تشرين ربيعة
01-05-2009, 04:17 PM
المال والقتل والتهديد شريعة (التكريد) الإجباري ..أخطر (برميل بارود) لنزاع كردي - عربي على (انتزاع) ولاء الأقليات
سياسي مسيحي: علم العراق يختفي يوماً بعد يوم وجميع العراقيين رأوا الاحتلال الأميركي..أما نحن فرأينا الاحتلال الكردستاني
منقول من شبكة شيعة الموصل الثقافية
http://shiaatalmoesl.yoo7.com
تمارس حكومة إقليم كردستان من خلال ميليشيات البيشمركه ومن خلال قوات الأمن الاستخبارية الكردية المعروفة بـ(الأسايش) ضغوطاً غير مسبوقة لتكريد مئات الألوف من أبناء الأقليات التي تسكن القرى القريبة الى محافظة نينوى والتي تشكل جزء من وجودها وتاريخها. وشيئاً فشيئاً –منذ أول أيام الغزو ولاسيما بعد أن سيطر الأكراد على محافظة نينوى- جرى تكريد المناطق والمدارس وحتى علامات الطرق، وصار في الكنائس لا يُدعى إلا لـ (آغاجان) وزير المالية الكردي الذي يُفيض المال على سكان القرى من أجل أنْ ينتزع تأييدهم، لأنهم في النهاية سيواجهون الموت أو التشريد أو الاضطهاد إنْ لم يستجيبوا. وهذه هي قصة عذابات هؤلاء الناس الذين فقدوا الأمان ولم يعد أحد يحميهم إلا بقدر ما يمنحونه من الولاء والتأييد لتحقيق (مآربه)!. ويقول مراسل صحيفة ميكلاتشي: إن القوات الكردية حجزت (مراد كاشتو الآسي) 3 مرات في منطقة معزولة بسنجار في محافظة نينوى. أولاً، ضربه رجال البيشمركه، ثم اتهموه بكونه إرهابياً، وعضواً في حزب إسلامي عراقي، يضم في أغلبيته مواطنين من العرب السنة. وفي المرة الثانية، احتجزوه لساعات عديدة، طبقاً لقول (مراد) نفسه. وفي المرة الثالثة، ضربوه على وجهه، بأعقاب بنادقهم. ويؤكد (مراد) أنّ آسريه من البيشمركه الأكراد أخبروه، قائلين: ((إذا ما كنا سنتركك في هذه المرة، فلأنك ستعمل معنا، أو نقتلك)). واحتـُجز لـ 6 أيام، ثم أطلقوا سراحه في يوم الأحد، بعد أنْ تدخلت القوات الأميركية نيابة عنه، كما أكد ذلك لمراسل صحيفة ميكلاتشي الأميركية.
ولم يوجه إليه الأكراد أية تهمة بارتكاب جريمة ما، وحتى أنهم كانوا ينادونه بلفظة ((الأخ)). وأخبروه بالنص: ((نحن لا نريدك أن تكون مع العرب أبداً....إذا ما سيطروا على المنطقة، فإنّ ((وجود اليزيديين سوف ينتهي)).. كان (الآسي) يستعيد هذه الحوارات وهو يتحدث الى مراسل الصحيفة، شاعراً بالألم والحزن لما يحدث بين أهل العراق.
و(الآسي) أحد أفراد الطائفة اليزيدية القديمة جداً في العراق، ومعظم أبناء هذه الطائفة يعدّون أنفسهم أكراداً. وفي سياق المشهد العراقي الذي تكتنفه التعقيدات وأعمال العنف بطرق شتى، ومنها ما هو سري، ناهيك عن الجرائم التي ترتكب في العلن، تعيش هذه الطائفة -التي يقدر عددها الباقي بـ 100,000 شخص- في مركز اشتداد الصراع بكل أشكاله، ولاسيما الصراع على الأرض بين مناطق الشمال الجنوبية ذات الغالبية العربية، ومناطق الشمال الكردية التي تسكنها أغلبية الأكراد.
وثمة 3 أقليات تقطن القرى بالقرب من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، تجد نفسها الآن تحت ((ضغط كردي شديد))، وهي: اليزيديون الذين يزدريهم بعض المسلمين والمسيحيين، لأنهم يبجلون (الملك الطاووس) وتعدّها بعض الأديان (عبادة للشيطان). والطائفة الثانية: الشبك، وهي مجموعة إثنية صغيرة من المسلمين السنة والشيعة التي تدّعي أنها من أصول فارسية، ثم طائفتا الآشوريين والكلدان المسيحيين الذين يتكلمون اللغة الآرامية القديمة التي يرجع عهدها الى عصر الإنجيل.
وكما تقول ميكلاتشي فإنّ هذه الأقليات معاً تشكل أحد مفاتيح الطموحات الكردية في توسيع رقعة إقليم كردستان على شريط من الأرض يبلغ طوله 300 ميل، يقع بين سنجار بالقرب من الحدود السورية إلى خانقين في محافظة ديالى. والأكراد الذين كانوا على الدوام غاضبين مما يسمونه (اضطهاد نظام صدام حسين) يجدون الآن –ومع قرب الانتخابات المحلية في المحافظات- أن الكثيرين من غير الأكراد، خائفون من تصميم الأكراد على ((إنجاز كردستان العظمى)) بحسب تعبير مراسل ميكلاتشي
ويقول (الآسي) الذي يعمل في سنجار مع (الحدباء) الحزب الوطني العربي السني: ((أي إنسان ليس مع الأكراد، ولاسيما ليس مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لا يمكن أن يعيش في المنطقة، لأنه سيعاني كثيراً، ولهذا السبب أعتقد أننا نحن جميعاً سنغادر القرية)). وكل ليلة ينتقل (الآسي) من مكان الى مكان، ليتجنب الاعتقال من قبل البيشمركه. وقبل ستة أيام، عثروا عليه، واعتقلوه مرة أخرى. وعلى الرغم من أن الانتباه العالمي يركز على معركة السيطرة على كركوك الغنية بالنفط –وفيها كان صدام حسين يطهّرها من الكرد، فيما يقوم الأكراد الآن بتطهير من التركمان والعرب- فإنّ شريط القرى الممتد من سنجار في الموصل الى خانقين في ديالى، تحوّل الى (برميل بارود) بين الأكراد والعرب المتنافسين على (انتزاع) ولاء الأقليات (اليزيديين، والشبك، والآشوريين-الكلدانيين المسيحيين). وكلا الطرفين –الأكراد والعرب- يستخدمون الحوافز الاقتصادية، والاحتجاز، وفي بعض الأحيان القتل.
