عاشق الامام الكاظم
28-05-2009, 08:21 PM
1- التقوى والورع
ذكرنا آنفاان الشيخ اهتم بتهذيب نفسه منذ نعومة أظافره فقد كان ولا يزال يولي تحصيل العلوم وتزكي النفس اهتماما بالغا يجعلك تشعر بأنه ليس له أي عمل آخر سوى الانشغال بهذين الأمرين .
فكان يصر دائما على الجهد المتواصل والسلوك الشامل لتقوية بنية الانسان الاخلاقية التي تمكنه من مواصلة الصراع والانتصار على الرذائل الاخلاقية وتعينه في جهاده الأكبر ضد أهوائه ونفسانياته .
كما كان يؤمن دوما بضرورة ملازمة العلم والاخلاق ويحذر من خطورة افتراقهما ويعتقد بأن الخسارة التي يمكن أن تنجم من العالم اللامهذب والعلم اللامزكي هي أكبر وأكثر بكثير من أية خسارة اخرى .
فالشيخ انسان مخلص ومشتاق يحرص دائما على الاستفادة من جميع لحظات حياته في سبيل الله ويسعى أن يكون دوما متصلا بالله سبحانه وتعالى فهو ينظر إلى كل شيء وشخص بعين إلهية ربانية .
يقول أحد المجتهدين الكبار في هذا الصدد : ( ليس صحيحا أن نقول ان الشيخ رجل متقي فحسب ، بل انه التقوى بعينها) .
ويقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي :
(أخبرني أحد السادة المحبين للشيخ والمطلعين على أحواله ان الشيخ كان يقضي معظم أوقاته في كل ليلة في التفكر في مجاري المعارف الإلهية ولم يلاض أبدا أن يقضى وقته بالباطل أو بالحضور في مجالس العبث وكان يحترز من الكلام الفارغ ، وعندما كان يذهب إلى الدرس أو إلى زيارة أميرالمؤمنين (ع) كان يضع عباءته على رأسه ولا يلتفت إلى أحد أثناء مشيته ... انه رجل كتوم خصوصا في بيان حالاته العرفانية كما انه كتوم في اظهار الألطاف الإلهية الخاصة التي أفاضها الله تعالى عليه ) .
2- الزهد والبساطة في العيش
ان أولياء الله لا ينظرون إلى مظاهر الدنيا كما ينظر إليها الناس العاديون بل ينظرون إلى حقيقة الدنيا ، فهم لا يشغلون أنفسهم إلا بضمان مستقبلهم الحقيقي ويبتعدون دائما عن قيود المطامع ويعيشون في صفو القناعة والتواضع .
ولذلك فأنهم يحصلون على روح تفوح منها المعنوية والنقاء ، أما الناس العاديون فانهم يعيشون في ظلمات الجهل والغفلة والترف وينهمكون في المطامع والأهواء .
ويعد الشيخ آية الله بهجت من أولياء الله الصالحين فهو زاهد عارف عاش دائما بتواضع وزهد واعراض عن الدنيا وهو من أبرز الزاهدين في عصرنا هذا ، فقد أدرك حقيقة الدنيا وباطنها وانجذب بكل وجوده إلى عالم المعنى ، فلم تشوبه المادة ، بل تحرر من جميع قيودها .
انه لم يبتعد عن الدنيا ومظاهرها فكريا فحسب ، بل خطى في هذا الطريق خطوات عملية واسعة في شتى مجالات حياته اليومية ، فحياته البسيطة واقامته في بيت قديم وصغير في مدينة قم المقدسة وعدم استجابته لمطاليب العلماء والناس المستمرة التي تطالب بتبديل بيته ، هو خير دليل على زهده وتواضعه وعظمة روحه .
يقول الشيخ المصباح اليزدي مشيرا إلى زهده وتواضعه :
( كان آية الله بهجت قد استأجر بيتا في جوار مدرسة (الحجتية) ثم استأجر بيتا صغيرا في بداية شارع (چهار مردان ) ولم يكن في ذلك البيت أكثر من غرفتين فكان يسدل ستارا وسط الغرفة التي نحضر فيها ، وكانت عائلته تعيش وراء ذلك الستار وكنا نحضر الدرس في الجانب الآخر. انها حياة بسيطة بعيدة عن التكلف والترف ومفعمة بالنور والمعنوية ...
