الجندي
29-05-2009, 10:54 PM
الفرس أئمّة للسنّة أم للشيعة؟
بسمه تعالى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد صلوات الله عليه وعلى اهل بيته الميامين .. وبعد :
السلام على كل من والى اهل البيت عليهم السلام بدخوله هذا الصرح المبارك .. السلام عليكم أخوة أحبة أعزة ورحمة الله وبركاته .
الوجه الحقيقي لمتمسلفي العراق هو العنصرية!
النفَس القومي العنصري هو الحالة الّتي ربّى نظام البعث عليها أتباعه ولم يستطع متمسلفي العراق أن يخفوها عن أنفسهم، وكأنّ الاثنين ـ البعث والمتمسلفين ـــ ولدا من رحم واحد، فها هم يتلفظون بتلك الألفاظ الّتي كان أولئك القوميون العلمانيون يتلفظون بها، ويصادرون بها حقوق الآخرين من أهل الإسلام أو القوميات الأخرى غير العربية كالأكراد والتركمان. فهم ـــ أي البعثيين ـــ لم يتورّعوا مثلاً بنبز شيعة العراق بولائهم لإيران ـــ أي ولائهم إلى غير ما هو عربي ـــ ، وثمّ نبز شيعة ايران بالشعوبية ـ أي ببغض العرب وتفضيل العنصر الأعجمي على العربي ـ !
واليوم يستعين (المتمسلفون) هذه اللغة المعروفة للبعث الكافر لينتهوا من خلالها إلى تحقيق أغراضهم الطائفية وكسب المعسكرين العربي والطائفي إلى جانبهم في معركتهم الّتي يخوضونها ضد أتباع أهل البيت)ع) في العراق!
وإن أردنا أن نتحدث مع هؤلاء بلغتهم هذه، وننزل إلى هذا المستوى الذهني الّذي يتكلمون به، لا لشيء إلاّ لإراءتهم الحقيقة كما هي، نقول لهم: إنّ شيعة العراق عرب أقحاح ويوالون أئمّة عرباً أقحاحا هم الأئمّة العرب من آل الرسولu، خلافاً لـ(المتمسلفين) الّذين يوالون أئمّة من أصول غير عربية , وهم كالاتي :
كأبي حنيفة
ومالك بن أنس الأصبحي
ومحمّد بن إدريس الشافعي.
ويتتلمذون على حفّاظ للحديث وشرّاحه من غير العرب وهم كالاتي :
كالبخاري
والترمذي
وابن ماجة
والنسائي
وأبي داود
والحاكم وغيرهم.
وبهذا لا يصح منهم نبز الآخرين بما هم أصل فيه..
فالملاحظ أن هذا الطرح ـ الّذي يستعين به هؤلاء وأشباههم اليوم ـ يكشف في الواقع عن أزمة نفسيه حقيقية يعيشها هؤلاء، فهم لا يهدفون إلى شيء سوى إقصاء الآخرين وتنحيتهم عن طريقهم لغرض الوصول إلى غاياتهم من الاستئثار والتفرد بأي وسيلة كانت، حتّى لو كان ذلك بمغالطة حقيقتهم وواقعهم الذي هم فيه!
وهذا كله خلاف الشرع، فقد نهى المولى سبحانه عباده عن التعالي على بعضهم البعض بسبب اللون أو العرق أو اللغة، وجعل المعيار الحقيقي عنده للفخر والكرامة هي التقوى لا غير، فقال عزّ من قائل: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَـى وَجَعَلْنَـاكُـمْ شُعُـوبـاً وَقَبَـائِـلَ لِتَعــارَفُوا إِنَّ أَكْـرَمَكُـمْ عِـنْـدَ اللَّهِ أَتْـقَـاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَـلِيـمٌ خَبِيرٌ[ سورة الحجرات، الآية 13
وقال نبيّ الهدى (صلوات الله وسلامه عليه) (ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى) مسند أحمد: 5/ 211
وأيضاً لا يستقيم لهؤلاء أن ينبزوا شيعة إيران بالشعوبية، وذلك أنّنا بالعودة إلى أرباب المعاجم للوقوف على معنى الشعوبية نجدهم يفسّرونها بأنّها: فرقة لا تفضل العرب على العجم ولا ترى لهم فضلاً على غيرهم,تاج العروس 1/ 321.
