سيد الريح
21-05-2009, 08:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
بسند سني صحيح
من كان يُحب عثمـان يكون من أتبـاع الدجـال
من ثلاث نُسخ لكتاب سُنِّي تمَّ التلاعُب بأصله المخطوط
تَمهيـد:
من الأمور التي اختلف فيها المسلمون: مدى استقامة أو انحراف مجموعة من الصحابة، فذهب قسمٌ منهم إلى أنَّ بعض الصحابة لم يكونوا بالمستوى المطلوب من الاستقامة، بل إن منهم من انحرف بشدّة عن المسار الذي رسمته تعاليم الإسلام، وذهب قسمٌ آخر من المسلمين إلى أن الصحابة جميعهم في أعلى درجات العدالة والتوثيق، ومنعوا من الحديث فيما يرتبط بمساوئهم، واعتبروا ذلك من علامات الانحراف الديني..
والحقُّ أنَّ موقف القسم الأول من المسلمين هو الصحيح، ويدل على ذلك عدة أدلّة منها: الأدلة الصريحة حتى في كتب الذين يعتقدون بعدالة جميع الصحابة واستقامتهم، التي تدل على عدم صلاح أشخاص معينين من الصحابة..
وموضوعنا هذا يتناول واحداً من الأدلّة التي تبين بصراحة أن بعض الصحابة لم يكونوا بالمستوى الذي يتصوّره مُقدِّسوهم، وهي رواية تتحدث عن عثمان بن عفان، وتبين أن محبّته بدرجة من المبغوضية عند الله تعالى، بحيث يعاقب مُحبّه بجعله من أتباع الدجال..! وهي رواية على لسان صحابي يتفق جميع المسلمين على جلالته، وفي أحد كتب أهل السنة أنفسهم، وبسند صحيح رجاله ثقات، وذلك في كتب المعرفة والتاريخ.
وسوف نعتمد على ثلاث نُسخ من هذا الكتاب فيما يلي، ثم ندرس سند الرواية بعد استعراض المتن من نُسخ الكتاب الثلاث المتوفرة عند كاتب هذه الدراسة الموجزة.
النسخة الأولى:
المعرفة والتاريخ ، ج1 ، ص364 ، مصدر النسخة: موقع الوراق: http://www.alwarraq.com (http://www.alwarraq.com/) (مُرقَّم آليًا غير موافق للمطبوع – المكتبة الشاملة) :
حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن الصلت حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: من كان يحب وخرج الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره . انتهى بنصه من المصدر .
النسخة الثانية:
المعرفة والتاريخ، تأليف: أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1419هـ- 1999م، تحقيق: خليل المنصور: ج3 ، ص87 : (نُسخة إلكترونية في المكتبة الإسلامية الكبرى)
حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن الصلت حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال من كان يحب مخرج الدجال تبعه فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره . انتهى بنصه من المصدر.
النسخة الثالثة:
المعرفة والتاريخ ، ج2 ، ص768 ، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، تحقيق: د أكرم ضياء العمري:
حدثنا ابن نمير، حدثنا محمد بن الصلت، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، قال: من كان يحب مخرج الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج، آمن به في قبره . انتهى بنصه من المصدر.
وقال المحقق (العُمَري) تعليقاً على عبارة (من كان يحب مخرج الدجال تبعه) : ينبغي أن يكون اسم (عثمان) رضي الله عنه قد سقط من الأصل بعد (يحب) كما يتبين من ص 770 ، و الذهبي: ميزان الاعتدال 2/ 107 . انتهى كلام المحقق المذكور.
أقـول:
فالمحقق يعتقد أن الأصل المخطوط فيه خللٌ، والعبارة الصحيحة في نظره هي: (من كان يحب عثمان مخرجَ الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره) .
وقد قدّم هذا المحقق السني دليله على تصحيحه، ونحن نوافقه على ذلك؛ لأننا حين نقرأ ما جاء في الصفحة التي يشير إليها المجقق (ص770) من كتاب المعرفة والتاريخ نفسه، نجد مؤلف الكتاب ينتقد زيد بن وهب لروايته هذا الخبر، فيقول المؤلف: (كيف يقول في الحديث الأول: إن خرج الدجال تبعه من كان يحب عثمان، وإن كان قد مات آمن به في قبره) انتهى.