وحتى يومنا هذا لا يملك الشيخ بيتا يسع إلى عدد كبير من الزائرين ، فليس في بيته سوى غرفتين أو ثلاث غرف صغيرة مفروشة بنفس الفراش القديم الذي كان يفرشه قبل أكثر من أربعين سنة ولم يتغير بيته بعد مرجعيته رغم انه لا يسع لاستقبال الزائرين والمراجعين الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم . لذا يجلس الشيخ في أيام الأعياد والأعزية في مسجد (فاطمية) لا ستقبال الناس ) .
ويقول آية الله المسعودي :
( عرض الكثير من الناس على الشيخ ان يشترو له بيتا ولكنه رفض كل هذه المعروض وقد قلت له مرارا عديدة : سيدي ان هذا بيت قديم وغير مناسب للسكن وقد لا يجوز السكن فيه من الناحية الشرعية ولكن الشيخ لم يصغ لهذا الكلام ولم يعر له اية أهمية .
3- العبادة
ان العبادة والتقيد بالعبادات يعد عاملا رئيسيا في توفيق الانسان وتكامله وقد قطع الشيخ في هذا المجال مشوارا طويلا من شأنه ان يكون اسوة للآخرين .
فعلاقة آية الله بهجت وارتباطه الوثيق بربه وذكره الدائم ومواظبته على النوافل وتهجده العجيب امر يثير الدهشة ويدعو الى الاعتبار.
اما صلاة الجماعة التي يقيمها الشيخ فهي من اروع وافضل واخلص الصلواة التي تقام في ايران الاسلامية . اذ يشترك في هذه الصلاة العلماء الافاضل والطلاب الاتقياء والمجاهدين الاشاوس وباقي الناس بجميع اصنافهم .
وتتحلى هذه الصلاة بالمعنوية الكاملة بحيث يجتمع فيها احيانا وخصوصا في ليالى الجمعة انين الشيخ وبكاء المصلين فتعرج فيها الارواح وتبكي فيها العيون وتصقل فيها القلوب .
ولا شك في انه لا يوجد مكان معنوي وملكوتي كهذا في اية صلاة جماعة اخرى في عصرنا الحاضر.
وليس عجيبا ان يكتظ المسجد بالمصلين ويضيق المكان بهم في اغلب الاوقات فيضطر الكثير منهم حتى اولئك الذين جائوا من مكان بعيد لينالوا فيض هذه الصلاة ان يغادروا المسجد قبل اقامتها .
ان هذه الصلاة كانت ولا تزال محطا لأنظار اولياء الله فقد كان يحضرها آية الله الطباطبائي وكان آية الله بهاء الديني يوليها بعنايته الخاصة .
وفي هذا الصدد ينقل آية الله محمد حسن الاحمدي الفقيه اليزدي خاطرة لا يخلو ذكرها من لطف :
( كان آية الله بهاء الديني يقيم صلاة الجماعة قبل آية الله بهجت في ليالي شهر رمضان وذات يوم اراد ان يبعث احد اقربائه الى مكان ما ليقض له عمل ما ولكن الرجل امتنع عن الذهاب قائلا : ( لو ذهبت فاني سأحرم من الصلاة والإقتداء بكم) فقال آية الله بهاء الديني : (اذهب واقض لى هذا العمل ثم اقم الصلاة مقتديا بآية الله بهجت بعد الأفطار) .
ويقول الشيخ المصباح متطرقا الى صلاة الجماعة التي يقيمها الشيخ وسوابقها قائلا :
( كان آية الله بهجت يتبع برنامجا خاصا قبل أكثرمن أربعين عاما فقد كان يتمشى قبل الغروب الى حي (الصفائية) ـ الذي كان آنذاك منطقة زراعية ولم يحدث فيه أي بناء ـ ويعبر بعض المزارع ثم يجلس ويقيم صلاة المغرب والعشاء في ذلك المكان وكان بعض الاخوة يحضرون تلك الصلاة .