والقوة الأولى في مركز هذا النزاع، هي قوات البيشمركه، الميليشيات الكردية، التي امتصت برمتها تقريباً من قبل القوات الأمنية العراقية، لكنها بقيت خالصة الولاء الى الأحزاب الكردستانية في الشمال، غير عابهة بالحكومة المركزية ذات الأغلبية الشيعية في المركز. أما القوة الثانية، فهم العرب السنة الذي اتخذوا إجراءات صارمة ضد المتطرفين في أماكن أخرى من العراق، والذين يعبرون عن غضبهم وخوفهم من توسع الحكم الكردي في المنطقة، ولهذا سمحوا بفضاء واسع للمتطرفين ليرهبوا الموصل. وبهذا الصدد يقول الجنرال (تومي توماس) القائد العسكري الأميركي في محافظة نينوى: ((إن الجبهة الكاملة على طول كردستان المتاخمة لبقية العراق، تشكل من سنجار مروراً بكركوك وانتهاء بخانقين في محافظة ديالى منطقة صراع حاد، ينتظر الشرارة، ولاسيما الشرارة العسكرية)). وأضاف قوله: ((نحن نواجه هنا تحدّياً حقيقياً، وجمرة الأزمة بأيدينا)). وتؤكد ميكلاتشي أن مكتب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس الإقليم الكردي (مسعود البارزاني) يرفض الادعاءات التي تقول إنهم يقومون بـ (تكريد) المنطقة بطرق التهديد، والاحتجاز، وتنفيذ عمليات قتل غير قضائية. وفي الوقت نفسه يزعم (فؤاد حسين) رئيس أركان (البارزاني) أنّ تلك الاتهامات الصادرة من الشبك واليزيديين الذي يعدّهم الأكراد زملاء لهم، نتاج الدعم العربي لهم، وأيضا العنصرية العربية ضد الكرد. وقال إنّ أية حوادث تخويف أو سوء معاملة، إنما هي حالات معزولة وليست جزء من سياسة كردستان. وأضاف (فؤاد حسين) قوله: ((بعض الناس يتحدثون نيابة عن اليزيديين، والآن هناك قلة تتحدث باسم الشبك، ليقولوا أن هناك سياسة ضمن الأحزاب الكردية السياسية أو ضمن الحكومة الإقليمية في كردستان تتعامل بتمييز عنصري ضد هؤلاء. نحن نحاول أن نعمل أي شيء لنحمي هؤلاء الناس. ونحن نؤمن بحقوقهم......ونحاول مساعدتهم كما نحاول أن نساعد أنفسنا)). إلى ذلك يقول الجنرال (توماس) إنه قد رأى أدلة قليلة على عمليات القتل غير القضائية خلال الـ 14 شهراً التي أمضاها في قيادة القوات الأميركية بمحافظة نينوى. وأضاف: ((نحن نسمع ادعاءات في كل وقت. أنت قد تسمع عن الضغوط الكردية؛ وهي تستخدم في كل مجال كالاقتصاد، والضغط السياسي، وما يخوف أكثر القتل الانتقامي)). ويرى محللو الصحيفة الأميركية أن الحال حساسة جداً، والعديد من المسؤولين الغربيين لا يريدون عمليات التخوف الكردية المسجلة. والسكان اشتكوا لدى الأمم المتحدة بشأن ما يتعرّضون له من تهديدات على يد هذه القوات. وفي وقت مبكر من السنة الحالية، كانت خانقين منطقة ملتهبة لنزاع حاد بين القوات الكردية، وقوات أرسلت من قبل الحكومة المركزية، بعد أن رفضت وحدات البيشمركه الموجودة في المدينة التي تضم سكاناً مختلطين التراجع و(التنازل) عن خانقين، وأكدت الوحدات الكردية أنها لا تتلقى التعليمات من الحكومة المركزية بل من حكومة كردستان. وعن ذلك يقول الجنرال (توماس): ((إنهم بالتأكيد حشروا في الوسط، وعملنا هو التأكد من أننا نستطيع حماية المنطقة)) ويؤكد القائد العسكري الأميركي الذي يتحدث عن مجموعات الأقليات ((نحن نحاول أن نحتوي هذا التسخين السياسي)). والآن بعد أن صادق البرلمان العراقي على قانون الانتخابات المحلية، فإن الأكراد باتوا أكثر قلقاً من أنهم لن يستطيعوا إبقاء قوتهم، لاسيما تلك التي يستخدمونها في محافظة نينوى التي تسكنها غالبية عربية سنية.
