حبيب الحق14
08-05-2009, 12:57 PM
أسئلة موجهة لأتباع مدرسة أهل البيت (ع) ... أجيبونا يرحمكم الله
هذه الحلقة تكملة للحلقتين السابقتين وفيها ذكر الهجوم على دار فاطمة (ع) وإحراقها ووو... الخ
فأقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه في أنْ يوفقني لقول الحق ونصرته وتوضيحه :
وسنحاول أنْ نتدرج في البحث عن هذا الموضوع المهم ونبتدئ بالسؤال التالي :
ما معنى قول أبي بكر قرب وفاته لما دخل عليه ابن عوف يعوده :
( ... وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وانْ أغلق على الحرب ) ؟؟
راجع المصادر التالية :
1 - المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 62 حديث 43 طبعة ثانية تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي.
2 – الأموال لأبي عبيد ص 174 رقم 353 طبع دار الفكر بيروت تحقيق محمد خليل هراس ، علما أنه حذف قول أبي بكر وذكر بدلاً منه ( فوددت أني لم أكن فعلت كذا وكذا لخلة ذكرها ) ثم علق عليه أبو عبيد قائلاً : لا أريد ذكرها .
- أقول : أنظر لأمانة النقل عندهم حين لا يعجبهم نقل الحقيقة لئلا يفهم المسلمون حقيقة ما جرى ، والمشتكى إلى الله من هؤلاء الكتاب الذين يحرفون الكلم عن مواضعه تبعاً لأهوائهم -
3 – ميزان الاعتدال للذهبي ج 3 ص 108 رقم 5762 .
4 – لسان الميزان لابن حجر ج 4 ص 706 رقم 5752 ، وفي طبع السعادة بمصر سنة 1325 هـ ج 2 ص 215 .
5 – تاريخ الطبري ج 2 ص 619 طبع الاستقامة سنة 1357 هـ ، وفي طبعة ج 2 ص 353 ، وفي طبعة بمصر ج 2 ص 429 من حوادث سنة 13 هـ .
6 – الاكمال في اسماء الرجال للخطيب التبريزي ص 174 ثم قال : والخبر حسن .
7 – حلية الأولياء لأبي نعيم ج 1 ص 34 .
8 – مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 201 .
9 – تاريخ دمشق لابن عساكر ج 30 ص 421 طبع دار الفكر بيروت .
10 – تاريخ الاسلام للذهبي ج 3 ص 117 - 118 .
11 – مجمع الزوائد للهيثمي ج 5 ص ص 366 – 367 حديث 9030 ، وفي طبعة ج 5 ص 202 .
12 – كنز العمال للمتقي ج 5 ص 631 حديث 14113 وقال : وقد حسنه الطرابلسي .
13 – العقد الفريد ج 4 ص 254 .
14 – تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 137 طبع بيروت ، ولكنه رواه هكذا : ( وليتني لم اُفَـتِّـش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو كان أغلق على حرب ... ) .
فما معنى وددت أني لم أكن كشفتُ بيت فاطمة ؟؟
أليس هو الهجوم عليه واستباحته ودخوله بغير إذن من أهله ؟
ولماذا كشفه ثم يندم على كشفه قرب وفاته ؟؟
فلو كان عملاً صحيحاً فلماذا ندم عليه ؟؟ !!
ولماذا قال : ( وإنْ أغلق على حرب ) ؟؟
إذن المسألة فيها إشارة إلى رفض أهل بيت النبي (ص) لفعل مهم استوجب منهم الاعتصام في بيت فاطمة (ع) احتجاجاً ، مما دعى أبو بكر أن يأمر باستباحة بيت فاطمة الزهراء (ع) .
ثم انظر إلى شدة ندم الخليفة قرب وفاته حتى أنه أراد قطع لسانه لأنه أورده المهالك :
اقرأ هذه الروايات في هذا الموضوع :
1 - حدثنا ابن إدريس ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه دخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينفضه ..
فقال له عمر : الله الله يا خليفة رسول الله !
وهو يقول :
( ها إن هذا أوردني الموارد )
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 14 ص 568 حديث 18893 .
2 – حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن مصعب الزبيري ، حدثني مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أنّ عمر دخل على أبي بكر وهو يجبذ لسانه ، فقال له عمر : مه غفر الله لك .
فقال أبو بكر : ( إن هذا أوردني الموارد ) .
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 14 ص 568 حديث 18894 .
3 – حدثني مالك ، عن زيد بن أسلم عن أبيه ، دخل عمر على أبي بكر وهو يجبذ لسانه فقال له عمر : مه غفر الله لك .
فقال أبو بكر : ( إن هذا أوردني الموارد ) .
أخرجه مالك في الموطأ ج 2 ص 988 حديث 12 في كتاب الكلام ، طبع دار إحياء التراث العربي بيروت سنة 1406 هـ ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي .
4 – حدثنا موسى بن محمد بن حيان ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا عبد العزيز الأندراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه فقال :
" ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟
فقال : ( إن هذا أوردني الموارد )
أخرجه أبو يعلى الموصلي في المسند ج 1 ص 36 حديث 5 .
و أخرجه أبو بكر البزار في المسند ج 1 ص 163 حديث 84 بهذا الإسناد .
والآن لنتذكر قول شاعر النيل حافظ ابراهيم وهو يمدح عمر في ديوانه المطبوع سنة 1937 هـ بدار الكتب بالقاهرة ج 1 ص 82 ، وفي طبعة مكتبة الهلال سنة 1353 هـ ص 184 ، وفي طبعة السعادة بمصر ص 38 مع شرحها ، في قصيدته (العمرية) تحت عنوان عمر وعلي قال :
و قـولـةٍ لـعـلـيٍّ قـالـهـا عـمــرٌ أكـرم بسامـعـهـا أعـظم بملـقـيها
حرّقتُ دارّك لا أبقي عليك بها إنْ لم تُبَايِعْ وبنتُ المصطفى فيها
ما كان غيرَ أبي حفصٍ بقائلها أمامَ فـارسِ عـدنـانٍ وحـامـيـهـا
إذن هناك تهديد من عمر لعلي بإحراق الدار عليهم حتى لو كانت بنت المصطفى فيها ..
وقد تقول لي : ما قيمة كلام شاعر ؟
وهل يبنى في مثل هذه الأحكام المصيرية على خيال الشعراء ؟
فأقول : نحن نريد أولاً التدرج للوصول إلى الحقيقة بذكر القرائن والشواهد ..
وثانياً قيل في الأمثال إنّ وراء كل دخان ناراً ..
وثالثاً إنه شاعر مصر الكبير وليس شخصاً عاديا ، وهو من أهل السنة وليس من الشيعة ..
ورابعاً إننا سوف نذكر مصادركم التي ذكرت قصة الهجوم على دار الزهراء ومحاولة إحراقه بل إنهم عملياً جمعوا الحطب حول دار فاطمة وقاموا بإشعال النار فيه لإحراقهم .
وإليك بعض الإشارات التي رواها علماؤكم من هنا وهناك :
1- قال ابن هشام في السيرة النبوية ج 4 ص 306 تحت عنوان ( أمر سقيفة بني ساعدة ) :
( لما قبض رسول الله (ص) انحاز هذا الحي من الانصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة ، واعتزل عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة ...).
- إذن هذه هي بداية القصة اعتزال علي ومن معه في بيت فاطمة -
ويؤيد ذلك ما أخرجه الصنعاني بسند صحيح كل رجاله ثقات ج 5 ص439 ح 9758 :
عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال عمر بن الخطاب :
( ثم إنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ).
وراجع أيضاً تاريخ الطبري ج2ص235، وفي طبعة مؤسسة الاعلمي بيروت ج 2 ص 446 ، والفصل للوصل للخطيب البغدادي ج1 ص 490 ، وذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ج 5 ص 266 طبع دار إحياء التراث العربي ، والبخاري في صحيحه ج 8 ص 27 طبع دار الفكر بيروت ، ولكنه لم يذكر عبارة (في بيت فاطمة).
- هذه إذن هي بداية القصة -
2ـ وروى ابن قتيبة الدينوري في الامامة والسياسة ص 12و 13 طبعة المكتبة التجارية الكبرى بمصر ، وفي طبعة ج 1 ص 30 ، باسناده عن عبد الرحمن الانصاري قال :
(… وأنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرّم الله وجهه، فبعث اليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار عليّ، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ أو لأحرقـنّها على من فيها !!.
فقيل له: يا أبا حفص ! إنّ فيها فاطمة !!
فقال:وإن !!…)
- تعليقنا : وقول المسلمون لعمر : إنّ فيها فاطمة ، إشارة منهم إلى الآيات النازلة في أهل البيت والتي تأمر المسلمين بمودتهم وحبهم ، أو الأحاديث الكثيرة التي قالها النبي في حق فاطمة عليها السلام ، مثل قوله (ص): ( إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ) وقد مرت مصادره.
أو قوله (ص) : ( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ) وقد ذكرنا مصادره فيما مضى أيضاً ..
وفي صحيح البخاري ج 4 ص 210 ، قال (ص) :
( فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني ) ومعلوم أن غضبه يؤدي لغضب الله ..
ثم إننا نتلو القرآن وهو ينادي في سورة الأحزاب آية 57 :
( إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهينا ) .
ولكن عمر ورغم تذكير المسلمين له بأنّ في الدار فاطمة قال : وإنْ ...
أي إنني سوف أحرقها عليهم حتى لو كانت فاطمة (التي يغضب الله لغضبها) فيها -
3 ـ وقال أبو الفداء في المختصر في أخبار البشر ج 1 ص 156 طبع دار المعرفة بيروت ، وفي طبعة مكتبة المتنبي بالقاهرة ص 165 :
(ثمّ إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى عليّ ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي اللّه عنها وقال: إنْ أبوا عليك فقاتلهم !!
فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار ، فلقيته فاطمة رضي اللّه عنها وقالت: إلى أين يابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا ؟؟ !!
قال: نعم ، أو تدخلوا فيما دخل فيه الأُمّة ) .
- تعليقنا : علماً أنه قد مرّ علينا في بعض الحوارات السابقة أنّ النبي (ص) لما قرأ قوله تعالى :
( في بيوت أذن الله أنْ ترفع ويذكر فيها اسمه )
قيل له : يا رسول الله أيّ البيوت هذه ؟
قال (ص) : بيوت الانبياء ..
فقال أبو بكر : وهذا منها ؟ وأشار لبيت علي وفاطمة ...
قال (ص) : ( هذا من أفاضلها ) .
وقد ذكرنا مصادره من كتبكم فراجعها ولا نكرر ..
ومعنى قوله تعالى : (أن ترفع) أي أنْ تُعظّم وتكرّم مادياً ومعنوياً ..
فهل الاحراق من أساليب التعظيم لبيوت الله ؟؟ !! أجيبونا يا مسلمين -
4 ـ وقال الطبري في تاريخه ( تاريخ الامم والملوك ) ج 2 ص 443، طبع بيروت ، وفي طبعة ج 3 ص 198:
( حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن زياد بن كليب، قال:
أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال:
والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ..
فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه) .
وقال الطبري في نفس الصفحة :
( حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال :
... فبايع الناس واستثبتوا وتخلف عليّ والزبير ، واخترط الزبير سيفه وقال : لا أغمده حتى يبايع عليّ ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فقال عمر : خذوا سيف الزبير واضربوا به الحجر ..
قال : فانطلق إليهم عمر وجاء بهما تعباً وقال : لتبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان ... ) .
- تعليقنا : هل تكون البيعة بالإكراه ، وهل تجعل مثل هذه البيعة الخلافة صحيحة ومحقة ؟؟ -
5 ـ وقال البلاذري في أنساب الاشراف ج 1 ص 586 حديث 1184 طبع دار المعارف بالقاهرة ، باسناده عن سليمان التميمي، وعن ابن عون :
( إنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة - أي شعلة نار - فتلقّته فاطمة على الباب.
فقالت فاطمة: يا بن الخطاب ! أتراك محرقاً عليّ بابي ؟؟ !!
قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك... ) .
- ونحن نسأل عمر : أي وصية جاء بها رسول الله (ص) تأمر بحرق أهل بيت النبي ؟؟
وأي شيء مما جاء به النبي (ص) يكون أقوى بالهجوم على دار حبيبته وروحه التي بين جنبيه؟-
وقال البلاذري أيضاً في ج 1 ص 587 حديث 1188 نفس الطبعة، تحت عنوان (أمر السقيفة) :
(وحدثني بكر بن الهيثم ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي رضي الله عنه حين قعد عن بيعته وقال :
ائتني به بأعنف العنف !!
- فلما أتاه جرى بينهما كلام فقال علي لعمر :
احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤثرك غداً ) .
- تعليقنا : هنا تصريح بأنّ علي قعد ولم يبايع أبا بكر ..
وأنّ أبا بكر أمر عمر باستخدام أعنف العنف لإكراهه على البيعة ، وقلنا الإكراه لا يصححها ..
وإنّ علياً (ع) كشف له عما تآمروا عليه بينهم ، فقد أخبر عمر بالحقيقة التي من أجلها يصول ويجول عمر لإطفاء نور الله ، وهي أنّ فائدة هذا الحلب سيعود نفعه لعمر بأنْ يولّي أبو بكر من بعده عمراً وهذا ما حدث فعلاً ، وهو صريح عبارة الامام علي (ع) كما رواها البلاذري (احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤثرك غداً ) -
6 ـ روى الشهرستاني في الملل والنحل ج 1 ص 57 طبع دار المعرفة بيروت سنة 1402 هـ ، عن النظّام أنّه قال:
( قال النظام : وكان عمر يصيح: أحرقوا دارها - أي دار فاطمة - بمن فيها!!
وما كان في الدار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين ... ) .
7 – وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح في كتابه ( المصنف) في ج 8 ص572 طبع دار الفكر بيروت تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام، وفي طبع بيروت سنة 1409هـ ج 7 ص432 حديث 37045 ، في باب (ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته في الردة) :
( حدثنا محمد بن بشر - الحافظ الثقة - حدثنا عبيد الله بن عمر- حافظ ثقة - حدّثنا زيد بن أسلم -الحافظ الثقة الامام - ، عن أبيه أسلم :
انّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول اللّه (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول اللّه (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم .
فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة ، فقال :
يابنت رسول الله (ص) ! والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم اللّه ما ذاك بمانعي إنْ اجتمع هؤلاء النفر عندك ، أنْ أمرتهم أنْ يحرق عليهم البيت!!،
قال: فلما خرج عمر جاءوها، فقالت: تعلمون أنّ عمر قد جاءني وقد حلف باللّه لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت !!، وأيم اللّه ليمضين لما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين فروا رأيكم ولا ترجعوا إليّ ، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر ) .
- وتعليقنا : هو أنّ باقي الروايات قد أوضحت طريقة البيعة التي تمت بالإكراه لا طوعاً ، وقد هددوهم بالقتل فبايعوا مكرهين ، وهذا الأسلوب لا يصحح خلافة أبي بكر ..
كما أنّ هذه الرواية تذكر بأنّ فاطمة بنت النبي كان بيتها مقراً لتشاور الصحابة المعارضين لبيعة أبي بكر ، فأين الإجماع الذي يدّعونه لخلافة أبي بكر -
8 - وقال ابن عبد ربه الاندلسي في العقد الفريد ج 4 ص 87 تحقيق خليل شرف الدين ، وفي طبعة مكتبة الرياض الحديثة ج 5 ص 12 ، وفي طبعة بيروت سنة 1404 هـ ج 5 ص 13 و14 ، وفي طبعة مصر سنة 1353 هـ ج 3 ص 64 :
تحت عنوان (الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر):
(الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة ، فأمّا علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حيث بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليُخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم !!!!
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟
قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة ) .
- تعليقنا : لقد روى البخاري في صحيحه ج 4 ص 210 ، عن ابن عمر عن أبي بكر نفسه أنه قال : ( ارقبوا محمداً في أهل بيته ) فانظر أخي العزيز كيف طبق أبو بكر هذه الوصية تطبيقاً حقيقياً وعملياً ، فماذا تريدون أكثر من أمره بمقاتلة أهل بيت النبوة الذين طهرهم الله في القرآن بنص آياته الشريفة وأمر المسلمين بمودتهم والصلاة عليهم ووو ، فهل هناك مظهر للمودة أجلى وأوضح من قتالهم ، وما عشت أراك الدهر عجبا !!!
ثم ألم ينادي النبي مخاطباً أهل بيته وفيهم فاطمة : ( أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم )
راجعه في مسند احمد بن حنبل ج 2 ص 442 طبع مصر ، وقد رواه عن أبي هريرة .
والصواعق المحرقة لابن حجر فصل أول من الباب 11 ، وقال عنه : حديث صحيح .
فالذي يحارب فاطمة وعلي فإنه يحارب النبي (ص) كما هو صريح هذا الحديث الشريف -
9- قال ابن عبد البر في الاستيعاب ج 3 ص 975 تحقيق علي محمد البجاوي طبع دار النهضة بالقاهرة :
(حدّثنا محمد بن أحمد، حدثنا محمد بن أيّوب، حدّثنا أحمد بن عمرو البزاز، حدّثنا أحمد بن يحيى، حدّثنا محمد بن نسير، حدّثنا عبد اللّه بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، انّ عليّاً والزبير كانا حين بُويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم،
فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر فقال:
... ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ. ثمّ خرج وجاءوها. فقالت لهم: إنّ عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلنّ، وأيم اللّه ليفينّ بها ) .
- تعليقنا : أنظر إلى تحريف الكلم عن مواضعه كفعل بني إسرائيل وكيف يكون التغيير للحقائق ، حتى لا يفهم المسلمون حقيقة ما جرى على أهل بيت النبي (ص)، فقد بدل عبارات تهديد عمربإحراق دارهم إلى ( لأفعلن ولأفعلن ) وهكذا تكون أمانة نقل الأحاديث ، فإنهم يحرفونها للحفاظ على كرامة جماعتهم ولتبقى الأمة جاهلة –
10 – وقال اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 123 طبع بيروت :
( ... واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له ، فقال لهم :
أغدوا على هذا محلّقين الرؤوس ، فلم يغدُ عليه إلا ثلاثة نفر .
وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله .
فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار ، وخرج عليّ ومعه السيف ، فلقيه عمر فصارعه عمر فصرعه وكسر سيفه ودخلوا الدار ... ) .
- تعليقنا : هذه الرواية تبين لنا أنّ جماعة من الصحابة قد اجتمعوا ليبايعوا علياً باعتباره الخليفة الشرعي الذي نصبه النبي في حياته ، كما أنّ علياً طلب منهم أنْ يغدوا عليه محلقين رؤوسهم ليحارب بهم الغاصبين لخلافته ولكنهم لم يأتوه –
ويمكنك مراجعة هذه القصة مع أحداثها المؤلمة في مصادر أخرى غير ما مر مثل :
1 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 134، وفي طبعة دار الجيل بيروت 2 / 21 .
2 ـ كنز العمال للمتقي الهندي ج5 ص651 حديث 14138 طبع حلب سنة 1390 هـ .
3 ـ أعلام النساء لعمر رضا كحالة ج 4 ص 114 طبع بيروت ط 5 سنة 1404 هـ .
4 - الوافي بالوفيات للصفدي ج 17 ص 311 طبع بيروت سنة 1401 هـ .
5 - نهاية الارب للنويري ج 9 ص 40 طبع القاهرة سنة 1395 هـ .
6 – روضة المناظر لابن شحنة ج 7 ص 164 المطبوع بهامش كامل ابن الاثير .
7 - السقيفة للجوهري
- وخلاصة القصة التي نستفيدها من مجموع الروايات السابقة هي :
أنّ أبا بكر أرسل إلى علي عليه السلام يطلب منه أن يبايعه ، فامتنع علي عن بيعته ، وأجابهم جوابا شديدا ، اتهمهم فيه بخيانة الرسول صلى الله عليه وآله لأنه (ص) أوصى لعلي بعده .
وبلغ أبا بكر أن عددا من الأنصار والمهاجرين اجتمعوا في بيت علي الذي كان يعرف ببيت
فاطمة عليهما السلام ، فأشار عليه عمر بأن يهاجموا البيت ويهددوهم بإحراقه عليهم ، إن
لم يخرجوا ويبايعوا !
