هبه الله 2
05-05-2009, 10:12 AM
اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحول الملايين إلى المذهب الجعفري سببهاالطلاق بالثلاث
- القصة الحقيقية والأصلية تجدونهافي الأسفل... وترون حقًا أن السنة هم الذين لم يكونوا موجودين في زمن النبي صلى الله عليه وآله
ولكن هذه القصة الحقيقية:
لم يخطر على بال سلطان كان يحكم قبل نحو خمسمائة وخمسين عاما قطاعاواسعا
من البلاد الإسلامية في الشرق أن مشادة كلامية بينه وبين زوجته يمكن أن تؤدي إلى تغيير جذري في عقيدته وعقيدة الشعوب التي يحكمها!
كان السلطان غياث الدين محمد بن أرغون (الملقب بشاه بنده) حاكما على العراق وإيران وأذربيجان وأقطار عدّة من الشرق الإسلامي، وكان سني العقيدة، على ما عليه العامة. إلاأن توترا في علاقته الزوجية مع امرأته أفضى إلى تحوله إلى مذهب أهل البيت عليهمالصلاة والسلام، وهو ما أدى في وقت لاحق إلى اعتناق ملايين من شعوب إيران والعراق والبلاد التي كان يحكمها عقيدة التشيع.
فذات ليلة؛ وقعت ملاسنةشديدة بين السلطان وزوجته إثر خلاف مستحكم على شيء ما، الأمر الذي دفع السلطان في غمرة غضبه إلى أن يصرخ بوجه شريكة حياته قائلا: (أنت طالق ثلاثا)!
ومن طبيعة الحال أن الزوجة المسكينة انهمرت بالبكاء، فيماحافظ السلطان على كبريائه في البداية، لكنه سرعان ما ندم وأحس بخطئه وأرادإرجاع زوجته إليه.
غير أنه - حسب الفقه السني - قد طلق امرأته طلاقابائنا، لأن صيغة (أنت طالق ثلاثا) تحتسب بناء على ذلك الفقه ثلاثطلقات.
ومما كان من السلطان غياث الدين إلا أن يستشير كبار فقهاء مملكته الواسعة، من علماء المذاهب الأربعة علّه يجد حلا لمعضلته.
جمعالسلطان الفقهاء إلى مجلسه، وعرض عليهم أمره طالبا الحلول، فأجاب الفقهاء:
بأنه لا يمكن له الرجوع إلى زوجته إلا إذا تزوجت رجلا آخر ودخل بها ثم يطلقها ليتزوجها السلطان من جديد.
وهو ما يعرف بآلية (المحلل).
لكن السلطان لم يستطع القبول بهذا الحل،وجّه السلطان حديثه لفقهاء المذاهبالأربعة في الدولة بعصبية قائلا
إنكم في كل مسألة تختلفون في ما بينكم، ولكم في كل شيء أقاويل وفتاوى مختلفة، أفلا عند بعضكم حل آخر سوى هذا الحل)؟
وأجاب الفقهاء جميعا: (لا.. فمذاهبنا كلها متفقة على عدم جوازنكاح المطلقة طلاقا بائناً إلا بعد أن ينكحها رجل آخر).
ورد السلطان باستهجان: (ولم تجدوا اتفاقا بينكم إلا في هذه المسألة حتى أحرم أنا من زوجتي)
وبينما كان السلطان متوتراً مما سمعه، بل متوقداً من المأزق الذي وقع فيه ، أستأذن أحد وزرائه للحديث وقال: (مولاي.. بلغني أن هناك عالمابالحلة يقول ببطلان هذا الطلاق، فما الرأي عندكم أن نستحضره لنرى ما يقول؟
وأجاب السلطان بلا أي تردد: (ابعثوا إليه.. أريده فيالحال).
وتفاجأ فقهاء المذاهب الأربعة بما قاله الوزير، فسألوه عنذلك العالم القاطن في مدينة الحلة في العراق، فأخبرهم بأنه رجل يقال له أبوالحسن بن يوسف بن علي بن المطهر، الملقب بالعلامة الحلي.