وأعتقد أن وقوع اسم عثمان بن عفان في هذا السياق كان غير مسموح به عند بعض الأمناء الذين انتقلت النسخة إليهم، أو قاموا باستنساخ الكتاب الخطِّي، فعمدوا إلى إسقاط اسم عثمان رعاية لكرامة هذا الصحابي الذي يمثل ركناً من أركان هذا القسم من المسلمين، خصوصاً أنَّ نقد الحافظ الفسوي غير مقبول من قبل مجموعة من علماء أهل السنة؛ لأن زيد بن وهب متفق على ثقته عندهم، فلا حلّ أسلم من حذف الاسم وتحريف النسخة، ولكن صاحب تلك اليد الدخيلة المتلاعبة بالتراث الإسلامي، فاته أن يقوم بنفس التلاعُب في الصفحة الآتية؛ لأن (كيد الشيطان كان ضعيفاً) ..!
القيمة الإسنادية لهذه الرواية:
الحافظ الفسوي (مؤلف المعرفة والتاريخ) : هو أبو يوسف يعقوب بن سفيان (ت 277 هـ) ، ترجم له الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ ج2 ، ص582 ، فوصفه بـ : (الحفظ الإمام الحجة) . وهو من رجال سنن الترمذي وسنن النسائي.
وابن نمير هو: محمد بن عبد الله بن نمير الهمدانى الخارفى، أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقة حافظ، من رجال الصحاح الستة.
ومحمد بن الصلت هو: محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدى مولاهم ، أبو جعفر الكوفى الأصم، ثقة من رجال البخاري وثلاثة من السنن. (ذُكر منصور بن أبي الأسود في شيوخه)
ومنصور بن أبي الأسود: اسمه - فيما قيل - حازم الليثى ، الكوفى. من رجال أبي داود والترمذي والنسائي. وثقه يحيى بن معين، وعنه أيضاً: ليس به بأس، كان من الشيعة الكبار، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال النسائى: ليس به بأس، و ذكره ابن حبان فى كتاب (الثقات) ، وقال الحافظ الذهبي: صدوق شيعيّ، وقال ابن حجر: صدوق رمي بالتشيّع.
والأعمش هو: سليمان بن مهران الأسدى الكاهلى مولاهم ، أبو محمد الكوفى الأعمش، ثقة حافظ أحد الأعلام، وهو من رجال الصحاح الستة، وبالرغم من أنه يدلس، إلاّ أنهم يقبلون عنعنته، كما يشهد لذلك عنعناته في صحيحي البخاري ومسلم.
وزيد بن وهب هو: الجهنى، أبو سليمان الكوفى، من كبار التابعين، ومن رجال الصحاح الستة، ثقة جليل.
وحذيفة هو: ابن اليمان، صحابي جليل، من رجال الصحاح الستة، والصحابة عندهم في أعلى مراتب العدالة والتوثيق، وهو متفق على استقامته وجلالته عند العامة والخاصة.
فتحصل من ذلك: أن السند صحيح، رجاله ثقات.
وقد يقول قائلٌ: أحد رجال الإسناد شيعيّ، وهذه الرواية مما يُقوّي بدعته.
فنجيب – أوّلاً - : لا نقبل نسبة التشيع إليه؛ فإنها غير معلومة الصحة، بل نرتاب في صحة هذه النِّسبة لعدّة أمور، أوّلُها: أنَّ روايات منصور بن أبي الأسود (في استقرائنا للصحاح الستة) لا دلالة فيها على تشيُّعه، وثانيها: أنَّ له رواية في سنن الترمذي في الثناء على أبي بكر، ونصها: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْتَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ) !!! ، وثالثها: أن الحافظ ابن حجر عبر بقوله: رُمي بالتشيع، فدل ذلك على أنه لم يثبت عنده تشيعه. هذا أوّلاً.
ونجيب - ثانياً - : إن ردّ روية أهل البدع فيما يُقوّي بدعتهم وإن كانوا ثقات، هي قاعدة مرفوضة لعدم الشاهد عليها من عقل أو كتاب أو سنة، كما إنها من اختراعات النواصب ليردوا بها الأحاديث التي لا تروقهم، فقد أفاد الحافظ الغماري في فتح الملك العلي ، ص61 ـ 62 : (وأما اشتراط كونه روى ما لا يُؤيد بدعته فهو من دسائس النواصب التي دسوها بين أهل الحديث...) . هذا ثانياً.