والشعوبي: هو الّذي يصغّر شأن العرب:لسان العرب: 1/ 500
وعندما نسأل:
بأي الأئمّة يقتدي شيعة ايران؟!
يأتينا الجواب: أنّهم يقتدون بالأئمّة الاثني عشر من آل الرسول(صلى الله عليه واله ) ائمة عرب اقحاح ومن خير البيوتات العربية، فالفرس بفعلهم هذا قد فضلوا ـ ضمناً ـ العرب على غيرهم، وهذا خلاف التعريف المصطلح عن الشعوبية... فلو كان شيعة إيران يميلون إلى تفضيل العجم على العرب بدافع عنصري ـ كما هو الشأن عند المتمسلفين في تفضيلهم للعرب ـ لمالوا إلى أبي حنيفة واتخذوه إماماً لهم، فهو من أصل فارسي، وأيضاً لمالوا إلى مالك بن أنس الأصبحي، الّذي هو من الموالي وليس بعربي، ولمالوا إلى محمّد بن إدريس الشافعي، الّذي هو من الموالي أيضاً وليس بعربي، مع أنّهم لم يفعلوا ذلك، وإنّما والوا الأئمّة العرب من آل الرسول ( صلى الله عليه واله ) ولم يعدلوا بهم أحداً، وذلك لما دلّ الدليل عندهم بوجوب متابعة هؤلاء الأئمّة الأطهار دون غيرهم!
ونقول أيضاً: لو كان شيعة إيران شعوبيين، لأخذوا الحديث عن البخاري الأعجمي، وأيضاً لأخذوه عن تلميذه الأعجمي الآخر الترمذي، ولأخذوه من محمّد بن يزيد بن ماجة، وكذلك عن المحدّث النسائي المنسوب لمدينة نسا بخراسان، أو عن أبي داود سليمان بن الأشعث الّذي ينسب إلى سجستان:راجع تراجم هؤلاء الرواة والمحدّثين في مقدمات الصحاح الستة المعروفة عند أهل السنّة والجماعة.
إلاّ أنّ ضوابط شيعة إيران في أخذ الحديث لم تكن بشهوة عنصرية، وإنّما كان ذلك بدافع من العلم والايمان الحقيقيين، إذ بعد أن ثبت عندهم وبالأدلة المعتبرة لزوم الأخذ بأحاديث أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) في ما يتعلق بأصول الدين وفروعه لم يعدلوا بهم إلى سواهم، ولم يهمهم أخذ الحديث عن غيرهم ممّن لم تثبت حجيّته أو تثبت براءة الذمّة في الأخذ عنه وإتّباع قوله، لذا تراهم يأخذون عن الرواة الثقات الّذين يروون أحاديث الأئمة الأطهار من آل البيت (عليهم السلام ) دون غيرهم، ولا يهمهم في ذلك سواء كان الرواة لهذه الأحاديث من العرب أم من غيرهم، وإنّما المهم هو الوصول إلى النقل الصادق عن أئمّة الهدى من آل البيت (عليهم السلام) لا غير.
فلماذا يغض المتمسلفون الطرف عن هذه الحقائق والوقائع عمداً وتعمية، وهم في الوقت الّذي يهرّجون ـ بدافع مزدوج من القومية والطائفية ـ على الفرس بما شاء لهم التهريج، يتناسون أن ثلاثة من أئمّتهم الأربعة في الفقه هم من أصل فارسي، وأنّ خمسة رواة من أصل ستة من أصحاب الصحاح عنده هم من الفرس، وأنّ الغالبية العظمى لفقهائهم ومفسّريهم هم من أصل فارسي ونذكر لهم بالتحديد هنا: مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وسعيد بن جبير.
