ஐ√جوري√ஐ
15-03-2009, 10:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
ماهو مصحف فاطمة
لقد كثُر الكلام حول ما يُسمى بمُصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) ، و لقد حاول أعداء أهل البيت ( عليهم السَّلام ) التشنيع على الشيعة من خلال اتهامهم بأن لهم قرآناً آخر يأخذون منه أحكام الدين غير القرآن الكريم يُسمونه مصحف فاطمة .
هذا ما يقوله أعداء مدرسة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) ، و هو اتهام رخيص ليس له أي قيمة علمية ، إذ سرعان ما يجد الباحث بطلان هذا الكلام لدى رجوعه إلى الواقع الخارجي ، ولدى مراجعته للنصوص المأثورة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) .
ثم أن هذا الاتهام ليس جديداً ، بل يصل تاريخه إلى عهد الأمويين و العباسيين الذين عاصروا الأئمة ( عليهم السَّلام ) ، و يدل على ذلك أسئلة الرّوات و أجوبة الأئمة ( عليهم السلام ) و تصريحاتهم النافية بشكل قاطع كون مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) قرآن آخر .
لكن رغم كل ذلك ورغم الإجابات المتكررة التي أجاب بها العلماء الأفاضل في مختلف العصور عن هذا السؤال فإننا نجد أن هناك من يجد بُغيته في اتهام الشيعة بهذا الاتهام ، و لا يدفعه إلى ذلك طبعاً سوى المرض أو الجهل .
أما الآن لنرى ما هو المقصود من مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) عند أهل البيت ( عليهم السَّلام ) وعند أتباعهم الشيعة الإمامية الاثنا عشرية .
لمعرفة ذلك لابد و إن نعرف أولاً المعنى اللغوي لكلمة المصحف ، ثم نأتي بعد ذلك إلى الروايات والأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) كي نعرف حقيقة مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) .
المعنى اللغوي للمصحف :
قال الفرّاء في لفظ المصحف : " و قد استثقلت العرب الضمّة فكسرت ميمها و أصلها الضم ، من ذلك مِصحف ... ، لأنها في المعنى مأخوذة من أصحف جمُعت فيه الصُحف " .
و قال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية : " الفرق بين الكتاب و المصحف ، أن الكتاب يكون ورقة واحدة و يكون جملة أوراق ، و المصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت ، أي جمع بعضها إلى بعض " .
و كلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة و هي القرطاس المكتوب ، و المصحف ـ مثلث الميم ـ هو ما جُمع من الصحف بين دفتي الكتاب المشدود ، و لذلك قيل للقرآن مصحف ، و عليه فكل كتاب يسمى مصحفاً .
و قال ابن بابويه : صحيفة فاطمة ، أو مصحف فاطمة ، أو كتاب فاطمة ، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها ( عليها السَّلام ) .
ما هو مُصْحَفُ فاطمة ؟
مصحف فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) هو كتاب عظيم المنزلة أملاه جبرائيل الأمين على سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) بعد وفاة أبيها رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و ذلك تسكيناً لها على حزنها لفقد أبيها ( صلَّى الله عليه و آله ) .
أما كاتب هذا الكتاب هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، فقد كتبه بخطه المبارك .
و مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) يُعتبر من جملة ودائع الإمامة ، قال الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) ـ و هو يَعُّد علامات الإمام المعصوم ( عليه السَّلام ) ـ : " ... و يكون عنده مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) " .
أما بالنسبة إلى مكان وجود هذا المصحف في الحال الحاضر فهو اليوم موجود عند الإمام المهدي المنتظر ( عجَّل الله فرَجَه ) .
و يُعتبر هذا المصحف أول مصنف في الإسلام ، حيث أن الزهراء ( عليها السَّلام ) توفيت في الثالث من شهر جمادى الأولى عام 11 هجري و لم يكتب قبل هذا التاريخ كتاب في عصر الإسلام .
فمصحف فاطمة هو مجموع حديث جبرائيل الأمين لفاطمة ( عليها السلام ) فهو وحي غير معجز كالحديث القدسي و النبوي .
