المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شاب يحكي لكم قصة يوم اعتقاله في السجن


ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:16 PM
السلام عليكم
أقرأوا القصة كاملاً القصة
شاب يحكي لكم قصة وهوا في السجن

/
\


احكي لكم قصتي منذ بداية اعتقالي والتي حصلت بتاريخ 16\6\1996 في يوم الاحد الى ان تم الافراج عني في سنة 1997


كانت الساعة تشير الى الثانية صباحا , كان كل من في المنزل قد خلد الى النوم , كان المنزل هادئا ذلك الوقت , لكن فجأة عكر صفو الهدوء المخيم طرقات عنيفة على الباب , كان المنزل مكون من طابقين , كان الجد لوحده بالطابق الاول بينما ولده واولاده بالطابق الثاني .

استيقظ الجد من طرقات الباب توجه نحو الباب مذعورا , كان الوقت متاخر , يفكر الجد من سيأتي لنا هذا الوقت , اقترب من الباب ونادى من هناك , صرخ من خلف الباب افتح معك الشرطة.

فتح الجد الباب وهو خائف , قال لهم ماذا تريدون قالوا له هل هنا محمود ؟ قال لهم هنا ولكنه نائم , قال له رجل المخابرات معنا امر بالقاء القبض عليه ونريده أن يأتي معنا , قال لهم جدي انه بالطابق الثاني , قالوا له سنأتي خلفك , صعد الجد وصعد معه رجال المخابرات .

توجه الجد في البداية لولده ليخبره ان الشرطة تريد ابنه محمود ذعر الوالد واستيقظت الام مذعورة ولكن لم يكن باستطاعتهم عمل شيء , توجه الوالد لغرفتي ليوقظني , استيقظت من النوم على كلماته قم يا محمود الشرطة تريدك , اعتقدت في البداية ان الامر مجرد مزحة ولكن حين قمت كانت المفاجأة لي , كلام والدي لم يكن مزحة , انهم الشرطة ورجال المخابرات في وجهي .

انها البداية

بعد ان خرجت من باب غرفتي نظرت واذا بي ارى مايقارب سبعة افراد لا اعرفهم , نظرت جيدا فاذا هم ثلاثة رجال من المخابرات واربعة افراد من قوات الشغب.

وجه المخابر كلامه نحوي , قائلا: هل انت محمود ؟ قلت له : نعم انا محمود.
قال تعال معنا للمركز للتحقيق وستعود للمنزل لاحقا , قلت له حسنا ولكن مهلا لاغسل وجهي , للعلم كان هناك حمامان بالاعلى فدخلت انا للحمام الذي كان على يساري والذي كان قريب من موقع تجمعنا , دخلت مسرعا وضعت يدي على الحنفية محاولا فتحها , ماهذا لا يوجد ماء وكأن لسان الحنفية يقول لي (( ابعد عني لاتوهقني معاك )) خرجت من الحمام محاولا التوجه للحمام الآخر , وانا اسير بخطواتي الثقيلة نحوه صرخ المخابر , قف ! الى اين انت ذاهب , قلت له ان المياه مقطوعة عن ذلك الحمام وساغسل وجهي بالحمام المقابل , قال لي: ارجع ولاتغسل وجهك !
طبعا رجعت دون ادنى مناقشة مني.

قد يتسائل الجميع لماذا منعوني من دخول الحمام الآخر , اقول ان الحمام الآخر كان يطل على سطح المنزل وربما اعتقد المخابر انني في حاول توجهي للحمام قد استغل فرصة للهرب من سطح المنزل , طبعا لايمكن ان اجرب الهرب لانني في حال توجهي للسطح فلا مكان لي للهرب فمنزلنا مكون من طابقين وهناك منزلان ملاصقان لنا وهما كمنزلنا طابقين , اي لا مجال للهرب فالوسيلة الوحيدة هي القفز وقفزك يعني انتحار للمسافة الكبيرة بين السطح والارض.


بعد ان منعني من الذهاب , وجه المخابر كلامه نحو والدي , هل تريدون ان يغير ملابسه ؟ قالوا له ليس له داعي , كنت في تلك الليلة بلباس رياضي لونه احمر, بعد ذلك امرني بالمخابر بالنزول معه فنزلنا جميعا وان استغليت نزولي السريع للتوجه نحو المغسلة التي بالقرب من الباب لاغسل وجهي فغسلته وخرجت معهم.

حين خرجت من المنزل رأيت دورية وجيبان للشرطة , فقلت في نفسي , اكل هذا من اجلي ! بعد خروجي وقفت قليلا حيث كان يدور كلام بين المخابرات والشغب حيث كانو يودون في البداية وضعي في الجيب وكان هناك كلاما بينهم لا اتذكره حاليا بعد انتهاء الكلام طلبو مني ان اصعد لاحد الاجياب وحين اردت الصعود تكلم المخابر بقوله دعوه يأتي معنا.

ذهبت لسيارة الدورية وركبت معهم , كانوا ثلاثة اشخاص وانا رابعهم بداية ركوبي كان هناك صمت يخيم علينا وكنت حينها واضعا يدي على يدي الاخرى وانا ارتعد , فقال لي احدهم : هل انت ترتعتد من الخوف ؟ قلت له: لا ولكن من شدة البرد فمكيف السيارة بارد , قال لي : ولكنك للتو في غرفتك نائم تحت المكيف ؟ قلت له: نعم , ولكنني كنت املك اللحاف ليقيني من البرد , صمت بعدها المخابر عن الحديث , وتكلم آخرهم واخذ يوجه سيل من الاسئلة نحوي .

محمود هل كتبت على الجدران ؟ ابادره بالنفي , فيقول لي ولكن هاني(اعترف عليك , هنا اجد نفسي انه لا مجال للانكار فاعيد له الاجابة ولكن بالاقرار , يقول لي اين تضعون رش الكتابة ؟ قلت له اخبئه في المقبرة , قال لي هل تدل مكانه الان ؟ قلت له : للاسف فلقد تمت سرقته حيث اخفيته خلف احد الحشائش وباليوم التالي لم اجده , ومرة اخرى يخيم الصمت وحينها كنت انظر من نافذة السيارة نحو الشارع فلقد كانت الحركة شبه معدومة ربما نحن فقط من كنا نسير بالشارع , كانت السيارة تسير وانا لا ادري الى اين تتوجه .

كانت السيارة تسير بهدوء وانا لا ادري بمصيري , بعد مسير ما يقارب العشر دقائق وصلت السيارة الى مكان ووقفت لم اكن اعلم اين نحن انزلوني من السيارة وامروني بالمشي امامهم والدخول من الباب الكبير الذي يصادفني قرات اللافتة التي كانت اعلى الباب فعلمت اننا في مركز الشرطة , قبل دخولي دعاني فضولي لان انظر خلفي فنظرت فكانت المفاجأة لي فلقد ابتسمت لا شعوريا لما رأيت .

