fadakali
08-05-2009, 11:06 PM
استفتاء للمرجع الديني الفقيه الشيخ الاستاذ قاسم الطائي (دام ظله الوارف) – النجف الاشرف يرد فيه على فتوى الازهر (ارضاع الكبير)
سماحة المرجع الديني الفقيه الأستاذ الشيخ قاسم الطائي (دام ظله الوارف)..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أثيرت في الآونة الأخيرة فتوى لأستاذ الحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر الدكتور عزت عطية ، مفادها إرضاع المرأة زميل العمل منعاً للخلوة المحرمة معتمداً على ما عمدت إليه السيدة عائشة. المحرم نكاحها شرعاً وليكون الممنوع دخول الأجنبي عليها ، حين كانت تأمر بنات أخيها وبنات أخواتها بإرضاع من تحوج الظروف الى دخوله عليها ليكون محلاً لها من جهة الرضاعة، بذلك رخصة الرسول (صلى الله عليه وآله) في دخول سالم مولى أبي حذيفة بعد رضاعه وهو كبير من زوجة أبي حذيفة ..((أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة)) هذه القضية أثارت حالة من اللغط الشديد في الشارع المصري ، خصوصاً في أماكن العمل التي تضم موظفين وموظفات .. خلف الله، عضو مجلس الشعب المصري عن كتلة الأخوان المسلمين، حزّ في نفسه أن الموضوع أثير إعلامياً بطريقة ساخرة وكأن هناك من يحبون أن تشيع الفاحشة .. أما الشيخ السيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية ، وهي أعلى هيئة فقهية بالأزهر والنائب عن جماعة الأخوان بالبرلمان ، رفض هذا الرأي معتبراً أنه خروج على إجماع علماء الأمة، ولا يجوز القياس على حالة خاصة، ومطالباً بالتصدي لذلك لانه يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين، لكن دكتورنا المفتي قال ..((إن بعض الناس قد تضطر الى إرضاع الكبير نظرة جنسية بحتة وتسائلوا : كيف يجوز لشاب أو رجل أن يرضع من أمرأة غريبة عنه؟ وفاتهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي رخص في ذلك. وأن من ينفذ أمراً شرعياً أو رخصة شرعية يقوم بعمل ديني في إتباع الشرع ، وفي الأعمال الدينية يستشعر المؤمن عبوديته وخشوعه لله فتنمحي النواحي الشيطانية ، وحينما يقوم الكبير بذلك للحصول على حقه ))...طيب يا دكتورنا يا مفتي ..ألا يثير رضاع الكبير الشهوات؟! ألا يعتبر كشف المرأة ثديها لغير زوجها كشفاً للعورة ؟ أليس كشف الشعر لزميل أقل ضرراً من كشف الثدي؟ ثم إن من الفقهاء الجهابذة من رأى أن المصة والمصتان من الرضاع لا تحرم .. ومنهم من أختلفوا حول عددها طرف يقول عشر رضعات وآخر يقول خمسة .. ما حد الرضعة؟ جمهور من العلماء رأى أن رضاعة الكبير تحتم ألتقام الثدي وملامسة الفم والشفتان له ، وجمهور آخر رأى أن صفة رضاع الكبير يحلب له اللبن ويسقاه.. نورنا يافقيهنا ويادكتورنا.. خلصنا -رجاء- من فرط هذا التشرذم والخلاف والسجال ... قد صرنا طائفتين من الرجال والنساء ... طائفة أستهوتها فكرتك فكتبت على لافتة بالبند العريض (ينصر دينك يا شيخ عزت عطيه) وكتبت على أخرى (ألتقام الثدي ومصه ضروره شرعية وفرصة لاتعوض) وكتبت على ثالثة (مص الثدي مدخل شرعي للخلوة) ... بينما راحت الطائفة المعادية في مسيرة حاشدة ، رافعة شعار (المص يحلى النص ويبطله الخص ) وعلى لافتة تصدرت موكب المسيرة كتب (أثداء زوجاتكم وبناتكم وخالاتكم وعماتكم في خطر) وعلى أخرى كتبوا (الله لا ينصر دينك يا عزت يا عطية) .. عمت الفوضى أرجاء الشوارع وتفرق الناس شعوباً وقبائل فتناحروا .. نعم للمص .. لا للمص .. هذه هي الضجة والفوضى التي أثارتها هذه الفتوى المذكورة للدكتور في الشارع المصري خصوصاً والعربي عموماً ، وقد ذكرت لسماحتكم حالة الشعب المصري وردت فعله بشكل موجز ، وبما أن سماحتكم هو المدافع الحقيقي والمتصدي لكل شاردة وواردة تمس شريعة سيد المرسلين، داخل العراق أو خارجه لا فرق ، ما دامت المشكلة تمس صلب الدين الحنيف فنأمل من سماحتكم وكما عودتمونا بالإجابة الشافية والدامغة لهذه المهزلة وبيان رأي الشريعة المحمدية الأصيلة في هذا الموضوع الخطير وجزاكم الله خير جزاء المحسنين .
