m-mahdi.com
05-03-2007, 06:35 PM
سلسلة مقالات في الأدلة على الرجعة من كتاب الأيقاظ من الهجعة
في الاستدلال على صحة الرجعة وإمكانها ووقوعها
اعلم ان الرجعة هنا هي الحياة بعد الموت قبل القيامة, وهو الذي يتبادر من معناها, وصرح به العلماء هنا كما يأتي, ويفهم من مواقع استعمالها, ووقع التصريح به في أحاديثها, كما تطلع عليه فيما بعد, وقد صرح بذلك أيضاً علماء اللغة.
قال الجوهري في (الصحاح): وفلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت.
وقال أيضاً: الكرّ: الرجوع, يقال: كرّه وكرّ بنفسه: يتعدى ولا يتعدى. انتهى.
وقال صاحب القاموس أيضاً: ((ويؤمن بالرجعة أي الرجوع إلى الدنيا بعد الموت)) انتهى.
فعلم أن هذا معناها الحقيقي, فلا يجوز العدول عنه في موضع لا قرينة فيه, والذي يدلّ على صحتها وجوه اثنا عشر:
الأول: الدليل الذي استدلوا به على صحّة المعاد بأنه ممكن وقد أخبر الصادق به, فيكون حقاً, أما الأولى فظاهرة, فإن ذلك قد وقع مراراً كثيرة, والوقوع دليل الإمكان, وأما الثانية فمتواترة, ويأتي تحقيق الوقوع والإخبار المشار إليه إن شاء الله تعالى, وانه قد حصلت الحياة بعد الموت لجماعة من الرعية والأنبياء والأوصياء أيضاً, بل استقامة هذا الدليل في إثبات الرجعة أوضح من استقامته في إثبات المعاد, لأن أمر المعاد أعظم وأحواله أعجب وأغرب, ولم يقع مثله قط, بخلاف الرجعة وفي الكتاب والسنة إشارات إلى هذا الدليل, ورد عظيم على من ينكر إحياء الموتى.
وأعلم أن هذا الدليل شامل للأدلة الآتية أو اكثرها, فهو كالإجمال وما بعده كالتفصيل.
الثاني: الآيات الكثيرة القرآنية الدالة على ذلك إما نصاً صريحاً, أو بمعونة الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها, ويأتي جملة منها إن شاء الله تعالى.
الثالث: الاحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام المروية في الكتب المعتمدة التي هي صريحة, أكثرها لا مجال إلى تأويلها بوجه, فلا معنى لتأويل الباقي, ولو جاز ذلك لجاز تأويل الأحاديث كلها حتى النصوص على الأئمة عليهم السلام, فان أكثرها قابل للتأويل, لكن ذلك لا يجوز للنص والإجماع على وجوب الحمل على الحقيقة, وعدم جواز العدول عن الظاهر ما دام ممكناً, وإذا تأملت أحاديث الرجعة وجدتها لا تقصر عن أحاديث النص على واحد من الأئمة عليهم السلام كالرضا مثلاً, وإن شئت فقابل بين النصوص الموجودة في (عيون الأخبار), وبين ما جمعناه من أحاديث الرجعة, وارجع إلى الإنصاف, مع انا لا ندعي الإحاطة بها, ولعل ما لم نطلع عليه في هذا الوقت من أحاديث الرجعة أكثر مما اطلعنا عليه.
وقد رأيت أيضاً أحاديث كثيرة في الرجعة غير ما جمعته في هذه الرسالة ولم أنقلها, لأن مؤلف ذلك الكتاب غير مشهور, ولا معلوم الحال, ورأيت رسائل في الرجعة لبعض المتأخرين تشتمل على أحاديث غير ما أوردته ولم أنقلها أيضاً لاشتمالها على أمور مستبعدة ينكرها أكثر الناس في باديء الأمر, مع أنها لا تخرج عن قدرة الله, لكن الإقرار بها صعب على الناظر فيها, وتحتمل الحمل على المبالغة إذا ثبت ما يعارضها, وفي الاحاديث التي أوردناها بل في بعضها كفاية إن شاء الله تعالى, وقد قسمناها أقساماً كل قسم منها في باب, فإذا نظرت إلى مجموعها لا يبقى عندك شك ولا ريب وهي نصوص صريحة وأحاديث خاصة, فهي مقدمة على العمومات والظواهر على تقدير معارضتها, فانه يجب تخصيص العام والعمل بالخاص قطعاً, بل ليس هنا تعارض حقيقي كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى, ولا ريب في بلوغ الأحاديث المذكورة حدّ التواتر المعنوي بدليل إيجابها لليقين, لكلّ من خلا قلبه من شبهة أو تقليد, وبدليل جزم العقل باستحالة تواطؤ جميع رواتها على الكذب, وبدليل الاستقراء والتتبع للأخبار التي يذكرون أنها متواترة معنى كأخبار كرم حاتم مثلاً, فانا نجزم بأن أحاديث الرجعة أكثر منها بكثير, بل من أخبار النصوص على كل واحد من الأئمة عليهم السلام كما ذكرنا, ومن المعلوم من حال السلف عند التتبع أنهم كانوا يعتمدون في النص على تعيين الإمام على خبر واحد محفوف بقرائن قطعية توجب العلم من حال ناقله وغير ذلك, أو على أخبار يسيرة, فإن حصول اليقين غير منحصر في طريق التواتر.
ومما يدل على ذلك قصة زرارة وإرساله ولده ليأتيه بخبر النص على الكاظم عليه السلام, أو يخبر دعواه الإمامة وإظهاره للمعجز وأي نسبة لذلك إلى أحاديث الرجعة.
الرابع: إجماع جميع الشيعة الإمامية وإطباق الطائفة الاثني عشرية على اعتقاد صحة الرجعة, فلا يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين ولا اللاحقين, وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة, حتى أنه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمد بن الحسن المهدي عليه السلام في التوقعيات الواردة عنه وغيرها مع قلة ما ورد عنه في مثل ذلك بالنسبة إلى ما ورد من آبائه عليه السلام.
وممن صرّح بثبوت الإجماع هنا ونقله: الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب (مجمع البيان لعلوم القرآن) في تفسير قوله تعالى: ((ويوم نحشر من كل أمةٍ فوجاً)) حيث قال: استدل بهذه الآية على صحة رجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن قال: دخول ((من)) في الكلام يفيد التبعيض, فدل (ذلك) على أن المشار إليه في الآية يوم يحشر في قوم دون قوم, وليس ذلك صفة القيامة الذي يقول الله فيه: ((وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً)), وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام, (في) أن الله سيعيد عند قيام المهدي عليه السلام قوماً ممّن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته, ويبتهجوا بظهور دولته, ويعيد أيضاً قوماً من اعدائه لينتقم منهم وينالوا (بعض) ما يستحقونه من (العقاب في الدنيا,) القتل على أيدي شيعته, أو الذل والخزي بما يرون من علوّ كلمته, ولا يشك عاقل ان هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه, وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع, مثل قصة عزير وغيره على ما فسّرناه في موضعه, وصحّ عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (سيكون في أمتي كل ما كان في (الأمم السابقة) حذو النعل بالنعل, والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل في حجر ضب لدخلتموه)
يتبع ان شاء الله تعالى
في الاستدلال على صحة الرجعة وإمكانها ووقوعها
اعلم ان الرجعة هنا هي الحياة بعد الموت قبل القيامة, وهو الذي يتبادر من معناها, وصرح به العلماء هنا كما يأتي, ويفهم من مواقع استعمالها, ووقع التصريح به في أحاديثها, كما تطلع عليه فيما بعد, وقد صرح بذلك أيضاً علماء اللغة.
قال الجوهري في (الصحاح): وفلان يؤمن بالرجعة أي بالرجوع إلى الدنيا بعد الموت.
وقال أيضاً: الكرّ: الرجوع, يقال: كرّه وكرّ بنفسه: يتعدى ولا يتعدى. انتهى.
وقال صاحب القاموس أيضاً: ((ويؤمن بالرجعة أي الرجوع إلى الدنيا بعد الموت)) انتهى.
فعلم أن هذا معناها الحقيقي, فلا يجوز العدول عنه في موضع لا قرينة فيه, والذي يدلّ على صحتها وجوه اثنا عشر:
الأول: الدليل الذي استدلوا به على صحّة المعاد بأنه ممكن وقد أخبر الصادق به, فيكون حقاً, أما الأولى فظاهرة, فإن ذلك قد وقع مراراً كثيرة, والوقوع دليل الإمكان, وأما الثانية فمتواترة, ويأتي تحقيق الوقوع والإخبار المشار إليه إن شاء الله تعالى, وانه قد حصلت الحياة بعد الموت لجماعة من الرعية والأنبياء والأوصياء أيضاً, بل استقامة هذا الدليل في إثبات الرجعة أوضح من استقامته في إثبات المعاد, لأن أمر المعاد أعظم وأحواله أعجب وأغرب, ولم يقع مثله قط, بخلاف الرجعة وفي الكتاب والسنة إشارات إلى هذا الدليل, ورد عظيم على من ينكر إحياء الموتى.
وأعلم أن هذا الدليل شامل للأدلة الآتية أو اكثرها, فهو كالإجمال وما بعده كالتفصيل.
الثاني: الآيات الكثيرة القرآنية الدالة على ذلك إما نصاً صريحاً, أو بمعونة الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها, ويأتي جملة منها إن شاء الله تعالى.
الثالث: الاحاديث الكثيرة المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام المروية في الكتب المعتمدة التي هي صريحة, أكثرها لا مجال إلى تأويلها بوجه, فلا معنى لتأويل الباقي, ولو جاز ذلك لجاز تأويل الأحاديث كلها حتى النصوص على الأئمة عليهم السلام, فان أكثرها قابل للتأويل, لكن ذلك لا يجوز للنص والإجماع على وجوب الحمل على الحقيقة, وعدم جواز العدول عن الظاهر ما دام ممكناً, وإذا تأملت أحاديث الرجعة وجدتها لا تقصر عن أحاديث النص على واحد من الأئمة عليهم السلام كالرضا مثلاً, وإن شئت فقابل بين النصوص الموجودة في (عيون الأخبار), وبين ما جمعناه من أحاديث الرجعة, وارجع إلى الإنصاف, مع انا لا ندعي الإحاطة بها, ولعل ما لم نطلع عليه في هذا الوقت من أحاديث الرجعة أكثر مما اطلعنا عليه.
وقد رأيت أيضاً أحاديث كثيرة في الرجعة غير ما جمعته في هذه الرسالة ولم أنقلها, لأن مؤلف ذلك الكتاب غير مشهور, ولا معلوم الحال, ورأيت رسائل في الرجعة لبعض المتأخرين تشتمل على أحاديث غير ما أوردته ولم أنقلها أيضاً لاشتمالها على أمور مستبعدة ينكرها أكثر الناس في باديء الأمر, مع أنها لا تخرج عن قدرة الله, لكن الإقرار بها صعب على الناظر فيها, وتحتمل الحمل على المبالغة إذا ثبت ما يعارضها, وفي الاحاديث التي أوردناها بل في بعضها كفاية إن شاء الله تعالى, وقد قسمناها أقساماً كل قسم منها في باب, فإذا نظرت إلى مجموعها لا يبقى عندك شك ولا ريب وهي نصوص صريحة وأحاديث خاصة, فهي مقدمة على العمومات والظواهر على تقدير معارضتها, فانه يجب تخصيص العام والعمل بالخاص قطعاً, بل ليس هنا تعارض حقيقي كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى, ولا ريب في بلوغ الأحاديث المذكورة حدّ التواتر المعنوي بدليل إيجابها لليقين, لكلّ من خلا قلبه من شبهة أو تقليد, وبدليل جزم العقل باستحالة تواطؤ جميع رواتها على الكذب, وبدليل الاستقراء والتتبع للأخبار التي يذكرون أنها متواترة معنى كأخبار كرم حاتم مثلاً, فانا نجزم بأن أحاديث الرجعة أكثر منها بكثير, بل من أخبار النصوص على كل واحد من الأئمة عليهم السلام كما ذكرنا, ومن المعلوم من حال السلف عند التتبع أنهم كانوا يعتمدون في النص على تعيين الإمام على خبر واحد محفوف بقرائن قطعية توجب العلم من حال ناقله وغير ذلك, أو على أخبار يسيرة, فإن حصول اليقين غير منحصر في طريق التواتر.
ومما يدل على ذلك قصة زرارة وإرساله ولده ليأتيه بخبر النص على الكاظم عليه السلام, أو يخبر دعواه الإمامة وإظهاره للمعجز وأي نسبة لذلك إلى أحاديث الرجعة.
الرابع: إجماع جميع الشيعة الإمامية وإطباق الطائفة الاثني عشرية على اعتقاد صحة الرجعة, فلا يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين ولا اللاحقين, وقد علم دخول المعصوم في هذا الإجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمة عليهم السلام الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة, حتى أنه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمد بن الحسن المهدي عليه السلام في التوقعيات الواردة عنه وغيرها مع قلة ما ورد عنه في مثل ذلك بالنسبة إلى ما ورد من آبائه عليه السلام.
وممن صرّح بثبوت الإجماع هنا ونقله: الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب (مجمع البيان لعلوم القرآن) في تفسير قوله تعالى: ((ويوم نحشر من كل أمةٍ فوجاً)) حيث قال: استدل بهذه الآية على صحة رجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن قال: دخول ((من)) في الكلام يفيد التبعيض, فدل (ذلك) على أن المشار إليه في الآية يوم يحشر في قوم دون قوم, وليس ذلك صفة القيامة الذي يقول الله فيه: ((وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً)), وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام, (في) أن الله سيعيد عند قيام المهدي عليه السلام قوماً ممّن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته, ويبتهجوا بظهور دولته, ويعيد أيضاً قوماً من اعدائه لينتقم منهم وينالوا (بعض) ما يستحقونه من (العقاب في الدنيا,) القتل على أيدي شيعته, أو الذل والخزي بما يرون من علوّ كلمته, ولا يشك عاقل ان هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه, وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع, مثل قصة عزير وغيره على ما فسّرناه في موضعه, وصحّ عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (سيكون في أمتي كل ما كان في (الأمم السابقة) حذو النعل بالنعل, والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل في حجر ضب لدخلتموه)
يتبع ان شاء الله تعالى