ماذا حدث ومن هو هاني الذي اعترف ضدي
وما سبب ابتسامتي

بعد ان نظرت خلفي لم اصدق بداية ما رايت , فلقد رأيت شخصان اعرفهما , يالله انهما صديقاي سامي وسيد جعفر ابتسمنا جميعا حين نظرت لهم وكأن لسان كل شخص منا يقول الحمد لله لم اكن وحدي !

ادخلونا المركز وامرونا بالجلوس على الكرسي الموجود هناك , اجلسونا نحن الثلاثة معنا مما اتاح لنا فرصة الحديث مع بعض وماهي طريقة اعتقال كل منا وكان الحديث مشفع بالابتسامات حيث كان اعتقال صديقي سامي طريفا , حيث انه علم ان الشرطة حين طرقت باب منزلهم تريده مما جعله يختبئ في قفص الطيور وحين دخل الشرطة المنزل للتفتيش عنه لاحظو حركة بالقفص فعلموا انه هناك وتم القبض عليه .

حين كنا على الكرسي كان يتم استدعاء شخص شخص منا لكتابة افادة الاعتراف وحيث انني سجلت اعترافي بالسيارة فكان علي ان اوقع على الافادة المكتوبة ضدي وكانت التهم الموجه لي كتابة على الجدران وقنابل صوتية.

حين تحدثنا انا وسيد جعفر وسامي علمنا جميعا ان مصدر اعتقالنا واحد وهو هاني , من هو هاني الذي تسبب في اعتقالنا ؟

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:18 PM
lهاني هو زميل لنا بالقرية تم اعتقاله وهو يتمشى بالشارع دون ان يعمل اي شيء وحين تم اخذه للمركز كان مرتبكا وخائفا فكان مجرد التهديد له كافي للاعتراف علينا وهذا ماحصل بالضبط حيث تم تهديده فقط واعترف علينا.

بعد ان كتبت الافادة علينا جميعا كنا لا نزال جالسين على الكرسي نتبادل الحديث وكان سامي له خبرة بالسجن ويحكي لنا عن طعامهم الرديء ومعاملتهم وكان يتمنى ان لاتطول مدة اعتقالنا , بينما انا كنت فرحا مسرورا ذلك اليوم وكنت اخبرهم اتمنى ان لا يتم الافراج عنا في نفس اليوم ولو كان هناك افراج كنت اتمنى ان يكون ظهرا او وقت متأخر من اليوم.



لماذا كنت فرحا !
حين تم اعتقالي كنت حينها ابلغ من العمر خمسة عشر عاما وكنت بالصف الثالث اعدادي , وقد اكلمنا السنة الدراسية ولم يبقى علينا سوى امتحانات نهاية الفصل الدراسي , صادف اعتقالي انني باليوم التالي ساقدم امتحان الرياضيات , كنت اكره هذه المادة فحين كنت ماسكا للكتاب ظهر يوم السبت كنت متشائم واحدث نفسي , كيف لي ان احفظ اثنا عشرة نظرية ببراهينها في يوم واحد ! ما الحل ! ذلك اليوم لم اراجع جيدا , فقط كنت افكر لو رسبت فيها ماذا ساخبر والدي حينما يسالني عن سبب رسوبي ! فكرت في ذلك اليوم بان اتظاهر بالمرض لكي يكون عذرا لي حين رسوبي.

وشاءات الاقدار ان يتم اعتقالي , وكنت حينها اقول لقد حصلت على العذر . لقد كنت معتقلا وهذا سبب مقنع .

كان سامي متوترا ويقول اتمنى ان يتم الافراج عنا باعتبار انه كان معتقل اكثر من مرة من قبل بينما انا كنت اخاطبه دعنا على الاقل يوم واحد فقط هنا ريثما ينتهي هم مادة الرياضيات.

ونحن نتحدث لم نشعر بالوقت فقد كان سريعا , بعد جلوسنا الطويل حل الجوع بي وكنت اريد ان آكل شيئا , في حوالي الساعة 7 صباحا تقريبا اطل علينا الشرطي ليقول لينا هل تريدون الافطار ؟ اخذنا ننظر نحن الثلاثة باتجاه بعضنا وكأن لسان كل حال منا ينتظر الاخر ليتكلم , حينها نطق سامي قائلا للشرطي لا نريد ! ارتسمت علامات التعجب على وجوهنا انا والسيد جعفر , ونحن نقول في انفسنا ماذا فعلت يا سامي , الجوع يكاد يفتت بطننا وانت ترفضه ! بعد انصراف الشرطي وجهت كلامي نحو سامي قائلا له : ماذا دهاك نحن لم نأكل اي شيء منذ الثانية صباحا لماذا رفضت الطعام ؟

نطق سامي بالجواب الذي اضحكنا وانسانا الجوع , فلقد كان سامي مصاب بالاسهال ولم تكن له شهية للاكل فرفض الطعام , قلنا له انت مصاب بالاسهال نحن ماذنبنا ؟ ضحك سامي فضحكنا معه ونسينا الجوع ونحن نسخر منه مازحين معه شخبار الاسهال معاك .

كنت انظر للساعة كل وقت لانني كنت افكر بالامتحان , ولسان حالي يقول متى ينقضي وقت الامتحان .

في الساعة العاشرة تقريبا اتى والدي المركز محاولا معرفة سبب الاعتقال , انا رأيته ولكن لم استطع التحدث معه ولا اعلم ماذا جرى بينه وبين الشرطة من حديث.

في تلك الاثناء تم نقلنا من الكرسي الى مكان آخر بعيد عن اعين مرتادي المركز مما اتاح لنا الحديث بحرية نحن الثلاثة , اتى موعد الغداء والذي كنا نترقبه بفارغ الصبر وضعوه امامنا وكان ارز باللحم , انقضضنا عليه انا وسيد جعفر واخذنا نأكل بشراهة بينما صديقنا سامي لم ياكل معنا لانه لا زال يعاني من الاسهال , ونحن نأكل الغداء كنت احادث سيد جعفر بان الارز طعمه لذيذ وليس رديء كما اخبرنا سامي , قضينا على الارز بالكامل وحمدنا الله , بعد انتيهنا من الطعام واصلنا ممازحتنا لسامي وشخبار الاسهال وياك.

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:19 PM
ظللنا في مكاننا عدة ايام وبعدها تم ادخالنا الزنزانة.