حسين الزيادي
بسمه تعالى : سننفتح على هذا الحكم بفتح سجل دليله ومناقشته وفق مبادئ القوم .
فقد أختلفوا على قولين -حيث ذهب فريق منهم الى ثبوت حكم التحريم وأن كان الراضع بالغاً عاقلاً فقد ورد عن السيدة ة أنها كانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال - رواه مالك : وحجتهم فيه(1)
أولاً: حديث سهلة ، وهو صحيح لا شك فيه - فأنها شكت للرسول (ص) بأن سالم مولى أبي حذيفة ، وهو كبيريدخل على بيتها ، فرخص (ص) لها بإرضاعه لتحريمه عليها . وهو مخالف للثوابت الشرعية المقررة وأنه لا رضاع بعد فطام . وأنه لا ينشر الحرمة بعد الحولين كما سيأتي في دليل المانعين ، ومخالفته لكشف العورة التي هي معظم جسد المرأة إلا الوجه والكفين ، ومخالفته لحرمة إبداء الزينة .. وغيرها . وأغرب ما فيه كيف يتوصل الى تحليل المحرم (وهو الخلوة هنا ) بما هو أشد حرمة منه وهل يمكن أن يطاع الله من حيث يعصى . وفي هذا كفاية عن المناقشة السندية وأن مثل هذه الرخصة هل صدرت عن النبي (ص) أو لم تصدر.وثانياً : قوله تعالى ((وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة )) النساء 23 فانه مطلق غير مقيد بوقت.وهذا غريب إذ تقييده واضح بقوله تعالى ((حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)) أو بقوله (ص) لا رضاع بعد فطام - أي لا ينشر الحرمة بعد الفطام إذ لا يشد العظم وينبت اللحم كما جاء في الروايات .كما ويمكن تقييده بما ورد عن السيدة عائشة - إنما الرضاعة من المجاعة- وهو غير صادق على الكبير الذي لا يشبعه اللبن ولا يكون غذاؤه هو لا غيره، فلا يدخل في الحديث ، ولا سيما بأستعمال صيغة الحصر - إنما - .هذا إذا قلنا بالإطلاق من حيث الوقت مع أنه ممنوع لانصرافه الى خصوص الصغير بقرينة الرضاع إذ لم يعهد في التاريخ البشري إرضاع الكبير أو ممارسة الرضاعة له. وذهب فريق الى المنع -مستدلين له- وهم من الصحابة والتابعين
أولاً: لا يحرم الرضاع ما كان بعد حولين ، وحجتهم قوله تعالى ((حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة )) البقرة 233 ..وقد قيدنا به إطلاق الآية المتقدمة على تقدير وجوده.
وثانياً : حديث -إنما الرضاعة من المجاعة - وتقدم بيانه.
وثالثاً : ما قاله الأوزاعي -ما كان بعد حولين لا يحرم وإن تمادى إرضاعه. وهو واضح.
رابعاً: أجاب الجمهور عن حديث سالم بأنه خاص في قضية سهلة كما يدل له قول أم سلمة للسيدة عائشة (( لا نرى هذا إلا خاصاً بسالم)) و لا ندري لعله رخصة لسالم أو أنه منسوخ . ونضيف - بغض النظر عن ثوابتنا الشرعية عندنا-
خامساً : أن هذه الواقعة عامة البلوى وواقعه لمعظم المتدينين، ومقتضى طريقة الشرع في مثل هذه القضايا التأكيد عليها مراراً وتكراراً وإبرازها بطرق مختلفة لبيان أهميتها وترسيخ تشريعها في النفوس، لما ستواجه من إعتراضات وإنتقادات عديدة، خصوصاً مع كونها مخالفة للإطار الإسلامي في أحكامه الشرعية، قد أكد البيان، وكثّره الى درجة لا مجال فيها للتشكيك كديدنه في تشريع صلاة الجمعة مثلاً ، والمتعة عند الإمامية ، فهو لم يكتف بمثل هذه الأحكام العامة البلوى بحديث واحد ، مع كل ممارسات الصحابة وبعض التابعين للمتعة التي حرمها عمر.
سادساً: أن حرمة الخلوة مقطوع بها عند المسلمين، وحيث تكون فعلها أخف من فعل مباشرة فم الرجل الغريب موضع إثارة الشهوة عند المرأة الأجنبية بما لا مجال لانكاره،فإذا كانت الأولى محرمة فالثانية محرمة كذلك بل أولى بالحرمة، إذ المناط فيهما واحد وهو تحريك مواطن الشهوة وحصول مقدمات الخضوع .وليس هذا من باب القياس الذي يقولون به . وإن صح عندهم كونه منه. بل هو من باب الأولوية القطعية، فأن حرمة الخلوة مع بعد إحتمال الوقوع في الرذيلة ، يجعل حرمة الرضاع مع هذا الإحتمال أولى.
سابعاً: لو صحت الرواية لبان أمرها وشاع في ممارسات الناس عموماً ، ولا أثر لها في علاقاتهم مع شديد الحاجة إليها بالنسبة للمتدينين. وإن عدم ممارسة هذا الفعل من قبل المسلمين كاشف إناً على نقضه، كما قالوا في زواج المتعة مع وضوح دليلها قرآناً وسنة وممارسة من قبل السلف الصالح في عهد الخليفة الأول وبعض من عهد الخليفة عمر.
فإن أجابوا عن المتعة بالنسخ، أجيب عن هذا الفعل بالنسخ أيضاً حيث أشترطوا في الرضاع -خمس رضعات متفرقات بحسب العادة بحيث يترك التغذي بإختياره من غير عارض ، كالتنفس أو إستراحة أو ملهاة في الرضاع فجأه ، ولا يشترط كونها مجتمعات، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة في الراجح عندهم. وأن أجابوا بأنه خاص بسالم مولى أبي حذيفه، وأنه رخصة.. فهو مخالف للمأثور عنه (ص) قوله لفاطمة، ما أحب شيء للمرأة، وأقراره جوابها أن لا ترى رجل ولا يراها رجل.
وأن كانت الرخصة من عائشة - فليس لها صلاحية التشريع والملازم للعصمة، وهم لا يقولون بها لمن ثبتت عصمته بالعقل والنقل من أئمة أهل البيت ، فكيف القول بها للسيدة عائشة؟!.
ثامناً: قد يدعى نسخ آية الحولين بالرواية على تقدير صحة صدورها ، فيكون من نسخ الآية بالرواية وهي خبر آحاد غير صالح للنسخ على تقدير القول به. إذ الآية مقطوعة الصدور، والحديث مظنونه، فالصلاحية للآية لرفع الحديث لا العكس ليقال بالنسخ.
تاسعاً: أن المرضعة أما أن تكون زوجة أو ليست بزوجة ،فعلى الأول فأن غِيرة الزوج لا تقبله وهو(الفعل) مناف للفطرة وخصلة الغيرة ونقاء العلاقة الزوجية ونظافتها تمنعه أيضاً هذا إذا كان للزوجة لبن ، وإلا فلا يتحقق الإرضاع الموجب لنشر الحرمة.وعلى الثاني : فلا حليب عندها ليتحقق به الإرضاع ، وظاهر الفتوى عند القائل بها هو الإطلاق دون التفصيل المذكور.
وعاشراً : أغرب ما في هذه الفتوى أنها ترفع الحرمة للخلوة بحرمة أشد منها، فلو قال قائلهم جدلاً -أن الإرضاع مقدمة للخلوة المحرمة، ومقدمة الحرام ليست بحرام فقد فاته أن الإرضاع بنفسه محرم لما عرفته مما تقدم وليست حرمته مترشحة من ذي المقدمة، وهي الحرمة.
هذه عشرة كاملة لمن ألقى السمع وهو شهيد. وإذا كانت الفتوى الشرعية على هذا المستوى ، ولم تردع فعلى الإسلام السلام ويصدق قول الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) حيث لم يبق من الإسلام إلا أسمه..والقرآن إلا رسمه..))
أن عدم التصدي لمثل هذه الفتوى يشكل تقصيراً واضحاً عند علماء الأمة الإسلامية بغض النظر عن مذاهبهم وفرقهم لما عرفت من مخالفته للإطار الإسلامي العام الذي أراد بالإنسان أن يرتقي في إنسانيته، ويتطهر من عيوبه ويعود الى فطرته السليمة التي فطر الناس عليها.
أننا ندعو أصحاب الذوق السليم والفطرة النظيفة أن يتأملوا جيداً في هذه الدعوى من قبل مطلقيها وهم يعترضون ويحرمون الزواج المنقطع الذي جعله الله علاجاً نافعاً لحالات الإنحراف الجنسي وإنتشار الرذيلة بين الناس. ولا حجة لهم في الثانية غير التعصب المقيت لمجرد إنتساب حليتها لبعض الطوائف مع وضوح القرآن في حليته بل وممارسته من قبل الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) وبعض أصحابه الميامين، ومن حرمه فقد نسب التحريم لنفسه لا لله ونبيه (صلى الله عليه وآله).
قاسم الطائي
النجف الاشرف
(1)أنظر حجج الطرفين – الفقه الإسلامي وأدلتهج9ص6633- وهبة الزحيلي
سماحة المرجع الديني الفقيه الأستاذ الشيخ قاسم الطائي (دام ظله الوارف)..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أثيرت في الآونة الأخيرة فتوى لأستاذ الحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر الدكتور عزت عطية ، مفادها إرضاع المرأة زميل العمل منعاً للخلوة المحرمة معتمداً على ما عمدت إليه السيدة عائشة. المحرم نكاحها شرعاً وليكون الممنوع دخول الأجنبي عليها ، حين كانت تأمر بنات أخيها وبنات أخواتها بإرضاع من تحوج الظروف الى دخوله عليها ليكون محلاً لها من جهة الرضاعة، بذلك رخصة الرسول (صلى الله عليه وآله) في دخول سالم مولى أبي حذيفة بعد رضاعه وهو كبير من زوجة أبي حذيفة ..((أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة)) هذه القضية أثارت حالة من اللغط الشديد في الشارع المصري ، خصوصاً في أماكن العمل التي تضم موظفين وموظفات .. خلف الله، عضو مجلس الشعب المصري عن كتلة الأخوان المسلمين، حزّ في نفسه أن الموضوع أثير إعلامياً بطريقة ساخرة وكأن هناك من يحبون أن تشيع الفاحشة .. أما الشيخ السيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية ، وهي أعلى هيئة فقهية بالأزهر والنائب عن جماعة الأخوان بالبرلمان ، رفض هذا الرأي معتبراً أنه خروج على إجماع علماء الأمة، ولا يجوز القياس على حالة خاصة، ومطالباً بالتصدي لذلك لانه يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين، لكن دكتورنا المفتي قال ..((إن بعض الناس قد تضطر الى إرضاع الكبير نظرة جنسية بحتة وتسائلوا : كيف يجوز لشاب أو رجل أن يرضع من أمرأة غريبة عنه؟ وفاتهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي رخص في ذلك. وأن من ينفذ أمراً شرعياً أو رخصة شرعية يقوم بعمل ديني في إتباع الشرع ، وفي الأعمال الدينية يستشعر المؤمن عبوديته وخشوعه لله فتنمحي النواحي الشيطانية ، وحينما يقوم الكبير بذلك للحصول على حقه ))...طيب يا دكتورنا يا مفتي ..ألا يثير رضاع الكبير الشهوات؟! ألا يعتبر كشف المرأة ثديها لغير زوجها كشفاً للعورة ؟ أليس كشف الشعر لزميل أقل ضرراً من كشف الثدي؟ ثم إن من الفقهاء الجهابذة من رأى أن المصة والمصتان من الرضاع لا تحرم .. ومنهم من أختلفوا حول عددها طرف يقول عشر رضعات وآخر يقول خمسة .. ما حد الرضعة؟ جمهور من العلماء رأى أن رضاعة الكبير تحتم ألتقام الثدي وملامسة الفم والشفتان له ، وجمهور آخر رأى أن صفة رضاع الكبير يحلب له اللبن ويسقاه.. نورنا يافقيهنا ويادكتورنا.. خلصنا -رجاء- من فرط هذا التشرذم والخلاف والسجال ... قد صرنا طائفتين من الرجال والنساء ... طائفة أستهوتها فكرتك فكتبت على لافتة بالبند العريض (ينصر دينك يا شيخ عزت عطيه) وكتبت على أخرى (ألتقام الثدي ومصه ضروره شرعية وفرصة لاتعوض) وكتبت على ثالثة (مص الثدي مدخل شرعي للخلوة) ... بينما راحت الطائفة المعادية في مسيرة حاشدة ، رافعة شعار (المص يحلى النص ويبطله الخص ) وعلى لافتة تصدرت موكب المسيرة كتب (أثداء زوجاتكم وبناتكم وخالاتكم وعماتكم في خطر) وعلى أخرى كتبوا (الله لا ينصر دينك يا عزت يا عطية) .. عمت الفوضى أرجاء الشوارع وتفرق الناس شعوباً وقبائل فتناحروا .. نعم للمص .. لا للمص .. هذه هي الضجة والفوضى التي أثارتها هذه الفتوى المذكورة للدكتور في الشارع المصري خصوصاً والعربي عموماً ، وقد ذكرت لسماحتكم حالة الشعب المصري وردت فعله بشكل موجز ، وبما أن سماحتكم هو المدافع الحقيقي والمتصدي لكل شاردة وواردة تمس شريعة سيد المرسلين، داخل العراق أو خارجه لا فرق ، ما دامت المشكلة تمس صلب الدين الحنيف فنأمل من سماحتكم وكما عودتمونا بالإجابة الشافية والدامغة لهذه المهزلة وبيان رأي الشريعة المحمدية الأصيلة في هذا الموضوع الخطير وجزاكم الله خير جزاء المحسنين .
حسين الزيادي
بسمه تعالى : سننفتح على هذا الحكم بفتح سجل دليله ومناقشته وفق مبادئ القوم .
فقد أختلفوا على قولين -حيث ذهب فريق منهم الى ثبوت حكم التحريم وأن كان الراضع بالغاً عاقلاً فقد ورد عن السيدة ة أنها كانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال - رواه مالك : وحجتهم فيه(1)
أولاً: حديث سهلة ، وهو صحيح لا شك فيه - فأنها شكت للرسول (ص) بأن سالم مولى أبي حذيفة ، وهو كبيريدخل على بيتها ، فرخص (ص) لها بإرضاعه لتحريمه عليها . وهو مخالف للثوابت الشرعية المقررة وأنه لا رضاع بعد فطام . وأنه لا ينشر الحرمة بعد الحولين كما سيأتي في دليل المانعين ، ومخالفته لكشف العورة التي هي معظم جسد المرأة إلا الوجه والكفين ، ومخالفته لحرمة إبداء الزينة .. وغيرها . وأغرب ما فيه كيف يتوصل الى تحليل المحرم (وهو الخلوة هنا ) بما هو أشد حرمة منه وهل يمكن أن يطاع الله من حيث يعصى . وفي هذا كفاية عن المناقشة السندية وأن مثل هذه الرخصة هل صدرت عن النبي (ص) أو لم تصدر.وثانياً : قوله تعالى ((وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة )) النساء 23 فانه مطلق غير مقيد بوقت.وهذا غريب إذ تقييده واضح بقوله تعالى ((حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)) أو بقوله (ص) لا رضاع بعد فطام - أي لا ينشر الحرمة بعد الفطام إذ لا يشد العظم وينبت اللحم كما جاء في الروايات .كما ويمكن تقييده بما ورد عن السيدة عائشة - إنما الرضاعة من المجاعة- وهو غير صادق على الكبير الذي لا يشبعه اللبن ولا يكون غذاؤه هو لا غيره، فلا يدخل في الحديث ، ولا سيما بأستعمال صيغة الحصر - إنما - .هذا إذا قلنا بالإطلاق من حيث الوقت مع أنه ممنوع لانصرافه الى خصوص الصغير بقرينة الرضاع إذ لم يعهد في التاريخ البشري إرضاع الكبير أو ممارسة الرضاعة له. وذهب فريق الى المنع -مستدلين له- وهم من الصحابة والتابعين
أولاً: لا يحرم الرضاع ما كان بعد حولين ، وحجتهم قوله تعالى ((حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة )) البقرة 233 ..وقد قيدنا به إطلاق الآية المتقدمة على تقدير وجوده.
وثانياً : حديث -إنما الرضاعة من المجاعة - وتقدم بيانه.
وثالثاً : ما قاله الأوزاعي -ما كان بعد حولين لا يحرم وإن تمادى إرضاعه. وهو واضح.
رابعاً: أجاب الجمهور عن حديث سالم بأنه خاص في قضية سهلة كما يدل له قول أم سلمة للسيدة عائشة (( لا نرى هذا إلا خاصاً بسالم)) و لا ندري لعله رخصة لسالم أو أنه منسوخ . ونضيف - بغض النظر عن ثوابتنا الشرعية عندنا-
خامساً : أن هذه الواقعة عامة البلوى وواقعه لمعظم المتدينين، ومقتضى طريقة الشرع في مثل هذه القضايا التأكيد عليها مراراً وتكراراً وإبرازها بطرق مختلفة لبيان أهميتها وترسيخ تشريعها في النفوس، لما ستواجه من إعتراضات وإنتقادات عديدة، خصوصاً مع كونها مخالفة للإطار الإسلامي في أحكامه الشرعية، قد أكد البيان، وكثّره الى درجة لا مجال فيها للتشكيك كديدنه في تشريع صلاة الجمعة مثلاً ، والمتعة عند الإمامية ، فهو لم يكتف بمثل هذه الأحكام العامة البلوى بحديث واحد ، مع كل ممارسات الصحابة وبعض التابعين للمتعة التي حرمها عمر.
سادساً: أن حرمة الخلوة مقطوع بها عند المسلمين، وحيث تكون فعلها أخف من فعل مباشرة فم الرجل الغريب موضع إثارة الشهوة عند المرأة الأجنبية بما لا مجال لانكاره،فإذا كانت الأولى محرمة فالثانية محرمة كذلك بل أولى بالحرمة، إذ المناط فيهما واحد وهو تحريك مواطن الشهوة وحصول مقدمات الخضوع .وليس هذا من باب القياس الذي يقولون به . وإن صح عندهم كونه منه. بل هو من باب الأولوية القطعية، فأن حرمة الخلوة مع بعد إحتمال الوقوع في الرذيلة ، يجعل حرمة الرضاع مع هذا الإحتمال أولى.
سابعاً: لو صحت الرواية لبان أمرها وشاع في ممارسات الناس عموماً ، ولا أثر لها في علاقاتهم مع شديد الحاجة إليها بالنسبة للمتدينين. وإن عدم ممارسة هذا الفعل من قبل المسلمين كاشف إناً على نقضه، كما قالوا في زواج المتعة مع وضوح دليلها قرآناً وسنة وممارسة من قبل السلف الصالح في عهد الخليفة الأول وبعض من عهد الخليفة عمر.
فإن أجابوا عن المتعة بالنسخ، أجيب عن هذا الفعل بالنسخ أيضاً حيث أشترطوا في الرضاع -خمس رضعات متفرقات بحسب العادة بحيث يترك التغذي بإختياره من غير عارض ، كالتنفس أو إستراحة أو ملهاة في الرضاع فجأه ، ولا يشترط كونها مجتمعات، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة في الراجح عندهم. وأن أجابوا بأنه خاص بسالم مولى أبي حذيفه، وأنه رخصة.. فهو مخالف للمأثور عنه (ص) قوله لفاطمة، ما أحب شيء للمرأة، وأقراره جوابها أن لا ترى رجل ولا يراها رجل.
وأن كانت الرخصة من عائشة - فليس لها صلاحية التشريع والملازم للعصمة، وهم لا يقولون بها لمن ثبتت عصمته بالعقل والنقل من أئمة أهل البيت ، فكيف القول بها للسيدة عائشة؟!.
ثامناً: قد يدعى نسخ آية الحولين بالرواية على تقدير صحة صدورها ، فيكون من نسخ الآية بالرواية وهي خبر آحاد غير صالح للنسخ على تقدير القول به. إذ الآية مقطوعة الصدور، والحديث مظنونه، فالصلاحية للآية لرفع الحديث لا العكس ليقال بالنسخ.
تاسعاً: أن المرضعة أما أن تكون زوجة أو ليست بزوجة ،فعلى الأول فأن غِيرة الزوج لا تقبله وهو(الفعل) مناف للفطرة وخصلة الغيرة ونقاء العلاقة الزوجية ونظافتها تمنعه أيضاً هذا إذا كان للزوجة لبن ، وإلا فلا يتحقق الإرضاع الموجب لنشر الحرمة.وعلى الثاني : فلا حليب عندها ليتحقق به الإرضاع ، وظاهر الفتوى عند القائل بها هو الإطلاق دون التفصيل المذكور.
وعاشراً : أغرب ما في هذه الفتوى أنها ترفع الحرمة للخلوة بحرمة أشد منها، فلو قال قائلهم جدلاً -أن الإرضاع مقدمة للخلوة المحرمة، ومقدمة الحرام ليست بحرام فقد فاته أن الإرضاع بنفسه محرم لما عرفته مما تقدم وليست حرمته مترشحة من ذي المقدمة، وهي الحرمة.
هذه عشرة كاملة لمن ألقى السمع وهو شهيد. وإذا كانت الفتوى الشرعية على هذا المستوى ، ولم تردع فعلى الإسلام السلام ويصدق قول الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) حيث لم يبق من الإسلام إلا أسمه..والقرآن إلا رسمه..))
أن عدم التصدي لمثل هذه الفتوى يشكل تقصيراً واضحاً عند علماء الأمة الإسلامية بغض النظر عن مذاهبهم وفرقهم لما عرفت من مخالفته للإطار الإسلامي العام الذي أراد بالإنسان أن يرتقي في إنسانيته، ويتطهر من عيوبه ويعود الى فطرته السليمة التي فطر الناس عليها.
أننا ندعو أصحاب الذوق السليم والفطرة النظيفة أن يتأملوا جيداً في هذه الدعوى من قبل مطلقيها وهم يعترضون ويحرمون الزواج المنقطع الذي جعله الله علاجاً نافعاً لحالات الإنحراف الجنسي وإنتشار الرذيلة بين الناس. ولا حجة لهم في الثانية غير التعصب المقيت لمجرد إنتساب حليتها لبعض الطوائف مع وضوح القرآن في حليته بل وممارسته من قبل الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) وبعض أصحابه الميامين، ومن حرمه فقد نسب التحريم لنفسه لا لله ونبيه (صلى الله عليه وآله).
قاسم الطائي
النجف الاشرف
(1)أنظر حجج الطرفين – الفقه الإسلامي وأدلتهج9ص6633- وهبة الزحيلي