و لا غرابة في ذلك إذ أن الزهراء ( عليها السَّلام ) كانت محدّثة ، و ليست الزهراء هي الوحيدة التي حدّثتها الملائكة ، فقد كانت مريم بنت عمران محدّثة ، كما كانت أم موسى بن عمران ( عليه السَّلام ) محدّثة ، و سارة زوجة النبي إبراهيم ( عليه السَّلام ) أيضاً كانت محدّثة فقد رأت الملائكة فبشروها بإسحاق و يعقوب .
ذلك أن الحديث مع الملائكة رغم أهميته و عظمته فهو ليس من علامات النبوة و خصائصها ، فمن ذكرناهن لسن من جملة الأنبياء كما هو واضح ، لكن الملائكة تحدثت إليهن ، و إلى هذا يشير محمد بن أبي بكر قائلاً :
إن مريم لم تكن نبية و كانت محدّثة ، و أم موسى بن عمران كانت محدّثة و لم تكن نبية ، و سارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق و من وراء إسحاق يعقوب و لم تكن نبية ، و فاطمة بنت رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) كانت محدّثة و لم تكن نبية " .
المعصومون و مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) :
عندما سئل الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) عن مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) قال : " إن فاطمة مكثت بعد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) خمسة و سبعين يوماً ، و كان دخلها حزنٌ شديد على أبيها ، و كان جبرئيل يأتيها فيُحسن عزاءَها على أبيها ، و يُطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانِه ، و يخُبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، و كان عليّ ( عليه السَّلام ) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة " .
عن حمّاد بن عثمان ، عن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) أنه لما سأله : و ما مصحف فاطمة ؟
قال ( عليه السَّلام ) : " ... إن الله تعالى لمّا قبض نبيه ، ( صلَّى الله عليه و آله ) دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عَزَّ و جَلَّ ، فأرسل الله إليها ملكا يسلّي غمّها و يحدثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) فقال : إذا أحسست بذلك و سمعت الصوت قولي لي ، فأعلمته بذلك ، فجعل أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) يكتب كلّما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً " .
ثم قال : " أما إنه ليس فيه شيء من الحلال و الحرام ، و لكن فيه علم ما يكون " .
ليس في مصحف فاطمة شيء من القرآن :
قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " و إن عندنا لمصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) و ما يدريهما مصحف فاطمة ، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ، إنما هو شيء أملاه الله و أوحى إليها " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " ... مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن ... " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " و عندنا مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) أما والله ما فيه حرف من القران ... " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ، و إنما هو شيء القي عليها بعد موت أبيها ( صلى الله عليهما ) " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " ... وفيه مصحف فاطمة ، و ما فيه آية من القران " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " ... و عندنا مصحف فاطمة ، أما والله ما هو بالقران " .
ما يحتويه مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) :
المحتوى المنفي:
نفت روايات أهل البيت(ع) اشتمال مصحف فاطمة(ع) على أمرين هما:
الأول: القرآن
فقد اقترن اسم مصحف فاطمة في أغلب الروايات مع نفي كونه قرآنًا أو احتوائه على آيات قرآنية، ومن الملفت أن نفي القرآنية عن مصحف فاطمة ورد بتعابير مختلفة، وما ذلك إلا لدفع ما قد يتوهم من لفظ مصحف بأنه قرآن كما مرَّ ذلك.
ونعرض هنا جملة من تلك التعابير المختلفة في نفي القرآنية عنه.
1- ما هو قرآن: فعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله: (... وخلفت فاطمة مصحفًا ما هو قرآن)
2- ما أزعم أنه قرآن: فعن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله: (ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن) .
3- ما هو بالقرآن: فعن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد الله: (وعندنا مصحف فاطمة، أما والله ما هو بالقرآن) .
4- ما أزعم أن فيه قرآنًا: فعن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله يقول ... (ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنًا) .
5- ليس فيه شيء من القرآن: فعن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح(ع)قال: (عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن) .
6- ما فيه شيء من كتاب الله: فعن أبي حمزة عن أبي عبد الله(ع)قال: (مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله) .
المنفي الثاني: الأحكام الشرعية
وليس مصحف فاطمة(ع)خاليًا عن القرآن فقط بل ورد أنه خالٍ عن أحكام الحلال والحرام وهذا ما يؤكد أيضًا أنه ليس قرآنًا لأن القرآن مشتمل على المئات من الأحكام الشرعية.