وتقول صحيفة ميكلاتشي إن الأكراد يهيمنون على مجلس المحافظة، محتلين 31 مقعداً من أصل 41. وميليشيات البيشمركه الموالية للحزب الديمقراطي الكردستاني تسيطر على ما يقرب من نصف الموصل، وتفرض هيمنتها أيضا على الكثير من القرى في المناطق المُتنازع عليها على شريط يمتد الى 300 ميل منذ سنة 2003، وهم أيضا مستمرون بالتوسع. وقد أعطى التعديل الأخير على قانون الانتخابات المحلية، حصة (بخسة) لمشاركة الأقليات في الانتخابات المقبلة، إذ لم يحصل كل من المسيحيين، والشبك، واليزيديين، إلا على مقعد واحد في المجلس. أما العرب السنة الذين يعتزون بهويتهم العراقية فإنهم قلقون من أن الأقليات ستعمل كذراع للأحزاب الكردية، بما يؤدي الى توسيع قاعدة سلطتها في شمال العراق، ولذلك خفضوا تمثيل الأقليات في اقتراح سابق. ومن جانب آخر فإن الضغط الكردي حاد جداً في قرى الأقليات. وفي منطقة سنجار التي تسكنها أغلبية من اليزيديين والعرب، يقول (عبدالله الياور) الشيخ العشائري في إحدى القبائل العربية والذي يعمل مع الحزب الوطني (الحدباء) إن ممثلي البيشمركه والحزب الديمقراطي الكردستاني يضغطون على مواطني قرى سنجار لكي يقبلوا الزعماء الأكراد المعينين من قبل إقليم كردستان، بدلاً من سكان سنجار نفسها. ويضيف الشيخ (الياور) قوله: ((إن الناس الآن يغلون لأن الجيش يُستعمل ضدهم)). وأكد قائلاً: ((ليس هناك حرية، ولا ديمقراطية. أنت لا تستطيع أن تتكلم عن أية أفكار لا يوافق عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني)). وتابع قوله: ((الناس يغلون فعلاً، وما يجري ليس خوفاً من الانتخابات، إنما هو بركان)). ويؤكد مراسل ميكلاتشي أن الأعلام الكردية ترفرف الآن في سماء القرى المسيحية لـ (تل كيف) و (القوش) و (قره قوش) و (بارطيلا) بالقرب من الموصل مركز محافظة نينوى، أما الطرق خلال المناطق الجبلية القريبة، فيسيطر على نقاط تفتيش من الجنود الأكراد الموالين للحزب الديمقراطي الكردستاني. وفي الداخل الى البلدات المسيحية، ثمة عناصر لميليشيات مسيحية، تدير نقاط تفتيش، تدفع لها رواتب من قبل حكومة إقليم كردستان. وفي بعض المناطق، يحاول الأكراد ((شراء الولاء)) بالأموال. ومحافظة نينوى يجب أن تكون المجهز الأول للتمويل الى القرى في مناطقها الشمالية التابعة لها، لكن الحكومة الإقليمية في كردستان تحاول إغراق قرى الأقليات بالأموال من أجل أن يربحوا دعمهم. وتؤكد الصحيفة الأميركية وزير المالية في كردستان (سركس آغاجان) الكلداني الكاثوليكي، أنفق ملايين الدولارات، لإعادة بناء الكنائس الخربة ولإسكان المسيحيين المرحلين، ولتوفير الباصات لطلبة جامعة الموصل. وعندما هرب حوالي 10,000 مسيحي من الموصل بعد مجزرة قتل حوالي 15 مسيحياً قبل حوالي الأسبوعين، فإن مكاتب لشؤون المسيحيين والكنائس في حقول هذه القرى الشمالية أسكنتهم، وألحت عليهم بعدم الرجوع الى الموصل. وتقول ميكلاتشي أما الحكومة المركزية في بغداد فقد وعدت بصرف حوالي 127 دولاراً لكل عائلة مهجرة. من ناحيته قرر (أغاجان) منح كل عائلة 212 دولاراً. وفي رواق كل كنيسة في قرية القوش (حوالي 18 ميلاً شرق الموصل) صورة لـ (آغاجان)
ويقول (راما دانيال) من الحركة الديمقراطية في قره قوش: ((نحاول نحن المسيحيين، إبقاء المسافة نفسها بيننا وبين العرب من جهة، وبيننا وبين الأكراد من جهة أخرى من أجل أن نستطيع العيش بسلام)). وأضاف قوله: ((علم العراق يختفي من قرانا يوماً بعد يوم)). وخارج مكاتب الحزب الآشوري، فإن العلم العراقي القديم معلق فوق البناية، كمؤشر على أن حماية المسيحيين، كانت أفضل زمن دكتاتورية الرئيس السابق (صدام حسين). أما الأكراد الذي يعدّون أنفسهم ضحايا السلاح الكيمياوي الذي استخدمه (صدام) ضدهم، فيرفضون رفع العلم العراقي حتى بعد التغييرات التي جرت عليه، والناس هناك تقول إنها ذريعة لإبقاء علم كردستان مرفوعاً.
وأوضح (دانيال) قوله: ((نحن نفعل ذلك من أجل أن نزعجهم))، مشيراً بذلك الى الكرد وتوسعهم في المدن المسيحية. و(دانيال) الذي ولد ونشأ في هذه القرية المسيحية الصغيرة، يؤكد أن الأموال التي تفيض الآن على المدينة مقلقة جداً. وكانت ميليشيات البيشمركه المتحالفة مع الولايات المتحدة قد وصلت الى قريته بعد غزو العراق مباشرة في آذار 2003. وقد توقف (دانيال) عن الذهاب الكنائس، لأن صور (آغاجان) وهو يبتسم تذكره بالرجال الأقوياء الذين يدفعون الأموال الى الزعماء الدينيين. ويقول إن مصور تلفزيون فضائية الحركة الديمقراطية الآشورية، قد ضُرب من قبل مسيحيين متحالفين مع المنطقة الكردية، كما منع من أداء وظيفته في الكنيسة.وأضاف (دانيال) قوله: ((جميع العراقيين رأوا الاحتلال الأميركي، أما نحن فقد رأينا الاحتلال الكردي)). وشدّد على القول: ((إن عملية التكريد أقسى من عملية التعريب. إنهم يشترون الناس)). ومن جانب آخر تؤكد صحيفة ميكلاتشي قولها: عبر المنطقة بأسرها، فتحت الحكومة الإقليمية في كردستان المئات من المدارس على مدى السنوات الماضية، وعيّنت أكثر من 400 معلم في هذه السنة. وفي الكنائس الكلدانية الكاثوليكية، يتحدث الكهنة عن (آغاجان) وزير مالية كردستان كبطل، ويقولون إنهم يريدون أن يكونوا جزء من كردستان. والعديد من الكهنة وإداريي الكنائس في المنطقة يهمسون لصحيفة ميكلاتشي أن الأموال التي تأتي من حكومة إقليم كردستان تستخدم لإصلاح الكنائس ولأغراض خدمات أخرى.
