المشرف العقائدي
24-05-2009, 02:54 AM
الســـــــــــــلام عليكم ورحمة الله
مرحباً بك بين اخوتك وأخواتك المؤمنين ولك الود والحترام بيننا يا فاضل
لاحظت لك سؤالاً هنا في موضوع معين تقول فيه :
اريد من الاخوة الشيعة شيء بسيط ما دلالة الجمع في يؤتون الزكاة
فأحـــــــــــببت أن أجــيب على حسب سعتة اعلم لدي والصدر فيني على أن يتسع القلب والصدر منكم فيه وعليه وتعيها أذن واعــــــــــية وأستعين بالله تعالى :
-أولاً -
يا فاضل أعلم إن القرآن معجزٌ كله في لفظه وحرفه وبلاغته بل وحتى في ترتيبه ويكفي أنه المعجزة الخالدة لنبي الأمة الهادي الأمين صلى الله عليه وآله خلود الدهر إلى أن يرد على حوض المصطفى هو ثقله الثاني من أهل بيته الطيبين الطاهرين .
-- ثانياً --
وأعلم أن من ألفاظ الفرآن الكريم وكثيرٌ فيه ما هو آتٍ والمخاطب فيها لنبي الأمة والهادي من الظلمة ولكنها من باب وقبيل " أياك أني وأسمعي يا جارة " وهذا أمر يسلم به جميع علماء الأمة الباحثون والمحققون والمنصفون الذين سمعوا ووعوا وليس الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ، فلا ألفاظه أتقنوا التدبر ولا معناه حصلوا الحق والتبصر ، تراهم في كل وادٍ يهيمون بحثاً عمن يؤيد ضلالهم ويُتقِن فن العزف على نصبهم وعن الحق أستكبارهم ، وإذا جاء من ألزمهم كتارب ربهم وأفهمهم ضلال غيهم ولزوم الأخذ بما فيه لما فيه من هَدايتهم وتبياناً لما أراده الله تعالى في ما انزل من كلمات محمكات في قرآنهم أستغشوا ثيابهم وأصروا وأستكبروا أستكباراً .
--- ثالثاً ---
الآية المعنية بالسؤال والجواب عليه تقول (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) وهنا أتت لفظة "وَهُمْ رَاكِعُونَ" بصيغة الجمع وهنا محل سؤالك أيها الكريم ، أعلم يا فاضل إن لزوم إطلاق الجمع و إرادة الواحد في قوله: و الذين آمنوا... » فقد عُرف في الكلام كله أنه إنما ـى بصيغة الجمع تماماً كما جاء مصداقاً عليه الكثير منالآيات ومنها آية المباهلة وبإجماع التفاسير لها وبيان أحوال ألفاظها ومن عليهم صدقت وأضحت وبينت ، و أنه فرق بين إطلاق لفظ الجمع و إرادة الواحد و استعماله فيه، و بين إعطاء حكم كلي أو الإخبار بمعرف جمعي في لفظ الجمع لينطبق على من يصح أن ينطبق عليه، ثم لا يكون المصداق الذي يصح أن ينطبق عليه إلا واحدا فردا و اللغة تأبى عن قبول الأول دون الثاني على شيوعه في الاستعمالات.
و ليت شعري يا فاضل ماذا نقل في مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) ، و قد صح أن المراد به في هذه الآية هو " حاطب بن أبي بلتعة " في مكاتبته قريشا مع أنه الآية ولفظها أتت بصيغة الجمع في قوله تعالى (وَعَدُوَّكُمْ ) و (إِلَيْهِم ) ، وكذلك قوله تعالى : (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) و قد صح هنا وثابت أن القائل به هو " عبد الله بن أبي بن سلول" مع ان الآية أتت بلفظة الجمع في (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا ) بينما أفردت في قوله تعالى (لَيُخْرِجَنَّ ) ، و قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ) و السائل هنا عنه واحد من المسلمين والصحابة كما يعلمه الجميع ، و أعجب من الجميع قوله تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ) و القائل هو "عبد الله بن أبي" ، على ما رووا أخواننا أهل سنة الجماعة في سبب نزوله و تلقوه بالقبول دون أعتراض منهم عليه أو عدم نكرانه فقط لأنه أتت الآية بصيغة الجمع دو المفرد هنا ، مع ان الآية واقعة بين الآيات المبحوث عنها نفسها.
