عقيل الحمداني
30-03-2009, 05:13 PM
كربلاء في التاريخ
إن العرب أوطنوا تلك البقاع قبل الفتح العربي ، فدولة المناذرة في الحيرة ونواحيها وكانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها . والجواب : إن المؤرخين لم يذكروا لهم إنشاء قرية سميت بهذا الاسم - أعني كربلاء - غير أن وزن كربلاء ألحق بالأوزان العربية ونقل " فعللا " إلى " فعللاء " في الشعر حسب . فالأول موازن قرقرى وقهقرى ، والثاني موازن لعقرباء وحرملاء ، زيد همزة كما زيد برنساء. أما الأستاذ انطوان بار فأنه يعزو كلمة كربلاء بقوله : وقيل عنها قديما " كور بابل " ثم اختصرت إلى اسم كربلاء تسهيلا للفظها ، وبابل كما جاءت في نبوة أشعيا هي " صحراء البحر " كانت في سهل متسع يقطعه الفرات ، وفيها غدران كثيرة حتى ليظن الناظر إليها بأنها صحراء طافية فوق بحر ، فأطلق عليها هذا الاسم وفي هذا التفسير شئ من المعقول : إذ كربلاء منطقة صحراوية حارة ، وفيها الفرات وبعض الغدران ، وتسمية " صحراء البحر " فيها شبه كبير بتسمية " كور بابل " ، فالكور معناه في العربية هو ذلك الجهاز الذي ينفخ الهواء فوق جمر الحداد لإحماء الحديد ، وبابل هي " الصحراء الحارة " ، فصار اللفظ " كور بابل " يعني - لهب صحراء بابل - كلهب كور الحداد . وكربلاء تقع على بعد عدة كيلومترات من مشرعة الفرات شمال غرب الكوفة ، وكانت في عهد البابليين معبدا ، والأسم محرف من كلمتي " كرب " بمعنى معبد أو مصلى أو محرم ، " وابلا " بمعنى إله باللغة الآرامية ، فيكون معناها " حرم الإله " (الحسين في الفكر المسيحي : 313 . ) . وهذا يؤيده وجود الأطلال في شمال غربي كربلاء الحالية وتستخرج في كربلاء القديمة الكائنة في منها أحيانا الجرار الخزفية ، وكان البابليون يدفنون موتاهم فيها (دائر المعارف الشيعية 9 : 256 ) . وفي تعوذ الحسين من الكرب والبلاء ، مرادف لفظي آخر جاء متطابقا إلى حد كبير مع لفظة " كربلاء " موصوفة . فالكرب ، هو الشدة المصحوبة بالألم . والبلاء هو النهاية وبلية الموت . ولو نسبنا اللفظة إلى مرادف آخر ، لوجدناها تصح بلفظة " كر وبلاء " ومعنى الكر هنا ، هو أحد وجهي الهجوم والتراجع في المعارك ، وهو ما يعني الهجوم - الكر - لأن التراجع يعني - الفر - وهكذا يقال في وصف معركة : " قتال بين كر وفر " أي بين إقدام وهروب . أما لفظة " كربلاء " فمعناها متمم لمعنى لفظة " كر " وبلاء هنا بعد لفظة كر ، غير تلك البلاء بعد لفظة كرب ، فاللفظان إذا عطفا على ما قبلهما ، فسرا معنى ما سبقهما ، فالبلاء بعد الكرب ، تعني الشدة والموت ، وبعد الكر ، تعني المضاء والنجاح في القتل والهجوم ، وهكذا يقال في وصف أحد الشجعان : " أبلى بلاء حسنا " أي قاتل بشكل جيد وماض . وعلى هذا القياس تفسر لفظة " كر ، بلاء " بمعنى : " إقدام ، وبسالة " (الحسين في الفكر المسيحي : 313 . ) . ومهما كان من آراء المؤرخين تبقى كربلاء الأرض المباركة التي كرمها الله تعالى حيث ضمت بين جنباتها الجسد الطاهر لريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وامتزجت تربتها مع دماء العترة الطاهرة من آل الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فتسمية كربلاء كما أخبر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن طريق الوحي هي ربما