المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق في عصر الظهور@بحوثات العلامة الشيخ الكوراني


خادم الشيخ الكوراني
15-06-2009, 12:45 PM
العراق في عصر الظهور

العراق عاصمة دولة العدل الإلهية

الأحاديث حول العراق كثيرة في علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام وحركة ظهوره ، ذلك أن الله عز وجل قدر وقضى أن يكون العراق عاصمة دولة العدل الإلهي العالمية التي يقيمها الإمام عليه السلام . ويصعب تقسيم الروايات المتعلقة بالعراق قبل الظهور ، فمنها ما يذكر الحكام فيه ، أو يمدح بعض بلدانه أو يذمها ، أو يتحدث عن نقص في الثمرات ، وخوف يشمل أهله لايقر لهم معه قرار..الخ.
وقد أورد المفيد رحمه الله مجموعة علامات لظهور الإمام المهدي عليه السلام وأحداثاً تكون في العراق وغيره ، قال في الإرشاد:2/368: (قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام وحوادث تكون أمام قيامه، وآيات ودلالات: فمنها خروج السفياني وقتل الحسني، واختلاف بني العباس في الملك الدنياوي ، وكسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخره على خلاف العادات ، وخسف بالبيداء وخسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وركود الشمس من عند الزوال إلى أوسط أوقات العصر ، وطلوعها من المغرب ، وقتل نفس زكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام ، وهدم حائط مسجد الكوفة ، وإقبال رايات سود من قبل خراسان ، وخروج اليماني وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات ، ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة ، وطلوع نجم بالمشرق يضئ كما يضئ القمر ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه ، وحمرة تظهر في السماء وتنتشر في آفاقها ، ونار تظهر بالمشرق طويلاً وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم ، وقتل أهل مصر أميرهم ، وخراب الشام ، واختلاف ثلاث رايات فيه ، ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر، ورايات كندة إلى خراسان ، وورود خيل من قبل الغرب حتى تربط بفناء الحيرة ، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها ، وبثق في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة ، وخروج ستين كذاباً كلهم يدعي النبوة ، وخروج اثني عشر من آل أبي طالب كلهم يدعي الإمامة لنفسه ، وإحراق رجل عظيم القدر من بني العباس بين جلولاء وخانقين ، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة السلام ، وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار ، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها ، وخوف يشمل أهل العراق وبغداد ، وموت ذريع فيه ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات ، وقلة ريع لما يزرعه الناس، واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليهم ، ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير ، وغلبة العبيد على بلاد السادات ، ونداء من السماء حتى يسمعه أهل الأرض كل أهل لغة بلغتهم ، ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس ، وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون ويتزاورون . ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل فتحيا بها الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها ، ويزول بعد ذلك كل عاهة عن معتقدي الحق من شيعة المهدي عليه السلام فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتوجهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار .
وجملة من هذه الأحداث محتومة ومنها مشروطة، والله أعلم بما يكون ، وإنما ذكرناها على حسب ما ثبت في الأصول ، وتضمنها الأثر المنقول). انتهى.
أقول: ما ذكره قدس سره تعدادٌ مجملٌ لعلامات الظهور البعيدة والقريبة ، ولا يقصد به أنها متسلسلة حسب ما ذكرها ، فمنها علامات قريبة لايفصلها عن ظهوره الإمام عليه السلام أكثر من أسبوعين كقتل النفس الزكية بين الركن والمقام ، بل هو في الحقيقة جزء من حركة الظهور لأنه رسول المهدي عليه السلام . ومنها ما يفصله عن ظهوره عليه السلام قرون عديدة كاختلاف بني العباس فيما بينهم ، وظهور المغربي في مصر وتملكه الشامات في حركة الفاطميين .
وقصده رحمه الله بالمحتوم والمشروط منها: أن منها حتمي الوقوع على كل حال ، كما ورد في السفياني واليماني وقتل النفس الزكية والنداء السماوي والخسف بجيش السفياني وغيرها . ومنها مشروط بأحداث أخرى في علم الله سبحانه ومقاديره ، ولله الأمر من قبل ومن بعد فيها وفي غيرها .
وقد تقدم بحث النفس الزكية في العراق والمدينة ومكة . ونورد فيما يلي أبرز هذه الأحاديث المتعلقة بالعراق تحت عناوين مناسبة:
ضعف رواية جفاف الفرات

عبد الرزاق:11/373 ، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: شكي إلى ابن مسعود الفرات ، فقالوا: نخاف أن ينفتق علينا فلو أرسلت من يسكره ، فقال عبد الله: لا نسكره ، فوالله ليأتين على الناس زمان لو التمستم فيه ملء طست من ماء ما وجدتموه ، وليرجعن كل ماء إلى عنصره ، ويكون بقية الماء والمسلمين بالشام) . ونحوه ملاحم ابن المنادي/63، وفي الحاكم:4/504 ، عن عبد الله: يوشك أن تطلبوا في قراكم هذه طستاً من ماء فلا تجدونه ، ينزوي كل ماء إلى عنصره ، فيكون في الشام بقية المؤمنين والماءوقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ).
أقول: لا أصل لهذا الجفاف المزعوم في الفرات أو في مياه الأرض، وقد ورد عن أهل البيت عليهم السلام أن سنة ظهور المهدي عليه السلام تكون سنة غيداقة كثيرة المطر حتى تفسد الثمار ويفيض الفرات في الكوفة . ففي الإرشاد/361 ، عن جعفر بن سعد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سنة الفتح ينبثق الفرات حتى يدخل في أزقة الكوفة) . ومثله في غيبة الطوسي/273 ، عن جعفر بن سعيد الأسدي عن أبي عبد الله عليه السلام ، وإعلام الورى/429 ، والخرائج:3/1164، وإثبات الهداة:3/733 ، والبحار:52/217 .
وفي الإرشاد/361 ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قدام القائم عليه السلام لسنة غيداقة يفسد فيها الثمار والتمر في النخل فلا تشكوا في ذلك). ونحوه في غيبة الطوسي/272 وإعلام الورى/428 ، والخرائج:3/1164 ، وإثبات الهداة:3/728 ، والبحار:52/214 .
ضعف روايات خراب بغداد

في ملاحم ابن المنادي/43 ، عن جرير بن عبد الله البجلي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تبنى مدينة بين دجلة ودجيل والصراة وقطربل، تجبى إليها كنوز الأرض يخسف بها ، فلهي أسرع ذهاباً في الأرض من الحديدة المحماة في الأرض الخوارة) . وتذكرة القرطبي:2/681 و697، آخره ، والكشف والبيان:8/302 ، وجامع السيوطي:4/772 ، وموضوعات ابن الجوزي:2/61 ، قال علي بن أبي طالب عليه السلام سمعت حبيبي محمداً عليهما السلام يقول: سيكون لبني عمي مدينة من قبل المشرق بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة يشد فيها الخشب والأجر والجص والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجباربرة أمتي ، أما إن هلاكها على يدي السفياني كأني بها والله قد صارت خاوية على عروشها ).
أقول: من تتبعي لروايات خسف بغداد وزوالها ، ترجَّحَ عندي أن يكون أساسها من وضع أتباع بني أمية ، لأن بغداد سرعان ما حلت محل الشام . ولأن أمير المؤمنين عليه السلام أخبر عن خراب الشام بيد ولده المهدي عليهما السلام ! لذلك لايمكن الإعتماد عليها ، خاصة أنهم ذكرت أن دمار بغداد على يد السفياني ! ففي تاريخ بغداد:1/38 ، عن أبي أسود الدؤلي: قال علي بن أبي طالب: سمعت حبيبي محمداً صلى الله عليه وآله يقول: سيكون لبني عمي مدينة من قبل المشرق بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة ، يشيد فيها بالخشب والآجر والجص والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجبابرة أمتي ، أما إن هلاكها على يد السفياني ، كأني بها والله قد صارت خاوية على عروشها ). انتهى. فالرواية تقول إن بني أمية سيعودون وينتقمون من بني عباس !
روايات الفريقين حول البصرة