وفي بعشيقة القرية التي تسكنها أغلبية من اليزيديين والشبك –حوالي 14 ميلاً شمال شرق الموصل- طبقت حكومة محافظة نينوى منهاجاً كردياً في المدارس لهذه السنة للمرة الأولى في المدينة مع أن الجميع تقريباً لا يتحدثون غير العربية. والأكراد يدعون بأن الشبك كرد، وأن لغتهم هي الكردية العامية، لكن ليس جميع الشبك يوافقون على هذا الكلام. والكثير من حوالي 35 قرية للشبك شرق الموصل ومباشرة الى جنوب بعشيقة، ثمة علامات عربية استبدلت ببطء أو بالتدريج الى الكردية، والأعلام العراقية، استبدلت بالأعلام الكردية، والمدارس بدأت تعطي دروس فصولها بالكردية بدلاً من العربية
وترى ميكلاتشي أن أولئك الذين يشجبون التوسع الكردي في قرى الشبك، والذين يكذبون الادعاءات الكردية بشأن مجتمع الشبك وأصوله وجذوره يخافون على أنفسهم من الانتقام الكردي. ويقول (فاضل عباس) إنه مقتنع بأن قوات الأمن الكردية هي التي قتلت أباه، وهو (عباس كاظم) عضو الجمعية الشبكية. وكان (عباس) يدعو الشبك علناً لتنظيم أنفسهم كمجموعة اجتماعية خاصة، ولا يسمح بالذوبان في المجتمع الكردي، وهي وجهة النظر التي أغضبت ممثلين محليين للحزب الديمقراطي الكردستاني، طبقاً لما تقول عائلته. وكان (عباس) قد كتب في مواقع بالإنترنت يدعو الشبك الى إبقاء هويتهم وتقاليدهم وثقافتهم العربية، وولائهم الى محافظة نينوى وانتقد أعضاء طائفة الشبك المنتمين الى الأحزاب الكردية. وبعد أيام من هذه الدعوات تلقى تهديداً من (الأسايش) الاستخبارات الكردية، كما تقول عائلته. وفي 13 تموز، قتل (عباس) برصاص الغدر على بعد 30 ياردة من نقطة للبيشمركه. والحزب الشبكي اتهم الأحزاب الكردية في بيانات نشرتها مواقع على الإنترنت، وجرى تنظيم ملف بالقضية الجرمية والأدلة، سلم الى الأمم المتحدة. وطالبت الأمم المتحدة بتحقيق شامل، ولكن لم يلق القبض على أحد، ويقول أفراد عائلة (عباس) أنهم برغم ذلك أصبحوا (مُراقَبين). وتقول زوجة (عباس): ((نحن الشبك سكان حقول نينوى، ونحن نطالب بحقوقنا. وتضيف الزوجة (سهلة جواد رمضان): ((هذا هو سبب اغتيال زوجي. لقد أخبرنا الأمم المتحدة والسفارة الأميركية بشأن ذلك)). والبعض يتهم الأكراد بقتل المسيحيين، ليصوّروا أن المسيحيين يمكن أن يجدوا ملاذات آمنة فقط عندما يكونون تحت جناح بيشمركة كردستان
وعندما قتل حوالي 15 مسيحياً الشهر الماضي، هرب المسيحيون الآخرون الى مناطق محمية من قبل الأكراد، طلباً للأمان، وهي مناطق تعج بالعرب واليزديين والشبك. ودارت شائعات –كما تقول ميكلاتشي- بأن الكرد هم الذين قتلوا المسيحيين لكي يسحبوهم الى مناطق أخرى، لكي ينتزعوا تأييدهم عندما يجيء وقت تقرير مصير هذه المناطق المتنازع عليها، من أجل ضمها الى إقليم كردستان الذي يتوسع على حساب محافظات عربية كنينوى وكركوك وديالى وربما صلاح الدين أيضا. إن الشاطئ الأيسر من مدينة الموصل –المكان الذي جرت فيه عمليات قتل المسيحيين- محميّ من قبل البيشمركه الكردية. وقد جرى التحقيق مع كتيبة للبيشمركه تابعة للحكومة الإقليمية في كردستان، فوجدت أنها فشلت في حماية السكان. أما الشاطئ الأيمن، فهو موبوء بالمتطرفين العرب، بضمنهم القاعدة في العراق، الذين ينفذون بشكل روتيني هجمات ضد المواطنين من مختلف الفئات لإشاعة الرعب من خلال استمرار عمليات القتل. وعلى أية حال –تقول ميكلاتشي- فإن الجيش الأميركي، الذي فرض سيطرته على المحافظة يقول إنه كان على علم وبالأدلة أن المتطرفين العرب السنة ضمن القاعدة هم الذين نفذوا جرائم القتل ضد المسيحيين. ويقول الهاربون الى القرى المحيطة بالموصل إنهم لا يعرفون من الذي قتل أخوتهم. كانوا خائفين جداً وحتى لم يعطوا أسماءهم أو يقبلوا بأية إشارة الى أعمالهم وأماكن سكناهم. وتقول إحدى النساء: ((نحن لا نعرف فيما إذا كان من قتل أخوتنا هم الآن موجودون بيننا)) والموصل المدينة العربية السنية في غالبية سكانها، تعد من أكثر مناطق العراق دموية منذ اندلاع الحرب الطائفية، ومازالت في حال حرب بينما تعيش معظم مناطق العراق حال أمن نسبي يتطور يومياً نحو الأحسن، وفي هذه المدينة لا يقدم الأكراد الذين يسيطرون على مجلس المحافظة أية خدمات إلا لأولئك الذين يؤيدونهم في عملية التوسع الكردي على حساب المناطق العربية
سياسي مسيحي: علم العراق يختفي يوماً بعد يوم وجميع العراقيين رأوا الاحتلال الأميركي..أما نحن فرأينا الاحتلال الكردستاني
منقول من شبكة شيعة الموصل الثقافية
http://shiaatalmoesl.yoo7.com