أبعد مما ذكره المحللون لهذه اللفظة ، فقد أعطى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تفسيرا واقعيا للفظة كربلاء ، إذ ذكر فرات الكوفي في تفسيره : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لفاطمة ( عليهما السلام ) : " يا بنتاه ، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغي ، وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجم السماء يتهاون إلى القتل ، وكأني أنظر إلى معسكرهم ، وإلى موضع رحالهم وتربتهم . قالت : يا أبة ، وأين هذا الموضع الذي تصف ؟ قال : موضع يقال له : كربلاء ، وهي دار كرب وبلاء . . ". نعم : لقد ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرض كربلاء وقد نعتها بأرض كرب وبلاء قبل أن يدخل العراق إلى حضيرة الإسلام ، وقبل أن تطأ أقدام المسلمين أرض العراق التي قال عنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " يا بني - أي الإمام الحسين - إنك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى بها النبيون وأوصياء النبيين ". إذن كربلاء هي الأرض التي التقى عليها النبيون وأوصياؤهم ، وشهدت أعظم معركة في التاريخ قتل فيها ذرية نبي الأمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم حديثو العهد به ، لا بد أن تكون أرضا مباركة كرمها الله تعالى وشرفها على بقاع الأرض الأخرى حتى جاءت هذه التسمية مطابقة للفظ والمعنى . وكانت تحيط بكربلاء عند ورود الحسين ( عليه السلام ) لها ، مجموعة من القرى كالغاضرية ونينوى وعمورا وشاطئ الفرات وغيرها . - مرقد الإمام الحسين عليه السلام - السيد تحسين آل شبيب ص 15 :[/font][/size][/font]
إن العرب أوطنوا تلك البقاع قبل الفتح العربي ، فدولة المناذرة في الحيرة ونواحيها وكانت معاصرة للدولة الساسانية الفارسية وفي حمايتها وخدمتها . والجواب : إن المؤرخين لم يذكروا لهم إنشاء قرية سميت بهذا الاسم - أعني كربلاء - غير أن وزن كربلاء ألحق بالأوزان العربية ونقل " فعللا " إلى " فعللاء " في الشعر حسب . فالأول موازن قرقرى وقهقرى ، والثاني موازن لعقرباء وحرملاء ، زيد همزة كما زيد برنساء. أما الأستاذ انطوان بار فأنه يعزو كلمة كربلاء بقوله : وقيل عنها قديما " كور بابل " ثم اختصرت إلى اسم كربلاء تسهيلا للفظها ، وبابل كما جاءت في نبوة أشعيا هي " صحراء البحر " كانت في سهل متسع يقطعه الفرات ، وفيها غدران كثيرة حتى ليظن الناظر إليها بأنها صحراء طافية فوق بحر ، فأطلق عليها هذا الاسم وفي هذا التفسير شئ من المعقول : إذ كربلاء منطقة صحراوية حارة ، وفيها الفرات وبعض الغدران ، وتسمية " صحراء البحر " فيها شبه كبير بتسمية " كور بابل " ، فالكور معناه في العربية هو ذلك الجهاز الذي ينفخ الهواء فوق جمر الحداد لإحماء الحديد ، وبابل هي " الصحراء الحارة " ، فصار اللفظ " كور بابل " يعني - لهب صحراء بابل - كلهب كور الحداد . وكربلاء تقع على بعد عدة كيلومترات من مشرعة الفرات شمال غرب الكوفة ، وكانت في عهد البابليين معبدا ، والأسم محرف من كلمتي " كرب " بمعنى معبد أو مصلى أو محرم ، " وابلا " بمعنى إله باللغة الآرامية ، فيكون معناها " حرم الإله " (الحسين في الفكر المسيحي : 313 . ) . وهذا يؤيده وجود الأطلال في شمال غربي كربلاء الحالية