سيف آل محمد
02-03-2007, 10:35 PM
أب للبيع
هذه القصة نشرت في مجلة - دار الملاحظة- العدد الثاني .
بعنوان ( بعنوان للبيع ) يروي أحد المدرسين في - دار الملاحظة - وهي دار مخصصة للأحداث الذين يرتكبون بعض الجرائم الأخلاقية أو غيرها من الجرائم يقول: من أعجب الحالات التي رأيتها في ميدان العمل الاجتماعي حالة " حدث" كان موجوداً في قضية أخلاقية وبعد انتها مدته في الدار قمت بإبلاغه بانتهائها وأنه سيطلق صراحه في الأسبوع القادم ومطلوب منه إبلاغ أهله في الزيارة لإحضار الكفيل اللازم لإطلاقه.
فانخرط الحدث في بكاء شديد ظننت في البداية أنها دموع فرح ولكن استمرار البكاء وتعبيرات الحزن جعلتني انتحي به بعيدا عن إخوانه الآخرين وأسأله ماشأنك؟ فإذا به يقول : لا أريد أن أطلع من الدار .. أرجو إبقائي هنا !!! ماذا تقول؟ قال : أريد أن أبقى في الدار فالدار بالرغم من تقييد حريتي فهي أفضل من بيت أبي ! قلت له محاولا إقناعه وأيضاً محاولا كشف خفايا قصته : لا شك أنك مخطئ فلا يوجد مكان أفضل من منزل الأسرة , رد قائلاً اسمع قصتي واحكم بنفسك . قلت : هات ما عندك.
بدأ الحدث ابن الثالثة عشرة في سرد قصته . فقال: توفيت أمنا منذ حوالي ثمانية أعوام وتركتني أنا وشقيقتي التي تصغرني بعامين , وبعد وفاتها بشهور أبلغني أبي أنه سيتزوج ... وستكون لي خالة بمثابة الأم وفي مكانها.. ولم استوعب الخبر نظراً لصغر سني وبعد حوالي أسبوع أقام أبي العرس وتم الفرح بالنسبة له ... وجاءت زوجت أبي إلى المنزل .. عاملتنا في بداية الأمر معاملة حسنة .. وكنا لا نناديها إلاّ ... ماما..ماما .. ولكن هذه المعاملة بدأت تتغير شيئا فشيئاً وبالتدريج . فكانت دائمة الشكوى لأبينا ,.. فعلوا كذا وكذا .. فعلوا كذا وكذا .. فعلوا كذا وكذا .. ولم يكن أبينا الذي يعود إلي المنزل متعبا من عمله لديه استعداد لسماع المشكلات . وحلها ولم يكن لدينا المقدرة للدفاع عن أنفسنا نظراً لصغر سننا.. وضعفنا أنا وأختي عن التعبير عما يحاك بنا ولم يكن أبينا يسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا . عما كانت يحبكه خالتنا من القصص المكذوبة علينا. فكان في بداية الأمر يكتفي بالتوبيخ .. ثم تطور الأمر وأصبح يضربنا بعد أن تطور الأمر وكثرت الشكاوى من قبلها .. وازداد الأمر سوءا بعد أن رزق أبينا منها بثلاثة أولاد وبمرور الأيام أصبحنا أنا وأختي بمثابة الخدم .. فأنا مسؤل عن شراء كل ما يحتاجه البيت من حاجات من البقالات وأختي كانت تطبخ الطعام وتنظيف البيت وتحضير رضاعات الأطفال وهي لم يتجاوز سنها الثمان سنوات.. وكنا ننظر بحسد إلى أبناء أبي الصغار بحسد شديد لأنهم يتمتعون بحب وحنان وعطف نفتقد إليه. وكان أبي وزوجته ينظرون إلينا على أننا مصدر إزعاج بالنسبة لهم وتنغيص وعبء عليه وعلى سعادته مع زوجته . وأصبح أبونا ينظر إلينا على أننا سبب كثير من المشاكل داخل المنزل بما تقصه عليه خالتنا عنا من قصص مختلقة عنا وكانت ردة فعله على هذه الادعاءات هي السباب والشتم وأحياناً الضرب والإهانات . وكان ينعتنا بأبشع الأسماء وأنه لن يرضى عنا إلا ‘ذا رضيت عنا خالتنا وأبناؤها . وأطلق علينا النعوت السيئة وكان الجميع ينادوننا بها حتى كدنا ننسى أسماءنا الحقيقية وكنا محرومين من كل شيء حتى المناسبات التي تدعى إليها الأسرة كنا لانذهب معها لها . ونجالس وحدنا في المنزل ننعى حضنا البائس ... وبدأت بعد ذلك أعرف طريق الهروب من البيت والتقطني بعض الشباب الأكبر سناً واظهروا لي بعض الحنان الذي كنت مفتقداً له في البيت وكنت في حاجة شديدة له. ومن خلال هذه المشاعر المزيفة استطاعوا خداعي وانزلقت معهم في الانحراف الأخلاقي ولم أكن أدرك بشاعة ذلك نظراً لصغر سني وعدم وجوب الأب الرشيد الناصح والموجة بالتي هي أحسن... ثم قبض علي في قضية أخلاقية وأودعت السجن في هذه الدار ... والآن عرفت مقدار الخطأ الذي وقعت فيه .... وأنا الآن أعلن توبتي إلى الله لعله يقبلني عنده من التوابين وأحمد الله على أن وفقني إلى ذلك ... فهل أنا على حق في بكائي وتمسكي بداركم . أم لا ؟ وسكت بعد أن أثقل ضميري بالحمل الذي ينوء بحمله الرجال فكيف بطفل لم يبلغ سن الشباب ؟؟ وتحيرت في الرد عليه .. من الذي جنى على هذا الابن ؟ أهو الأب الذي أنسته الزوجة حقوق ابنائه وجعلت منه دمية تحركها كيف شاءت ؟ أم زوجته التي لم تراعي حق الله فيه؟ وشرد خيالي بعيداً وأنا أتخيل لو أن هناك سوقاً يختار فيه الأبناء آبائهم الجيدين لدفع هذا الحدث كل ما يملك ثمناً لأب جيد .. ولكن ...
هذه القصة نشرت في مجلة - دار الملاحظة- العدد الثاني .
بعنوان ( بعنوان للبيع ) يروي أحد المدرسين في - دار الملاحظة - وهي دار مخصصة للأحداث الذين يرتكبون بعض الجرائم الأخلاقية أو غيرها من الجرائم يقول: من أعجب الحالات التي رأيتها في ميدان العمل الاجتماعي حالة " حدث" كان موجوداً في قضية أخلاقية وبعد انتها مدته في الدار قمت بإبلاغه بانتهائها وأنه سيطلق صراحه في الأسبوع القادم ومطلوب منه إبلاغ أهله في الزيارة لإحضار الكفيل اللازم لإطلاقه.
فانخرط الحدث في بكاء شديد ظننت في البداية أنها دموع فرح ولكن استمرار البكاء وتعبيرات الحزن جعلتني انتحي به بعيدا عن إخوانه الآخرين وأسأله ماشأنك؟ فإذا به يقول : لا أريد أن أطلع من الدار .. أرجو إبقائي هنا !!! ماذا تقول؟ قال : أريد أن أبقى في الدار فالدار بالرغم من تقييد حريتي فهي أفضل من بيت أبي ! قلت له محاولا إقناعه وأيضاً محاولا كشف خفايا قصته : لا شك أنك مخطئ فلا يوجد مكان أفضل من منزل الأسرة , رد قائلاً اسمع قصتي واحكم بنفسك . قلت : هات ما عندك.
بدأ الحدث ابن الثالثة عشرة في سرد قصته . فقال: توفيت أمنا منذ حوالي ثمانية أعوام وتركتني أنا وشقيقتي التي تصغرني بعامين , وبعد وفاتها بشهور أبلغني أبي أنه سيتزوج ... وستكون لي خالة بمثابة الأم وفي مكانها.. ولم استوعب الخبر نظراً لصغر سني وبعد حوالي أسبوع أقام أبي العرس وتم الفرح بالنسبة له ... وجاءت زوجت أبي إلى المنزل .. عاملتنا في بداية الأمر معاملة حسنة .. وكنا لا نناديها إلاّ ... ماما..ماما .. ولكن هذه المعاملة بدأت تتغير شيئا فشيئاً وبالتدريج . فكانت دائمة الشكوى لأبينا ,.. فعلوا كذا وكذا .. فعلوا كذا وكذا .. فعلوا كذا وكذا .. ولم يكن أبينا الذي يعود إلي المنزل متعبا من عمله لديه استعداد لسماع المشكلات . وحلها ولم يكن لدينا المقدرة للدفاع عن أنفسنا نظراً لصغر سننا.. وضعفنا أنا وأختي عن التعبير عما يحاك بنا ولم يكن أبينا يسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا . عما كانت يحبكه خالتنا من القصص المكذوبة علينا. فكان في بداية الأمر يكتفي بالتوبيخ .. ثم تطور الأمر وأصبح يضربنا بعد أن تطور الأمر وكثرت الشكاوى من قبلها .. وازداد الأمر سوءا بعد أن رزق أبينا منها بثلاثة أولاد وبمرور الأيام أصبحنا أنا وأختي بمثابة الخدم .. فأنا مسؤل عن شراء كل ما يحتاجه البيت من حاجات من البقالات وأختي كانت تطبخ الطعام وتنظيف البيت وتحضير رضاعات الأطفال وهي لم يتجاوز سنها الثمان سنوات.. وكنا ننظر بحسد إلى أبناء أبي الصغار بحسد شديد لأنهم يتمتعون بحب وحنان وعطف نفتقد إليه. وكان أبي وزوجته ينظرون إلينا على أننا مصدر إزعاج بالنسبة لهم وتنغيص وعبء عليه وعلى سعادته مع زوجته . وأصبح أبونا ينظر إلينا على أننا سبب كثير من المشاكل داخل المنزل بما تقصه عليه خالتنا عنا من قصص مختلقة عنا وكانت ردة فعله على هذه الادعاءات هي السباب والشتم وأحياناً الضرب والإهانات . وكان ينعتنا بأبشع الأسماء وأنه لن يرضى عنا إلا ‘ذا رضيت عنا خالتنا وأبناؤها . وأطلق علينا النعوت السيئة وكان الجميع ينادوننا بها حتى كدنا ننسى أسماءنا الحقيقية وكنا محرومين من كل شيء حتى المناسبات التي تدعى إليها الأسرة كنا لانذهب معها لها . ونجالس وحدنا في المنزل ننعى حضنا البائس ... وبدأت بعد ذلك أعرف طريق الهروب من البيت والتقطني بعض الشباب الأكبر سناً واظهروا لي بعض الحنان الذي كنت مفتقداً له في البيت وكنت في حاجة شديدة له. ومن خلال هذه المشاعر المزيفة استطاعوا خداعي وانزلقت معهم في الانحراف الأخلاقي ولم أكن أدرك بشاعة ذلك نظراً لصغر سني وعدم وجوب الأب الرشيد الناصح والموجة بالتي هي أحسن... ثم قبض علي في قضية أخلاقية وأودعت السجن في هذه الدار ... والآن عرفت مقدار الخطأ الذي وقعت فيه .... وأنا الآن أعلن توبتي إلى الله لعله يقبلني عنده من التوابين وأحمد الله على أن وفقني إلى ذلك ... فهل أنا على حق في بكائي وتمسكي بداركم . أم لا ؟ وسكت بعد أن أثقل ضميري بالحمل الذي ينوء بحمله الرجال فكيف بطفل لم يبلغ سن الشباب ؟؟ وتحيرت في الرد عليه .. من الذي جنى على هذا الابن ؟ أهو الأب الذي أنسته الزوجة حقوق ابنائه وجعلت منه دمية تحركها كيف شاءت ؟ أم زوجته التي لم تراعي حق الله فيه؟ وشرد خيالي بعيداً وأنا أتخيل لو أن هناك سوقاً يختار فيه الأبناء آبائهم الجيدين لدفع هذا الحدث كل ما يملك ثمناً لأب جيد .. ولكن ...