DaShTi
21-04-2009, 11:52 PM
مراجعة عمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل وجدوه مقتولاً في المحراب وعليه لباس النساء محلوق اللحية مقطوع الرأس
شرح قصيدة أبي فراس ص 261 طبع ايران سنة 1296هـ نقلاً عن( درر المطالب ) عن ابن عباس قال :
في أيام عمر بن الخطاب في ليلة من الليالي دخل عمر المسجد فلما طلع الفجر رأى شخصاً نائماً وسط المحراب ، فقال لمولاه ( اوفي ) نبه هذا يصلي ، فذهب إليه وحركه فلم يتحرك فرأى أزار فظنه امرأة فنادى امرأة من الانصار فلما تفقدته وجدته رجلاً في زي النساء مزين اللحية مقطوع الرأس فأخبرت عمر بذلك ، فقال لمولاه ( أوفى ) أرفعه من المحراب واطرحه في بعض زوايا المسجد حتى نصلي ، فلما فرغ من الصلاة قال لعلي أمير المؤمنين عليه السلام ما ترى في هذا الرجل قال جهزه وأدفنه وسيعلم أمره بطفل تجدونه في المحراب ، قال من أين تقول ذلك قال : أخي وحبيبي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم أخبرني بذلك فلما مضى من القضية تسعة اشهر اتى عمر يوماً المسجد لصلاة الصبح سمع بكاء طفل في المحراب قال صدق رسول الله وابن عم رسوله علي بن أبي طالب عليه السلام ثم قال لغلامة ( اوفى ) ارفعه عن المحراب حتى نصلي فلما فرغ من الصلاة اتى( اوفى ) بالطفل ووضعه بين يدي أمير المؤمنين (علي ) عليه السلام فقال أمير المؤمنين لأوفى اطلب مرضعة فذهب يدور في المدينة إذ أقبلت امرأة من الأنصار وقالت ان ولدي مات ومعي در كثير فأتى بها الى أمير المؤمنين عليه السلام فأعطاها الطفل وقال لها احفظيه وعين لها من بيت المال مبلغاً ، وكانت ولادة الطفل في شهر المحرم فلما كان العيد استكمل الطفل تسعة أشهر ، قال امير المؤمنين عليه السلام لأوفى أذهب إلى المرضعة فأتني بها فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام إئتني بالطفل غداً ودفع اليها ثوباً وقال إلبسيه واذهبي به الى المصلى وانظري ايما امرأة تأتيك وتأخذه وتقبله وتقول يا مظلوم ابن المظلومة يا بن الظالم فإتيني بها .
فلما اصبحت فعلت ما أمرها أمير المؤمنين عليه السلام فإذا امرأة تناديها يا حرمة قفي بحق دين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما دنت منها رفعت الخمار عن وجهها - وكانت جميلة لا نظير لها في الحسن - وأخذت الطفل وقبّلته وقالت يا مظلوم يا بن المظلومة يا بن الظالم ما اشبهك بولدي الذي مات وهي تبكي ثم ردته الى المرضعة وأردات ان تنصرف فنشبتت المرضعة بها فضجت المرأة وقالت خلي سبيلي قالت المرضعة اذهبي معي إلى أمير المؤمنين عليه السلام فاضطربت المرأة اضطراباً شديداً وقالت اتقي الله تعالى وارفعي يدك عني فإنك ان اتيتني بي إلى أمير المؤمنين عليه السلام فضحني بين الملأ وأنا أكون خصمك يوم القيامة
قالت المرضعة ما يمكنني ان افارقك حتى آتي بك إلى أمير المؤمنين عليه السلام قالت إذا أتيتني بي الى أمير المؤمنين عليه السلام لا يعطيك عطاء بل اذهبي معي أعطيك هدية تفرحين بها وهي بردتان يمانيتان وحلة صنعائية وثلثمائة درهم هجرية وكوني كأنك ما رأيتيني واكتمي ، واذا اقبل عيد الاضحى يشهد الله تعالى اني اعطيك مثلها اذا رأيت الطفل سالماً ، فمضت المرضعة معها وأخذت جميع ما ذكرت لها ومضت فلما رجع الناس من المصلى أحضرها أمير المؤمنين عليه السلام وقال لها يا عدوة الله تعالي ما صنعت بوصيتي قالت يا بن عم رسول الله طفت بالطفل جميع المصلى فما وجدت احداً أخذه مني فقال امير المؤمنين عليه السلام كذبت وحق صاحب هذا القبر أتتك امرأة وأخذت منك الطفل وقبلته وبكت ثم ردته اليك وأنت تشبشت بها فاعطتك الرشوة ثم وعدتك بمثلها فارتعدت فرائص المرضعة في نفسها إن لم أخبره أهلكني .
