الهادي@
02-05-2009, 06:47 PM
ألأمل
قصه قصيره
بقلم السيد محمود الموسوي
أصدقاء خمسة من صغار السن، اعتورت براءتهم عزائم الرجال ، فأبحروا في قارب صغير يخص قريب أحدهم.
في عرضالبحر، رمى أحدهم المرساة بعد أن أوقف تشغيل المحرك .. تأكدوا أنهم لا يشاهدونالشاطئ نظراً لبعد المسافة ..إذاً ، هنا مكان صالح للصيد وهنا مرتع الأسماك..
عرفوا ذلك ، لأن حبل المرساة كان على آخره ، فالمياه هنا عميقة جداً..
الصيدموفق هذا اليوم ، فمنذ الدقائق الأولى كان في حوزتهم أربع سمكات ، معها عدد منالحبّار..
لاحظ واحد من الصغار أن القارب يسير!
كيف؟
تأكّدْ من الحبل ،هل المرساة ممسكة في قعر البحر جيداً؟
رد آخر، نعم هي كذلك.. وحتى لو كانت غيرمثبتة ، فمن المستحيل أن يسير المركب هكذا بهذه السرعة نحو جهة معينة..
لقد لاحظالجميع بعد أن وقعت أباصرهم على سطح الماء أن القارب يجري مسرعاً، وكأنه ينحدر منأعلى سيل.. كأن شيئاً يجرّه إليه..
أخذت عيونهم البرئية تتجوّل سريعاً في كلالجهات، حتى رأى واحد منهم من بعيد إعصاراً يسحب ماء البحر إلى قراره ، وقد نحتتحفرة في ماء البحر تأخذ كل شيء إلى قاعه..
يا للهول ، انظروا هناك.. إن إعصاريجرنا إليه..
بسرعة أدر المحرك ، وارفع المرساة ، هكذا صرخ أحدهم..
استنفرالجميع و وقف شعر أبدانهم الناعمة من الوجل .. وتحول بريق البراءة في عيونهم إلىلمعان الخوف..
عمد أكبرهم سنّاً إلى المحرك ليديره .. لكنه فوجئ بعدم استجابةالمحرك ، مالذي حصل ، لقد كان سريع الدوران ، هل أنا أرجف إلى درجة أني لا أقوى علىتشغيله..
أخذ يحاول مسرعاً .. ويحاول مرة تلو الأخرى .. حتى بدى منهمكاً ، عرقهيتصبب على زيت المحرك .. وعروقه بدت كأسلاك ملوية على يديه..
الإعصار المائي يجرالقارب بقوّة.. وكأنها قوة عاقلة تأخذهم إلى غورها باتجاه سديد.
حالة الإستنفارتلك بدت متغيرة..
بالإضافة إلى المنهمك في محاولاته لتشغيل المحرّك..
كانأحدهم يسدّد نظره بقوّة لمركز الاعصار الذي يجذبهم ، ولا يلتفت لأي جهةأخرى..
وأحدهم أمسكت يده سكيناً ، وهي تقطّع الحبّار ، ذلك الحيوان البحريالرخوي .. يقطعها قطعاً صغيرة ويضرب عليها بما أوتي من قوّة ..
وطفل آخر أبصر منبعيد لوناً أسوداً، اعتقده قارباً آخر ، فأخذ يصرخ بقوّة : النجدة ، النجدة ..
وصوته يدوي في الأفق..
بينما يستمر الإعصار في سحب القارب إليها ليلتهمه ..
انشغل آخر بالتعليق و الضحك .. يقول: يا للخسارة ، غداً سيكتبون في الصحيفةبالبونط العريض (خمسة أصدقاء التهمهم إعصار البحر) ولن نتمكّن من رؤية الخبر ..
إنه يتهكم .. ويسخر .. ويضحك ..
لطالما تمنينا أن نرى أسماءنا في الصحيفة، كان المفترض أن نراها ضمن الناجحين .. والآن ستكون ضمن الهالكين .. ومع ذلك لننراها ..
لا بأس سيراها الآخرون .. و يستمر بالضحك..
الجميع مشغول بشيء مابقوّة .. وحتى الإعصار يجرهم بقوّة ..
اتسعت حدقتا الطفل الذي ينظر للإعصار .. وسكن الجميع .. وبلغت القلوب الحناجر ..
فلم تبق إلا أمتاراً بسيطة و يتحولونبعدها من سطح البحر إلى قاعه..
سواعد أكبرهم كأنها ستتفجّر من ضغط المحاولاتالمستميتة بتشغيل المحرك ..
بقيت خمسة أمتار تقريباً ..
أربعة ، بل ثلاثة ..
إثنان .. يستعد القارب لطأطئة رأسه استسلاماً للاعصار ..
يدوي صوت المحركمعلناً نهاية استسلام القارب.. يرفع القارب مقدّمه .. ويثنيه المشغّل عن اتجاههبسرعة خاطفة .. ليحوله في اتجاه معاكس .. و ينجح في الخروج..
رجعت القلوبالبريئة إلى أماكنها.. و لم يلتقط الجمع أنفاسهم بعد..
القارب يسير باتجاهاليابسة ..
رافقهم السكون و الصمت حتى وصولهم إلى مرسى البلدة، ولم ينبت أحدمنهم ببنت شفة..
****
بعد أكثر من عشرين سنة على الحادثة .. قال أحدالأطفال .. لو لم يكن هناك من يحاول تشغيل المحرّك ، لكنت أنا مكانه.
و كما يبدوا أن هذا هو رأي كافة الأطفال سابقاً .. الشباب الآن.
