عبد محمد
26-05-2009, 04:19 PM
باسمه تعالى
إلى الأخوة الوهابية
رغم أنني متاكد أنهم لم يدخلوها إلا أنني لبراءة الذمة أحببت وضعها
ماذا تعني هذه الأحاديث عندكم؟
حديث الثقلين
حديث الثقلين هذا حديث صحيح ، ثابت ، مشهور متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم بطرق كثيرة صحيحة عن بضع وعشرين صحابيّاً منهم : علي بن أبي طالب ( ع ) وفاطمة ( س ) وزيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وزيد بن ثابت ، عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبو ذر وأبو هريرة وأم سلمة و . . .
الموارد التي صدرت حديث الثقلين
وقد صدع بها صلى الله عليه وآله في ملأ من الناس خمس مرات : 1 - عند انصرافه عن طائف . 2 - موقف يوم عرفة . 3 - موقف يوم غدير خم بالجحفة . 4 - موقف في المسجد بالمدينة . 5 - موقف في مرضه في الحجرة عندما رآها امتلأت من الناس .
تكراره ( ص ) في ثلاثة أشهر خمس مرات يدلّ على شدّة اهتمامه ( ص ) بهذا الأمر وشغل باله .
قال ابن حجر أيضاً بعد ذكر حديث الثقلين : ثم اعلم لحديث التمسك بهما طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيّاً . . . وفي بعض تلك الطرق أنّه قال ذلك بحجّة الوداع بعرفة ، وفي أخرى أنّه قاله بالمدينة في مرضه ، وقد امتلأت الحجرة بأصحابه . وفي أخرى أنّه قال ذلك بغدير خم ، وفي أخرى أنّه قال ذلك لمّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف كما مرّ .
ولا تنافي إذ لا مانع من أنّه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة . الصواعق المحرقة : 124 ط المحمدية بمصر وص 75 ط الميمنية ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 285 ط اسلامبول وص 342 ط الحيدرية .
يوم عرفة
أخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة : يا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد . صحيح الترمذي : 5 / 326 رقم 3874 ، مجمع الزوائد : 5 / 195 ، و 9 / 163 تفسير ابن كثير : 4 / 123 . . . .
يوم غدير خم
أخرج النسائي عن زيد بن أرقم عن رسول اللّه ( ص ) فيحجة الوداع في غدير خم ، قال : كأنّي دعيت فأجبت ، وإني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض . سنن النسائي : 5 / 45 و5 / 130 . وذكره مسلم باختلاف في صحيحه : 7 / 122 ، كتاب الفضائل باب فضائل علي . وصرّح بصحّته ابن كثير في تفسيره : 4 / 122 .
مسجد المدينة
قال ( ص ) في آخر خطبة خطبها وهو مريض : أيّها الناس ، إني تارك فيكم الثقلين ، إنّه لن تعمى أبصاركم ولن تضلّ قلوبكم ولن تزلّ أقدامكم ولن تقصر أيديكم : كتاب اللّه سبب بينكم وبينه ، طرفه بيده وطرفه بأيديكم ، فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ، ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر ، فلا تسبقوهم فتهلكوا . كشف الاستار عن زوائد البزّاز : 3 / 221 ح 2612 ، تفسير البحر المحيط لأبي حيان : 1 / 12 .
وعن جابر ، قال : أخذ النبي ( ص ) بيد علي والفضل بن عباس في مرض وفاته ، خرج يعتمد عليهما حتى جلس على المنبر فقال : أيها الناس ، تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . . . ينابيع المودة : 1 / 125 ح 58 .
في الحجرة وقد امتلأت بالناس برواية فاطمة سلام اللّه عليها
قال القندوزي : أخرج ابن عقدة من طريق عروة بن خارجة عن فاطمة الزهراء ( س ) قالت : سمعت أبي رسول اللّه ( ص ) في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من اصحابه ( قال ) : أيها الناس إني يوشك أن أقبض قبضا سريعا وقد قدمت إليكم القول معذرة منكم ، ألا إني مخلف فيكم كتاب ربي عزوجل ، وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي ( ع ) فقال . هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فاسألكم ما تخلفوني فيهما . ينابيع المودة : 1 / 124 ح 56 . عن ابن أبي شيبة فى سمط النجوم العوالي : 2 / 502 رقم 136 . عن أمّ سلمة في مرضه قالت : وقد امتلأت الحجرة بأصحابه في الصواعق : 89 ، تهذيب اللغة 9 / 78 ، مقتل الحسين للخوارزمى : 1 / 164 .