ثم تعجبت وقالت يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أتعلم الغيب ؟ قال معاذ بالله لا يعلم الغيب الا الله تعالى ، هذا علم علمنيه رسول الله فقالت يا أمير المؤمنين الصدق أحسن الكلام ، كذلك كان واني بين يديك مرني مهما تأمرني وإن أردت مضيت إلى منزل المرأة وأتيتك بها فقال أمير المؤمنين عليه السلام وهي لما اعطتك المال والتحف انتقلت من ذلك المنزل الى غيره لأن عفا الله تعالى عنها ما صنعت فاحفظي الطفل وإذا رأيتها في عيد الأضحى فآتيني بها ؟ قالت سمعاً وطاعة يا ابن عم رسول الله فلما أقبل عيد الأضحى فعلت مثل صنعها الاولى فأتتها تلك المرأة وقالت تعالي حتى أوفيك ما وعدتك فقالت المرضعة لا حاجة لي بعطائك والآن لا يمكنني ان أفارقك حتى احضرك بين يدي ابن عم رسول الله
ثم لزمت بطرف أزرارها فلما رأت المرأة ذلك منها حولت وجهها نحو السماء وقالت يا غياث المستغيثين ويا جار المستجيرين ، ومضت مع المرضعة الى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما رآها أمير المؤمنين عليه السلام قال يا أمة الله أيما تحبين تحدثيني أم أحدثك بالقصة من اولها الى آخرها وقد أخبرني بذلك حبيبي رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقالت أنا أخبرك بقصتي من أولها إلى آخرها تعطيني الأمان منك وتؤمنني من عقوبة الله تعالى قال أمير المؤمنين عليه السلام كذلك أفعل قالت المرأة انا ابنه من بنات الأنصار قتل أبي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - واسمه عامر بن سعد الجزرجي ، وأمي ماتت في خلافة ابي بكر وبقيت فريدة وحيدة ليس أحد يتعاهدني وكن في جواري نساء المهاجرين اقعد معهن وأغزل بالغزل وكانت معهن لي مؤانسة فبينا أنا ذات يوم جالسة مع نساء المهاجرين والأنصار إذ أقبلت عجوز علينا وفي يدها سبحتها وهي تتوكأ على عصاة فسلمت علينا فرددنا عليها السلام ثم سألت اسم كل واحدة منا ثم أتت إلي وقالت يا صبية ما اسمك قلت جميلة قالت بنت من قلت بنت عامر الانصاري قالت ألك أب أو بعل قلت لا قالت كيف تكونين على هذه الحالة وأنت صبية جميلة وأظهرت الشفقة والتحنن علي ثم بكت وقالت هل تردين امرأة تكون معك وتؤنسك وتقوم لك بما تحتاجينة فقلت لها وأين تلك المرأة قالت أنا أكون بمنزلة الوالدة الشفيقة قلت لها متى رغبتي البيت بيتك ، وكان لي بذلك فرح عظي
ثم دخلت معي الحجرة ثم طلبت ماء وتوضأت فلما فرغت قلت لها الحمد لله الذي يسر لي ورحم ضعفي فقدمت إليها خبزاً ولبناً وتمراً فنظرت إليه وبكت فقلت مم بكاؤك قالت يا بنية ليس هذا طعامي قلت وأي طعام معهودك فقالت قرص من شعير معه قليل من الملح فبكت وقالت يا بنية ما هذا وقت اكلي ولكن اذا خلصت من صلاة العشاء احضري لي الطعام حتى افطر فقامت الى الصلاة فلما فرغت من صلاة العشاء قدمت اليها قرص من شيعر ملحاً فقالت احضري لي قليلاً من الرماد فاحضرت لها فمزجت الملج بالرماد وتناولت قرص الشيعر فأكلت منه ثلاث لقمات مع الملح والرماد ثم قامت وشرعت في الصلاة فما زالت تصلي الى ان طلع الفجر ودعت بدعاء لم أسمع أحسن منه ، ثم اني قمت وقبُلت مابين عينيها وقلت بخ بخ لمن تكونين عندها دائمة فأسألك بحق محمد نبي الله - صلى الله عليه وآله - ان تدعي لي بالنغفرة فلا شك ان دعاءك لا يرد