والنافي عن هذا المصحف اشتماله على الأحكام الشرعية هو رواية حمَّاد بن عثمان عن الإمام الصادق(ع)أنه قال: (تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة... (إلى أن قال) أما أنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون) .
المحتوى المثبت:
لم تذكر الروايات كل المحتوى التفصيلي لمصحف فاطمة(ع) بالنص،لكنها أشارت إلى عناوين محتواه إضافة إلى بعض التفصيلات التي ذكرت فيه.
وقد تفرقت هذه المحتويات في روايات عديدة ولم تجمع في رواية واحدة سوى تلك الرواية التي تفرد بنقلها ابن رستم الطبري في دلائل الإمامة وقد أشرنا إليها سابقًا، ونظرًا لضعف سند هذه الرواية بوقوع من وصف بالضعف الشديد واتهم باختلاق الأحاديث في سندها كما مرَّ، إضافة إلى معارضة بعض مضمونها لأخبار المصحف الصحيحة كما ذكرنا سابقًا فإننا لن نعتمد على هذه الرواية عند الحديث عن محتويات المصحف بل سنقتصر على إيرادها بعد ذكر المحتويات، وعليه نقول:
ذكرت الروايات احتواء المصحف على ما يلي:
1- مقام النبي الأعظم محمد(ص):
فقد ورد في صحيحة أبي عبيدة عن الصادق(ع): (أن فاطمة مكثت بعد رسول الله خمسة وسبعين يومًا وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه.. وكان علي(ع) يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة) .
2- مستقبل ذرية الزهراء(ع):
فقد ورد في نفس الصحيحة السابقة بعد قوله (ومكانه): (.. ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها).
3- علم الحوادث:
فقد ورد عن الصادق(ع) قوله: (وأما مصحف فاطمة ففيه ما يكون من حادث) وفي رواية حماد بن عثمان عن الإمام الصادق(ع)وهو يتحدث عن محتوى المصحف: (...أما انه ليس فيه الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون) .
وقد استند الأئمة(ع) إلى علم الحوادث هذا في بعض إخباراتهم التي أسندوها إلى مصحف فاطمة(ع) من قبيل قول الصادق(ع) في رواية حماد السابقة: (تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة؛ وذلك إني نظرت في مصحف فاطمة...).
4- أسماء الأنبياء والأوصياء:
فقد ورد عن الإمام(ع)أنه قال: (ما من نبي ولا وصي... إلا وهو في كتاب عندي –يعني مصحف فاطمة... ) .
5- أسماء الملوك وآبائهم:
ففي الراوية السابقة عن الصادق(ع): (وأما مصحف فاطمة، ففيه ما يكون من حادث، وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة) .
وفي رواية فضيل بن سكرة ورد في نفس المضمون لكن بعنوان كتاب فاطمة ففيها أنه قال: دخلت على أبي عبد الله(ع) فقال(ع): (يا فضيل أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل، قال: قلت: لا. قال(ع): كنت أنظر في كتاب فاطمة: ليس من ملك يملك(الأرض) إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئًا) .
6- وصية فاطمة(ع):
فقد ورد عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله(ع): (وليخرجوا مصحف فاطمة؛ فإن فيه وصية فاطمة) .
هي وصية تتعلق بالبساتين السبعة التي كانت وقفًا على الزهراء(ع)، ووصية سياسية تتعلق بموقف الزهراء(ع) تجاه من ظلمها،فقد أوصت أن لا يحضر جنازتها أولئك الظالمون،ليكون ذلك علامة على ظلمهم لها وغضبها عليهم اللذين يستوجبان باتفاق المسلمين غضب رسول الله(ص)وأذيته،وبالتالي غضب الله سبحانه وتعالى. وفي ذلك روايات كثيرة ملأت كتب السنة والشيعة، منها ما رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله(ص)قال: (فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني) وما رواه مسلم في صحيحه والترمذي في سننه أن رسول الله(ص) قال وهو على المنبر: (فإنما ابنتي بضعة مني،يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها).
ولعله لأجل وصية فاطمة السياسية هذه وما تعنيه شدد الأئمة(ع)على وجود وصيتها في مصحف فاطمة(ع).