وعليه فإن محصله جواز ذلك في اللغة لنكتة مجوزة فليجر الآية أعني قوله: «و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون» هذا المجرى، و لتكن النكتة هي الإشارة إلى أن أنواع الكرامات الدينية - و منها الولاية المذكورة في الآية - ليست موقوفة على بعض المؤمنين دون بعض وقفا جزافيا و إنما يتبع التقدم في الإخلاص و العمل لا غير.
على أن جل الناقلين لهذه الأخبار هم صحابة النبي (صلى الله عليه وآله ) و التابعون المتصلون بهم زمانا و هم من زمرة العرب العرباء الذين لم تفسد لغتهم و لم تختلط ألسنتهم و لو كان هذا النحو من الاستعمال لا تبيحه اللغة و لا يعهده أهلها لم تقبله طباعهم، و لكانوا أحق باستشكاله و الاعتراض عليه، و لم يؤثر من أحد منهم ذلك.
---- رابعاً ----
إن الآيات وألفاظها التي أتت على صيغة الجمع مع أن المقصود منها المفرد في الفظ ومثالنا عليه تلك التي أتينا بها أعلاه كمثال ، إنما أتت من باب التفخيم والتعظيم إما للأمر نفسه أو لفاعل الأمر فداحة العمل الذي نزلت بسببه الآيو وخير دليل على قولنا قوله تعالى ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ) وهنا يتضح للقارئ الكريم مصداق قولنا كله في تعظيم الفعل والفاعل وقد جمعت هذه الآية الأثنين جميعاً سواءٌ تعظين نفاق العامل نفسه والمقصود وهو " عبدالله بن ابي " وكذلك عظمة فعلته ونفاقه وعظمة ما أسر في نفسه .
وهذا يجري تماماً على آيتنا محل السؤال ووقوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) وهنا التعظيم كله للفاعل والفعل وأي فعل هو ذلك من العظمة فيه من الأتيان بالصلاة والصدقة والإنفاق بما تبحون و في وقت واحد !!
ولقد كفانا الزمخشري الذي هو من كبار علماء العامّة ، وليس من أصحابنا الاماميّة ، صاحب الكشّاف و يجيب عن هذا الاشكال ، وتعلمون أنّ الزمخشري تفسيره تفسير للقرآن من الناحيّة الادبيّة والبلاغيّة ، هذه ميزة تفسير الكشّاف للزمخشري ، وهذا شيء معروف عن تفسير الزمخشري ، وأهل الخبرة يعلمون بهذا.
فيجيب الزمخشري عن هذا ما ملخّصه : " بأنّ الفائدة في مجيء اللفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين ، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذا الحد من الحرص على الاحسان إلى الفقراء والمساكين ، يكونون حريصين على مساعدة الفقراء وإعانة المساكين ، حتّى في أثناء الصلاة ، وهذا شيء مطلوب من عموم المؤمنين ، ولذا جاءت الاية بصيغة الجمع ".
(راجع : تفسير الكشّاف 1 / 649 ).
----- خامساً -----
أنّ السيّد شرف الدين رحمة الله عليه في كتابه " المراجعات : 263 " أوضح نقطة ولفتة مهمة وخطيرة جدا و نظرية ألفتت الجميع أليها صدقاً وعدلاً حيث يقول معلقاً على هذا الأمر :
" لو أنّ الاية جاءت بصيغة المفرد ، لبادر أعداء أمير المؤمنين من المنافقين إلى التصرّف في القرآن الكريم وتحريف آياته المباركات عداءً لامير المؤمنين ، إذ ليست هذه الاية وحدها بل هناك آيات أُخرى أيضاً جاءت بصيغة الجمع ، والمراد فيها علي فقط ، فلو أنّه جاء بصيغة المفرد لبادر أُولئك وانبروا إلى التصرّف في القرآن الكريم " .