وما إن سمعالفقهاء اسمه؛ حتى انتفخت أوداجهم وخاطبوا السلطان غياث الدين بالقول: (يا مولانا الملك.. إن لهذا الرجل مذهبا باطلا، هو مذهب الروافض، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل!
والتفت إليهم السلطان قائلا: لن يضرنا أن نسمع منه، وسأجمعه بكم عندي، فإن تبيّنلي أن حجتكم أقوى في الرد عليه فلن أستمع إلى مقالته، وإلا فالعكس).
وأمرالملك بإنفاذ رسوله إلى العلامة الحلي، طالبا منه القدوم لغرض مناقشة فقهاءالمذاهب الأربعة في مسألة الطلاق..
وقبل العلامة الدعوة، وانطلق مع الرسولإلى مقر السلطنة.
وعندما وصل؛ استقبله السلطان بترحاب وأكرم ضيافته، إذ كانيرجو أن يكون حل مشكلته العويصة عنده.
وحدد السلطان الموعد للقاء العلامةبفقهاء المذاهب الأربعة في الجلسة المرتقبة التي تحولت إلى مناظرة واسعة فيأحقية المذهبين الإمامي والسني
وعند ما حان الموعد؛ جلس السلطان منتظراقدوم المدعوين، من فقهاء وكبار الوزراء وشخصيات عُليا، فحضر الجميع مبكرا، بيد أن العلامة الحلي أخّّر نفسه عن الحضور عمدا.
وعند ما وصلالعلامة إلى المجلس الملكي الكبير؛
فوجئ الجميع بأنه لم يترك نعليه عندالباب بل خلعهما وأخذهما بيده ودخل المجلس ثم ألقى السلام والتحية وجلس إلى جوار الملك!
وكان هذا التصرف الغريب مثار انزعاج الملك ووزرائه والحاضرين، وانتهز الفقهاء الفرصة ووجهوا كلامهم إلى الملك قائلين: (ألم نقل إنالروافض لا عقل لهم!
أرأيت يا مولانا السلطان ما فعل هذا الرجل؟!
امتعض السلطان من تصرف العلامة، لكنه كتم امتعاضه في نفسه، إلىأن بادر الوزراء وحاولوا توبيخ العلامة بالقول:
(لم لم تنحني للسلطان وتركتالآداب)؟
فأجاب العلامة: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ملكا ولم يفعل له مثل ما تفعلون أنتم لملككم، وليس من واجب علي إلاالسلام لقوله تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عندالله مباركة).
بعد ماأخذ العلامة نعليه معه وجلس عند السلطان قالوا له: (وكيف سمحت لنفسك بالجلوس عند السلطان)؟
فأجاب العلامة: (لم يكن مكان غيره).
فقالوا لهو لأي شيء أخذت نعليك معك، وهذا مما لا يليق بعاقل، بل بإنسان؟!
فأجابالعلامة: (خفت أن يسرقه فقهاء الحنفية الموجودون في هذا المجلس كما سرق أبو حنيفةنعل رسول الله!!
فصاح فقهاء الحنفية بنبرة حادة: (حاشا وكلا!!
ماتقول يا فاقد العقل؟!
متى كان أبو حنيفة في زمان رسول الله؟!
بلكان تولده بعد مئة عام من وفاته
فاستدرك العلامة الحلي بالقول: (نسيت.. لعلّه كان السارق الشافعي!!
فاستشاط فقهاء الشافعية غضباوصرخوا:
(سبحان الله.. ماذا يقول هذا الكذاب؟!
إن الشافعي لم يولدإلا بعد مائتي سنة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله
فاستدرك العلامة الحلي ثانيةوقال:
(فلعلّه كان مالك)!
فقفز علماء المالكية وصاحوا:
ما هذا الافتراء؟!
فمالك لم تلده أمه إلا بعد رسول الله بقرن ونيف!
فاستدرك العلامة الحلي ثالثة وقال: فلعلّه كان أحمد إذن!
فهاج علماءالحنبلية وقالوا: أي زور هذا؟!