تمارس حكومة إقليم كردستان من خلال ميليشيات البيشمركه ومن خلال قوات الأمن الاستخبارية الكردية المعروفة بـ(الأسايش) ضغوطاً غير مسبوقة لتكريد مئات الألوف من أبناء الأقليات التي تسكن القرى القريبة الى محافظة نينوى والتي تشكل جزء من وجودها وتاريخها. وشيئاً فشيئاً –منذ أول أيام الغزو ولاسيما بعد أن سيطر الأكراد على محافظة نينوى- جرى تكريد المناطق والمدارس وحتى علامات الطرق، وصار في الكنائس لا يُدعى إلا لـ (آغاجان) وزير المالية الكردي الذي يُفيض المال على سكان القرى من أجل أنْ ينتزع تأييدهم، لأنهم في النهاية سيواجهون الموت أو التشريد أو الاضطهاد إنْ لم يستجيبوا. وهذه هي قصة عذابات هؤلاء الناس الذين فقدوا الأمان ولم يعد أحد يحميهم إلا بقدر ما يمنحونه من الولاء والتأييد لتحقيق (مآربه)!. ويقول مراسل صحيفة ميكلاتشي: إن القوات الكردية حجزت (مراد كاشتو الآسي) 3 مرات في منطقة معزولة بسنجار في محافظة نينوى. أولاً، ضربه رجال البيشمركه، ثم اتهموه بكونه إرهابياً، وعضواً في حزب إسلامي عراقي، يضم في أغلبيته مواطنين من العرب السنة. وفي المرة الثانية، احتجزوه لساعات عديدة، طبقاً لقول (مراد) نفسه. وفي المرة الثالثة، ضربوه على وجهه، بأعقاب بنادقهم. ويؤكد (مراد) أنّ آسريه من البيشمركه الأكراد أخبروه، قائلين: ((إذا ما كنا سنتركك في هذه المرة، فلأنك ستعمل معنا، أو نقتلك)). واحتـُجز لـ 6 أيام، ثم أطلقوا سراحه في يوم الأحد، بعد أنْ تدخلت القوات الأميركية نيابة عنه، كما أكد ذلك لمراسل صحيفة ميكلاتشي الأميركية.
ولم يوجه إليه الأكراد أية تهمة بارتكاب جريمة ما، وحتى أنهم كانوا ينادونه بلفظة ((الأخ)). وأخبروه بالنص: ((نحن لا نريدك أن تكون مع العرب أبداً....إذا ما سيطروا على المنطقة، فإنّ ((وجود اليزيديين سوف ينتهي)).. كان (الآسي) يستعيد هذه الحوارات وهو يتحدث الى مراسل الصحيفة، شاعراً بالألم والحزن لما يحدث بين أهل العراق.
و(الآسي) أحد أفراد الطائفة اليزيدية القديمة جداً في العراق، ومعظم أبناء هذه الطائفة يعدّون أنفسهم أكراداً. وفي سياق المشهد العراقي الذي تكتنفه التعقيدات وأعمال العنف بطرق شتى، ومنها ما هو سري، ناهيك عن الجرائم التي ترتكب في العلن، تعيش هذه الطائفة -التي يقدر عددها الباقي بـ 100,000 شخص- في مركز اشتداد الصراع بكل أشكاله، ولاسيما الصراع على الأرض بين مناطق الشمال الجنوبية ذات الغالبية العربية، ومناطق الشمال الكردية التي تسكنها أغلبية الأكراد.
وثمة 3 أقليات تقطن القرى بالقرب من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، تجد نفسها الآن تحت ((ضغط كردي شديد))، وهي: اليزيديون الذين يزدريهم بعض المسلمين والمسيحيين، لأنهم يبجلون (الملك الطاووس) وتعدّها بعض الأديان (عبادة للشيطان). والطائفة الثانية: الشبك، وهي مجموعة إثنية صغيرة من المسلمين السنة والشيعة التي تدّعي أنها من أصول فارسية، ثم طائفتا الآشوريين والكلدان المسيحيين الذين يتكلمون اللغة الآرامية القديمة التي يرجع عهدها الى عصر الإنجيل.
وكما تقول ميكلاتشي فإنّ هذه الأقليات معاً تشكل أحد مفاتيح الطموحات الكردية في توسيع رقعة إقليم كردستان على شريط من الأرض يبلغ طوله 300 ميل، يقع بين سنجار بالقرب من الحدود السورية إلى خانقين في محافظة ديالى. والأكراد الذين كانوا على الدوام غاضبين مما يسمونه (اضطهاد نظام صدام حسين) يجدون الآن –ومع قرب الانتخابات المحلية في المحافظات- أن الكثيرين من غير الأكراد، خائفون من تصميم الأكراد على ((إنجاز كردستان العظمى)) بحسب تعبير مراسل ميكلاتشي
ويقول (الآسي) الذي يعمل في سنجار مع (الحدباء) الحزب الوطني العربي السني: ((أي إنسان ليس مع الأكراد، ولاسيما ليس مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لا يمكن أن يعيش في المنطقة، لأنه سيعاني كثيراً، ولهذا السبب أعتقد أننا نحن جميعاً سنغادر القرية)). وكل ليلة ينتقل (الآسي) من مكان الى مكان، ليتجنب الاعتقال من قبل البيشمركه. وقبل ستة أيام، عثروا عليه، واعتقلوه مرة أخرى. وعلى الرغم من أن الانتباه العالمي يركز على معركة السيطرة على كركوك الغنية بالنفط –وفيها كان صدام حسين يطهّرها من الكرد، فيما يقوم الأكراد الآن بتطهير من التركمان والعرب- فإنّ شريط القرى الممتد من سنجار في الموصل الى خانقين في ديالى، تحوّل الى (برميل بارود) بين الأكراد والعرب المتنافسين على (انتزاع) ولاء الأقليات (اليزيديين، والشبك، والآشوريين-الكلدانيين المسيحيين). وكلا الطرفين –الأكراد والعرب- يستخدمون الحوافز الاقتصادية، والاحتجاز، وفي بعض الأحيان القتل.