--------------------------------------------------------------------------------
اللهم صل على محمد وال محمد
ماهو مصحف فاطمة
لقد كثُر الكلام حول ما يُسمى بمُصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) ، و لقد حاول أعداء أهل البيت ( عليهم السَّلام ) التشنيع على الشيعة من خلال اتهامهم بأن لهم قرآناً آخر يأخذون منه أحكام الدين غير القرآن الكريم يُسمونه مصحف فاطمة .
هذا ما يقوله أعداء مدرسة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) ، و هو اتهام رخيص ليس له أي قيمة علمية ، إذ سرعان ما يجد الباحث بطلان هذا الكلام لدى رجوعه إلى الواقع الخارجي ، ولدى مراجعته للنصوص المأثورة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) .
ثم أن هذا الاتهام ليس جديداً ، بل يصل تاريخه إلى عهد الأمويين و العباسيين الذين عاصروا الأئمة ( عليهم السَّلام ) ، و يدل على ذلك أسئلة الرّوات و أجوبة الأئمة ( عليهم السلام ) و تصريحاتهم النافية بشكل قاطع كون مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) قرآن آخر .
لكن رغم كل ذلك ورغم الإجابات المتكررة التي أجاب بها العلماء الأفاضل في مختلف العصور عن هذا السؤال فإننا نجد أن هناك من يجد بُغيته في اتهام الشيعة بهذا الاتهام ، و لا يدفعه إلى ذلك طبعاً سوى المرض أو الجهل .
أما الآن لنرى ما هو المقصود من مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) عند أهل البيت ( عليهم السَّلام ) وعند أتباعهم الشيعة الإمامية الاثنا عشرية .
لمعرفة ذلك لابد و إن نعرف أولاً المعنى اللغوي لكلمة المصحف ، ثم نأتي بعد ذلك إلى الروايات والأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) كي نعرف حقيقة مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) .
المعنى اللغوي للمصحف :
قال الفرّاء في لفظ المصحف : " و قد استثقلت العرب الضمّة فكسرت ميمها و أصلها الضم ، من ذلك مِصحف ... ، لأنها في المعنى مأخوذة من أصحف جمُعت فيه الصُحف " .
و قال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية : " الفرق بين الكتاب و المصحف ، أن الكتاب يكون ورقة واحدة و يكون جملة أوراق ، و المصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت ، أي جمع بعضها إلى بعض " .
و كلمة مصحف مأخوذة من الصحيفة و هي القرطاس المكتوب ، و المصحف ـ مثلث الميم ـ هو ما جُمع من الصحف بين دفتي الكتاب المشدود ، و لذلك قيل للقرآن مصحف ، و عليه فكل كتاب يسمى مصحفاً .
و قال ابن بابويه : صحيفة فاطمة ، أو مصحف فاطمة ، أو كتاب فاطمة ، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها ( عليها السَّلام ) .
ما هو مُصْحَفُ فاطمة ؟
مصحف فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) هو كتاب عظيم المنزلة أملاه جبرائيل الأمين على سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) بعد وفاة أبيها رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) و ذلك تسكيناً لها على حزنها لفقد أبيها ( صلَّى الله عليه و آله ) .
أما كاتب هذا الكتاب هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، فقد كتبه بخطه المبارك .
و مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) يُعتبر من جملة ودائع الإمامة ، قال الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) ـ و هو يَعُّد علامات الإمام المعصوم ( عليه السَّلام ) ـ : " ... و يكون عنده مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) " .
أما بالنسبة إلى مكان وجود هذا المصحف في الحال الحاضر فهو اليوم موجود عند الإمام المهدي المنتظر ( عجَّل الله فرَجَه ) .
و يُعتبر هذا المصحف أول مصنف في الإسلام ، حيث أن الزهراء ( عليها السَّلام ) توفيت في الثالث من شهر جمادى الأولى عام 11 هجري و لم يكتب قبل هذا التاريخ كتاب في عصر الإسلام .
فمصحف فاطمة هو مجموع حديث جبرائيل الأمين لفاطمة ( عليها السلام ) فهو وحي غير معجز كالحديث القدسي و النبوي .
و لا غرابة في ذلك إذ أن الزهراء ( عليها السَّلام ) كانت محدّثة ، و ليست الزهراء هي الوحيدة التي حدّثتها الملائكة ، فقد كانت مريم بنت عمران محدّثة ، كما كانت أم موسى بن عمران ( عليه السَّلام ) محدّثة ، و سارة زوجة النبي إبراهيم ( عليه السَّلام ) أيضاً كانت محدّثة فقد رأت الملائكة فبشروها بإسحاق و يعقوب .
