المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قلم المثقف وديكتاتورية السلطة


مرتضى العاملي
09-06-2009, 02:13 AM
قلم المثقف وديكتاتورية السلطة
http://www.3lforat.com/up//uploads/images/3lforat-0c3effba1c.jpg (http://www.3lforat.com/up//uploads/images/3lforat-0c3effba1c.jpg)

أقلام بعض المثقفين دائما تريد الوصول إلى نفس الشرائح التي تسعى أستبدادية السلطة للسيطرة على تفكيرها وتسيير اتجاهاتها، فكل طرف يستخدم طرق ووسائل متعددة للوصول إلى أهداف محددة وغايات معينة.
وفي حالة الأنظمة الاستبدادية، تتحكم عصا السلطة في وسائل الإعلام وتهيمن على مستوى القرار وتمتلك الإمكانيات المادية والأمنية، لذا تقوم باستقطاب حفنة من الأقلام الهشة التي تعمل جاهدة على تبرير مبادئ السلطة الحاكمة وتجتهد لنشر أفكارها في المجتمع.

في نفس الوقت تتخلى الأصابع عن القلم الحر وتمسك بعصا أصغر من عصا السلطة، وتصبح أداة من أدوات السلطة تروج للأفكار وتفسر النصوص القانونية وتنتج أكاديميا وتبذل جهد مؤسساتي كبير، يسفر عنه تراجع نسبة الأقلام الواعية التي تسعى للإصلاح والتغيير، فتقف بقية الأقلام صامتة أمام سوء الأوضاع وتتجاهل قضايا المجتمع الأساسية وتضرب بعرض الحائط الحديث عن عمليات التحديث والتطوير في المجتمع والدولة.

العلاقة السالفة بين القلم والمثقف تتسم بأنها علاقة تبعية ضيقة يمارسها السياسي على الثقافي، لتنجح العصا في إدماج القلم في مشروع الدولة السياسي بعدما تستكمل السيطرة على أوجه الحياة المختلفة في المجتمع.

ويرافق فضاء الضبط والتقنين والاستبداد ظهور أقلام قليلة تنتمي إلى فضاء الحرية والتمرد والاختلاف، تقفز فوق الحدود وتطالب السلطة بالتغيير علنا ومحاربة أشكال الفساد والظلم وسوء توزيع الثروة، فتأتي ردة فعل السلطة مغايرة بحيث تستشعر العصا الخطر وتتحرك للدفاع عن الواقع والحفاظ على المكتسبات.

تصبح هذا العلاقة علاقة تنافر وتضاد بسبب النقد المبثوث في بعض وسائل الأعلام وتتخذ العلاقة بعدا آخر يقوم على انعدام الثقة والخوف، وهذا يعني أن السلطة لا تأبه بمطالب المثقف ولا تحسب له أي حساب ولا تأخذ بأفكاره ومشاريعه الفكرية، ويظهر عناد المثقف من خلال قوة الالتزام بالمبادئ والقيم والتمسك بعملية النزاهة التي تفرض على القلم أن يشهد الحقيقة وألا يكون مزورا للواقع مهما خسر الكثير من الامتيازات.

وإذا تمسك المثقف مع مرور الزمن بآرائه ومشروعه يتحول تدريجيا إلى عدو للسلطة، ومن ثم تبدأ أولى بوادر المعركة بين القلم والعصا، وفي واقع الأمر فإن المعركة غير متكافئة ومن الطبيعي أن تنتصر عصا السلطة ويندحر القلم قليلا؛ لأن السلطة هي قوة جماعية تمتلك العديد من الأجهزة والأدوات والأسلحة وبمقدورها أن تصنع من ذلك المثقف عميلا وخائنا في أدبيات مثقفيها ووسائل إعلامها، وعلى الضفة الأخرى لا يستطيع قلم المثقف الضعيف مواجهة العصا بمفرده وهي تتحكم في كل شئ حتى بقوت يومه.

أما إذا رحلنا غربا لنتأمل حال الأنظمة الديموقراطية، فإننا نجد بون شاسع واختلاف واسع أدى إلى ظهور أنماط وشرائح متعددة من المثقفين، لأن القلم أصبح ذا تأثير قوي في المجتمع وذلك من خلال الحرية التي يتمتع بها ويستمدها من القانون ومنظمات المجتمع المدني التي تحد من سلطة الدولة.

وفي النهاية أرى من الصعب أن ينخرط المثقف في مؤسسات السلطة ويظل راشدا لا يحركه سوى عقله وضميره إذا كان يعيش في ظل الأنظمة المتخلفة، وأيضا لن ترتاح السلطة إذا ما احترمت أصوات المثقفين الحقيقيين وانتصرت لرغباتهم لأن السلطة ستصطدم برغبات التغيير وأدوات النقد، لذا فإن جدلية العلاقة بين قلم المثقف وعصا السلطة سوف تستمر لمدة طويلة ولن تتلاشى الهوة الموجودة بين الطرفين لأن رؤية التكامل بين الطرفين هي بعيدة كل البعد عن الأنظمة الديكتاتورية خصوصا في بلداننا العربية.

http://www.3lforat.com/up//uploads/images/3lforat-61101332f2.jpg (http://www.3lforat.com/up//uploads/images/3lforat-61101332f2.jpg)

لكم خالص دعائي
08/06/2009

الروح
09-06-2009, 05:04 AM
أُستاذنا الأديب المبدع العاملي :
أُحييك لهذهِ المقالة الرائعة , والتي تحكي واقع المثقف العربي
الذي سرعان مايتحول الى معارض او من مداحين السلطة
فلاثالث بينهما أما قلم حر يعاني الويلات ليسكب حبر المعاناة
او قلم مكبل بأهواء صاحبه الذي باعهُ بثمنٍ بخس..
أخي الفاضل أحسنت كثيراً في طرحك الموضوعي

تحياااتي لقلمكَ الحُر

نور المستوحشين
17-06-2009, 12:35 AM
http://img519.imageshack.us/img519/838/df960bc9d81wm2.gif




طرح متألق أخي الكريم

شاكرين لك جهدك المتميز

بانتظار المزيد

تحياااتي نور...