مرتضى العاملي
20-05-2009, 09:55 PM
معالم ... الكلمة
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
(الكلمةُ الطيبةُ صدقة)
معالم الكلمه كبرت أم صغرت لا تعدوا كونها مجموعه متراصه من الحروف , بأجتماعها لبعضها تشكل عالماً بسيطاً في مظهره كبيراً وساحراً في تكوينه.
الكلمه هي وعاء المعاني وخزين المشاعر، اذن الكلمه شئ صغير في حجمه كبير في معناه بل خطير في تأثيره.
الكلمه في حلتها الخارجيه لا تعدوا أكثر من خطوط صماء ولكن تحمل في طياتها قوه كبيرة التأثير على النفس الأنسانيه خاصه في دائرة الأحاسيس والمشاعر والسبب هو بما تحمله هذه الكلمه من طاقه ايحائيه عجيبه على نفس الأنسان، فهي ترضيه وتبكيه، وتسره وتبغضه،تحبطه وتشجعه،تقيمه وتقعده،تفرحه وتتعسه وطالما أبكت العين وأحزنت القلب وأبعثت الأمل في الأنسان وطالما غيرت قناعات وأشعلت حروب وفرضت سلم.
أذن نحن أمام شئ عجيب لا يمكن الأستهانه به ولا التقليل من شأنه لأنها هي الوحيده من لها القدره على التسلل الى بواطن العقل والروح والنفس، وهي القادره على تحريك هذه العوالم وتمازجها والتأثير عليها وبالتالي ترسم لنا سلوك وتفكير الأنسان.
أعود وأرجع الى الكلمه في وصفها وما تتركه لنا من الأيحاء على روح وعقل ونفس الأنسان لأن سطوة الكلمه تمنعني من ان أغادر ساحتها في التعريف بها وتأثيرها لأن هي تكاد أن تكون كل شئ،فهي السبب في أندلاع حروب في الأنظمه الدكتاتوريه، كما هو في حالة صدام حسين حيث كان الرئيس الأمريكي بوش الأب يستفز صدام حسين بكلمات مختاره توقض في نفس صدام حسين كل نوازع العجرفه والكبرياء، حيث لعبت هذه الكلمات دوراً كبيراً في قلب مزاج هذا الرجل واللعب في اعصابه مما أدى الى استفزازه وبالتالي على قراره في أشعال الحرب وهذا ما كان يريده الأمريكان بالتحديد.
وحدث مثل هذا ويحدث في الحروب والنزاعات العشائريه وخاصه قديماً ،خاصه عندما يرمي أحد الجالسين من الحاضرين في مضيف ما كلمه نابيه أو كلمه فيها شئ من الشماته أو المس بكرامة شخص ما او عشيره معينه مما تثير ثائرة هذه العشيره وقد يذهب ضحية هذه الكلمه الغير مسؤوله العشرات بل المئات من الأشخاص .
وهكذا يحدث شبيه للحالتين السابقتين ولو بشكل أقل حده في دواويننا ومراكزنا الأسلاميه وكل تجمعاتنا حيث أن المتتبع يكتشف أن أكثر النزاعات والخلافات هو عدم أجادت البعض في أستعمال الكلمه وبالتالي الفشل في مخاطبة الأخرين مما يخلق حاله من عدم الأرتياح في نفوس الجالسين مما يعكر المزاج العام في اوساط تجمعاتنا,و لو حاولنا تقريب الصوره أكثر لكي نسلط الضوء بشكل أشد وأوضح في محاوله لتشخيص بعض مشاكل الحاضر أن لم نقل أشدها حضوراً هو أستخدام الكلمات المباشره والفضه والتي لا تخلوا من التجريح لبعضنا كما خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم(صلى الله عليه واله وسلم) في القران الكريم
(ولو كنت فضاً غليظ القلب لاأنفضوا من حولك)
وهي أن دلت فأنما تدل على عدم الأهتمام بمشاعر الغير المخاطب ,
لغه فيها الكثير من الأستفزاز للمشاعر ،فيها الكثير من الكلمات المحركه لنوازع الشر ، كلمات من مثل
(لك، ومن انت ، وشنو أنت، وأنت احجي ,وياك،
أنت من،وصار.......)
أضافه الطلبات التي لا تشعر فيها الا أنها أوامر خاليه من كلمات الأسترخاص وروح أحترام أرادات الأخر.
