المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وحدة المسلمين


الراهب313
01-04-2009, 07:00 PM
وحدة المسلمين

المسلمون كلهم أمة واحدة في منطق القرآن والإسلام.
قال الله تعالى:
(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)(1).
وقال سبحانه:
(وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)(2).
وقال عزّ من قائل:
(إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)(3).
وقد ذكر في تفسير (نور الثقلين) عند ذكر هذه الآيات أحاديث مستفيضة نذكر بعضاً منها كنماذج:
في تفسير علي بن إبراهيم: وقوله:
(إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
قال: الشعوب العجم، والقبائل: العرب.
وقوله: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) وهو رد على من يفتخر بالأحساب والأنساب(4).
وقال رسول الله صلی الله عليه و آله يوم فتح مكّة:
«يا أيها الناس، إنّ الله قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية، وتفاخرها بآبائها، إنّ العربية ليست بأب ووالدة، وإنما هو لسان ناطق، فمن تكلّم به فهو عربي، ألا إنكم من آدم وآدم من التراب، وأكرمكم عند الله أتقاكم»(5).
وفي (روضة الكافي)، بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام قال:
«كان سلمان جالساً مع نفر من قريش في المسجد، فاقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى بلغوا سلمان، فقال لـه عمر بن الخطاب: أخبرني من أنت؟ ومن أبوك؟ وما أصلك؟
فقال: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالاً فهداني الله عزّ وجلّ بمحمد صلی الله عليه و آله.
كنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلی الله عليه و آله.
وكنت مملوكاً فاعتقني الله بمحمد صلی الله عليه و آله.
هذا نسبي وهذا حسبي.
قال: فخرج النبي صلی الله عليه و آله وسلمان رضوان الله عليه يكلمهم.
فقال لـه سلمان: يا رسول الله ما لقيت من هؤلاء، جلست معهم فاخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا إليّ قال عمر بن الخطاب: من أنت وما أصلك وما حسبك؟
فقال النبي صلی الله عليه و آله: فما قلت لـه يا سلمان؟
قال: قلت أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله عزّ ذكره بمحمد صلی الله عليه و آله، وكنت عائلا فأغناني الله عزّ ذكره بمحمد صلی الله عليه و آله، وكنت مملوكاً فأعتقني الله عزّ ذكره بمحمد صلی الله عليه و آله، هذا نسبي وهذا حسبي.
فقال رسول الله صلی الله عليه و آله: يا معشر قريش إن حسب الرجل دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله، وقال الله عزّ وجل:
(إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
ثم قال النبي صلی الله عليه و آله لسلمان: ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عزّ وجلّ، وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل»(6).
فأين مكان القوميات، والإقليميات في الإسلام؟
فالبلاد الإسلامية كلها بلد واحد، وقانون واحد، وأمّة واحدة، بلغاتهم المختلفة، وقومياتهم المختلفة، وألوانهم المختلفة، وعادتهم المختلفة، كما لهم إله واحد، ونبي واحد، وقرآن واحد، وسنّة واحدة، وقبلة واحدة،..
ولذا فإنّ أي تفريق بين المسلمين يعتبر من أشدّ المحرّمات في الإسلام ويكون تشتيتاً للأمة الواحدة، وتسهيلاً لسيطرة الكفّار على بلاد الإسلام وعلى المسلمين سواء كان تفريقاً بالقوميات: فهذا عربي، وهذا تركي، وهذا فارسي، وهذا كردي، وهذا هندي.. الخ.
أم كان تفريقاً بالأراضي: فهذا العراق، وهذه إيران، وهذا الخليج، وهذه سوريا، وهذه مصر، وهذا الحجاز.. وهلم جراً.
أم كان تفريقاً بالجنسيات: فهذا عراقي، وهذا إيراني، وهذا مصري.. الخ.
أم أي تفريق آخر، كل ذلك مرفوض في الإسلام أيضاً وأكيداً.
لا.. للجنسية والجواز

وعليه فالجواز، والجنسية، ونحوهما من بدع الاستعمار التي ليست من الإسلام، ولا الإسلام منها في شيء.
ولم يكن لها سابق في تاريخ الإسلام الطويل إلا في القرن الأخير الذي ضعف فيه المسلمون فلعبت بهم أهواء المستعمرين.
ولهذا الأمر كان ما ينقل عن العالم الزاهد الكبير المرحوم الميرزا صادق آقا التبريزي رحمه الله(7)، أنّه لما حدث قانون الجنسية والجواز والإقامة في إيران عارضه هذا العالم الجليل، وأفتى بتحريم الخضوع لـه. حتى نقل أنّه أفتى بعدم جواز الحج إلى بيت الله الحرام إذا توقف الحجّ على الخضوع للجواز والجنسية، باعتباره محرّماً أشدّ، ومزاحماً أعظم لوجوب الحجّ.
وهذا من صميم الحرّية الإسلامية التي منحها الإسلام للمسلمين في ما استفاده فقهاء الإسلام من نصوص الشريعة الإسلامية قالوا:
«الناس مسلّطون على أنفسهم»(8).
لا.. للحدود الأرضية