ويقول أحد هؤلاء الاخوة : ( ذات ليلة تحدث آية الله بهجت بعد الصلاة وقال : لو كان سلاطين العالم يعلمون كم يشعر الانسان باللذة اثناء العبادة لتركوا سلطانهم ).
وبعد أن اشترى الشيخ بيته الذي يقيم فيه الآن كان أغلب الاخوة يحضرون في هذا البيت لأقامة الصلاة لأنه كان اقرب من المكان السابق .
ثم استدعي الشيخ الى مسجد (فاطمية) واصبح ذلك المسجد محلا لاجتماع كل الاشخاص الراغبين في اقامة الصلاة بامامته وقد مضى اكثر من اربعين سنة على اقامة هذه الصلاة ثلاث مرات يوميا في هذا المسجد . وقد نقل الشيخ في الأيام الأخيرة محل اقامة درسه من البيت الى هذا المسجد كما تقام فيه أيضا المراسم الخاصة بالاعياد والأعزية .
ويقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي مستعرضا تهجد الشيخ وبكائه في الليل :
( كان آية الله بهجت مواظبا على الصلاة والبكاء الليلي وخصوصا في ليالي الجمعة فقد قال لي احد العلماء الكبار: سمعت الشيخ في احدى ليالي الجمعة يبكي بحرقة ويخاطب ربه كرارا وهو ساجد :
( الهي من لي غيرك اسأله كشف ضري والنظرفي أمري ؟..).
4- الزيارة والتوسل
يبدأ الشيخ برنامجه اليومي رغم كبر سنه بزيارة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) فانه يتشرف يوميا بزيارة السيدة المعصومة ويقف امام الضريح الطاهر يخضوع وخشوع واحترام تام ثم يقرأ زيارة عاشورا .
ويروي مؤلف كتاب انوار الملكوت عن آية الله الشيخ عباس القوچاني وصي المرحوم الميرزا علي آغا القاضي هذه الرواية الطريفة :
كثيرا ما كان آية الله بهجت يذهب الى مسجد السهلة ويقضي الليل وحيدا حتى الصباح في ذلك المسجد . وذات ليلة اذ لم يكن مصباح المسجد موقودا وكان الظلام دامسا ، احتاج الشيخ الى تجديد وضوئه في منتصف الليل فاضطر الى الخروج من المسجد والذهاب الى الجانب الشرقي منه حيث المرافق الصحية موجودة هناك وبينما هو يمشي في ظلام ، شعر الشيخ بشيء من الخوف وفجأة ظهر ضوء أمامه وأخذ يضي له الطريق كالمصباح حتى أكمل الشيخ وضوئه ورجع الى المسجد وعندما دخل الشيخ المسجد اختف ذلك الضوء .
5- التواضع
من الأبعاد البارزة الاخرى في شخصية الشيخ المعنوية ، التواضع والتهرب من الشهرة ومخالفة الهوى . فلم يسمح الشيخ بطبع فتاواه حتى توفي جميع المراجع السابقين له في العمر بل حتى زملائه الذين كانوا يدرسون معه في زمن واحد مع انه يعد من مشاهير رجال الفقه والاجتهاد ومن المدرسين البارزين في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة . ورغم كل ذلك لم يسمح الشيخ بطبع فتاواه الابعد الحاح العلماء واصرارهم كما انه لم يجوز على الاطلاق استخدام الوجوه الشرعية لطبع رسالته العلمية ويؤكد دائما على الخطباء في المجالس التي يقيمها ان لا يذكروا اسمه في المجلس وهذا دليل على تقواه وورعه ومخالفته لهواه .
ويقول الحاج الشيخ قدس في تواضعه :
( ذات يوم زرنا انا وضيفي المرحوم حجة الاسلام نصر الله اللاهوتي الشيخ بهجت فقال ضيفى للشيخ : ( سمعت احدا ينتقدك في مدينة مشهد اثناء زيارتي لهذه المدينة فغضبت لذلك اي غضب ) فقال الشيخ بهجت : لقد ورد في رواياتنا ان ( اتهموا عالما اقبل على الدنيا ) فتأثرت ودهشت من هذا الجواب ، فان كانت حياة هذا الرجل اقبالا على الدنيا فكيف بنا نحن؟
ذكرنا آنفاان الشيخ اهتم بتهذيب نفسه منذ نعومة أظافره فقد كان ولا يزال يولي تحصيل العلوم وتزكي النفس اهتماما بالغا يجعلك تشعر بأنه ليس له أي عمل آخر سوى الانشغال بهذين الأمرين .