فالأخر لا يشعر بأنه مختار بل مأمور أمراً.
أضافه الى خلو أحاديثنا وكلماتنا من روح المجامله والتلطف الى بعضنا،ونعاني كثيراًمن شحة كلمات الشكر والأمتنان لبعضنا والذي يزيد الطين بله هو طبيعة اللهجه العراقيه التي لا تخلو من الجفاف والقسوه وهذا ما سمعته من الكثير من غير العراقيين، فتأتي كلماتنا جافه كجفاف نفوسنا وقاسيه كقساوة أرواحنا ودائماً الكلمات التي تجري على اللسان هي ترشحات النفس وصوره عاكسه لما يختلج في الروح من خلجات.
من الأسباب الأخرى التي تساهم في خلق مشاعر غاضبه في أوساطنا هو أستعمال كلمات جافه وقاسيه في ضرب الأمثال أو في مناداة الأخر وحتى في وصف الأخر.
هذه الكلمات طبعاً لم تأتي من فراغ بل تساهم البيئه الجافه والقاسيه فيها، لأن الوسط الأجتماعي والبيئه من العوامل المهمه والأساسيه في تشكيل وعي الأنسان ونمو مشاعره، فترى مثلاً ضرب الأمثال او نعت الأخر بكلمات او امثله منتزعه من بيئة الأنسان مثل (يوجه البعير،جريذي النخل) او الكثير من الأوصاف الخشنه التي لا أريد أن أ ذكرها لأنها مزعجه للمشاعر وجارحه للأحاسيس وخارجه عن الذوق العام ولكنها تتداول في المجتمع وبشكل كبير جداً للأسف لشديد.
والملاحظ ان هناك من ينادي الأخرين وكأنه ينادي على قطيع من الأغنام او البقر بصوت لا يشعر المنادى عليه الا بالأستهجان والتحقير. كل هذه تؤثر بشكل شعوري أو لا شعوري على الحياة النفسيه في شخصية الفرد مما يؤدي تراكمها في اللاوعي الى حاله من الغضب والهيجان مما يخلق حاله من النفرزه بين المتخاطبين
ولكن من الملاحظ أن هذا الأسلوب الجاف في التعامل والتخاطب يختفي تدريجياً مع أزدياد حالة الثقافه والوعي وفي الدنو من مراكز الحضاره والمدنيه، لذلك من الملاحظ أن لهجة أبن الباديه أكثر قساوه من لهجة أبن القريه ولهجة أبن المدينه أقل خشونه من لهجة أبن القريه حتى لتجد أبن العاصمه لهجته اكثر طراوتاً ولطافه مقارنه مع غيره من أبناء المناطق الأخرى وهكذا لو نستمر بالعمليه في الأنتقال الى عواصم أخرى اكثر قرباً من المراكز الحضاريه في وقتنا هذا مثلاً من بغداد الى دمشق لنرى أن اللهجه الدمشقيه أكثر حلاوتاً وعذوبه ورقه من اللهجه البغداديه وعند أستمرارنا باالأنتقال لترى اللهجه البيروتيه لهجه فيها من عذوبة الكلام ما يطربك لحلاوته ورقة ألفاظه حتى لتشعر ان وقعه على النفس خفيفاً لطيفاً.
انا ومن خلال متابعتي للكثير من اللهجات وكلمات التخاطب في أكثر من منطقه ومدينه وبلد ، رايت ومن خلال معايشتنا للمجتمع الغربية أن هذا الشعب يستعمل الكثير من كلمات الشكر والأمتنان للأخر الذي يؤدي عملأ مهما كان هذا العمل صغيراً.
لذى ترى مظاهر الأحترام المتبادل واضح للعيان وعلاقاتهم لا يشوبها الأختلاف والتنازع الشخصي حتى أن حالة السلام والوئام هي السائده في الشارع والمجتمع عموماً ، لذى ترى مظاهر هذا السلوك ونتائجه على تعبيرات وجوههم حتى أن الأبتسامه تعلو على وجوههم ولاتترشح من نفوسهم الأ ايحاءات السلام وعلى الأقل لا وجود للروح العدائيه عند الكثير منهم.