اخبار الزنزانة


دخلنا المعتقل وتجمع حولنا المعتقلين يسألوننا عن اسمائنا وماهي تهمنا ومن اين نحن , طبعا اجبناهم على اسئلتهم وقلنا لهم نحن من قرية توبلي , قاموا بالترحيب بنا واخذونا للغرفة التي يوجد بها معتلقين من قريتنا دخلنا الغرفة وبدأنا نتبادل اطراف الحديث مع افراد قريتنا وجلس حولنا معتقلون آخرون يحاولون معرفة الاخبار بالخارج وماهو مستجد قبل اعتقالنا باعتبار ان الاخبار بالسجن مقطوعة عنهم.

كان المعتقل عبارة عن ست غرف متلاصقة مع بعضها البعض بينهم ممر صغير والغرف مفتوحة على الممر , يوجد بالمعتقل حمام واحد للسباحة واثنان لقضاء الحاجة ومغسلة صغيرة , حين تود ان تذهب للسباحة فلا بد ان تدور على اغلب افراد المعتقل , حيث تذهب في البداية لتطرق باب حمام السباحة لتسال من يسبح دور من بعده في السباحة فيقول لك فلان فتذهب لفلان فيقول لك فلان حتى تصل للشخص الاخير وتحجز لك دور في الطابور وقليل جدا ان تجد حمام السباحة خاليا على اعتبار ان عدد المعتقلين وصل تقريبا الى 180 معتقل.

كان المكان ضيق مقارنة مع العدد الكبير للمعتقلين حيث تجد الافراد قريبة من بعضها البعض والتنقل من مكان لمكان صعب حيث تجد اغلب المعتقلين ينامون بالممر الصغير محاولة منهم للحصول على الهواء حيث كان الجو حارا بالداخل مكيفان موجودان بالسقف ولكنها لا يعملان بينما توجد عدة مرواح ذات العمود والتي تقف موضوعة خارج باب المعتقل الحديدي وتجد اغلب المعتقلين عند الباب ليصل لهم الهواء , من شدة الحرارة تجد ان الامراض منتشرة هناك وخاصة مرض الحساسية والذي نعتبره ختم السجن حيث اغلب المعتقلين اصيبوا بالحساسية

بالمعتقل تقدم لك ثلاث وجبات افطار , غداء وعشاء فالافطار كان منوعا وهو عبارة عن خبز عادي وشاي ونخج او دال اما الغداء فيكون لحم او دجاج او سمك اما العشاء فالوجبة الرئيسية هي الشخر نخر وهي وجبة السجن وكما يردد المعتقلون دائما ( اذا ما اكلت شخر نخر يعني ماانسجنت) الشخر نخر عبارة عن صالونة خضرة بعضها غير صالح للاكل ولكن تجد نفسك مجبر لاكله من شدة الجوع

انا عني بعد اليوم الاول لم اعد ارغب لوجبة الغداء حيث كان الارز سيء جدا وعلمت انني اكلته في اليوم الاول بسبب الجوع , كانت افضل وجبة غداء لدي هي الدجاج والتي تكون يوم الاربعاء حيث كنت آخذ الدجاج وآكله مع الخبز اما نصيبي من الارز فاعطيه لأي شخص يريده.

كان في مركز المدينة برادة خاصة بالمعتقلين حيث يرسل الاهالي مبالغ من المال لذويهم يستطيعون الشراء بها من البرادة وحقيقة ان البرادة كانت تغنينا بعض الاحيان عن طعام السجن ولكن في اغلب الاوقات يصادف انتهاء المال الذي لديك فتجد نفسك مجبر لاكل طعامهم , وتنتظر حتى ان تأتيك زيارة من الاهل او ان توصل لهم رسالة ان المال الذي لديك قد نفذ وانت بحاجة لاموال اخرى.

اخذونا للتحقيق الرسمي بعد 9 ايام من اعتقالنا

كان الجو العام للسجن اشبه بقرية او تجمع شبابي فأنت ترى الشباب يمزحون مع بعضهم وترى الآخرون يلعبون وقد نسو انهم في سجن


كنا نعلم نحن ان الافادة التي كتبت ضدنا في المركز غير مهمة حيث هناك تحقيق رسمي آخر في سجن القلعة الذي يقع في المنامة , كان الشباب يحكون لنا عن الوضع بالقلعة حيث اغلبهم قد اخذ الى هناك واخبرونا اننا سنتلقى الضرب هناك ولكن اخبرونا بالصبر وعدم الاعتراف لانه اذا لم نعترف قد يفرج عنا , اما اذا سالونا بانه قد اعترفنا بالمركز فنخبرهم باننا اعترفنا بالاكراه وبالضرب لم يقصر معنا الاخوة هناك واعطونا دفعة معنوية قبل الذهاب الى هناك , حيث لم نكن نعلم نحن بالموعد الذي سيتم اخذنا الى هناك.
قبل الذهاب كنت جالسا في الممر , فاتي لي هاني ليقول محمود اذا اخذونا يجب علينا ان لانعترف وننكر لكي يفرج عنا , فاجبته انا ممازحا بقولي له انا بصراحة اذا آلمني الضرب ساعترف سريعا , فتوجه هو على الفور الى سامي وسيد جعفر يخبرهم بان محمود سيعترف , فاتوى لي وقالوا محمود لاتعترف لكي يفرج عنا , قلت لهم حسننا لكم ذلك.

اتى اليوم المحدد حيث اتى الشرطي واخذ يصرخ باسامينا نحن الاربعة سامي وسيد جعفر وهاني وانا , علمنا اننا سناخذ للقلعة توجهنا للشرطي فاخذنا خارج المعتقل ومن بعده اركبونا الباص بعد ان وضعوا قطعة من القماش على اعيننا وقيدو ايدينا وانطلقو بنا للقلعة

وصلنا للقلعة فانزلونا من الباص وتوجهو بنا في البداية الى غرفة يوجد بها معتقلين , لم نراهم ولكن اصواتهم هي التي وضحت لنا الصورة فقد كان البعض منهم يصرخ بان التعب قد غلبه والبعض تراه يردد آه آه آه ونحن متوترين جدا فلقد علمنا بان تعذيب هؤلاء الافراد قاسي جدا حيث يتم تعذيبهم بان يجعلونهم يقفون بالاشهر ولايجلسون سوى للصلاة والطعام واي شخص يسقط من التعب ينهال عليه الشرطي المراقب بالضرب.

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:20 PM
بعد مدة قصيرة من جلسونا بالغرفة طلبوا منا الخروج وذهبو بنا لغرفة تقع في الاعلى حيث صعدنا بداية السلم الخشبي ودخلنا الممر , طلبوا منا ان نقف في الممر ليدخل شخص شخص للتحقيق

كنت اول شخص ادخل التحقيق , دخلت الغرفة وكان بها ثلاثة اشخاص باللباس المدني جالسين

على مكاتبهم , قال لي احدهم ماهي تهمتك ؟ قلت له انا لم افعل اي شيء , قال لي الافادة امامي وانت قد وقعت عليها بانك معترف ؟ قلت له اعترفت بالتهديد والضرب , قال لي حسننا اخرج , خرجت وطلبوا من هاني ان يدخل بعدي فدخل وبعد وقت قليل من دخوله استدعوني مرة اخرى دخلت ووقفت بالقرب من هاني , نظر المحقق في البداية لي ثم قال الى هاني , كتب لو ماكتب ؟ قال له هاني نعم كتب معي , هنا انفجرت غضبا حيث قلت في نفسي اين كلامك يا هاني ؟ لماذا اعترفت بهذه السهولة فهاني لم يتلقى الضرب فقط قال له المحقق كتبت لو لا , فقال نعم لقد غلب الخوف هاني

بعد ان اجاب هاني بنعم , نظر المحقق لي وقال , الحين انت كتبت لو لا وصاحبك معترف عليك , هنا لم استطع الانكار , فكيف انكر وهاني قد اعترف ولامجال لانكاري, فاجبته نعم كتبت , قال ماذا كتبت ؟ قلت له نطالب بالبرلمان وعبارات اخرى لا اتذكرها , قال لي ماذا يعني البرلمان ؟ قلت له لا اعرف , فانا رأيتها مكتوبة على الجدار فقمت بالتقليد , قال لي والقنابل الصوتية كيف تعلمتها ؟ هنا لم اتكلم ولم يتكلم هاني فقال لنا المحقق انسدحا بالارض وارفعا ارجلكما للاعلى , فعلنا ما امرنا بهد واخذ العصاة وبدأ يضربنا بكل قوة ضربة على رجلي والاخرى على هاني كنا نصرخ من شدة الالم , كنت اود البكاء تلك اللحظة ولكن لم استطع اخراج اي دمعة فلقد كانت دموعي تابى ان تخرج كان صراخنا يتعالى بعد ان اشتد الم الضرب , انا فضلت الصبر فانا عني كنت مستعد لجعل كل القضية على رأسي وليس مستعد للاعتراف على شخص بعد ان تواصل الضرب خارت قوى هاني فصرخ باعلى صوته سأعترف سأعترف , هنا توقف الضرب عنا وعني تنفست الصعداء حيث قلت في نفسي يعترف هو ولا اعترف انا

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:21 PM
امرونا بالوقوف وقال لنا من علمكم طريقة صنع القنابل الصوتية ؟ فاجبته انا قلت به بصراحة انا لا اعلم بالشخص فانا كنت في احد الايام جالس بالمزرعة فاتى هاني ليخبرني بانه تعلم صنع قنابل صوتية , فقلت له كيف هي الطريقة ؟ فقال لي نأخذ فلاش ونضع قليل منه في زجابة بلاستيكية حجم كبير ثم نضع قطع من الالمنيوم صغيرة بالزجاجة ونغلقها ونرميها ستنفجر وتحدث صوت قوي , قلت له من الذي علمك فلم يخبرني , لذلك فالشخص يعرفه هاني وليس انا

الحقيقة القصة غير صحيحة ولكني اخترعتها سريعا ووضعتها على رأسه من شدة الغضب عليه , فانا قلت فليجلب هو الاسماء وليس انا , وفعلا حين وجه الكلام المحقق لهاني بقوله من الشخص الذي علمك قال هاني احد الاسماء من القرية ودونه المحقق في ورقة التحقيق ولكن لم يتم استدعائه ابدا فلقد كان المطلوب نحن وليس غيرنا

اخرجونا من الغرفة وادخلوا سامي وبعد سيد جعفر وحققو معهم وبعدها ارجعونا للمركز.

ماذا حدث بعد رجوعنا

قبل اخذنا للمركز لابد ان احكي لكم انه بعد الضرب وحين وقفت على رجلي احسست بانني مرتفع عن الارض حيث تورمت رجلي من الضرب وتجمع الدم بمكان واحد , وبعد ان خرجت من غرفة التحقيق طلب مني الشرطي ان اجري في الممر لكي يتحرك الدم وفعلا جريت وخف الالم قليلا

بعد ان تم اكمال التحقيق معنا ارجعونا للمركز وتم تثبيت التهم علينا ماعدا السيد جعفر لم يثبت عليه شيء وتم الافراج عنه بينما نحن اعادونا لداخل


المعتقل

كنا في تلك اللحظات غاضبين جدا من هاني واستمر غضبنا عليه ايام ولكن مع

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:22 PM
مرور الايام اصبح الامر عادي واصبحنا جيدين معه.

بعد اسبوعان تقريبا بداخل المعتقل نادى الشرطي باسمي بانه لي زيارة , فخرجت فرأيت والدي وحين رايته كانت الدموع تريد ان تنهمر مني حاولت حبسها ولكن لم استطع حبسها كليا فقد تساقطت مني بعض الدمعات تكلمت مع والدي وهو كان يحاول تهدأتي ويحثني على الصبر
لم تستمر المقابلة طويلا حيث قال لنا الشرطي انتهى وقت الزيارة ودعت والدي واعادوني مرة اخرى للمعتقل.
كانت الزيارات تكون شهرية حيث كنت كل شهر احضى بزيارة من اهلي وكنت ابعث رسائل لهم عن طريق اصدقائي حيث من تكون له زيارة قبلي اعطيه الرسالة ليعطيها لاهله ليوصلونها لاهلي
وانا لا زلت احتفظ بأول رسالة لاهلي حيث خرجت من السجن وكان اهلي محتفظين بها
فاخذتها منهم لتبقى عندي للذكرى.

ونضع لكم الرسالة والتي طبعا كتبها لي معتقل من النويدرات وهو قد خلد اسمه في الصفحة التالية من الرسالة ومكتوب تاريخ الرسالة المكتوبة والرسالة مكتوبة على ورق عصير باعتبار انه لاتوجد لدينا اوراق متوفرة

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:22 PM
لابد ان اخبركم انه حين اعادونا من التحقيق وادخلونا المركز استمرت آلام الضرب عدة ايام على قدمي وكنت استعين باحد المعتقلين ليقوم بتدليك رجلي لتخفيف الالم.

