المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس الثالث في (علم المنطق)


alshtry2007
29-05-2009, 08:36 AM
التصور والتصديق
ينقسم العلم الحصولي الارتسامي إلى قسمين هما: التصور والتصديق.
التصور هو: «إدراك الشيء إدراكاً ساذجاً»
ونعني من الإدراك الساذج، الإدراك الخالي من الحكم، بمعنى أنه لا يقترن معه الإيجاب ولا السلب، (الإثبات أو النفي)، ولا يصاحبه الإذعان ولا اليقين.
التصديق هو: «الإدراك المشتمل على الحكم»
فهو إدراك مشتمل على الإثبات أو النفي، مضافا إلى الإذعان واليقين بثبوت الشيء أو ثبوت شيء لشيء. والحكم بمطابقة النسبة للواقع أو عدم مطابقتها له.
توضيح ذلك:
إنَّ الإنسان عندما يدرك شيئاً، فهذا لا يعني أنّه صدَّق بوجوده أو عدمه، أو بكيفياته وحالاته من طوله وعرضه وارتفاعه ولونه وغير ذلك، فإنَّ مجرد الإدراك لا يلزمه التصديق فربَّ مُدركٍ للشيء ومتصوِّر له، دون أن يذعن به حيث أنّ التصور هو: «الإدراك الساذج غير المقترن بالتصديق والإذعان» كتصور الهواء أو تصور الجبل، أو تصوُّر الكَرم أو الشجاعة، أو البخل أو الخوف، وكتصور الحرمة أو الوجوب، أو كتصوُّر جبل من نور أو إنسان ذي رؤوسٍ ثلاثة أو تصوُّر حرارة الجوّ أو حسن الكرم أو قبح البخل، وكذلك ما لو تصوَّرنا النسب غير المتحقِّقة في الواقع الخارجي، كتمنّي الوصول إلى مقام المخلَصين أو تمنّي الجهاد تحت راية الإمام المعصوم عليه السلام، أو ترجِّي بلوغ الأسباب في قول فرعون: {لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ}، أو الأمر أو النهي أو الاستفهام، وكذلك المضاف مهما طالت الإضافة، والصفة والموصوف مهما كثرت الصفات، والصلة والموصول، وطرفٌ من الجملة الشرطية مثل: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} من دون ذكر جواب الشرط، فكلُّ هذه الموارد تعدُّ من التصوُّرات الساذجة من غير تصديقٍ وإذعان، لأنَّه ليس وراءها شيء يطابق الإدراك أو لا يطابق فلا إذعان ولا حكم حيث لا تشتمل على نسبة،ٍ وإن كانت فهي غير تامَّة أو أنها تامَّة ولكن لا مصداقيَّة لها في الواقع الخارجي.
وأمّا التصديق فهو: «الإدراك المقترن بالإذعان بالنسبة، والحكم بمطابقتها للواقع أو عدم مطابقتها»
وذلك كما لو قلنا: الغيبة حرام وأذعنّا بالحكم - أعني حرمة الغيبة - وأمّا إذا شككنا فهو من التصوُّر غير المستتبع للحكم. كذلك لو قلنا: الحلم حسن، الزهد حسن، الجوُّ حارٌّ؛ فكل هذه القضايا تصديقيَّة، ونعني بالتصديق: التصور المستتبع للحكم والإذعان.
ومن هنا نعرف أنَّ متعلَّق التصديق ينحصر في شيءٍ واحد وهو: النسبة الحُكمية بين الموضوع والمحمول عند الإذعان بمطابقتها للواقع أو عدم مطابقتها له. فنحن حيث أذعنّا بحرمة الغيبة وبحسن الحِلم وبحرارة الجوّ وصدَّقنا بها، صارت هذه التصورات المتعلِّقة بالنسبة الحكمية ملازمة للتصديق والإذعان؛ وكذلك لو أذعنّا بخلاف تلك الأخبار، كما لو أذعنّا بأن الجو ليس بحار - بل هو بارد - فقد صدقنا بالنسبة، ولكن في هذه المرَّة يكون التصديق متعلِّقاً بخلاف النسبة بين طرفي الخبر حيث أنّها غير مطابقة للواقع.
نتائج ثلاث:
ومن هنا يمكننا أن نستنتج أموراً ثلاثة:
الأوَّل: التصديق لا يتعلق بالمفردات أصلاً بل يختصُّ بالنسبة الرابطة بين مفردة وأخرى كالمبتدأ والخبر، أو الموضوع والمحمول.
الثاني: بما أنَّ النسبة التِّي يتعلَّق بها التصديق، يتوقف وجودها على طرفين رئيسيين، فلابدَّ إذاً من تصوُّرهما أوَّلاً وتصوُّر النسبة ثانياً ثمَّ التصديق بها.
فإذاً يتوقَّف كلُ تصديق على تصوُّرات ثلاثة هي:
(1) تصور الموضوع.
(2) تصوُّر المحمول.
(3) تصوُّر النسبة.
وأما سائر القيود المرتبطة بالطرفين، كالأوصاف والأحوال، فتصوُّرها يكون ضمنياً تابعاً لهما.
الثالث: إنَّ إطلاق كلمة التصديق على التصوُّر اللازم للتصديق، إطلاقٌ مجازيٌّ وليس بحقيقي، والمبرر لهذا التجوُّز هو التلازم بينهما فسمينا الملزوم (التصور) باسم لازمه (التصديق).
تمرينات
1 - ما هو التصور وما هو التصديق؟
2 - بماذا يتعلَّق التصور؟
3 - بماذا يتعلَّق التصديق؟
4 - اذكر أمثلة خمسة للتصور والتصديق؟
5 - كل تصديق يتوقَّف على تصوُّرات ثلاثة، اشرح ذلك؟
6 - هل إطلاق التصديق على النسبة الحكمية إطلاق حقيقي؟ لماذا؟
7 - ميِّز التصوُّر والتصديق في الأمثلة التالية:
أ - كل يوم هو في شأن
ب - أيحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه
ج - كونوا للظالم خصماً
د - ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض
هـ - توقد من شجرة مباركة لا شرقية ولا غربيَّة
و - الله لا اله إلا هو الحي القيُّوم
ز - يا رب ارحم ضعف بدني
ح - اتخذه وكيلا
ط - لا تثريب عليكم اليوم
ي - فاصفح عنهم وقل سلام
ك - فقتل كيف قدر
ل - كل نفس بما كسبت رهينة
م - ما سلككم في سقر
ن - إياك أن تأكل ما لا تشتهيه
س - لا تأكل إلا عند الجوع
ع - إذا أكلت فكل حلالا
8 - اذكر متعلق التصوُّر ومتعلَّق التصديق في الأمثلة الآتية:
أ - قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذىً.
ب - الله الصمد.
ج - إنَّ الأبرار لفي نعيم.
د - قد أفلح من تزكَّى.
هـ - كأنَّهم خشبٌ مسنَّدة.

يلية الدرس الرابع