ونجيب – ثالثاً - : نرفض أن التشيع بدعة، وكيف يكون بدعة وقد تواترت الروايات في كتب السنة والشيعة عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – في الثناء على الشيعة؟! فقد وقفت من ذلك على 47 حديثاً، من 31 طريقاً، عن 13 صحابياً، وذلك في كتب أهل السنة، التي منها: فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (2/773) برقم (1068) ، وتفسير الطبري (30/335) برقم (29208) ، والذرية الطاهرة للحافظ الدولابي: 120 ـ 121 ، والمعجم الكبير للطبراني: (1/319 ـ 320) ، والمعجم الأوسط للطبراني: (4/187) ، (7/343) ، وجزء الحافظ ابن الغطريف: 81 ـ 82 ، والمستدرك للحاكم النيسابوري: (3/174 ـ 175) ، وتاريخ بغداد للحافظ الخطيب البغدادي: (12/284) ... وغيرها.
فما اتخاذ التشيع مطعناً بعد هذا، إلا ردٌّ على الشريعة المقدسة، وجُرأة على تعاليم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
ونجيب - رابعاً - : لو كان هذا النقد صحيحاً، لما كان يصح للحافظ الفسوي أن ينتقد على زيد بن وهب روايته لهذا الخبر، فإنه كان ينبغي له أن يردَّ نسبته إليه من رأس، فلما اعتبره نقداً عليه، دل على أنه قد صح عنده عن زيد بن وهب، وهذا معناه: صحة الإسناد عنده من جهة منصور بن أبي الأسود.
وقد يقول قائل: ولكن مؤلِّف (المعرفة والتاريخ) إنما روى الخبر ليبين عدم صحته وأن زيد بن وهب لا يعتمد عليه.
فنجيب: لقد رواه الحافظ الفسوي، ونحن استشهدنا بروايته، وإنما ضعّفَه من جهة زيد بن وهب، وهو خطأ منه لا نقبله؛ لأن زيد بن وهب متفق على وثاقته، وهو من رجال البخاري ومسلم. فالخلاصة: لا مانع من الاحتجاج بروايته مع رفض اجتهاده الخاطئ. وقد سبقنا إلى تخطئته الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ ج1 ، ص67 ، حيث قال: ولا عبرة بكلام الفسوي فيه. انتهى ، وقال الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال ج2 ، ص107 ، ما نصه: فهذا الذي استنكره الفسوي من حديثه ما سُبِق إليه ، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثيراً من السُّنن الثابتة بالوهم الفاسد. انتهى . أقول: فنحن نترك وهمه الفاسد، ونتمسك بروايته المسلسلة بالثقات.
والحمد لله الذي لم يجعلنا من محبي عثمان بن عفان
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
بسند سني صحيح
من كان يُحب عثمـان يكون من أتبـاع الدجـال
من ثلاث نُسخ لكتاب سُنِّي تمَّ التلاعُب بأصله المخطوط
تَمهيـد:
من الأمور التي اختلف فيها المسلمون: مدى استقامة أو انحراف مجموعة من الصحابة، فذهب قسمٌ منهم إلى أنَّ بعض الصحابة لم يكونوا بالمستوى المطلوب من الاستقامة، بل إن منهم من انحرف بشدّة عن المسار الذي رسمته تعاليم الإسلام، وذهب قسمٌ آخر من المسلمين إلى أن الصحابة جميعهم في أعلى درجات العدالة والتوثيق، ومنعوا من الحديث فيما يرتبط بمساوئهم، واعتبروا ذلك من علامات الانحراف الديني..
والحقُّ أنَّ موقف القسم الأول من المسلمين هو الصحيح، ويدل على ذلك عدة أدلّة منها: الأدلة الصريحة حتى في كتب الذين يعتقدون بعدالة جميع الصحابة واستقامتهم، التي تدل على عدم صلاح أشخاص معينين من الصحابة..
وموضوعنا هذا يتناول واحداً من الأدلّة التي تبين بصراحة أن بعض الصحابة لم يكونوا بالمستوى الذي يتصوّره مُقدِّسوهم، وهي رواية تتحدث عن عثمان بن عفان، وتبين أن محبّته بدرجة من المبغوضية عند الله تعالى، بحيث يعاقب مُحبّه بجعله من أتباع الدجال..! وهي رواية على لسان صحابي يتفق جميع المسلمين على جلالته، وفي أحد كتب أهل السنة أنفسهم، وبسند صحيح رجاله ثقات، وذلك في كتب المعرفة والتاريخ.
وسوف نعتمد على ثلاث نُسخ من هذا الكتاب فيما يلي، ثم ندرس سند الرواية بعد استعراض المتن من نُسخ الكتاب الثلاث المتوفرة عند كاتب هذه الدراسة الموجزة.
النسخة الأولى:
المعرفة والتاريخ ، ج1 ، ص364 ، مصدر النسخة: موقع الوراق: http://www.alwarraq.com (http://www.alwarraq.com/) (مُرقَّم آليًا غير موافق للمطبوع – المكتبة الشاملة) :
حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن الصلت حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: من كان يحب وخرج الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره . انتهى بنصه من المصدر .
