ahmed114
23-04-2009, 10:52 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
استمرار حركة الموطئة:
أولاً: قد تكون حركة الموطِّئة في إطارها العام سابقة لنهضة الإمام الخميني ومستمرة في تفاعلاتها وبعض تفصيلاتها التي ذكرتها الأحاديث الشريفة إلى ما بعد رحيل الإمام (قدس سره) والتي لم تقع بعد ، إلاّ أن ذلك لا يمنع من تطبيقها على هذه النهضة بالذات باعتبارها شكلت منعطفاً تصعيدياً كبيراً بالنسبة للبدايات التي سبقت نهضة الإمام (قدس سره) ؛ وباعتبارها تشكِّل أرضية ظهور المراحل اللاحقة لحركة الموطئة مثل خروج الرايات السود وإنهاء فتنة السفياني وغير ذلك من التفصيلات المرتبطة بظهور بعض القادة الموطئين بعد وفاة قائد النهضة الإمام الخميني (قدس سره).
وعليه فانطباق تلك الأحاديث على النهضة الخمينية هو من باب إطلاق الاسم على أبرز ملامح الشيء ، مثل إطلاق اسم (الصلاة) التي تعني الدعاء على العبادة المعروفة ، باعتبار أن الدعاء ابرز أجزائها.
أحاديث الموطئة والتحريف العباسي:
ثانياً: ليس من الصحيح القول بأنَّ أحاديث حركة الموطئة وأصحاب الرايات السود ليست صحيحة ، حيث وضعها بنو العباس لاستقطاب الدعم الجماهيري لهم وإضفاء الشرعية على خلافتهم وادّعاء الثالث من خلفائهم للمهدوية.
فهذا القول مردود بالكثير من الأدلة:
منها: كثرة هذه الأحاديث وصحّة أسانيد العديد منها، وهو ما يرجِّح أن لجوء بني العباس إلى تحريف بعضها وتطبيقها على حركتهم واختيار السواد لهم هو دليل اشتهارها بين المسلمين ولذلك حاولوا استغلالها لاستقطاب التعاطف الإسلامي معهم ضد بني أمية ، يُضاف إلى ذلك أنَّ بعض الأحاديث المتقدِّمة - مثل الحديثين الرابع والخامس- تميز بين رايات بني العباس ورايات الموطئين للمهدي (عجّل الله فَرَجه)، الأمر الذي ينفي احتمال وضعها من قبلهم، إضافة إلى أن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) من المعاصرين لبدء الحركة العباسية والتالين لذلك ، قد تحدّثوا عن حركة الموطئة كما رأينا في النماذج المتقدِّمة وبيّنوا أوجه التمايز بينها وبين الرايات العباسية ، فلا يمكن نسبة أحاديثهم للوضع العباسي!
ثالثاً: كما أنّه ليس من الصحيح القول بأن هذه الأحاديث وإن انطبقت على النهضة الخمينية وامتداداتها اللاحقة لكنّها قد تنطبق على قوم آخرين أيضاً يكونون هم الموطئين للمهدي سلطانه.
وردّ هذا القول أوضح من سابقه، فهو نمط من الرجم بالغيب دونما دليل، فكيف يمكن الإعراض عن مصداق مشهود محسوس لتلك الأحاديث والتوجه إلى مصداق محتمل قد يأتي في المستقبل وقد لا يأتي؟
وإذا كانت النهضة الخمينية هي مصداق حركة الموطئة، فهل يعقل أن الأحاديث الشريفة قد أغفلت ذكرها وقد أثبت الواقع العملي ومنجزاتها المشهودة قوة آثارها العملية في التمهيد لظهور المهدي (عجّل الله فَرَجه) كما سنرى في القسم الثالث من هذا البحث؟
إن الأحاديث الشريفة ذكرت الكثير من الحوادث الجزئية كعلائم لظهور المهدي (عجّل الله فَرَجه) فهل يمكن أن تغفل حادثة كبيرة لم يشهد التاريخ الإسلامي نظيراً لها ـ مثل النهضة الخمينية ـ ؟كما أن الأحاديث الشريفة تتحدّث عن واجبات إلزامية للمسلمين تجاه حركة الموطئة كوجوب النصرة والإتباع والالتحاق بها مهما كانت الصعاب ولو
(( حبواً على الثلج )) وهي إشارة إلى شدّة صعوبة الالتحاق بها؛ فكيف يمكن تصوّر أنها تأمر بذلك ثم تقول بأن المصداق الذي تنطبق عليه الصفات التي حددتها لحركة الموطئة قد يكون (متشابهاً) أو أكثر من واحد ؟ إن تعليق مثل هذه الواجبات ينبغي أن يكون بمصداق واضح المعالم يمكن الجزم بأنه هو المقصود وحده دونما ترديد لا على أكثر من مصداق.