ثم قالت أنت صبية جميلة وأنا خائفة عليك من الوحدة ولا بد لي من الخروج الى الحاجة ولا بد ان تكون لك أنيسة تؤنسك فقلت لها أني يكون لي ما تقولين قالت ان لي ابنة هي اصغر سناً منك عاقلة موقره متعبدة آتيك بها كي تؤنسك فقلت إفعلي ، وخرجت ومضت زماناً ثم رجعت وحدها فقلت لها اين أختي التي وعدتني بها قالت ان ابنتي وحشية من الناس انسها مع ربها وأنت صبية مزوحية ضحوكة ونساء المهاجرين والانصار يترددون اليك وانا أخاف إذا جاءت اليك يحضرن ويكثرن الحديث وتشتغل عن العبادة فتفارقك وتروح عنك ، وأنا يا أمير المؤمنين حلفت لها يميناً ما دامت ابننتك عندي لم ادخلهن علي ، قالت العجوز الشرط يكون كذلك ثم خرجت ساعة وعادت بعد ساعة ومعا امرأة تمام القامة متغطية بالأزرار لا يبان منها غير عينيها فلما وصلت العجوز الى باب الحجرة وقفت فقلت ما بالك لا تدخلين قالت من شدة الفرح حيث بلغتك مرادك واني تركت باب حجرتي مفتوحاً اخاف ان يدخلها احد بل انت اغلقي باب حجرتك ولا تفتحيها لأحد حتى أرجع اليك فغلفت الباب ثم توجهت الى تلك المرأة لأكلمها فلم تجيبني فلححت عليها لترفع أزارها لم تفعل حتى أخذت الأزار عن رأسها فوجدتها رجلاً مزين اللحية مخضوب اليدين والرجلين لابساً ملابس النساء متشبهاً بهن فلما رأيت ذلك بهت وغشي علي فلما افقت قلت له ما حملك على هذا فضحتني وفضحت نفسك قم فاخرج من حيث أتيت بسترك ولو علم عمر لغذبك وقمت عنه فلزمني وأنا خفت ان صحت فضحت وعلم ذلك جيراني ثم تعانقني وصرعني وما كنت تحته الا كالفراخ بين يدي النسر وفضني وهتك ستري فلما أراد أن يتباعدني لم يقدر من شدة السكر فخرعلى وجهه مغشياً فلم أر فيه حركة فنظرت في وسطه سكيناً فجذبته وقطعت رأسه ثم رفعت طرفي الى السماء وقلت إلهي وسيدي تعلم انه ظلمني وفضحني وهتك ستري وانا توكلت عليك يا من إذا توكل عليه كفاه ، يا جميل الستر ، فلما دخل الليل حملته على ظهري وأتيت به الى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم فلما حان وقت الحيض ما رأيت شيئاً مما ترى النساء فاغتممت وأردت أن أطرحه كي لا أفتضح ثم قلت في نفسي أتركه فإذا خرج قتلته وأخفيت أمري حتى ولد ما اطلع عليه احد فقلت في نفسي هذا طفل وأي ذنب له حتى أقتله فلففته ووضعته في المحراب وهذا حالي يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وآله -
قال عمر اشهد اني سمعت من رسول الله يقول أنا مدينة العلم وعلي بابها وسمعته يقول أخي علي بنطق بلسان الحق ، الآن أحكم أنت يا أمير المؤمنين هذا الحكم فإنه لا يحكم سواك قال أمير المؤمنين ديه ذلك المقتول ليست على أحد لأنه ارتكب الحرام وهتك الحرمه وباشر بجهله أمراً عظيماً ولا على هذه المرأة شيء من الحد لأن الرجل دخل عليها من غير علمها وارادتها وغلبها على نفسها من غير شهوة منها وحيث استمكنت منه استوفت حقها
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام على كل حال ينبغي ان تحضري العجوز حتى آخذ حق الله تعالى منها وأقيم حده عليها فلا تقصري كي يظهر صدق كلامك ، قالت المرأة انا ما اقصر في طلبها لكن امهلني ثلاثة ايام ، قال عليه السلام امهلتك ، وأمر المرضعة ان ترد الولد اليها وقال عليه السلام سمية مظلوماً ويل لأبيه من الله تعالى يوم تجزي كل نفس بما عملت ثم انصرفت الى بيتها ودعت ربها بأن يظفرها بالعجوز ، ثم انها خرجت من بيتها وهي متوكلة على الله تعالى فإذا بالعجوز في طريقها فأخذتها وأتت بها الى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - فلما رآها أمير المؤمنين عليه السلام قال لها يا عدوة الله أنا علمت اني أنا علي بن أبي طالب علمي من علم رسول الله أصدقيني عن قصة هذا الرجل الذي اتيت به الى بيت هذه المرأة فقالت العجوز لا أعرف هذه المرأة ولا رأيتها قط ولا أعرف الرجل ولا استحل هذه الامور فقال لها امير المؤمنين عليها لسلام تحلفين بالله على ما قلت قالت نعم فقال عليه السلام اذهبي وضعي يدك على قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - واحلفي انك ما تعرفين هذه الأمورف ولا رأيتها قط ، فقامت العجوز فوضعت يدها على قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحلفت فاسود وجهها وهي لا تشعر
فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يأتوا بمرآة وناولها إياها ثم قال انظري فيها فإذا بوججها كالفحم الاسود فارتفعت الاصوات بالصلاة على محمد ( اللهم صلي على محمد وآل محمد ) والعجوز تنظر وتبكي وتقول يا ابن عم رسول الله تبت الى الله تعالى ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام اللهم انت العالم في الضمائر ان كانت صادقة في كلامها انها تابت ارجعها الى حالها فلم يرفع عنها السواد فلعم امير المؤمنين عليه السلام انها لم تتب ، فقال عليه السلام يا ملعونة كيف كانت تبوبنك لا غفر الله لك ، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام لعمر مر اصحابك ان يخرجوها الى خارج المدينة ويرجموها لأنها كانت سبب قتل الرجل وهتك حرمة المرأة واستقرار النطفة من الحرم فأمر عمر بذلك فلما كانت الخلافة الى أمير المؤمنين كان ذلك الغلام قد كمل العمر ثم قتل بصفين بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام
ذكرها جميع أهل السنة
منهم - محمد خواند ساه الشافعي في كتابة روضة الصفا
مؤلف درر المطالب
ابن أبي الحديد في شرح النهج
التستري في كتابه ص 183- 186
المحلاتي في كتابة ص 51 على نحو الاختصار
شرح قصيدة أبي فراس ص 261 طبع ايران سنة 1296هـ نقلاً عن( درر المطالب ) عن ابن عباس قال :
في أيام عمر بن الخطاب في ليلة من الليالي دخل عمر المسجد فلما طلع الفجر رأى شخصاً نائماً وسط المحراب ، فقال لمولاه ( اوفي ) نبه هذا يصلي ، فذهب إليه وحركه فلم يتحرك فرأى أزار فظنه امرأة فنادى امرأة من الانصار فلما تفقدته وجدته رجلاً في زي النساء مزين اللحية مقطوع الرأس فأخبرت عمر بذلك ، فقال لمولاه ( أوفى ) أرفعه من المحراب واطرحه في بعض زوايا المسجد حتى نصلي ، فلما فرغ من الصلاة قال لعلي أمير المؤمنين عليه السلام ما ترى في هذا الرجل قال جهزه وأدفنه وسيعلم أمره بطفل تجدونه في المحراب ، قال من أين تقول ذلك قال : أخي وحبيبي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم أخبرني بذلك فلما مضى من القضية تسعة اشهر اتى عمر يوماً المسجد لصلاة الصبح سمع بكاء طفل في المحراب قال صدق رسول الله وابن عم رسوله علي بن أبي طالب عليه السلام ثم قال لغلامة ( اوفى ) ارفعه عن المحراب حتى نصلي فلما فرغ من الصلاة اتى( اوفى ) بالطفل ووضعه بين يدي أمير المؤمنين (علي ) عليه السلام فقال أمير المؤمنين لأوفى اطلب مرضعة فذهب يدور في المدينة إذ أقبلت امرأة من الأنصار وقالت ان ولدي مات ومعي در كثير فأتى بها الى أمير المؤمنين عليه السلام فأعطاها الطفل وقال لها احفظيه وعين لها من بيت المال مبلغاً ، وكانت ولادة الطفل في شهر المحرم فلما كان العيد استكمل الطفل تسعة أشهر ، قال امير المؤمنين عليه السلام لأوفى أذهب إلى المرضعة فأتني بها فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام إئتني بالطفل غداً ودفع اليها ثوباً وقال إلبسيه واذهبي به الى المصلى وانظري ايما امرأة تأتيك وتأخذه وتقبله وتقول يا مظلوم ابن المظلومة يا بن الظالم فإتيني بها .
فلما اصبحت فعلت ما أمرها أمير المؤمنين عليه السلام فإذا امرأة تناديها يا حرمة قفي بحق دين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما دنت منها رفعت الخمار عن وجهها - وكانت جميلة لا نظير لها في الحسن - وأخذت الطفل وقبّلته وقالت يا مظلوم يا بن المظلومة يا بن الظالم ما اشبهك بولدي الذي مات وهي تبكي ثم ردته الى المرضعة وأردات ان تنصرف فنشبتت المرضعة بها فضجت المرأة وقالت خلي سبيلي قالت المرضعة اذهبي معي إلى أمير المؤمنين عليه السلام فاضطربت المرأة اضطراباً شديداً وقالت اتقي الله تعالى وارفعي يدك عني فإنك ان اتيتني بي إلى أمير المؤمنين عليه السلام فضحني بين الملأ وأنا أكون خصمك يوم القيامة
قالت المرضعة ما يمكنني ان افارقك حتى آتي بك إلى أمير المؤمنين عليه السلام قالت إذا أتيتني بي الى أمير المؤمنين عليه السلام لا يعطيك عطاء بل اذهبي معي أعطيك هدية تفرحين بها وهي بردتان يمانيتان وحلة صنعائية وثلثمائة درهم هجرية وكوني كأنك ما رأيتيني واكتمي ، واذا اقبل عيد الاضحى يشهد الله تعالى اني اعطيك مثلها اذا رأيت الطفل سالماً ، فمضت المرضعة معها وأخذت جميع ما ذكرت لها ومضت فلما رجع الناس من المصلى أحضرها أمير المؤمنين عليه السلام وقال لها يا عدوة الله تعالي ما صنعت بوصيتي قالت يا بن عم رسول الله طفت بالطفل جميع المصلى فما وجدت احداً أخذه مني فقال امير المؤمنين عليه السلام كذبت وحق صاحب هذا القبر أتتك امرأة وأخذت منك الطفل وقبلته وبكت ثم ردته اليك وأنت تشبشت بها فاعطتك الرشوة ثم وعدتك بمثلها فارتعدت فرائص المرضعة في نفسها إن لم أخبره أهلكني .
ثم تعجبت وقالت يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أتعلم الغيب ؟ قال معاذ بالله لا يعلم الغيب الا الله تعالى ، هذا علم علمنيه رسول الله فقالت يا أمير المؤمنين الصدق أحسن الكلام ، كذلك كان واني بين يديك مرني مهما تأمرني وإن أردت مضيت إلى منزل المرأة وأتيتك بها فقال أمير المؤمنين عليه السلام وهي لما اعطتك المال والتحف انتقلت من ذلك المنزل الى غيره لأن عفا الله تعالى عنها ما صنعت فاحفظي الطفل وإذا رأيتها في عيد الأضحى فآتيني بها ؟ قالت سمعاً وطاعة يا ابن عم رسول الله فلما أقبل عيد الأضحى فعلت مثل صنعها الاولى فأتتها تلك المرأة وقالت تعالي حتى أوفيك ما وعدتك فقالت المرضعة لا حاجة لي بعطائك والآن لا يمكنني ان أفارقك حتى احضرك بين يدي ابن عم رسول الله
ثم لزمت بطرف أزرارها فلما رأت المرأة ذلك منها حولت وجهها نحو السماء وقالت يا غياث المستغيثين ويا جار المستجيرين ، ومضت مع المرضعة الى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما رآها أمير المؤمنين عليه السلام قال يا أمة الله أيما تحبين تحدثيني أم أحدثك بالقصة من اولها الى آخرها وقد أخبرني بذلك حبيبي رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقالت أنا أخبرك بقصتي من أولها إلى آخرها تعطيني الأمان منك وتؤمنني من عقوبة الله تعالى قال أمير المؤمنين عليه السلام كذلك أفعل قالت المرأة انا ابنه من بنات الأنصار قتل أبي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - واسمه عامر بن سعد الجزرجي ، وأمي ماتت في خلافة ابي بكر وبقيت فريدة وحيدة ليس أحد يتعاهدني وكن في جواري نساء المهاجرين اقعد معهن وأغزل بالغزل وكانت معهن لي مؤانسة فبينا أنا ذات يوم جالسة مع نساء المهاجرين والأنصار إذ أقبلت عجوز علينا وفي يدها سبحتها وهي تتوكأ على عصاة فسلمت علينا فرددنا عليها السلام ثم سألت اسم كل واحدة منا ثم أتت إلي وقالت يا صبية ما اسمك قلت جميلة قالت بنت من قلت بنت عامر الانصاري قالت ألك أب أو بعل قلت لا قالت كيف تكونين على هذه الحالة وأنت صبية جميلة وأظهرت الشفقة والتحنن علي ثم بكت وقالت هل تردين امرأة تكون معك وتؤنسك وتقوم لك بما تحتاجينة فقلت لها وأين تلك المرأة قالت أنا أكون بمنزلة الوالدة الشفيقة قلت لها متى رغبتي البيت بيتك ، وكان لي بذلك فرح عظي
ثم دخلت معي الحجرة ثم طلبت ماء وتوضأت فلما فرغت قلت لها الحمد لله الذي يسر لي ورحم ضعفي فقدمت إليها خبزاً ولبناً وتمراً فنظرت إليه وبكت فقلت مم بكاؤك قالت يا بنية ليس هذا طعامي قلت وأي طعام معهودك فقالت قرص من شعير معه قليل من الملح فبكت وقالت يا بنية ما هذا وقت اكلي ولكن اذا خلصت من صلاة العشاء احضري لي الطعام حتى افطر فقامت الى الصلاة فلما فرغت من صلاة العشاء قدمت اليها قرص من شيعر ملحاً فقالت احضري لي قليلاً من الرماد فاحضرت لها فمزجت الملج بالرماد وتناولت قرص الشيعر فأكلت منه ثلاث لقمات مع الملح والرماد ثم قامت وشرعت في الصلاة فما زالت تصلي الى ان طلع الفجر ودعت بدعاء لم أسمع أحسن منه ، ثم اني قمت وقبُلت مابين عينيها وقلت بخ بخ لمن تكونين عندها دائمة فأسألك بحق محمد نبي الله - صلى الله عليه وآله - ان تدعي لي بالنغفرة فلا شك ان دعاءك لا يرد
ثم قالت أنت صبية جميلة وأنا خائفة عليك من الوحدة ولا بد لي من الخروج الى الحاجة ولا بد ان تكون لك أنيسة تؤنسك فقلت لها أني يكون لي ما تقولين قالت ان لي ابنة هي اصغر سناً منك عاقلة موقره متعبدة آتيك بها كي تؤنسك فقلت إفعلي ، وخرجت ومضت زماناً ثم رجعت وحدها فقلت لها اين أختي التي وعدتني بها قالت ان ابنتي وحشية من الناس انسها مع ربها وأنت صبية مزوحية ضحوكة ونساء المهاجرين والانصار يترددون اليك وانا أخاف إذا جاءت اليك يحضرن ويكثرن الحديث وتشتغل عن العبادة فتفارقك وتروح عنك ، وأنا يا أمير المؤمنين حلفت لها يميناً ما دامت ابننتك عندي لم ادخلهن علي ، قالت العجوز الشرط يكون كذلك ثم خرجت ساعة وعادت بعد ساعة ومعا امرأة تمام القامة متغطية بالأزرار لا يبان منها غير عينيها فلما وصلت العجوز الى باب الحجرة وقفت فقلت ما بالك لا تدخلين قالت من شدة الفرح حيث بلغتك مرادك واني تركت باب حجرتي مفتوحاً اخاف ان يدخلها احد بل انت اغلقي باب حجرتك ولا تفتحيها لأحد حتى أرجع اليك فغلفت الباب ثم توجهت الى تلك المرأة لأكلمها فلم تجيبني فلححت عليها لترفع أزارها لم تفعل حتى أخذت الأزار عن رأسها فوجدتها رجلاً مزين اللحية مخضوب اليدين والرجلين لابساً ملابس النساء متشبهاً بهن فلما رأيت ذلك بهت وغشي علي فلما افقت قلت له ما حملك على هذا فضحتني وفضحت نفسك قم فاخرج من حيث أتيت بسترك ولو علم عمر لغذبك وقمت عنه فلزمني وأنا خفت ان صحت فضحت وعلم ذلك جيراني ثم تعانقني وصرعني وما كنت تحته الا كالفراخ بين يدي النسر وفضني وهتك ستري فلما أراد أن يتباعدني لم يقدر من شدة السكر فخرعلى وجهه مغشياً فلم أر فيه حركة فنظرت في وسطه سكيناً فجذبته وقطعت رأسه ثم رفعت طرفي الى السماء وقلت إلهي وسيدي تعلم انه ظلمني وفضحني وهتك ستري وانا توكلت عليك يا من إذا توكل عليه كفاه ، يا جميل الستر ، فلما دخل الليل حملته على ظهري وأتيت به الى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم فلما حان وقت الحيض ما رأيت شيئاً مما ترى النساء فاغتممت وأردت أن أطرحه كي لا أفتضح ثم قلت في نفسي أتركه فإذا خرج قتلته وأخفيت أمري حتى ولد ما اطلع عليه احد فقلت في نفسي هذا طفل وأي ذنب له حتى أقتله فلففته ووضعته في المحراب وهذا حالي يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وآله -