أبو داود:4/113 ، عن صالح بن درهم قال: انطلقنا حاجين فإذا رجل فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها الأبلة ؟ قلنا نعم ، قال: من يضمن لي منكم أن يصلي لي في مسجد العشار ركعتين أو أربعاً ويقول هذه لأبي هريرة ؟ سمعت خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وآله يقول: إن الله يبعث من مسجد العشار يوم القيامة شهداء ، لا يقوم مع شهداء بدر غيرهم . وقال أبو داود: هذا مسجد مما يلي النهر). والأبُلَّة: بفتح الهمزة وضم الباء وتشديد اللام ، محلة قديمة قرب البصرة ، وهي اليوم جزء منها. وملاحم ابن المنادي/40 ، ومصابيح البغوي:3/486 ، من حسانه ، وكلاهما كما في أبي داود، وجامع الأصول:10/219 ، وكنز العمال:12/285 ، كلاهما عن أبي داود.
أبو داود:4/113، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: يا أنس، إن الناس يمصرون أمصاراً ، وإن مصراً منها يقال له البصرة أو البصيرة ، فإن أنت مررت بها أو دخلتها فإياك وسباخها وكلاها وسوقها وباب أمرائها وعليك بضواحيها ، فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف ، وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير ) . سِباخها ، أي أرضها الملحية التي لاتكاد تنبت . كَلاها: أي مراعيها .
وملاحم ابن المنادي/38 ، عن أبي بكرة أخ زياد بن أبيه: قال النبي صلى الله عليه وآله : إن أناساً من أمتي ينزلون حائطاً يقال له البصرة وعنده نهر له يقال له دجلة ، وتكون من أمصار المهاجرين ، فإذا كان في آخر الزمان جاء بنو قنطورا قوم عراض الوجوه صغار الأعين حتى ينزلون بشاطئ النهر ، فيفترق أهلها على ثلث فرق ، فأما فرقة فيأخذون بأذناب الإبل والبرية فيهلكون . وقال: وفيه كلام انقطع عن عارم من الفضل . وقد روى هذا الحديث عبد الصمد عبد الوارث عن أئمة: وفرقة آخذون لأنفسهم وهلكوا، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلون وهم شهداء) .
المعجم الأوسط:7/561 ، عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله : إن المسلمين يمصرون بعدي أمصاراً ، مما يمصرون مصراً يقال لها البصيرة فإن أنت وردتها فإياك ومقصفها وسوقها وباب سلطانها فإنها سيكون بها خسف ومسخ وقذف . آية ذلك الزمان أن يموت العدل ويفشو فيها الجور ويكثر فيها الزنا ويفشو فيها شهادة الزور). ونحوه جمع الفوئد:3/317 ، وفيه: وعليك بضواحيها فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف ، وقوم يبيتون فيصبحون قردة وخنازيز ).انتهى.
أقول: لايمكن الإعتماد على هذه الروايات ، بعد أن شهد أهل البيت عليهم السلام بعدم وثاقة أنس ، وكذا أبي بكرة وهو أخ زياد بن أبيه ، كما أن البغوي حكم بوضع الحديث الأخير وكذا ابن الجوزي ، ودافع عنه ابن حجر .
قال في هامش مصابيح البغوي:3/486: وهذا الحديث مما استخرجه الإمام القزويني من كتاب المصابيح وقال إنه موضوع ، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عنه في أجوبته عن أحاديث المصابيح الحديث الخامس عشر فقال: قلت أخرجه أبو داود في كتاب الملاحم من طريق موسى الحناط قال: لا أعلمه إلا عن موسى بن أنس ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا أنس إن الناس يمصرون... ورجاله ثقات ليس فيه إلا قول موسى الحناط لا أعلمه إلا عن موسى بن أنس ، ولا يلزم من شكه في شيخه الذي حدثه به أن يكون شيخه فيه ضعفاً ، فضلاً عن أن يكون كذاباً وتفرد به ، والواقع لم يتفرد به ، بل أخرج أبو داود أيضاً لأصله شاهداً بسند صحيح من حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله ).انتهى. أقول: ومع ذلك لايمكننا الأخذ به ، لأن دواعي الوضع فيه قوية !
إخبار أمير المؤمنين عليه السلام عن ثورة الزنج بالبصرة

وقد أوردنا في الفصل الثاني الخطبة المنسوبة الى أمير المؤمنين عليه السلام ، التي رواها ابن ميثم البحراني في شرح نهج البلاغة:1/289، خطبة 13، وهي مرسلةً وفيها ذم البصرة وإخبار عن أحداث ستقع فيها مثل قوله: (كأني أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شُرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر ! فقام إليه الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك ؟قال: يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزمان وإن بينك وبينه لقروناً ، ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً فالهرب الهرب فإنه لا بصيرة لكم يومئذ . ثم التفت عن يمينه فقال: كم بينكم وبين الأبلة ؟ فقال له المنذر بن الجارود: فداك أبي وأمي ، أربعة فراسخ ، قال له: صدقت فوالذي بعث محمداً وأكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال: يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ ، وقد يكون في التي تسمى الأبلة موضع أصحاب العشور يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفاً شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر! فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي؟ قال: يقتلهم إخوان الجن وهم جيل كأنهم الشياطين ، سود ألوانهم منتنة أرواحهم شديد كلبهم قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء ، تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها ، ثم هملت عيناه بالبكاء ، ثم قال: ويحك يا بصرة من جيش لارهج له ولا حس !
قال له المنذر: يا أمير المؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت ، وما الويح ، وما الويل؟ فقال: هما بابان فالويح باب الرحمة والويل باب العذاب ، يا ابن الجارود نعم ، ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضاً ، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال ، وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحاً ، يا ويل أمرهن حديث عجب ). الى آخرها.. وبعضها في الإحتجاج:1/250، عن ابن عباس .
وقد قلنا إن هذه الخطبة مرسلة لاسند لها ، فلا يمكن الأخذ بها ، ما عدا القسم الأول الى قوله عليه السلام : (كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر) ، فهو مشهور رواه المحدثون والمؤرخون ، ويؤيده كلامه عليه السلام الذي يذكر فيه ثورة الزنج . وقد شهد الرواة والمؤرخون أن أمير المؤمنين عليه السلام وصفها قبل وقوعها بنحو ثلاث مئة سنة ، ومن ذلك خطبته في نهج البلاغة شرح الصالح/148 خطبة102، قال فيها: (فتن كقطع الليل المظلم ، لا تقوم لها قائمة ، ولا ترد لها راية ، تأتيكم مزمومة مرحولة ، يحفزها قائدها ويجهدها راكبها ، أهلها قوم شديد كلبهم قليل سلبهم ، يجاهدهم في سبيل الله قوم أذلة عند المتكبرين ، في الأرض مجهولون وفي السماء معروفون ، فويل لك يا بصرة عند ذلك ، من جيش من نقم الله ، لا رهج له ولا حس ، وسيبتلى أهلك بالموت الأحمر، والجوع الأغبر). وشرح عبدة/196 خطبة 98 ، وابن أبي الحديد:7/102 .
قال الشريف الرضي رحمه الله :يومئ بذلك إلى صاحب الزنج ،ثم قال عليه السلام : ويل لسكككم العامرة والدور المزخرفة، التي لها أجنحة كأجنحة النسور وخراطيم كخراطيم الفيلة ، من أولئك الذين لا يندب قتيلهم ولا يفقد غائبهم) . انتهى.
وكان قائد ثورة الزنج القرمطي الذي ادعى أنه علوي وانطبقت عليها الأوصاف التي وصفها بها أمير المؤمنين عليه السلام ، وكانت ثورتهم ردة فعل على الظلم والترف واضطهاد العبيد ، وعامة جيشه من الزنوج الحفاة الذين لاخيل لهم .
روايات غرق البصرة

أما غرق البصرة فقال عليه السلام في الخطبة رقم13: (كنتم جند المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم . أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق . المقيم بينكم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه . كأني بمسجدكم كجؤجؤ سفينة ، وقد بعث الله عليها العذاب من فوقها ومن تحتها ، وغرق من في ضمنها).
والأحداث التي ذكرت فيها تنطبق على غرق البصرة الذي مضى. قال في شرح النهج:1/253: ( فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق ما عدا المسجد الجامع بها ، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها ، فتغرق ويبقى مسجدها . والصحيح أن المخبر به قد وقع . فإن البصرة غرقت مرتين، مرة في أيام القائم بأمر الله غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزاً بعضه كجؤجؤ الطائر حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام ! جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام ، وخربت دورها وغرق كل ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها ، وأحد هذين الغرقين معروفة عند أهل البصرة يتناقله خلفهم عن سلفهم). انتهى.
روايات خراب البصرة

روايات خراب البصرة ثلاثة أنواع: خرابها بالغرق ، وخرابها بثورة الزنج ، وخرابها بالخسف والتدمير . وقد وقع الخرابان الأولان في زمن العباسيين .
أما خرابها الذي عدوه من علامات ظهور المهدي عليه السلام فعمدة رواياته اثنتان: الأولى: ما رواه المفيد رحمه الله في الإرشاد/361، عن الإمام الصادق عليه السلام : يزجر الناس قبل قيام القائم عليه السلام عن معاصيهم بنار تظهر في السماء وحمرة تجلل السماء ، وخسف ببغداد ، وخسف ببلدة البصرة ودماء تسفك بها وخراب دورها وفناء يقع في أهلها ، وشمول أهل العراق خوف لايكون لهم معه قرار). ومثله إعلام الورى/429 ، بتفاوت يسير ، وعنهما إثبات الهداة:3/733 ، و/742 ، وفيه: وخسف بمنارة البصرة ، وهو يدل على أنه الخسف محدود بمكان فيها ، فهو غير ائتفاكها وانقلاب أسفلها أعلاها ). فإن صحت الرواية فهي تدل على أن الخسف الذي هو من علامات الظهور في مكان منها .
والثانية: أن البصرة من المؤتفكات المذكورة في القرآن أي المدن المنقلبات بأهلها بالخسف والعقاب الإلهي، وأنها ائتفكت ثلاث مرات وبقيت الرابعة .
فقد روى البحار:60/224، وغيره أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في خطبته في البصرة: (يا منذر، إن للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في زبر الأول ، لا يعلمها إلا العلماء ، منها الخريبة ومنها تدمر ومنها المؤتفكة... الى أن قال: يا أهل البصرة ، إن الله لم يجعل لأحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولاكرم إلا وقد جعل فيكم أفضل من ذلك ، وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم . أنتم أقوم الناس قبلة قبلتكم على المقام حيث يقوم الإمام بمكة ، وقارؤكم أقرأ الناس، وزاهدكم أزهد الناس وعابدكم أعبد الناس، وتاجركم أتجر الناس وأصدقهم في تجارته ومتصدقكم أكرم الناس صدقة ، وغنيكم أشد الناس بذلاً وتواضعاً ، وشريفكم أكرم الناس خلقاً ، وأنتم أكثر الناس جواراً وأقلهم تكلفاً لما لايعنيه ، وأحرصهم على الصلاة في جماعة، ثمرتكم أكثر الثمار وأموالكم أكثر الأموال ، وصغاركم أكيس الأولاد ، ونساؤكم أمنع الناس وأحسنهن تبعلاً ، سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحاً لمعاشكم ، والبحر سبباً لكثرة أموالكم ، فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقيلاً وظلاً ظليلاً غير أن حكم الله ماض وقضاءه نافذ لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب ، يقول الله: وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً . إلى أن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي يوماً وليس معه غيري: إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها وأعطاني أقاليدها ، وعلمني ما فيها وما قد كان على ظهرها ، وما يكون إلى يوم القيامة ، ولم يكبر ذلك على كما لم يكبر على أبي آدم ، علمه الأسماء كلها ولم تعلمها الملائكة المقربون . وإني رأيت على شاطئ البحر قرية تسمى البصرة ، فإذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء ، وإنها لأسرع الأرض خراباً ، وأخشنها تراباً وأشدها عذاباً . ولقد خسف بها في القرون الخالية مراراً ، وليأتين عليها زمان وإن لكم يا أهل البصرة وما حولكم من القرى من الماء ليوماً عظيما بلاؤه . وإني لأعلم موضع منفجره من قريتكم هذه . ثم أمور قبل ذلك تدهمكم عظيمة أخفيت عنكم وعلمناها ، فمن خرج عنها عند دنو غرقها فبرحمة من الله سبقت له . ومن بقي فيها غير مرابط فبذنبه ، وما الله بظلام للعبيد).
وروى في الكافي:8/179، عن أبي بصير ، أنه سأل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله عز وجل: وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى؟ قال: هم أهل البصرة هي المؤتفكة قلت: وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ؟ قال: أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم انقلبت عليهم).
وفي تفسير القمي:2/383: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ: المؤتفكات البصرة ، والخاطئة فلانة).
وروت ائتفاك البصرة المصادر السنية ، ففي الأربعين البلدانية لابن عساكر:1/436 ، ومعجم البلدان:1/436: ( لما قدم أمير المؤمنين البصرة بعد وقعة الجمل ارتقى منبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أهل البصرة يا بقايا ثمود يا أتباع البهيمة يا جند المرأة رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم ! أما إني ما أقول ما أقول رغبة ولا رهبة منكم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: تفتح أرض يقال لها البصرة أقْوَمُ أرض الله قبلةً ، قارؤها أقرأ الناس وعابدها أعبد الناس وعالمها أعلم الناس ، ومتصدقها أعظم الناس صدقة . منها إلى قرية يقال لها الأبلة أربعة فراسخ ، يستشهد عند مسجد جامعها وموضع عشورها ثمانون ألف شهيد ، الشهيد يومئذ كالشهيد يوم بدر معي . وهذا الخبر بالمدح أشبه . وفي رواية أخرى أنه رقي المنبر فقال:
يا أهل البصرة ويا بقايا ثمود ، يا أتباع البهيمة ويا جند المرأة ، رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم ، دينكم نفاق وأحلامكم دقاق وماؤكم زعاق ، يا أهل البصرة والبصيرة والسبخة والخريبة ، أرضكم أبعد أرض الله من السماء وأقربها من الماء وأسرعها خراباً وغرقاً. ألا إني سمعت رسول الله يقول: أما علمت أن جبريل حمل جميع الأرض على منكبه الأيمن فأتاني بها ، ألا إني وجدت البصرة أبعد بلاد الله من السماء وأقربها من الماء وأخبثها تراباً وأسرعها خراباً ، ليأتين عليها يوم لا يرى منها إلا شرفات جامعها كجوجؤ السفينة في لجة البحر .
ثم قال: ويحك يا بصرة ويلك من جيش لا غبار له ! فقيل يا أمير المؤمنين: ما الويح وما الويل؟ فقال: الويح والويل بابان فالويح رحمة والويل عذاب .
وفي رواية أن علياً رضي الله لما فرغ من وقعة الجمل دخل البصرة فأتى مسجدها الجامع فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: أما بعد فإن الله ذو رحمة واسعة فما ظنكم يا أهل البصرة ! يا أهل السبخة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثاً وعلى الله الرابعة . يا جند المرأة.. ثم ذكر الذي قبله ثم قال: إنصرفوا إلى منازلكم وأطيعوا الله وسلطانكم وخرج حتى صار إلى المربد والتفت وقال:الحمد لله الذي أخرجني من شر البقاع تراباً وأسرعها خراباً).
وفي شرح مسلم للنووي:1/153: (قال صاحب المطالع: ويقال لها تدمر ويقال لها المؤتفكة ، لأنها ائتفكت بأهلها في أول الدهر ).
وفي الفايق في غريب الحديث:3/260: ( أنس: البصرة إحدى المؤتفكات فأنزل في ضواحيها وإياك والملكة). مَلك الطريق ومَلَكتُه ومَلاكه ومَمْلكته: وسطه).
وفي الأربعين البلدانية:5/219: (المؤتفكة... وفي كلام أمير المؤمنين في ذم أهل البصرة أنه صعد منبر البصرة بعد وقعة الجمل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله ذو رحمة واسعة وعذاب أليم ، فما ظنكم يا أهل البصرة يا أهل السبخة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثاً وعلى الله الرابعة. فهذا يدل على أن الائتفاك الانقلاب وليس بعلم لموضع بعينه ، إلا أن يكون لما انقلبت المؤتفكة سمي كل منقلب مؤتفكاً، وصح من الإسم الصريح فعلاً).ونحوه في البدء والتاريخ/436 ، ونثر الدرر/142 .
تفسير القمي:2/339: (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى، قال: المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السلام : يا أهل البصرة وياأهل المؤتفكة ياجند المرأة وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم وعقر فهربتم ، ماؤكم زعاق وأحلامكم رقاق وفيكم ختم النفاق ولُعنتم على لسان سبعين نبياً ! إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن جبرئيل أخبره أنه طُويَت له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء وأبعدها من السماء وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال ، المقيم فيها مذنب والخارج منها متدارك برحمة ، وقد ائتفكت بأهلها مرتين وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة).والإيقاظ/260 ، والبرهان:4/256 .
وبالتأمل في أمر هذه النصوص وغيرها ، يطمئن الإنسان بـأن مضمونها صدر عن أمير المؤمنين عليه السلام وأن البصرة اتئفكت في الماضي مرتين أو أكثر وستأتفك مرة أخرى ، لكن لم يرد في أي نص منها أن ذلك من علامات ظهور الإمام المهدي عليه السلام ولاحددت وقته ، إلا رواية تفسير القمي حددته بأنه في الرجعة ، والرجعة قد تكون بعد دولة الإمام المهدي عليه السلام بقرون طويلة .
ويؤيده ما قلناه أن بعض رواياتها ذكرت أنه الخسف هو الموعود بقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً . وهذا أمرٌ عام قد يكون في الرجعة قبل القيامة ولايختص بالبصرة .
الشيصباني طاغية العراق قبل السفياني