والله المستعان فيه كله
والســـــــــــــــــــلام
مرحباً بك بين اخوتك وأخواتك المؤمنين ولك الود والحترام بيننا يا فاضل
لاحظت لك سؤالاً هنا في موضوع معين تقول فيه :
اريد من الاخوة الشيعة شيء بسيط ما دلالة الجمع في يؤتون الزكاة
فأحـــــــــــببت أن أجــيب على حسب سعتة اعلم لدي والصدر فيني على أن يتسع القلب والصدر منكم فيه وعليه وتعيها أذن واعــــــــــية وأستعين بالله تعالى :
-أولاً -
يا فاضل أعلم إن القرآن معجزٌ كله في لفظه وحرفه وبلاغته بل وحتى في ترتيبه ويكفي أنه المعجزة الخالدة لنبي الأمة الهادي الأمين صلى الله عليه وآله خلود الدهر إلى أن يرد على حوض المصطفى هو ثقله الثاني من أهل بيته الطيبين الطاهرين .
-- ثانياً --
وأعلم أن من ألفاظ الفرآن الكريم وكثيرٌ فيه ما هو آتٍ والمخاطب فيها لنبي الأمة والهادي من الظلمة ولكنها من باب وقبيل " أياك أني وأسمعي يا جارة " وهذا أمر يسلم به جميع علماء الأمة الباحثون والمحققون والمنصفون الذين سمعوا ووعوا وليس الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ، فلا ألفاظه أتقنوا التدبر ولا معناه حصلوا الحق والتبصر ، تراهم في كل وادٍ يهيمون بحثاً عمن يؤيد ضلالهم ويُتقِن فن العزف على نصبهم وعن الحق أستكبارهم ، وإذا جاء من ألزمهم كتارب ربهم وأفهمهم ضلال غيهم ولزوم الأخذ بما فيه لما فيه من هَدايتهم وتبياناً لما أراده الله تعالى في ما انزل من كلمات محمكات في قرآنهم أستغشوا ثيابهم وأصروا وأستكبروا أستكباراً .
--- ثالثاً ---
الآية المعنية بالسؤال والجواب عليه تقول (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) وهنا أتت لفظة "وَهُمْ رَاكِعُونَ" بصيغة الجمع وهنا محل سؤالك أيها الكريم ، أعلم يا فاضل إن لزوم إطلاق الجمع و إرادة الواحد في قوله: و الذين آمنوا... » فقد عُرف في الكلام كله أنه إنما ـى بصيغة الجمع تماماً كما جاء مصداقاً عليه الكثير منالآيات ومنها آية المباهلة وبإجماع التفاسير لها وبيان أحوال ألفاظها ومن عليهم صدقت وأضحت وبينت ، و أنه فرق بين إطلاق لفظ الجمع و إرادة الواحد و استعماله فيه، و بين إعطاء حكم كلي أو الإخبار بمعرف جمعي في لفظ الجمع لينطبق على من يصح أن ينطبق عليه، ثم لا يكون المصداق الذي يصح أن ينطبق عليه إلا واحدا فردا و اللغة تأبى عن قبول الأول دون الثاني على شيوعه في الاستعمالات.
و ليت شعري يا فاضل ماذا نقل في مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) ، و قد صح أن المراد به في هذه الآية هو " حاطب بن أبي بلتعة " في مكاتبته قريشا مع أنه الآية ولفظها أتت بصيغة الجمع في قوله تعالى (وَعَدُوَّكُمْ ) و (إِلَيْهِم ) ، وكذلك قوله تعالى : (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ) و قد صح هنا وثابت أن القائل به هو " عبد الله بن أبي بن سلول" مع ان الآية أتت بلفظة الجمع في (يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا ) بينما أفردت في قوله تعالى (لَيُخْرِجَنَّ ) ، و قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ) و السائل هنا عنه واحد من المسلمين والصحابة كما يعلمه الجميع ، و أعجب من الجميع قوله تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ) و القائل هو "عبد الله بن أبي" ، على ما رووا أخواننا أهل سنة الجماعة في سبب نزوله و تلقوه بالقبول دون أعتراض منهم عليه أو عدم نكرانه فقط لأنه أتت الآية بصيغة الجمع دو المفرد هنا ، مع ان الآية واقعة بين الآيات المبحوث عنها نفسها.