ولو أنتقلنا الى ساحتنا العراقيه بما يسودها اليوم من علاقات يتغلب عليها روح التنافر والتباعد وعلى الأقل عدم الأرتياح وأنا أعزي في الكثير من أسبابها الى الكلمه وتأثيرها على مشاعرنا ومن ثم على تفكيرنا ومن ثم على سلوكنا.
أن هذا الوصف والتشخيص لظاهره في مجتمعنا الذي عانينا ونعاني اليوم منه الكثير ، يكون من الضروري وخاصه لمن يهمه الأمر الى وضع حد له أو على الأقل الأنتباه له ولما يشكله من تطور خطير في حياة مجتمعنا وهذا التطور لا يترشح منه الأ الأنهيار والتمزق الأجتماعي ولايتوقف الأمر عند هذا بل تستمر تداعياته الى تمزيق امه ومجتمع بكامله.
ولكن ولكي نصلح ما يمكن أصلاحه ، علينا أن نبحث بوسائل وأليات الأصلاح.
ونحن كمجتمع وأمه أسلاميه نمتلك عمقاً أدبياً وأخلاقياً كفيل بأزالة هذا العارض الطارئ على حياتنا.
الأسلام جاء لأصلاح الفرد والمجتمع والذي يصلح الأثنين هي المبادئ الأخلاقيه والقيميه، والأسلام كفيل بهذا بل ويزخر بها
(أنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق)
ولكن المهم هو أستعمال هذه المبادئ في حياتنا لا أن نرفع شعاراتها فقط والذي يزيد الطين بله عندما يتكلم بها ممن يقولون ما يفعلون (بياعي الكلام) وهم كثر والحمد لله .
من حسن حظنا اننا نمتلك لغه مليئه بالمفردات والتي لو استعملناها لملئت الدنيا لطفاً ووداعتاً ومحبه. مثلاً عندما نستعمل كلمة (عفواً) (وأن تعفوا هو أقرب للتقوى) هل تعلم أن لها وقعاً سحرياً على القائل والمتلقي لما تتركه من أيحاء عجيب على النفس مما يترك شعوراً بالرضا بين الطرفين.
نحن أحوج ما نكون الى ثقافة الصفح والعفو وهذا ما نادى به ديننا وعلى لسان أئمتنا وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام) عندما قال
( أذا دعدك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك)
وكذلك قولته المشهوره
(أذا قدرت على عدوك فجعل العفو عنه شكراً للقدره عليه)
ولكن للأسف نحن أشد ما يكون البخل بكلمة العفو بل نعتبره تنازلاً كبيراً بل عيباً فضيعاً ، وهذا دليل على شح النفوس ودليل بخلها في أعطاء الكلمه الطيبه والتي هي كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (الكلمه الطيبه صدقه)
وهنا تكمن العقده في تراكم الكثير من مشاكلنا الأجتماعيه وحتى الصحيه ، لأن الأستعداد للتسامح هو أستعداد لشفاء الكثير من الأمراض في نفس وجسد الأنسان لأن العلاقه بينهما متبادله ، ولكن للأسف كذلك هناك الكثير ممن يعفو بلسانه وقلبه يشتعل حقداً ويغلي بالبغضاء .
هؤلاء بعيدين عن فلسفة العفو والتسامح وهؤلاء منافقين لا أنهم يتسترون على الحقيقه المره التي تنطوي عليها نفوسهم وهي الغضب وحب الأنتقام من الأخرين ، ولكن المشكله تصبح أمر وأدهى عندما يتظاهر البعض ممن يضع نفسه في موقع المربي والموجه للناس فتراهم يتظاهرون مع الناس بالعفو اللساني وقلوبهم تشتعل حقداً وكراهيتاً للأخر الذي قد لم يعتدي عليهم يوماً بل لأنه أختلف معهم في رأي أو وجهة نظر معينه.
أنا أرى أن من يتظاهر بتكشيره صفراء تخفي وراءها سماً زعافاً هم من حذر منهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما قال ( أحذروا الوجوه الصفراء بلا علل).
أذن نحن ومن كل ما تقدم في أمس الحاجه الى توعيه فيما يخص ثقافة العفو والتسامح حيث يكون العفو مصدره القلب لا فقط الألسن مما يبقي المشكله قائمه.