مع ملاحظة أنّ مجاهد وعكرمة ممّن يعتمد عليهما البخاري والشافعي ويوّثقانهما ويأخذان بمروياتهما جملة وتفصيلاً.
والليث بن سعد تلميذ يزيد بن حبيب والّذي يعتبر مؤسس المدرسة العلمية الدينية بمصر، ويقول عنه الشافعي الليث أفقه من مالك إلاّ أنّ أصحابه لم يقوموا به، وهو فارسي من أهل اصفهان.
ومنهم ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك وهو ابن عبد الرحمن بن فروخ من أهل فارس.
ومنهم طاووس بن كيسان الفارسي ترجم له الشيرازي في طبقات الفقهاء.
ومنهم البيهقي صاحب السنن الّذي قيل عنه: للشافعي فضل على كلّ أحد خلا البيهقي.
ومنهم مكحول بن عبد الله مولى بني ليث، ومحمّد بن سيرين مولى أنس ابن مالك، والحسن البصري الّذي قيل أنّه أشبه الناس بعمر بن الخطاب على حد تعبير الشيرازي في الطبقات.
ومنهم الحاكم صاحب المستدرك، وعبد العزيز الماجشون الأصفهاني مولى بني تميم، وعاصم بن عليّ بن عاصم مولى بني تيم ومن شيوخ البخاري، وعبد الحقّ بن سيف الدين الدهلوي صاحب مقدمة في مصطلح الحديث، وعبد الحكيم القندهاري شارح البخاري في حاشيته، وعبد الحميد الخسرو شاهي صاحب اختصار المذاهب في الفقه الشافعي.
ومنهم عبد الرحمن رحيم مولى بني أمية ومحدّث الشام على مذهب الأوزاعي، وعبد الرحمن العضد الايجي صاحب كتاب المواقف، وعبد الرحمن الجامي صاحب فصوص الحكم، وعبد الرحمن الكرماني رئيس الأحناف بخراسان وصاحب شرح التجريد، وشيخي زادة صاحب كتاب مجمع الأنهار، وأحمد بن عامر المروزي صاحب مختصر كتاب المزني، وسهيل بن محمّد السجستاني صاحب كتاب إعراب القرآن، ومحمّد بن إدريس أبو حاتم الرازي الّذي يعد بمستوى البخاري، وأبو إسحاق الشيرازي صاحب كتاب التشبيه.
وعبد الله بن ذكوان أبو الزناد عالم المدينة بالفرائض والفقه وممّن روى عنه مالك والليث، وأحمد بن الحسين شهاب الدين الأصبهاني صاحب كتاب غاية الاختصار، ويعقوب بن إسحاق النيسابوري صاحب المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج، وأحمد بن عبد الله أبو نعيم صاحب الحلية، وابن خلكان صاحب وفيات الأعيان، وأحمد بن محمّد الثعلبي المفسّر وغيرهم كثير كثير.:اُنظر تراجم هؤلاء الرواة والمحدّثين والفقهاء والمفسرين في: معجم المؤلفين: 1/ 206، وفجر الإسلام: 241، والكنى والألقاب للقمي 1: 7.
فالفكر السنّي و(السلفي) خاصة بكلّ أبعاده مدين للفرس ومصبوغ بالفارسية وحتّى محمّد بن عبد الوهاب ـ إمام الوهابية ـ تربى ونشأ وتثقف على أيدي الفرس وكانت تربيته وثقافته بين كردستان وهمدان، وأصفهان وقم كما نصّ على ذلك جماعة.أنظر: زعماء الاصلاح لأحمد أمين: 10.
