسول من قريش (الغلمة)، الذي أشار إليهم، (والحي) الذي وضحه. بعد هذا التعميم أخذ رسول الله يوضح الصورة بالتخصيص لتكون مفهومة للجميع فوقف النبي طويلا عند بني أمية، وحذر الأمة منهم، وكشف حقيقة مشاعرهم فقال :
(إن أكثر بطون قريش بغضا لمحمد ولآل محمد هم بنو أمية وبنو مخزوم...) ...
( المستدرك على الصحيحين للحاكم وحلية الأولياء لأبي نعيم، وكنز العمال ج 11 ص 169 ) .
وتحدث الرسول عن الشجرة الملعونة، وعد رؤياه لنزو الأمويين على منبره نزوالقرود، وتيقن المسلمون من استياء الرسول البالغ من تلك الرؤيا ...
( رواه الحاكم في المستدرك ج 3 ص 174 وأقره الذهبي وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 6 ص 243 رواه الترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي ).
ثم وقف الرسول طويلا عند الحكم بن العاص والد مروان بن الحكم وجد خلفاء بني أمية فقال الرسول لأصحابه:
(ويل لأمتي من هذا وولد هذا) ...
( راجع كنز العمال ج 11 ص 167، والإصابة لابن حجر ج 2 ص 29 ) .
وقال يوما لأصحابه مشيرا إلى الحكم: (ويل لأمتي مما في صلب هذا) ...
( رواه ابن عساكر راجع كنز العمال ج 11 ص 167 ).
وأشار الرسول إلى ذات الشخص بقوله :
(إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة رسوله وسيخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء وبعضكم يومئذ شيعته) ...
( رواه الدارقطني راجع كنز العمال ج 11 ص 167، وابن عساكر ج 11 ص 360، والطبراني ج 11 ص 167 ).
وبعد أن كشف الرسول خطورة الرجل وحقيقة أولاده (لعنه رسول الله ولعن أولاده) ...
( مجمع الزوائد ج 5 ص 241 وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ) .
قال عبد الرحمن بن أبي بكر لمروان :
(إن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه) ...
( مجمع الزوائد ج 5 ص 241 وقال رواه البزار ) .
وقال الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب لمروان: (لقد لعنك الله على لسان رسوله وأنت في صلب أبيك) ...
( مجمع الزوائد ج 5 ص 240، وابن سعد وابن عساكر راجع كنز العمال ج 11 ص 357، وابن كثير ج 8 ص 280 ).
وحتى يكون الأمر معلوما للجميع، والخطر مكشوفا أمام الجميع أمر رسول الله بنفي الحكم بن العاص، فنفاه بالفعل، وأعلن بأنه عدو لله ولرسوله، وبقي منفيا طوال عهد الرسول، وطوال عهدي أبي بكر وعمر، ولما آلت الخلافة إلى عثمان أعاده معززا مكرما، واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه وحاملا لأختامه وناطقا باسمه، ولما مات الحكم أقام عثمان على قبره فسطاطا تعبيرا عن حزنه كما كان يفعل أهل الجاهلية ...
( الإصابة لابن حجر ج 2 ص 29 ).
وتوقف الرسول عند أبي سفيان وأولاده يزيد ومعاوية قليلا لأن الناس جميعا كانوا على يقين بأن أبا سفيان وأولاده كانوا هم قادة جبهة الشرك، ورموز أئمة الكفر، فهم ألد أعداء الله ورسوله، وكان الناس كلهم يعرفون، بأن آل أبي سفيان موتورون، وحاقدون على رسول الله وآله ومن المحال أن تشفى قلوبهم من هذا الحقد، فمن غير المعقول أن ينسى الذين آمنوا أصحاب هذا التاريخ الأسود، ومع هذا فإن رسول الله قد توقف عندهم وحذر منهم ولعنهم.
قال الحلبي في رواية عن رسول الله، صار رسول الله يقول: (اللهم العن فلانا وفلانا) ...
( السيرة الحلبية ج 2 ص 234 ) .
وأخرج البخاري قال: حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول:
(اللهم العن فلانا وفلانا بعد ما يقول سمع الله لمن حمده وقال السيوطي :
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال: قال رسول الله يوم أحد: (اللهم العن أبا سفيان، والعن الحرث بن هشام، اللهم العن سهيل بن عمرو، اللهم العن صفوان بن أمية).
قال السيوطي وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قال (كان الرسول يدعو على أربعة نفر وكان يقول في صلاة الصبح (اللهم العن فلانا وفلانا...) ...
( الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 71 ) .
وأخرج نصر بن مزاحم المنقري عن البراء بن عازب قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(اللهم العن التابع والمتبوع) اللهم عليك بالأقيعس، فقال ابن البراء لأبيه الأقيعس؟ قال: معاوية) ...
( وقعة صفين ص 217 تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون ).
وأخرج نصر بن مزاحم قال... فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه أحدهما قائد وآخر سائق، فلما نظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اللهم العن القائد والسائق والراكب) قلنا أنت سمعت رسول الله؟ قال: (نعم وإلا فصمت أذناي) ...
( وقعة صفين ص 220 تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون ).
وانظر إلى رسالة محمد بن أبي بكر التي وجهها لمعاوية فقد جاء فيها:
(وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو أصدق الناس نية، وأفضل الناس ذرية، وخير الناس زوجة... وأنت اللعين ابن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله الغوائل، وتجهدان في إطفاء نور الله، تجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل، وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلقته) ...
( مروج الذهب للمسعودي ج 3، ص 14، وإمتاع الأسماع للمقريزي ).
مما يدل أن لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سفيان ومعاوية كان شائعا ومعروفا بين الناس وما يدل على صحة ذلك أن معاوية الذي رد على رسالة محمد بن أبي بكر لم ينف واقعة لعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأبيه وله ولإخوته).
وأكمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رسم الصورة فكشف كل العناصر التي ستجلب أو تساهم بجلب هذا الخطر المحدق، فقال: (ليردن علي قوم أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم يوم القيامة) ( صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 1 ص 141، وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 15 ص 159 ورواه أحمد والبيهقي راجع كنز العمال ج 14 ص 418 ).
وفي رواية أخرى (فأقول يا رب أصحابي!! فيقال لي: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) ...
( صحيح البخاري كتاب الدعوات ج 1 ص 141، وصحيح مسلم كتاب الفضائل ج 15 ص 159 ).
وفي رواية أخرى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... فيقال: (إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم) ...
( راجع صحيح البخاري تفسير سورة الأنبياء ج 3 ص 160، وصحيح مسلم ج 17 ص 94 ).
ووضح النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصورة أكثر قال قلت: ما شأنهم فيقال لي:
(إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم) ...
( صحيح البخاري ج 4 ص 142 كتاب الدعوات باب الصراط ).
ومعنى ذلك أنه لن يكون بإمكان المتآمرين تنفيذ مخططاتهم دون دعم ومؤازرة بعض أولئك اللصيقيين بالنبي من أصحابه.
ولغاية إكمال الحلقة، وحتى لا يضل الناس بعد هدى وتوضيحا وتبيانا لما سيكون، وكشفا لحقيقة المتآمرين الذين ينتظرون بفارغ الصبر موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى يحرفوا ويأولوا الواضحات قال النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم محذرا وملخصا بقوله :
(أكثر ما أتخوف على أمتي من بعدي رجل يتأول القرآن ويضعه على غير موضعه، ورجل يرى أنه أحق بهذا الأمر من غيره) ...
( رواه الطبراني راجع معالم الفتن ج 1 ص 91 ).
لأن الله قد حسم الموقف وخصص فئة معينة لفهم القرآن فهما يقينيا وهم أهل بيت النبوة، والمتأول يقفو ما ليس له به علم، ويتولى مهمة مخصصة لغيره، ولأن هذا المتأول محكوم بهواه، واتباع آرائه الشخصية، مما يعني إهمال مضامين الشرعية الإلهية، وإحلال التأملات والآراء الشخصية محلها، تحت شعار أن هذا المتأول مشفق وناصح لله ولرسوله ومجتهد وأنه يرى ما لا يرى أهل بيت النبوة والقلة المؤمنة.
وتوضيحا للصورة بين الرسول الأعظم أن القرآن سيقرأه بعد وفاة الرسول ثلاثة (مؤمن ومنافق وفاجر) ...
( رواه الحاكم وأقره الذهبي في ذيل المستدرك ج 4 ص 507 ) ..
ولكن لا يمسه إلا المطهرون أي لا يفهم المقصود الشرعي إلا المطهرون وهم أئمة أهل بيت النبوة، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
وليقنع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه بأن ما يقوله يقين ومن عند الله، بين لهم أن بني إسرائيل حين تركوا النصوص الشرعية وقالوا بالرأي ضلوا وأضلوا) ...