حديث الثقلين بدون ذكر الزمان والمكان
أخرج ابن سعد المتوفى 230 ، في الطبقات بإسناده عن أبي سعيد الخدري . الطبقات : 2 / 194 . وهكذا أخرجه باختلاف في اللفظ : ابن أبي شيبة المتوفى 235 ، في المصنف : 7 / 176 وأحمد المتوفى 241 ، في المسند : 3 / 14 و17 ، والدارمي المتوفى 255 ، في سننه : 2 / 432 ، ومسلم المتوفى 261 ، في صحيحه : 7 / 122 كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب . والترمذي المتوفى 279 ، في سننه : 5 / 329 ، كتاب المناقب وابن أبي عاصم المتوفى 287 ، في كتاب السنة : 630 ، والطبراني المتوفى 360 ، في المعجم الصغير : 1 / 131 والعجم الأسط : 3 / 374 ، والمعجم الكبير : 3 / 65 ، والحاكم المتوفى 405 ، في المستدرك على الصحيحين : 3 / 148 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وأقرّ بصحته الذهبي في تلخيصه والقاضي عبد الجبار المعتزلي المتوفى 415 ، في المجلد العشرين من كتاب المغني في الكلام ، في القسم الأول ص 191 و 236 .
صحّة حديث الثقلين عند العلماء
مضافاً إلى ورود الرواية في صحيح مسلم ولو مبتوراً وهو يكفي في صحّته ، قال ابن كثير مع تعصبّه ونصبه في تفسيره : وقد ثبت في الصحيح أنّ رسول اللّه ( ص ) قال في خطبته بغدير خم « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتى وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض . تفسير ابن كثير : 4 / 122 . وقال أيضاً : قال شيخنا أبو عبد اللّه الذهبي : وهذا حديث صحيح . السيرة النبويّة : 4 / 416 . والبداية والنهاية : 5 / 228 .
وشهد بصحّته الشيخ ناصر الدين الألباني الوهّابي المتعصب المعاصر مع شدة نصبه وعداوته للشيعة الإماميّة . صحيح الجامع الصغير 2 : 217 ح 2454 .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات . مجمع الزوائد : 1 / 170 ، وقال في موضع آخر : ورواه أحمد وإسناده جيّد . . مجمع الزوائد : 9 / 256 .
وحكم بصحته ابن حجر المكي في كتابه الذي ألّفه ردّاً على الشيعة قائلاً : روى هذا الحديث ثلاثون صحابيّاً وإنّ كثيراً من طرقه صحيح وحسن . الصواعق المحرقة : 122 .
دلالة الحديث على الإمامة
إنّ حديث الثقلين يدلّ على إمامة الأئمّة ( ع ) من جهات:
1 - الأمر بالأخذ في قوله ( ص ) « ما إن أخذتم بهما لن تضلّوا » . كما في صحيح الترمذي : 5 / 228 ح 3874 ، مسند أحمد : 3 / 59 .
2 - الأمر بالتمسّك في قوله ( ص ) : « ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » ، كما في صحيح الترمذي : 5 / 329 ح 3876 ، الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 7 ، تفسير ابن كثير ج 4 ص 123 .
3 - الأمر بالمتابعة في قوله ( ص ) « لن تضلّوا إن اتبعتم واستمسكتم بهما » أو « لن تضلّوا إن اتبعتموها » . مسند أحمد : 1 / 118 ، المستدرك : 3 / 110 وقال صحيح على شرط الشيخين .
4 - الأمر بالاعتصام في قوله ( ص ) : « تركت فيكم ما لن تضلّوا إن اعتصمتم ، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » عن ابن أبي شيبة والخطيب في المتفق والمفترق . كنز العمال : 1 / 187 ح 951 .
ومعلوم بأنّ الأخذ والتمسك والمتابعة والاعتصام لا يلائم إلّا مع القول بإمامتهم ووجوب تلقي الإسلام والقرآن منهم والاقتداء بهم وإطاعة أوامرهم ونواهيهم .
كما صرّح ابن الملك بقوله : التمسك بالكتاب العمل بمافيه وهو الإئتمار بأوامر اللّه والانتهاء بنواهيه . ومعنى التمسك بالعترة : محبّتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم . المرقاة في شرح المشكاة : 5 / 600 .
قال المُناوي : قوله : « إنّي تارك فيكم » تلويح بل تصريح بأنّهما كتوأمين خلّفهما ووصّى أمّته بحسن معاملتهما وإيثار حقّهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين . فيض القدير : 2 / 174 .
وقال التفتازاني بعد نقل حديث صحيح مسلم : ألاترى أنّه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب اللّه تعالى في كون التمسك بهما منقذاً عن الضلالة ، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلّا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة . شرح المقاصد : 2 / 221 .
5 - قوله ( ص ) « لايفترقان حتى يردا عليّ الحوض » يدلّ على كون العترة حجّة كالقرآن في جميع الأزمنة والأمكنة والأحوال إلى يوم القيامة . والحجّة لا تكون إلّا بكونهم أئمّة . وعدم الافتراق يتمّ بالأخذ بقولهم والاهتداء بهدايتهم من دون أن يشترط بشروط ويقيّد بقيود وهو لا يمكن إلّا بالقول بكونهم أئمّة .
6 - قوله ( ص ) « لن تضلّوا » يدلّ على انحصار النجاة بالتمسّك بالعترة وضلالة من افترق عنهم ، كضلالة من افترق عن كلام اللّه .
7 - التعبير عن الثقلين بخليفتين في بعض الأحاديث ، مّما يؤيّد أنّ مراد النبي ( ص ) عن الوصيّة بالثقلين ، كونهم أئمّة وخلفاء ، كما روى أحمد بإسناده عن زيد بن ثابت قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي وأهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » . مسند أحمد : 5 / 182 و189 مجمع الزوائد : 1 / 170 ، قائلاً : ورجاله ثقات . الدر المنثور : 2 / 60 .
المناقشات والشبهات في حديث الثقلين
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي ، حديث الثقلين بسند واحد في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ثمّ بدء بالمناقشة في سنده وتضعيفه . العلل المتناهية في الأحاديث الواهية : 1 / 268 ، دار الكتب العلمية - بيروت - 1403 ه' .
وهذا مردود بامور :
1 - عدم اعتبار تضعيفات ابن الجوزي :
قد صرّح عدّة من العلماء بعد اعتبار تضعيفات ابن الجوزى كما قال السيوطي : وقد جمع في ذلك ابن الجونزى كتاباً فأكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى رتبة الوضع ؛ بل ومن الحسن ومن الصحيح ، كما نبّه بذلك الأئمّة الحفّاظ ومنهم ابن الصلاح في علوم الحديث وأتباعه . اللآلي المصنوعة 1 / 2 .
وقال ابن كثير : وقد صنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتاباً حافلاً في الموضوعات ، غير أنّه أدخل فيه ما ليس منه وأخرج عنه ما كان يلزمه ذكره ، فسقط عليه ولم يهتد إليه . الباعث الحثيث : 75 .
قال ابن حجر العسقلاني : فكيف يدّعي الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم؟ ولو فتح هذا الباب لأدّعي في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ، ولكن يأبى اللّه ذلك والمؤمنون . اللآلي المصنوعة : 1 / 350 .
2 - حكم العلماء على خطأ ابن الجوزي :
وقد خطّأه غير واحد من المحقّقين في ذكر هذا الحديث في علله ، كابن حجر المكّي ، حيث قال : وذكرُ ابن الجوزي لذلك في العلل المتناهية وهم ، أو غفلة عن استحضار بقيّة طرقه ؛ بل في مسلم عن زيد بن أرقم . الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 124 ط المحمدية بمصر .
وذكر عن السخاوي بأنّه قال : لم يصب ابن الجوزي في إيراده في العلل المتناهية كيف وفى صحيح مسلم وغيره ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابيّاً . الصواعق المحرقة : 136 .
وقال المُناوي : ووهم من زعم وَضْعَه كابن الجوزي قال السمهودي : وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة . فيض القدير : 3 / 20 . وقال أيضاً : فإيّاك أن تغترّ به وكأنّه لم يستحضره حينئذ . جواهر العقدين في الذكر الرابع في حثّه ( ص ) الامّة على التمسك بعده بكتاب ربّهم وأهل بيت نبيّهم .
وقال سبطه : والعجب كيف خفي عن جدّي ما روى مسلم في صحيحه من حديث زيدبنأرقم . تذكرة الخواص : 332 .
حديث الوصية بالكتاب والسنة
إنّ أقدم روات هذا الخبر هو : مالك بن أنس ( ت 179 ) في الموطأ : وحدّثني عن مالك أنّه بلغه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم قال : « تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب اللّه وسنة نبيه » الموطأ بشرح السيوطي 2 / 208 .
وذكر ابن هشام ( ت 218 ) في سيرته : 4 / 603 .
وأخرج الحاكم النيسابوري ( ت 405 ) . المستدرك على الصحيحين 1 / 93 . ورواه أبو بكر البيهقي ( ت 458 ) في السنن الكبرى 10 / 114 . وقال القاضي عياض ( المتوفى سنة 544 ) : . . . عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم : « أيها الناس ، إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه وسنّتي ، فلا تفسدوه ، وإنّه لا تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم ، ولن تقصر أيديكم ، ما أخذتم بهما » . الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع : 8 - 9 .
المناقشة في الحديث
هذا الخبر مما أعرض عنه البخاري ومسلم ولم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سندا لم يأخذ القوم به معتذرين باتفاق الشيخين على تركه !
2 - إنّه خبر غير مخرج في شئ من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو خبر اتفق أرباب الصحاح الستة وغيرهم على تركه !
3 - إنّه خبر غير مخرج في شئ من المسانيد المعتبرة كمسند أحمد بن حنبل ، وقد نقلوا عن أحمد أن ما ليس في المسند فليس بصحيح !