وبالفعل هاجمت مجموعة بقيادة عمر بن الخطاب بيت الزهراء عليها السلام وحاصروه وجمعوا
الحطب على باب داره ، وهددوا عليا وفاطمة عليهما السلام والذين كانوا في البيت - المؤيدون لموقف علي -
هددوهم إما أن يخرجوا ويبايعوا أبا بكر ، أو يحرق عليهم الدار بمن فيها !فأضرموا النار بالحطب الذي جمعوه حول دارها ثم هجموا داخل الدار واعتدوا على فاطمة وأخرجوا علياً وذهبوا به بعنف وأكرهوه على بيعة أبي بكر ...
ولا تعجب من ذلك ، فلقد أخبرنا القرآن بانقلاب الأمة بعد وفاة النبي (ص) بقوله :
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين )
كما أخبر النبي (ص) علياً (ع) بانقلاب الأمة عليه بعد وفاته (ص) حينما قال لعليّ :
( إنّ الأمة ستغدر بك بعدي ) .
رواه :
1 - الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 140 و 143 حديث 107 و116 طبع دار المعرفة بيروت ، وفي طبعة ج 3 ص 150 حديث 4676 وص 153 حديث 4686 ، وقال عنه: صحيح الاسناد .
2 - ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك في نفس الصفحة والجزء وقال عنه : صحيح .
ومعلوم لدى العلماء أنّ كلّ حديث وافق الذهبي فيه الحاكم في التصحيح فهو بحكم الصحيحين .
وراجعه أيضاً في :
3 – تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 11 ص 216 طبع السعادة بمصر ، وفي طبع دار الكتب العلمية بيروت ج 11 ص 216 رقم 5928.
4 – كنز العمال للمتقي ج 6 ص 157 طبع حيدراباد ، وفي طبعة ثانية بحيدراباد ج 6 ص 73 ، وفي طبعة مؤسسة الرسالة بيروت ج 11 ص 297 حديث 31562 ، وص 617 حديث 32997.
5 – تاريخ ابن كثير ( البداية والنهاية ) ج 6 ص 218 و 219 طبع السعادة بمصر ، وفي طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت ج 6 ص 244 ، وج 7 ص 360 .
6 – تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 38 ص 73 حديث 1157، وفي طبعة دار الفكر بيروت ج 42 ص447 و 448 ، وفي ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق ج 3 ص 148 حديث 1164- 1168.
7 – الاكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص 68
8 – تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3 ص 995 طبع دائرة المعارف العثمانية .
9 – دلائل النبوة للبيهقي ج 6 ص 440 .
10 – مسند البزار ج 3 ص 92 حديث 869 .
11 – التاريخ الكبير للبخاري ج 1 ص 174 طبع حيدراباد .
12 – الكنى والأسماء للحافظ الدولابي ج 1 ص 104 طبع حيدراباد .
13 – ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 172 طبع القاهرة .
14 – الخصائص للسيوطي ج 2 ص 138 .
ولعلك تسأل وما هو الغدر الذي فعلته الأمة بعلي بن أبي طالب (ع) ؟
فأقول : ألم تبايع الأمة علياً في غدير خم في حجة الوداع بأنه ولي المؤمنين بعد النبي ؟؟؟
ثم ألم يهنئ أبو بكر وعمر علياً في نفس واقعة الغدير قائلين له : (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) ؟؟!!
بل أقول : إنّ كل الأدلة والأحاديث التي ذكرناها خلال حواراتنا السابقة تشير إلى كون الخلافة من حق علي (ع) وأنه الخليفة والوصي ، كحديث الدار في أول الدعوة ، بعد نزول آية ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ثم قول النبي لهم : ( إنّ هذا – مشيراً لعلي بن أبي طالب – أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ) ، وقد ذكرنا مصادره الكثيرة هم كتبكم فلا نعيد الكلام .
ومما لم نذكره من الأحاديث ما رواه حذيفة بن اليمان عن رسول الله (ص) أنه قال :
(إن وليتموها - أي الخلافة - علياً ولا أراكم فاعلين ، وجدتموه هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق المستقيم).
راجع:
1 - (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي 3 / 302 رقم 1391 روى عدة احاديث و11/ 47 رقم 5728 طبع دار الكتب العلمية بيروت.
2 - (حلية الاولياء) لابي نعيم 1/ 64 رقم 4 .
3 - (مسند أحمد بن حنبل) 1/ 109 وفي طبعة 1/ 175 حديث 861 ، رواه عن علي عن رسول الله (ص) وفيه : وإن تؤمروا علياً ..... .
4 - (كنز العمال) للمتقي 6/ 160، وفي طبعة 11/ 630 حديث 33072 و33075 ، وفي طبعة دار الكتب العلمية بيروت سنة 1419 هجري 11 / 289 حديث 33070 و33071 و33072 و33074 وص290 حديث 33075 و13 / 103 حديث 36710 .
5 - (المستدرك) للحاكم 3/ 153 حديث 4785، وفي طبعة دار الكتب العلمية بيروت سنة 1411 هجري 3 / 153 حديث 4685 وصححه .
6 - (كفاية الطالب) للحافظ الكنجي ص 67 وفي طبعة ص 163.
7 – ( مناقب الخوارزمي ) ص 68 .
8 – ( تفسير الثعلبي ) 5 / 272 طبع دار إحياء التراث العربي بيروت سنة 1422 هـ .
9 – ( الكامل ) لابن عدي ج 5 ص 313 طبع دار الفكر بيروت.
10 – ( تاريخ دمشق ) لابن عساكر ج 42 ص 419- 420 ، روى عدة أحاديث ، وج 44 ص 235 طبع دار الفكر بيروت .
11 – ( معرفة علوم الحديث ) للحاكم النيسابوري 1 / 28 طبع دار الكتب العلمية بيروت سنة 1397 هجري .
12 – ( المختصر في علم الأثر ) 1 / 131 .
13 – ( توجيه النظر إلى أصول الأثر ) لطاهر الجزائري الدمشقي 1 / 402 طبع مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب رواه بعدة أسانيد .
14 – ( العلل المتناهية ) لابن الجوزي 1 / 253 رقم 405 طبع دار الكتب العلمية بيروت سنة 1303 هـ .
فواحسرة على هذه الأمة التي خسرت وضلت بسبب تركها وصايا النبي بحق أهل بيته الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، فمن لا يركب سفينتهم يغرق كما في حديث السفينة المشهور ( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق ) وقد مرت عليك مصادره فراجعها .
وأخيراً نعزي إمامنا المهدي (ع) والمسلمين جميعاً بمناسبة ذكرى شهادة فاطمة الزهراء (ع) والتي تصادف هذا اليوم وهو يوم الجمعة الثالث عشر من شهر جمادى الأول ...
فسلام الله عليك يا حبيبة المصطفى يا من سماكِ أبوكِ بأمِّ أبيها لشدة حنوها عليه وحبها له .
وجعلنا الله من شيعتكِ ومحبيك ومحبي ذريتك الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين .
وعجل لنا في ظهور المهدي من ولدكِ ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجورا .
هذه الحلقة تكملة للحلقتين السابقتين وفيها ذكر الهجوم على دار فاطمة (ع) وإحراقها ووو... الخ
فأقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه في أنْ يوفقني لقول الحق ونصرته وتوضيحه :
وسنحاول أنْ نتدرج في البحث عن هذا الموضوع المهم ونبتدئ بالسؤال التالي :
ما معنى قول أبي بكر قرب وفاته لما دخل عليه ابن عوف يعوده :
( ... وددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته وانْ أغلق على الحرب ) ؟؟
راجع المصادر التالية :
1 - المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 62 حديث 43 طبعة ثانية تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي.
2 – الأموال لأبي عبيد ص 174 رقم 353 طبع دار الفكر بيروت تحقيق محمد خليل هراس ، علما أنه حذف قول أبي بكر وذكر بدلاً منه ( فوددت أني لم أكن فعلت كذا وكذا لخلة ذكرها ) ثم علق عليه أبو عبيد قائلاً : لا أريد ذكرها .
- أقول : أنظر لأمانة النقل عندهم حين لا يعجبهم نقل الحقيقة لئلا يفهم المسلمون حقيقة ما جرى ، والمشتكى إلى الله من هؤلاء الكتاب الذين يحرفون الكلم عن مواضعه تبعاً لأهوائهم -
3 – ميزان الاعتدال للذهبي ج 3 ص 108 رقم 5762 .
4 – لسان الميزان لابن حجر ج 4 ص 706 رقم 5752 ، وفي طبع السعادة بمصر سنة 1325 هـ ج 2 ص 215 .
5 – تاريخ الطبري ج 2 ص 619 طبع الاستقامة سنة 1357 هـ ، وفي طبعة ج 2 ص 353 ، وفي طبعة بمصر ج 2 ص 429 من حوادث سنة 13 هـ .
6 – الاكمال في اسماء الرجال للخطيب التبريزي ص 174 ثم قال : والخبر حسن .
7 – حلية الأولياء لأبي نعيم ج 1 ص 34 .
8 – مروج الذهب للمسعودي ج 2 ص 201 .
9 – تاريخ دمشق لابن عساكر ج 30 ص 421 طبع دار الفكر بيروت .
10 – تاريخ الاسلام للذهبي ج 3 ص 117 - 118 .
11 – مجمع الزوائد للهيثمي ج 5 ص ص 366 – 367 حديث 9030 ، وفي طبعة ج 5 ص 202 .
12 – كنز العمال للمتقي ج 5 ص 631 حديث 14113 وقال : وقد حسنه الطرابلسي .
13 – العقد الفريد ج 4 ص 254 .
14 – تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 137 طبع بيروت ، ولكنه رواه هكذا : ( وليتني لم اُفَـتِّـش بيت فاطمة بنت رسول الله وأدخله الرجال ولو كان أغلق على حرب ... ) .
فما معنى وددت أني لم أكن كشفتُ بيت فاطمة ؟؟
أليس هو الهجوم عليه واستباحته ودخوله بغير إذن من أهله ؟
ولماذا كشفه ثم يندم على كشفه قرب وفاته ؟؟
فلو كان عملاً صحيحاً فلماذا ندم عليه ؟؟ !!
ولماذا قال : ( وإنْ أغلق على حرب ) ؟؟
إذن المسألة فيها إشارة إلى رفض أهل بيت النبي (ص) لفعل مهم استوجب منهم الاعتصام في بيت فاطمة (ع) احتجاجاً ، مما دعى أبو بكر أن يأمر باستباحة بيت فاطمة الزهراء (ع) .
ثم انظر إلى شدة ندم الخليفة قرب وفاته حتى أنه أراد قطع لسانه لأنه أورده المهالك :
اقرأ هذه الروايات في هذا الموضوع :
1 - حدثنا ابن إدريس ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه دخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينفضه ..
فقال له عمر : الله الله يا خليفة رسول الله !
وهو يقول :
( ها إن هذا أوردني الموارد )
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 14 ص 568 حديث 18893 .
2 – حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن مصعب الزبيري ، حدثني مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أنّ عمر دخل على أبي بكر وهو يجبذ لسانه ، فقال له عمر : مه غفر الله لك .
فقال أبو بكر : ( إن هذا أوردني الموارد ) .
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ج 14 ص 568 حديث 18894 .
3 – حدثني مالك ، عن زيد بن أسلم عن أبيه ، دخل عمر على أبي بكر وهو يجبذ لسانه فقال له عمر : مه غفر الله لك .
فقال أبو بكر : ( إن هذا أوردني الموارد ) .
أخرجه مالك في الموطأ ج 2 ص 988 حديث 12 في كتاب الكلام ، طبع دار إحياء التراث العربي بيروت سنة 1406 هـ ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي .
4 – حدثنا موسى بن محمد بن حيان ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا عبد العزيز الأندراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه فقال :
" ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟
فقال : ( إن هذا أوردني الموارد )
أخرجه أبو يعلى الموصلي في المسند ج 1 ص 36 حديث 5 .
و أخرجه أبو بكر البزار في المسند ج 1 ص 163 حديث 84 بهذا الإسناد .
والآن لنتذكر قول شاعر النيل حافظ ابراهيم وهو يمدح عمر في ديوانه المطبوع سنة 1937 هـ بدار الكتب بالقاهرة ج 1 ص 82 ، وفي طبعة مكتبة الهلال سنة 1353 هـ ص 184 ، وفي طبعة السعادة بمصر ص 38 مع شرحها ، في قصيدته (العمرية) تحت عنوان عمر وعلي قال :
و قـولـةٍ لـعـلـيٍّ قـالـهـا عـمــرٌ أكـرم بسامـعـهـا أعـظم بملـقـيها
حرّقتُ دارّك لا أبقي عليك بها إنْ لم تُبَايِعْ وبنتُ المصطفى فيها
ما كان غيرَ أبي حفصٍ بقائلها أمامَ فـارسِ عـدنـانٍ وحـامـيـهـا
إذن هناك تهديد من عمر لعلي بإحراق الدار عليهم حتى لو كانت بنت المصطفى فيها ..
وقد تقول لي : ما قيمة كلام شاعر ؟
وهل يبنى في مثل هذه الأحكام المصيرية على خيال الشعراء ؟
فأقول : نحن نريد أولاً التدرج للوصول إلى الحقيقة بذكر القرائن والشواهد ..
وثانياً قيل في الأمثال إنّ وراء كل دخان ناراً ..
وثالثاً إنه شاعر مصر الكبير وليس شخصاً عاديا ، وهو من أهل السنة وليس من الشيعة ..
ورابعاً إننا سوف نذكر مصادركم التي ذكرت قصة الهجوم على دار الزهراء ومحاولة إحراقه بل إنهم عملياً جمعوا الحطب حول دار فاطمة وقاموا بإشعال النار فيه لإحراقهم .
وإليك بعض الإشارات التي رواها علماؤكم من هنا وهناك :
1- قال ابن هشام في السيرة النبوية ج 4 ص 306 تحت عنوان ( أمر سقيفة بني ساعدة ) :
( لما قبض رسول الله (ص) انحاز هذا الحي من الانصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة ، واعتزل عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة ...).
- إذن هذه هي بداية القصة اعتزال علي ومن معه في بيت فاطمة -
ويؤيد ذلك ما أخرجه الصنعاني بسند صحيح كل رجاله ثقات ج 5 ص439 ح 9758 :
عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال عمر بن الخطاب :
( ثم إنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ).
وراجع أيضاً تاريخ الطبري ج2ص235، وفي طبعة مؤسسة الاعلمي بيروت ج 2 ص 446 ، والفصل للوصل للخطيب البغدادي ج1 ص 490 ، وذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ج 5 ص 266 طبع دار إحياء التراث العربي ، والبخاري في صحيحه ج 8 ص 27 طبع دار الفكر بيروت ، ولكنه لم يذكر عبارة (في بيت فاطمة).
- هذه إذن هي بداية القصة -
2ـ وروى ابن قتيبة الدينوري في الامامة والسياسة ص 12و 13 طبعة المكتبة التجارية الكبرى بمصر ، وفي طبعة ج 1 ص 30 ، باسناده عن عبد الرحمن الانصاري قال :
(… وأنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرّم الله وجهه، فبعث اليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار عليّ، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ أو لأحرقـنّها على من فيها !!.
فقيل له: يا أبا حفص ! إنّ فيها فاطمة !!
فقال:وإن !!…)
- تعليقنا : وقول المسلمون لعمر : إنّ فيها فاطمة ، إشارة منهم إلى الآيات النازلة في أهل البيت والتي تأمر المسلمين بمودتهم وحبهم ، أو الأحاديث الكثيرة التي قالها النبي في حق فاطمة عليها السلام ، مثل قوله (ص): ( إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها ) وقد مرت مصادره.
أو قوله (ص) : ( فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ) وقد ذكرنا مصادره فيما مضى أيضاً ..
وفي صحيح البخاري ج 4 ص 210 ، قال (ص) :
( فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني ) ومعلوم أن غضبه يؤدي لغضب الله ..
ثم إننا نتلو القرآن وهو ينادي في سورة الأحزاب آية 57 :
( إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهينا ) .
ولكن عمر ورغم تذكير المسلمين له بأنّ في الدار فاطمة قال : وإنْ ...
أي إنني سوف أحرقها عليهم حتى لو كانت فاطمة (التي يغضب الله لغضبها) فيها -
3 ـ وقال أبو الفداء في المختصر في أخبار البشر ج 1 ص 156 طبع دار المعرفة بيروت ، وفي طبعة مكتبة المتنبي بالقاهرة ص 165 :
(ثمّ إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى عليّ ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي اللّه عنها وقال: إنْ أبوا عليك فقاتلهم !!
فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار ، فلقيته فاطمة رضي اللّه عنها وقالت: إلى أين يابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا ؟؟ !!
قال: نعم ، أو تدخلوا فيما دخل فيه الأُمّة ) .
- تعليقنا : علماً أنه قد مرّ علينا في بعض الحوارات السابقة أنّ النبي (ص) لما قرأ قوله تعالى :
( في بيوت أذن الله أنْ ترفع ويذكر فيها اسمه )
قيل له : يا رسول الله أيّ البيوت هذه ؟
قال (ص) : بيوت الانبياء ..
فقال أبو بكر : وهذا منها ؟ وأشار لبيت علي وفاطمة ...
قال (ص) : ( هذا من أفاضلها ) .
وقد ذكرنا مصادره من كتبكم فراجعها ولا نكرر ..
ومعنى قوله تعالى : (أن ترفع) أي أنْ تُعظّم وتكرّم مادياً ومعنوياً ..
فهل الاحراق من أساليب التعظيم لبيوت الله ؟؟ !! أجيبونا يا مسلمين -
4 ـ وقال الطبري في تاريخه ( تاريخ الامم والملوك ) ج 2 ص 443، طبع بيروت ، وفي طبعة ج 3 ص 198:
( حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن زياد بن كليب، قال:
أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال:
والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ..
فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه) .
وقال الطبري في نفس الصفحة :
( حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال :
... فبايع الناس واستثبتوا وتخلف عليّ والزبير ، واخترط الزبير سيفه وقال : لا أغمده حتى يبايع عليّ ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فقال عمر : خذوا سيف الزبير واضربوا به الحجر ..
قال : فانطلق إليهم عمر وجاء بهما تعباً وقال : لتبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان ... ) .
- تعليقنا : هل تكون البيعة بالإكراه ، وهل تجعل مثل هذه البيعة الخلافة صحيحة ومحقة ؟؟ -
5 ـ وقال البلاذري في أنساب الاشراف ج 1 ص 586 حديث 1184 طبع دار المعارف بالقاهرة ، باسناده عن سليمان التميمي، وعن ابن عون :
( إنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة - أي شعلة نار - فتلقّته فاطمة على الباب.
فقالت فاطمة: يا بن الخطاب ! أتراك محرقاً عليّ بابي ؟؟ !!
قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك... ) .
- ونحن نسأل عمر : أي وصية جاء بها رسول الله (ص) تأمر بحرق أهل بيت النبي ؟؟
وأي شيء مما جاء به النبي (ص) يكون أقوى بالهجوم على دار حبيبته وروحه التي بين جنبيه؟-
وقال البلاذري أيضاً في ج 1 ص 587 حديث 1188 نفس الطبعة، تحت عنوان (أمر السقيفة) :
(وحدثني بكر بن الهيثم ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي رضي الله عنه حين قعد عن بيعته وقال :
ائتني به بأعنف العنف !!
- فلما أتاه جرى بينهما كلام فقال علي لعمر :
احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤثرك غداً ) .
- تعليقنا : هنا تصريح بأنّ علي قعد ولم يبايع أبا بكر ..
وأنّ أبا بكر أمر عمر باستخدام أعنف العنف لإكراهه على البيعة ، وقلنا الإكراه لا يصححها ..
وإنّ علياً (ع) كشف له عما تآمروا عليه بينهم ، فقد أخبر عمر بالحقيقة التي من أجلها يصول ويجول عمر لإطفاء نور الله ، وهي أنّ فائدة هذا الحلب سيعود نفعه لعمر بأنْ يولّي أبو بكر من بعده عمراً وهذا ما حدث فعلاً ، وهو صريح عبارة الامام علي (ع) كما رواها البلاذري (احلب حلباً لك شطره ، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤثرك غداً ) -
6 ـ روى الشهرستاني في الملل والنحل ج 1 ص 57 طبع دار المعرفة بيروت سنة 1402 هـ ، عن النظّام أنّه قال:
( قال النظام : وكان عمر يصيح: أحرقوا دارها - أي دار فاطمة - بمن فيها!!
وما كان في الدار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين ... ) .
7 – وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح في كتابه ( المصنف) في ج 8 ص572 طبع دار الفكر بيروت تحقيق وتعليق سعيد محمد اللحام، وفي طبع بيروت سنة 1409هـ ج 7 ص432 حديث 37045 ، في باب (ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته في الردة) :
( حدثنا محمد بن بشر - الحافظ الثقة - حدثنا عبيد الله بن عمر- حافظ ثقة - حدّثنا زيد بن أسلم -الحافظ الثقة الامام - ، عن أبيه أسلم :
انّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول اللّه (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول اللّه (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم .
فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة ، فقال :
يابنت رسول الله (ص) ! والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم اللّه ما ذاك بمانعي إنْ اجتمع هؤلاء النفر عندك ، أنْ أمرتهم أنْ يحرق عليهم البيت!!،
قال: فلما خرج عمر جاءوها، فقالت: تعلمون أنّ عمر قد جاءني وقد حلف باللّه لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت !!، وأيم اللّه ليمضين لما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين فروا رأيكم ولا ترجعوا إليّ ، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر ) .
- وتعليقنا : هو أنّ باقي الروايات قد أوضحت طريقة البيعة التي تمت بالإكراه لا طوعاً ، وقد هددوهم بالقتل فبايعوا مكرهين ، وهذا الأسلوب لا يصحح خلافة أبي بكر ..
كما أنّ هذه الرواية تذكر بأنّ فاطمة بنت النبي كان بيتها مقراً لتشاور الصحابة المعارضين لبيعة أبي بكر ، فأين الإجماع الذي يدّعونه لخلافة أبي بكر -
8 - وقال ابن عبد ربه الاندلسي في العقد الفريد ج 4 ص 87 تحقيق خليل شرف الدين ، وفي طبعة مكتبة الرياض الحديثة ج 5 ص 12 ، وفي طبعة بيروت سنة 1404 هـ ج 5 ص 13 و14 ، وفي طبعة مصر سنة 1353 هـ ج 3 ص 64 :
تحت عنوان (الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر):
(الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة ، فأمّا علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حيث بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليُخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم !!!!
فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا ؟
قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة ) .
- تعليقنا : لقد روى البخاري في صحيحه ج 4 ص 210 ، عن ابن عمر عن أبي بكر نفسه أنه قال : ( ارقبوا محمداً في أهل بيته ) فانظر أخي العزيز كيف طبق أبو بكر هذه الوصية تطبيقاً حقيقياً وعملياً ، فماذا تريدون أكثر من أمره بمقاتلة أهل بيت النبوة الذين طهرهم الله في القرآن بنص آياته الشريفة وأمر المسلمين بمودتهم والصلاة عليهم ووو ، فهل هناك مظهر للمودة أجلى وأوضح من قتالهم ، وما عشت أراك الدهر عجبا !!!
ثم ألم ينادي النبي مخاطباً أهل بيته وفيهم فاطمة : ( أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم )
راجعه في مسند احمد بن حنبل ج 2 ص 442 طبع مصر ، وقد رواه عن أبي هريرة .
والصواعق المحرقة لابن حجر فصل أول من الباب 11 ، وقال عنه : حديث صحيح .
فالذي يحارب فاطمة وعلي فإنه يحارب النبي (ص) كما هو صريح هذا الحديث الشريف -
9- قال ابن عبد البر في الاستيعاب ج 3 ص 975 تحقيق علي محمد البجاوي طبع دار النهضة بالقاهرة :
(حدّثنا محمد بن أحمد، حدثنا محمد بن أيّوب، حدّثنا أحمد بن عمرو البزاز، حدّثنا أحمد بن يحيى، حدّثنا محمد بن نسير، حدّثنا عبد اللّه بن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، انّ عليّاً والزبير كانا حين بُويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم،
فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر فقال:
... ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ. ثمّ خرج وجاءوها. فقالت لهم: إنّ عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلنّ، وأيم اللّه ليفينّ بها ) .
- تعليقنا : أنظر إلى تحريف الكلم عن مواضعه كفعل بني إسرائيل وكيف يكون التغيير للحقائق ، حتى لا يفهم المسلمون حقيقة ما جرى على أهل بيت النبي (ص)، فقد بدل عبارات تهديد عمربإحراق دارهم إلى ( لأفعلن ولأفعلن ) وهكذا تكون أمانة نقل الأحاديث ، فإنهم يحرفونها للحفاظ على كرامة جماعتهم ولتبقى الأمة جاهلة –
10 – وقال اليعقوبي في تاريخه ج 2 ص 123 طبع بيروت :
( ... واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له ، فقال لهم :
أغدوا على هذا محلّقين الرؤوس ، فلم يغدُ عليه إلا ثلاثة نفر .
وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله .
فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار ، وخرج عليّ ومعه السيف ، فلقيه عمر فصارعه عمر فصرعه وكسر سيفه ودخلوا الدار ... ) .
- تعليقنا : هذه الرواية تبين لنا أنّ جماعة من الصحابة قد اجتمعوا ليبايعوا علياً باعتباره الخليفة الشرعي الذي نصبه النبي في حياته ، كما أنّ علياً طلب منهم أنْ يغدوا عليه محلقين رؤوسهم ليحارب بهم الغاصبين لخلافته ولكنهم لم يأتوه –
ويمكنك مراجعة هذه القصة مع أحداثها المؤلمة في مصادر أخرى غير ما مر مثل :
1 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 134، وفي طبعة دار الجيل بيروت 2 / 21 .
2 ـ كنز العمال للمتقي الهندي ج5 ص651 حديث 14138 طبع حلب سنة 1390 هـ .
3 ـ أعلام النساء لعمر رضا كحالة ج 4 ص 114 طبع بيروت ط 5 سنة 1404 هـ .
4 - الوافي بالوفيات للصفدي ج 17 ص 311 طبع بيروت سنة 1401 هـ .
5 - نهاية الارب للنويري ج 9 ص 40 طبع القاهرة سنة 1395 هـ .
6 – روضة المناظر لابن شحنة ج 7 ص 164 المطبوع بهامش كامل ابن الاثير .
7 - السقيفة للجوهري
- وخلاصة القصة التي نستفيدها من مجموع الروايات السابقة هي :
أنّ أبا بكر أرسل إلى علي عليه السلام يطلب منه أن يبايعه ، فامتنع علي عن بيعته ، وأجابهم جوابا شديدا ، اتهمهم فيه بخيانة الرسول صلى الله عليه وآله لأنه (ص) أوصى لعلي بعده .
وبلغ أبا بكر أن عددا من الأنصار والمهاجرين اجتمعوا في بيت علي الذي كان يعرف ببيت
فاطمة عليهما السلام ، فأشار عليه عمر بأن يهاجموا البيت ويهددوهم بإحراقه عليهم ، إن
لم يخرجوا ويبايعوا !
وبالفعل هاجمت مجموعة بقيادة عمر بن الخطاب بيت الزهراء عليها السلام وحاصروه وجمعوا
الحطب على باب داره ، وهددوا عليا وفاطمة عليهما السلام والذين كانوا في البيت - المؤيدون لموقف علي -
هددوهم إما أن يخرجوا ويبايعوا أبا بكر ، أو يحرق عليهم الدار بمن فيها !فأضرموا النار بالحطب الذي جمعوه حول دارها ثم هجموا داخل الدار واعتدوا على فاطمة وأخرجوا علياً وذهبوا به بعنف وأكرهوه على بيعة أبي بكر ...
ولا تعجب من ذلك ، فلقد أخبرنا القرآن بانقلاب الأمة بعد وفاة النبي (ص) بقوله :
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين )
كما أخبر النبي (ص) علياً (ع) بانقلاب الأمة عليه بعد وفاته (ص) حينما قال لعليّ :
( إنّ الأمة ستغدر بك بعدي ) .
رواه :
1 - الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 140 و 143 حديث 107 و116 طبع دار المعرفة بيروت ، وفي طبعة ج 3 ص 150 حديث 4676 وص 153 حديث 4686 ، وقال عنه: صحيح الاسناد .
2 - ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك في نفس الصفحة والجزء وقال عنه : صحيح .
ومعلوم لدى العلماء أنّ كلّ حديث وافق الذهبي فيه الحاكم في التصحيح فهو بحكم الصحيحين .
وراجعه أيضاً في :
3 – تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 11 ص 216 طبع السعادة بمصر ، وفي طبع دار الكتب العلمية بيروت ج 11 ص 216 رقم 5928.
4 – كنز العمال للمتقي ج 6 ص 157 طبع حيدراباد ، وفي طبعة ثانية بحيدراباد ج 6 ص 73 ، وفي طبعة مؤسسة الرسالة بيروت ج 11 ص 297 حديث 31562 ، وص 617 حديث 32997.
5 – تاريخ ابن كثير ( البداية والنهاية ) ج 6 ص 218 و 219 طبع السعادة بمصر ، وفي طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت ج 6 ص 244 ، وج 7 ص 360 .
6 – تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 38 ص 73 حديث 1157، وفي طبعة دار الفكر بيروت ج 42 ص447 و 448 ، وفي ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق ج 3 ص 148 حديث 1164- 1168.
7 – الاكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص 68
8 – تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3 ص 995 طبع دائرة المعارف العثمانية .
9 – دلائل النبوة للبيهقي ج 6 ص 440 .
10 – مسند البزار ج 3 ص 92 حديث 869 .
11 – التاريخ الكبير للبخاري ج 1 ص 174 طبع حيدراباد .
12 – الكنى والأسماء للحافظ الدولابي ج 1 ص 104 طبع حيدراباد .
13 – ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 172 طبع القاهرة .
14 – الخصائص للسيوطي ج 2 ص 138 .
ولعلك تسأل وما هو الغدر الذي فعلته الأمة بعلي بن أبي طالب (ع) ؟
فأقول : ألم تبايع الأمة علياً في غدير خم في حجة الوداع بأنه ولي المؤمنين بعد النبي ؟؟؟
ثم ألم يهنئ أبو بكر وعمر علياً في نفس واقعة الغدير قائلين له : (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة ) ؟؟!!
بل أقول : إنّ كل الأدلة والأحاديث التي ذكرناها خلال حواراتنا السابقة تشير إلى كون الخلافة من حق علي (ع) وأنه الخليفة والوصي ، كحديث الدار في أول الدعوة ، بعد نزول آية ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ثم قول النبي لهم : ( إنّ هذا – مشيراً لعلي بن أبي طالب – أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ) ، وقد ذكرنا مصادره الكثيرة هم كتبكم فلا نعيد الكلام .
ومما لم نذكره من الأحاديث ما رواه حذيفة بن اليمان عن رسول الله (ص) أنه قال :
(إن وليتموها - أي الخلافة - علياً ولا أراكم فاعلين ، وجدتموه هادياً مهدياً يسلك بكم الطريق المستقيم).
راجع:
1 - (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي 3 / 302 رقم 1391 روى عدة احاديث و11/ 47 رقم 5728 طبع دار الكتب العلمية بيروت.
2 - (حلية الاولياء) لابي نعيم 1/ 64 رقم 4 .
3 - (مسند أحمد بن حنبل) 1/ 109 وفي طبعة 1/ 175 حديث 861 ، رواه عن علي عن رسول الله (ص) وفيه : وإن تؤمروا علياً ..... .
4 - (كنز العمال) للمتقي 6/ 160، وفي طبعة 11/ 630 حديث 33072 و33075 ، وفي طبعة دار الكتب العلمية بيروت سنة 1419 هجري 11 / 289 حديث 33070 و33071 و33072 و33074 وص290 حديث 33075 و13 / 103 حديث 36710 .
5 - (المستدرك) للحاكم 3/ 153 حديث 4785، وفي طبعة دار الكتب العلمية بيروت سنة 1411 هجري 3 / 153 حديث 4685 وصححه .
6 - (كفاية الطالب) للحافظ الكنجي ص 67 وفي طبعة ص 163.
7 – ( مناقب الخوارزمي ) ص 68 .
8 – ( تفسير الثعلبي ) 5 / 272 طبع دار إحياء التراث العربي بيروت سنة 1422 هـ .
9 – ( الكامل ) لابن عدي ج 5 ص 313 طبع دار الفكر بيروت.
10 – ( تاريخ دمشق ) لابن عساكر ج 42 ص 419- 420 ، روى عدة أحاديث ، وج 44 ص 235 طبع دار الفكر بيروت .
11 – ( معرفة علوم الحديث ) للحاكم النيسابوري 1 / 28 طبع دار الكتب العلمية بيروت سنة 1397 هجري .
12 – ( المختصر في علم الأثر ) 1 / 131 .
13 – ( توجيه النظر إلى أصول الأثر ) لطاهر الجزائري الدمشقي 1 / 402 طبع مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب رواه بعدة أسانيد .
14 – ( العلل المتناهية ) لابن الجوزي 1 / 253 رقم 405 طبع دار الكتب العلمية بيروت سنة 1303 هـ .
فواحسرة على هذه الأمة التي خسرت وضلت بسبب تركها وصايا النبي بحق أهل بيته الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، فمن لا يركب سفينتهم يغرق كما في حديث السفينة المشهور ( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق ) وقد مرت عليك مصادره فراجعها .
وأخيراً نعزي إمامنا المهدي (ع) والمسلمين جميعاً بمناسبة ذكرى شهادة فاطمة الزهراء (ع) والتي تصادف هذا اليوم وهو يوم الجمعة الثالث عشر من شهر جمادى الأول ...
فسلام الله عليك يا حبيبة المصطفى يا من سماكِ أبوكِ بأمِّ أبيها لشدة حنوها عليه وحبها له .
وجعلنا الله من شيعتكِ ومحبيك ومحبي ذريتك الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين .
وعجل لنا في ظهور المهدي من ولدكِ ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجورا .