نجف الخير
09-02-2007, 01:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليمك ورحمة الله وبركاته
هذا تحقيق عن الماء الموجود في القبر الشريف لابي الفضل العباس (عليه السلام)
اتمنى من الاخوة الكرام قرائته بدقة ليعرفوا حقيقة الماء
هذا ماقاله الصحفي الذي دخل القبر الشريف ايام النظام الدكتااوري في العراق
منذ سقوط النظام الدكتاتوري والكثير من الاصدقاء والمعارف والقراء يذكرونني بالموضوع الذي نشرته في مجلة”الف باء “ في آب 1998 بعنوان”أسرار الحضرة العباسية المطهرة “ ويطلبون مني اعادة كتابته بحرية لاعتقادهم بأنني أخفيت الكثير من الحقائق والاسرار تحت وطأة الرقابة والخوف وضيق مساحة الحرية.. وآخر ما وصلني بهذا الشأن ما حمله لي مراسلنا في البصرة وهو طلب عدد من القراء في البصرة اعادة نشر الموضوع...
بمناسبة ذكرى استشهاد الامام الحسين”ع “ في شهر محرم الحرام.. لاسيما وان الكثير من القراء لم يحصلوا على عدد”ألف باء “ الذي نشر فيه هذا الموضوع، وكما يعرف الزملاء في”الف باء “ بأن هذا العدد نفد حتى من أرشيف المجلة كما اخبرني السيد عبودي”ابو احمد “ مدير مكتب رئيس التحرير الذي قال ان المسؤولين في ديوان الرئاسة والوزراء كانوا يطلبون نسخاً من هذا العدد حتى بعد أشهر من نشره.. تبدو لي اعادة نشر هذا الموضوع عملية قد لا تكون مسوغة في هذا الوقت خاصة انني وبعد اكثر من سنة اعدت نشر الموضوع في مجلة السياحة بطلب من المسؤولين فيها، غير ان طلب القراء في البصرة وازاء اهمية شهر محرم وجدت ان المناسب الاجابة على الكثير من الاسئلة التي اثيرت حول الموضوع خاصة تلك التي لم استطع الاجابة عنها وستكون اجابتي من خلال سرد قصة الموضوع كاملة.. الموضوع الذي اعتز به كوني اول صحفي ينزل الى قبر الامام العباس عليه السلام ويكتب عنه. البداية.. كانت سؤالا في مثل هذه الايام من شهر محرم وفي جلسة عائلية، سألتني امرأة عن مدى صحة جريان نهر العلقمي تحت ضريح الامام العباس”ع “، وتطور الحديث عن اعتقاد البعض ان جثة الامام مازالت طافية على مياه النهر ولم تتحرك منذ استشهاده وحتى الآن.. بدا لي المشهد في غاية السريالية، لكن الناس صدقته وقد سمعته اكثر من مرة، لاسيما بعد ان نشرت بعض الصحف الاسبوعية التي يشرف عليها عدي عدة اخبار عن استخراج مياه من قبر العباس”ع “ للاستشفاء وتباع بأسعار عالية جداً. المرأة - وهي زوجة صديق - اقترحت علي ان اكتب موضوعاً يجيب عن الكثير من الاسئلة بعد زيارة الضريح فواجب الصحافة كشف الحقائق وتفنيد الاشاعات.. سيكون أجري عند الله كبيراً.. كما قالت. في البداية استصعبت كتابة موضوع عن القبر الاصلي للامام العباس”ع “، وكيف يمكنني ان أنزل الى”العلقمي “، لكن ما استفزني ما سمعته من أحد الاشخاص بعد أيام حيث قال: ان احد أقاربه نزل الى القبر الاصلي بواسطة احد رجال الدين وشاهد النهر مازال يجري تحت الضريح والاكثر من ذلك انه شاهد ذراع العباس”ع “ مازالت طرية تنز دماً على ضفة النهر؟
بالرغم من تفسيري لهذه المعتقدات والاساطير في زمن الجوع والاضطهاد إلا أنني جربت أن أحاول، وفعلاً في اليوم التالي دخلت على الاستاذ أمير الحلو رئيس تحرير”ألف باء “ وشرحت له الأمر مع طلب بأن يزودني بكتاب الى محافظ كربلاء للسماح لي بالنزول الى القبر الاصلي، ضحك امير الحلو وقال لي:
- الموضوع حساس وربما يخلق لنا مشكلة خاصة وانني من النجف وانت من الجنوب وهذا ما يسهل على الحكومة اتهامنا بالطائفية..