وتستخرج في كربلاء القديمة الكائنة في منها أحيانا الجرار الخزفية ، وكان البابليون يدفنون موتاهم فيها (دائر المعارف الشيعية 9 : 256 ) . وفي تعوذ الحسين من الكرب والبلاء ، مرادف لفظي آخر جاء متطابقا إلى حد كبير مع لفظة " كربلاء " موصوفة . فالكرب ، هو الشدة المصحوبة بالألم . والبلاء هو النهاية وبلية الموت . ولو نسبنا اللفظة إلى مرادف آخر ، لوجدناها تصح بلفظة " كر وبلاء " ومعنى الكر هنا ، هو أحد وجهي الهجوم والتراجع في المعارك ، وهو ما يعني الهجوم - الكر - لأن التراجع يعني - الفر - وهكذا يقال في وصف معركة : " قتال بين كر وفر " أي بين إقدام وهروب . أما لفظة " كربلاء " فمعناها متمم لمعنى لفظة " كر " وبلاء هنا بعد لفظة كر ، غير تلك البلاء بعد لفظة كرب ، فاللفظان إذا عطفا على ما قبلهما ، فسرا معنى ما سبقهما ، فالبلاء بعد الكرب ، تعني الشدة والموت ، وبعد الكر ، تعني المضاء والنجاح في القتل والهجوم ، وهكذا يقال في وصف أحد الشجعان : " أبلى بلاء حسنا " أي قاتل بشكل جيد وماض . وعلى هذا القياس تفسر لفظة " كر ، بلاء " بمعنى : " إقدام ، وبسالة " (الحسين في الفكر المسيحي : 313 . ) . ومهما كان من آراء المؤرخين تبقى كربلاء الأرض المباركة التي كرمها الله تعالى حيث ضمت بين جنباتها الجسد الطاهر لريحانة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وامتزجت تربتها مع دماء العترة الطاهرة من آل الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فتسمية كربلاء كما أخبر بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن طريق الوحي هي ربما أبعد مما ذكره المحللون لهذه اللفظة ، فقد أعطى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تفسيرا واقعيا للفظة كربلاء ، إذ ذكر فرات الكوفي في تفسيره : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لفاطمة ( عليهما السلام ) : " يا بنتاه ، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغي ، وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجم السماء يتهاون إلى القتل ، وكأني أنظر إلى معسكرهم ، وإلى موضع رحالهم وتربتهم . قالت : يا أبة ، وأين هذا الموضع الذي تصف ؟ قال : موضع يقال له : كربلاء ، وهي دار كرب وبلاء . . ". نعم : لقد ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرض كربلاء وقد نعتها بأرض كرب وبلاء قبل أن يدخل العراق إلى حضيرة الإسلام ، وقبل أن تطأ أقدام المسلمين أرض العراق التي قال عنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " يا بني - أي الإمام الحسين - إنك ستساق إلى العراق وهي أرض قد التقى بها النبيون وأوصياء النبيين ". إذن كربلاء هي الأرض التي التقى عليها النبيون وأوصياؤهم ، وشهدت أعظم معركة في التاريخ قتل فيها ذرية نبي الأمة ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم حديثو العهد به ، لا بد أن تكون أرضا مباركة كرمها الله تعالى وشرفها على بقاع الأرض الأخرى حتى جاءت هذه التسمية مطابقة للفظ والمعنى . وكانت تحيط بكربلاء عند ورود الحسين ( عليه السلام ) لها ، مجموعة من القرى كالغاضرية ونينوى وعمورا وشاطئ الفرات وغيرها . - مرقد الإمام الحسين عليه السلام - السيد تحسين آل شبيب ص 15 :[/font][/size][/font]