فـ(المتمسلفين) حين ينبزون شيعة العراق بإتّباعهم للفرس حالهم كحال هذا الشخص الّذي قيل له: لماذا تبدلون حرف الذال بالزاي والقاف بالغين في نطقكم؟ فقال: كلا (نحن لا نغول زلك)!
ولعل الأمر الّذي غاب عن هؤلاء معرفته أنّ الفرس كانوا لسبعمائة عام من أتباع مدرسة الخلفاء، وأنّ دخولهم للتشيّع إنّما كان في مستهل القرن الثامن الهجري وليس قبله.
وببيان آخر أنّ التشيّع كان معروفاً ومنتشراً في جزيرة العرب والعراق قبل دخول الفرس إلى التشيّع بمئات السنين.. فكيف ساغ لهؤلاء المدعين أو غيرهم من هواة قلب الحقائق أن يجعلوا الفرع أصلاً، والأصل فرعاً؟!
وليس لنا في ختام هذا المقال سوى أن نقول عن هذه الأساليب التهريجية الّتي يتبّعها هؤلاء في إعلامهم المضاد ضد أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص ضد شيعة العراق: إنّ ما تفعلوه بضاعة كاسدة قد ذهب زمان رواجها مع انتهاء عهد البعث الكافر وصدام المقبور، ومن يريد أن يعتمد هذا المنطق في خطابه اليوم مع شيعة العراق، للوصول إلى مآربه الطائفية، عليه أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وأنّى له ذلك, فقد أدرك شهرزاد الصباح, وسكتت عن الكلام المباح..
وفي ختام هذا المقال لا يسعنا إلاّ أن نسأل المولى سبحانه بالهداية لكلّ أمرءٍ استاثر به الشيطان وعزله عن التفكير الجاد والمنطق السليم, وأن يسلك به سبل الخير والرشاد إلى الصراط المستقيم, صراط الّذين أنعم عليهم محمّدوآل محمّد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).. إنّه نعم المولى ونعم المجيب.
خادم منتديات أنا شيعي
الجندي
بسمه تعالى
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد صلوات الله عليه وعلى اهل بيته الميامين .. وبعد :
السلام على كل من والى اهل البيت عليهم السلام بدخوله هذا الصرح المبارك .. السلام عليكم أخوة أحبة أعزة ورحمة الله وبركاته .
الوجه الحقيقي لمتمسلفي العراق هو العنصرية!
النفَس القومي العنصري هو الحالة الّتي ربّى نظام البعث عليها أتباعه ولم يستطع متمسلفي العراق أن يخفوها عن أنفسهم، وكأنّ الاثنين ـ البعث والمتمسلفين ـــ ولدا من رحم واحد، فها هم يتلفظون بتلك الألفاظ الّتي كان أولئك القوميون العلمانيون يتلفظون بها، ويصادرون بها حقوق الآخرين من أهل الإسلام أو القوميات الأخرى غير العربية كالأكراد والتركمان. فهم ـــ أي البعثيين ـــ لم يتورّعوا مثلاً بنبز شيعة العراق بولائهم لإيران ـــ أي ولائهم إلى غير ما هو عربي ـــ ، وثمّ نبز شيعة ايران بالشعوبية ـ أي ببغض العرب وتفضيل العنصر الأعجمي على العربي ـ !
واليوم يستعين (المتمسلفون) هذه اللغة المعروفة للبعث الكافر لينتهوا من خلالها إلى تحقيق أغراضهم الطائفية وكسب المعسكرين العربي والطائفي إلى جانبهم في معركتهم الّتي يخوضونها ضد أتباع أهل البيت)ع) في العراق!
وإن أردنا أن نتحدث مع هؤلاء بلغتهم هذه، وننزل إلى هذا المستوى الذهني الّذي يتكلمون به، لا لشيء إلاّ لإراءتهم الحقيقة كما هي، نقول لهم: إنّ شيعة العراق عرب أقحاح ويوالون أئمّة عرباً أقحاحا هم الأئمّة العرب من آل الرسولu، خلافاً لـ(المتمسلفين) الّذين يوالون أئمّة من أصول غير عربية , وهم كالاتي :
كأبي حنيفة
ومالك بن أنس الأصبحي
ومحمّد بن إدريس الشافعي.