وهكذا وضع الحدود الأرضية في أراضي المسلمين أيضاً من أشدّ المحرّمات، وهي الأخرى التي لا سابق لها في تاريخ الإسلام الطويل، إلا بعد (لورنس)(9) المستعمر البريطاني الذي وضع للعراق حدوداً، ولإيران حدوداً، وللجزيرة العربية حدوداً، وهكذا دواليك. وهي مضادة لأخوّة المسلمين والأمّة الواحدة التي صرّح بها القرآن الحكيم في أكثر من آية.
وصرحت بها الأحاديث الشريفة العديدة، وسار عليها المسلمون قروناً.. وقروناً..
وهذه الحدود الأرضية المفتعلة هي صنيعة الاستعمار الكافر الذي أمرنا القرآن بالإبتعاد عنه.
ونحن نتطلع إلى اليوم الذي تصبح كل البلاد الإسلامية ـ ذات الألف مليون مسلم تقريباً(10)ـ بلداً واحداً من أقصاها إلى أقصاها كما أراد الله تعالى وقال القرآن الحكيم:
(أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ)(11).
لا.. للجمارك والمكوس

ومن المحرّمات الشديدة الأكيدة التي راجت في بلاد الإسلام في القرن الأخير هي مسألة الجمارك والمكوس.
وقد حاربها الإسلام أشدّ الحرب.
فهي بالإضافة إلى مضادتها للحرّية الإسلامية: «الناس مسلطون على أنفسهم».
كذاك مضادة للاقتصاد الإسلامي المبني على الحرّية الاقتصادية في الإسلام: «الناس مسلطون على أموالهم»(12).
«لا يحل لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه»(13).
«لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه»(14).
«لئلا يتوى حق امرئ مسلم»(15).
إلى غير ذلك من نصوص الشريعة والأحاديث الشريفة.
بالإضافة إلى ذلك كلّه:
هناك أحاديث شريفة شديدة اللهجة في لعن أهل الجمارك، وصبّ عذاب الله عليهم، وإليك بعضاً منها:
نقل الشيخ الصدوق رحمه الله بسنده المتّصل إلى نوف قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام :
«يا نوف إياك أن تكون عشّاراً»(16).
ونقل أيضاً بسنده المتّصل عن جعفر بن محمد عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام ، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلی الله عليه و آله: «إنّ الله عزّ وجل لما خلق الجنّة» إلى أن قال: «فقال عزّ وجلّ: بعزّتي وعظمتي وجلالي وارتفاعي لا يدخلها مدمن خمر، ولا سكّير، ولاقتّات وهو النمام، ولا ديوث وهو القلطبان، ولا قلاّع وهو الشرطي، ولا زنوق وهو الخنثى، ولا خيوف وهو النباش، ولا عشّار»(17).
ونقل أيضاً بسنده عن رسول الله صلی الله عليه و آله أنه قال:
«لا يدخل الجنة… عشار، ولا قاطع رحم…»(18).
ونقل أيضاً بسنده عن نوف قال: قال لي أمير المؤمنين عليه السلام :
«يا نوف أقبل وصيتـي: لا تكونن نقيباً ولا عريفاً ولا عشّاراً..»(19).
ونقل العلامة المجلسي رحمه الله في (بحار الأنوار): عن أم سلمة رضي الله عنه قالت: «كان النبي صلی الله عليه و آله يمشي في الصحراء فناداه مناد: يا رسول الله ـ مرّتين ـ فالتفت فلم ير أحداً، ثم ناداه فالتفت فإذا هو بظبية موثقة فقالت: إنّ هذا الأعرابي صادني ولي خشفان في ذلك الجبل، أطلقني حتى أذهب وأرضعهما وأرجع.
فقال صلی الله عليه و آله: وتفعلين؟
قالت: نعم، إن لم أفعل عذبني الله عذاب العشّار. فأطلقها»(20).
ونقل أيضاً عن كتاب (المنتقى في مولد المصطفى) في سياق الحديث عن رجم رسول الله صلی الله عليه و آله المرأة الغامدية التي زنت وهي ذات بعل ورجمها رسول الله صلی الله عليه و آله ـ في قصّة مفصّلة مذكورة هناك ـ إلى أن قال: فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجنة خالد فسبّها، فسمع النبي صلی الله عليه و آله سبّه إياها فقال صلی الله عليه و آله: «مهلاً يا خالد لا تسبّها، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له»(21).
والمكس: هو المال الذي تأخذه الدول على البضائع المستوردة أو الصادرة.
لا.. للثالوث