الوقت في السجن وما ادراك ما الوقت , كان بطيء جدا فلقد كان كل شخص يعد الايام بالليالي للمدة التي قضاها بالسجن , كنا في البداية نسال اي معتقل عن المدة التي مضت وهو بالسجن فنرى التفاوت فاحدهم يقول لك 4 اشهر والاخر 8 شهر وحينما يكون هناك معتقل جديد ويسالنا عن المدة التي نحن بها في السجن نكون محرجين بالجواب حين نقول مثلا اسبوعان او شهران خاصة ومن هناك كانت مدته اعلى منا.

حينما تقول لشخص كم عن مدته يسالك ايضا هو عن المدة وحين يكون قد قضة مدة اعلى تجده يمازحك ويقول لك بعدك جديد.

لم يكن احد بالسجن يعلم بمتى سيكون الافراج عنه وكما يقول المثل الداخل مفقود والخارج مولود.

في السجن نعتمد على انفسنا ونغسل ملابسنا بنفسنا , كنا نحن المعتقلين نقوم بتنظيف المعتقل , ترى توزيع المهات على المعتقلين وترى العمل الدؤوب حين التنظيف .

كنا نمارس العبادة بحرية داخل السجن وكنا نواظب على دعاء التوسل كل ليلة اربعاء وعلى دعاء كميل كل ليلة جمعة , كان المنظر جميل حيث يعم الهدوء المكان ويتكون جو روحاني الانسان بحاجة له وهو داخل المعتقل وهي فرصة للتقرب الى الله.

كنا نحن اهالي قرية توبلي نتناول الطعام معا , وكنت انا بالسجن ملازم لصديقي سامي , حيث كنا نتحدث عن الذي فعلناه معا ونتذكر المواقف الطريفة التي تحصل لنا.

كان سامي يتمنى ان يفرج عنه باسرع وقت , في احد الايام اخبرني انه يفكر بالهرب.

طبعا الهروب كان سهل بمركز المدينة باعتبار ان سور المركز صغير وكان مسموح لك بان تنشر غسيل ملابسك بالخارج .

كنت انا وسامي نرسم الخطة له وخطط هو ليكون موعد نشر ثيابه هو موعد الهرب , انا لم افكر بالهرب ولكن كنت اساعده

اتى اليوم الموعود
وخرج سامي لنشر الغسيل

اتى اليوم المحدد , خطط سامي للهروب , توجه نحو باب المعتقل طالبا من الشرطي السماح له بنشر الغسيل , سمح له الشرطي بالخروج مع معتقل آخر لمساعدته بنشر الغسيل .

انطلق سامي مع المعتقل بخطوات مسرعة , لم يكن المعتقل بنية سامي بالهرب , الشرطي المرافق لهم كان يسير ببطأ , كان حبل الغسيل يكون خلف حاجز .

حين اصبح سامي والمعتقل خلف الحاجز تنطلق سامي مسرعا في محاولة منه للقفز على سور المركز وثم الهرب للخارج, تفاجأ المعتقل الاخر وبسرعة بديهية توجه لسامي وامسك رجله قبل الهرب وانزله وقال له : ماذا تفعل , هل تريد ان تورط نفسك وتورطني معك ؟ قال له سامي اريد الهرب , قال له لا تفعل ودعنا ننشر الغسيل قبل ان يأتي الشرطي .

فعلا قام سامي والمعتقل بنشر الغسيل وكأن شيء لم يكن ولم يعلم الشرطي بما حدث , بعد الانتهاء من النشر رجعوا لداخل المعتقل.

حين دخل سامي توجهت له سريعا , قلت له ماذا حدث , ولماذا لم تهرب ؟ شرح لي الحادثة وكيف ان المعتقل مسك رجله قبل الهرب , وكان سامي متأسفا لانه لم يهرب.

توجهت للمعتقل لاعرف منه الحادثة وشرح لي كيف ان سامي سيورطه لو هرب حيث سيعتقد الشرطي انه شريك له مما سيسبب له المتاعب.

انتشر خبر نية سامي بالهروب عند الاغلبية في المعتقل , وكان الجميع ينصحه بان يعدل عن هذه الفكرة لانها غير مجدية , فعلا عدل سامي عن الفكرة بعد ذلك ولم يحاول الهرب مرة اخرى.

انا لم انسى الحادثة واذكر سامي بها دائما وكان يقول الحمد لله لم اهرب والا كنت قد ورطت نفسي.

مرت الايام علينا بالسجن ونحن نعدها وكنا نقول اليوم اصبحت المدة ونحن هنا اسبوعان وهكذا .

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:23 PM
بعد اربعة اشهر على وجودنا في مركز المدينة دخل الشرطي المعتقل واخذ ينادي بالاسماء , كانت لديه قائمة تضم عدة اسماء كان اسمي من بينهم .

لماذا نادى الشرطي باسمائنا

ردد الشرطي مجموعة من الاسماء ونحن لانعرف السبب , كنا حائرين جدا , لماذا ؟ ماذا يريدون !

كانت الغالبية تقول انه افراج وفعلا قبل الخروج من باب المعتقل كنا نودع اخواننا الآخرين والبعض منهم كان يوصي بان نوصل له رسالة لاهله والبعض يريدنا ان نخبر اهله بانه حاجة للمال والبعض يطلب منا ان نزوره وغيرها من الطلبات.


خرجنا خارج المعتقل ووضعونا في مكان واحد , كانت الحركة غير عادية في المركز ذلك اليوم.

انا عني لم اكن متاكدا من الافراج ولم اصدق بل بقيت اجهل السبب , بعد مدة من جلوسنا بالمكان الذي طلبوا منا الجلوس فيه , اتوا لنا وطلبوا منا التوجه للباص وقبل ان نصعد قاموا بوضع عصابة على اعيننا لكي لاننظر من النافذة.

سار الباص الى مكان مجهول بالنسبة لنا , كنت استطيع الرؤية بشكل خفيف لان العصابة كانت مرتفعة للاعلى وكنت انظر من النافذة وارى اماكن غريبة لاول مرة اراها بحياتي , أقول في نفسي الى اين يا ترى سياخذونا !

بعدة طويلة من المسير توقف الباص في مكان وطلبوا منا ان ننزل , نزلنا وتعجب الجميع من المكان فلقد كان اشبه بالمكان المهجور .

اوقفونا بعد نزولنا طابور واتى الضابط ليسال فرد فرد منا عدة اسئلة وحين وصل لي بدأ يمازحني لانه ربما تعجب من وجودي وانا صغير لانني كنت نحيف الجسم وصغير بذلك الوقت , قال لي ماهي هوايتك ؟ قلت له العب كرة اليد , قال ضاحكا سالعب معك كرة اليد لكن على شرط تكون انت الحارس وانا ساسدد عليك , ابتسمت له ومن ثم توجه لمن خلفي ليساله.

بعد ان اكمل الظابط مهمته , قال لنا من عنده اموال فليخرجها ويعطيها الشرطي ليضعوها في الامانات.

طلب منا الظابط ان نسير خلفه وادخلنا في عنبر طويل يضم 12 غرفة بداخله كانت فقط 5 غرف بها معتقلين , قسمونا نصفين ووضعوا كل نصف في غرفة وكانت الغرفة 8 من نصيبي وكنا بداخل الغرفة 12 فرد , طبعا كل غرفة تضم 12 معتقل ايضا.

لم يكن المكان المجهول لنا مكتمل البناء فلا زال البناء مستمرا فيه لقد كان يضم 6 عنابر وكانت معروفة بعنبر A,B,C,D,E,F

انا كنت في العنبر B , كانت كل العنابر خالية ماعدا عنبرنا حيث كان اول عنبر يتم افتتاحه لاستقبال المعتقلين

استطعنا ان نحادث معتقلين من الغرف الاخرى واخبروننا اننا في معتقل الحوض الجاف وهو معتقل جديد لاستقابل المساجين وهو يتسع للكثير من المعتقلين

كانت غرف الحوض الجاف جيدة الحجم ووجود 12 فقط فيها يعتبر مناسب , احسسنا بالفرق بينه وبين مركز المدينة وابسط شيء وجود المكيف بداخل كل غرفةكان بين كل فترة نسمع بانه جلب معتقلين من مراكز اخرى , حتى اصبح الحوض الجاف بعد مدة ممتلئ في كل العنابر

احسسنا بالتغيير منذ اليوم الاول لتواجدنا بالحوض الجاف , فلقد كان مسموح لنا يوميا بالخروج لمدة نصف ساعة تقريبا في ساحة خصصت لنا , وكنا نمارس العب فيها والبعض فضل ان يتشمس ويغير الجو

زيارات الاهل لنا كانت ايضا شهرية ,وكم هو جميل حين تلتقي باهلك بين فترة وفترة لتتسامر معهم بالحديث

كانت معاملة الشرطة والضباط معنا جيدة , وكان الشرطة يأتون لغرفتنا ونتبادل الحديث معهم , لم يكن الشرطة من البحرينين بل كانوا جميعهم من المرتزقة من اليمن وسوريا والاردن وباكستان بينما الضباط كانوا جميعهم بحرينيين

كنا لانعلم بوقت دخول الصلاة الا من الشرطة حيث كنا نسألهم ويجيبونا , فلم نكن ملك ساعات باعتبار انها من الممنوعات

في الحوض الجاف حصلت كثير من المواقف التي لازالت عالقة بذهني ,ومنها اول انتفاضة تمت هناك

كنا جالسين بالغرفة كالمعتاد نتحدث مع بعضنا البعض وإذا بنا نسمع بأصوات مدوية من العنابر الاخرى وكانت عبارة عن ضرب على الابواب وعلى الجدران على اعتبار ان بعض العنابر كانت مكونة من جدران خشبية

كان الضرب اشبه بالشرارة التي تشتعل وتمتد لتحرق الجميع فلقد ابتدا الضرب في عنبر وانتقل الى جميع العنابر كانت اغلب العنابر لاتدري ما السبب , كثرت الاشاعات عن السبب في هذه الانتفاضة وانا اذكر الاشاعة الابرز التي وصلتنا هي سقوط شهيد في قرية سترة.

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:23 PM
انا عني كنت خائف تلك الليلة فلم اكن اعرف ماذا يجري ,وماذا سيحدث لنا كنا نضرب على الجدار ولكني سرعان مااعود لمكاني بالغرفة وارتعد من الخوف.

استمر الوضع متوترا مدة حتى بدأ بالهدوء تدريجيا , ووصلتنا اخبار بان احدى الغرف في احد العنابر استطاعت كسر باب الغرفة وفتحت جميع ابواب العنبر وتجمعو في وسط العنبر

اعلنت حالة الطوارئ في الحوض الجاف وتم استدعاء قوات اضافية وتدخل الضابط الاكبر في الحوض وهو برتبة نقيب لتهدئة الوضع وتحدث مع المعتقلين ووعدهم بان تسير الامور على مايرام ولن يتخذ عقوبات ضد احد بسبب الذي جرى.

هدأ الوضع وخلدنا للنوم وفي صبيحة اليوم الثاني وصلنا السبب وراء احداث البارحة والتي كانت بسبب ضابط بربتبة ملازم كان يمسك احد المعتقلين ويدخله غرفة غرفة بالعنبر ويقوم بصفعه امامهم وحين وصل احد الغرف لم يستحمل افراد الغرفة ذلك المنظر فثاروا فخاف الضابط فجرى خارج العنبر سريعا وامر بغلق باب العنبر الرئيسي وتوجه هو من الخلف للنوافذ يتوسل لهم بان

يهدأو ولكن لم يحدث فقد ضجت جميع العنابر بالعاصفة

رغم انني انتباني الخوف تلك الليلة الا انها كانت بحق ليلة رجولية لمعتقلي الحوض الجاف ودرس لسجانيهم باننا على العهد باقون حتى ونحن خلف المعتقل ولن نهابكم مهما حدث.

في احد الايام كنت جالس بالغرفة كالعادة فانتابني الملل فقررت التوجه النحو الباب والنظر من الفتحة التي بالباب لممر العنبر لانظر منه واتحدث مع الشرطة او اي معتقل يمر من امامي للتوجه للحمام

بينما انا انظر اقبل نحو الباب احد الشرطة , كنت اعرفه ملامح وجهه تدل على انه ليس كالمعتاد وانه به شيء , قلت له بنوع من السخرية ما بالك اليوم متغير الوجه ؟ فاجابني برد لم اكن متوقعه ! حيث قال لي ادخل ادخل وابتعد عن الباب يا حمار

انتباتني الدهشة ولكن بسرعة اجبته وقلت له بل انت الحمار , ازداد غضب الشرطي وفتح باب الغرفة وطلب مني ان اخرج خارج الغرفة

قلت له لن اخرج , كرر طلبه وكررت اجابتي له بانني لن اخرج مهما حدث , في تلك اللحظات وقف معي جميع افراد الغرفة رافضين وبشدة ان اخرج

خرج الشرطي وتوجه لمسؤله لاني يأتي ليخرجني واتى المسؤل طالبا مني ان اخرج فقلت له لن اخرج , كان المسؤل يكلمني بهدوء ويطلب مني الخروج لكي لا تتفاقم المشكلة فقلت له لن اخرج , وكل من في الغرفة يرفض خروجي لانني اعلم وهم يعلمون انهم يودون اخراجي ليقوموا بضربي بالخارج