النسخة الثانية:
المعرفة والتاريخ، تأليف: أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1419هـ- 1999م، تحقيق: خليل المنصور: ج3 ، ص87 : (نُسخة إلكترونية في المكتبة الإسلامية الكبرى)
حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن الصلت حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال من كان يحب مخرج الدجال تبعه فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره . انتهى بنصه من المصدر.
النسخة الثالثة:
المعرفة والتاريخ ، ج2 ، ص768 ، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، تحقيق: د أكرم ضياء العمري:
حدثنا ابن نمير، حدثنا محمد بن الصلت، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة، قال: من كان يحب مخرج الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج، آمن به في قبره . انتهى بنصه من المصدر.
وقال المحقق (العُمَري) تعليقاً على عبارة (من كان يحب مخرج الدجال تبعه) : ينبغي أن يكون اسم (عثمان) رضي الله عنه قد سقط من الأصل بعد (يحب) كما يتبين من ص 770 ، و الذهبي: ميزان الاعتدال 2/ 107 . انتهى كلام المحقق المذكور.
أقـول:
فالمحقق يعتقد أن الأصل المخطوط فيه خللٌ، والعبارة الصحيحة في نظره هي: (من كان يحب عثمان مخرجَ الدجال تبعه، فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره) .
وقد قدّم هذا المحقق السني دليله على تصحيحه، ونحن نوافقه على ذلك؛ لأننا حين نقرأ ما جاء في الصفحة التي يشير إليها المجقق (ص770) من كتاب المعرفة والتاريخ نفسه، نجد مؤلف الكتاب ينتقد زيد بن وهب لروايته هذا الخبر، فيقول المؤلف: (كيف يقول في الحديث الأول: إن خرج الدجال تبعه من كان يحب عثمان، وإن كان قد مات آمن به في قبره) انتهى.
وأعتقد أن وقوع اسم عثمان بن عفان في هذا السياق كان غير مسموح به عند بعض الأمناء الذين انتقلت النسخة إليهم، أو قاموا باستنساخ الكتاب الخطِّي، فعمدوا إلى إسقاط اسم عثمان رعاية لكرامة هذا الصحابي الذي يمثل ركناً من أركان هذا القسم من المسلمين، خصوصاً أنَّ نقد الحافظ الفسوي غير مقبول من قبل مجموعة من علماء أهل السنة؛ لأن زيد بن وهب متفق على ثقته عندهم، فلا حلّ أسلم من حذف الاسم وتحريف النسخة، ولكن صاحب تلك اليد الدخيلة المتلاعبة بالتراث الإسلامي، فاته أن يقوم بنفس التلاعُب في الصفحة الآتية؛ لأن (كيد الشيطان كان ضعيفاً) ..!
القيمة الإسنادية لهذه الرواية:
الحافظ الفسوي (مؤلف المعرفة والتاريخ) : هو أبو يوسف يعقوب بن سفيان (ت 277 هـ) ، ترجم له الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ ج2 ، ص582 ، فوصفه بـ : (الحفظ الإمام الحجة) . وهو من رجال سنن الترمذي وسنن النسائي.
وابن نمير هو: محمد بن عبد الله بن نمير الهمدانى الخارفى، أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقة حافظ، من رجال الصحاح الستة.
ومحمد بن الصلت هو: محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدى مولاهم ، أبو جعفر الكوفى الأصم، ثقة من رجال البخاري وثلاثة من السنن. (ذُكر منصور بن أبي الأسود في شيوخه)
ومنصور بن أبي الأسود: اسمه - فيما قيل - حازم الليثى ، الكوفى. من رجال أبي داود والترمذي والنسائي. وثقه يحيى بن معين، وعنه أيضاً: ليس به بأس، كان من الشيعة الكبار، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، وقال النسائى: ليس به بأس، و ذكره ابن حبان فى كتاب (الثقات) ، وقال الحافظ الذهبي: صدوق شيعيّ، وقال ابن حجر: صدوق رمي بالتشيّع.
والأعمش هو: سليمان بن مهران الأسدى الكاهلى مولاهم ، أبو محمد الكوفى الأعمش، ثقة حافظ أحد الأعلام، وهو من رجال الصحاح الستة، وبالرغم من أنه يدلس، إلاّ أنهم يقبلون عنعنته، كما يشهد لذلك عنعناته في صحيحي البخاري ومسلم.