فهذا الثالوث المركب من:
1. الحدود الأرضية المصطنعة داخل الوطن الإسلامي الشامل.
2. وقانون الجنسية والجواز والإقامة داخل الأمة الإسلامية الواحدة.
3. وقانون المكوس والجمارك.
هي من عوامل تحطيم وحدة المسلمين.
وهي من الأسس الرصينة للإستعمار الكافر.
فالله والقرآن والرسول صلی الله عليه و آله كلهم ضد هذا الثالوث.
والفقهاء وتاريخ الإسلام وفقه الإسلام كلها ضد هذا الثالوث.
نعم.. للرباط الإسلامي

نعم.. الرباط الإسلامي على الحدود بين بلاد الإسلام وبلاد الكفر هو الذي لـه ذكر في قرآن الإسلام، وسنة الإسلام.
وفي تاريخ الإسلام، وفقه الإسلام.
قال الله تعالى في القرآن الحكيم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(22).
وعن سلمان الفارسي رحمه الله أنّه روى عن رسول الله صلی الله عليه و آله قال: سمعته يقول: «من رابط يوماً وليلة في سبيل الله تعالى كان كمن صام شهراً وصلّى شهراً لايفطر ولا ينفتل عن صلاته إلا لحاجة»(23).
والحديث مذكور في موسوعات الحديث مثل (وسائل الشيعة) و(مستدرك الوسائل) و(بحار الأنوار) وغيرها(24).
(1) سورة الأنبياء: الآية 92.
(2) سورة المؤمنون: الآية 52.
(3) سورة الحجرات: الآية 13.
(4) تفسير القمي: ج2 ص322 الإفك على مارية.
(5) تفسير القمّي: ج2 ص322 الإفك على مارية.
(6) الكافي: ج8 ص181ـ182 خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام ح203.
(7) الميرزا صادق بن الميرزا جعفر بن الحاج الميرزا أحمد المجتهد التبريزي المعروف بـ: الميرزا صادق آقا التبريزي، درس عند الشيخ هادي الطهراني، لـه عدّة كتب، منها: المقالات، والمشتقات، وشرائط العوضين وهي رسالة فقهية مبسطة، توفي في ذي القعدة عام 1351هـ ودفن في قم المقدسة.
(8) قاعدة فقهية مستفادة من قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ). سورة الأحزاب: الآية 6، ومن غيرذلك.
(9) توماس لورنس: (1888م ـ 1935م) ضابط وكاتب إنجليزي، اتصل بالشريف حسين وشجع ثورة العرب على الأتراك (1916ـ1918م) لقب بلورنس العرب، لـه كتاب (أعمدة الحكمة السبعة).
(10) آخر الإحصاءات تشير إلى أن المسلمين بلغوا المليارين، عام 2000م.
(11) سورة الأنبياء: الآية 92، سورة المؤمنون: الآية 52.
(12) بحار الأنوار: ج2 ص272 ب33 ح7.
(13) وسائل الشيعة: ج25 ص386 ب1 ح4.
(14) وسائل الشيعة: ج29 ص10 ب1 ح3.
(15) مستدرك الوسائل: ج17 ص446 ب46 ح5.
(16) الخصال: ج1 ص338 باب السنّة ح40.
(17) الخصال: ج2 ص436 باب العشرة ح22.
(18) الخصال: ج2 ص436 باب العشرة ح23.
(19) الأمالي للصدوق رحمه الله : ص210 المجلس37 ح9.
(20) بحار الأنوار: ج17 ص402 ب5 ح19.
(21) بحار الأنوار: ج21 ص367 ب35 ح2.
(22) سورة آل عمران: الآية 200.
(23) مستدرك الوسائل: ج11 ص27 ب6 ح3.
(24) للتفصيل انظر الفقه: ج47 ص138 كتاب الجهاد: المسألة36.

عاشق الامام الكاظم
03-04-2009, 05:45 PM
http://www.zkryat.com/vb/images/bsm.gif

في ميزان اعمالك يا رب
وحشرك الله مع امامنا
علي (عليه السلام)