النعماني/302 ، عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام عن السفياني فقال: وأنى لكم بالسفياني حتى يخرج قبله الشيصباني ، يخرج من أرض كوفان ، ينبع كما ينبع الماء ، فيقتل وفدكم ، فتوقعوا بعد ذلك السفياني ، وخروج القائم عليه السلام ). وعنه البحار:52/250. والشيصباني: الشيطاني ، وهو تعبير يستعمله الأئمة عليهم السلام للطواغيت والأشرار . وأرض كوفان: العراق ، ويكون خروجه أي حكمه فجأة بنحو غير متوقع: ينبع كما ينبع الماء . ومعنى الحديث أنه يكون طاغية سفاكاً (يقتل وفدكم) أي وجهاء المؤمنين الذين يتقدمون الوفد عادة ، يقال وفد القبيلة ووفد المدينة بمعنى وجهائها ورهطها . ويكون قبل السفياني بقليل بدليل قوله عليه السلام : (فتوقعوا بعد ذلك السفياني) . وهذه الصفات تنطبق على صدام ، فإن ظهر بعده السفياني في الشام بدون فاصلة طويلة ، يكون هو شيصباني العراق الموعود .
يتبع

خادم الشيخ الكوراني
15-06-2009, 12:50 PM
عوف السلمي الذي يخرج قبل السفياني

أما عوف السلمي فقد ورد فيه رواية في غيبة الطوسي/270 ، عن حذلم بن بشير قال: (قلت لعلي بن الحسين عليه السلام صف لي خروج المهدي وعرفني دلائله وعلاماته فقال: يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة ، ويكون مأواه تكريت وقتله بمسجد دمشق . ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند ، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس ، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان ، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ، ثم يخرج بعد ذلك) (ومثله الخرائج:3/1155، ومنتخب الأنوار /31 ، وعنه إثبات الهداة:3/727 والبحار:52/213) .
أقول: قد يكون عوف السلمي هذا خارجاً على الحكومة السورية وليس العراقية ، وإن صحت روايته فهو قبل السفياني بمدة غير طويلة . أما الجزيرة التي هي مركز حركته فهي اسم لمنطقة عند الحدود العراقية السورية فهو المعنى المفهوم للجزيرة في كتب التاريخ والحديث عندما تطلق بدون إضافة . وتسمى أيضاً جزيرة ربيعة أو ديار بكر ، ولا يفهم منها جزيرة العرب إلا بالإضافة .
والظاهر أن معنى مأواه تكريت أنها تكون ملجأه في فراره ، وهي قرية معروفة في العراق . ويؤيد ذلك أنها قريبة من مركز حركته في الجزيرة .
والموجود في البحار وغيبة الطوسي(تكريت)فيكون ما ورد في بعض النسخ بدلها (ومأواه بكريت أو بكويت) مصحفاً عن تكريت . وتشير الرواية إلى أنه بعد ذلك يقتل في مسجد دمشق أي يغتال فيه ، أو يقبض عليه ويقتل عنده . وعلى هذا يكون خروجه من أحداث بلاد الشام ، وله صلة بأحداث العراق .
أزمة الجوع والخوف الذريع والقتل الفظيع قبيل ظهوره عليه السلام