ويتتلمذون على حفّاظ للحديث وشرّاحه من غير العرب وهم كالاتي :
كالبخاري
والترمذي
وابن ماجة
والنسائي
وأبي داود
والحاكم وغيرهم.
وبهذا لا يصح منهم نبز الآخرين بما هم أصل فيه..
فالملاحظ أن هذا الطرح ـ الّذي يستعين به هؤلاء وأشباههم اليوم ـ يكشف في الواقع عن أزمة نفسيه حقيقية يعيشها هؤلاء، فهم لا يهدفون إلى شيء سوى إقصاء الآخرين وتنحيتهم عن طريقهم لغرض الوصول إلى غاياتهم من الاستئثار والتفرد بأي وسيلة كانت، حتّى لو كان ذلك بمغالطة حقيقتهم وواقعهم الذي هم فيه!
وهذا كله خلاف الشرع، فقد نهى المولى سبحانه عباده عن التعالي على بعضهم البعض بسبب اللون أو العرق أو اللغة، وجعل المعيار الحقيقي عنده للفخر والكرامة هي التقوى لا غير، فقال عزّ من قائل: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَـى وَجَعَلْنَـاكُـمْ شُعُـوبـاً وَقَبَـائِـلَ لِتَعــارَفُوا إِنَّ أَكْـرَمَكُـمْ عِـنْـدَ اللَّهِ أَتْـقَـاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَـلِيـمٌ خَبِيرٌ[ سورة الحجرات، الآية 13
وقال نبيّ الهدى (صلوات الله وسلامه عليه) (ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى) مسند أحمد: 5/ 211
وأيضاً لا يستقيم لهؤلاء أن ينبزوا شيعة إيران بالشعوبية، وذلك أنّنا بالعودة إلى أرباب المعاجم للوقوف على معنى الشعوبية نجدهم يفسّرونها بأنّها: فرقة لا تفضل العرب على العجم ولا ترى لهم فضلاً على غيرهم,تاج العروس 1/ 321.
والشعوبي: هو الّذي يصغّر شأن العرب:لسان العرب: 1/ 500
وعندما نسأل:
بأي الأئمّة يقتدي شيعة ايران؟!
يأتينا الجواب: أنّهم يقتدون بالأئمّة الاثني عشر من آل الرسول(صلى الله عليه واله ) ائمة عرب اقحاح ومن خير البيوتات العربية، فالفرس بفعلهم هذا قد فضلوا ـ ضمناً ـ العرب على غيرهم، وهذا خلاف التعريف المصطلح عن الشعوبية... فلو كان شيعة إيران يميلون إلى تفضيل العجم على العرب بدافع عنصري ـ كما هو الشأن عند المتمسلفين في تفضيلهم للعرب ـ لمالوا إلى أبي حنيفة واتخذوه إماماً لهم، فهو من أصل فارسي، وأيضاً لمالوا إلى مالك بن أنس الأصبحي، الّذي هو من الموالي وليس بعربي، ولمالوا إلى محمّد بن إدريس الشافعي، الّذي هو من الموالي أيضاً وليس بعربي، مع أنّهم لم يفعلوا ذلك، وإنّما والوا الأئمّة العرب من آل الرسول ( صلى الله عليه واله ) ولم يعدلوا بهم أحداً، وذلك لما دلّ الدليل عندهم بوجوب متابعة هؤلاء الأئمّة الأطهار دون غيرهم!
