نووورا انا
31-05-2009, 04:40 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
دولة الإمام المهدي عجَّل الله تعالى فرجه هي جنَّة آدم عليه السلام
1-إن الله سبحانه إنّما خلق آدم عليه السلام و أمر الملائكة جميعاً أن يسجدوا له ، فلأجل أن يخرجَ من صلبه نور محمَّدٍ وأهلِ بيته عليه وعليهم الصلاة السلام و لذلك ورد في الحديث القدسي لولاك لما خلقت الأفلاك .
2-إنَّ الله أسكن آدم و حواء جنته وهي في الأرض حيث كانت تخيم عليها النورانية والمعنوية ، و أراد منهما أن يبقيا فيها فيأكلا منها حيث شاءا رغداً و لا يقربا الشجرة فيكونا من الظالمين .
3-إنَّ إبليس لأنَّه عصى أمر الله أطرده سبحانه من جوار رحمته فأخذ يوسوس في آدم و زوجته و أراد منهما أن يقربا تلك الشجرة فقربا فبدأت لهما سوآتهما و زالت عنهما تلك النورانية التي كانا فيها و ابتلى آدم وذريته بالحياة المادية الخشنة حيث هبط من الجنَّة ، و هبوط الإنسان من الجنَّة لا يعني إلاّ زوال تلك النورانيَّة التي كان يمتلكها عندما كان يعيش بجوار ربِّه .
4-من أجل سدِّ الثغور التي حدثت جرّاء خروج آدم من الجنَّة شرع الله سبحانه التكاليف الكثيرة و الأحكام المتنوِّعة .
5-إنَّ الغاية المنشودة من إرسال الرسل و إنزال الكتب هي رجوع بني آدم مرَّةً أخرى إلى جنَّته .
6-نجح موسى عليه السلام مرَّة أخرى حيث أرجع بني إسرائيل إلى تلك الجنَّة فكانوا يتظللون بالغمام و تنزل عليهم المن والسلوى ولكنَّهم طمعوا في البقل و القثاء وغيرها من متاع الدنيا فاهبطوا مصراً و رجعوا فيما كانوا عليه من الظلمة .
7-استمرَّ الهبوط إلى أن بعث الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلَّم فتمكَّن صلوات الله عليه من إرجاع الناس إلى جنَّة آدم إلاّ أنَّ السقيفة أفشلت جميع ذلك فاستمرَّت حالة الهبوط إلى يومنا هذا .
8-إنَّ العيش في الدنيا كمتاع ليس هو إلاّ إلى حين و الحين إنّما هو مقطعٌ من الدهر داخلٌ فيه لا خارج عنه .
9-الدهر يتعلَّق بعالم ما قبل قيام القيامَّة ذلك العالم المشتمل على الزمان والمكان الذين هما من عوارض الجسم و الجسماني .
10-إنَّ صلاحية الحاجات التِّي نفتقر إليها في حياتنا الدنيويَّة إنَّما هي إلى ذلك الحين فقط .
11-أنَّ أكثر المعاصي ناشئة من وساوس الشيطان فمع هلاكه لا يبتلي عامَّة الناس بالمعصية .
12-قوام الدنيا بالدناءة و الرذيلة والمعصية فمع قمع جذورها فلا دنيا و إن كانت هناك أرضٌ وسماءٌ .
13-إنَّ تواجد الإنسان بعد ذلك على الأرض واستقراره عليها لا يعني أنَّه يعيش الحياة الدنيا .
14-الحلُّ الوحيد للرجوع إلى الله و العيش في جواره في ظل رحمته الواسعة هو ذكر الله و ذكر رحمته التي كان الإنسان يتنعَّم بها و الذكر هو الغاية النظرية لجميع العبادات .
15-إنَّ الذكر هو العامل الرئيسي للرغبة في ما افتقده الإنسان من النورانيَّة التي كان يعيشها في الجنَّة 15-إنَّ الله وعد آدم أن يردَّه إلى جنته كما قال علي عليه السلام: {ثم بسط الله سبحانه له في توبته و لقّاه كلمة رحمته ووعده المرد إلى جنته }(1)
16-إنَّ إبليس لا يبقى حيّاً إلاّ إلى يوم الوقت المعلوم وحينئذٍ سوف يقتل .
17-إنَّ يوم الوقت المعلوم هو يوم ظهور الحجَّة عليه السلام.