ذلك أن الحديث مع الملائكة رغم أهميته و عظمته فهو ليس من علامات النبوة و خصائصها ، فمن ذكرناهن لسن من جملة الأنبياء كما هو واضح ، لكن الملائكة تحدثت إليهن ، و إلى هذا يشير محمد بن أبي بكر قائلاً :
إن مريم لم تكن نبية و كانت محدّثة ، و أم موسى بن عمران كانت محدّثة و لم تكن نبية ، و سارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق و من وراء إسحاق يعقوب و لم تكن نبية ، و فاطمة بنت رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) كانت محدّثة و لم تكن نبية " .
المعصومون و مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) :
عندما سئل الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) عن مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) قال : " إن فاطمة مكثت بعد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) خمسة و سبعين يوماً ، و كان دخلها حزنٌ شديد على أبيها ، و كان جبرئيل يأتيها فيُحسن عزاءَها على أبيها ، و يُطيب نفسها و يخبرها عن أبيها و مكانِه ، و يخُبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، و كان عليّ ( عليه السَّلام ) يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة " .
عن حمّاد بن عثمان ، عن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) أنه لما سأله : و ما مصحف فاطمة ؟
قال ( عليه السَّلام ) : " ... إن الله تعالى لمّا قبض نبيه ، ( صلَّى الله عليه و آله ) دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عَزَّ و جَلَّ ، فأرسل الله إليها ملكا يسلّي غمّها و يحدثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) فقال : إذا أحسست بذلك و سمعت الصوت قولي لي ، فأعلمته بذلك ، فجعل أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) يكتب كلّما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً " .
ثم قال : " أما إنه ليس فيه شيء من الحلال و الحرام ، و لكن فيه علم ما يكون " .
ليس في مصحف فاطمة شيء من القرآن :
قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " و إن عندنا لمصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) و ما يدريهما مصحف فاطمة ، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ، إنما هو شيء أملاه الله و أوحى إليها " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " ... مصحف فاطمة ما فيه آية من القرآن ... " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " و عندنا مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) أما والله ما فيه حرف من القران ... " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ، و إنما هو شيء القي عليها بعد موت أبيها ( صلى الله عليهما ) " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " ... وفيه مصحف فاطمة ، و ما فيه آية من القران " .
و قال الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : " ... و عندنا مصحف فاطمة ، أما والله ما هو بالقران " .
ما يحتويه مصحف فاطمة ( عليها السَّلام ) :
المحتوى المنفي:
نفت روايات أهل البيت(ع) اشتمال مصحف فاطمة(ع) على أمرين هما:
الأول: القرآن
فقد اقترن اسم مصحف فاطمة في أغلب الروايات مع نفي كونه قرآنًا أو احتوائه على آيات قرآنية، ومن الملفت أن نفي القرآنية عن مصحف فاطمة ورد بتعابير مختلفة، وما ذلك إلا لدفع ما قد يتوهم من لفظ مصحف بأنه قرآن كما مرَّ ذلك.
ونعرض هنا جملة من تلك التعابير المختلفة في نفي القرآنية عنه.
1- ما هو قرآن: فعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله: (... وخلفت فاطمة مصحفًا ما هو قرآن)
2- ما أزعم أنه قرآن: فعن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله: (ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنه قرآن) .
3- ما هو بالقرآن: فعن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد الله: (وعندنا مصحف فاطمة، أما والله ما هو بالقرآن) .
4- ما أزعم أن فيه قرآنًا: فعن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله يقول ... (ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنًا) .
5- ليس فيه شيء من القرآن: فعن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح(ع)قال: (عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن) .
6- ما فيه شيء من كتاب الله: فعن أبي حمزة عن أبي عبد الله(ع)قال: (مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله) .
المنفي الثاني: الأحكام الشرعية
وليس مصحف فاطمة(ع)خاليًا عن القرآن فقط بل ورد أنه خالٍ عن أحكام الحلال والحرام وهذا ما يؤكد أيضًا أنه ليس قرآنًا لأن القرآن مشتمل على المئات من الأحكام الشرعية.
