القلب الصبور
30-05-2009, 05:07 PM
http://www.middle-east-online.com/pictures/biga/_48478_egypt26-5-07.jpg
هناك مجموعة من الحقوق العامة تتعلق بحق الفرد كإنسان يؤكد الإسلام على مراعاتها ، ما لم تتصادم بحق أو حقوق أخرى ، و هي على أنواع ، نذكر أهمها :
أولاً : حق الحياة :
و هو من أكثر الحقوق طبيعية و أولوية ، قال تعالى : ( وَ لاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء : 29 .
و قال تعالى : ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) المائدة : 32 .
والإسلام يراعي حق الحياة منذ بدء ظهور النطفة و هي مادة الخلقة ، فلا يبيح الشرع المقدس قتلها ، و من فعل ذلك ترتب عليه جزاء مادي ، فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : المرأة تخاف الحبل ، فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها ؟
قال ( عليه السلام ) : ( لا ) ، فقلت : إنَّما هو نطفة !! فقال ( عليه السلام ) : ( إن أوَّل ما يُخلق نطفة ) .
و عليه ، فقد احتل هذا الحق مكانةً مهمة في مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و يبدو ذلك جلياً لمن يطَّلع على الروايات الواردة في باب ( القصاص ) في المجاميع الحديثية .
و سوف يجد نظرة أرحب و أعمق لهذا الحق ، معتبرةً أن كل تسبيب أو مباشرة في قتل نطفة ، أو إزهاق نفس محترمة ، أو إراقة الدماء ، يُعد انتهاكاً لحق الإنسان في الحياة ، و يستلزم ذلك عقوبة في الدنيا ، و عاقبة وخيمة يوم الجزاء .
ثانياً : حق الكرامة :
اهتم الإسلام بحق آخر لا يقِلّ أهمية عن حق الحياة ، ألا و هو حق الكرامة ، و يراد بالكرامة : امتلاك الإنسان بما هو إنسان للشرف والعِزَّة والتوقير ، فلا يجوز انتهاك حرمته وامتهان كرامته .
فالإنسان مخلوق مُكرَّم ، و قد فضله الله تعالى على كثير من خلقه ، فقد قال تعالى : ( وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَ رَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء : 70 ، و هي كرامة طبيعية متَّع الله تعالى كل أفراد الإنسان بها .
و هناك كرامة إلهية تختص بمن اتَّقى الله تعالى حق تُقَاتِه ، فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَ أُنثَى وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات : 13 .
و كان أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يراعون كرامة الناس من أن تُمَس ، حتى أنهم ( عليهم السلام ) طلبوا من أرباب الحوائج أن يكتبوا حوائجهم ، حرصاً على صَون ماء وجوههم .
ثالثاً : حق التعليم :
إنَّ العلم حياة للنفس الإنسانية ، و حرمانها منه يعني انتقاص وامتهان كرامتها ، و مما يؤكد حقَّ التعلم والتعليم في الإسلام ما فعله النبي ( صلى الله عليه و آله ) بأَسرَى بدر ، إذ جعل فدية الأسير تعليم عشرة من أبناء المسلمين .
و قد أشار الإمام علي ( عليه السلام ) إلى حق التعلُّم والتعليم ، في معرض تفسيره لقوله تعالى : ( وَ إِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ) آل عمران : 187 .
فقال ( عليه السلام ) : ( ما أخذَ اللهُ ميثاقاً من أهل الجهل بطلب تِبيان العلم ، حتَّى أخذ ميثاقاً من أهل العلم ببيان العلم لِلجُهَّال ) .
و يمكن القول أن الأئمة ( عليهم السلام ) يرفضون مبدئياً احتكار العلم ، و يؤكدون ضرورة بذله لطالبيه .
أما في وقتنا الحاضر ، فتقوم مجموعة تدَّعي التحضر باحتكار العلم ، و حَجبِه عن الآخرين ، أو المتاجرة ببيعه بأغلى الأثمان ، أو استخدامه كسلاح لتحقيق مآرب خاصة ، والحال أن العلم هِبَة إلهية ، و نعمة شرَّف الله تعالى بها الإنسان على باقي المخلوقات .
و قد أوجب اللهُ تعالى على العلم زكاةً ، و زكاته نشره .
و قد بيّن الإمام السجاد ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق ، حقَّ المتعلِّم على المعلِّم بقوله : ( أمَّا حق رعيَّتِك بالعلم ، فأنْ تَعلَمَ أنَّ الله عزَّ و جلَّ إنَّما جعلك قَيِّماً لهم فيما آتاك الله من العلم ، و فَتَح لك من خزائنه ، فإن أحسنتَ في تعليم الناس ، و لم تخرق بهم ، و لم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله .
و إن أنت منعت الناس عِلمَك ، و خرقت بهم عند طلبهم العلم ، كان حقاً على الله عزَّ و جلَّ أن يسلبك العلم و بهاءه ، و يسقط من القلوب محلَّك ) .
وبالمقابل حدَّد ( عليه السلام ) حق المعلِّم على المتعلِّم بقوله : ( حَقُّ سائِسِك بالعلم التَّعظيمُ له ، والتوقيرُ لِمَجلسه ، و حُسنِ الاستماع إليه ، والإقبال عليه .
و أن لا ترفع عليه صوتك ، و لا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يُجيب ، و لا تُحدِّث في مجلسه أحداً ، و لا تغتاب عنده أحداً ، و أن تدفع عنه إذا ذُكر بسوء ، و أن تستر عيوبه ، و تظهر مناقبه ، و لا تجالس له عدوّاً ، و لا تعادي له وليّاً ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنّك قصدته ، و تعلَّمت علمه لله جلّ اسمه ، لا للناس ) .