وخلاصة القول أنَّ الله سوف لا بدَّ و أن يُحيي الأرض بعد موتها إحياءً بالمعنى التام للكلمة، وفي الحديث (عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل اعلموا إنَّ الله يحيى الأرض بعد موتها يعنني بموتها كفرَ أهلِها و الكافرُ ميِّتٌ فيُحييها اللهُ بالقائم فيَعدلُ فيها فتحيى الأرض ويحيى أهلها بعد موتهم)(2) .
و قد وعد الله تعالى عباده بأنَّهم (لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً)(3) وأيضاً قال (ولو انهم أقاموا التوراة والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة و كثير منهم ساء ما يعملون)(4)
بعض صفات دولة المهدي
ومع التأمّل في الأحاديث التِّي وردت في توصيف دولة الإمام المهدي عليه السلام نلاحظ أنَّ مواصفات تلك الدولة المباركة لا تتلاءم مع الدنيا التي نعيش فيها بل تنسجم تماماً مع الجنَّة التِّي كان يعيش فيها آدم عليه السلام ، فنشير إلى بعض تلك المواصفات:
وصول الإنسان إلى كماله المعنوي
وفي هذا المجال قد وردت أحاديث كثيرة نكتفي ببعضها ففي الكافي بإسناده عن (أبي جعفر الباقر عليه السلام قال إذا قام قائمُنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولَهم و كمُلت بها أحلامُهم)(5)
ولا يخفى أنَّ وضع اليد على رؤوس العباد كناية عن النظر إليهم نظرة رحيمة بها تفيض النورانيَّة والمعنوية منه عليه السلام عليهم و ذلك بعد وصولهم إلى مستوى العبودية التي بها يتمكَّنون من قبول تلك الفيوضات الإلهيَّة ، كما أنَّ اجتماع عقولهم يعني وصولهم إلى مرتبة رفيعة من الحذاقة و الحكمة بحيث يمكنهم تحمُّل ذلك الأمر كما سيأتي في بيان قولهم عليهم السلام أنَّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ مَلَكٌ مقرَّب أو نبيٌ مُرسَلٌ أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان وفي بعضها أو مدينه حصينة وعندما يسأل الراوي عن المدينة الحصينة يجيبه الإمام الصادق عليه السلام بأنَّها القلب المجتمع
وهذه الصفة التي يتصف بها أصحاب الحجَّة عليه السلام ليست من الصفات التي يتمكَّن الإنسان و هو في عالم الطبيعة و سجن الدنيا أن يكتسبها بل هي صفةٌ نورانيَّة و حالةٌ معنويَّة لا يصل إليها إلاّ من هاجر عالم الطبيعة و انتقل إلى عالم المعنى فرجع إلى الله تعالى، وهذا لا ينافى كونه على وجه الأرض لأنَّ عالم المُلك لا يتحكَّم في مثل هذا الإنسان كمّا مرَّ تفصيله.
مشاهدة المؤمنين بعضهم بعضاً
وفي هذا المجال أيضاً وردت أحاديث كثيرة منها ما ورد في الكافي
(عن أبي الربيع الشامي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إنَّ قائمنا إذا قام مد الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم و أبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه)(6)
والمستفاد من هذا الحديث أنَّ القدرة التِّي تُكتسب آن ذاك ليست هي قدرةٌ ماديَّة يصل إليها الإنسان من منطلق العلم والتكنولوجيا كما يتصوَّر من ليس له إلمام بواقع الشريعة المقدَّسة و يحاول أن يفسِّرَ كلَّ شئ من منظاره المادِّي الضيِّق فيفسِّر مثل هذه الأحاديث بانتشار أجهزة التلفزيون والإنترنت وما شابه ذلك!! بل الأمر فوق مستوى هذه التخيُّلات الباطلة الزائفة إنَّها قدرةٌ إلهيَّة وقوَّةٌ ربّانية تابعة من مبدأ الكون بنحو مباشر ذلك الذي إذا أراد شيئاً يقول له كنْ فيكون ولذلك نلاحظ اختصاصها بخصوص الشيعة كما ورد في الحديث لشيعتنا فهم الذين يهمُّهم هذا الأمر فيتميَّزون بهذه الصفات حيث يسمعونه عليه السلام و ينظرون إليه و هو في مكانه من غير بريدٍ ولا يفرق ذلك بين ما إذا كانوا يعيشون في حياةً مدنيَّةً يمتلكون تلك الأجهزة أو كانوا من أهل القرى والبوادي لم يحضوا من الكهرباء فضلاً عن الأجهزة الكهربائيَّة، فالسبب لوصولهم إلى ذلك المستوى في السمع والبصر ليس هو إلاّ كونهم موالين لذلك الإمام روحي له الفداء والسائرين على نهجه القويم.
وأمّا غير الشيعة فلا يصلوا إلى ذلك المقام مهما ارتفعت مستواهم المادي وكثرت إمكانيّاتهم الظاهريَّة، فإذاً هذه الحالة المميَّزة هي حالةٌ معنوية بحتة لا دخل للمادة وعوارضها في ذلك أصلاً ولم يحدث هذا الأمر إلاّ لأنَّ العالم الذي يعيشه المؤمن آن ذاك هو أعلى مستوى من عالم الدنيا الذي هبط فيه آدم وبنوه بل هو جنَّة آدم عليه السلام التي بعث جميع الأنبياء لأجل إرجاع الناس إليها.
وفي حديث آخر عن ابن مسكان قال (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إنَّ المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق)(7)
و هذا الحديث أيضاً يؤكِّد أنَّ الذي سوف يكتسب تلك المواصفات إنّما هو المؤمن لا غيره من الناس و ذلك في خصوص زمان القائم عليه السلام فهو يرى أخاه فهذه الرؤية إنّما هي رؤية معنوية نابعة من إيمانه من ناحية وبلوغه ذلك الزمان من ناحيةٍ أخرى.
ثمَّ إنَّ الأخوَّة في ذلك الزمان ليس هي الأخوَّة النسبيَّة الناشئة من الولادة بل هل نوع خاص من الأخوَّة أشار إليها الإمام الصادق عليه السلام في قوله
(إنَّ الله تبارك وتعالى آخى بين الأرواح في الأظلَّة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام فلو قد قام قائمنا أهلِ البيت ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة و لم يورث الأخ في الولادة)(الفقيه ج4 ص352 رواية5761 باب2).
أقول: إنَّ عالم الأظلة هو عالم ما قبل انتقال الروح إلى الجسد وهو ذلك الحين الذي كان الإنسان شيئاً غير مذكور وغير معروف وهو العالم الذي يطلق عليه العرفاء بعالم ألست إشارة إلى قوله تعالى (ألست بربكم قالوا بلى)(8) تفصيل الحديث عن ذلك العالم يُطلب في محلِّه .
و في حديث أبي بصير قد ذكر الإمام عليه السلام سرَّ ما قد مرَّ فقال أبو بصير (قال أبو عبد الله عليه انه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر رفع الله تبارك وتعالى له كل منخفض من الأرض وخفض له كل مرتفع حتى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته فأيُّكم لو كانت في راحته شعرةٌ لم يُبصرها)(9)
فمع التأمُّل في هذا الحديث نعرفُ نقاطاً كثيرة نشير إلى بعضها، فقوله إذا تناهت الأمور يدلُّ على أنَّ في بداية ظهوره ليس الأمر كذلك وبذلك يمكن تفسير الأحاديث التي ربَّما يُستشمُّ منها خلاف ما نحن بصدد إثباته فهي إنَّما تشير إلى ما قبل أن تستقرَّ الأمور ويُظهر الله الدين على الدين كلِّه، وأمّا بعد ذلك فالحالة تنعكس تماماً فيرجع المجتمع الإيماني بأكمله إلى الله سبحانه وتعالى .
ثمَّ لا تخفى عليك لطافة المناسبة بين قوله عليه السلام إذا تناهت الأمور وبين قوله إلى صاحب هذا الأمر وأمّا قوله عليه السلام رفع الله يدلُّ على أنَّ ذلك أمرٌ إلهي لا تحكمه السنن الماديَّة مضافاً إلى كلمة له في قوله عليه السلام رفع الله تبارك وتعالى له .. وأيضاً خفض له، فهي تشير إلى أنَّ ذلك يختص به عليه السلام فهو الذي يرى الأرض هكذا، وألطف من ذلك كلِّه قوله عليه السلام حتى تكون الدنيا عنده فالدنيا خاصَّة لا الأرض تكون عنده وقدَّ مرَّ تفصيل الفرق بين الدنيا والأرض ، كما أنَّ الدنيا لا تكون عند غيره كذلك والحاصل أنَّ هذا الحديث أيضاً يؤكِّد على ما أثبتناه من أنَّ دولة المهدي و إن كانت في الدنيا إلاّ أنَّ الظواهر المُلكيَّة الدنيويَّة لا تأثير لها في حكومته عليه السلام .
دولة الإمام المهدي عجَّل الله تعالى فرجه هي جنَّة آدم عليه السلام
1-إن الله سبحانه إنّما خلق آدم عليه السلام و أمر الملائكة جميعاً أن يسجدوا له ، فلأجل أن يخرجَ من صلبه نور محمَّدٍ وأهلِ بيته عليه وعليهم الصلاة السلام و لذلك ورد في الحديث القدسي لولاك لما خلقت الأفلاك .
2-إنَّ الله أسكن آدم و حواء جنته وهي في الأرض حيث كانت تخيم عليها النورانية والمعنوية ، و أراد منهما أن يبقيا فيها فيأكلا منها حيث شاءا رغداً و لا يقربا الشجرة فيكونا من الظالمين .
3-إنَّ إبليس لأنَّه عصى أمر الله أطرده سبحانه من جوار رحمته فأخذ يوسوس في آدم و زوجته و أراد منهما أن يقربا تلك الشجرة فقربا فبدأت لهما سوآتهما و زالت عنهما تلك النورانية التي كانا فيها و ابتلى آدم وذريته بالحياة المادية الخشنة حيث هبط من الجنَّة ، و هبوط الإنسان من الجنَّة لا يعني إلاّ زوال تلك النورانيَّة التي كان يمتلكها عندما كان يعيش بجوار ربِّه .
4-من أجل سدِّ الثغور التي حدثت جرّاء خروج آدم من الجنَّة شرع الله سبحانه التكاليف الكثيرة و الأحكام المتنوِّعة .
5-إنَّ الغاية المنشودة من إرسال الرسل و إنزال الكتب هي رجوع بني آدم مرَّةً أخرى إلى جنَّته .
6-نجح موسى عليه السلام مرَّة أخرى حيث أرجع بني إسرائيل إلى تلك الجنَّة فكانوا يتظللون بالغمام و تنزل عليهم المن والسلوى ولكنَّهم طمعوا في البقل و القثاء وغيرها من متاع الدنيا فاهبطوا مصراً و رجعوا فيما كانوا عليه من الظلمة .
7-استمرَّ الهبوط إلى أن بعث الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلَّم فتمكَّن صلوات الله عليه من إرجاع الناس إلى جنَّة آدم إلاّ أنَّ السقيفة أفشلت جميع ذلك فاستمرَّت حالة الهبوط إلى يومنا هذا .
8-إنَّ العيش في الدنيا كمتاع ليس هو إلاّ إلى حين و الحين إنّما هو مقطعٌ من الدهر داخلٌ فيه لا خارج عنه .
9-الدهر يتعلَّق بعالم ما قبل قيام القيامَّة ذلك العالم المشتمل على الزمان والمكان الذين هما من عوارض الجسم و الجسماني .
10-إنَّ صلاحية الحاجات التِّي نفتقر إليها في حياتنا الدنيويَّة إنَّما هي إلى ذلك الحين فقط .
11-أنَّ أكثر المعاصي ناشئة من وساوس الشيطان فمع هلاكه لا يبتلي عامَّة الناس بالمعصية .
12-قوام الدنيا بالدناءة و الرذيلة والمعصية فمع قمع جذورها فلا دنيا و إن كانت هناك أرضٌ وسماءٌ .
13-إنَّ تواجد الإنسان بعد ذلك على الأرض واستقراره عليها لا يعني أنَّه يعيش الحياة الدنيا .
14-الحلُّ الوحيد للرجوع إلى الله و العيش في جواره في ظل رحمته الواسعة هو ذكر الله و ذكر رحمته التي كان الإنسان يتنعَّم بها و الذكر هو الغاية النظرية لجميع العبادات .
15-إنَّ الذكر هو العامل الرئيسي للرغبة في ما افتقده الإنسان من النورانيَّة التي كان يعيشها في الجنَّة 15-إنَّ الله وعد آدم أن يردَّه إلى جنته كما قال علي عليه السلام: {ثم بسط الله سبحانه له في توبته و لقّاه كلمة رحمته ووعده المرد إلى جنته }(1)
16-إنَّ إبليس لا يبقى حيّاً إلاّ إلى يوم الوقت المعلوم وحينئذٍ سوف يقتل .
17-إنَّ يوم الوقت المعلوم هو يوم ظهور الحجَّة عليه السلام.
وخلاصة القول أنَّ الله سوف لا بدَّ و أن يُحيي الأرض بعد موتها إحياءً بالمعنى التام للكلمة، وفي الحديث (عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل اعلموا إنَّ الله يحيى الأرض بعد موتها يعنني بموتها كفرَ أهلِها و الكافرُ ميِّتٌ فيُحييها اللهُ بالقائم فيَعدلُ فيها فتحيى الأرض ويحيى أهلها بعد موتهم)(2) .
و قد وعد الله تعالى عباده بأنَّهم (لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً)(3) وأيضاً قال (ولو انهم أقاموا التوراة والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة و كثير منهم ساء ما يعملون)(4)
بعض صفات دولة المهدي
ومع التأمّل في الأحاديث التِّي وردت في توصيف دولة الإمام المهدي عليه السلام نلاحظ أنَّ مواصفات تلك الدولة المباركة لا تتلاءم مع الدنيا التي نعيش فيها بل تنسجم تماماً مع الجنَّة التِّي كان يعيش فيها آدم عليه السلام ، فنشير إلى بعض تلك المواصفات:
وصول الإنسان إلى كماله المعنوي
وفي هذا المجال قد وردت أحاديث كثيرة نكتفي ببعضها ففي الكافي بإسناده عن (أبي جعفر الباقر عليه السلام قال إذا قام قائمُنا وضع يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولَهم و كمُلت بها أحلامُهم)(5)
ولا يخفى أنَّ وضع اليد على رؤوس العباد كناية عن النظر إليهم نظرة رحيمة بها تفيض النورانيَّة والمعنوية منه عليه السلام عليهم و ذلك بعد وصولهم إلى مستوى العبودية التي بها يتمكَّنون من قبول تلك الفيوضات الإلهيَّة ، كما أنَّ اجتماع عقولهم يعني وصولهم إلى مرتبة رفيعة من الحذاقة و الحكمة بحيث يمكنهم تحمُّل ذلك الأمر كما سيأتي في بيان قولهم عليهم السلام أنَّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلاّ مَلَكٌ مقرَّب أو نبيٌ مُرسَلٌ أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان وفي بعضها أو مدينه حصينة وعندما يسأل الراوي عن المدينة الحصينة يجيبه الإمام الصادق عليه السلام بأنَّها القلب المجتمع
وهذه الصفة التي يتصف بها أصحاب الحجَّة عليه السلام ليست من الصفات التي يتمكَّن الإنسان و هو في عالم الطبيعة و سجن الدنيا أن يكتسبها بل هي صفةٌ نورانيَّة و حالةٌ معنويَّة لا يصل إليها إلاّ من هاجر عالم الطبيعة و انتقل إلى عالم المعنى فرجع إلى الله تعالى، وهذا لا ينافى كونه على وجه الأرض لأنَّ عالم المُلك لا يتحكَّم في مثل هذا الإنسان كمّا مرَّ تفصيله.
مشاهدة المؤمنين بعضهم بعضاً
وفي هذا المجال أيضاً وردت أحاديث كثيرة منها ما ورد في الكافي
(عن أبي الربيع الشامي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إنَّ قائمنا إذا قام مد الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم و أبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد يكلمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه)(6)
والمستفاد من هذا الحديث أنَّ القدرة التِّي تُكتسب آن ذاك ليست هي قدرةٌ ماديَّة يصل إليها الإنسان من منطلق العلم والتكنولوجيا كما يتصوَّر من ليس له إلمام بواقع الشريعة المقدَّسة و يحاول أن يفسِّرَ كلَّ شئ من منظاره المادِّي الضيِّق فيفسِّر مثل هذه الأحاديث بانتشار أجهزة التلفزيون والإنترنت وما شابه ذلك!! بل الأمر فوق مستوى هذه التخيُّلات الباطلة الزائفة إنَّها قدرةٌ إلهيَّة وقوَّةٌ ربّانية تابعة من مبدأ الكون بنحو مباشر ذلك الذي إذا أراد شيئاً يقول له كنْ فيكون ولذلك نلاحظ اختصاصها بخصوص الشيعة كما ورد في الحديث لشيعتنا فهم الذين يهمُّهم هذا الأمر فيتميَّزون بهذه الصفات حيث يسمعونه عليه السلام و ينظرون إليه و هو في مكانه من غير بريدٍ ولا يفرق ذلك بين ما إذا كانوا يعيشون في حياةً مدنيَّةً يمتلكون تلك الأجهزة أو كانوا من أهل القرى والبوادي لم يحضوا من الكهرباء فضلاً عن الأجهزة الكهربائيَّة، فالسبب لوصولهم إلى ذلك المستوى في السمع والبصر ليس هو إلاّ كونهم موالين لذلك الإمام روحي له الفداء والسائرين على نهجه القويم.
وأمّا غير الشيعة فلا يصلوا إلى ذلك المقام مهما ارتفعت مستواهم المادي وكثرت إمكانيّاتهم الظاهريَّة، فإذاً هذه الحالة المميَّزة هي حالةٌ معنوية بحتة لا دخل للمادة وعوارضها في ذلك أصلاً ولم يحدث هذا الأمر إلاّ لأنَّ العالم الذي يعيشه المؤمن آن ذاك هو أعلى مستوى من عالم الدنيا الذي هبط فيه آدم وبنوه بل هو جنَّة آدم عليه السلام التي بعث جميع الأنبياء لأجل إرجاع الناس إليها.
وفي حديث آخر عن ابن مسكان قال (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إنَّ المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق)(7)
و هذا الحديث أيضاً يؤكِّد أنَّ الذي سوف يكتسب تلك المواصفات إنّما هو المؤمن لا غيره من الناس و ذلك في خصوص زمان القائم عليه السلام فهو يرى أخاه فهذه الرؤية إنّما هي رؤية معنوية نابعة من إيمانه من ناحية وبلوغه ذلك الزمان من ناحيةٍ أخرى.
ثمَّ إنَّ الأخوَّة في ذلك الزمان ليس هي الأخوَّة النسبيَّة الناشئة من الولادة بل هل نوع خاص من الأخوَّة أشار إليها الإمام الصادق عليه السلام في قوله
(إنَّ الله تبارك وتعالى آخى بين الأرواح في الأظلَّة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام فلو قد قام قائمنا أهلِ البيت ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة و لم يورث الأخ في الولادة)(الفقيه ج4 ص352 رواية5761 باب2).
أقول: إنَّ عالم الأظلة هو عالم ما قبل انتقال الروح إلى الجسد وهو ذلك الحين الذي كان الإنسان شيئاً غير مذكور وغير معروف وهو العالم الذي يطلق عليه العرفاء بعالم ألست إشارة إلى قوله تعالى (ألست بربكم قالوا بلى)(8) تفصيل الحديث عن ذلك العالم يُطلب في محلِّه .
و في حديث أبي بصير قد ذكر الإمام عليه السلام سرَّ ما قد مرَّ فقال أبو بصير (قال أبو عبد الله عليه انه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر رفع الله تبارك وتعالى له كل منخفض من الأرض وخفض له كل مرتفع حتى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته فأيُّكم لو كانت في راحته شعرةٌ لم يُبصرها)(9)
فمع التأمُّل في هذا الحديث نعرفُ نقاطاً كثيرة نشير إلى بعضها، فقوله إذا تناهت الأمور يدلُّ على أنَّ في بداية ظهوره ليس الأمر كذلك وبذلك يمكن تفسير الأحاديث التي ربَّما يُستشمُّ منها خلاف ما نحن بصدد إثباته فهي إنَّما تشير إلى ما قبل أن تستقرَّ الأمور ويُظهر الله الدين على الدين كلِّه، وأمّا بعد ذلك فالحالة تنعكس تماماً فيرجع المجتمع الإيماني بأكمله إلى الله سبحانه وتعالى .
ثمَّ لا تخفى عليك لطافة المناسبة بين قوله عليه السلام إذا تناهت الأمور وبين قوله إلى صاحب هذا الأمر وأمّا قوله عليه السلام رفع الله يدلُّ على أنَّ ذلك أمرٌ إلهي لا تحكمه السنن الماديَّة مضافاً إلى كلمة له في قوله عليه السلام رفع الله تبارك وتعالى له .. وأيضاً خفض له، فهي تشير إلى أنَّ ذلك يختص به عليه السلام فهو الذي يرى الأرض هكذا، وألطف من ذلك كلِّه قوله عليه السلام حتى تكون الدنيا عنده فالدنيا خاصَّة لا الأرض تكون عنده وقدَّ مرَّ تفصيل الفرق بين الدنيا والأرض ، كما أنَّ الدنيا لا تكون عند غيره كذلك والحاصل أنَّ هذا الحديث أيضاً يؤكِّد على ما أثبتناه من أنَّ دولة المهدي و إن كانت في الدنيا إلاّ أنَّ الظواهر المُلكيَّة الدنيويَّة لا تأثير لها في حكومته عليه السلام .