والقوة الأولى في مركز هذا النزاع، هي قوات البيشمركه، الميليشيات الكردية، التي امتصت برمتها تقريباً من قبل القوات الأمنية العراقية، لكنها بقيت خالصة الولاء الى الأحزاب الكردستانية في الشمال، غير عابهة بالحكومة المركزية ذات الأغلبية الشيعية في المركز. أما القوة الثانية، فهم العرب السنة الذي اتخذوا إجراءات صارمة ضد المتطرفين في أماكن أخرى من العراق، والذين يعبرون عن غضبهم وخوفهم من توسع الحكم الكردي في المنطقة، ولهذا سمحوا بفضاء واسع للمتطرفين ليرهبوا الموصل. وبهذا الصدد يقول الجنرال (تومي توماس) القائد العسكري الأميركي في محافظة نينوى: ((إن الجبهة الكاملة على طول كردستان المتاخمة لبقية العراق، تشكل من سنجار مروراً بكركوك وانتهاء بخانقين في محافظة ديالى منطقة صراع حاد، ينتظر الشرارة، ولاسيما الشرارة العسكرية)). وأضاف قوله: ((نحن نواجه هنا تحدّياً حقيقياً، وجمرة الأزمة بأيدينا)). وتؤكد ميكلاتشي أن مكتب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس الإقليم الكردي (مسعود البارزاني) يرفض الادعاءات التي تقول إنهم يقومون بـ (تكريد) المنطقة بطرق التهديد، والاحتجاز، وتنفيذ عمليات قتل غير قضائية. وفي الوقت نفسه يزعم (فؤاد حسين) رئيس أركان (البارزاني) أنّ تلك الاتهامات الصادرة من الشبك واليزيديين الذي يعدّهم الأكراد زملاء لهم، نتاج الدعم العربي لهم، وأيضا العنصرية العربية ضد الكرد. وقال إنّ أية حوادث تخويف أو سوء معاملة، إنما هي حالات معزولة وليست جزء من سياسة كردستان. وأضاف (فؤاد حسين) قوله: ((بعض الناس يتحدثون نيابة عن اليزيديين، والآن هناك قلة تتحدث باسم الشبك، ليقولوا أن هناك سياسة ضمن الأحزاب الكردية السياسية أو ضمن الحكومة الإقليمية في كردستان تتعامل بتمييز عنصري ضد هؤلاء. نحن نحاول أن نعمل أي شيء لنحمي هؤلاء الناس. ونحن نؤمن بحقوقهم......ونحاول مساعدتهم كما نحاول أن نساعد أنفسنا)). إلى ذلك يقول الجنرال (توماس) إنه قد رأى أدلة قليلة على عمليات القتل غير القضائية خلال الـ 14 شهراً التي أمضاها في قيادة القوات الأميركية بمحافظة نينوى. وأضاف: ((نحن نسمع ادعاءات في كل وقت. أنت قد تسمع عن الضغوط الكردية؛ وهي تستخدم في كل مجال كالاقتصاد، والضغط السياسي، وما يخوف أكثر القتل الانتقامي)). ويرى محللو الصحيفة الأميركية أن الحال حساسة جداً، والعديد من المسؤولين الغربيين لا يريدون عمليات التخوف الكردية المسجلة. والسكان اشتكوا لدى الأمم المتحدة بشأن ما يتعرّضون له من تهديدات على يد هذه القوات. وفي وقت مبكر من السنة الحالية، كانت خانقين منطقة ملتهبة لنزاع حاد بين القوات الكردية، وقوات أرسلت من قبل الحكومة المركزية، بعد أن رفضت وحدات البيشمركه الموجودة في المدينة التي تضم سكاناً مختلطين التراجع و(التنازل) عن خانقين، وأكدت الوحدات الكردية أنها لا تتلقى التعليمات من الحكومة المركزية بل من حكومة كردستان. وعن ذلك يقول الجنرال (توماس): ((إنهم بالتأكيد حشروا في الوسط، وعملنا هو التأكد من أننا نستطيع حماية المنطقة)) ويؤكد القائد العسكري الأميركي الذي يتحدث عن مجموعات الأقليات ((نحن نحاول أن نحتوي هذا التسخين السياسي)). والآن بعد أن صادق البرلمان العراقي على قانون الانتخابات المحلية، فإن الأكراد باتوا أكثر قلقاً من أنهم لن يستطيعوا إبقاء قوتهم، لاسيما تلك التي يستخدمونها في محافظة نينوى التي تسكنها غالبية عربية سنية.