إذن الأحاديث الشريفة الواردة بشأن حركة الموطئة والمواصفات التي تحددها تنطبق على النهضة الخمينية بجذورها وامتداداتها، وهذا ما تقود إليه الدراسة المتأنية لهذه الأحاديث كما أشرنا لذلك بصورة موجزة في القسم الأول من هذا البحث.
وقد ظهرت عدة دراسات روائية تناولت إثبات هذه الحقيقة مثل دراسة الشيخ مهدي الفتلاوي المطبوعة تحت عنوان (دولة الموطئين للمهدي ( عجّل الله فَرَجه) في كتاب الأخبار لأهل السنّة)، ودراسة الشيخ على الكوراني المطبوعة تحت عنوان (الممهدون) ، ودراسة الشيخ محمدي ريشهري المطبوعة بالفارسية تحت عنوان ترجمته (الموطنون لثورة المهدي العالمية) ودراسة الشيخ علي أكبر ذاكري المطبوعة بالفارسية تحت عنوان ترجمته (الثورة الإسلامية الإيرانية في الآيات والروايات) وغيرها.
التمهيد للثورة المهدوية في كلام الإمام الخميني:
يُضاف إلى ذلك موقف رائد هذه النهضة وقائدها الأكبر الإمام الخميني (قدس سره) في تحديد دور نهضته ، ويمتاز هذا الموقف بأهمية خاصة بحكم مكانة صاحبه ومعرفته بمسار النهضة التي قادها والمحدد لأهدافها الإستراتيجية. وقد أثبت الواقع شدّة تأثير أفكاره في تحديد مسيرة النهضة حتى بعد وفاته (قدس سره)، وتتأكد هذه الأهمية بملاحظة أنّ كل من درس سيرة الإمام الخميني يعرف جيداً دقته في استخدام العبارات والأوصاف في مواردها الواقعية، وابتعاده كل البعد عن المبالغات والمواقف التي لا تستند إلى حقائق واقعية ثابتة.
الجمهورية الإسلامية ورعاية الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه):
كثيراً ما نلاحظ في ما تم تدوينه من تراث الإمام الراحل (قدس سره) وصفه للدولة الإسلامية التي أقامها بأنّها دولة الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه) وأنه هو الذي يرعاها. ولهذه الإشارات دلالات مهمة على تأييد الحقيقة المستفادة من تطبيق الأحاديث الشريفة المتقدمة على هذه النهضة، ولكننا هنا نختار نصّاً واحداً يصرّح بوضوح بالدور التمهيدي لها وكونها مقدّمة الثورة المهدوية الكبرى، وإضافة إلى هذا التصريح فإن النص المختار ورد في واحد من أواخر البيانات التي أصدرها قبل فترة وجيزة من وفاته، ولذلك فهو يمثِّل بلورة ناضجة بالكامل لدور نهضته ومسارها المستقبلي.
الثورة الإيرانية طليعة الثورة المهدوية:
يقول الإمام الخميني (رضوان الله عليه) في مقاطع من بيانه الذي أصدره بمناسبة ذكرى النصف من شعبان ذكرى مولد المهدي المنتظر(عجّل الله فَرَجه) بتاريخ 14/ شعبان/ 1408هـ أي قبل وفاته بشهرين ونصف:
( سلامٌ وتحية إلى الحضرة القدسية ، إلى وليد النصف من شعبان وخاتم ذخائر الإمامة حضرة بقية الله ( الإمام المهدي ) أرواحنا فداه ، وهو وحده ناشر العدالة الخالد ، والحامل الأكبر للواء تحرير الإنسان من قيود الظلم والجور الإستكباري.