4 - إنّه قد صرّح غير واحد من رواة هذا الخبر بغرابته ، قال الحاكم : ذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب . المستدرك : 1 / 93 .
وقد قال بعد ذكر الحديث المشتمل على الاعتصام بالعترة : هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله . شاهده حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما إلى أن قال : قال رسول اللّه ( ص ) : إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتّبعوهما وهما كتاب اللّه وأهل بيتي عترتي . . . وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين . المستدرك على الصحيحين : 3 / 109 . قال المتقي : أبو نصر السجزي في الإبانة وقال : غريب جدّاً عن أبي هريرة . كنز العمال : 1 / 188 ح&rlm955 . وهكذا الحاكم في المستدرك : 1 / 188 ح 955 .
البحث في نفس كتاب الموطأ ومالك
وقال السيوطي : قال ابن حزم : . . . في الموطأ ثلاثمائة ونيف مرسلاً ، وفيه نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل بها ، وفيه أحاديث ضعيفة وهاها جمهور العلماء . تنوير الحوالك : 1 / 9 .
قال الخطيب في مالك : عابه جماعة من أهل العلم في زمانه . تاريخ بغداد : 10 / 223 ، راجع : جامع بيان العلم : 2 / 157 ، تهذيب التهذيب : 7 / 432 . عدّه المبرّد عن الخوارج وقال : يذكر عثمان وعلي وطلحة والزبير فيقول : واللّه ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر . الكامل للمبرّد : 1 / 159 . قد قال الليث بن سعد : قد أحصيت على مالك سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي مما قال مالك فيها برأيه . جامع بيان العلم 2 / 148 .
وفي سند الخبر في المستدرك والسنن عن ابن عباس ، هو : على إسماعيل بن أبي أويس وهو ابن أخت مالك . قال النسائي : ضعيف . الضعفاء والمتروكون : 14 .
وقال المروزي : كذّاب ، وروى ابن حزم سيف بن محمد : أنّ ابن أبي أويس كان يضع الحديث . تهذيب التهذيب : 1 / 271 .
وفي سند الخبر عن أبي هريرة : صالح بن موسى الطلحي الكوفي . قال ابن معين : ليس بشئ ، ليس بثقة . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : ضعيف الحديث جدّاً ، كثير المناكير عن الثقات . وقال البخاري : منكر الحديث . تهذيب التهذيب : 4 / 354 .
وفي سند الحديث في التمهيد لابن عبد البر ، كثير بن عبد اللّه ، قال أحمد : منكر الحديث ، ليس بشئ . سئل أبو داود عنه فقال : أحد الكذّابين . قال ابن عبد البر : ضعيف ، بل ذكر أنّه مجمع على ضعفه . تهذيب التهذيب : 8 / 377 .
عدم تعارض حديث الثقلين مع السنّة
قد جمع ابن حجر بينهما في صواعقه قائلاً : « وفي رواية كتاب اللّه وسنّتي وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب ؛ لأنّ السنة مبنيّة له ، فأغنى ذكره عن ذكرها ، والحاصل أنّ الحثّ وقع على التمسّك بالكتاب وبالسنّة وبالعلماء بهما من أهل البيت ، ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة » . الصواعق المحرقة ص 148 .
وبعبارة اخرى : إنّ ذكر أهل البيت هو ذكر السنة ؛ لأنّ كلّ ما عندهم مأخوذ بواسطة النبي ، أي بواسطة السنة ، ويؤيّده ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله لعلي عندما سأله : « ما أرث منك يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله : ما ورّث الأنبياء من قبل : كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم » . تاريخ دمشق : 21 / 415 ، 42 / 53 ، المناقب للخوارزمي : 152 .
قال ابن أبي الحديد : ( قال عمر بن الخطاب لابن عباس ) : إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم لصاحبك ، واللّه لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم . شرح نهج البلاغة ج 6 ص 327 .
وقال في موضع آخر : أجرؤهم والله إن وليها أن يحملهم على كتاب ربهم وسنّة نبيهم لصاحبك ! أما إن ولى أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم . شرح نهج البلاغة : 12 / 52 . وإن أبيت عن الجمع بينهما وقلت بتمامية المعارضة فلايكون لتقديم « وسنّتى » على « وعترتى » وجه . لأنّ حديث التمسك بالثقلين متواتر من جميع طبقاته وشهد بصحّته جمع من الأعلام ، بينما نرى الحديث الآخر لا يتجاوز في اعتباره عن كونه من أحاديث الآحاد . راجع : الاصول العامّة للفقه المقارن : 169
والله من وراء القصد
إلى الأخوة الوهابية
رغم أنني متاكد أنهم لم يدخلوها إلا أنني لبراءة الذمة أحببت وضعها
ماذا تعني هذه الأحاديث عندكم؟
حديث الثقلين
حديث الثقلين هذا حديث صحيح ، ثابت ، مشهور متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أخرجه الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد والسنن والمعاجم بطرق كثيرة صحيحة عن بضع وعشرين صحابيّاً منهم : علي بن أبي طالب ( ع ) وفاطمة ( س ) وزيد بن أرقم ، وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وزيد بن ثابت ، عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبو ذر وأبو هريرة وأم سلمة و . . .