وتقول صحيفة ميكلاتشي إن الأكراد يهيمنون على مجلس المحافظة، محتلين 31 مقعداً من أصل 41. وميليشيات البيشمركه الموالية للحزب الديمقراطي الكردستاني تسيطر على ما يقرب من نصف الموصل، وتفرض هيمنتها أيضا على الكثير من القرى في المناطق المُتنازع عليها على شريط يمتد الى 300 ميل منذ سنة 2003، وهم أيضا مستمرون بالتوسع. وقد أعطى التعديل الأخير على قانون الانتخابات المحلية، حصة (بخسة) لمشاركة الأقليات في الانتخابات المقبلة، إذ لم يحصل كل من المسيحيين، والشبك، واليزيديين، إلا على مقعد واحد في المجلس. أما العرب السنة الذين يعتزون بهويتهم العراقية فإنهم قلقون من أن الأقليات ستعمل كذراع للأحزاب الكردية، بما يؤدي الى توسيع قاعدة سلطتها في شمال العراق، ولذلك خفضوا تمثيل الأقليات في اقتراح سابق. ومن جانب آخر فإن الضغط الكردي حاد جداً في قرى الأقليات. وفي منطقة سنجار التي تسكنها أغلبية من اليزيديين والعرب، يقول (عبدالله الياور) الشيخ العشائري في إحدى القبائل العربية والذي يعمل مع الحزب الوطني (الحدباء) إن ممثلي البيشمركه والحزب الديمقراطي الكردستاني يضغطون على مواطني قرى سنجار لكي يقبلوا الزعماء الأكراد المعينين من قبل إقليم كردستان، بدلاً من سكان سنجار نفسها. ويضيف الشيخ (الياور) قوله: ((إن الناس الآن يغلون لأن الجيش يُستعمل ضدهم)). وأكد قائلاً: ((ليس هناك حرية، ولا ديمقراطية. أنت لا تستطيع أن تتكلم عن أية أفكار لا يوافق عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني)). وتابع قوله: ((الناس يغلون فعلاً، وما يجري ليس خوفاً من الانتخابات، إنما هو بركان)). ويؤكد مراسل ميكلاتشي أن الأعلام الكردية ترفرف الآن في سماء القرى المسيحية لـ (تل كيف) و (القوش) و (قره قوش) و (بارطيلا) بالقرب من الموصل مركز محافظة نينوى، أما الطرق خلال المناطق الجبلية القريبة، فيسيطر على نقاط تفتيش من الجنود الأكراد الموالين للحزب الديمقراطي الكردستاني. وفي الداخل الى البلدات المسيحية، ثمة عناصر لميليشيات مسيحية، تدير نقاط تفتيش، تدفع لها رواتب من قبل حكومة إقليم كردستان. وفي بعض المناطق، يحاول الأكراد ((شراء الولاء)) بالأموال. ومحافظة نينوى يجب أن تكون المجهز الأول للتمويل الى القرى في مناطقها الشمالية التابعة لها، لكن الحكومة الإقليمية في كردستان تحاول إغراق قرى الأقليات بالأموال من أجل أن يربحوا دعمهم. وتؤكد الصحيفة الأميركية وزير المالية في كردستان (سركس آغاجان) الكلداني الكاثوليكي، أنفق ملايين الدولارات، لإعادة بناء الكنائس الخربة ولإسكان المسيحيين المرحلين، ولتوفير الباصات لطلبة جامعة الموصل. وعندما هرب حوالي 10,000 مسيحي من الموصل بعد مجزرة قتل حوالي 15 مسيحياً قبل حوالي الأسبوعين، فإن مكاتب لشؤون المسيحيين والكنائس في حقول هذه القرى الشمالية أسكنتهم، وألحت عليهم بعدم الرجوع الى الموصل. وتقول ميكلاتشي أما الحكومة المركزية في بغداد فقد وعدت بصرف حوالي 127 دولاراً لكل عائلة مهجرة. من ناحيته قرر (أغاجان) منح كل عائلة 212 دولاراً. وفي رواق كل كنيسة في قرية القوش (حوالي 18 ميلاً شرق الموصل) صورة لـ (آغاجان)
ويقول (راما دانيال) من الحركة الديمقراطية في قره قوش: ((نحاول نحن المسيحيين، إبقاء المسافة نفسها بيننا وبين العرب من جهة، وبيننا وبين الأكراد من جهة أخرى من أجل أن نستطيع العيش بسلام)). وأضاف قوله: ((علم العراق يختفي من قرانا يوماً بعد يوم)). وخارج مكاتب الحزب الآشوري، فإن العلم العراقي القديم معلق فوق البناية، كمؤشر على أن حماية المسيحيين، كانت أفضل زمن دكتاتورية الرئيس السابق (صدام حسين). أما الأكراد الذي يعدّون أنفسهم ضحايا السلاح الكيمياوي الذي استخدمه (صدام) ضدهم، فيرفضون رفع العلم العراقي حتى بعد التغييرات التي جرت عليه، والناس هناك تقول إنها ذريعة لإبقاء علم كردستان مرفوعاً.
وأوضح (دانيال) قوله: ((نحن نفعل ذلك من أجل أن نزعجهم))، مشيراً بذلك الى الكرد وتوسعهم في المدن المسيحية. و(دانيال) الذي ولد ونشأ في هذه القرية المسيحية الصغيرة، يؤكد أن الأموال التي تفيض الآن على المدينة مقلقة جداً. وكانت ميليشيات البيشمركه المتحالفة مع الولايات المتحدة قد وصلت الى قريته بعد غزو العراق مباشرة في آذار 2003. وقد توقف (دانيال) عن الذهاب الكنائس، لأن صور (آغاجان) وهو يبتسم تذكره بالرجال الأقوياء الذين يدفعون الأموال الى الزعماء الدينيين. ويقول إن مصور تلفزيون فضائية الحركة الديمقراطية الآشورية، قد ضُرب من قبل مسيحيين متحالفين مع المنطقة الكردية، كما منع من أداء وظيفته في الكنيسة.وأضاف (دانيال) قوله: ((جميع العراقيين رأوا الاحتلال الأميركي، أما نحن فقد رأينا الاحتلال الكردي)). وشدّد على القول: ((إن عملية التكريد أقسى من عملية التعريب. إنهم يشترون الناس)). ومن جانب آخر تؤكد صحيفة ميكلاتشي قولها: عبر المنطقة بأسرها، فتحت الحكومة الإقليمية في كردستان المئات من المدارس على مدى السنوات الماضية، وعيّنت أكثر من 400 معلم في هذه السنة. وفي الكنائس الكلدانية الكاثوليكية، يتحدث الكهنة عن (آغاجان) وزير مالية كردستان كبطل، ويقولون إنهم يريدون أن يكونوا جزء من كردستان. والعديد من الكهنة وإداريي الكنائس في المنطقة يهمسون لصحيفة ميكلاتشي أن الأموال التي تأتي من حكومة إقليم كردستان تستخدم لإصلاح الكنائس ولأغراض خدمات أخرى.
