المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفحات عطرة من سيرة سيدتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام)الجزء الثامن


عبود مزهر الكرخي
07-06-2009, 08:00 PM
نفحات عطرة من سيرة سيدتنا فاطمة الزهراء(عليها السلام)الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا أبو الزهراء محمد وعلى آل بيته الطيبين الأطهار
نستكمل موضوعنا عن السيرة الجميلة والعطرة لسيدة نساء أهل الجنة سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها أفضل السلام) والتي من خلالها نتعلم منها الدروس والعبر التي لا تنتهي من هذه السيدة العظيمة والجليلة روحي لها الفداء.
التربية الفاطمية :
والواقع نحن لو أسميناها التربية المحمدية يكون هو الصحيح وكل العالم الآن ومنذ قديم الأزل تعتبر مسألة التربية من اخطر المسائل الإنسانية لأنها تتوقف بناء أي مجتمع من المجتمعات لأن التربية هي التي توجه المجتمع نحو الخير أو الشر والإنسان لا يستغني في أي مرحلة من مراحل حياته من التربية ووضعه على طريق الإصلاح والخير، فالشاب يحتاج إلى التربية لكي تزجه طاقاته وإمكاناته نحو الإنتاج الفعال وترشده إلى الموازنة بين عواطفه وميوله وأهوائه وحسب المقاييس الصحيحة.وحتى الشيخ الكبير يحتاج إلى التربية لكي يتم الاستفادة من تجاربه لكي يتبّناها ويدافع عنها،ويدفع الآخرين لالتزامها.وتزداد التربية أهميتها بالنسبة للأشخاص الذين يمتلكون قابليات وراثية والذين يمتلكون صفات تجعلهم متميزين عن الآخرين وهي كالشجرة التي لو تمت مراعاتها وتربيتها ولاقت تربية جيدة لأصبحت شجرة باسقة تمد بأغصانها وتخطف الأبصار بأثمارها.
وهذا مما ركز اهتمام(ع) بتربية أولادها بمعونة زوجها الإمام(ع) لترسيخ المفاهيم والقيم التي خرجت منها تلك الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة التي لم تدنسها الجاهلية بانجاسها والعمل على بروز نبوغهم وعبقريتهم لكي تنجح نجاحاً تاماً ولكي يأتي علماء التربية والاجتماع وينهلوا من هذه المدرسة التربوية العالية في كل مصاف المعاني والقيم.وسوف نوضح بفقرات نأخذ منها المهم لكي تتعلم كذلك منها الأمهات والإباء وكل من له صلة بالعملية التربوية.وسوف نوضح بعض الفقرات التي تقوم عليها هذه التربية :
1 ـ احترام شخصية الطفل :
كانت الزهراء(ع) تهتم كثيراً باحترام شخصية الطفل تعاملهم معاملة الرجال وحتى التخاطب معهم على أساس ذلك.وهذه الأمور هي من الأمور التي تبني شخصية الطفل وأن يشب وهو رجل له طموحاته واستقلاله وكان هذه الاحترام له الأثر الفعال في أبناء رسول الله(ص)وجعلهم يشعرون بمنزلتهم وبناء شخصيتهم وهذه الشخصية هي التي أنتجت شخصية أبو الأحرار سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين(ع) الذي رفض الخنوع والخضوع لمعسكر الكفر والظلام وحارب يزيد بثلته القليلة كل جيوش يزيد واسقط كل عروشهم وتيجانهم ،وهي التي أنتجت بطلة كربلاء سيدتنا ومولاتنا زينب(ع) التي يشهد لها التاريخ ببطولاتها في مواجهة يزيد وأعوانه الكفرة.
2 ـ التربية على أساس الأيمان :
كل تربية لا تستند على أساس الأيمان بالله فلا قيمة و لا جدوى لها وهذا ما نلاحظه في المجتمعات الغربية والمجتمعات التي لا تستند على الأيمان فنلاحظ بالرغم من كل وجود الإمكانيات والمستلزمات للتربية الحديثة وهذا يكون ملموساً في المجتمعات المتقدمة حيث نلاحظ مدى ضعف الروابط الاجتماعية والانحلال الخلقي وتفشي الجريمة والمخدرات وكل النواحي السيئة في هذه المجتمعات.
أما سيدتنا روحي لها الفداء كان بيتها المتواضع منار للأيمان ومشكاة للهداية..وقد أرضعتهم الأيمان الخالص لوجه الله تعالى وغذتهم بكل القيم الروحية العالية ولذلك كانوا بحق الامتداد الروحي لرسالة جدهم العظيم.وهذا ما نلاحظه في التربية التي تربى عليها سيدي ومولاي الحسين(ع) والتربية التي تربى بها يزيد القائمة على أساس النفاق والجشع والغدر والخيانة.ونفس الشيء في تربية سيدي الحسن(ع) ومعاوية فنلاحظ البون الشاسع بين التربيتين.
3 ـ الاستقامة :
وقد حرصت روحي لها الفداء على تنشئة أولادها على هذا المبدأ ولهذا فقد عودتهم على الصراحة والصدق والوفاء بالوعد وقد شبوا على هذا الأساس وكان يشار إليهم في مجتمعهم بالبنان..وخصوصاً عندما أحتل الحسنان مراكز الإمامة والقيادة.
ولنأخذ الحادثة للسيدة زينب(ع) الطفلة البريئة التي تربت على الاستقامة في حضن أمها،عندما أجلسها أمير المؤمنين(ع) مع أخيها العباس(ع) يوماً،وقال للعباس :
ــ قل : واحد فقال : واحد فقال : قل : أثنين
فقال العباس : أستحي أن أقول باللسان الذي قلت واحد : اثنان!
فقبل عليّ(ع) عينيه،ثم التفت إلى زينب فقالت :
ــ يا أبتاه،أتحبنا؟ قال : نعم يا بنيتي،أولادنا أكبادنا!
فقالت(ع) : يا أبتاه،حبان لا يجتمعان في قلب المؤمن : حبّ الله،وحبّ الأولاد.وأن كان لا بدّ فالشفقة لنا والحب لله خالصاً.فهذا الحوار القصير يكشف عن مدى الوعي الكبير لهذه الطفلة الصغيرة وهي أرادت أن تقول أني تلقيت منك ومن أمي أن الحب لا يكون إلا لله تعالى وأن المؤمن لا يعمر قلبه إلا بحب ربه.فالحب يكون لله والشفقة للأولاد.
4 ـ الاعتماد على النفس :
وهي من الأمور الواجبة لبناء شخصية الطفل مع تسلحه بالعلم والأيمان ويكون ذلك بجده واجتهاده،وأن المرء مرهون بعمله وهو الذي يتحمل ما يصدر منه من خير أو شر وهو مسؤول عن أعمالة ولها قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ((كلّ نفس بما كسبت رهينة))المدثر آية38.ويقول أيضاً ((وأن ليس للإنسان إلا ما سعى،وأن سعيه سوف يُرى))النجم آية39.
ويقول سيدنا ومولانا أمير المؤمنين(ع) : ((الشرف بالهمم العالية،لا بالرمم البالية))وأيضاً يقول : ((قدر الرجل على قدر همته)).وهذا ما يجب على الوالدين تنشئة طفلهم على الاعتماد على النفس منذ الصغر.
وقد لاحظنا ذلك جلياً في سلوك الحسنان(عليهم السلام)والمنزلة العظيمة التي كان يحتلانها في قلوب جميع المسلمين دون التفاخر بمنزلة أبويهما وهذا يرجع للتربية السليمة التي كان يتلقانها من قبل أبيهما العظيم، وأمهما الصديقة الطاهرة.
وهكذا تبقى سيدتنا الزهراء المعلمة الأولى التي أخرجت تلك النماذج الرائعة والفذة في أولادها وهذا من التربية التي تلقتها في بيت الوحي والرسالة.
ولنستمع إلى علم من إعلام الأمة الإسلامية في توضيح أثار التربية الإسلامية فهو يقول :
(ما وصلنا من أخبار فاطمة يصوّرها لنا بصورة المعلمة الأولى للمسلمات اللواتي كنّ يقبلن على بيتها مستفهمات متعلمات فتفيض عليهنِّ فاطمة بما وعته من علم وتثقفهنّ بثقافة العصر وتشعهنّ على طلب العلم والمعرفة،وهكذا كان بيتها المدرسة الأولى في الإسلام للمرأة).
ومع فإن فقدان التدوين وكذلك الكره الذي يكنه حكام ذلك العصر لأهل البيت قد حرمنا الكثير من أخبارها روحي لها الفداء لم يصلنا منها إلا القليل ولكن وصلنا الكثير من أخبارها إذ أنها ماتت وهي في عنفوان الشباب فهي كانت متوجهة لتثقيف الجماهير الإسلامية جماعات وأفراد وما جاء في خطبتها التي ذكرناها خير دليل على ذلك وحريٌّ بنا أن نضعها في مصاف القوانين والدساتير في وقتنا الحاضر وكان إقبال النساء عليها طالبات للعلم يرسينا بعض حقائق فاطمة العالمة المعلّمة.
وحتى الرجال كان يقصونها مستفيدين مها ومن الأمثلة مجيء أبن مسعود عندما سألها وقال لها : يا ابنة رسول الله،هل ترك رسول الله عندك شيئاً نتعلمه؟فقالت(ع) : يا جارية هاتي تلك الأوراق طلبتها فلم تجدها.فقالت فاطمة : ويحك اطلبيها فأنها تعدل عندي حسناً وحسيناً..إلى أخر الخبر.
وكذلك أن امرأة جاءت تسأل روحي لها الفداء مسائل علمية فإجابتها عن سؤالها الأول،وظلت سأل حتى بلغت أسئلتها العشرة .ثم خجلت من الكثرة،فالت : لا أشق عليك يا ابنة رسول الله ، فقال (ع) : هاتي وسلي عما بدا لك.أني سمعت أبي يقول : ((أن علماء أمتنا يحشرون فيخلع عليهم من الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في أرشاد عباد الله))
وهذ هي حال المعلمة الأولى سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء(ع) التي لا يوفي القلم والصفحات عنها.
وفي أجزاءنا القادمة سوف نستكمل السيرة البهية والعطرة لسيدة نساء العالمين(ع)
وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين
والصلاة على سيد الخلق أجمعين سيدنا أبو الزهراء وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
ونسألكم الدعاءوالمسألة
----------------------------------------------------------------
المصادر :
نفس المصادر السابقة

البحرانية
15-06-2009, 04:28 PM
يعطيك العافية اخي عبود مزهر

وحشرك في ركب الزهراء عليهاالسلاااااااام

تقبل مروري وتحياااتي