نشكر الاخت ايمان حسيني التي اتاحت لي ان اكتب هذه المقالة بحق الكلمة
ولكم خالص الدعاء
قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
(الكلمةُ الطيبةُ صدقة)
معالم الكلمه كبرت أم صغرت لا تعدوا كونها مجموعه متراصه من الحروف , بأجتماعها لبعضها تشكل عالماً بسيطاً في مظهره كبيراً وساحراً في تكوينه.
الكلمه هي وعاء المعاني وخزين المشاعر، اذن الكلمه شئ صغير في حجمه كبير في معناه بل خطير في تأثيره.
الكلمه في حلتها الخارجيه لا تعدوا أكثر من خطوط صماء ولكن تحمل في طياتها قوه كبيرة التأثير على النفس الأنسانيه خاصه في دائرة الأحاسيس والمشاعر والسبب هو بما تحمله هذه الكلمه من طاقه ايحائيه عجيبه على نفس الأنسان، فهي ترضيه وتبكيه، وتسره وتبغضه،تحبطه وتشجعه،تقيمه وتقعده،تفرحه وتتعسه وطالما أبكت العين وأحزنت القلب وأبعثت الأمل في الأنسان وطالما غيرت قناعات وأشعلت حروب وفرضت سلم.
أذن نحن أمام شئ عجيب لا يمكن الأستهانه به ولا التقليل من شأنه لأنها هي الوحيده من لها القدره على التسلل الى بواطن العقل والروح والنفس، وهي القادره على تحريك هذه العوالم وتمازجها والتأثير عليها وبالتالي ترسم لنا سلوك وتفكير الأنسان.
أعود وأرجع الى الكلمه في وصفها وما تتركه لنا من الأيحاء على روح وعقل ونفس الأنسان لأن سطوة الكلمه تمنعني من ان أغادر ساحتها في التعريف بها وتأثيرها لأن هي تكاد أن تكون كل شئ،فهي السبب في أندلاع حروب في الأنظمه الدكتاتوريه، كما هو في حالة صدام حسين حيث كان الرئيس الأمريكي بوش الأب يستفز صدام حسين بكلمات مختاره توقض في نفس صدام حسين كل نوازع العجرفه والكبرياء، حيث لعبت هذه الكلمات دوراً كبيراً في قلب مزاج هذا الرجل واللعب في اعصابه مما أدى الى استفزازه وبالتالي على قراره في أشعال الحرب وهذا ما كان يريده الأمريكان بالتحديد.
وحدث مثل هذا ويحدث في الحروب والنزاعات العشائريه وخاصه قديماً ،خاصه عندما يرمي أحد الجالسين من الحاضرين في مضيف ما كلمه نابيه أو كلمه فيها شئ من الشماته أو المس بكرامة شخص ما او عشيره معينه مما تثير ثائرة هذه العشيره وقد يذهب ضحية هذه الكلمه الغير مسؤوله العشرات بل المئات من الأشخاص .
وهكذا يحدث شبيه للحالتين السابقتين ولو بشكل أقل حده في دواويننا ومراكزنا الأسلاميه وكل تجمعاتنا حيث أن المتتبع يكتشف أن أكثر النزاعات والخلافات هو عدم أجادت البعض في أستعمال الكلمه وبالتالي الفشل في مخاطبة الأخرين مما يخلق حاله من عدم الأرتياح في نفوس الجالسين مما يعكر المزاج العام في اوساط تجمعاتنا,و لو حاولنا تقريب الصوره أكثر لكي نسلط الضوء بشكل أشد وأوضح في محاوله لتشخيص بعض مشاكل الحاضر أن لم نقل أشدها حضوراً هو أستخدام الكلمات المباشره والفضه والتي لا تخلوا من التجريح لبعضنا كما خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم(صلى الله عليه واله وسلم) في القران الكريم
(ولو كنت فضاً غليظ القلب لاأنفضوا من حولك)
وهي أن دلت فأنما تدل على عدم الأهتمام بمشاعر الغير المخاطب ,
لغه فيها الكثير من الأستفزاز للمشاعر ،فيها الكثير من الكلمات المحركه لنوازع الشر ، كلمات من مثل
(لك، ومن انت ، وشنو أنت، وأنت احجي ,وياك،
أنت من،وصار.......)
أضافه الطلبات التي لا تشعر فيها الا أنها أوامر خاليه من كلمات الأسترخاص وروح أحترام أرادات الأخر.
فالأخر لا يشعر بأنه مختار بل مأمور أمراً.
أضافه الى خلو أحاديثنا وكلماتنا من روح المجامله والتلطف الى بعضنا،ونعاني كثيراًمن شحة كلمات الشكر والأمتنان لبعضنا والذي يزيد الطين بله هو طبيعة اللهجه العراقيه التي لا تخلو من الجفاف والقسوه وهذا ما سمعته من الكثير من غير العراقيين، فتأتي كلماتنا جافه كجفاف نفوسنا وقاسيه كقساوة أرواحنا ودائماً الكلمات التي تجري على اللسان هي ترشحات النفس وصوره عاكسه لما يختلج في الروح من خلجات.
من الأسباب الأخرى التي تساهم في خلق مشاعر غاضبه في أوساطنا هو أستعمال كلمات جافه وقاسيه في ضرب الأمثال أو في مناداة الأخر وحتى في وصف الأخر.
هذه الكلمات طبعاً لم تأتي من فراغ بل تساهم البيئه الجافه والقاسيه فيها، لأن الوسط الأجتماعي والبيئه من العوامل المهمه والأساسيه في تشكيل وعي الأنسان ونمو مشاعره، فترى مثلاً ضرب الأمثال او نعت الأخر بكلمات او امثله منتزعه من بيئة الأنسان مثل (يوجه البعير،جريذي النخل) او الكثير من الأوصاف الخشنه التي لا أريد أن أ ذكرها لأنها مزعجه للمشاعر وجارحه للأحاسيس وخارجه عن الذوق العام ولكنها تتداول في المجتمع وبشكل كبير جداً للأسف لشديد.
والملاحظ ان هناك من ينادي الأخرين وكأنه ينادي على قطيع من الأغنام او البقر بصوت لا يشعر المنادى عليه الا بالأستهجان والتحقير. كل هذه تؤثر بشكل شعوري أو لا شعوري على الحياة النفسيه في شخصية الفرد مما يؤدي تراكمها في اللاوعي الى حاله من الغضب والهيجان مما يخلق حاله من النفرزه بين المتخاطبين
ولكن من الملاحظ أن هذا الأسلوب الجاف في التعامل والتخاطب يختفي تدريجياً مع أزدياد حالة الثقافه والوعي وفي الدنو من مراكز الحضاره والمدنيه، لذلك من الملاحظ أن لهجة أبن الباديه أكثر قساوه من لهجة أبن القريه ولهجة أبن المدينه أقل خشونه من لهجة أبن القريه حتى لتجد أبن العاصمه لهجته اكثر طراوتاً ولطافه مقارنه مع غيره من أبناء المناطق الأخرى وهكذا لو نستمر بالعمليه في الأنتقال الى عواصم أخرى اكثر قرباً من المراكز الحضاريه في وقتنا هذا مثلاً من بغداد الى دمشق لنرى أن اللهجه الدمشقيه أكثر حلاوتاً وعذوبه ورقه من اللهجه البغداديه وعند أستمرارنا باالأنتقال لترى اللهجه البيروتيه لهجه فيها من عذوبة الكلام ما يطربك لحلاوته ورقة ألفاظه حتى لتشعر ان وقعه على النفس خفيفاً لطيفاً.
انا ومن خلال متابعتي للكثير من اللهجات وكلمات التخاطب في أكثر من منطقه ومدينه وبلد ، رايت ومن خلال معايشتنا للمجتمع الغربية أن هذا الشعب يستعمل الكثير من كلمات الشكر والأمتنان للأخر الذي يؤدي عملأ مهما كان هذا العمل صغيراً.
لذى ترى مظاهر الأحترام المتبادل واضح للعيان وعلاقاتهم لا يشوبها الأختلاف والتنازع الشخصي حتى أن حالة السلام والوئام هي السائده في الشارع والمجتمع عموماً ، لذى ترى مظاهر هذا السلوك ونتائجه على تعبيرات وجوههم حتى أن الأبتسامه تعلو على وجوههم ولاتترشح من نفوسهم الأ ايحاءات السلام وعلى الأقل لا وجود للروح العدائيه عند الكثير منهم.