سلامٌ عليه ، وسلام على منتظريه الحقيقيين ، سلام على غيبته وظهوره ، وسلام على الذين يدركون (على نحو الحقيقة) ظهوره ، ويرتوون من شراب هدايته ومعرفته وسلام على الشعب الإيراني العظيم الذي يمهِّد طريق ظهوره بالتضحيات والفداء والشهادة.
على مسؤولينا أن يعلموا بأن ثورتنا لا تنحصر في حدود إيران ، إن ثورة الشعب الإيراني هي نقطة البداية لثورة العالم الإسلامي الكبرى التي يحمل رايتها الحجة الإمام المهدي (أرواحنا فداه) ، مَنَّ الله على المسلمين والبشرية جمعاء بجعل ظهوره وفرجه في العصر الحاضر ...
على حكومة الجمهورية الإسلامية أن تبذل قصارى جهدها لإدارة شؤون الشعب بأفضل ما يمكن؛ ولكن لا ينبغي أن يغفلها عن أهداف الثورة الكبرى في إقامة الحكومة الإسلامية العالمية )(1) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#01).
عدم استقلال النهضة الخمينية عن الثورة المهدوية
وكما هو واضح من التدبّر في النص المتقدّم فهو صريح في تأكيد الدور التمهيدي الذي تقوم به هذه النهضة تجاه الثورة المهدوية الكبرى؛ الأمر الذي يغنينا عن إطالة الكلام في توضيح مغزاه، فنكتفي بالإشارة إلى بعض النقاط التكميلية المرتبطة بالبحث:
1- إن النهضة الخمينية هي منطلق الثورة الإسلامية الكبرى ، الأمر الذي يشير إلى استمرار تفاعلاتها وانتشار أفكارها وتنامي امتداداتها في العالم الإسلامي باستمرار حتى تتوج بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه)، وهذه الحقيقة يدعمها الواقع السياسي المعاصر الذي يشهد انتشار الأفكار الخمينية في مختلف البلدان الإسلامية مجسَّدةً بتنامي تيار الصحوة الإسلامية والمطالبة بتطبيق الشريعة .
2- إن النهضة الخمينية ليست مستقلة عن الثورة المهدوية الكبرى ، بل هي جزء منها تحمل نفس الأهداف الإستراتيجية لها في إقامة الحكومة الإسلامية العالمية، فالراية واحدة يحملها الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه) نفسه.
الأمر الذي يُخرج هذه النهضة من دائرة مصاديق الرايات التي ترفع قبل ظهور المهدي (عجّل الله فَرَجه) والتي تنص بعض الأحاديث الشريفة على أصحابها الطواغيت، وعليه يكون المقصود من هذه الأحاديث الشريفة هو التحرّكات الثورية المستقلة عن التحرك المهدوي غير القائمة على أساس التمسك بالنهج الذي يمثّله ، أي غير القائمة على التمسّك بولايته (عجّل الله فَرَجه) والساعية للتمهيد لظهوره.
تصديق مسيرة النهضة الخمينية للأحاديث الشريفة:
نتناول هنا الاستدلال على قيام النهضة الخمينية عملياً بالتمهيد للثورة المهدوية الكبرى ، من خلال مقارنة ما أنجزته وتنجزه هذه النهضة؛ بالأهداف المحددة للثورة المهدوية. وهذا الاستدلال يثمر نتيجة مهمة في إثبات صحة أحاديث حركة الموطئة والاطمئنان بصدورها عن ينابيع الوحي حتى لو كان ثمة نقاش في أسانيدها، لأنَّ ما قامت به النهضة الخمينية صدق ما أخبرت عنه تلك الأحاديث الشريفة وجاء منسجماً بالكامل مع دلالاتها رغم صدورها قبل وقوع هذه النهضة بما يزيد على الألف عام وفي وقت لم تكن الأوضاع القائمة تحمل أي مؤشرات تدل على ما تضمنته الأحاديث من دور إيران في التوطئة للإمام المهدي الموعود (عجّل الله فَرَجه)، الأمر الذي يثبت بالتالي أن ما أخبرت عنه هو من أنباء الغيب الصادقة التي لا يمكن صدورها إلاّ من جهة ينابيع الوحي ومن ارتضاه علاّم الغيوب عزَّ وجل لإطلاعه على بعض أخبار الغيب.
أهداف ثورة المهدي ومنجزات النهضة الخمينية:
ولتوضيح هذا الدليل العملي ينبغي
أولاً: معرفة أهداف الثورة المهدوية وما يحققه الله على يدي وليه الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه).
ثانياً: معرفة ما حققته النهضة الخمينية وتحقّقه تفاعلاتها على الواقع العملي وعلاقته بتلك الأهداف ، ثم المقارنة بينهما لمعرفة مدى صدق مقولة أن النهضة الخمينية هي الحركة الموطئة للظهور المهدوي.
وحيث إنَّ ما سيحققه تبارك وتعالى على يدي المهدي الموعود (عجّل الله فَرَجه) هو من أنباء الغيب المستقبلية ، لذا فإنَّ طريق معرفته تكمن في الرجوع إلى ينابيع الوحي والتدبّر فيما تحدّثت عنه الآيات الكريمة وصحاح الأحاديث النبوية خاصةّ المتفق عليها بهذا الشأن، واستخلاص الأهداف العامّة للثورة المهدوية الكبرى منها.
أما فيما يتعلق بالجانب الثاني ، فإن النهضة الخمينية حركة معاصرة ويمكن معرفة إنجازاتها الحضارية من التدبّر المنصف في التغييرات التي أحدثتها على الصعيد العالمي والقيم الإسلامية التي أحيتها والآثار التي تركتها على العالم الإسلامي وغيره والآثار المتوقعة من استمرار تفاعلاتها المشهودة.
الأهداف المهدوية في النصوص الشرعية:
عندما نرجع إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة المتفق على صحتها بين المسلمين ، نرى أنها تحدّد للثورة المهدوية الكبرى الأهداف الرئيسة نوجزها على النحو التالي:
أولاً: إظهار الإسلام على الدين كلّه وغلبته على سائر الأديان ، وهذا ما تصرّح به عدّة آيات كريمة مثل الآيات (32 - 33) من سورة التوبة ، والآيات (8 - 9) من سورة الصف وغيرها. وقد اتفقت الأحاديث الشريفة من طرق أهل السنة والشيعة وكذلك آراء مفسرّيهم على أن الهدف الحتمي التحقق لتعلق الإرادة الإلهية به إنما يكون في عصر المهدي المنتظر (عجّل الله فَرَجه)(2) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#02).
ثانياً: إنهاء الردة عن الدين الحق وإنهاء تبعية المسلمين وموالاتهم لليهود والنصارى كما تحدّثت عن ذلك الآيات الكريمة (51 - 54) من سورة المائدة، وقد فصل الحديث المستدل بالقرآن والسنّة عن دلالتها على ما يجري في عصر المهدي الموعود العلاّمة الطباطبائي في تفسيره القيم (الميزان)(3) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#03).
ثالثاً: إنهاء الظلم والجور وإقامة الدولة الإسلامية العالمية العادلة كما نصَّت على ذلك الأحاديث الشريفة المتَّفق على صحتها وتضمّنته عددٌ من الآيات الكريمة.
رابعاً: إزالة الشرك وتطهير الأرض منه بالكامل ونشر التوحيد الخالص والعبادة الحقّة لله تبارك وتعالى كما هو المستفاد من الآية (55) من سورة النور وكذلك الآية (56) من سورة الذاريات وغيرها(4) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#04). وإقامة المجتمع الموحد الصالح الذي يعبد الله وحده لا شريك له ويقيم الصلاة ويُؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
خامساً: إيراث الأرض وحاكميتها لعباد الله الصالحين الذين استضعفوا في الأرض لانتمائهم التوحيدي ويدلُّ على ذلك عدّة من الآيات الكريمة، كالآية (55) من سورة النور، والآية (5) من سورة القصص والآية (105) من سورة الأنبياء.
هذه هي الأهداف العامة للثورة المهدوية الكبرى طبق ما دلّت عليه الآيات الكريمة وصحاح الأحاديث النبوية
عجل الله فرجة وسهل مخرجة وجلعنا من انصاره وعوانة بحق محمد والة الاطهار
تحياتي لكم اخوكم ame300
منقول..