فكان يصر دائما على الجهد المتواصل والسلوك الشامل لتقوية بنية الانسان الاخلاقية التي تمكنه من مواصلة الصراع والانتصار على الرذائل الاخلاقية وتعينه في جهاده الأكبر ضد أهوائه ونفسانياته .
كما كان يؤمن دوما بضرورة ملازمة العلم والاخلاق ويحذر من خطورة افتراقهما ويعتقد بأن الخسارة التي يمكن أن تنجم من العالم اللامهذب والعلم اللامزكي هي أكبر وأكثر بكثير من أية خسارة اخرى .
فالشيخ انسان مخلص ومشتاق يحرص دائما على الاستفادة من جميع لحظات حياته في سبيل الله ويسعى أن يكون دوما متصلا بالله سبحانه وتعالى فهو ينظر إلى كل شيء وشخص بعين إلهية ربانية .
يقول أحد المجتهدين الكبار في هذا الصدد : ( ليس صحيحا أن نقول ان الشيخ رجل متقي فحسب ، بل انه التقوى بعينها) .
ويقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي :
(أخبرني أحد السادة المحبين للشيخ والمطلعين على أحواله ان الشيخ كان يقضي معظم أوقاته في كل ليلة في التفكر في مجاري المعارف الإلهية ولم يلاض أبدا أن يقضى وقته بالباطل أو بالحضور في مجالس العبث وكان يحترز من الكلام الفارغ ، وعندما كان يذهب إلى الدرس أو إلى زيارة أميرالمؤمنين (ع) كان يضع عباءته على رأسه ولا يلتفت إلى أحد أثناء مشيته ... انه رجل كتوم خصوصا في بيان حالاته العرفانية كما انه كتوم في اظهار الألطاف الإلهية الخاصة التي أفاضها الله تعالى عليه ) .
2- الزهد والبساطة في العيش
ان أولياء الله لا ينظرون إلى مظاهر الدنيا كما ينظر إليها الناس العاديون بل ينظرون إلى حقيقة الدنيا ، فهم لا يشغلون أنفسهم إلا بضمان مستقبلهم الحقيقي ويبتعدون دائما عن قيود المطامع ويعيشون في صفو القناعة والتواضع .
ولذلك فأنهم يحصلون على روح تفوح منها المعنوية والنقاء ، أما الناس العاديون فانهم يعيشون في ظلمات الجهل والغفلة والترف وينهمكون في المطامع والأهواء .
ويعد الشيخ آية الله بهجت من أولياء الله الصالحين فهو زاهد عارف عاش دائما بتواضع وزهد واعراض عن الدنيا وهو من أبرز الزاهدين في عصرنا هذا ، فقد أدرك حقيقة الدنيا وباطنها وانجذب بكل وجوده إلى عالم المعنى ، فلم تشوبه المادة ، بل تحرر من جميع قيودها .
انه لم يبتعد عن الدنيا ومظاهرها فكريا فحسب ، بل خطى في هذا الطريق خطوات عملية واسعة في شتى مجالات حياته اليومية ، فحياته البسيطة واقامته في بيت قديم وصغير في مدينة قم المقدسة وعدم استجابته لمطاليب العلماء والناس المستمرة التي تطالب بتبديل بيته ، هو خير دليل على زهده وتواضعه وعظمة روحه .
يقول الشيخ المصباح اليزدي مشيرا إلى زهده وتواضعه :
( كان آية الله بهجت قد استأجر بيتا في جوار مدرسة (الحجتية) ثم استأجر بيتا صغيرا في بداية شارع (چهار مردان ) ولم يكن في ذلك البيت أكثر من غرفتين فكان يسدل ستارا وسط الغرفة التي نحضر فيها ، وكانت عائلته تعيش وراء ذلك الستار وكنا نحضر الدرس في الجانب الآخر. انها حياة بسيطة بعيدة عن التكلف والترف ومفعمة بالنور والمعنوية ...