وفي بعشيقة القرية التي تسكنها أغلبية من اليزيديين والشبك –حوالي 14 ميلاً شمال شرق الموصل- طبقت حكومة محافظة نينوى منهاجاً كردياً في المدارس لهذه السنة للمرة الأولى في المدينة مع أن الجميع تقريباً لا يتحدثون غير العربية. والأكراد يدعون بأن الشبك كرد، وأن لغتهم هي الكردية العامية، لكن ليس جميع الشبك يوافقون على هذا الكلام. والكثير من حوالي 35 قرية للشبك شرق الموصل ومباشرة الى جنوب بعشيقة، ثمة علامات عربية استبدلت ببطء أو بالتدريج الى الكردية، والأعلام العراقية، استبدلت بالأعلام الكردية، والمدارس بدأت تعطي دروس فصولها بالكردية بدلاً من العربية
وترى ميكلاتشي أن أولئك الذين يشجبون التوسع الكردي في قرى الشبك، والذين يكذبون الادعاءات الكردية بشأن مجتمع الشبك وأصوله وجذوره يخافون على أنفسهم من الانتقام الكردي. ويقول (فاضل عباس) إنه مقتنع بأن قوات الأمن الكردية هي التي قتلت أباه، وهو (عباس كاظم) عضو الجمعية الشبكية. وكان (عباس) يدعو الشبك علناً لتنظيم أنفسهم كمجموعة اجتماعية خاصة، ولا يسمح بالذوبان في المجتمع الكردي، وهي وجهة النظر التي أغضبت ممثلين محليين للحزب الديمقراطي الكردستاني، طبقاً لما تقول عائلته. وكان (عباس) قد كتب في مواقع بالإنترنت يدعو الشبك الى إبقاء هويتهم وتقاليدهم وثقافتهم العربية، وولائهم الى محافظة نينوى وانتقد أعضاء طائفة الشبك المنتمين الى الأحزاب الكردية. وبعد أيام من هذه الدعوات تلقى تهديداً من (الأسايش) الاستخبارات الكردية، كما تقول عائلته. وفي 13 تموز، قتل (عباس) برصاص الغدر على بعد 30 ياردة من نقطة للبيشمركه. والحزب الشبكي اتهم الأحزاب الكردية في بيانات نشرتها مواقع على الإنترنت، وجرى تنظيم ملف بالقضية الجرمية والأدلة، سلم الى الأمم المتحدة. وطالبت الأمم المتحدة بتحقيق شامل، ولكن لم يلق القبض على أحد، ويقول أفراد عائلة (عباس) أنهم برغم ذلك أصبحوا (مُراقَبين). وتقول زوجة (عباس): ((نحن الشبك سكان حقول نينوى، ونحن نطالب بحقوقنا. وتضيف الزوجة (سهلة جواد رمضان): ((هذا هو سبب اغتيال زوجي. لقد أخبرنا الأمم المتحدة والسفارة الأميركية بشأن ذلك)). والبعض يتهم الأكراد بقتل المسيحيين، ليصوّروا أن المسيحيين يمكن أن يجدوا ملاذات آمنة فقط عندما يكونون تحت جناح بيشمركة كردستان
وعندما قتل حوالي 15 مسيحياً الشهر الماضي، هرب المسيحيون الآخرون الى مناطق محمية من قبل الأكراد، طلباً للأمان، وهي مناطق تعج بالعرب واليزديين والشبك. ودارت شائعات –كما تقول ميكلاتشي- بأن الكرد هم الذين قتلوا المسيحيين لكي يسحبوهم الى مناطق أخرى، لكي ينتزعوا تأييدهم عندما يجيء وقت تقرير مصير هذه المناطق المتنازع عليها، من أجل ضمها الى إقليم كردستان الذي يتوسع على حساب محافظات عربية كنينوى وكركوك وديالى وربما صلاح الدين أيضا. إن الشاطئ الأيسر من مدينة الموصل –المكان الذي جرت فيه عمليات قتل المسيحيين- محميّ من قبل البيشمركه الكردية. وقد جرى التحقيق مع كتيبة للبيشمركه تابعة للحكومة الإقليمية في كردستان، فوجدت أنها فشلت في حماية السكان. أما الشاطئ الأيمن، فهو موبوء بالمتطرفين العرب، بضمنهم القاعدة في العراق، الذين ينفذون بشكل روتيني هجمات ضد المواطنين من مختلف الفئات لإشاعة الرعب من خلال استمرار عمليات القتل. وعلى أية حال –تقول ميكلاتشي- فإن الجيش الأميركي، الذي فرض سيطرته على المحافظة يقول إنه كان على علم وبالأدلة أن المتطرفين العرب السنة ضمن القاعدة هم الذين نفذوا جرائم القتل ضد المسيحيين. ويقول الهاربون الى القرى المحيطة بالموصل إنهم لا يعرفون من الذي قتل أخوتهم. كانوا خائفين جداً وحتى لم يعطوا أسماءهم أو يقبلوا بأية إشارة الى أعمالهم وأماكن سكناهم. وتقول إحدى النساء: ((نحن لا نعرف فيما إذا كان من قتل أخوتنا هم الآن موجودون بيننا)) والموصل المدينة العربية السنية في غالبية سكانها، تعد من أكثر مناطق العراق دموية منذ اندلاع الحرب الطائفية، ومازالت في حال حرب بينما تعيش معظم مناطق العراق حال أمن نسبي يتطور يومياً نحو الأحسن، وفي هذه المدينة لا يقدم الأكراد الذين يسيطرون على مجلس المحافظة أية خدمات إلا لأولئك الذين يؤيدونهم في عملية التوسع الكردي على حساب المناطق العربية