ونقول أيضاً: لو كان شيعة إيران شعوبيين، لأخذوا الحديث عن البخاري الأعجمي، وأيضاً لأخذوه عن تلميذه الأعجمي الآخر الترمذي، ولأخذوه من محمّد بن يزيد بن ماجة، وكذلك عن المحدّث النسائي المنسوب لمدينة نسا بخراسان، أو عن أبي داود سليمان بن الأشعث الّذي ينسب إلى سجستان:راجع تراجم هؤلاء الرواة والمحدّثين في مقدمات الصحاح الستة المعروفة عند أهل السنّة والجماعة.
إلاّ أنّ ضوابط شيعة إيران في أخذ الحديث لم تكن بشهوة عنصرية، وإنّما كان ذلك بدافع من العلم والايمان الحقيقيين، إذ بعد أن ثبت عندهم وبالأدلة المعتبرة لزوم الأخذ بأحاديث أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) في ما يتعلق بأصول الدين وفروعه لم يعدلوا بهم إلى سواهم، ولم يهمهم أخذ الحديث عن غيرهم ممّن لم تثبت حجيّته أو تثبت براءة الذمّة في الأخذ عنه وإتّباع قوله، لذا تراهم يأخذون عن الرواة الثقات الّذين يروون أحاديث الأئمة الأطهار من آل البيت (عليهم السلام ) دون غيرهم، ولا يهمهم في ذلك سواء كان الرواة لهذه الأحاديث من العرب أم من غيرهم، وإنّما المهم هو الوصول إلى النقل الصادق عن أئمّة الهدى من آل البيت (عليهم السلام) لا غير.
فلماذا يغض المتمسلفون الطرف عن هذه الحقائق والوقائع عمداً وتعمية، وهم في الوقت الّذي يهرّجون ـ بدافع مزدوج من القومية والطائفية ـ على الفرس بما شاء لهم التهريج، يتناسون أن ثلاثة من أئمّتهم الأربعة في الفقه هم من أصل فارسي، وأنّ خمسة رواة من أصل ستة من أصحاب الصحاح عنده هم من الفرس، وأنّ الغالبية العظمى لفقهائهم ومفسّريهم هم من أصل فارسي ونذكر لهم بالتحديد هنا: مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وسعيد بن جبير.
مع ملاحظة أنّ مجاهد وعكرمة ممّن يعتمد عليهما البخاري والشافعي ويوّثقانهما ويأخذان بمروياتهما جملة وتفصيلاً.
والليث بن سعد تلميذ يزيد بن حبيب والّذي يعتبر مؤسس المدرسة العلمية الدينية بمصر، ويقول عنه الشافعي الليث أفقه من مالك إلاّ أنّ أصحابه لم يقوموا به، وهو فارسي من أهل اصفهان.
ومنهم ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك وهو ابن عبد الرحمن بن فروخ من أهل فارس.
ومنهم طاووس بن كيسان الفارسي ترجم له الشيرازي في طبقات الفقهاء.
ومنهم البيهقي صاحب السنن الّذي قيل عنه: للشافعي فضل على كلّ أحد خلا البيهقي.
ومنهم مكحول بن عبد الله مولى بني ليث، ومحمّد بن سيرين مولى أنس ابن مالك، والحسن البصري الّذي قيل أنّه أشبه الناس بعمر بن الخطاب على حد تعبير الشيرازي في الطبقات.
ومنهم الحاكم صاحب المستدرك، وعبد العزيز الماجشون الأصفهاني مولى بني تميم، وعاصم بن عليّ بن عاصم مولى بني تيم ومن شيوخ البخاري، وعبد الحقّ بن سيف الدين الدهلوي صاحب مقدمة في مصطلح الحديث، وعبد الحكيم القندهاري شارح البخاري في حاشيته، وعبد الحميد الخسرو شاهي صاحب اختصار المذاهب في الفقه الشافعي.