الموارد التي صدرت حديث الثقلين
وقد صدع بها صلى الله عليه وآله في ملأ من الناس خمس مرات : 1 - عند انصرافه عن طائف . 2 - موقف يوم عرفة . 3 - موقف يوم غدير خم بالجحفة . 4 - موقف في المسجد بالمدينة . 5 - موقف في مرضه في الحجرة عندما رآها امتلأت من الناس .
تكراره ( ص ) في ثلاثة أشهر خمس مرات يدلّ على شدّة اهتمامه ( ص ) بهذا الأمر وشغل باله .
قال ابن حجر أيضاً بعد ذكر حديث الثقلين : ثم اعلم لحديث التمسك بهما طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيّاً . . . وفي بعض تلك الطرق أنّه قال ذلك بحجّة الوداع بعرفة ، وفي أخرى أنّه قاله بالمدينة في مرضه ، وقد امتلأت الحجرة بأصحابه . وفي أخرى أنّه قال ذلك بغدير خم ، وفي أخرى أنّه قال ذلك لمّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف كما مرّ .
ولا تنافي إذ لا مانع من أنّه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة . الصواعق المحرقة : 124 ط المحمدية بمصر وص 75 ط الميمنية ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 285 ط اسلامبول وص 342 ط الحيدرية .
يوم عرفة
أخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة : يا أيها الناس ، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد . صحيح الترمذي : 5 / 326 رقم 3874 ، مجمع الزوائد : 5 / 195 ، و 9 / 163 تفسير ابن كثير : 4 / 123 . . . .
يوم غدير خم
أخرج النسائي عن زيد بن أرقم عن رسول اللّه ( ص ) فيحجة الوداع في غدير خم ، قال : كأنّي دعيت فأجبت ، وإني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض . سنن النسائي : 5 / 45 و5 / 130 . وذكره مسلم باختلاف في صحيحه : 7 / 122 ، كتاب الفضائل باب فضائل علي . وصرّح بصحّته ابن كثير في تفسيره : 4 / 122 .
مسجد المدينة
قال ( ص ) في آخر خطبة خطبها وهو مريض : أيّها الناس ، إني تارك فيكم الثقلين ، إنّه لن تعمى أبصاركم ولن تضلّ قلوبكم ولن تزلّ أقدامكم ولن تقصر أيديكم : كتاب اللّه سبب بينكم وبينه ، طرفه بيده وطرفه بأيديكم ، فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ، ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر ، فلا تسبقوهم فتهلكوا . كشف الاستار عن زوائد البزّاز : 3 / 221 ح 2612 ، تفسير البحر المحيط لأبي حيان : 1 / 12 .
وعن جابر ، قال : أخذ النبي ( ص ) بيد علي والفضل بن عباس في مرض وفاته ، خرج يعتمد عليهما حتى جلس على المنبر فقال : أيها الناس ، تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . . . ينابيع المودة : 1 / 125 ح 58 .
في الحجرة وقد امتلأت بالناس برواية فاطمة سلام اللّه عليها
قال القندوزي : أخرج ابن عقدة من طريق عروة بن خارجة عن فاطمة الزهراء ( س ) قالت : سمعت أبي رسول اللّه ( ص ) في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من اصحابه ( قال ) : أيها الناس إني يوشك أن أقبض قبضا سريعا وقد قدمت إليكم القول معذرة منكم ، ألا إني مخلف فيكم كتاب ربي عزوجل ، وعترتي أهل بيتي ، ثم أخذ بيد علي ( ع ) فقال . هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض فاسألكم ما تخلفوني فيهما . ينابيع المودة : 1 / 124 ح 56 . عن ابن أبي شيبة فى سمط النجوم العوالي : 2 / 502 رقم 136 . عن أمّ سلمة في مرضه قالت : وقد امتلأت الحجرة بأصحابه في الصواعق : 89 ، تهذيب اللغة 9 / 78 ، مقتل الحسين للخوارزمى : 1 / 164 .
حديث الثقلين بدون ذكر الزمان والمكان
أخرج ابن سعد المتوفى 230 ، في الطبقات بإسناده عن أبي سعيد الخدري . الطبقات : 2 / 194 . وهكذا أخرجه باختلاف في اللفظ : ابن أبي شيبة المتوفى 235 ، في المصنف : 7 / 176 وأحمد المتوفى 241 ، في المسند : 3 / 14 و17 ، والدارمي المتوفى 255 ، في سننه : 2 / 432 ، ومسلم المتوفى 261 ، في صحيحه : 7 / 122 كتاب الفضائل باب فضائل علي بن أبي طالب . والترمذي المتوفى 279 ، في سننه : 5 / 329 ، كتاب المناقب وابن أبي عاصم المتوفى 287 ، في كتاب السنة : 630 ، والطبراني المتوفى 360 ، في المعجم الصغير : 1 / 131 والعجم الأسط : 3 / 374 ، والمعجم الكبير : 3 / 65 ، والحاكم المتوفى 405 ، في المستدرك على الصحيحين : 3 / 148 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وأقرّ بصحته الذهبي في تلخيصه والقاضي عبد الجبار المعتزلي المتوفى 415 ، في المجلد العشرين من كتاب المغني في الكلام ، في القسم الأول ص 191 و 236 .
صحّة حديث الثقلين عند العلماء
مضافاً إلى ورود الرواية في صحيح مسلم ولو مبتوراً وهو يكفي في صحّته ، قال ابن كثير مع تعصبّه ونصبه في تفسيره : وقد ثبت في الصحيح أنّ رسول اللّه ( ص ) قال في خطبته بغدير خم « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتى وإنّهما لم يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض . تفسير ابن كثير : 4 / 122 . وقال أيضاً : قال شيخنا أبو عبد اللّه الذهبي : وهذا حديث صحيح . السيرة النبويّة : 4 / 416 . والبداية والنهاية : 5 / 228 .
وشهد بصحّته الشيخ ناصر الدين الألباني الوهّابي المتعصب المعاصر مع شدة نصبه وعداوته للشيعة الإماميّة . صحيح الجامع الصغير 2 : 217 ح 2454 .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات . مجمع الزوائد : 1 / 170 ، وقال في موضع آخر : ورواه أحمد وإسناده جيّد . . مجمع الزوائد : 9 / 256 .
وحكم بصحته ابن حجر المكي في كتابه الذي ألّفه ردّاً على الشيعة قائلاً : روى هذا الحديث ثلاثون صحابيّاً وإنّ كثيراً من طرقه صحيح وحسن . الصواعق المحرقة : 122 .
دلالة الحديث على الإمامة
إنّ حديث الثقلين يدلّ على إمامة الأئمّة ( ع ) من جهات:
1 - الأمر بالأخذ في قوله ( ص ) « ما إن أخذتم بهما لن تضلّوا » . كما في صحيح الترمذي : 5 / 228 ح 3874 ، مسند أحمد : 3 / 59 .
2 - الأمر بالتمسّك في قوله ( ص ) : « ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » ، كما في صحيح الترمذي : 5 / 329 ح 3876 ، الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 7 ، تفسير ابن كثير ج 4 ص 123 .
3 - الأمر بالمتابعة في قوله ( ص ) « لن تضلّوا إن اتبعتم واستمسكتم بهما » أو « لن تضلّوا إن اتبعتموها » . مسند أحمد : 1 / 118 ، المستدرك : 3 / 110 وقال صحيح على شرط الشيخين .
4 - الأمر بالاعتصام في قوله ( ص ) : « تركت فيكم ما لن تضلّوا إن اعتصمتم ، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » عن ابن أبي شيبة والخطيب في المتفق والمفترق . كنز العمال : 1 / 187 ح 951 .
ومعلوم بأنّ الأخذ والتمسك والمتابعة والاعتصام لا يلائم إلّا مع القول بإمامتهم ووجوب تلقي الإسلام والقرآن منهم والاقتداء بهم وإطاعة أوامرهم ونواهيهم .
كما صرّح ابن الملك بقوله : التمسك بالكتاب العمل بمافيه وهو الإئتمار بأوامر اللّه والانتهاء بنواهيه . ومعنى التمسك بالعترة : محبّتهم والاهتداء بهداهم وسيرتهم . المرقاة في شرح المشكاة : 5 / 600 .
قال المُناوي : قوله : « إنّي تارك فيكم » تلويح بل تصريح بأنّهما كتوأمين خلّفهما ووصّى أمّته بحسن معاملتهما وإيثار حقّهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين . فيض القدير : 2 / 174 .
وقال التفتازاني بعد نقل حديث صحيح مسلم : ألاترى أنّه عليه الصلاة والسلام قرنهم بكتاب اللّه تعالى في كون التمسك بهما منقذاً عن الضلالة ، ولا معنى للتمسك بالكتاب إلّا الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة . شرح المقاصد : 2 / 221 .
5 - قوله ( ص ) « لايفترقان حتى يردا عليّ الحوض » يدلّ على كون العترة حجّة كالقرآن في جميع الأزمنة والأمكنة والأحوال إلى يوم القيامة . والحجّة لا تكون إلّا بكونهم أئمّة . وعدم الافتراق يتمّ بالأخذ بقولهم والاهتداء بهدايتهم من دون أن يشترط بشروط ويقيّد بقيود وهو لا يمكن إلّا بالقول بكونهم أئمّة .