قصه قصيره
بقلم السيد محمود الموسوي
أصدقاء خمسة من صغار السن، اعتورت براءتهم عزائم الرجال ، فأبحروا في قارب صغير يخص قريب أحدهم.
في عرضالبحر، رمى أحدهم المرساة بعد أن أوقف تشغيل المحرك .. تأكدوا أنهم لا يشاهدونالشاطئ نظراً لبعد المسافة ..إذاً ، هنا مكان صالح للصيد وهنا مرتع الأسماك..
عرفوا ذلك ، لأن حبل المرساة كان على آخره ، فالمياه هنا عميقة جداً..
الصيدموفق هذا اليوم ، فمنذ الدقائق الأولى كان في حوزتهم أربع سمكات ، معها عدد منالحبّار..
لاحظ واحد من الصغار أن القارب يسير!
كيف؟
تأكّدْ من الحبل ،هل المرساة ممسكة في قعر البحر جيداً؟
رد آخر، نعم هي كذلك.. وحتى لو كانت غيرمثبتة ، فمن المستحيل أن يسير المركب هكذا بهذه السرعة نحو جهة معينة..
لقد لاحظالجميع بعد أن وقعت أباصرهم على سطح الماء أن القارب يجري مسرعاً، وكأنه ينحدر منأعلى سيل.. كأن شيئاً يجرّه إليه..
أخذت عيونهم البرئية تتجوّل سريعاً في كلالجهات، حتى رأى واحد منهم من بعيد إعصاراً يسحب ماء البحر إلى قراره ، وقد نحتتحفرة في ماء البحر تأخذ كل شيء إلى قاعه..
يا للهول ، انظروا هناك.. إن إعصاريجرنا إليه..
بسرعة أدر المحرك ، وارفع المرساة ، هكذا صرخ أحدهم..
استنفرالجميع و وقف شعر أبدانهم الناعمة من الوجل .. وتحول بريق البراءة في عيونهم إلىلمعان الخوف..
عمد أكبرهم سنّاً إلى المحرك ليديره .. لكنه فوجئ بعدم استجابةالمحرك ، مالذي حصل ، لقد كان سريع الدوران ، هل أنا أرجف إلى درجة أني لا أقوى علىتشغيله..
أخذ يحاول مسرعاً .. ويحاول مرة تلو الأخرى .. حتى بدى منهمكاً ، عرقهيتصبب على زيت المحرك .. وعروقه بدت كأسلاك ملوية على يديه..
الإعصار المائي يجرالقارب بقوّة.. وكأنها قوة عاقلة تأخذهم إلى غورها باتجاه سديد.
حالة الإستنفارتلك بدت متغيرة..
بالإضافة إلى المنهمك في محاولاته لتشغيل المحرّك..
كانأحدهم يسدّد نظره بقوّة لمركز الاعصار الذي يجذبهم ، ولا يلتفت لأي جهةأخرى..
وأحدهم أمسكت يده سكيناً ، وهي تقطّع الحبّار ، ذلك الحيوان البحريالرخوي .. يقطعها قطعاً صغيرة ويضرب عليها بما أوتي من قوّة ..
وطفل آخر أبصر منبعيد لوناً أسوداً، اعتقده قارباً آخر ، فأخذ يصرخ بقوّة : النجدة ، النجدة ..
وصوته يدوي في الأفق..
بينما يستمر الإعصار في سحب القارب إليها ليلتهمه ..
انشغل آخر بالتعليق و الضحك .. يقول: يا للخسارة ، غداً سيكتبون في الصحيفةبالبونط العريض (خمسة أصدقاء التهمهم إعصار البحر) ولن نتمكّن من رؤية الخبر ..
إنه يتهكم .. ويسخر .. ويضحك ..
لطالما تمنينا أن نرى أسماءنا في الصحيفة، كان المفترض أن نراها ضمن الناجحين .. والآن ستكون ضمن الهالكين .. ومع ذلك لننراها ..
لا بأس سيراها الآخرون .. و يستمر بالضحك..
الجميع مشغول بشيء مابقوّة .. وحتى الإعصار يجرهم بقوّة ..
اتسعت حدقتا الطفل الذي ينظر للإعصار .. وسكن الجميع .. وبلغت القلوب الحناجر ..
فلم تبق إلا أمتاراً بسيطة و يتحولونبعدها من سطح البحر إلى قاعه..
سواعد أكبرهم كأنها ستتفجّر من ضغط المحاولاتالمستميتة بتشغيل المحرك ..
بقيت خمسة أمتار تقريباً ..
أربعة ، بل ثلاثة ..
إثنان .. يستعد القارب لطأطئة رأسه استسلاماً للاعصار ..
يدوي صوت المحركمعلناً نهاية استسلام القارب.. يرفع القارب مقدّمه .. ويثنيه المشغّل عن اتجاههبسرعة خاطفة .. ليحوله في اتجاه معاكس .. و ينجح في الخروج..
رجعت القلوبالبريئة إلى أماكنها.. و لم يلتقط الجمع أنفاسهم بعد..
القارب يسير باتجاهاليابسة ..
رافقهم السكون و الصمت حتى وصولهم إلى مرسى البلدة، ولم ينبت أحدمنهم ببنت شفة..
****
بعد أكثر من عشرين سنة على الحادثة .. قال أحدالأطفال .. لو لم يكن هناك من يحاول تشغيل المحرّك ، لكنت أنا مكانه.
و كما يبدوا أن هذا هو رأي كافة الأطفال سابقاً .. الشباب الآن.