وحتى يومنا هذا لا يملك الشيخ بيتا يسع إلى عدد كبير من الزائرين ، فليس في بيته سوى غرفتين أو ثلاث غرف صغيرة مفروشة بنفس الفراش القديم الذي كان يفرشه قبل أكثر من أربعين سنة ولم يتغير بيته بعد مرجعيته رغم انه لا يسع لاستقبال الزائرين والمراجعين الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم . لذا يجلس الشيخ في أيام الأعياد والأعزية في مسجد (فاطمية) لا ستقبال الناس ) .
ويقول آية الله المسعودي :
( عرض الكثير من الناس على الشيخ ان يشترو له بيتا ولكنه رفض كل هذه المعروض وقد قلت له مرارا عديدة : سيدي ان هذا بيت قديم وغير مناسب للسكن وقد لا يجوز السكن فيه من الناحية الشرعية ولكن الشيخ لم يصغ لهذا الكلام ولم يعر له اية أهمية .
3- العبادة
ان العبادة والتقيد بالعبادات يعد عاملا رئيسيا في توفيق الانسان وتكامله وقد قطع الشيخ في هذا المجال مشوارا طويلا من شأنه ان يكون اسوة للآخرين .
فعلاقة آية الله بهجت وارتباطه الوثيق بربه وذكره الدائم ومواظبته على النوافل وتهجده العجيب امر يثير الدهشة ويدعو الى الاعتبار.
اما صلاة الجماعة التي يقيمها الشيخ فهي من اروع وافضل واخلص الصلواة التي تقام في ايران الاسلامية . اذ يشترك في هذه الصلاة العلماء الافاضل والطلاب الاتقياء والمجاهدين الاشاوس وباقي الناس بجميع اصنافهم .
وتتحلى هذه الصلاة بالمعنوية الكاملة بحيث يجتمع فيها احيانا وخصوصا في ليالى الجمعة انين الشيخ وبكاء المصلين فتعرج فيها الارواح وتبكي فيها العيون وتصقل فيها القلوب .
ولا شك في انه لا يوجد مكان معنوي وملكوتي كهذا في اية صلاة جماعة اخرى في عصرنا الحاضر.
وليس عجيبا ان يكتظ المسجد بالمصلين ويضيق المكان بهم في اغلب الاوقات فيضطر الكثير منهم حتى اولئك الذين جائوا من مكان بعيد لينالوا فيض هذه الصلاة ان يغادروا المسجد قبل اقامتها .
ان هذه الصلاة كانت ولا تزال محطا لأنظار اولياء الله فقد كان يحضرها آية الله الطباطبائي وكان آية الله بهاء الديني يوليها بعنايته الخاصة .
وفي هذا الصدد ينقل آية الله محمد حسن الاحمدي الفقيه اليزدي خاطرة لا يخلو ذكرها من لطف :
( كان آية الله بهاء الديني يقيم صلاة الجماعة قبل آية الله بهجت في ليالي شهر رمضان وذات يوم اراد ان يبعث احد اقربائه الى مكان ما ليقض له عمل ما ولكن الرجل امتنع عن الذهاب قائلا : ( لو ذهبت فاني سأحرم من الصلاة والإقتداء بكم) فقال آية الله بهاء الديني : (اذهب واقض لى هذا العمل ثم اقم الصلاة مقتديا بآية الله بهجت بعد الأفطار) .
ويقول الشيخ المصباح متطرقا الى صلاة الجماعة التي يقيمها الشيخ وسوابقها قائلا :
( كان آية الله بهجت يتبع برنامجا خاصا قبل أكثرمن أربعين عاما فقد كان يتمشى قبل الغروب الى حي (الصفائية) ـ الذي كان آنذاك منطقة زراعية ولم يحدث فيه أي بناء ـ ويعبر بعض المزارع ثم يجلس ويقيم صلاة المغرب والعشاء في ذلك المكان وكان بعض الاخوة يحضرون تلك الصلاة .