6 - قوله ( ص ) « لن تضلّوا » يدلّ على انحصار النجاة بالتمسّك بالعترة وضلالة من افترق عنهم ، كضلالة من افترق عن كلام اللّه .
7 - التعبير عن الثقلين بخليفتين في بعض الأحاديث ، مّما يؤيّد أنّ مراد النبي ( ص ) عن الوصيّة بالثقلين ، كونهم أئمّة وخلفاء ، كما روى أحمد بإسناده عن زيد بن ثابت قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي وأهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » . مسند أحمد : 5 / 182 و189 مجمع الزوائد : 1 / 170 ، قائلاً : ورجاله ثقات . الدر المنثور : 2 / 60 .
المناقشات والشبهات في حديث الثقلين
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي ، حديث الثقلين بسند واحد في كتاب العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ثمّ بدء بالمناقشة في سنده وتضعيفه . العلل المتناهية في الأحاديث الواهية : 1 / 268 ، دار الكتب العلمية - بيروت - 1403 ه' .
وهذا مردود بامور :
1 - عدم اعتبار تضعيفات ابن الجوزي :
قد صرّح عدّة من العلماء بعد اعتبار تضعيفات ابن الجوزى كما قال السيوطي : وقد جمع في ذلك ابن الجونزى كتاباً فأكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى رتبة الوضع ؛ بل ومن الحسن ومن الصحيح ، كما نبّه بذلك الأئمّة الحفّاظ ومنهم ابن الصلاح في علوم الحديث وأتباعه . اللآلي المصنوعة 1 / 2 .
وقال ابن كثير : وقد صنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتاباً حافلاً في الموضوعات ، غير أنّه أدخل فيه ما ليس منه وأخرج عنه ما كان يلزمه ذكره ، فسقط عليه ولم يهتد إليه . الباعث الحثيث : 75 .
قال ابن حجر العسقلاني : فكيف يدّعي الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم؟ ولو فتح هذا الباب لأدّعي في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ، ولكن يأبى اللّه ذلك والمؤمنون . اللآلي المصنوعة : 1 / 350 .
2 - حكم العلماء على خطأ ابن الجوزي :
وقد خطّأه غير واحد من المحقّقين في ذكر هذا الحديث في علله ، كابن حجر المكّي ، حيث قال : وذكرُ ابن الجوزي لذلك في العلل المتناهية وهم ، أو غفلة عن استحضار بقيّة طرقه ؛ بل في مسلم عن زيد بن أرقم . الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 124 ط المحمدية بمصر .
وذكر عن السخاوي بأنّه قال : لم يصب ابن الجوزي في إيراده في العلل المتناهية كيف وفى صحيح مسلم وغيره ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابيّاً . الصواعق المحرقة : 136 .
وقال المُناوي : ووهم من زعم وَضْعَه كابن الجوزي قال السمهودي : وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة . فيض القدير : 3 / 20 . وقال أيضاً : فإيّاك أن تغترّ به وكأنّه لم يستحضره حينئذ . جواهر العقدين في الذكر الرابع في حثّه ( ص ) الامّة على التمسك بعده بكتاب ربّهم وأهل بيت نبيّهم .
وقال سبطه : والعجب كيف خفي عن جدّي ما روى مسلم في صحيحه من حديث زيدبنأرقم . تذكرة الخواص : 332 .
حديث الوصية بالكتاب والسنة
إنّ أقدم روات هذا الخبر هو : مالك بن أنس ( ت 179 ) في الموطأ : وحدّثني عن مالك أنّه بلغه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم قال : « تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب اللّه وسنة نبيه » الموطأ بشرح السيوطي 2 / 208 .
وذكر ابن هشام ( ت 218 ) في سيرته : 4 / 603 .
وأخرج الحاكم النيسابوري ( ت 405 ) . المستدرك على الصحيحين 1 / 93 . ورواه أبو بكر البيهقي ( ت 458 ) في السنن الكبرى 10 / 114 . وقال القاضي عياض ( المتوفى سنة 544 ) : . . . عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم : « أيها الناس ، إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه وسنّتي ، فلا تفسدوه ، وإنّه لا تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم ، ولن تقصر أيديكم ، ما أخذتم بهما » . الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع : 8 - 9 .
المناقشة في الحديث
هذا الخبر مما أعرض عنه البخاري ومسلم ولم يخرجاه في كتابيهما المعروفين بالصحيحين ، وكم من حديث صحيح سندا لم يأخذ القوم به معتذرين باتفاق الشيخين على تركه !
2 - إنّه خبر غير مخرج في شئ من سائر الكتب المعروفة عندهم بالصحاح ، فهو خبر اتفق أرباب الصحاح الستة وغيرهم على تركه !
3 - إنّه خبر غير مخرج في شئ من المسانيد المعتبرة كمسند أحمد بن حنبل ، وقد نقلوا عن أحمد أن ما ليس في المسند فليس بصحيح !
4 - إنّه قد صرّح غير واحد من رواة هذا الخبر بغرابته ، قال الحاكم : ذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب . المستدرك : 1 / 93 .
وقد قال بعد ذكر الحديث المشتمل على الاعتصام بالعترة : هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله . شاهده حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما إلى أن قال : قال رسول اللّه ( ص ) : إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتّبعوهما وهما كتاب اللّه وأهل بيتي عترتي . . . وحديث بريدة الأسلمي صحيح على شرط الشيخين . المستدرك على الصحيحين : 3 / 109 . قال المتقي : أبو نصر السجزي في الإبانة وقال : غريب جدّاً عن أبي هريرة . كنز العمال : 1 / 188 ح&rlm955 . وهكذا الحاكم في المستدرك : 1 / 188 ح 955 .
البحث في نفس كتاب الموطأ ومالك
وقال السيوطي : قال ابن حزم : . . . في الموطأ ثلاثمائة ونيف مرسلاً ، وفيه نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل بها ، وفيه أحاديث ضعيفة وهاها جمهور العلماء . تنوير الحوالك : 1 / 9 .
قال الخطيب في مالك : عابه جماعة من أهل العلم في زمانه . تاريخ بغداد : 10 / 223 ، راجع : جامع بيان العلم : 2 / 157 ، تهذيب التهذيب : 7 / 432 . عدّه المبرّد عن الخوارج وقال : يذكر عثمان وعلي وطلحة والزبير فيقول : واللّه ما اقتتلوا إلا على الثريد الأعفر . الكامل للمبرّد : 1 / 159 . قد قال الليث بن سعد : قد أحصيت على مالك سبعين مسألة كلها مخالفة لسنة النبي مما قال مالك فيها برأيه . جامع بيان العلم 2 / 148 .
وفي سند الخبر في المستدرك والسنن عن ابن عباس ، هو : على إسماعيل بن أبي أويس وهو ابن أخت مالك . قال النسائي : ضعيف . الضعفاء والمتروكون : 14 .
وقال المروزي : كذّاب ، وروى ابن حزم سيف بن محمد : أنّ ابن أبي أويس كان يضع الحديث . تهذيب التهذيب : 1 / 271 .
وفي سند الخبر عن أبي هريرة : صالح بن موسى الطلحي الكوفي . قال ابن معين : ليس بشئ ، ليس بثقة . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : ضعيف الحديث جدّاً ، كثير المناكير عن الثقات . وقال البخاري : منكر الحديث . تهذيب التهذيب : 4 / 354 .
وفي سند الحديث في التمهيد لابن عبد البر ، كثير بن عبد اللّه ، قال أحمد : منكر الحديث ، ليس بشئ . سئل أبو داود عنه فقال : أحد الكذّابين . قال ابن عبد البر : ضعيف ، بل ذكر أنّه مجمع على ضعفه . تهذيب التهذيب : 8 / 377 .
عدم تعارض حديث الثقلين مع السنّة
قد جمع ابن حجر بينهما في صواعقه قائلاً : « وفي رواية كتاب اللّه وسنّتي وهي المراد من الأحاديث المقتصرة على الكتاب ؛ لأنّ السنة مبنيّة له ، فأغنى ذكره عن ذكرها ، والحاصل أنّ الحثّ وقع على التمسّك بالكتاب وبالسنّة وبالعلماء بهما من أهل البيت ، ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الأمور الثلاثة إلى قيام الساعة » . الصواعق المحرقة ص 148 .
وبعبارة اخرى : إنّ ذكر أهل البيت هو ذكر السنة ؛ لأنّ كلّ ما عندهم مأخوذ بواسطة النبي ، أي بواسطة السنة ، ويؤيّده ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله لعلي عندما سأله : « ما أرث منك يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله : ما ورّث الأنبياء من قبل : كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم » . تاريخ دمشق : 21 / 415 ، 42 / 53 ، المناقب للخوارزمي : 152 .
قال ابن أبي الحديد : ( قال عمر بن الخطاب لابن عباس ) : إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم لصاحبك ، واللّه لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم . شرح نهج البلاغة ج 6 ص 327 .
وقال في موضع آخر : أجرؤهم والله إن وليها أن يحملهم على كتاب ربهم وسنّة نبيهم لصاحبك ! أما إن ولى أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم . شرح نهج البلاغة : 12 / 52 . وإن أبيت عن الجمع بينهما وقلت بتمامية المعارضة فلايكون لتقديم « وسنّتى » على « وعترتى » وجه . لأنّ حديث التمسك بالثقلين متواتر من جميع طبقاته وشهد بصحّته جمع من الأعلام ، بينما نرى الحديث الآخر لا يتجاوز في اعتباره عن كونه من أحاديث الآحاد . راجع : الاصول العامّة للفقه المقارن : 169
والله من وراء القصد