ولو أنتقلنا الى ساحتنا العراقيه بما يسودها اليوم من علاقات يتغلب عليها روح التنافر والتباعد وعلى الأقل عدم الأرتياح وأنا أعزي في الكثير من أسبابها الى الكلمه وتأثيرها على مشاعرنا ومن ثم على تفكيرنا ومن ثم على سلوكنا.
أن هذا الوصف والتشخيص لظاهره في مجتمعنا الذي عانينا ونعاني اليوم منه الكثير ، يكون من الضروري وخاصه لمن يهمه الأمر الى وضع حد له أو على الأقل الأنتباه له ولما يشكله من تطور خطير في حياة مجتمعنا وهذا التطور لا يترشح منه الأ الأنهيار والتمزق الأجتماعي ولايتوقف الأمر عند هذا بل تستمر تداعياته الى تمزيق امه ومجتمع بكامله.
ولكن ولكي نصلح ما يمكن أصلاحه ، علينا أن نبحث بوسائل وأليات الأصلاح.
ونحن كمجتمع وأمه أسلاميه نمتلك عمقاً أدبياً وأخلاقياً كفيل بأزالة هذا العارض الطارئ على حياتنا.
الأسلام جاء لأصلاح الفرد والمجتمع والذي يصلح الأثنين هي المبادئ الأخلاقيه والقيميه، والأسلام كفيل بهذا بل ويزخر بها
(أنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق)
ولكن المهم هو أستعمال هذه المبادئ في حياتنا لا أن نرفع شعاراتها فقط والذي يزيد الطين بله عندما يتكلم بها ممن يقولون ما يفعلون (بياعي الكلام) وهم كثر والحمد لله .
من حسن حظنا اننا نمتلك لغه مليئه بالمفردات والتي لو استعملناها لملئت الدنيا لطفاً ووداعتاً ومحبه. مثلاً عندما نستعمل كلمة (عفواً) (وأن تعفوا هو أقرب للتقوى) هل تعلم أن لها وقعاً سحرياً على القائل والمتلقي لما تتركه من أيحاء عجيب على النفس مما يترك شعوراً بالرضا بين الطرفين.
نحن أحوج ما نكون الى ثقافة الصفح والعفو وهذا ما نادى به ديننا وعلى لسان أئمتنا وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام) عندما قال
( أذا دعدك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك)
وكذلك قولته المشهوره
(أذا قدرت على عدوك فجعل العفو عنه شكراً للقدره عليه)
ولكن للأسف نحن أشد ما يكون البخل بكلمة العفو بل نعتبره تنازلاً كبيراً بل عيباً فضيعاً ، وهذا دليل على شح النفوس ودليل بخلها في أعطاء الكلمه الطيبه والتي هي كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (الكلمه الطيبه صدقه)
وهنا تكمن العقده في تراكم الكثير من مشاكلنا الأجتماعيه وحتى الصحيه ، لأن الأستعداد للتسامح هو أستعداد لشفاء الكثير من الأمراض في نفس وجسد الأنسان لأن العلاقه بينهما متبادله ، ولكن للأسف كذلك هناك الكثير ممن يعفو بلسانه وقلبه يشتعل حقداً ويغلي بالبغضاء .
هؤلاء بعيدين عن فلسفة العفو والتسامح وهؤلاء منافقين لا أنهم يتسترون على الحقيقه المره التي تنطوي عليها نفوسهم وهي الغضب وحب الأنتقام من الأخرين ، ولكن المشكله تصبح أمر وأدهى عندما يتظاهر البعض ممن يضع نفسه في موقع المربي والموجه للناس فتراهم يتظاهرون مع الناس بالعفو اللساني وقلوبهم تشتعل حقداً وكراهيتاً للأخر الذي قد لم يعتدي عليهم يوماً بل لأنه أختلف معهم في رأي أو وجهة نظر معينه.
أنا أرى أن من يتظاهر بتكشيره صفراء تخفي وراءها سماً زعافاً هم من حذر منهم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما قال ( أحذروا الوجوه الصفراء بلا علل).
أذن نحن ومن كل ما تقدم في أمس الحاجه الى توعيه فيما يخص ثقافة العفو والتسامح حيث يكون العفو مصدره القلب لا فقط الألسن مما يبقي المشكله قائمه.
نشكر الاخت ايمان حسيني التي اتاحت لي ان اكتب هذه المقالة بحق الكلمة
ولكم خالص الدعاء