استمرار حركة الموطئة:
أولاً: قد تكون حركة الموطِّئة في إطارها العام سابقة لنهضة الإمام الخميني ومستمرة في تفاعلاتها وبعض تفصيلاتها التي ذكرتها الأحاديث الشريفة إلى ما بعد رحيل الإمام (قدس سره) والتي لم تقع بعد ، إلاّ أن ذلك لا يمنع من تطبيقها على هذه النهضة بالذات باعتبارها شكلت منعطفاً تصعيدياً كبيراً بالنسبة للبدايات التي سبقت نهضة الإمام (قدس سره) ؛ وباعتبارها تشكِّل أرضية ظهور المراحل اللاحقة لحركة الموطئة مثل خروج الرايات السود وإنهاء فتنة السفياني وغير ذلك من التفصيلات المرتبطة بظهور بعض القادة الموطئين بعد وفاة قائد النهضة الإمام الخميني (قدس سره).
وعليه فانطباق تلك الأحاديث على النهضة الخمينية هو من باب إطلاق الاسم على أبرز ملامح الشيء ، مثل إطلاق اسم (الصلاة) التي تعني الدعاء على العبادة المعروفة ، باعتبار أن الدعاء ابرز أجزائها.
أحاديث الموطئة والتحريف العباسي:
ثانياً: ليس من الصحيح القول بأنَّ أحاديث حركة الموطئة وأصحاب الرايات السود ليست صحيحة ، حيث وضعها بنو العباس لاستقطاب الدعم الجماهيري لهم وإضفاء الشرعية على خلافتهم وادّعاء الثالث من خلفائهم للمهدوية.
فهذا القول مردود بالكثير من الأدلة:
منها: كثرة هذه الأحاديث وصحّة أسانيد العديد منها، وهو ما يرجِّح أن لجوء بني العباس إلى تحريف بعضها وتطبيقها على حركتهم واختيار السواد لهم هو دليل اشتهارها بين المسلمين ولذلك حاولوا استغلالها لاستقطاب التعاطف الإسلامي معهم ضد بني أمية ، يُضاف إلى ذلك أنَّ بعض الأحاديث المتقدِّمة - مثل الحديثين الرابع والخامس- تميز بين رايات بني العباس ورايات الموطئين للمهدي (عجّل الله فَرَجه)، الأمر الذي ينفي احتمال وضعها من قبلهم، إضافة إلى أن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) من المعاصرين لبدء الحركة العباسية والتالين لذلك ، قد تحدّثوا عن حركة الموطئة كما رأينا في النماذج المتقدِّمة وبيّنوا أوجه التمايز بينها وبين الرايات العباسية ، فلا يمكن نسبة أحاديثهم للوضع العباسي!
ثالثاً: كما أنّه ليس من الصحيح القول بأن هذه الأحاديث وإن انطبقت على النهضة الخمينية وامتداداتها اللاحقة لكنّها قد تنطبق على قوم آخرين أيضاً يكونون هم الموطئين للمهدي سلطانه.
وردّ هذا القول أوضح من سابقه، فهو نمط من الرجم بالغيب دونما دليل، فكيف يمكن الإعراض عن مصداق مشهود محسوس لتلك الأحاديث والتوجه إلى مصداق محتمل قد يأتي في المستقبل وقد لا يأتي؟
وإذا كانت النهضة الخمينية هي مصداق حركة الموطئة، فهل يعقل أن الأحاديث الشريفة قد أغفلت ذكرها وقد أثبت الواقع العملي ومنجزاتها المشهودة قوة آثارها العملية في التمهيد لظهور المهدي (عجّل الله فَرَجه) كما سنرى في القسم الثالث من هذا البحث؟
إن الأحاديث الشريفة ذكرت الكثير من الحوادث الجزئية كعلائم لظهور المهدي (عجّل الله فَرَجه) فهل يمكن أن تغفل حادثة كبيرة لم يشهد التاريخ الإسلامي نظيراً لها ـ مثل النهضة الخمينية ـ ؟كما أن الأحاديث الشريفة تتحدّث عن واجبات إلزامية للمسلمين تجاه حركة الموطئة كوجوب النصرة والإتباع والالتحاق بها مهما كانت الصعاب ولو
(( حبواً على الثلج )) وهي إشارة إلى شدّة صعوبة الالتحاق بها؛ فكيف يمكن تصوّر أنها تأمر بذلك ثم تقول بأن المصداق الذي تنطبق عليه الصفات التي حددتها لحركة الموطئة قد يكون (متشابهاً) أو أكثر من واحد ؟ إن تعليق مثل هذه الواجبات ينبغي أن يكون بمصداق واضح المعالم يمكن الجزم بأنه هو المقصود وحده دونما ترديد لا على أكثر من مصداق.