فشتّان ما بين عصر رسول الله وعصر أحمد بن حنبل!
وبعد ما انقلب المجلس إلى هرج ومرج، التفت العلامة إلى الملك قائلا:
(أيها السلطان.. قد علمت أن رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن رسول الله وسلم، وهذا من بدعهم أنهم اختاروا من مجتهديهم هؤلاءالأربعة فقط وحصروا الإتباع بهم ولم يجوزوا الإتباع بغيرهم،
مع أنهم ماكانوا على عهد رسول الله أو على عهد صحابته.
أما نحن الشيعة فنتبع أميرالمؤمنين نفس رسول الله (ص ) وأخيه وأبن عمه ووصيه، وهو رئيس مذهبنا. أترى بعد ذلك من حجة لهم علينا؟!
اندهش السلطان من كلام العلامة، وسقط فقهاءالمذاهب الأربعة من عينه، إذ لم يتمكنوا من دحض هذه الحجة التي ابرع العلامةالحلي في صياغتها بذكاء.
وبعد ذلك طلب السلطان من العلامة الحل لمشكلة طلاقهزوجته، فقال العلامة: (أيها الملك.. إن طلاقك هذا باطل، لأن من شروط الطلاق حضور شاهدين عادلين، ولم يكن هذا منك.
كما أن طلاق الثلاث في آن واحد هوبدعة أيضاً وذلك لقوله تعالى:
(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريحبإحسان)
إلى قوله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره).
والآية صريحة في أن الطلاق مرتان مرة بعد مرة مع تخلل الرجعةبينهما، لا لفظتان أو ثلاث، ولا تشمل الآية قول القائل لزوجته أنت طالق ثلاثا وإلا كان قوله هذا لا معنى له إطلاقا بعد قوله تعالى:
إلا إذا تكررالطلاق منه مرتين قد تخلل بينهما رجعة).
وكشف العلامة الحلي للسلطان غياث الدين أن (الخليفة الثاني) هو الذي أحدث هذه البدعة في الدين، أي طلاق الثلاث، وذلك حسب ما ورد في صحاح أهل السنة، إذ ورد في صحيح مسلم في بابطلاق الثلاث ص 477 عن ابن عباس أنه قال: (كان الطلاق على عهد رسول الله وسلموعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم في أناة فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم!!
(أنظر أيضا صحيح مسلم ص 478 ومسند أحمد بن حنبل ص 314).
وانفرجت أسارير السلطان عند ما تيقن بأن زوجته ما زالت في عصمته، بعد ما علم بأنالذي ابتدع حكم اعتبار لفظة (أنت طالق ثلاثا)
بمثابة الطلقات الثلاث التي تخللها رجوع إنما هو عمر بن الخطاب بعد ما راق له ذلك، كما راق له ابتدع صلاة التراويح والتكفير في الصلاة (التكتف)
وإلحاق عبارة (الصلاة خير من النوم)
في الأذان وتحريم متعة الحج ومتعة النساء
وغيرهما منالأحكام والسنن!!!
أعجب السلطان بفقه العلامة الحلي الذي أفحم به فقهاء بقيةالمذاهب، ودعاه إلى أن يستكمل حديثه عن عقيدة أهل البيت عليهم الصلاةوالسلام ويناظر العلماء.
وهكذا كان في جلسات وجلسات، حيث جر الكلام الكلام،وكالعادة فإن الصولة والجولة كانت لفقيه الإمامية، الأمر الذي دفع السلطان غياث الدين أخيرا إلى أن يقرر ترك مذهبه السني والتزام مذهب خيرالبرية.
وأعلن السلطان أن الدين الرسمي لمملكته أصبح دين أهل البيت صلواتالله وسلامه عليهم، وأصدر أوأمره بالدعوة لولاية الأئمة الإثني عشر عليهم الصلاة والسلام على المنابر، وضرب العملات بأسمائهم ونقشها على المبانيوالمساجد والمشاهد والأضرحة المقدسة.
وباعتباره أضحى شيعيا، فإنالملك سمح للعلماء والناشطين الشيعة بالتحرك في مملكته، بعد ما كانوا يعانون منالحجر والتضييق، فنشروا بين الناس علوم أهل البيت وفضائلهم ومناقبهم، وروجوا خطبهم وذكروا سيرهم وتعاليمهم ووصاياهم، ودافعوا عن ظلاماتهم وفضحوا أعداءهم من الأولين والآخرين، وأثمر ذلك كله عن تشيع غالبية شعب المملكة وإتباعهم مذهب آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين
بعد ما كانت الغالبية للطائفة البكرية التي تعتقد بخلافة أبي بكر بن أبي قحافة، وهي التي يطلق عليها اليوم (أهل السنة والجماعة).
لذا فإن غالبية شعوب إيران والعراق اللتان كانتا تقعان داخل نطاق المملكة هم من الشيعة حاليا، بينما كانتالغالبية للبكرية سابقا.
وترجع أصول وأحكام الطائفة البكرية إلى حزمة من التخبطات الموروثة من العقلين المدبرين لأول انقلاب في الإسلام؛
وهمامعروفان. وجاءت الحكومات الأموية والعباسية وغيرها لتبني على أساس هذه التخبطات مجموعة مفاهيم روجّت لها بهدف ضمان بقاء هيمنتها على الأمة، ومن هذه المفاهيم مفهوم (الطاعة العمياء لأولي الأمر من الحكام)
بدلاً من (طاعةأولي الأمر الشرعيين المنصوص عليهم في القرآن)؛ ومفهوم (كتاب الله وسنتي) بدلا من (كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
ومفهوم (عدالة الصحابة) بدلا من (عصمةالأئمة)
ومفهوم (الصلاة خلف كل بر وفاجر) بدلا من (الصلاة خلفالعادل)، وغير ذلك من مفاهيم وأفكار خلقتها السلطات لتبديد أي تأثير من قبل سلالة الرسول المصطفى على الأمة، حيث كانت هذه السلالة الطاهرة التي تمثل السلطة الإلهية الشرعية مصدر قلق لتلك السلطات والأنظمة الحاكمة مخافة أن تسحبالبساط منها.
وأحدثت هذه الوضعية فجوة كبيرة في العقائد والأصول والمفاهيم الإسلامية نظرا لسيادة قانون إلغاء الركن المعادل للقرآن، وهم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، بما في ذلك تعاليمهم وأحكامهم وتراثهم وفتاواهم التي كان محظورا موافقتها أو العمل بها.
واضطر فقهاء الأنظمة الحاكمة إلى سد تلكالفجوة عبر الاستناد إلى التخبطات الموروثة من مدبري الانقلاب الأول مع مراجعةالأنظمة الحاكمة في الفتاوى التي ينبغي إصدارها بناء على هذا الأساس.
وبذلك صيغ فقه الطائفة البكرية التي تحولت إلى مذاهب أربعة، هي المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي.
ولم يكن ثمة مسمى يجمع هذه المذاهب في بداية تكونها، غير أنه جرى التسالم على مصطلح (أهل السنة) فيما بعد نتيجة حث دءوبمن قبل الحنابلة خصوصا، وألحقت كلمة (الجماعة) ليغدو المصطلح (أهل السنةوالجماعة) في مرحلة لاحقة.
وتعود كلمة (الجماعة) إلى اليوم الذي انتزع فيه معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله الخلافة من السبط الأكبر الإمام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه، وبدعوى أن الأمة الإسلامية قد (أجمعت) على خلافتهأطلق معاوية على ذلك العام (عام الجماعة).
ونظرا لغياب التلقي السليم عنرسول الله (ص) وتقديم تخبطات منفذي الانقلاب على كل قول أو فعل أو تقرير منقبل الرسول نكاية بأهل بيته، نشأت كمية هائلة من الأحكام والفتاوى الغريبةالمضحكة التي لا يمكن لعاقل أن يقبل بها، ومع ذلك فإن فقهاء المذاهب الأربعةالبكرية حاليا ما زالوا يؤمنون بها ويقرون بصحتها.
وصل على محمد وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحول الملايين إلى المذهب الجعفري سببهاالطلاق بالثلاث
- القصة الحقيقية والأصلية تجدونهافي الأسفل... وترون حقًا أن السنة هم الذين لم يكونوا موجودين في زمن النبي صلى الله عليه وآله
ولكن هذه القصة الحقيقية:
لم يخطر على بال سلطان كان يحكم قبل نحو خمسمائة وخمسين عاما قطاعاواسعا
من البلاد الإسلامية في الشرق أن مشادة كلامية بينه وبين زوجته يمكن أن تؤدي إلى تغيير جذري في عقيدته وعقيدة الشعوب التي يحكمها!
كان السلطان غياث الدين محمد بن أرغون (الملقب بشاه بنده) حاكما على العراق وإيران وأذربيجان وأقطار عدّة من الشرق الإسلامي، وكان سني العقيدة، على ما عليه العامة. إلاأن توترا في علاقته الزوجية مع امرأته أفضى إلى تحوله إلى مذهب أهل البيت عليهمالصلاة والسلام، وهو ما أدى في وقت لاحق إلى اعتناق ملايين من شعوب إيران والعراق والبلاد التي كان يحكمها عقيدة التشيع.
فذات ليلة؛ وقعت ملاسنةشديدة بين السلطان وزوجته إثر خلاف مستحكم على شيء ما، الأمر الذي دفع السلطان في غمرة غضبه إلى أن يصرخ بوجه شريكة حياته قائلا: (أنت طالق ثلاثا)!
ومن طبيعة الحال أن الزوجة المسكينة انهمرت بالبكاء، فيماحافظ السلطان على كبريائه في البداية، لكنه سرعان ما ندم وأحس بخطئه وأرادإرجاع زوجته إليه.
غير أنه - حسب الفقه السني - قد طلق امرأته طلاقابائنا، لأن صيغة (أنت طالق ثلاثا) تحتسب بناء على ذلك الفقه ثلاثطلقات.
ومما كان من السلطان غياث الدين إلا أن يستشير كبار فقهاء مملكته الواسعة، من علماء المذاهب الأربعة علّه يجد حلا لمعضلته.
جمعالسلطان الفقهاء إلى مجلسه، وعرض عليهم أمره طالبا الحلول، فأجاب الفقهاء:
بأنه لا يمكن له الرجوع إلى زوجته إلا إذا تزوجت رجلا آخر ودخل بها ثم يطلقها ليتزوجها السلطان من جديد.
وهو ما يعرف بآلية (المحلل).
لكن السلطان لم يستطع القبول بهذا الحل،وجّه السلطان حديثه لفقهاء المذاهبالأربعة في الدولة بعصبية قائلا
إنكم في كل مسألة تختلفون في ما بينكم، ولكم في كل شيء أقاويل وفتاوى مختلفة، أفلا عند بعضكم حل آخر سوى هذا الحل)؟
وأجاب الفقهاء جميعا: (لا.. فمذاهبنا كلها متفقة على عدم جوازنكاح المطلقة طلاقا بائناً إلا بعد أن ينكحها رجل آخر).
ورد السلطان باستهجان: (ولم تجدوا اتفاقا بينكم إلا في هذه المسألة حتى أحرم أنا من زوجتي)
وبينما كان السلطان متوتراً مما سمعه، بل متوقداً من المأزق الذي وقع فيه ، أستأذن أحد وزرائه للحديث وقال: (مولاي.. بلغني أن هناك عالمابالحلة يقول ببطلان هذا الطلاق، فما الرأي عندكم أن نستحضره لنرى ما يقول؟
وأجاب السلطان بلا أي تردد: (ابعثوا إليه.. أريده فيالحال).
وتفاجأ فقهاء المذاهب الأربعة بما قاله الوزير، فسألوه عنذلك العالم القاطن في مدينة الحلة في العراق، فأخبرهم بأنه رجل يقال له أبوالحسن بن يوسف بن علي بن المطهر، الملقب بالعلامة الحلي.
وما إن سمعالفقهاء اسمه؛ حتى انتفخت أوداجهم وخاطبوا السلطان غياث الدين بالقول: (يا مولانا الملك.. إن لهذا الرجل مذهبا باطلا، هو مذهب الروافض، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل!
والتفت إليهم السلطان قائلا: لن يضرنا أن نسمع منه، وسأجمعه بكم عندي، فإن تبيّنلي أن حجتكم أقوى في الرد عليه فلن أستمع إلى مقالته، وإلا فالعكس).
وأمرالملك بإنفاذ رسوله إلى العلامة الحلي، طالبا منه القدوم لغرض مناقشة فقهاءالمذاهب الأربعة في مسألة الطلاق..
وقبل العلامة الدعوة، وانطلق مع الرسولإلى مقر السلطنة.
وعندما وصل؛ استقبله السلطان بترحاب وأكرم ضيافته، إذ كانيرجو أن يكون حل مشكلته العويصة عنده.
وحدد السلطان الموعد للقاء العلامةبفقهاء المذاهب الأربعة في الجلسة المرتقبة التي تحولت إلى مناظرة واسعة فيأحقية المذهبين الإمامي والسني
وعند ما حان الموعد؛ جلس السلطان منتظراقدوم المدعوين، من فقهاء وكبار الوزراء وشخصيات عُليا، فحضر الجميع مبكرا، بيد أن العلامة الحلي أخّّر نفسه عن الحضور عمدا.
وعند ما وصلالعلامة إلى المجلس الملكي الكبير؛
فوجئ الجميع بأنه لم يترك نعليه عندالباب بل خلعهما وأخذهما بيده ودخل المجلس ثم ألقى السلام والتحية وجلس إلى جوار الملك!
وكان هذا التصرف الغريب مثار انزعاج الملك ووزرائه والحاضرين، وانتهز الفقهاء الفرصة ووجهوا كلامهم إلى الملك قائلين: (ألم نقل إنالروافض لا عقل لهم!
أرأيت يا مولانا السلطان ما فعل هذا الرجل؟!
امتعض السلطان من تصرف العلامة، لكنه كتم امتعاضه في نفسه، إلىأن بادر الوزراء وحاولوا توبيخ العلامة بالقول:
(لم لم تنحني للسلطان وتركتالآداب)؟
فأجاب العلامة: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ملكا ولم يفعل له مثل ما تفعلون أنتم لملككم، وليس من واجب علي إلاالسلام لقوله تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عندالله مباركة).
بعد ماأخذ العلامة نعليه معه وجلس عند السلطان قالوا له: (وكيف سمحت لنفسك بالجلوس عند السلطان)؟
فأجاب العلامة: (لم يكن مكان غيره).
فقالوا لهو لأي شيء أخذت نعليك معك، وهذا مما لا يليق بعاقل، بل بإنسان؟!
فأجابالعلامة: (خفت أن يسرقه فقهاء الحنفية الموجودون في هذا المجلس كما سرق أبو حنيفةنعل رسول الله!!
فصاح فقهاء الحنفية بنبرة حادة: (حاشا وكلا!!
ماتقول يا فاقد العقل؟!
متى كان أبو حنيفة في زمان رسول الله؟!
بلكان تولده بعد مئة عام من وفاته
فاستدرك العلامة الحلي بالقول: (نسيت.. لعلّه كان السارق الشافعي!!
فاستشاط فقهاء الشافعية غضباوصرخوا:
(سبحان الله.. ماذا يقول هذا الكذاب؟!
إن الشافعي لم يولدإلا بعد مائتي سنة من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله
فاستدرك العلامة الحلي ثانيةوقال:
(فلعلّه كان مالك)!
فقفز علماء المالكية وصاحوا:
ما هذا الافتراء؟!
فمالك لم تلده أمه إلا بعد رسول الله بقرن ونيف!
فاستدرك العلامة الحلي ثالثة وقال: فلعلّه كان أحمد إذن!
فهاج علماءالحنبلية وقالوا: أي زور هذا؟!
فشتّان ما بين عصر رسول الله وعصر أحمد بن حنبل!
وبعد ما انقلب المجلس إلى هرج ومرج، التفت العلامة إلى الملك قائلا:
(أيها السلطان.. قد علمت أن رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن رسول الله وسلم، وهذا من بدعهم أنهم اختاروا من مجتهديهم هؤلاءالأربعة فقط وحصروا الإتباع بهم ولم يجوزوا الإتباع بغيرهم،
مع أنهم ماكانوا على عهد رسول الله أو على عهد صحابته.
أما نحن الشيعة فنتبع أميرالمؤمنين نفس رسول الله (ص ) وأخيه وأبن عمه ووصيه، وهو رئيس مذهبنا. أترى بعد ذلك من حجة لهم علينا؟!
اندهش السلطان من كلام العلامة، وسقط فقهاءالمذاهب الأربعة من عينه، إذ لم يتمكنوا من دحض هذه الحجة التي ابرع العلامةالحلي في صياغتها بذكاء.
وبعد ذلك طلب السلطان من العلامة الحل لمشكلة طلاقهزوجته، فقال العلامة: (أيها الملك.. إن طلاقك هذا باطل، لأن من شروط الطلاق حضور شاهدين عادلين، ولم يكن هذا منك.
كما أن طلاق الثلاث في آن واحد هوبدعة أيضاً وذلك لقوله تعالى:
(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريحبإحسان)
إلى قوله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره).
والآية صريحة في أن الطلاق مرتان مرة بعد مرة مع تخلل الرجعةبينهما، لا لفظتان أو ثلاث، ولا تشمل الآية قول القائل لزوجته أنت طالق ثلاثا وإلا كان قوله هذا لا معنى له إطلاقا بعد قوله تعالى:
إلا إذا تكررالطلاق منه مرتين قد تخلل بينهما رجعة).
وكشف العلامة الحلي للسلطان غياث الدين أن (الخليفة الثاني) هو الذي أحدث هذه البدعة في الدين، أي طلاق الثلاث، وذلك حسب ما ورد في صحاح أهل السنة، إذ ورد في صحيح مسلم في بابطلاق الثلاث ص 477 عن ابن عباس أنه قال: (كان الطلاق على عهد رسول الله وسلموعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم في أناة فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم!!
(أنظر أيضا صحيح مسلم ص 478 ومسند أحمد بن حنبل ص 314).
وانفرجت أسارير السلطان عند ما تيقن بأن زوجته ما زالت في عصمته، بعد ما علم بأنالذي ابتدع حكم اعتبار لفظة (أنت طالق ثلاثا)
بمثابة الطلقات الثلاث التي تخللها رجوع إنما هو عمر بن الخطاب بعد ما راق له ذلك، كما راق له ابتدع صلاة التراويح والتكفير في الصلاة (التكتف)
وإلحاق عبارة (الصلاة خير من النوم)
في الأذان وتحريم متعة الحج ومتعة النساء
وغيرهما منالأحكام والسنن!!!
أعجب السلطان بفقه العلامة الحلي الذي أفحم به فقهاء بقيةالمذاهب، ودعاه إلى أن يستكمل حديثه عن عقيدة أهل البيت عليهم الصلاةوالسلام ويناظر العلماء.
وهكذا كان في جلسات وجلسات، حيث جر الكلام الكلام،وكالعادة فإن الصولة والجولة كانت لفقيه الإمامية، الأمر الذي دفع السلطان غياث الدين أخيرا إلى أن يقرر ترك مذهبه السني والتزام مذهب خيرالبرية.
وأعلن السلطان أن الدين الرسمي لمملكته أصبح دين أهل البيت صلواتالله وسلامه عليهم، وأصدر أوأمره بالدعوة لولاية الأئمة الإثني عشر عليهم الصلاة والسلام على المنابر، وضرب العملات بأسمائهم ونقشها على المبانيوالمساجد والمشاهد والأضرحة المقدسة.