وعليه فإن محصله جواز ذلك في اللغة لنكتة مجوزة فليجر الآية أعني قوله: «و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون» هذا المجرى، و لتكن النكتة هي الإشارة إلى أن أنواع الكرامات الدينية - و منها الولاية المذكورة في الآية - ليست موقوفة على بعض المؤمنين دون بعض وقفا جزافيا و إنما يتبع التقدم في الإخلاص و العمل لا غير.
على أن جل الناقلين لهذه الأخبار هم صحابة النبي (صلى الله عليه وآله ) و التابعون المتصلون بهم زمانا و هم من زمرة العرب العرباء الذين لم تفسد لغتهم و لم تختلط ألسنتهم و لو كان هذا النحو من الاستعمال لا تبيحه اللغة و لا يعهده أهلها لم تقبله طباعهم، و لكانوا أحق باستشكاله و الاعتراض عليه، و لم يؤثر من أحد منهم ذلك.
---- رابعاً ----
إن الآيات وألفاظها التي أتت على صيغة الجمع مع أن المقصود منها المفرد في الفظ ومثالنا عليه تلك التي أتينا بها أعلاه كمثال ، إنما أتت من باب التفخيم والتعظيم إما للأمر نفسه أو لفاعل الأمر فداحة العمل الذي نزلت بسببه الآيو وخير دليل على قولنا قوله تعالى ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ) وهنا يتضح للقارئ الكريم مصداق قولنا كله في تعظيم الفعل والفاعل وقد جمعت هذه الآية الأثنين جميعاً سواءٌ تعظين نفاق العامل نفسه والمقصود وهو " عبدالله بن ابي " وكذلك عظمة فعلته ونفاقه وعظمة ما أسر في نفسه .
وهذا يجري تماماً على آيتنا محل السؤال ووقوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) وهنا التعظيم كله للفاعل والفعل وأي فعل هو ذلك من العظمة فيه من الأتيان بالصلاة والصدقة والإنفاق بما تبحون و في وقت واحد !!
ولقد كفانا الزمخشري الذي هو من كبار علماء العامّة ، وليس من أصحابنا الاماميّة ، صاحب الكشّاف و يجيب عن هذا الاشكال ، وتعلمون أنّ الزمخشري تفسيره تفسير للقرآن من الناحيّة الادبيّة والبلاغيّة ، هذه ميزة تفسير الكشّاف للزمخشري ، وهذا شيء معروف عن تفسير الزمخشري ، وأهل الخبرة يعلمون بهذا.
فيجيب الزمخشري عن هذا ما ملخّصه : " بأنّ الفائدة في مجيء اللفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين ، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذا الحد من الحرص على الاحسان إلى الفقراء والمساكين ، يكونون حريصين على مساعدة الفقراء وإعانة المساكين ، حتّى في أثناء الصلاة ، وهذا شيء مطلوب من عموم المؤمنين ، ولذا جاءت الاية بصيغة الجمع ".
(راجع : تفسير الكشّاف 1 / 649 ).
----- خامساً -----
أنّ السيّد شرف الدين رحمة الله عليه في كتابه " المراجعات : 263 " أوضح نقطة ولفتة مهمة وخطيرة جدا و نظرية ألفتت الجميع أليها صدقاً وعدلاً حيث يقول معلقاً على هذا الأمر :
" لو أنّ الاية جاءت بصيغة المفرد ، لبادر أعداء أمير المؤمنين من المنافقين إلى التصرّف في القرآن الكريم وتحريف آياته المباركات عداءً لامير المؤمنين ، إذ ليست هذه الاية وحدها بل هناك آيات أُخرى أيضاً جاءت بصيغة الجمع ، والمراد فيها علي فقط ، فلو أنّه جاء بصيغة المفرد لبادر أُولئك وانبروا إلى التصرّف في القرآن الكريم " .
والله المستعان فيه كله
والســـــــــــــــــــلام