أحمد:2/262، عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : منعت العراق قفيزها ودرهمها ، ومنعت الشام مدها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ، ودينارها وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم ! وقال: يشهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه ، قال أبو عبد الرحمن سمعت يحيى بن معين وذكر أبا كامل فقال: كنت آخذ منه ذا الشأن وكان أبو كامل بغدادياً من الأمناء). ونحوه مسلم:4/2220 ، وأبو داود:3/166 ، والبيهقي:9/137، وفي دلائل النبوة:6/329 ، كلها عن أبي هريرة . الخ. والقفيز والمُد والإردَبّ: مكاييل للغلات في العراق والشام ومصر .
وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي:2/386، عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لايجبى إليهم قفيز ولا درهم ، قلنا من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك . ثم قال: يوشك أهل الشام أن لايجبى إليهم دينار ولا مد . قلنا من أين ذاك؟ قال من قبل الروم) .
وفي السنن في الفتن:6/1118، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مديها ودينارها ، ومنعت مصر إردبها ودينارها ، وعدتم من حيث بدأتم ! ثلاث مرات). انتهى.
ومعنى ذلك أنه ستحدث أزمة اقتصادية ومالية في العراق والشام ومصر ، فتمنع جهة من الجهات المعادية للمسلمين وصول الواردات الإقتصادية ويضطر المسلمون إلى أن يرجعوا إلى الحجاز .
وإذا صحَّ الحديث فهو يتكلم عن أزمة لم يعين وقتها ، ولادليل على ربطها بظهور المهدي عليه السلام ،وإن ذكرها المؤلفون في هذا السياق، وقد مرت أزمات كثيرة من نوعها !
ولعل سبب ربطهم الموضوع بالإمام المهدي عليه السلام أنه ورد في رواية مسلم وأحمد في كلام جابر ، ثم تكلم بعده عن الإمام المهدي عليه السلام . قال أحمد في مسنده:3/316: (عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله قال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم ! قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك ! ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مد ! قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذاك ! قال: ثم أمسك هنيهة ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً لا يعده عداً. قال الجريري فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانه عمر بن عبد العزيز؟فقالا: لا). ومثله في مسلم:8/185. لكن لا دليل فيه على ارتباط هذه الأزمة بالإمام المهدي عليه السلام ، خاصة مع قول الراوي: أمسك هنيهة فهو كالنص على أن كلامه بعد السكوت مستأنف !
على أن الحاكم رواه:4/454 ، بدون ذكر المهدي عليه السلام ، وفي آخره: والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها ، حتى يكون كل إيمان بالمدينة ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لايخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيراً منه ، وليسمعن ناس برخص من أسعار وريف فيتبعونه ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون . هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة ، إنما أخرج مسلم حديث داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي: صلى الله عليه وآله يكون في آخر الزمان خليفة يعطى المال لا يعده عداً، وهذا له علة).
لكن أحاديث مصادرنا روت هذه الأزمة بشكل آخر ، ففي العياشي:1/68، عن أبي حمزة الثمالي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئٍْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ قال: ذلك جوع خاص وجوع عام ، فأما بالشام فإنه عام ، وأما الخاص بالكوفة يخص ولا يعم ، ولكنه يخص بالكوفة أعداء آل محمد فيهلكهم الله بالجوع . وأما الخوف فإنه عام بالشام وذاك الخوف إذا قام القائم عليه السلام وأما الجوع فقبل قيام القائم عليه السلام وذلك قوله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئٍْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) . والنعماني/251 ، عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله تعالى: ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع، الآية ، فقال..كما في العياشي ، بتفاوت ، وفيه: وأما الخوف فبعد قيام القائم عليه السلام . وإثبات الهداة:3/734 و740، عن النعماني والعياشي بتفاوت يسير ، وكذا البحار:52/229 .
ولم أعرف معنى اختصاص الجوع بأعداء أهل البيت عليهم السلام في العراق ، إلا أن يكون أزمة تعاني منها مناطق دون مناطق .والخوف المذكور في بلاد الشام بعد ظهور المهدي عليه السلام لاينفي وجوده قبل ظهوره ، وقد تقدمت الرواية التي نصت على أنه يكون شديداً في العراق قبل الظهور ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: (يزجر الناس قبل قيام القائم عن معاصيهم بنار تظهر لهم في السماء وحمرة تجلل السماء ، وخسف ببغداد ، وخسف ببلدة البصرة ، ودماء تسفك بها وخراب دورها وفناء يقع في أهلها . وشمول أهل العراق خوف لايكون معه قرار ) .
وفي كمال الدين:2/649 ، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن قدام القائم علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين ، قلت: ما هي جعلني الله فداك؟ قال ذلك قول الله عز وجل: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ: يعني المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام . بِشَئٍْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: قال: يبلوهم بشئ من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم ، والجوع بغلاء أسعارهم . وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ: قال: كساد التجارات وقلة الفضل . ونقص من الأنفس ، قال: موت ذريع. ونقص من الثمرات ، قال: قلة ريع ما يزرع. وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ: عند ذلك بتعجيل خروج القائم عليه السلام . ثم قال لي:يامحمد هنا تأويله إن الله تعالى يقول: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ). ومثله النعماني/250 ، عن محمد بن مسلم ، وفيه: بلوى من الله تعالى لعباده المؤمنين ، ودلائل الإمامة/259 ، والإرشاد/361 ، وإعلام الورى/427 ، والخرائج:3/1153.
وفي النعماني/250 ، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام : لابد أن يكون قدام القائم سنة يجوع فيها الناس ويصيبهم خوف شديد من القتل ، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، فإن ذلك في كتاب الله لبين ، ثم تلا هذه الآية: نَبْلُوَنَّكُمْ بِشَئٍْ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ).وعنه إثبات الهداة:3/734 ، والبحار:52/228 ، بتفاوت يسير .
وتقدم في العلامات التي عدها المفيد: (وخوف يشمل أهل العراق وبغداد ، وموت ذريع فيه، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات). وفي حديث الإمام الباقر عليه السلام : (وشمول أهل العراق خوف لا يكون لهم معه قرار ).
نزول قوات الروم الغربية في العراق

في غيبة الطوسي/278 ، عن عمار بن ياسر أنه قال: إن دولة أهل بيت نبيكم في آخر الزمان ، ولها أمارات ، فالزموا الأرض وكفوا حتى تجئ أمارتها ، فإذا استثارت عليكم الروم والترك وجهزت الجيوش ، ومات خليفتكم الذي يجمع الأموال ، واستخلف بعده رجل صحيح فيخلع بعد سنين من بيعته ، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ ، ويتخالف الترك والروم وتكثر الحروب في الأرض وينادي مناد من سور دمشق: ويل لأهل الأرض من شر قد اقترب ، ويخسف بغربي مسجدها حتى يخر حائطها ، ويظهر ثلاثة نفر بالشام كلهم يطلب الملك: رجل أبقع ورجل أصهب ورجل من أهل بيت أبي سفيان ، يخرج في كلب ويحصر الناس بدمشق ، ويخرج أهل الغرب إلى مصر ، فإذا دخلوا فتلك أمارة السفياني، ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد عليهم السلام وتنزل الترك الحيرة وتنزل الروم فلسطين ، ويسبق عبد الله عبد الله حتى يلتقي جنودهما بقرقيسيا على النهر ويكون قتال عظيم ، ويسير صاحب المغرب فيقتل الرجال ويسبي النساء ، ثم يرجع في قيس حتى ينزل الجزيرة السفياني ، فيسبق اليماني ويحوز السفياني ما جمعوا ثم يسير إلى الكوفة فيقتل أعوان آل محمد صلى الله عليه وآله ويقتل رجلاً من مسميهم . ثم يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح . وإذا رأيتم أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن سفيان فالحقوا بمكة ، فعند ذلك تقتل النفس الزكية وأخوه بمكة ضيعة فينادي مناد من السماء: أيها الناس إن أميركم فلان ، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).انتهى.
أقول: لم يسندوا كلام عمار الى النبي صلى الله عليه وآله ، كما أن صحة السند الى عمار محل إشكال . وإن صح فهو يدل على أن تحرك الروم والترك من أمارات ظهور المهدي عليه السلام . ومعنى: استثارت: تحركت ذاتياً على بلادنا الإسلامية طمعاً فيها .
وكذلك تعبير: ويتحالف الترك والروم ، وذلك في صراعهم على النفوذ والسيطرة بعد أن كانوا متخالفين ، ولكنهم متفقون في الطمع ببلاد المسلمين .
وتكثر الحروب في الأرض: أي في مناطقها المختلفة ، وهذا موجود في عصرنا وقبله ، فلا تخلو قارة من حرب أو أكثر ، ولا تهدأ حرب حتى تنفتح حروب ، كل ذلك بسبب استثارة الروم ، واليهود يحركونهم ويشعلون فتيل الحروب .
هذا، وقد عدَّ المفيد رحمه الله من علامات الظهور أن خيل المغرب تربط بفناء الحيرة أي تستقر قرب الكوفة والنجف قال رحمه الله : وورود خيل من قبل الغرب حتى تربط بفناء الحيرة ، فيحتمل أن تكون هذه القوات غربية تدخل العراق لمعاونة السفياني ، أو تكون قبل السفياني . ورايات المشرق هي الرايات السود الخراسانية التي تدخل مع قوات اليماني لموافاة الإمام المهدي عليه السلام عندما يدخل العراق .
أما بثق الفرات وفيضانه في الكوفة ، فقد تقدم أنه يكون في سنة الظهور .
هدم سور مسجد الكوفة

عدَّه المفيد رحمه الله في علامات الظهور ، ورواه النعماني/276، عن خالد القلانسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا هدم حائط مسجد الكوفة من مؤخره مما يلي دار ابن مسعود ، فعند ذلك زوال ملك بني فلان ، أما إن هادمه لا يبنيه). ومثله الإرشاد/360، عن الحسين بن المختار ، بتفاوت ، وفيه: وعند زواله خروج القائم عليه السلام . وغيبة الطوسي/271 ، وعنهما إثبات الهداة:3/554 و:3/728 ، والبحار:52/210 ، ومثله الخرائج:3/1163 .
وفي غيبة الطوسي/283 ، عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام : حتى انتهى إلى مسجد الكوفة وكان مبنياً بخزف ودنان وطين فقال: ويل لمن هدمك، وويل لمن سهَّل هدمك ، وويل لبانيك بالمطبوخ ، المغير قبلة نوح ، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي، أولئك خيار الأمة مع أبرار العترة). وإثبات الهداة:3/516 ، والبحار:52/332 .
أقول: هذه العلامة محددة ، ونصها صريح باتصالها بظهور الإمام صلوات الله عليه .
قوات السفياني أو القوات السورية في العراق

من أبرز الأمور في العراق في أحاديث ظهور الإمام المهدي عليه السلام الفراغ الأمني والصراعات الداخلية في العراق والحجاز معاً ، مما يدل على أن ضعف النظام أو انهياره في هذين البلدين شرطٌ لظهور الإمام عليه السلام ! فقد ورد أن العراق يكون منقسماً قبل دخول الإمام عليه السلام اليه على ثلاث رايات ! (يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له . ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء). (الإرشاد للمفيد/362) . والكوفة في هذا الحديث وأمثاله بمعنى العراق .
والسفياني هو حاكم سوريا ، ويُطلب منه أن يرسل قواته الى العراق لحفظ الأمن ثم الى الحجاز لنفس الغرض ، لكنه يكون طرفاً ضد الإمام المهدي عليه السلام ! فجيش السفياني في أحاديث عصر المهدي عليه السلام يعني الجيش السوري المنتدب لحفظ الأمن ، ولا تذكر الروايات من الذي ينتدبه ، ولعلها الدول الكبرى !
وأحاديث هذين الجيشين كثيرة جداً في مصادر الطرفين ، تذكر تفاصيل نشاطهما وما يحدث لهما . وستأتي في حركة السفياني في الشام ودوره في العراق والحجاز ، ثم حربه مع الإمام المهدي عليه السلام في معركة الشام وفتح القدس . أما وقت دخول جيشه الى العراق ، فتحدده الأحاديث بعد نجاح ثورته في الشام وحكمه سوريا مباشرةً الذي يبدا في رجب. وتصف تنكيل جيش السفياني بأهل العراق من شيعة المهدي وأهل البيت عليهم السلام خاصة . ومنها:
ما رواه النعماني/306 ، عن يونس بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إذا خرج السفياني يبعث جيشاً إلينا وجيشاً إليكم ، فإذا كان كذلك فأتونا على كل صعب وذلول). ومثله دلائل الإمامة/261، وعنه البحار:52/253 .
ابن حماد:2/700، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( يبعث السفياني على جيش العراق رجلاً من بني حارثة له غديرتان ، يقال له نمر(أو قمر) بن عباد ، رجلاً جسيماً على مقدمته رجل من قومه قصير أصلع عريض المنكبين ، فيقاتله من بالشام من أهل المشرق ، وفي موضع يقال له البنية(الثنية)وأهل حمص في حرب المشرق وأنصارهم ، وبها يومئذ منهم جند عظيم تقاتلهم فيما يلي دمشق ، كل ذلك يهزمهم . ثم ينحاز من دمشق وحمص مع السفياني ، ويلتقون وأهل المشرق في موضع يقال له المدين مما يلي شرق حمص ، فيقتل بها نيف وسبعون ألفاً ، ثلاثة أرباعهم من أهل المشرق . ثم تكون الدبرة عليهم ، ويسير الجيش الذي بعث إلى المشرق حتى ينزلوا الكوفة ، فكم من دم مهراق وبطن مبقور ووليد مقتول ومال منهوب ودم مستحل ! ثم يكتب إليه السفياني أن يسير إلى الحجاز ، بعد أن يعركها عرك الأديم).
أقول:عنصر الأسطورة واضح في روايات ابن حماد هذه ، مع ضعف أسانيدها .
ابن حماد:1/304، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : إذا ظهر السفياني على الأبقع وعلى المنصور والكندي والترك والروم ، خرج وصار إلى العراق ، ثم يطلع القرن ذو الشفا فعند ذلك هلاك عبد الله . ويخلع المخلوع ويتسبب أقوام في مدينة الزوراء على جهل فيظهر الأخوص على مدينة عنوة فيقتل بها مقتلة عظيمة وتقتل ستة أكبش من آل العباس ، ويذبح فيها ذبحاً صبراً ثم يخرج إلى الكوفة).
وفي/78 ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا ظهر الأبقع مع قوم ذوي أجسام فتكون بينهم ملحمة عظيمة ، ثم يظهر الأخوص السفياني الملعون فيقاتلهما جميعاً فيظهر عليهما جميعاً ، ثم يسير إليهم منصور اليماني من صنعاء بجنوده وله فورة شديدة يستقل الناس قبل الجاهلية ، فيلتقي هو والأخوص وراياتهم صفر وثيابهم ملونة ، فيكون بينهما قتال شديد ، ثم يظهر الأخوص السفياني عليه ، ثم يظهر الروم وخروج إلى الشام ، ثم يظهر الأخوص ، ثم يظهر الكندي في شارة حسنة ، فإذا بلغ تل سما فأقبل ثم يسير إلى العراق . وترفع قبل ذلك ثنتا عشرة راية بالكوفة معروفة منسوبة . ويقتل بالكوفة رجل من ولد الحسن أو الحسين يدعو إلى أبيه ، ويظهر رجل من الموالي فإذا استبان أمره وأسرف في القتل قتله السفياني) . انتهى.
أقول: أوردنا هذه الرواية ليتضح منها تخريبهم لما رووه عن أهل البيت عليهم السلام ، بالزيادة والإسقاط والتخليط . ومثلها غيرها في هذا الموضوع وغيره .
هل الزرقاوي هو صاحب السفياني؟

غيبة الطوسي/273، أو/450 ، عن عمر بن أبان الكلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كأني بالسفياني أو بصاحب السفياني قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فنادى مناديه: من جاء برأس شيعة علي فله ألف درهم ، فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم ، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم ! أما إن إمارتكم يومئذ لا تكون إلا لأولاد البغايا ، وكأني أنظر إلى صاحب البرقع ! قلت: ومن صاحب البرقع؟ فقال:رجل منكم يقول بقولكم ، يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولاتعرفونه فيغمز بكم رجلاً رجلاً ، أما إنه لا يكون إلا ابن بغي) ! وعنه إثبات الهداة:3/729، والبحار:52/215 . وفي هامش غيبة الطوسي: (في البحار ونسخ: أ ، ف ، م: بصاحب السفياني).
أقول: معنى صاحب السفياني أنه مقدمة له في عمله وعدائه لأتباع أهل البيت عليهم السلام ، ولا يلزم أن يكون زمن خروجه متصلاً بخروج السفياني ، فقد يكون قبله بفترة . لكن الفقرة التالية من الحديث تصف حالة الحكومة والأمراء الذين يساندون صاحب السفياني ، وهذا يضعف انطباق الحديث على الزرقاوي لأن أولاد البغايا الذين يساندونه خارج العراق ، وليسوا ظاهرين في العراق .
ضعف رواية دخول جيش السفياني الى إيران

ابن حماد:1/308، عن أرطاة قال: يدخل السفياني الكوفة فيسبيها ثلاثة أيام ويقتل من أهلها ستين ألفاً ، ثم يمكث فيها ثماني عشرة ليلة ، يقسم أموالها . ودخوله مكة بعد ما يقاتل الترك والروم بقرقيسيا ، ثم ينفتق عليهم خلفهم فتق فيرجع طائفة منهم إلى خراسان فتقبل خيل السفياني وتهدم الحصون حتى تدخل الكوفة وتطلب أهل خراسان ، ويظهر بخراسان قوم يدعون إلى المهدي ، ثم يبعث السفياني إلى المدينة فيأخذ قوماً من آل محمد حتى يرد بهم الكوفة . ثم يخرج المهدي ومنصور من الكوفة هاربين ويبعث السفياني في طلبهما، فإذا بلغ المهدي ومنصور مكة نزل جيش السفياني البيداء فيخسف بهم ، ثم يخرج المهدي حتى يمر بالمدينة فيستنقذ من كان فيها من بني هاشم . وتقبل الرايات السود حتى تنزل على الماء ، فيبلغ من بالكوفة من أصحاب السفياني نزولهم فيهربون ، ثم ينزل الكوفة حتى يستنقذ من فيها من بني هاشم . ويخرج قوم من سواد الكوفة يقال لهم العصب ليس معهم سلاح إلا قليل ، وفيهم نفر من أهل البصرة فيدركون أصحاب السفياني فيستنقذون ما في أيديهم من سبي الكوفة. وتبعث الرايات السود بالبيعة إلى المهدي). وعنه الحاوي للسيوطي:2/67.
ابن حماد:1/321، عن شريح بن عبيد وراشد بن سعد وضمرة بن حبيب ومشايخهم قالوا: يبعث السفياني خيله وجنوده، فيبلغ عامة الشرق من أرض خراسان وأرض فارس فيثور بهم أهل المشرق فيقاتلونهم ، ويكون بينهم وقعات في غير موضع ، فإذا طال عليهم قتالهم إياه بايعوا رجلاً من بني هاشم ، وهم يومئذ في آخر الشرق فيخرج بأهل خراسان على مقدمته رجل من بني تميم مولى لهم أصفر قليل اللحية ، يخرج إليه في خمسة آلاف إذا بلغه خروجه ، فيبايعه فيصيره على مقدمته ، لو استقبله الجبال الرواسي لهدها ، فيلتقي هو وخيل السفياني فيهزمهم ويقتل منهم مقتلة عظيمة ، ثم تكون الغلبة للسفياني ويهرب الهاشمي ، ويخرج شعيب بن صالح مختفياً إلى بيت المقدس يوطئ للمهدي منزله ، إذا بلغه خروجه إلى الشام ) .
ضعف رواية معركة اصطخر قرب الأهواز

ابن حماد:1/302، عن أبي رومان ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال: إذا خرجت خيل السفياني إلى الكوفة ، بعث في طلب أهل خراسان ، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي ، فيلتقي هو والهاشمي برايات سود ، على مقدمته شعيب بن صالح ، فيلتقي هو وأصحاب السفياني بباب إصطخر ، فتكون بينهم ملحمة عظيمة ، فتظهر الرايات السود ، وتهرب خيل السفياني ، فعند ذلك يتمنى الناس المهدي ويطلبونه). ونحوه في/88 ، وفيه: يلتقي السفياني والرايات السود ، فيهم شاب من بني هاشم في كفه اليسرى خال ، وعلى مقدمته رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح بباب إصطخر ، فتكون بينهم ملحمة . وعقد الدرر/127 ، والحاوي:2/69 ، عن رواية ابن حماد الأولى ، وكذا جمع الجوامع:2/103 . والفتاوى الحديثية/29، كما في رواية ابن حماد الثانية ، والمغربي/532 و579 ، عن الأولى ، وقال: فانظر إلى حديث الرايات ، كم له من طريق ، بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف ، ثم تأمل هل يمكن أن يحكم عليه بأنه لا أصل له مع وجود هذه الطرق الكثيرة المتباينة المخارج) .
أقول: على كثرة الروايات في جيش السفياني فلم تذكر رواية غيرها أنه يدخل إيران، بل حصرت مهمته في العراق والحجاز ، فتفردها وضعف سندها كافيان لردها.
وفي مختصر البصائر/199: (وقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وعليه خط السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس ما صورته: هذا الكتاب ذكر كاتبه رجلين بعد الصادق عليه السلام فيمكن أن يكون تاريخ كتابته بعد المائتين من الهجرة لأنه عليه السلام انتقل بعد سنة مائة وأربعين من الهجرة ، وقد روى بعض ما فيه عن أبي روح فرج بن فروة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد عليه السلام .. وبعض ما فيه عن غيرهما ذكر في الكتاب المشار إليه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام تسمى المخزون... وهي رواية طويلة من نوع روايات ابن حماد وأقوال الوليد أو أرطاة أو أبي قبيل ، ومنها: (ويبعث السفياني مائة وثلاثين ألفاً إلى الكوفة فينزلون بالروحاء والفاروق وموضع مريم وعيسى عليهما السلام بالقادسية ، ويسير منهم ثمانون ألفاً حتى ينزلوا الكوفة ، موضع قبر هود عليه السلام بالنخيلة ، فيهجموا عليه يوم زينة ، وأمير الناس جبار عنيد يقال له الكاهن الساحر ، فيخرج من مدينة يقال لها الزوراء في خمسة آلاف من الكهنة ، ويقتل على جسرها سبعين ألفاً حتى يحتمي الناس الفرات ثلاثة أيام من الدماء ونتن الأجسام ، ويسبي من الكوفة أبكاراً لا يكشف عنها كف ولا قناع حتى يوضعن في المحامل يزلف بهن الثوية وهي الغريين ، ثم يخرج عن الكوفة مائة ألف بين مشرك ومنافق حتى يضربوا دمشق لا يصدهم عنها صاد ، وهي إرم ذات العماد . وتقبل رايات شرقي الأرض ليست بقطن ولا كتان ولا حرير ، مختمة في رؤوس القنا بخاتم السيد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمد صلى الله عليه وآله ، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الإذفر ، يسير الرعب أمامها شهراً . ويخلف أبناء سعد السقاء بالكوفة طالبين بدماء آبائهم ، وهم أبناء الفسقة حتى تهجم عليهم خيل الحسين صلى الله عليه وآله يستبقان كأنهما فرسا رهان شعثٌ غبرٌ أصحاب بواكي وقوارح..الخ.).انتهى. ولايمكن الإعتماد على مثل هذه الرواية ، لكثرة الإشكالات على نصها وسندها .
فتح الإمام المهدي عليه السلام العراق واتخاذه عاصمة له

وأحاديثه كثيرة في مصادر الجميع ، وأنه يحرر العراق من بقايا قوات السفياني ومجموعات الخوارج المتعددة ، ويتخذه قاعدة له وعاصمة لدولته . ولم أجد تحديداً دقيقاً لوقت دخوله عليه السلام إلى العراق ، لكنه يكون بعد بضعة شهور من ظهوره المقدس بعد تحرير الحجاز .
وتصف بعض الروايات دخوله الى العراق جواً وكأنه بسرب من الطائرات !
فقد تقدم عن الإمام الباقر عليه السلام : (ينزل القائم يوم الرجفة بسبع قباب من نور لايعلم في أيها هو ، حتى ينزل ظهر الكوفة . وفي رواية: إنه نازل في قباب من نور حين ينزل بظهر الكوفة على الفاروق ، فهذا حين ينزل) . (تفسير العياشي:1/103)
وتقدم في فصل أصحابه عليه السلام أن قواته تدخل الى العراق مشياً في جو معجزة: (قال أبو جعفر عليه السلام : إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير ، ولا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه ، فمن كان جائعاً شبع ، ومن كان ظمآن روي ، فهو زادهم حتى نزلوا النجف من ظهر الكوفة). البصائر/188، ومثله الكافي:1/231 ، ونحوه النعماني/238، كما في روايته الأولى ، بتفاوت يسير ، وكمال الدين:2/670 ، كما في رواية النعماني الثانية ، بتفاوت يسير ، والخرائج:2/690 ، مرسلاً ، وفيه: ويحمل معه حجر موسى بن عمران التي انبجست منه اثنتا عشرة عيناً ، فلا ينزل منزلاً إلا نصبه فانبعثت منه العيون.. انبعث منه الماء واللبن دائماً فمن كان جائعاً شبع ومن كان عطشان رُوي . ومثله منتخب الأنوار /199 ، ، وإثبات الهداة:3/440 ، عن الكافي ، وكمال الدين . وفي/541 ، أوله عن رواية النعماني الأولى... الخ.
أقول: الجمع بين الروايات بأنه يرسل أحد أصحابه فيقود جيشه براً الى العراق ومعهم حجر موسى عليه السلام ، ويدخل هو عليه السلام جواً في سبع قباب من نور .
البحار:52/387 ، عن الكابلي عن علي بن الحسين عليه السلام قال: يقتل القائم عليه السلام من أهل المدينة حتى ينتهي إلى الأجفر ، ويصيبهم مجاعة شديدة ، قال فيصبحون وقد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها ويتزودون منها ، وهو قوله تعالى شأنه: وَآيَةٌ لَهُمُ الأرض الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ، ثم يسير حتى ينتهي إلى القادسية وقد اجتمع الناس بالكوفة وبايعوا السفياني) .
يدخل العراق وفيه ثلاث رايات قد اضطربت فيما بينه

تذكر الأحاديث أنه يدخل الكوفة ، أي العراق ، وفيه ثلاث اتجاهات متضاربة وهي الإتجاه المؤيد له عليه السلام والإتجاه المؤيد للسفياني، والثالث قد يكون الإتجاه الموالي للغرب علناً ، فعن عمرو بن شمر عن الإمام الباقر عليه السلام قال ذكر المهدي عليه السلام فقال: (يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت فتصفو له . ويدخل حتى يأتي المنبر فلا يدري الناس ما يقول من البكاء ، فإذا كانت الجمعة الثانية سأله الناس أن يصلي بهم يوم الجمعة ، فيأمر أن يخط له مسجد على الغري ويصلي بهم هناك ثم يأمر من يحفر من ظهر مشهد الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغريين حتى ينزل الماء في النجف، ويعمل على فوهته القناطير والأرحاء ، فكأني بالعجوز على رأسها مكتل فيه برتأتي تلك الأرحاء فتطحنه بلاكرى).(الإرشاد للمفيد/362 ).
وفي غيبة الطوسي/280 ، عن ثابت ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل جاء فيه قوله عليه السلام : يدخل المهدي الكوفة.. ويخطب ولا يدري الناس وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله كأني بالحسني والحسيني وقد قاداها فيسلمها إلى الحسيني فيبايعونه ، فإذا كانت الجمعة الثانية قال الناس: يا ابن رسول الله الصلاة خلفك تضاهي الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله والمسجد لايسعنا ، فيقول: أنا مرتادٌ لكم فيخرج إلى الغري فيخط مسجداً له ألف باب يسع الناس عليه أصيص ، ويبعث فيحفر من خلف قبر الحسين عليه السلام لهم نهراً يجري إلى الغريين حتى ينبذ في النجف ، ويعمل على فوهته قناطر وأرحاء في السبيل ، وكأني بالعجوز وعلى رأسها مكتل فيه بر حتى تطحنه بكربلاء). وروضة الواعظين:2/263، كما في الإرشاد ، وفيه: يجري إلى الغري ، وإعلام الورى/430 ، كما في الإرشاد ، وكشف الغمة:3/253 عن الإرشاد ومستجاد الحلي/554 ، عن الإرشاد ، بتفاوت يسير . والبحار:52/330 ، عن غيبة الطوسي ، وإعلام الورى ، والإرشاد . وفي:100/385 ، عن السيد علي بن عبد الحميد من كتاب الفضل بن شاذان ، وبإسناده عن أبي جعفر عليه السلام وفيه: فيجري خلف قبر الحسين عليه السلام نهراً يجري إلى الغري حتى يجري في النجف ويعمل هو على فوهة النهر قناطر وأرحاء في السبيل). الى آخر المصادر .

نووورا انا
16-06-2009, 12:43 AM
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آبائِهِ في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ سّاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرَحَمَتِكَ يَاأَرحّمِ الَرَاحِمِينْ


تلميذ الشيخ الكوراني

جعلكم الله من انصار الامام المهدي عليه السلام

نترقب جديدك

يا ابا عبد الله
18-06-2009, 06:09 AM
تلميذ الشيخ الكوراني موفق اخي يعطيك العافية

خادم الشيخ الكوراني
18-06-2009, 01:52 PM
احسنتم على المرور دمتم بحفظ الرحمن

muhamad313
01-08-2009, 07:32 PM
بارك الله فيكم
جعله الله في ميزان حسناتكم