(رقية بنت الحسين)
09-05-2009, 11:08 PM
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
http://lilyy.jeeran.com/76.GIF
http://img22.imageshack.us/img22/5883/deeiaar79ef4a9207.gif
الزهراء ميزان الحق
مقدمة :
حينما يرد في كتب المسلمين مكانة السيدة الزهراء عليها السلام والتأكيد على موقعيتها وخصوصيتها التي فاقت بها كل النساء من الأولين والآخرين لتصبح فاطمة الزهراء هي المرأة الكاملة التي تُوّجت بلقب سيدة نساء العالمين ليس لأنها البنت الوحيدة لخاتم الأنبياء والمرسلين بمعنى أنه لوكانت هناك رسالات سماوية لأمكن أن تكون سيدة أخرى تحمل هذا اللقب كما حملته مريم بنت عمران وآسيا بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وغيرهن
مكانة الزهراء :
الخصوصية التي أعطيت للزهراء لم تكن لهذا الاعتبار أو بسبب عامل القربى والعاطفة المتدفقة عند النبي صلى الله عليه وآله ليؤكد على خصوصيتها ومكانتها ، فاطمة الزهراء وهي المُعبّر عنها بالحوراء الإنسية امتلكت مقومات هذه الشخصية الفذة لتنال هذا الشرف فقول النبي وفعله حجة على الخلق لا يمكن اعتباره عاطفة في أي حال من الأحوال
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
ولعل تأكيد النبي صلى الله عليه وآله على مكانة الزهراء في مواقف متعددة وبأنماط مختلفة إضافة إلى العلاقة التي كانت تعكس بجلاء موقعية الزهراء لا من حيث البنوة والقرابة بل من حيث المكانة التي كرّمها بها الله وجعلها أفضل نساء الدنيا والآخرة فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني
كما جاء في صحيح البخاري – الحديث رقم 3483 ( وحديث آخر
إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها
جاء في المستدرك ، وفي الإصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم
وهنا لايراد منه التعريف النسبي والتأكيد على أنها بنت رسول الله بالبنوة والقرابة فهذه ليس لها علاقة بان يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ، كما أن وقوف النبي صلى الله عليه وآله بصورة ملفتة على باب فاطمة ينادي وهو المسدد من السماء يتلوى هذه الآية ليل نهار
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾
إذ لم يكن هذا الوقوف صدفة أو لفترة وجيزة كان يقف بصورة شبه يومية ليبين للأمة أن أهل هذا البيت وبما فيهم الزهراء عليها السلام هم من يريد الله أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا لا سواهم حتى لا تُحرف الآية عن مبتغاها وأصحابها كان يؤكد على البيت الذي تعنيه الآية وكذلك الأشخاص المشمولين بهذه الآية المباركة ، أن يستأذن النبي صلى الله عليه وآله قبل دخوله على الزهراء لتستفهم بقولها يا رسول الله الدار دارك والأمة ابنتك فيقول ليُسمِع العالم وكأنه يريد أن يوصل رسالة للأمة باحترام دار الزهراء ومكانتها إن الله أمرني أن أستأذن !!
وحينما تُقبِل الزهراء على النبي فيقوم لها إجلالاً وإكباراً يقبلها ويجلسها في مجلسه أي يعطيها مكانه و لم يُعلم أن النبي كان يُعطي مكانه لأحد ممن كان يدخل عليه إلا فاطمة !!
تأكيد النبي على مودة الزهراء
ولا ندري لمَِ كل هذا التأكيد والإصرار على الأمة بمكانة الزهراء وكأن النبي الله صلى الله عليه وآله كان يتوجس خيفة على صاحبة هذا المقام حتى صرّح في آخر حياته وكأنه يريد أن يقول أن لم تعرفوا مكانة الزهراء ومقامها عند الله وما حباها من الكرامة والتفضيل فلا تؤذوها وتؤذوا ولدها " "أوصيكم بأهل بيتي خيرا" وهي مصداق للآية الشريفة (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) هل كثير على رسول الله أن تتعامل الأمة مع قرابته بالمودة والرحمة وهل كثير على رسول الإنسانية أن يبروه في قرابته وهل كانت قرابة رسول الله مجهده بحيث أن أبناءه وبناته بالمئات كما هو حال سائر الزعماء والملوك ليصعب على الأمة أن تستوفي حقهم وأن تحسن برهم وترعى هذه القرابة
الزهراء عند عامة المسلمين
قد يتسائل البعض من المعنّي بهذا الكلام فالزهراء عليها السلام هي عند عموم المسلمين سيدة نساء العالمين ولها من المكانة العالية في قلب كل مسلم وهي ممن أمرنا الله ببرها ورعايتها كما صرح بذلك القرآن والنبي صلى الله عليه وآله فما الإشكال في ذلك ولماذا يراد اتهام الأمة على أنها لم ترعى حق فاطمة ولم تحسن الوفاء بوصايا النبي مع كل ما تمتلكه الزهراء من مكانة واسعة في قلوب المسلمين سنة وشيعة
وهنا نتوقف قليلاً إذا كانت الأمة تدرك مكانة السيدة الزهراء وتعلم بمجمل الوصايا والأحاديث التي أكد عليها رسول الله في مواقف مختلفة ووقفت الأمة على حقيقة هذه السيدة العظيمة وعلى المكانة التي أعطاها الله إياها فماذا جرى على الزهراء وهل يكون الاستفهام موضوعياً و يحق لنا أن نطرح هذه التساؤلات على ضمير الأمة التي تدعي محبتها للزهراء ورعايتها لوصايا النبي ، إذا كنا ندرك كل تلك الحقائق والسجايا للزهراء فأين موقعية الزهراء في قلب الأمة في حياتها و بعد وفاة النبي وبعد وفاتها سلام الله عليها ، وكيف رعت الأمة حق هذه السيدة الجليلة وماذا فعلت الأمة اليوم لتقف على حقيقة ما جرى على الزهراء مع الأخذ بعين الاعتبار كل تلك المقدمات والمقامات التي ذكرت في حق الزهراء عليها السلام ووصايا النبي المستفيظة في شأنها
اسئلة تبحث عن إجابة
ما هو سبب وفاة الزهراء في ريعان شبابها وبعد أبيها بخمس وسبعين يوماً تشتكي من علة صعبة ؟
ما هي العلة التي كانت تعاني منها فاطمة وما أسبابها ؟
ما هو السبب الذي أدى إلى إسقاطها جنينها المحسن ؟
ما قصة فدك ؟
لماذا طلبت الزهراء أن تُشّيع ليلاً وأوصت أمير المؤمنين أن لا يحضر أحد من القوم جنازتها وإعفاء قبرها وهذا لا ينكره أحد أين قبر الزهراء بنت نبي الأمة الوحيدة والتي طالما كان يوصي بها ويؤكد على مكانتها هل يعقل أن لايعرف قبرها وتدفن بالسر بهذه العلة المؤلمة !!!
ما الذي دعا فاطمة وهي المعروفة بالخفر والعفاف أن تتجلبب بجلبابها وتخرج في لمُة من نساء قومها تطأ أذيالها خروجاً اضطرارياً ( وهنا تأكيد على خفر وستر الزهراء والضرورة التي أجبرتها على الخروج ) وقد طلبت بوضع ملاءة بينها وبين القوم لتنبري بلسان أبيها في خطبة لم يعرف التاريخ مثلها مؤكدة فيها على مظلوميتها ومظلومية بعلها أمير المؤمنين وما آل إليه حال الأمة وكيف انقلبت على أعقابها
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾
أين خطبة فاطمة الزهراء من تراث المسلمين وأين ذهبت كل تلك الكلمات المؤلمة التي كانت تستقرع ضمير الأمة وتحي القلوب الميتة تبحث عن إجابة لهذا التخاذل والتآمر على وصايا النبي والتنكيل بروحهِ التي بين جنبيه كما عبر عنها النبي
الزهراء ميزان الحق
لقد اختلفت الأمة بعد وفاة النبي ومالوا عن النصوص الواضحة والصريحة في أحقية علي بن أبي طالب وانقسموا ما بين مؤيد لخلافته ورافض لها وساكت عن الحق لتتخلى عن النهج الذي رسمه النبي لقيادة الأمة فتعيش بعد عزوفها عنه حالة من الإرباك في تعيين الخليفة الذي يمثل شخص رسول الله حتى تمزقت الأمة إلى شيعاً وطوائف متناحرة لم تهدء منذ أن وسدّ النبي الثرى إلى يومنا هذا
وهنا سؤال يُطرح إذا اختلفت الأمة بعد النبي في شخص علي بن أبي طالب عليه السلام ولم تستطع الوصول للحقيقة الواضحة والجلية ، فهل اختلفت الأمة أيضاً في أن فاطمة الزهراء وبالنصوص الصريحة هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وهي الطاهرة المطهرة التي خُصت بآية التطهير وهي التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها وقولها حجة استناداً لكل تلك النصوص الصريحة وأنها لا يمكن أن تتعامل مع قضايا الأمة تعامل العاطفة كما هو حال النبي صلوات الله وسلامه عليه ولايمكن تأويل كلامها فهي شاهدة حية على الأمة تخاطبهم دون حواجز لامجال لتؤويل كلامها كما فُعل في وصايا النبي الصريحة في حق علي عليه السلام ، فلماذا لم تقبل الأمة تزكية الزهراء ومبايعتها لعلي بالولاية والخلافة وهذا ما كشفت عنه في خطبتها ولماذا ردت الأمة جملة كلامها وخطابها
مكافأة النبي على رسالته
بماذا كُرمّت الزهراء وماذا أعطت الأمة النبي أجراً لرسالته وتكريماً له بعد غيبته ورحيله عن عالم الدنيا ، نعم لقد حفظت الأمة للنبي وصيته في البر ورعاية قربته والتزمت بقول النبي صلى الله عليه وآله للأمة التي كانت مصرةً تبحث عن أجر لرسالة النبي صلى الله عليه وآله الذي أعاد الكرامة للإنسانية جمعاء فلم يرد النبي أن تتكلف الأمة في تكريمه ومجازاته فخفف عليهم باليسر
﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾
ماذا صنعت الأمة
هاهي فاطمة تموت عليلة مريضة مهضومة مقهورة مغصوب حقها من (فدك) غاضبة على الأمة قد عُفي قبرها لا يعلم هل هو في البقيع أم بجوار النبي
وهاهو بن عم النبي علي أبن أبي طالب سيد الموحدين وأول الناس إسلاماً وإيمانا الذي قال النبي في حقه والملأ أمامه ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار ) يقتل في محراب صلاته بعد أن أذاقته الأمة الألم والقهر والعصيان حتى قال سلام الله عليه والألم يملىء قلبه
لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهام أنفاسا
ثم تتوجه الأمة للتكفير عن جرمها ووخطيئتها في حق الزهراء وأمير المؤمنين إلى ريحانة رسول الله وسبطه وابن بضعته الطاهرة "الحسن المجتبى" الذي قال النبي في حقه "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ليسقى السم الزعاف بإيعاز ممن توجهتم الأمة بالزعامة والخلافة وإمرت المسلمين .. دون أن تتوقف لما قاله النبي في حقه
(( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )) !
ثم تستيقظ الأمة بعد أن بالغت في رعاية حق القربى لتستكمل حلقة البر والمودة لآل النبي بقتل ريحانته وسبطه الذي خلفه في أمته وسيد شباب أهل الجنة دون شك ( الحسين بن علي بن فاطمة بن رسول الله ) الذي قال فيه صلى الله عليه وآله "حسين مني وأنا من حسين ، حسين سبط من الأسباط أحب الله من أحب حسينا "فتستكمل مسيرة البر لرسول الله بقتل الحسين شر قتلة عرفها الإسلام وهو يناديهم لعلهم يستيقظون أو تحيا ظمائرهم الميتة ألست أنا ابن بنت نبيكم فوالله مافي المشرق والمغرب أبن بنت نبي غيري فيكم ، فتُسبي ذراريه وعياله كالأياما ليس لهن من ولاتهن ولي ولا من حماتهن حمي مربطين كالأغنام يهدون من ظالم إلى شر ظالم ، وتتواصل مسيرة الظلم والإضطهاد لكل من يتصل مع النبي بنسب وقرابة فيتتبعونهم إما بالسجن أو القتل أو الإقصاء أو التنكيل والحرمان لتحرم الأمة من فضائلهم وعطائهم وتخفى مناقبهم ويُغيّب تُراث آل محمد بالقسر ولكن مع كل هذا التعتيم والإقصاء إلا أن ما خرج ملأ الخافقين علواً وسموا وشموخا فكيف لو رفع الحصار وفتح المجال لعلوم آل محمد لتفجرت الدنيا بالفضائل والكرامة والعلم الغزير ولعاش الناس تحت راية العدل والهدى التي أمرنا رسول الله أن نتبعها مؤكداً أنها والكتاب لاينفكان حتى يرث الله الأرض ومن عليها
إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيت فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض
الخاتمة
نحن بحاجة إلى نقف على الحقيقة بتجرد ويكون لنا رأي منصف لنقّيم أنفسنا ونضع رسول الله صلى الله عليه وآله نصب أعيننا هل ما نقوم به اتجاه قرابته يرضيه وهل أن الأمة تمسكت بما أمر به النبي وحث عليه مؤكداً في أكثر من موطن وموقف في نصوص لا تقبل التأويل والتبديل ، إذا لم تحسن الأمة التعامل مع قرابة الرسول بعد وفاته وتخبطت في مسيرتها الطويلة شرقاً وغرباً فمن يعيد الأمة إلى مسارها الصحيح ويأخذ بيدها إلى طريق الرشاد والحق اليس هو العقل والإنصاف
لو تأملنا بتجرد في مظلومية الزهراء وما جرى عليها كعينة جلية لإقصاء الحق ورد قول النبي ووصاياه الواضحة وما كان أجره على الرسالة لوقفنا على الحقيقة الواضحة التي تدعو الجميع للتأمل والإستفهام ثم التوبة على الإسراف في ظلمها سلام الله عليها وما تبعه من ظلم بعلها وبنيها والأمة تتفرج
فسلام عليك يا زهراء يوم ولدت ويوم ظلمت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حيا ورحمة الله وبركاته
ولأي الأمورِ تدفنُ ليلاً بضعةُ المصطفى ويعفى ثراها
أمُ مَن بنتُ مَن حليلةُ من ويلُ مَن سنّ ظلمها وأذاها
نسألكم الدعاء
http://lilyy.jeeran.com/76.GIF
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
http://lilyy.jeeran.com/76.GIF
http://img22.imageshack.us/img22/5883/deeiaar79ef4a9207.gif
الزهراء ميزان الحق
مقدمة :
حينما يرد في كتب المسلمين مكانة السيدة الزهراء عليها السلام والتأكيد على موقعيتها وخصوصيتها التي فاقت بها كل النساء من الأولين والآخرين لتصبح فاطمة الزهراء هي المرأة الكاملة التي تُوّجت بلقب سيدة نساء العالمين ليس لأنها البنت الوحيدة لخاتم الأنبياء والمرسلين بمعنى أنه لوكانت هناك رسالات سماوية لأمكن أن تكون سيدة أخرى تحمل هذا اللقب كما حملته مريم بنت عمران وآسيا بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وغيرهن
مكانة الزهراء :
الخصوصية التي أعطيت للزهراء لم تكن لهذا الاعتبار أو بسبب عامل القربى والعاطفة المتدفقة عند النبي صلى الله عليه وآله ليؤكد على خصوصيتها ومكانتها ، فاطمة الزهراء وهي المُعبّر عنها بالحوراء الإنسية امتلكت مقومات هذه الشخصية الفذة لتنال هذا الشرف فقول النبي وفعله حجة على الخلق لا يمكن اعتباره عاطفة في أي حال من الأحوال
﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
ولعل تأكيد النبي صلى الله عليه وآله على مكانة الزهراء في مواقف متعددة وبأنماط مختلفة إضافة إلى العلاقة التي كانت تعكس بجلاء موقعية الزهراء لا من حيث البنوة والقرابة بل من حيث المكانة التي كرّمها بها الله وجعلها أفضل نساء الدنيا والآخرة فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم
فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني
كما جاء في صحيح البخاري – الحديث رقم 3483 ( وحديث آخر
إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها
جاء في المستدرك ، وفي الإصابة ، ويرويه صاحب كنز العمال عن أبي يعلى والطبراني وأبي نعيم ، ورواه غيرهم
وهنا لايراد منه التعريف النسبي والتأكيد على أنها بنت رسول الله بالبنوة والقرابة فهذه ليس لها علاقة بان يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ، كما أن وقوف النبي صلى الله عليه وآله بصورة ملفتة على باب فاطمة ينادي وهو المسدد من السماء يتلوى هذه الآية ليل نهار
﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾
إذ لم يكن هذا الوقوف صدفة أو لفترة وجيزة كان يقف بصورة شبه يومية ليبين للأمة أن أهل هذا البيت وبما فيهم الزهراء عليها السلام هم من يريد الله أن يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا لا سواهم حتى لا تُحرف الآية عن مبتغاها وأصحابها كان يؤكد على البيت الذي تعنيه الآية وكذلك الأشخاص المشمولين بهذه الآية المباركة ، أن يستأذن النبي صلى الله عليه وآله قبل دخوله على الزهراء لتستفهم بقولها يا رسول الله الدار دارك والأمة ابنتك فيقول ليُسمِع العالم وكأنه يريد أن يوصل رسالة للأمة باحترام دار الزهراء ومكانتها إن الله أمرني أن أستأذن !!
وحينما تُقبِل الزهراء على النبي فيقوم لها إجلالاً وإكباراً يقبلها ويجلسها في مجلسه أي يعطيها مكانه و لم يُعلم أن النبي كان يُعطي مكانه لأحد ممن كان يدخل عليه إلا فاطمة !!
تأكيد النبي على مودة الزهراء
ولا ندري لمَِ كل هذا التأكيد والإصرار على الأمة بمكانة الزهراء وكأن النبي الله صلى الله عليه وآله كان يتوجس خيفة على صاحبة هذا المقام حتى صرّح في آخر حياته وكأنه يريد أن يقول أن لم تعرفوا مكانة الزهراء ومقامها عند الله وما حباها من الكرامة والتفضيل فلا تؤذوها وتؤذوا ولدها " "أوصيكم بأهل بيتي خيرا" وهي مصداق للآية الشريفة (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) هل كثير على رسول الله أن تتعامل الأمة مع قرابته بالمودة والرحمة وهل كثير على رسول الإنسانية أن يبروه في قرابته وهل كانت قرابة رسول الله مجهده بحيث أن أبناءه وبناته بالمئات كما هو حال سائر الزعماء والملوك ليصعب على الأمة أن تستوفي حقهم وأن تحسن برهم وترعى هذه القرابة
الزهراء عند عامة المسلمين
قد يتسائل البعض من المعنّي بهذا الكلام فالزهراء عليها السلام هي عند عموم المسلمين سيدة نساء العالمين ولها من المكانة العالية في قلب كل مسلم وهي ممن أمرنا الله ببرها ورعايتها كما صرح بذلك القرآن والنبي صلى الله عليه وآله فما الإشكال في ذلك ولماذا يراد اتهام الأمة على أنها لم ترعى حق فاطمة ولم تحسن الوفاء بوصايا النبي مع كل ما تمتلكه الزهراء من مكانة واسعة في قلوب المسلمين سنة وشيعة
وهنا نتوقف قليلاً إذا كانت الأمة تدرك مكانة السيدة الزهراء وتعلم بمجمل الوصايا والأحاديث التي أكد عليها رسول الله في مواقف مختلفة ووقفت الأمة على حقيقة هذه السيدة العظيمة وعلى المكانة التي أعطاها الله إياها فماذا جرى على الزهراء وهل يكون الاستفهام موضوعياً و يحق لنا أن نطرح هذه التساؤلات على ضمير الأمة التي تدعي محبتها للزهراء ورعايتها لوصايا النبي ، إذا كنا ندرك كل تلك الحقائق والسجايا للزهراء فأين موقعية الزهراء في قلب الأمة في حياتها و بعد وفاة النبي وبعد وفاتها سلام الله عليها ، وكيف رعت الأمة حق هذه السيدة الجليلة وماذا فعلت الأمة اليوم لتقف على حقيقة ما جرى على الزهراء مع الأخذ بعين الاعتبار كل تلك المقدمات والمقامات التي ذكرت في حق الزهراء عليها السلام ووصايا النبي المستفيظة في شأنها
اسئلة تبحث عن إجابة
ما هو سبب وفاة الزهراء في ريعان شبابها وبعد أبيها بخمس وسبعين يوماً تشتكي من علة صعبة ؟
ما هي العلة التي كانت تعاني منها فاطمة وما أسبابها ؟
ما هو السبب الذي أدى إلى إسقاطها جنينها المحسن ؟
ما قصة فدك ؟
لماذا طلبت الزهراء أن تُشّيع ليلاً وأوصت أمير المؤمنين أن لا يحضر أحد من القوم جنازتها وإعفاء قبرها وهذا لا ينكره أحد أين قبر الزهراء بنت نبي الأمة الوحيدة والتي طالما كان يوصي بها ويؤكد على مكانتها هل يعقل أن لايعرف قبرها وتدفن بالسر بهذه العلة المؤلمة !!!
ما الذي دعا فاطمة وهي المعروفة بالخفر والعفاف أن تتجلبب بجلبابها وتخرج في لمُة من نساء قومها تطأ أذيالها خروجاً اضطرارياً ( وهنا تأكيد على خفر وستر الزهراء والضرورة التي أجبرتها على الخروج ) وقد طلبت بوضع ملاءة بينها وبين القوم لتنبري بلسان أبيها في خطبة لم يعرف التاريخ مثلها مؤكدة فيها على مظلوميتها ومظلومية بعلها أمير المؤمنين وما آل إليه حال الأمة وكيف انقلبت على أعقابها
﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾
أين خطبة فاطمة الزهراء من تراث المسلمين وأين ذهبت كل تلك الكلمات المؤلمة التي كانت تستقرع ضمير الأمة وتحي القلوب الميتة تبحث عن إجابة لهذا التخاذل والتآمر على وصايا النبي والتنكيل بروحهِ التي بين جنبيه كما عبر عنها النبي
الزهراء ميزان الحق
لقد اختلفت الأمة بعد وفاة النبي ومالوا عن النصوص الواضحة والصريحة في أحقية علي بن أبي طالب وانقسموا ما بين مؤيد لخلافته ورافض لها وساكت عن الحق لتتخلى عن النهج الذي رسمه النبي لقيادة الأمة فتعيش بعد عزوفها عنه حالة من الإرباك في تعيين الخليفة الذي يمثل شخص رسول الله حتى تمزقت الأمة إلى شيعاً وطوائف متناحرة لم تهدء منذ أن وسدّ النبي الثرى إلى يومنا هذا
وهنا سؤال يُطرح إذا اختلفت الأمة بعد النبي في شخص علي بن أبي طالب عليه السلام ولم تستطع الوصول للحقيقة الواضحة والجلية ، فهل اختلفت الأمة أيضاً في أن فاطمة الزهراء وبالنصوص الصريحة هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وهي الطاهرة المطهرة التي خُصت بآية التطهير وهي التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها وقولها حجة استناداً لكل تلك النصوص الصريحة وأنها لا يمكن أن تتعامل مع قضايا الأمة تعامل العاطفة كما هو حال النبي صلوات الله وسلامه عليه ولايمكن تأويل كلامها فهي شاهدة حية على الأمة تخاطبهم دون حواجز لامجال لتؤويل كلامها كما فُعل في وصايا النبي الصريحة في حق علي عليه السلام ، فلماذا لم تقبل الأمة تزكية الزهراء ومبايعتها لعلي بالولاية والخلافة وهذا ما كشفت عنه في خطبتها ولماذا ردت الأمة جملة كلامها وخطابها
مكافأة النبي على رسالته
بماذا كُرمّت الزهراء وماذا أعطت الأمة النبي أجراً لرسالته وتكريماً له بعد غيبته ورحيله عن عالم الدنيا ، نعم لقد حفظت الأمة للنبي وصيته في البر ورعاية قربته والتزمت بقول النبي صلى الله عليه وآله للأمة التي كانت مصرةً تبحث عن أجر لرسالة النبي صلى الله عليه وآله الذي أعاد الكرامة للإنسانية جمعاء فلم يرد النبي أن تتكلف الأمة في تكريمه ومجازاته فخفف عليهم باليسر
﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾
ماذا صنعت الأمة
هاهي فاطمة تموت عليلة مريضة مهضومة مقهورة مغصوب حقها من (فدك) غاضبة على الأمة قد عُفي قبرها لا يعلم هل هو في البقيع أم بجوار النبي
وهاهو بن عم النبي علي أبن أبي طالب سيد الموحدين وأول الناس إسلاماً وإيمانا الذي قال النبي في حقه والملأ أمامه ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار ) يقتل في محراب صلاته بعد أن أذاقته الأمة الألم والقهر والعصيان حتى قال سلام الله عليه والألم يملىء قلبه
لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني نغب التهام أنفاسا
ثم تتوجه الأمة للتكفير عن جرمها ووخطيئتها في حق الزهراء وأمير المؤمنين إلى ريحانة رسول الله وسبطه وابن بضعته الطاهرة "الحسن المجتبى" الذي قال النبي في حقه "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " ليسقى السم الزعاف بإيعاز ممن توجهتم الأمة بالزعامة والخلافة وإمرت المسلمين .. دون أن تتوقف لما قاله النبي في حقه
(( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )) !
ثم تستيقظ الأمة بعد أن بالغت في رعاية حق القربى لتستكمل حلقة البر والمودة لآل النبي بقتل ريحانته وسبطه الذي خلفه في أمته وسيد شباب أهل الجنة دون شك ( الحسين بن علي بن فاطمة بن رسول الله ) الذي قال فيه صلى الله عليه وآله "حسين مني وأنا من حسين ، حسين سبط من الأسباط أحب الله من أحب حسينا "فتستكمل مسيرة البر لرسول الله بقتل الحسين شر قتلة عرفها الإسلام وهو يناديهم لعلهم يستيقظون أو تحيا ظمائرهم الميتة ألست أنا ابن بنت نبيكم فوالله مافي المشرق والمغرب أبن بنت نبي غيري فيكم ، فتُسبي ذراريه وعياله كالأياما ليس لهن من ولاتهن ولي ولا من حماتهن حمي مربطين كالأغنام يهدون من ظالم إلى شر ظالم ، وتتواصل مسيرة الظلم والإضطهاد لكل من يتصل مع النبي بنسب وقرابة فيتتبعونهم إما بالسجن أو القتل أو الإقصاء أو التنكيل والحرمان لتحرم الأمة من فضائلهم وعطائهم وتخفى مناقبهم ويُغيّب تُراث آل محمد بالقسر ولكن مع كل هذا التعتيم والإقصاء إلا أن ما خرج ملأ الخافقين علواً وسموا وشموخا فكيف لو رفع الحصار وفتح المجال لعلوم آل محمد لتفجرت الدنيا بالفضائل والكرامة والعلم الغزير ولعاش الناس تحت راية العدل والهدى التي أمرنا رسول الله أن نتبعها مؤكداً أنها والكتاب لاينفكان حتى يرث الله الأرض ومن عليها
إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيت فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض
الخاتمة
نحن بحاجة إلى نقف على الحقيقة بتجرد ويكون لنا رأي منصف لنقّيم أنفسنا ونضع رسول الله صلى الله عليه وآله نصب أعيننا هل ما نقوم به اتجاه قرابته يرضيه وهل أن الأمة تمسكت بما أمر به النبي وحث عليه مؤكداً في أكثر من موطن وموقف في نصوص لا تقبل التأويل والتبديل ، إذا لم تحسن الأمة التعامل مع قرابة الرسول بعد وفاته وتخبطت في مسيرتها الطويلة شرقاً وغرباً فمن يعيد الأمة إلى مسارها الصحيح ويأخذ بيدها إلى طريق الرشاد والحق اليس هو العقل والإنصاف
لو تأملنا بتجرد في مظلومية الزهراء وما جرى عليها كعينة جلية لإقصاء الحق ورد قول النبي ووصاياه الواضحة وما كان أجره على الرسالة لوقفنا على الحقيقة الواضحة التي تدعو الجميع للتأمل والإستفهام ثم التوبة على الإسراف في ظلمها سلام الله عليها وما تبعه من ظلم بعلها وبنيها والأمة تتفرج
فسلام عليك يا زهراء يوم ولدت ويوم ظلمت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حيا ورحمة الله وبركاته
ولأي الأمورِ تدفنُ ليلاً بضعةُ المصطفى ويعفى ثراها
أمُ مَن بنتُ مَن حليلةُ من ويلُ مَن سنّ ظلمها وأذاها
نسألكم الدعاء
http://lilyy.jeeran.com/76.GIF