وباعتباره أضحى شيعيا، فإنالملك سمح للعلماء والناشطين الشيعة بالتحرك في مملكته، بعد ما كانوا يعانون منالحجر والتضييق، فنشروا بين الناس علوم أهل البيت وفضائلهم ومناقبهم، وروجوا خطبهم وذكروا سيرهم وتعاليمهم ووصاياهم، ودافعوا عن ظلاماتهم وفضحوا أعداءهم من الأولين والآخرين، وأثمر ذلك كله عن تشيع غالبية شعب المملكة وإتباعهم مذهب آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين
بعد ما كانت الغالبية للطائفة البكرية التي تعتقد بخلافة أبي بكر بن أبي قحافة، وهي التي يطلق عليها اليوم (أهل السنة والجماعة).
لذا فإن غالبية شعوب إيران والعراق اللتان كانتا تقعان داخل نطاق المملكة هم من الشيعة حاليا، بينما كانتالغالبية للبكرية سابقا.
وترجع أصول وأحكام الطائفة البكرية إلى حزمة من التخبطات الموروثة من العقلين المدبرين لأول انقلاب في الإسلام؛
وهمامعروفان. وجاءت الحكومات الأموية والعباسية وغيرها لتبني على أساس هذه التخبطات مجموعة مفاهيم روجّت لها بهدف ضمان بقاء هيمنتها على الأمة، ومن هذه المفاهيم مفهوم (الطاعة العمياء لأولي الأمر من الحكام)
بدلاً من (طاعةأولي الأمر الشرعيين المنصوص عليهم في القرآن)؛ ومفهوم (كتاب الله وسنتي) بدلا من (كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
ومفهوم (عدالة الصحابة) بدلا من (عصمةالأئمة)
ومفهوم (الصلاة خلف كل بر وفاجر) بدلا من (الصلاة خلفالعادل)، وغير ذلك من مفاهيم وأفكار خلقتها السلطات لتبديد أي تأثير من قبل سلالة الرسول المصطفى على الأمة، حيث كانت هذه السلالة الطاهرة التي تمثل السلطة الإلهية الشرعية مصدر قلق لتلك السلطات والأنظمة الحاكمة مخافة أن تسحبالبساط منها.
وأحدثت هذه الوضعية فجوة كبيرة في العقائد والأصول والمفاهيم الإسلامية نظرا لسيادة قانون إلغاء الركن المعادل للقرآن، وهم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، بما في ذلك تعاليمهم وأحكامهم وتراثهم وفتاواهم التي كان محظورا موافقتها أو العمل بها.
واضطر فقهاء الأنظمة الحاكمة إلى سد تلكالفجوة عبر الاستناد إلى التخبطات الموروثة من مدبري الانقلاب الأول مع مراجعةالأنظمة الحاكمة في الفتاوى التي ينبغي إصدارها بناء على هذا الأساس.
وبذلك صيغ فقه الطائفة البكرية التي تحولت إلى مذاهب أربعة، هي المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي.
ولم يكن ثمة مسمى يجمع هذه المذاهب في بداية تكونها، غير أنه جرى التسالم على مصطلح (أهل السنة) فيما بعد نتيجة حث دءوبمن قبل الحنابلة خصوصا، وألحقت كلمة (الجماعة) ليغدو المصطلح (أهل السنةوالجماعة) في مرحلة لاحقة.
وتعود كلمة (الجماعة) إلى اليوم الذي انتزع فيه معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله الخلافة من السبط الأكبر الإمام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه، وبدعوى أن الأمة الإسلامية قد (أجمعت) على خلافتهأطلق معاوية على ذلك العام (عام الجماعة).
ونظرا لغياب التلقي السليم عنرسول الله (ص) وتقديم تخبطات منفذي الانقلاب على كل قول أو فعل أو تقرير منقبل الرسول نكاية بأهل بيته، نشأت كمية هائلة من الأحكام والفتاوى الغريبةالمضحكة التي لا يمكن لعاقل أن يقبل بها، ومع ذلك فإن فقهاء المذاهب الأربعةالبكرية حاليا ما زالوا يؤمنون بها ويقرون بصحتها.
وصل على محمد وآل محمد