والنافي عن هذا المصحف اشتماله على الأحكام الشرعية هو رواية حمَّاد بن عثمان عن الإمام الصادق(ع)أنه قال: (تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة... (إلى أن قال) أما أنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون) .
المحتوى المثبت:
لم تذكر الروايات كل المحتوى التفصيلي لمصحف فاطمة(ع) بالنص،لكنها أشارت إلى عناوين محتواه إضافة إلى بعض التفصيلات التي ذكرت فيه.
وقد تفرقت هذه المحتويات في روايات عديدة ولم تجمع في رواية واحدة سوى تلك الرواية التي تفرد بنقلها ابن رستم الطبري في دلائل الإمامة وقد أشرنا إليها سابقًا، ونظرًا لضعف سند هذه الرواية بوقوع من وصف بالضعف الشديد واتهم باختلاق الأحاديث في سندها كما مرَّ، إضافة إلى معارضة بعض مضمونها لأخبار المصحف الصحيحة كما ذكرنا سابقًا فإننا لن نعتمد على هذه الرواية عند الحديث عن محتويات المصحف بل سنقتصر على إيرادها بعد ذكر المحتويات، وعليه نقول:
ذكرت الروايات احتواء المصحف على ما يلي:
1- مقام النبي الأعظم محمد(ص):
فقد ورد في صحيحة أبي عبيدة عن الصادق(ع): (أن فاطمة مكثت بعد رسول الله خمسة وسبعين يومًا وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه.. وكان علي(ع) يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة) .
2- مستقبل ذرية الزهراء(ع):
فقد ورد في نفس الصحيحة السابقة بعد قوله (ومكانه): (.. ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها).
3- علم الحوادث:
فقد ورد عن الصادق(ع) قوله: (وأما مصحف فاطمة ففيه ما يكون من حادث) وفي رواية حماد بن عثمان عن الإمام الصادق(ع)وهو يتحدث عن محتوى المصحف: (...أما انه ليس فيه الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون) .
وقد استند الأئمة(ع) إلى علم الحوادث هذا في بعض إخباراتهم التي أسندوها إلى مصحف فاطمة(ع) من قبيل قول الصادق(ع) في رواية حماد السابقة: (تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة؛ وذلك إني نظرت في مصحف فاطمة...).
4- أسماء الأنبياء والأوصياء:
فقد ورد عن الإمام(ع)أنه قال: (ما من نبي ولا وصي... إلا وهو في كتاب عندي –يعني مصحف فاطمة... ) .
5- أسماء الملوك وآبائهم:
ففي الراوية السابقة عن الصادق(ع): (وأما مصحف فاطمة، ففيه ما يكون من حادث، وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة) .
وفي رواية فضيل بن سكرة ورد في نفس المضمون لكن بعنوان كتاب فاطمة ففيها أنه قال: دخلت على أبي عبد الله(ع) فقال(ع): (يا فضيل أتدري في أي شيء كنت أنظر قبيل، قال: قلت: لا. قال(ع): كنت أنظر في كتاب فاطمة: ليس من ملك يملك(الأرض) إلا وهو مكتوب فيه باسمه واسم أبيه، وما وجدت لولد الحسن فيه شيئًا) .
6- وصية فاطمة(ع):
فقد ورد عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله(ع): (وليخرجوا مصحف فاطمة؛ فإن فيه وصية فاطمة) .
هي وصية تتعلق بالبساتين السبعة التي كانت وقفًا على الزهراء(ع)، ووصية سياسية تتعلق بموقف الزهراء(ع) تجاه من ظلمها،فقد أوصت أن لا يحضر جنازتها أولئك الظالمون،ليكون ذلك علامة على ظلمهم لها وغضبها عليهم اللذين يستوجبان باتفاق المسلمين غضب رسول الله(ص)وأذيته،وبالتالي غضب الله سبحانه وتعالى. وفي ذلك روايات كثيرة ملأت كتب السنة والشيعة، منها ما رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله(ص)قال: (فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني) وما رواه مسلم في صحيحه والترمذي في سننه أن رسول الله(ص) قال وهو على المنبر: (فإنما ابنتي بضعة مني،يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها).
ولعله لأجل وصية فاطمة السياسية هذه وما تعنيه شدد الأئمة(ع)على وجود وصيتها في مصحف فاطمة(ع).
--------------------------------------------------------------------------------