إذن الأحاديث الشريفة الواردة بشأن حركة الموطئة والمواصفات التي تحددها تنطبق على النهضة الخمينية بجذورها وامتداداتها، وهذا ما تقود إليه الدراسة المتأنية لهذه الأحاديث كما أشرنا لذلك بصورة موجزة في القسم الأول من هذا البحث.
وقد ظهرت عدة دراسات روائية تناولت إثبات هذه الحقيقة مثل دراسة الشيخ مهدي الفتلاوي المطبوعة تحت عنوان (دولة الموطئين للمهدي ( عجّل الله فَرَجه) في كتاب الأخبار لأهل السنّة)، ودراسة الشيخ على الكوراني المطبوعة تحت عنوان (الممهدون) ، ودراسة الشيخ محمدي ريشهري المطبوعة بالفارسية تحت عنوان ترجمته (الموطنون لثورة المهدي العالمية) ودراسة الشيخ علي أكبر ذاكري المطبوعة بالفارسية تحت عنوان ترجمته (الثورة الإسلامية الإيرانية في الآيات والروايات) وغيرها.
التمهيد للثورة المهدوية في كلام الإمام الخميني:
يُضاف إلى ذلك موقف رائد هذه النهضة وقائدها الأكبر الإمام الخميني (قدس سره) في تحديد دور نهضته ، ويمتاز هذا الموقف بأهمية خاصة بحكم مكانة صاحبه ومعرفته بمسار النهضة التي قادها والمحدد لأهدافها الإستراتيجية. وقد أثبت الواقع شدّة تأثير أفكاره في تحديد مسيرة النهضة حتى بعد وفاته (قدس سره)، وتتأكد هذه الأهمية بملاحظة أنّ كل من درس سيرة الإمام الخميني يعرف جيداً دقته في استخدام العبارات والأوصاف في مواردها الواقعية، وابتعاده كل البعد عن المبالغات والمواقف التي لا تستند إلى حقائق واقعية ثابتة.
الجمهورية الإسلامية ورعاية الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه):
كثيراً ما نلاحظ في ما تم تدوينه من تراث الإمام الراحل (قدس سره) وصفه للدولة الإسلامية التي أقامها بأنّها دولة الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه) وأنه هو الذي يرعاها. ولهذه الإشارات دلالات مهمة على تأييد الحقيقة المستفادة من تطبيق الأحاديث الشريفة المتقدمة على هذه النهضة، ولكننا هنا نختار نصّاً واحداً يصرّح بوضوح بالدور التمهيدي لها وكونها مقدّمة الثورة المهدوية الكبرى، وإضافة إلى هذا التصريح فإن النص المختار ورد في واحد من أواخر البيانات التي أصدرها قبل فترة وجيزة من وفاته، ولذلك فهو يمثِّل بلورة ناضجة بالكامل لدور نهضته ومسارها المستقبلي.
الثورة الإيرانية طليعة الثورة المهدوية:
يقول الإمام الخميني (رضوان الله عليه) في مقاطع من بيانه الذي أصدره بمناسبة ذكرى النصف من شعبان ذكرى مولد المهدي المنتظر(عجّل الله فَرَجه) بتاريخ 14/ شعبان/ 1408هـ أي قبل وفاته بشهرين ونصف:
( سلامٌ وتحية إلى الحضرة القدسية ، إلى وليد النصف من شعبان وخاتم ذخائر الإمامة حضرة بقية الله ( الإمام المهدي ) أرواحنا فداه ، وهو وحده ناشر العدالة الخالد ، والحامل الأكبر للواء تحرير الإنسان من قيود الظلم والجور الإستكباري.
سلامٌ عليه ، وسلام على منتظريه الحقيقيين ، سلام على غيبته وظهوره ، وسلام على الذين يدركون (على نحو الحقيقة) ظهوره ، ويرتوون من شراب هدايته ومعرفته وسلام على الشعب الإيراني العظيم الذي يمهِّد طريق ظهوره بالتضحيات والفداء والشهادة.
على مسؤولينا أن يعلموا بأن ثورتنا لا تنحصر في حدود إيران ، إن ثورة الشعب الإيراني هي نقطة البداية لثورة العالم الإسلامي الكبرى التي يحمل رايتها الحجة الإمام المهدي (أرواحنا فداه) ، مَنَّ الله على المسلمين والبشرية جمعاء بجعل ظهوره وفرجه في العصر الحاضر ...
على حكومة الجمهورية الإسلامية أن تبذل قصارى جهدها لإدارة شؤون الشعب بأفضل ما يمكن؛ ولكن لا ينبغي أن يغفلها عن أهداف الثورة الكبرى في إقامة الحكومة الإسلامية العالمية )(1) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#01).
عدم استقلال النهضة الخمينية عن الثورة المهدوية
وكما هو واضح من التدبّر في النص المتقدّم فهو صريح في تأكيد الدور التمهيدي الذي تقوم به هذه النهضة تجاه الثورة المهدوية الكبرى؛ الأمر الذي يغنينا عن إطالة الكلام في توضيح مغزاه، فنكتفي بالإشارة إلى بعض النقاط التكميلية المرتبطة بالبحث:
1- إن النهضة الخمينية هي منطلق الثورة الإسلامية الكبرى ، الأمر الذي يشير إلى استمرار تفاعلاتها وانتشار أفكارها وتنامي امتداداتها في العالم الإسلامي باستمرار حتى تتوج بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه)، وهذه الحقيقة يدعمها الواقع السياسي المعاصر الذي يشهد انتشار الأفكار الخمينية في مختلف البلدان الإسلامية مجسَّدةً بتنامي تيار الصحوة الإسلامية والمطالبة بتطبيق الشريعة .
2- إن النهضة الخمينية ليست مستقلة عن الثورة المهدوية الكبرى ، بل هي جزء منها تحمل نفس الأهداف الإستراتيجية لها في إقامة الحكومة الإسلامية العالمية، فالراية واحدة يحملها الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه) نفسه.
الأمر الذي يُخرج هذه النهضة من دائرة مصاديق الرايات التي ترفع قبل ظهور المهدي (عجّل الله فَرَجه) والتي تنص بعض الأحاديث الشريفة على أصحابها الطواغيت، وعليه يكون المقصود من هذه الأحاديث الشريفة هو التحرّكات الثورية المستقلة عن التحرك المهدوي غير القائمة على أساس التمسك بالنهج الذي يمثّله ، أي غير القائمة على التمسّك بولايته (عجّل الله فَرَجه) والساعية للتمهيد لظهوره.
تصديق مسيرة النهضة الخمينية للأحاديث الشريفة:
نتناول هنا الاستدلال على قيام النهضة الخمينية عملياً بالتمهيد للثورة المهدوية الكبرى ، من خلال مقارنة ما أنجزته وتنجزه هذه النهضة؛ بالأهداف المحددة للثورة المهدوية. وهذا الاستدلال يثمر نتيجة مهمة في إثبات صحة أحاديث حركة الموطئة والاطمئنان بصدورها عن ينابيع الوحي حتى لو كان ثمة نقاش في أسانيدها، لأنَّ ما قامت به النهضة الخمينية صدق ما أخبرت عنه تلك الأحاديث الشريفة وجاء منسجماً بالكامل مع دلالاتها رغم صدورها قبل وقوع هذه النهضة بما يزيد على الألف عام وفي وقت لم تكن الأوضاع القائمة تحمل أي مؤشرات تدل على ما تضمنته الأحاديث من دور إيران في التوطئة للإمام المهدي الموعود (عجّل الله فَرَجه)، الأمر الذي يثبت بالتالي أن ما أخبرت عنه هو من أنباء الغيب الصادقة التي لا يمكن صدورها إلاّ من جهة ينابيع الوحي ومن ارتضاه علاّم الغيوب عزَّ وجل لإطلاعه على بعض أخبار الغيب.
أهداف ثورة المهدي ومنجزات النهضة الخمينية:
ولتوضيح هذا الدليل العملي ينبغي
أولاً: معرفة أهداف الثورة المهدوية وما يحققه الله على يدي وليه الإمام المهدي (عجّل الله فَرَجه).
ثانياً: معرفة ما حققته النهضة الخمينية وتحقّقه تفاعلاتها على الواقع العملي وعلاقته بتلك الأهداف ، ثم المقارنة بينهما لمعرفة مدى صدق مقولة أن النهضة الخمينية هي الحركة الموطئة للظهور المهدوي.
وحيث إنَّ ما سيحققه تبارك وتعالى على يدي المهدي الموعود (عجّل الله فَرَجه) هو من أنباء الغيب المستقبلية ، لذا فإنَّ طريق معرفته تكمن في الرجوع إلى ينابيع الوحي والتدبّر فيما تحدّثت عنه الآيات الكريمة وصحاح الأحاديث النبوية خاصةّ المتفق عليها بهذا الشأن، واستخلاص الأهداف العامّة للثورة المهدوية الكبرى منها.
أما فيما يتعلق بالجانب الثاني ، فإن النهضة الخمينية حركة معاصرة ويمكن معرفة إنجازاتها الحضارية من التدبّر المنصف في التغييرات التي أحدثتها على الصعيد العالمي والقيم الإسلامية التي أحيتها والآثار التي تركتها على العالم الإسلامي وغيره والآثار المتوقعة من استمرار تفاعلاتها المشهودة.
الأهداف المهدوية في النصوص الشرعية:
عندما نرجع إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة المتفق على صحتها بين المسلمين ، نرى أنها تحدّد للثورة المهدوية الكبرى الأهداف الرئيسة نوجزها على النحو التالي:
أولاً: إظهار الإسلام على الدين كلّه وغلبته على سائر الأديان ، وهذا ما تصرّح به عدّة آيات كريمة مثل الآيات (32 - 33) من سورة التوبة ، والآيات (8 - 9) من سورة الصف وغيرها. وقد اتفقت الأحاديث الشريفة من طرق أهل السنة والشيعة وكذلك آراء مفسرّيهم على أن الهدف الحتمي التحقق لتعلق الإرادة الإلهية به إنما يكون في عصر المهدي المنتظر (عجّل الله فَرَجه)(2) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#02).
ثانياً: إنهاء الردة عن الدين الحق وإنهاء تبعية المسلمين وموالاتهم لليهود والنصارى كما تحدّثت عن ذلك الآيات الكريمة (51 - 54) من سورة المائدة، وقد فصل الحديث المستدل بالقرآن والسنّة عن دلالتها على ما يجري في عصر المهدي الموعود العلاّمة الطباطبائي في تفسيره القيم (الميزان)(3) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#03).
ثالثاً: إنهاء الظلم والجور وإقامة الدولة الإسلامية العالمية العادلة كما نصَّت على ذلك الأحاديث الشريفة المتَّفق على صحتها وتضمّنته عددٌ من الآيات الكريمة.
رابعاً: إزالة الشرك وتطهير الأرض منه بالكامل ونشر التوحيد الخالص والعبادة الحقّة لله تبارك وتعالى كما هو المستفاد من الآية (55) من سورة النور وكذلك الآية (56) من سورة الذاريات وغيرها(4) (http://www.alhassanain.com/arabic/all/maghalat/tarikh/nahzat-emam2.htm#04). وإقامة المجتمع الموحد الصالح الذي يعبد الله وحده لا شريك له ويقيم الصلاة ويُؤتي الزكاة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
خامساً: إيراث الأرض وحاكميتها لعباد الله الصالحين الذين استضعفوا في الأرض لانتمائهم التوحيدي ويدلُّ على ذلك عدّة من الآيات الكريمة، كالآية (55) من سورة النور، والآية (5) من سورة القصص والآية (105) من سورة الأنبياء.
هذه هي الأهداف العامة للثورة المهدوية الكبرى طبق ما دلّت عليه الآيات الكريمة وصحاح الأحاديث النبوية
عجل الله فرجة وسهل مخرجة وجلعنا من انصاره وعوانة بحق محمد والة الاطهار
تحياتي لكم اخوكم ame300
منقول..