قال عمر اشهد اني سمعت من رسول الله يقول أنا مدينة العلم وعلي بابها وسمعته يقول أخي علي بنطق بلسان الحق ، الآن أحكم أنت يا أمير المؤمنين هذا الحكم فإنه لا يحكم سواك قال أمير المؤمنين ديه ذلك المقتول ليست على أحد لأنه ارتكب الحرام وهتك الحرمه وباشر بجهله أمراً عظيماً ولا على هذه المرأة شيء من الحد لأن الرجل دخل عليها من غير علمها وارادتها وغلبها على نفسها من غير شهوة منها وحيث استمكنت منه استوفت حقها
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام على كل حال ينبغي ان تحضري العجوز حتى آخذ حق الله تعالى منها وأقيم حده عليها فلا تقصري كي يظهر صدق كلامك ، قالت المرأة انا ما اقصر في طلبها لكن امهلني ثلاثة ايام ، قال عليه السلام امهلتك ، وأمر المرضعة ان ترد الولد اليها وقال عليه السلام سمية مظلوماً ويل لأبيه من الله تعالى يوم تجزي كل نفس بما عملت ثم انصرفت الى بيتها ودعت ربها بأن يظفرها بالعجوز ، ثم انها خرجت من بيتها وهي متوكلة على الله تعالى فإذا بالعجوز في طريقها فأخذتها وأتت بها الى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وآله - فلما رآها أمير المؤمنين عليه السلام قال لها يا عدوة الله أنا علمت اني أنا علي بن أبي طالب علمي من علم رسول الله أصدقيني عن قصة هذا الرجل الذي اتيت به الى بيت هذه المرأة فقالت العجوز لا أعرف هذه المرأة ولا رأيتها قط ولا أعرف الرجل ولا استحل هذه الامور فقال لها امير المؤمنين عليها لسلام تحلفين بالله على ما قلت قالت نعم فقال عليه السلام اذهبي وضعي يدك على قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله - واحلفي انك ما تعرفين هذه الأمورف ولا رأيتها قط ، فقامت العجوز فوضعت يدها على قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وحلفت فاسود وجهها وهي لا تشعر
فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يأتوا بمرآة وناولها إياها ثم قال انظري فيها فإذا بوججها كالفحم الاسود فارتفعت الاصوات بالصلاة على محمد ( اللهم صلي على محمد وآل محمد ) والعجوز تنظر وتبكي وتقول يا ابن عم رسول الله تبت الى الله تعالى ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام اللهم انت العالم في الضمائر ان كانت صادقة في كلامها انها تابت ارجعها الى حالها فلم يرفع عنها السواد فلعم امير المؤمنين عليه السلام انها لم تتب ، فقال عليه السلام يا ملعونة كيف كانت تبوبنك لا غفر الله لك ، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام لعمر مر اصحابك ان يخرجوها الى خارج المدينة ويرجموها لأنها كانت سبب قتل الرجل وهتك حرمة المرأة واستقرار النطفة من الحرم فأمر عمر بذلك فلما كانت الخلافة الى أمير المؤمنين كان ذلك الغلام قد كمل العمر ثم قتل بصفين بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام
ذكرها جميع أهل السنة
منهم - محمد خواند ساه الشافعي في كتابة روضة الصفا
مؤلف درر المطالب
ابن أبي الحديد في شرح النهج
التستري في كتابه ص 183- 186
المحلاتي في كتابة ص 51 على نحو الاختصار