ومنهم عبد الرحمن رحيم مولى بني أمية ومحدّث الشام على مذهب الأوزاعي، وعبد الرحمن العضد الايجي صاحب كتاب المواقف، وعبد الرحمن الجامي صاحب فصوص الحكم، وعبد الرحمن الكرماني رئيس الأحناف بخراسان وصاحب شرح التجريد، وشيخي زادة صاحب كتاب مجمع الأنهار، وأحمد بن عامر المروزي صاحب مختصر كتاب المزني، وسهيل بن محمّد السجستاني صاحب كتاب إعراب القرآن، ومحمّد بن إدريس أبو حاتم الرازي الّذي يعد بمستوى البخاري، وأبو إسحاق الشيرازي صاحب كتاب التشبيه.
وعبد الله بن ذكوان أبو الزناد عالم المدينة بالفرائض والفقه وممّن روى عنه مالك والليث، وأحمد بن الحسين شهاب الدين الأصبهاني صاحب كتاب غاية الاختصار، ويعقوب بن إسحاق النيسابوري صاحب المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج، وأحمد بن عبد الله أبو نعيم صاحب الحلية، وابن خلكان صاحب وفيات الأعيان، وأحمد بن محمّد الثعلبي المفسّر وغيرهم كثير كثير.:اُنظر تراجم هؤلاء الرواة والمحدّثين والفقهاء والمفسرين في: معجم المؤلفين: 1/ 206، وفجر الإسلام: 241، والكنى والألقاب للقمي 1: 7.
فالفكر السنّي و(السلفي) خاصة بكلّ أبعاده مدين للفرس ومصبوغ بالفارسية وحتّى محمّد بن عبد الوهاب ـ إمام الوهابية ـ تربى ونشأ وتثقف على أيدي الفرس وكانت تربيته وثقافته بين كردستان وهمدان، وأصفهان وقم كما نصّ على ذلك جماعة.أنظر: زعماء الاصلاح لأحمد أمين: 10.
فـ(المتمسلفين) حين ينبزون شيعة العراق بإتّباعهم للفرس حالهم كحال هذا الشخص الّذي قيل له: لماذا تبدلون حرف الذال بالزاي والقاف بالغين في نطقكم؟ فقال: كلا (نحن لا نغول زلك)!
ولعل الأمر الّذي غاب عن هؤلاء معرفته أنّ الفرس كانوا لسبعمائة عام من أتباع مدرسة الخلفاء، وأنّ دخولهم للتشيّع إنّما كان في مستهل القرن الثامن الهجري وليس قبله.
وببيان آخر أنّ التشيّع كان معروفاً ومنتشراً في جزيرة العرب والعراق قبل دخول الفرس إلى التشيّع بمئات السنين.. فكيف ساغ لهؤلاء المدعين أو غيرهم من هواة قلب الحقائق أن يجعلوا الفرع أصلاً، والأصل فرعاً؟!
وليس لنا في ختام هذا المقال سوى أن نقول عن هذه الأساليب التهريجية الّتي يتبّعها هؤلاء في إعلامهم المضاد ضد أتباع أهل البيت (عليهم السلام) وبالخصوص ضد شيعة العراق: إنّ ما تفعلوه بضاعة كاسدة قد ذهب زمان رواجها مع انتهاء عهد البعث الكافر وصدام المقبور، ومن يريد أن يعتمد هذا المنطق في خطابه اليوم مع شيعة العراق، للوصول إلى مآربه الطائفية، عليه أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وأنّى له ذلك, فقد أدرك شهرزاد الصباح, وسكتت عن الكلام المباح..
وفي ختام هذا المقال لا يسعنا إلاّ أن نسأل المولى سبحانه بالهداية لكلّ أمرءٍ استاثر به الشيطان وعزله عن التفكير الجاد والمنطق السليم, وأن يسلك به سبل الخير والرشاد إلى الصراط المستقيم, صراط الّذين أنعم عليهم محمّدوآل محمّد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).. إنّه نعم المولى ونعم المجيب.
خادم منتديات أنا شيعي
الجندي