شرحت له الاسباب التي دفعتني الى تبني الموضوع وليس بينها اي سبب طائفي او حتى ديني فالخطورة اننا نتداول الاشاعات والاساطير في زمن الاعلام والفضائيات.. رئيس التحرير كان متفهماً جداً. وأضاف لي معلومة، بأن ما موجود هو مياه جوفية وعندما كان مديراً عاماً للسياحة حاولوا سحب المياه من تحت القبر الشريف وتم التعاقد مع شركة هندية لهذا الامر، وكان رأي المهندسين ان سحب المياه من تحت القبر سوف يؤدي الى انهيار الضريح، فاستعملت الشركة الهندية تقنية حقن الارض بالاسمنت قبل سحب المياه، ومع ذلك لم تنجح الطريقة. بعد ذلك وافق رئيس التحرير على تزويدي بكتاب تسهيل مهمة الى المحافظة لا يتضمن أية تفاصيل بشأن السماح لي بالنزول الى القبر الشريف. وقال لي:
- انت وشطارتك.. فكر كيف تقنع محافظ كربلاء بالنزول الى القبر.. لكن تجنب الحديث عن الكرامات لكي لا تخلق مشكلة فهم حساسون من هذا الامر..
في كربلاء.. مخاوف وكرامات
من هيبة القبة الذهبية والمئذنتين الشامختين وسطوة الاواوين والاروقة حيث حفيف اجنحة الرحمة والخشوع والاجلال وشواهد التاريخ المعلنة والمخفية الى ذرا التربة المعجونة بالدم الطاهر الذي عزز روح الامة الاسلامية بأقوى”لا “ تحفظها ذاكرة البشرية وصارت مناراً لكل الثوار على وجه الارض.. كانت رحلة شاقة جداً، وأصعب ما فيها إنها رحلة تبحث عن يقينها..
الخطوة الاولى كانت الى السيد مهدي الغرابي سادن الروضة العباسية في حينها، استقبلنا الرجل بشيء من التحفظ برغم ترحيبه بنا. وعندما طلبنا منه النزول الى سرداب القبر الشريف، قال: هذا غير ممكن بتاتاً ولا يسمح لأي شخص بالدخول إلا من خلال ديوان الرئاسة.. لم أتركه أخذت أشرح له الامور واقنعه بأن ما نقوم به هو خدمة للاسلام فبدأ يتعاطى معنا وأخبرنا ان البعض يتاجر في هذه المياه”مياه النهر المزعوم “ حيث تباع قنينة الماء الى الزوار الايرانيين ما بين 100 - 200 دولار، احدى الصحف وجهت التهمة الى الغرابي بأنه يتاجر بالمياه التي يقال انها تغسل جثمان العباس”ع “.. هنا امسكت شيئاً ما وقلت للغرابي: نحن نثق بك وجئنا لكي تدافع عن نفسك ضد”افتراءات “ الصحف الاسبوعية عليك.. فعرض علينا ان يشرح لنا كل تفاصيل وجغرافية السرداب والقبر، قلت له: أنا لا أكتب عن السماع وإنما أعتمد على عيني..
بعد أكثر من ساعة على الحديث مع الغرابي، حدث تحول، وقال:
- لا استطيع ادخالكم لأن المفتاح عند المحافظ.. خذوا موافقته وانا لا مانع لديّ..
قلت له: المحافظ هو صابر الدوري.
قال: وما به؟
قلت: كيف أتكلم معه بالموضوع وهو مدير مخابرات ومدير الاستخبارات السابق ومن المقربين جداً للرئيس.. أخاف ان يتهمني بالطائفية فمهما يكن هو رجل عسكري ومخابراتي واستخباراتي.
قال: مع ذلك هو رجل طيب.. جرب ان تزوره.
أخذت بعضي ومعي الزميل المصور سمير هادي وذهبنا الى مبنى المحافظة وهناك التقينا الشاعر حسن النواب وبعد جهود مضنية تمكنا من مقابلة محافظ كربلاء الفريق الركن صابر عبد العزيز الدوري بمساعدة حسن النواب.. وبينما كنت ابحث عن مدخل للحديث اعتذر مني المحافظ بسبب التأخير في مقابلتي، وكانت هذه اول جملة كسرت حدة ملامحه التي كنت اجدها قاسية، ربما لأسباب نفسية فأنا أخشى الحديث مع رجل مخابرات فكيف لي التحدث مع مدير جهاز المخابرات كله ومدير الاستخبارات العسكرية كلها في زمن حربنا مع ايران حيث كنت احسب الف حساب لجندي حضيرة الاستخبارات في وحدتنا العسكرية.
هذه المخاوف والهواجس جعلتني استحضر افضل ما لدي من ثقافة ووسائل اقناع. وكان الرجل يستمع لي بهدوء مع حركة ماهرة من عينيه تدلل على النباهة، وعندما كررت عليه عبارتي”انني لن اكتب عن الكرامات وانما اريد ان نكشف الحقائق للناس خدمة للمجتمع والدين والوطن “.
سألني بشيء من العصبية:
- لماذا لا تكتب عن الكرامات؟.. انك تكتب عن سيدنا العباس.
قلت له: اخشى ان اتهم بالطائفية، كما انه لا يسمح بتناول الكرامات في الصحافة والاعلام!
سألني مبتسماً: تخاف من الحكومة؟
ابتسمت مرتبكاً وقبل ان اجيبه اضاف:
- هذا شيء لا علاقة له بالطائفية ولا بتعليمات الحكومة.. ان الله قادر على ان يضع آياته في كل شيء، فلماذا نستكثر ان يضع الله سبحانه وتعالى آياته في هذا العبد الصالح سيدنا العباس”ع “، الذي حرم نفسه من شرب الماء لعطش ابن بنت رسول الله فكرمه ربنا بأن جعل قبره محاطاً بالماء.. أليس هذا تفسيراً معقولاً.
قلت.. بلى.. لكن يقال ان هذه مياه جوفية.
قال: صحيح.. لكن لماذا لم تظهر هذه المياه في مكتبة ضريح الحسين”ع “ والتي هي بنفس العمق ولا تبعد الحضرة الحسينية عن الحضرة العباسية كثيراً.. أليست هذه كرامة.. أكتب على مسؤوليتي اذا أردت، أنا شخصياً كنت شاهداً على كرامة هذه المياه.. قبل أسابيع اتصل بي هاتفياً رئيس ديوان الرئاسة احمد حسين خضير وأخبرني بوجود برفيسور هندي تعاني ابنته من الصرع الدائم وامراض اخرى وفي الرؤيا نصح الأب البروفيسور بأن يذهب بابنته الى سرداب قبر العباس”ع“ فبغير هذا لن تشفى، وفعلاً اتصل البروفيسور الهندي بصدام حسين وطلب منه السماح بزيارة سرداب القبر والاخذ من مائة وها هو امر الرئيس بالسماع بالزيادة .. وفعلاً جاء البروفيسور وابنته ودخلا السرداب وغسلت ابنته بالماء وشفيت فوراً.. ولدي الكثير من القصص..
قلت له: أنا أصدق وأؤمن بما تقول لكن انت تعرف ان الاعلام تابع للدولة.. ألف باء مجلة رسمية!
ومن ثم سألني الدوري: هل عندك قدرة على النزول الى السرداب ومواجهة قبر سيدنا العباس؟
طريقة القاء السؤال فيها شيء من الخشوع والتحدي والتحذير، لكني أجبته مباشرة:
- نعم.. أستطيع فأنا أمام مهمة خطيرة تخص ملايين المسلمين وتخص الكثير منهم الذين يعتقدون ان جثة الامام العباس مازالت طافية على النهر وان النهر مازال يجري.
- أود أن اخبرك، انه بعد قضية البروفيسور الهندي اتصل بي قاسم سلام عضو القيادة القومية مسؤول الحزب في اليمن وطلب مني الدخول الى القبر، وقد جاءني فعلاً.. ولكنه ما أن نزل درجتين من سلم السرداب حتى اصطكت ركبتاه واجهش بالبكاء ثم انهار واخرجناه قبل ان يصل الى القبر الشريف.. أعطيك هذه الصورة لكي تعرف ما معنى زيارة قبر سيدنا العباس”ع“..
- أنا مستعد لذلك وأعرف أشياء اكثر مما قلته عن كرامات الامام العباس”ع“.. عندها، رفع الفريق صابر الدوري سماعة الهاتف وكلم السيد الغرابي وأمره ان يفتح لي باب السرداب والنزول الى القبر وان افعل ما أشاء من دون تقيد.. وضع سماعة الهاتف والتفت لي:
- ادخل واكتب وصوّر.. وأرجو أن لا تخذلني بالكتابة؟
حكاية النهر
على مدى يومين منحهما لنا من وقته سادن الروضة العباسية مع سادن الروضة الحسينية حاولنا الخروج بإجابات عن عشرات الاسئلة.. بدأنا البحث عن نهر العلقمي هل هو فعلاً يجري تحت الحضرة المقدسة.. من خلال اطلاعنا على بعض الكتب في مكتبة الحضرتين وجدنا ان الامام الحسين”ع “ اختار مكان معركة الطف على وفق رؤية عسكرية مسبقة، حيث نصب مخيماته بين مجموعة من التلال محاطة بقرى الفاخرية والنواويس ونينوى وكور بابل التي ترجع اليها تسمية كربلاء.. والى الخلف بعيداً عن”التل الزينبي“ هناك هور يشكل حماية طبيعية خلفية لمعسكر الحسين”ع“ وفي الامام يقع نهر العلقمي الذي هو فرع من نهر الفرات القديم وقد اندثر منذ قرون ويبعد مكانه عن مرقد العباس”ع“ بمسافة ”150 ـ 200“ م قريباً من مقام سقوط الكف الايسر.. حيث تدل هذه الامكنة على مسار حركته”ع“ عندما أخذ الماء من النهر ومن ثم قطعت يده اليمنى وبعد ذلك قطعت يده اليسرى بمسافة قبل ان يسقط صريعاً في مكانه الحالي..
بناظير بوتو تمنع تصوير القبر.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليمك ورحمة الله وبركاته
هذا تحقيق عن الماء الموجود في القبر الشريف لابي الفضل العباس (عليه السلام)
اتمنى من الاخوة الكرام قرائته بدقة ليعرفوا حقيقة الماء
هذا ماقاله الصحفي الذي دخل القبر الشريف ايام النظام الدكتااوري في العراق
منذ سقوط النظام الدكتاتوري والكثير من الاصدقاء والمعارف والقراء يذكرونني بالموضوع الذي نشرته في مجلة”الف باء “ في آب 1998 بعنوان”أسرار الحضرة العباسية المطهرة “ ويطلبون مني اعادة كتابته بحرية لاعتقادهم بأنني أخفيت الكثير من الحقائق والاسرار تحت وطأة الرقابة والخوف وضيق مساحة الحرية.. وآخر ما وصلني بهذا الشأن ما حمله لي مراسلنا في البصرة وهو طلب عدد من القراء في البصرة اعادة نشر الموضوع...
بمناسبة ذكرى استشهاد الامام الحسين”ع “ في شهر محرم الحرام.. لاسيما وان الكثير من القراء لم يحصلوا على عدد”ألف باء “ الذي نشر فيه هذا الموضوع، وكما يعرف الزملاء في”الف باء “ بأن هذا العدد نفد حتى من أرشيف المجلة كما اخبرني السيد عبودي”ابو احمد “ مدير مكتب رئيس التحرير الذي قال ان المسؤولين في ديوان الرئاسة والوزراء كانوا يطلبون نسخاً من هذا العدد حتى بعد أشهر من نشره.. تبدو لي اعادة نشر هذا الموضوع عملية قد لا تكون مسوغة في هذا الوقت خاصة انني وبعد اكثر من سنة اعدت نشر الموضوع في مجلة السياحة بطلب من المسؤولين فيها، غير ان طلب القراء في البصرة وازاء اهمية شهر محرم وجدت ان المناسب الاجابة على الكثير من الاسئلة التي اثيرت حول الموضوع خاصة تلك التي لم استطع الاجابة عنها وستكون اجابتي من خلال سرد قصة الموضوع كاملة.. الموضوع الذي اعتز به كوني اول صحفي ينزل الى قبر الامام العباس عليه السلام ويكتب عنه. البداية.. كانت سؤالا في مثل هذه الايام من شهر محرم وفي جلسة عائلية، سألتني امرأة عن مدى صحة جريان نهر العلقمي تحت ضريح الامام العباس”ع “، وتطور الحديث عن اعتقاد البعض ان جثة الامام مازالت طافية على مياه النهر ولم تتحرك منذ استشهاده وحتى الآن.. بدا لي المشهد في غاية السريالية، لكن الناس صدقته وقد سمعته اكثر من مرة، لاسيما بعد ان نشرت بعض الصحف الاسبوعية التي يشرف عليها عدي عدة اخبار عن استخراج مياه من قبر العباس”ع “ للاستشفاء وتباع بأسعار عالية جداً. المرأة - وهي زوجة صديق - اقترحت علي ان اكتب موضوعاً يجيب عن الكثير من الاسئلة بعد زيارة الضريح فواجب الصحافة كشف الحقائق وتفنيد الاشاعات.. سيكون أجري عند الله كبيراً.. كما قالت. في البداية استصعبت كتابة موضوع عن القبر الاصلي للامام العباس”ع “، وكيف يمكنني ان أنزل الى”العلقمي “، لكن ما استفزني ما سمعته من أحد الاشخاص بعد أيام حيث قال: ان احد أقاربه نزل الى القبر الاصلي بواسطة احد رجال الدين وشاهد النهر مازال يجري تحت الضريح والاكثر من ذلك انه شاهد ذراع العباس”ع “ مازالت طرية تنز دماً على ضفة النهر؟
بالرغم من تفسيري لهذه المعتقدات والاساطير في زمن الجوع والاضطهاد إلا أنني جربت أن أحاول، وفعلاً في اليوم التالي دخلت على الاستاذ أمير الحلو رئيس تحرير”ألف باء “ وشرحت له الأمر مع طلب بأن يزودني بكتاب الى محافظ كربلاء للسماح لي بالنزول الى القبر الاصلي، ضحك امير الحلو وقال لي:
- الموضوع حساس وربما يخلق لنا مشكلة خاصة وانني من النجف وانت من الجنوب وهذا ما يسهل على الحكومة اتهامنا بالطائفية..
شرحت له الاسباب التي دفعتني الى تبني الموضوع وليس بينها اي سبب طائفي او حتى ديني فالخطورة اننا نتداول الاشاعات والاساطير في زمن الاعلام والفضائيات.. رئيس التحرير كان متفهماً جداً. وأضاف لي معلومة، بأن ما موجود هو مياه جوفية وعندما كان مديراً عاماً للسياحة حاولوا سحب المياه من تحت القبر الشريف وتم التعاقد مع شركة هندية لهذا الامر، وكان رأي المهندسين ان سحب المياه من تحت القبر سوف يؤدي الى انهيار الضريح، فاستعملت الشركة الهندية تقنية حقن الارض بالاسمنت قبل سحب المياه، ومع ذلك لم تنجح الطريقة. بعد ذلك وافق رئيس التحرير على تزويدي بكتاب تسهيل مهمة الى المحافظة لا يتضمن أية تفاصيل بشأن السماح لي بالنزول الى القبر الشريف. وقال لي:
- انت وشطارتك.. فكر كيف تقنع محافظ كربلاء بالنزول الى القبر.. لكن تجنب الحديث عن الكرامات لكي لا تخلق مشكلة فهم حساسون من هذا الامر..
في كربلاء.. مخاوف وكرامات
من هيبة القبة الذهبية والمئذنتين الشامختين وسطوة الاواوين والاروقة حيث حفيف اجنحة الرحمة والخشوع والاجلال وشواهد التاريخ المعلنة والمخفية الى ذرا التربة المعجونة بالدم الطاهر الذي عزز روح الامة الاسلامية بأقوى”لا “ تحفظها ذاكرة البشرية وصارت مناراً لكل الثوار على وجه الارض.. كانت رحلة شاقة جداً، وأصعب ما فيها إنها رحلة تبحث عن يقينها..
الخطوة الاولى كانت الى السيد مهدي الغرابي سادن الروضة العباسية في حينها، استقبلنا الرجل بشيء من التحفظ برغم ترحيبه بنا. وعندما طلبنا منه النزول الى سرداب القبر الشريف، قال: هذا غير ممكن بتاتاً ولا يسمح لأي شخص بالدخول إلا من خلال ديوان الرئاسة.. لم أتركه أخذت أشرح له الامور واقنعه بأن ما نقوم به هو خدمة للاسلام فبدأ يتعاطى معنا وأخبرنا ان البعض يتاجر في هذه المياه”مياه النهر المزعوم “ حيث تباع قنينة الماء الى الزوار الايرانيين ما بين 100 - 200 دولار، احدى الصحف وجهت التهمة الى الغرابي بأنه يتاجر بالمياه التي يقال انها تغسل جثمان العباس”ع “.. هنا امسكت شيئاً ما وقلت للغرابي: نحن نثق بك وجئنا لكي تدافع عن نفسك ضد”افتراءات “ الصحف الاسبوعية عليك.. فعرض علينا ان يشرح لنا كل تفاصيل وجغرافية السرداب والقبر، قلت له: أنا لا أكتب عن السماع وإنما أعتمد على عيني..
بعد أكثر من ساعة على الحديث مع الغرابي، حدث تحول، وقال:
- لا استطيع ادخالكم لأن المفتاح عند المحافظ.. خذوا موافقته وانا لا مانع لديّ..
قلت له: المحافظ هو صابر الدوري.
قال: وما به؟
قلت: كيف أتكلم معه بالموضوع وهو مدير مخابرات ومدير الاستخبارات السابق ومن المقربين جداً للرئيس.. أخاف ان يتهمني بالطائفية فمهما يكن هو رجل عسكري ومخابراتي واستخباراتي.
قال: مع ذلك هو رجل طيب.. جرب ان تزوره.
أخذت بعضي ومعي الزميل المصور سمير هادي وذهبنا الى مبنى المحافظة وهناك التقينا الشاعر حسن النواب وبعد جهود مضنية تمكنا من مقابلة محافظ كربلاء الفريق الركن صابر عبد العزيز الدوري بمساعدة حسن النواب.. وبينما كنت ابحث عن مدخل للحديث اعتذر مني المحافظ بسبب التأخير في مقابلتي، وكانت هذه اول جملة كسرت حدة ملامحه التي كنت اجدها قاسية، ربما لأسباب نفسية فأنا أخشى الحديث مع رجل مخابرات فكيف لي التحدث مع مدير جهاز المخابرات كله ومدير الاستخبارات العسكرية كلها في زمن حربنا مع ايران حيث كنت احسب الف حساب لجندي حضيرة الاستخبارات في وحدتنا العسكرية.
هذه المخاوف والهواجس جعلتني استحضر افضل ما لدي من ثقافة ووسائل اقناع. وكان الرجل يستمع لي بهدوء مع حركة ماهرة من عينيه تدلل على النباهة، وعندما كررت عليه عبارتي”انني لن اكتب عن الكرامات وانما اريد ان نكشف الحقائق للناس خدمة للمجتمع والدين والوطن “.
سألني بشيء من العصبية:
- لماذا لا تكتب عن الكرامات؟.. انك تكتب عن سيدنا العباس.
قلت له: اخشى ان اتهم بالطائفية، كما انه لا يسمح بتناول الكرامات في الصحافة والاعلام!
سألني مبتسماً: تخاف من الحكومة؟
ابتسمت مرتبكاً وقبل ان اجيبه اضاف:
- هذا شيء لا علاقة له بالطائفية ولا بتعليمات الحكومة.. ان الله قادر على ان يضع آياته في كل شيء، فلماذا نستكثر ان يضع الله سبحانه وتعالى آياته في هذا العبد الصالح سيدنا العباس”ع “، الذي حرم نفسه من شرب الماء لعطش ابن بنت رسول الله فكرمه ربنا بأن جعل قبره محاطاً بالماء.. أليس هذا تفسيراً معقولاً.
قلت.. بلى.. لكن يقال ان هذه مياه جوفية.
قال: صحيح.. لكن لماذا لم تظهر هذه المياه في مكتبة ضريح الحسين”ع “ والتي هي بنفس العمق ولا تبعد الحضرة الحسينية عن الحضرة العباسية كثيراً.. أليست هذه كرامة.. أكتب على مسؤوليتي اذا أردت، أنا شخصياً كنت شاهداً على كرامة هذه المياه.. قبل أسابيع اتصل بي هاتفياً رئيس ديوان الرئاسة احمد حسين خضير وأخبرني بوجود برفيسور هندي تعاني ابنته من الصرع الدائم وامراض اخرى وفي الرؤيا نصح الأب البروفيسور بأن يذهب بابنته الى سرداب قبر العباس”ع“ فبغير هذا لن تشفى، وفعلاً اتصل البروفيسور الهندي بصدام حسين وطلب منه السماح بزيارة سرداب القبر والاخذ من مائة وها هو امر الرئيس بالسماع بالزيادة .. وفعلاً جاء البروفيسور وابنته ودخلا السرداب وغسلت ابنته بالماء وشفيت فوراً.. ولدي الكثير من القصص..
قلت له: أنا أصدق وأؤمن بما تقول لكن انت تعرف ان الاعلام تابع للدولة.. ألف باء مجلة رسمية!
ومن ثم سألني الدوري: هل عندك قدرة على النزول الى السرداب ومواجهة قبر سيدنا العباس؟
طريقة القاء السؤال فيها شيء من الخشوع والتحدي والتحذير، لكني أجبته مباشرة:
- نعم.. أستطيع فأنا أمام مهمة خطيرة تخص ملايين المسلمين وتخص الكثير منهم الذين يعتقدون ان جثة الامام العباس مازالت طافية على النهر وان النهر مازال يجري.
- أود أن اخبرك، انه بعد قضية البروفيسور الهندي اتصل بي قاسم سلام عضو القيادة القومية مسؤول الحزب في اليمن وطلب مني الدخول الى القبر، وقد جاءني فعلاً.. ولكنه ما أن نزل درجتين من سلم السرداب حتى اصطكت ركبتاه واجهش بالبكاء ثم انهار واخرجناه قبل ان يصل الى القبر الشريف.. أعطيك هذه الصورة لكي تعرف ما معنى زيارة قبر سيدنا العباس”ع“..
- أنا مستعد لذلك وأعرف أشياء اكثر مما قلته عن كرامات الامام العباس”ع“.. عندها، رفع الفريق صابر الدوري سماعة الهاتف وكلم السيد الغرابي وأمره ان يفتح لي باب السرداب والنزول الى القبر وان افعل ما أشاء من دون تقيد.. وضع سماعة الهاتف والتفت لي:
- ادخل واكتب وصوّر.. وأرجو أن لا تخذلني بالكتابة؟
حكاية النهر
على مدى يومين منحهما لنا من وقته سادن الروضة العباسية مع سادن الروضة الحسينية حاولنا الخروج بإجابات عن عشرات الاسئلة.. بدأنا البحث عن نهر العلقمي هل هو فعلاً يجري تحت الحضرة المقدسة.. من خلال اطلاعنا على بعض الكتب في مكتبة الحضرتين وجدنا ان الامام الحسين”ع “ اختار مكان معركة الطف على وفق رؤية عسكرية مسبقة، حيث نصب مخيماته بين مجموعة من التلال محاطة بقرى الفاخرية والنواويس ونينوى وكور بابل التي ترجع اليها تسمية كربلاء.. والى الخلف بعيداً عن”التل الزينبي“ هناك هور يشكل حماية طبيعية خلفية لمعسكر الحسين”ع“ وفي الامام يقع نهر العلقمي الذي هو فرع من نهر الفرات القديم وقد اندثر منذ قرون ويبعد مكانه عن مرقد العباس”ع“ بمسافة ”150 ـ 200“ م قريباً من مقام سقوط الكف الايسر.. حيث تدل هذه الامكنة على مسار حركته”ع“ عندما أخذ الماء من النهر ومن ثم قطعت يده اليمنى وبعد ذلك قطعت يده اليسرى بمسافة قبل ان يسقط صريعاً في مكانه الحالي..
بناظير بوتو تمنع تصوير القبر.