ويقول أحد هؤلاء الاخوة : ( ذات ليلة تحدث آية الله بهجت بعد الصلاة وقال : لو كان سلاطين العالم يعلمون كم يشعر الانسان باللذة اثناء العبادة لتركوا سلطانهم ).
وبعد أن اشترى الشيخ بيته الذي يقيم فيه الآن كان أغلب الاخوة يحضرون في هذا البيت لأقامة الصلاة لأنه كان اقرب من المكان السابق .
ثم استدعي الشيخ الى مسجد (فاطمية) واصبح ذلك المسجد محلا لاجتماع كل الاشخاص الراغبين في اقامة الصلاة بامامته وقد مضى اكثر من اربعين سنة على اقامة هذه الصلاة ثلاث مرات يوميا في هذا المسجد . وقد نقل الشيخ في الأيام الأخيرة محل اقامة درسه من البيت الى هذا المسجد كما تقام فيه أيضا المراسم الخاصة بالاعياد والأعزية .
ويقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي مستعرضا تهجد الشيخ وبكائه في الليل :
( كان آية الله بهجت مواظبا على الصلاة والبكاء الليلي وخصوصا في ليالي الجمعة فقد قال لي احد العلماء الكبار: سمعت الشيخ في احدى ليالي الجمعة يبكي بحرقة ويخاطب ربه كرارا وهو ساجد :
( الهي من لي غيرك اسأله كشف ضري والنظرفي أمري ؟..).
4- الزيارة والتوسل
يبدأ الشيخ برنامجه اليومي رغم كبر سنه بزيارة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) فانه يتشرف يوميا بزيارة السيدة المعصومة ويقف امام الضريح الطاهر يخضوع وخشوع واحترام تام ثم يقرأ زيارة عاشورا .
ويروي مؤلف كتاب انوار الملكوت عن آية الله الشيخ عباس القوچاني وصي المرحوم الميرزا علي آغا القاضي هذه الرواية الطريفة :
كثيرا ما كان آية الله بهجت يذهب الى مسجد السهلة ويقضي الليل وحيدا حتى الصباح في ذلك المسجد . وذات ليلة اذ لم يكن مصباح المسجد موقودا وكان الظلام دامسا ، احتاج الشيخ الى تجديد وضوئه في منتصف الليل فاضطر الى الخروج من المسجد والذهاب الى الجانب الشرقي منه حيث المرافق الصحية موجودة هناك وبينما هو يمشي في ظلام ، شعر الشيخ بشيء من الخوف وفجأة ظهر ضوء أمامه وأخذ يضي له الطريق كالمصباح حتى أكمل الشيخ وضوئه ورجع الى المسجد وعندما دخل الشيخ المسجد اختف ذلك الضوء .
5- التواضع
من الأبعاد البارزة الاخرى في شخصية الشيخ المعنوية ، التواضع والتهرب من الشهرة ومخالفة الهوى . فلم يسمح الشيخ بطبع فتاواه حتى توفي جميع المراجع السابقين له في العمر بل حتى زملائه الذين كانوا يدرسون معه في زمن واحد مع انه يعد من مشاهير رجال الفقه والاجتهاد ومن المدرسين البارزين في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة . ورغم كل ذلك لم يسمح الشيخ بطبع فتاواه الابعد الحاح العلماء واصرارهم كما انه لم يجوز على الاطلاق استخدام الوجوه الشرعية لطبع رسالته العلمية ويؤكد دائما على الخطباء في المجالس التي يقيمها ان لا يذكروا اسمه في المجلس وهذا دليل على تقواه وورعه ومخالفته لهواه .
ويقول الحاج الشيخ قدس في تواضعه :
( ذات يوم زرنا انا وضيفي المرحوم حجة الاسلام نصر الله اللاهوتي الشيخ بهجت فقال ضيفى للشيخ : ( سمعت احدا ينتقدك في مدينة مشهد اثناء زيارتي لهذه المدينة فغضبت لذلك اي غضب ) فقال الشيخ بهجت : لقد ورد في رواياتنا ان ( اتهموا عالما اقبل على الدنيا ) فتأثرت ودهشت من هذا الجواب ، فان كانت حياة هذا الرجل اقبالا على الدنيا فكيف بنا نحن؟