المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيـــمان ومنــــزلة والــــــــــدي رســــــولنا الكريم صلوات الله عليهم


ابو باقر الزهيري
30-04-2009, 06:13 PM
النسب الشريف للرسول الكريم
عقيدة الشيعة الإمامية في المعصومين (عليهم السلام)أنهم لم يتنقّلوا إلا من صلب طاهر إلى رحم مطهّر، وذلك من أبينا آدم (عليه السلام) وأمنا حواء (عليها السلام) حتّى قدموا إلى هذه الحياة الدنيا.
فلا يمكن أن يودع المعصوم والعياذ بالله في صلب غير طاهر أو ليس بموحّد، أو أنّه يبقى في رحم غير مطهّر، وهذا ما دلّت عليه الروايات الشريفة:
( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ - الشعراء - الآية - 218 وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ - الشعراء - الآية - 219 )
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بسبعة آلاف عام، ثم نقلنا إلى صلب آدم(عليه السلام) ثم نقلنا من صلبه إلى أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات».
(الحديث طويل وراجع الكتاب ) وهذه نهايته....
فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي وعلي بن محمّد والحسن بن علي والحجّة بن الحسن يتلألأ وجهه من بينهم نوراً كأنه كوكب درّي، فقلت: يا ربّ ومن هؤلاء ومن هذا؟
قال: يا محمّد هم الأئمّة من بعدك المطهّرون من صلبك وهذا الحجّة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويشفي صدور قوم مؤمنين».
فقلنا: بآبائنا واُمّهاتنا يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لقد قلت عجباً.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «وأعجب من هذا أنّ قوماً يسمعون منّي هذا الكلام ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذونني فيهم، ما لهم، لا أنالهم الله شفاعتي»(3).
ونقرأ في زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أشهد يا رسول الله أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة، والأرحام المطهرة، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها»(4).
فقد نُقل في الحديث أنّ عبد الله(عليه السلام) لمّا تزوّج السيّدة آمنة(عليها السلام) ماتت العديد من النساء حسرة.
وكما في التاريخ أنّه لمّا شبّ عبد الله تطاولت إليه أعناق الخطّاب، وبذلوا في طلبه الكثير من الأموال رغبة في تحصيل نور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يكن في عهده أحد أجمل ولا أكمل منه، وكان إذا مرّ بالناس نهاراً يشمّون منه الروائح الطيّبة، وإذا مرّ بهم ليلاً أضاءت من أنواره الظلم، حتّى أنّ أهل مكّة سمّوه مصباح الحرم(8).

الملائكة تحرس عبدالله ابن عبد المطلب (عليه السلام)
بالإضافة إلى كل ما ذكرنا من الصفات الحميدة والخصال الحسنة التي جعلت الخطّاب يتنافسون من أجل الوصول إلى عبد الله (عليه السلام) إلاّ أنّ هناك حادثة خاصّة جعلت وهب بن عبد المناف يقدّم ابنته آمنة ويطلب بنفسه من عبد المطّلب أن يكون عبد الله صهراً له.
فقد نقل أنّ عبد الله لمّا ترعرع واشتدّ ساعده، ركب يوماً ليصيد، وقد نزل بالبطحاء(9) قوم من اليهود كانوا قد قدموا لقتل والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وإطفاء نور الله المودع في صلبه، فنظروا إليه فرأوا سمات الأنبياء (عليهم السلام)فيه فقصدوه وكانوا ثمانين نفراً حاملين السيوف، وكان والد السيّدة آمنة في نفس المنطقة يصيد وقد رأى اليهود قد احتوشوا عبدالله ليقتلوه، فأراد أن يدفعهم عنه وإذا بجمع من الملائكة معهم الأسلحة قد طردوهم عنه، فتعجّب من ذلك وجاء إلى عبد المطّلب وقال له: زوّج بنتي آمنة من عبد الله(10).


منزلة السيدة آمنة (عليها السلام


ففي الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما يدلّ بوضوح على أنّ للسيّدة آمنة(عليها السلام) مقاماً عظيماً عند الله وأنّها من صفوة أولياء الله الذين يتوسّل بهم لقضاء الحوائج.
فعن داود الرقّي قال: «دخلت على أبي عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ولي على رجل مال قد خفت تواه فشكوت إليه ذلك، فقال لي: إذا صرت بمكّة فطف عن عبد المطّلب طوافاً وصلّ ركعتين عنه، وطف عن أبي طالب طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن آمنة طوافاً وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافاً وصلّ عنها ركعتين، ثمّ ادع أن يردّ عليك مالك، قال: ففعلت ذلك، ثمّ خرجت من باب الصفا وإذا غريمي واقف يقول: يا داود حبستني تعال اقبض مالك»(55).