( رواه الطبراني كنز العمال ج 11 ص 181 ).
وليكشف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كافة جوانب المؤامرة فقد توقف طويلا عند بعض زوجاته.
روى البخاري في صحيحه (كتاب الجهاد والسير باب ما جاء في أزواج الرسول عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال:
(قام رسول الله خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: (ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان) ...
( صحيح البخاري مطابع الشعب ج 4 ص 100 ).
وفي لفظ آخر خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة فقال: (رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان)...
( صحيح مسلم كتاب الفتن الفتنة من المشرق ج 2 ص 560 وج 18 ص 31 - 33 بشرح النووي (3) سورة التحريم آية: 4 ).
فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان مريضا في بيت عائشة، وأن المواجهة بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعمر بن الخطاب في بيت عائشة، قرب الاحتمال أن تكون عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي التي أخبرت عمر بن الخطاب عن الموعد الذي حدده النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكتابة توجيهاته النهائية وعن مضمون هذه التوجيهات، وعلى أثرها استعد عمر وحشد عددا كبيرا من أعوانه ليحولوا بين الرسول وبين كتابة توجيهاته.
ثم إن القرآن الكريم قد أشار إلى زوجتين من زوجات الرسول بقوله:
(وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه) ...
قال عمر بن الخطاب في ما بعد إن اللتين تظاهرتا على الرسول هي حفصة ابنة عمر، وعائشة ابنة أبي بكر، هكذا أخرج البخاري في تفسير هذه الآية ...، ثم إن الله تعالى قد طلب منهما التوبة والتوبة لا تطلب إلا ممن عصى ...!
( صحيح البخاري ج 3 ص 136 - 137. الكشاف ج 4 ص 566، وتفسير الرازي ج 8 ص 332، والدر المنثور ج 6 ص 239، وتفسير القرطبي ج 18 ص 777 و 188، وفتح القدير ج 5 ص 250، وتفسير ابن كثير ج 4 ص 387 ).
قالت عائشة يوما للنبي ...
(أنت الذي تزعم أنك رسول الله) ... ولهما ضرب الله مثلا (امرأة نوح وامرأة لوط) ...
( آداب النكاح ج 2 ص 35 لمحمد الغزالي، وكاشفة القلوب باب 94 ص 237. تفسير القرطبي ج 18 ص 202 وفتح القدير للشوكاني ج 5 ص 255 ).
والواضح تاريخيا أن السيدة عائشة كانت تحقد على الإمام علي عليه السلام ولا تطيق أن تلفظ اسمه ...
( راجع كتاب المواجهة تجد الكثير من النصوص التي تزيد ذلك ص 501 وما فوق ) .
وقد خرجت على الإمام علي تحت شعار المطالبة بدم عثمان، ونبحتها كلاب الحؤاب كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد عرف الخليفة عمر بن الخطاب جميلهما، فكان يميزهما بالعطاء عن بقية أزواج الرسول، وكانت كلمتهما مسموعة عنده، فلو طلبتا منه أن يستخلف عبدا حبشيا لفعل! قال عمر لابنه عبد الله عندما أبلغه بأن عائشة تطلب منه أن يستخلف على المسلمين ولا يتركهم بعده بلا خليفة (ومن تأمرني أن أستخلف) ...
( الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 22 ).
والخــــــــــلاصة ...:
والمعنى أن رسول الله قد كشف أصحاب الخطر على الشرعية الإلهية، وسماهم بأسمائهم ( راجع ما رواه أبو داود في عون المعبود حديث رقم 4222 - 4243 ) ووسمهم بمياسم خاصة يعرفون بها، وكان لعن الله لبعضهم على لسان رسوله من أعظم المياسم التي وسمهم بها ومن أوضحها، وقد بذل أعداء الله جهودا مضنية لمحو هذا الميسم ثم توصلوا أخيرا إلى نتيجة فاسدة مفادها أن رسول الله بزعمهم كان يفقد السيطرة على أعصابه فيسب المسلمين ويشتمهم ويلعنهم بدون سبب!!!
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) فهل يعقل أن يفعل ذلك صاحب الخلق العظيم
(وإنك لعلى خلق عظيم)!!!!
"بتصرف بسيط للأختصار والتبسيط"
"أين سنة الرسول ؟!!
وماذا فعلوا بها
تأليف
المحامي أحمد حسين يعقوب"
والســـــ على من أتبع الهدى وآله ـــــــــــلام
_(حيــــــــــــــدرة )_