وزيد بن وهب هو: الجهنى، أبو سليمان الكوفى، من كبار التابعين، ومن رجال الصحاح الستة، ثقة جليل.
وحذيفة هو: ابن اليمان، صحابي جليل، من رجال الصحاح الستة، والصحابة عندهم في أعلى مراتب العدالة والتوثيق، وهو متفق على استقامته وجلالته عند العامة والخاصة.
فتحصل من ذلك: أن السند صحيح، رجاله ثقات.
وقد يقول قائلٌ: أحد رجال الإسناد شيعيّ، وهذه الرواية مما يُقوّي بدعته.
فنجيب – أوّلاً - : لا نقبل نسبة التشيع إليه؛ فإنها غير معلومة الصحة، بل نرتاب في صحة هذه النِّسبة لعدّة أمور، أوّلُها: أنَّ روايات منصور بن أبي الأسود (في استقرائنا للصحاح الستة) لا دلالة فيها على تشيُّعه، وثانيها: أنَّ له رواية في سنن الترمذي في الثناء على أبي بكر، ونصها: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْتَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ) !!! ، وثالثها: أن الحافظ ابن حجر عبر بقوله: رُمي بالتشيع، فدل ذلك على أنه لم يثبت عنده تشيعه. هذا أوّلاً.
ونجيب - ثانياً - : إن ردّ روية أهل البدع فيما يُقوّي بدعتهم وإن كانوا ثقات، هي قاعدة مرفوضة لعدم الشاهد عليها من عقل أو كتاب أو سنة، كما إنها من اختراعات النواصب ليردوا بها الأحاديث التي لا تروقهم، فقد أفاد الحافظ الغماري في فتح الملك العلي ، ص61 ـ 62 : (وأما اشتراط كونه روى ما لا يُؤيد بدعته فهو من دسائس النواصب التي دسوها بين أهل الحديث...) . هذا ثانياً.
ونجيب – ثالثاً - : نرفض أن التشيع بدعة، وكيف يكون بدعة وقد تواترت الروايات في كتب السنة والشيعة عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – في الثناء على الشيعة؟! فقد وقفت من ذلك على 47 حديثاً، من 31 طريقاً، عن 13 صحابياً، وذلك في كتب أهل السنة، التي منها: فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (2/773) برقم (1068) ، وتفسير الطبري (30/335) برقم (29208) ، والذرية الطاهرة للحافظ الدولابي: 120 ـ 121 ، والمعجم الكبير للطبراني: (1/319 ـ 320) ، والمعجم الأوسط للطبراني: (4/187) ، (7/343) ، وجزء الحافظ ابن الغطريف: 81 ـ 82 ، والمستدرك للحاكم النيسابوري: (3/174 ـ 175) ، وتاريخ بغداد للحافظ الخطيب البغدادي: (12/284) ... وغيرها.
فما اتخاذ التشيع مطعناً بعد هذا، إلا ردٌّ على الشريعة المقدسة، وجُرأة على تعاليم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
ونجيب - رابعاً - : لو كان هذا النقد صحيحاً، لما كان يصح للحافظ الفسوي أن ينتقد على زيد بن وهب روايته لهذا الخبر، فإنه كان ينبغي له أن يردَّ نسبته إليه من رأس، فلما اعتبره نقداً عليه، دل على أنه قد صح عنده عن زيد بن وهب، وهذا معناه: صحة الإسناد عنده من جهة منصور بن أبي الأسود.
وقد يقول قائل: ولكن مؤلِّف (المعرفة والتاريخ) إنما روى الخبر ليبين عدم صحته وأن زيد بن وهب لا يعتمد عليه.
فنجيب: لقد رواه الحافظ الفسوي، ونحن استشهدنا بروايته، وإنما ضعّفَه من جهة زيد بن وهب، وهو خطأ منه لا نقبله؛ لأن زيد بن وهب متفق على وثاقته، وهو من رجال البخاري ومسلم. فالخلاصة: لا مانع من الاحتجاج بروايته مع رفض اجتهاده الخاطئ. وقد سبقنا إلى تخطئته الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ ج1 ، ص67 ، حيث قال: ولا عبرة بكلام الفسوي فيه. انتهى ، وقال الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال ج2 ، ص107 ، ما نصه: فهذا الذي استنكره الفسوي من حديثه ما سُبِق إليه ، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثيراً من السُّنن الثابتة بالوهم الفاسد. انتهى . أقول: فنحن نترك وهمه الفاسد، ونتمسك بروايته المسلسلة بالثقات.
والحمد لله الذي لم يجعلنا من محبي عثمان بن عفان