دفع شبهة كفر ابوي الرسول والعياذ بالله
( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ - الشعراء - الآية - 218 وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ - الشعراء - الآية - 219 )
ممّا يؤسف له أنّ البعض من الناس يذهب إلى أنّ السيّدة آمنة بنت وهب(عليها السلام) والدة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن مؤمنة، ويزعمون أنها قد ماتت على ذلك، ولولا أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)استشفع لها واستوهبها من الله فوهبها له، لكانت من المخلّدين في الجحيم!.
ولم يقتصر هؤلاء على ذلك وإنّما أخذوا يفسرون بعض الروايات كما يشاؤون ويستدلون بتفسيرهم على ذلك.
منها: قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي مستوهب من ربّي أربعة، وهو واهبهم لي إن شاء الله تعالى: آمنة بنت وهب، وعبد الله بن عبد المطّلب وأبو طالب بن عبد المطّلب، ورجل من الأنصار جرت بيني وبينه ملحة»(56).
ولكن في المقابل ينبغي الالتفات إلى الاُمور التالية:
أولا: رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بنفسه يصرّح في أكثر من حديث أنّه كان يتنقّل من الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهّرة، وهذا ينافي الشرك الذي هو دنس ورجس، ففي الحديث الشريف عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات»(57).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله أخرجني ورجلاً معي من طُهر إلى طُهر، من صلب آدم حتّى خرجنا من صلب أبينا، فسبقته بفضل هذه على هذه وضمّ بين السبّابة والوسطى وهو النبوّة»(58).
فقيل له: ومن هو يا رسول الله؟
قال: «علي بن أبي طالب»(59).
فكيف يصف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)الرحم الذي كان فيه بالطهر والحال أنّ الآية الكريمة تصرّح بنجاسة المشركين فتقول: (إنّما المشركون نجس((60)، فيعلم من هذا أن آمنة (عليها السلام) كانت مؤمنة بالله عزوجل وموحدة لرب العالمين على دين إبراهيم (عليه السلام).
ثانياً: نفس الحديث الذي استدلّوا به يدلّ على إيمان السيّدة آمنة(عليها السلام)، إذ أنّه كيف يستوهب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)لمشرك وإن كانت اُمّه، والحال إنّ الله قد نهى عن موادّتهم والشفاعة أو الدعاء لهم.
ثالثاً: ممّا يؤيّد القول بإيمان السيّدة آمنة (عليها السلام) هي الروايات الصريحة التي تنصّ على أنّ الله قد حرّم النار على بطن حمل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «نزل جبرئيل على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول: إنّي قد حرّمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك، فالصلب الذي أنزلك فعبد الله بن عبد المطّلب، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، وأمّا الحجر الذي كفلك فحجر أبي طالب»(61).
وعن أنس بن مالك قال: أتى أبوذرّ يوماً إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: ما رأيت كما رأيت البارحة.
قالوا: وما رأيت البارحة؟
قال: رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ببابه، فخرج ليلاً فأخذ بيد علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقد خرجا إلى البقيع، فما زلت أقفو أثرهما إلى أن أتيا مقابر مكّة، فعدل إلى قبر أبيه فصلّى عنده ركعتين، فإذا بالقبر قد انشقّ وإذا بعبد الله جالس وهو يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله.
فقال له: مَن وليّك يا أبة؟
فقال: وما الولي يا بنيّ؟
قال: هو هذا علي.
قال: وإنّ علياً ولييّ.
قال: فارجع إلى روضتك.
ثمّ عدل إلى قبر اُمّه، فصنع كما صنع عند قبر أبيه، فإذا بالقبر قد انشقّ، فإذا هي تقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك نبي الله ورسوله.
فقال لها: مَن وليّك يا اُمّاه؟
فقالت: ومَن الولي يا بني؟
فقال: هو هذا علي بن أبي طالب.
فقالت: إنّ علياً وليّي.
فقال: ارجعي إلى حفرتك وروضتك.
فكذّبوه، ولبّبوه(لبّبوه: أخذوا بتلابيبه)، وقالوا: يا رسول الله كذب عليك اليوم.
فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): وما كان من ذلك؟
قالوا: إنّ جندب حكى عنك كيت وكيت.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»(63).
وهذا يؤيّد بوضوح أنّها (عليها السلام) كانت مؤمنة، وقد كمل إيمانها بالإقرار بولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنّ الله تعالى أوجب النار على المشركين والكفّار كما دلّت عليه الآيات والأخيار.
رابعاً: زيارة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لقبرها وترحّمه عليها يدلّ أيضاً على أنّها كانت مؤمنة بالله عزّوجلّ، ففي الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال: «استأذنت ربّي في زيارة اُمّي، فأذن لي، فزوروا القبور تذكّركم الموت»(64).
وهذا وغيره أيضاً يدل على استحباب زيارة القبور، على تفصيل مذكور في محله.
من كتاب " أمهات المعصومين " لسماحة الإمام السيد محمد الشيرازي الراحل ( أعلى الله درجاته )