حدثت بلبلة في الغرفة , وخرج المسؤل وعاد بعد قليل ليقول اخرج فالامر قد وصل للضابط وهو يريدك , قلت له لن اخرج مهما حدث , المسؤل كان خائفا ويريد اخراجي لكن هيهات ان اخرج

كانت وقفة افراد الغرفة معي وقفة لاتنسى , طبعا الحادثة حصلت ليلا , وبينما الشرطة تطلب مني الخروج قال لي افراد الغرفة محمود انت اذهب الى مكان نومك وتظاهر بالنوم ونحن سنتولى الامر عنك

فعلا ذهبت وانا اتظاهر بالنوم وافتح عين واحدة وقليلا لارى ماذا يحدث , الشرطي الذي قلت له انت الحمار كان محرج ويحاول ان ينتقم مني وهو يحاول بأي طريقة لاخراجي

بعد ان تظاهرت بالنوم , قال افراد الغرفة للمسؤل محمود نائم فكيف ستخرجونه , فعلا اتى المسؤل نحوي ليكلمني ولكني لم ارد عليه على اعتبار انني نائم


ابتعد عني المسؤل وبدأ يتكلم مع افراد الغرفة وانا اتابع , وبعدها لم اعرف ماذا جرى لانني بالفعل خلدت للنوم واستيقضت في اليوم التالي وسالت اصدقائي عن البارحة وماذا حدث واخبروني انهم انصرفوا بعد نومك بقليل ولم يقولوا شئيا , واخذنا نضحك جميعا

فلقد كانت تلك الليلة لاتنسى وتعلم منها الشرطي درسا جيدا , حيث بعدها لم يجرؤ على الحديث معي

كانت ليلة ممتعة لنا انا وافراد الغرفة.

في احد الايام قرر معتقلي الحوض الجاف عمل اضراب عام ينفذه كل المعتقلين وذلك للضغط على ضباط الحوض الجاف لتحسين الوضع وتنفيذ متطلبات لا اذكرها حاليا

تم اعلام الشرطة باننا لا نريد وجباتكم ولن نأكلها حتى يتم تنفيذ الطلبات , طبعا اذا كان هناك اضراب ترى الارتباك واضح على الضباط خوفا من ان يقع احد المعتقلين متاثرا بالاضراب
تم الاضراب وحان موعد توزيع الوجبات واخذو يجولون بها على الغرف وكان الجميع يرفض بينما كان البعض ياخذ الوجبات ولم يضرب والبعض اخذها فرصة لالتهام وجبات كبيرة لحصص غيره باعتبار ان لكل معتقل حصة محددة وهذا العمل اثر على الاضراب باعتبار انه طرحت تساؤلات لدى الضباط , اذا كان المعتقلين مضربين فأين يختفي الطعام ؟
. ولكن كانت مجرد شكوك لديهم لم تصل لليقين استمر اضرابنا عدة ايام كنا نشرب الماء فيها ونرفض طعامهم, بعد عدة ايام قررنا تنفيذ الخطة الثانية وهي التظاهر بالسقوط جراء التعب من الاضراب وذلك للتاثير على الضباط

بدأ المعتقلين بتمثيل السقوط والاغماء وكان يتم اخراج الحالات للساحة الموجودة بالحوض, مضى الوقت ولا زال يتم اخراج المعتقلين حتى امتلئت الساحة ولم تعد تستوعب عدد آخر كان الضباط متجمعون صوبنا وكنت انا من الاشخاص الذين تظاهروا بالسقوط

كان المعتقلين متلاصقين وهم بالساحة مما اتخذها البعض فرصة للحديث مع من قربه وتبادل الضحكات وهنا لم يعد الامر يخفى على الضباط وعلموا بان الامر مجرد مسرحية

ارجعو البعض داخل المعتقل بينما اودعوا الباقي وانا منهم في احد العنابر والذي توجد به غرفة خالية , وضعونا بداخلها وكان الامر صعب حيث كانت الغرفة خالية من كل شيء ولاتوجد غير الارضية المغبرة لنجلس عليها لم ننم بل وقفنا بالقرب من الباب ننتظر الامر بان يتم السماح لنا بالعودة لغرفنا

كان حتى الخروج للحمام صعب المنال , سهرنا تلك الليلة وقارب الصباح ان يطل علينا ونحن نقول للشرطي ونطلب منه ان يرجعونا فالامر انتهى
فعلا بعد ذلك سمحوا لنا بالعودة لغرفنا بعد ان اكتشف ان اضرابنا مجرد خدعة وتمويه

تم فك الاضراب وتعلمنا منه درس بانه اذا لم يكن هناك تعاون فسيكون مصيره الفشل كما في حالتنا.

بالغرفة وللمرة الثانية ارفض الخروج منها والشرطي يصر على خروجي.

كان الشرطة يحبون الدخول لغرفتنا والحديث معنا , في احد الايام دخل احد الشرطة المرتزقة للغرفة وأخذ يمزح وكنت انا واقف بالقرب منه , لا اذكر ماذا قال من كلام ولكنني اذكر انني قلت له لعن الله الكاذب ولو كان مازحا , قلتها على سبيل المزح .

غضب الشرطي من كلامي وطلب مني الخروج خارج الغرفة , قلت له حسنا ساخرج وقبل ان اخرج طلب مني احد زملائي بالغرفة بعدم الخروج لانه لايوجد مبرر لخروجي

قلت لصديقي بالفعل لم افعل شيء وقلت للشرطي لن اخرج وقال له صديقي, محمود لن يخرج لانه لم يفعل شيء ازداد غضب الشرطي , ويصر على ان اخرج ولكنني امتنعت عن الخروج

خرج الشرطي وتوجه لمسؤله ليخبره بالحادثة , اتى المسؤول للغرفة وطلب مني الخروج ولكنني رفضت وكان صديقي واقفا معي بكل قوة ويرفض ان اخرج

ايضا وقف معي كل زملائي بالغرفة ورفضوا ان اخرج , ازداد الامر توترا ووصل الامر للضابط وارسل الضابط اوامره لان يخرجوني ولكنني كنت رافض للخروج

بعد اخذ ورد وبعد ان ازداد التوتر بالغرفة وكان خروجي مطلب لاغنى عنه للشرطة طلب مني بعض افراد الغرفة الخروج معهم , خوفا من حصول امور لايحمد عقباها

بناء على طلب اصدقائي قررت الخروج ولكن الشرطي قال ليس هذا فقط بل حتى صديقي الذي منعني من الخروج ومعنا شخص آخر اي ثلاثة افراد

ربيبة الزهـراء
07-02-2007, 09:24 PM
خرجنا ووضعو السلاسل (أفكري) على ايدينا واخذونا لمكاتب الحوض الجاف وهناك اوقفونا في البداية في غرف الزيارات واعيننا معصبة

وكانوا يدخلونا كل فرد لوحده على الضابط ليقوم الضابط بضربه , ادخلوني انا وكان الضابط يعرفني وأعطاني بعض الصفعات ثم طلب من الشرطي ان يأخذونا لاحد الغرف وان نقف هناك الى الساعة العاشرة مساءا وكان وقتها الساعة الثانية ظهرا

صاحبنا الثالث كان يقول للشرطة انه يعاني من الربو فارجعوه للغرفة وبقينا انا وصديقي ويدعى علي من قرية العكر لا نرى بعض باعتبار ان اعيننا وضعت عليها قطعة قماشية لمنعنا من الرؤية وسلال على ايدينا

كنا نصرخ من شدة التعب ونسقط ولكن الشرطي الذي مكلف بحراستنا يطلب منا الوقوف سريعا , شعرت بالعطش الشديد فاخذت اصرخ بانني اريد ماء
فأتى الشرطي لي بالماء وأخذ يسقيني شربت القليل ثم قلت له انتهيت لا اريد , بعد ان انتهيت من الشرب سكب الشرطي بقايا الماء البارد على جسمي صرخت ولكنني لا استطيع فعل شيء

استمر وقوفنا اكثر من ساعة ونحن بين كل فترة وفترة نسقط من شدة التعب وبعض السقطات كنا نسقطها لاخذ الراحة

في حوالي الساعة السادسة تقريبا طلب الظابط من الشرطي ان يرجعونا وفعلا ارجعونا وكان باعتقادنا انه سيتم ارجاعنا للغرفة ولكن لم يحصل ذلك فلقد ارجعونا ووضعوا كل شخص منا في غرفة انفرادية انا بقيت فيها خمسة ايام كاملة اما صديقي علي فبقي فيها اسبوع كامل

بعدها ارجعونا للغرفة ولم يرعبنا الانفرادي فلقد كان ممتع , فأنا عني اكثر من مرة وضعوني بالانفرادي حتى اصبحت اعرف بالحوض الجاف بمحمود الانفرادي لكثرة وضعي هناك , باعتبار انني كثير المشاكل مع الشرطة هناك
ايام جميلة.

الإفراج!

حينما تكون بالسجن هناك ستعرف ان الافراج بالنسبة لك شبه مستحيل على اعتبار ان الداخل له مفقود , ويصبح في طي النسيان وهمنا هناك عد الايام والليالي والمدة التي قضيناها هناك

طبعا انا اعتقالي لم في معتقلين كما اسلفت وقلت حيث كانت مدة اعتقالي بمركز المدينة اربعة اشهر
بعد مضي ثمانية اشهر على تواجدي بالحوض الجاف كنت بالغرفة جالسا اسلي نفسي بعمل أحراز بالخيوط , حينها دخل الشرطي ونادى باسمي , فقلت له انا هو المقصود , قال لي افراج ! لم اصدقه حيث قلت ربما مزحة , قال لي احمل امتعتك واخرج من الغرفة

لم اصدق وبقيت افكر , هل فعلا سيفرج عني ؟

فعلت ما امرني الشرطي ان افعله وحملت امتعتي واقبل نحوي اصدقائي ليودعوني ويهنئوني على الحرية بعد مدة من السجن

ودعتهم وخرجت للخارج وانا غير مصدق بانه سيفرج عني , ذهبوا بي للمكتب واجلسوني هناك واخذ الشرطي يتحدث بالهاتف , ثم امروني بان استقل معهم السيارة , وحينها تيقنت انه الافراج , يالله لم اصدق ذلك , اصبح الافراج واقع بعد ان كان خيال , آه آه ساعود لأهلي سأعود لقريتي ما أجمل تلك اللحظات .

علمت منهم انه سيتم اخذي لمركز النعيم ومن هناك سيتسلمني اهلي ويفرج عني

وصلنا المركز ولكن اهلي لم يصلوا , وضعوني باحد الغرف هناك واعتقد ان لم تخني الذاكرة هو مطبخ المركز

بعد مدة اخرجوني للقاعة وهناك رايت والدي واخي الكبير ينتظراني , انتابني الفرح لرؤيتهم , احتضنتهم وقبلتهم

طلب الشرطي منا السير خلفه وهناك ادخلونا لمكتب , كان به شخص مدني , طلب من والدي بان لا يأخذني للمنزل الا بعد ثلاثة ايام وأخذوا تعهد عليه بذلك وطلبوا منه ان يوقع , وان فعل خلاف ذلك سيتم معاقبته وطلبوا مني ايضا التوقيع على افادة تعهد بعدم فعل اي شيء

حصلت اللحظات الحاسمة وخرجت مع والدي واخي من المركز واستقلينا السيارة وأنا مسرور بتذوق طعم الحرية فما كان مستحيل اصبح حقيقة واصبحت انا خارج السجون بعد ان قضيت سنة كاملة بالاضافة لشهران آخران هناك ويصبح المجموع أربعة عشر شهرا في السجن انها مدة ليست بسيطة ان تكون بعيد عن اهلك بعيد عن أصدقائك بعيد عن تراب قريتك

قرر أبي ان يأخذني الى قرية المعامير وان ابقى عند عمتي هناك لمدة ثلاثة ايام وبعدها ارجع لمنزلي

فعلا وصلنا هناك وتوافد اهلي واصدقائي لهناك ليسلموا علي وليستقبلوني

وبعد ثلاثة ايام اتى والدي الى منزل عمتي ليرجعني المنزل ورجعت وهناك بالمنزل كان حفل استقبال بالمشموم لي

يا لها من لحظات لاتنسى

اسدل الستار على سجني , والله على مايقول شهيد ان سجني اعتبره من أجمل لحظات عمري فلقد تعلمت الكثير الكثير , فانا استفدت من المعتلقين الآخرين استفدت دينيا بعد ان كنت غير مهتم بهذا الجانب قبل اعتقالي وكنت شخص غير مبالي وهذه حال كل من في عمري فلقد كنت في الخامسة عشر من عمري وصدق من قال حقا ان السجن مدرسة الشجعان

في بعض الاوقات اتذكر السجن وخاصة بداية اعتقالي احسست بالفرق وكنت اتمنى ارجاعي للسجن مرة اخرى , كم هو جميل السجن كم هو مفيد

ايام رائعة وجميلة .

تحياتي
ربيبة الزهراء