اللهم صل على محمد وال محمد :confused:
هناك مجموعة من الحقوق العامة تتعلق بحق الفرد كإنسان يؤكد الإسلام على مراعاتها ، ما لم تتصادم بحق أو حقوق أخرى ، و هي على أنواع ، نذكر أهمها :
أولاً : حق الحياة :
و هو من أكثر الحقوق طبيعية و أولوية ، قال تعالى : ( وَ لاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) النساء : 29 .
و قال تعالى : ( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) المائدة : 32 .
والإسلام يراعي حق الحياة منذ بدء ظهور النطفة و هي مادة الخلقة ، فلا يبيح الشرع المقدس قتلها ، و من فعل ذلك ترتب عليه جزاء مادي ، فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : المرأة تخاف الحبل ، فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها ؟
قال ( عليه السلام ) : ( لا ) ، فقلت : إنَّما هو نطفة !! فقال ( عليه السلام ) : ( إن أوَّل ما يُخلق نطفة ) .
و عليه ، فقد احتل هذا الحق مكانةً مهمة في مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و يبدو ذلك جلياً لمن يطَّلع على الروايات الواردة في باب ( القصاص ) في المجاميع الحديثية .
و سوف يجد نظرة أرحب و أعمق لهذا الحق ، معتبرةً أن كل تسبيب أو مباشرة في قتل نطفة ، أو إزهاق نفس محترمة ، أو إراقة الدماء ، يُعد انتهاكاً لحق الإنسان في الحياة ، و يستلزم ذلك عقوبة في الدنيا ، و عاقبة وخيمة يوم الجزاء .
ثانياً : حق الكرامة :
اهتم الإسلام بحق آخر لا يقِلّ أهمية عن حق الحياة ، ألا و هو حق الكرامة ، و يراد بالكرامة : امتلاك الإنسان بما هو إنسان للشرف والعِزَّة والتوقير ، فلا يجوز انتهاك حرمته وامتهان كرامته .
فالإنسان مخلوق مُكرَّم ، و قد فضله الله تعالى على كثير من خلقه ، فقد قال تعالى : ( وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَ حَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَ رَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء : 70 ، و هي كرامة طبيعية متَّع الله تعالى كل أفراد الإنسان بها .
و هناك كرامة إلهية تختص بمن اتَّقى الله تعالى حق تُقَاتِه ، فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَ أُنثَى وَ جَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات : 13 .
و كان أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يراعون كرامة الناس من أن تُمَس ، حتى أنهم ( عليهم السلام ) طلبوا من أرباب الحوائج أن يكتبوا حوائجهم ، حرصاً على صَون ماء وجوههم .
ثالثاً : حق التعليم :
إنَّ العلم حياة للنفس الإنسانية ، و حرمانها منه يعني انتقاص وامتهان كرامتها ، و مما يؤكد حقَّ التعلم والتعليم في الإسلام ما فعله النبي ( صلى الله عليه و آله ) بأَسرَى بدر ، إذ جعل فدية الأسير تعليم عشرة من أبناء المسلمين .
و قد أشار الإمام علي ( عليه السلام ) إلى حق التعلُّم والتعليم ، في معرض تفسيره لقوله تعالى : ( وَ إِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَ لاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ) آل عمران : 187 .
فقال ( عليه السلام ) : ( ما أخذَ اللهُ ميثاقاً من أهل الجهل بطلب تِبيان العلم ، حتَّى أخذ ميثاقاً من أهل العلم ببيان العلم لِلجُهَّال ) .
و يمكن القول أن الأئمة ( عليهم السلام ) يرفضون مبدئياً احتكار العلم ، و يؤكدون ضرورة بذله لطالبيه .
أما في وقتنا الحاضر ، فتقوم مجموعة تدَّعي التحضر باحتكار العلم ، و حَجبِه عن الآخرين ، أو المتاجرة ببيعه بأغلى الأثمان ، أو استخدامه كسلاح لتحقيق مآرب خاصة ، والحال أن العلم هِبَة إلهية ، و نعمة شرَّف الله تعالى بها الإنسان على باقي المخلوقات .
و قد أوجب اللهُ تعالى على العلم زكاةً ، و زكاته نشره .
و قد بيّن الإمام السجاد ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق ، حقَّ المتعلِّم على المعلِّم بقوله : ( أمَّا حق رعيَّتِك بالعلم ، فأنْ تَعلَمَ أنَّ الله عزَّ و جلَّ إنَّما جعلك قَيِّماً لهم فيما آتاك الله من العلم ، و فَتَح لك من خزائنه ، فإن أحسنتَ في تعليم الناس ، و لم تخرق بهم ، و لم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله .
و إن أنت منعت الناس عِلمَك ، و خرقت بهم عند طلبهم العلم ، كان حقاً على الله عزَّ و جلَّ أن يسلبك العلم و بهاءه ، و يسقط من القلوب محلَّك ) .
وبالمقابل حدَّد ( عليه السلام ) حق المعلِّم على المتعلِّم بقوله : ( حَقُّ سائِسِك بالعلم التَّعظيمُ له ، والتوقيرُ لِمَجلسه ، و حُسنِ الاستماع إليه ، والإقبال عليه .
و أن لا ترفع عليه صوتك ، و لا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يُجيب ، و لا تُحدِّث في مجلسه أحداً ، و لا تغتاب عنده أحداً ، و أن تدفع عنه إذا ذُكر بسوء ، و أن تستر عيوبه ، و تظهر مناقبه ، و لا تجالس له عدوّاً ، و لا تعادي له وليّاً ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنّك قصدته ، و تعلَّمت علمه لله جلّ اسمه ، لا للناس ) .
اللهم صل على محمد وال محمد :confused: