المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احرار البحرين : المسايرة هروب من الجهاد ضد الطغاة والظالمين


ارض النجف
20-06-2009, 11:17 AM
المسايرة هروب من الجهاد ضد الطغاة والظالمين
بين ان تساير الطغاة او تواجههم، فأيهما الموقف الأكثر شجاعة وبطولة؟ ان ترفع صوتك ضد المحتلين والمستبدين، فذلك من أروع ملاحم الشهامة والإباء، اما ان تخنع لهم وتقر دستورهم الاستبدادي الذي كتبته أيد غير بحرانية، وتقسم على صيانته والالتزام به فذلك هو الخنوع بعينه. فثمة موقفان لا بد من توضيحهما لكي يمنع هذا التلاعب بعقول الناس وتشويش المواقف والحقائق، وخداع المظلومين.
الموقف الاول: ان تواجه الطغاة او لا تواجههم. والخيار المفضل لدى تيار المقاومة الصمود في موقف المواجهة المدنية بشمولية تبدأ بالعمل الشعبي في الداخل وتصل الى العمل الحقوقي والسياسي والاعلامي في الخارج. والمواجهة هنا خيار أصحاب الهمم العالية، والارادة الحرة الذين لم يشغلوا انفسهم بمناقشة نوع السيارات التي يركبونها وتدفع اثمانها من اموال الشعب المسروقة، او رواتب التقاعد التي سبق القول من قبل بعض الرموز الكبيرة بعدم جوازها لانها استقطاع غير مشروع من المال العام. خيار التصدي هو الذي سوف يكسر شوكة هؤلاء الظالمين الذين احتلوا الارض ونهبوا اموالها وعاثوا فيها فسادا، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وجاؤوا بالاجانب من كل حدب وصوب. هذا الخيار هو الذي اتخذه بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام. ومن حق المؤمنين ان يتخذوا خيارا آخر بعدم الخوض في القضايا السياسية بشكل مباشر، تأسيا بمواقف بعض الآئمة الذين لم يتصدوا للحكام الظالمين حفاظا على بيضة الاسلام ورغبة في تربية اجيال متعاقبة لحمل الرسالة. اننا لا نستنكر على من اتخذ هذا القرار موقفه، بل نعذره ونرى في تاريخ الاسلام ما يبرر مثل هذا الموقف (بل الانسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيرة).
الموقف الثاني: ان تساير الطغاة او لا تسايرهم. والمسايرة تعني الاذعان لما يقولون، والعمل وفق قوانينهم، والتخلي عن السبل الثلاث في تغيير المنكر، وأضعفها الاسلوب القلبي الذي يعني في أضعف اشكاله، مقاطعتهم والتخلي عن تبجيلهم، وعدم ارتياد مجالسهم. ان أضعف الايمان يعني التجهم بوجه الظالمين، وعدم مجالستهم او الاشتراك معهم في اي مشروع. والأحاديث التالية توضح موقف الآئمة الاطهار من هؤلاء، نطرحها لنصل الى بعض معاني المسايرة وعدم جوازها. ففي صحيحة عبداللّه بن سنان، قال: «سمعت أبا عبداللّه (ع) يقول: من أعان ظالماً على مظلوم لم يزل اللّه عليه ساخطاً حتى ينزع من معونة» «ومن علق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعله اللّه حية طولها سبعون الف ذراع فيسلطه اللّه عليه في نار جهنّم خالداً فيها مخلداً».ورواية يونس بن يعقوب، قال: «قال لي أبو عبداللّه (ع) لا تعنهم على بناء مسجد» وفي معتبرة ابن أبي يعفور عن أبي عبداللّه (ع) قال: «إذ دخل عليه رجل فقال: جعلت فداك إنّه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة، فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة يصلحها فما تقول في ذلك؟ قال: ما أحب انّي عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاءاً وأن لي ما بين لابيتها ولا مدة بقلم، إن اعوان الظلمة يوم القيمة في سرادق من نار حتى يحكم اللّه بين العباد». فقال أبو عبداللّه (ع) ـ لما رأى ما أصابه ـ: أي عذافر إنّما خوفتك بما خوفني اللّه عزّ وجل، قال محمد فقدم أبي، فما زال مغموماً مكروباً حتى مات». ورواية صفوان بن مهران الجمال قال: «دخلت على أبي الحسن الأول (ع)، فقال لي: يا صفوان كل شيء منك حسن جميل ماخلا شيئاً واحداً، قلت جعلت فداك أي شيء؟ قال: اكراؤك جمالك من هذا الرجل، يعني هارون، فقال: واللّه ما اكريته أشرا ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو، ولكنّي اكريته لهذا الطريق، أي طريق مكة، ولا أتولاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كرأوك عليهم؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال فقال لي: أتحب بقاءهم وفي معتبرة السكوني عن جعفر بن محمد بن آبائه، قال: «قال رسول اللّه (ص): إذا كان يوم القيمته فنادى مناد أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواتاً، أو ربط كيساً، أو مد لهم مدة قلم؟ فاحشروهم معهم». ورواية محمد بن عذافر عن أبيه قال: «قال أبو عبداللّه (ع): يا عذافر نبئت أنّك تعامل أبا أيوب والربيع، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة؟ قال: فوجم أبي،
مما سبق نصل الى القول بضرورة التفريق بين الخيار المشروع في المقاومة والتصدي او عدم التصدي، والخيار غير المشروع بين المسايرة او عدم المسايرة. فمن حق المؤمن اختيار عدم التصدي ولكن ليس من حقه اختيار المسايرة. وثمة مشكتان في هذا الجانب: اولاهما تكمن في محاولة تأطير المفاهيم لتلائم المواقف والسياسات، وهي مشكلة كبيرة لا تستقيم مع روح النصوص المقدسة كما ورد في الاحاديث المذكورة. والثانية في معنى المسايرة، اذ لا يعتبر البعض ان العمل ضمن النظام الظالم، حتى في مجالسه "التشريعية" وضمن "دستوره الذي كتبه الاجانب وألغى الشعب من صياغة الدستور الذي هو جوهر النظام" مسايرة. فما معنى ذهاب العديد من هؤلاء الى العواصم الاوروبية والامريكية لتقديم شهادات الزور وفي مقدمتها شهادتان مخزيتان: اولاهما عدم وجود تمييز في البحرين على أسس طائفية ضد اغلبية المواطنين، والثانية ان التمييز ان وجد، فهو "سياسي" وليس "على اسس مذهبية". قدمت الشهادة الاولى من قبل شخصية معروفة في شهر ديسمبر الماضي، وقدم الثانية شخص آخر هذا الاسبوع. فاذا لم تكن هذه مسايرة، فما معنى المسايرة اذن؟ اننا لا نسعى لتسجيل مواقف او نقاط ضد احد، ولكن نأمل ان نتكاشف مع اهلنا لكي لا يخدعوا بالشعارات، ونهيب بهم استعمال العودة الى العقل والتفكر وعدم الانقياد وراء العواطف. ان غياب التعقل فسح المجال لمرحلة من التخدير ادت الى رجحان كفة الطغاة والظالمين في اتخاذ المبادرات الهادفة لكسر كبرياء المجاهدين. وما الاعلان عن ترشح عادل فليفل لانتخابات نصف اعضاء مجلس حمد بن عيسى الصوري الا خطوة اخرى للامعان في امتهان المواطنين. والنظام يعلم قبل غيره ان هذا الشخص ارتكب جرائم ضد الانسانية، كادت تؤدي الى اعتقاله في 2002 عندما كان في استراليا. يومها هدد فليفل بانه سوف يجر معه الرموز الخليفية الكبيرة ان لم يصدر قانون بحصانته، فصدر قانون 56 الذي يقضي بحماية المعذبين من القضاء.
يخطيء من يقول بان مقاطعة الطغاة ودساتيرهم ومجالسهم "هروب"، بل يرتكب حماقة كبرى اذا اعتقد بان المسايرة موقف شجاع. والعكس هو الصحيح. ففي بلد يحكم بالنار والحديد، لا يمكن وصف موقف من يقف ضد الحاكم المستبد وعصابته ويطالب بمحاكمة القتلة والسفاحين ويدعو لدستور يكتبه الشعب بـ "الهروب" ووصف من يساير هذا النظام ويستلم الاموال الكبيرة المنهوبة من اموال الشعب بـ "الشجاعة". لقد حان الوقت لتوضيح الامور لكي لا تضيع قيم الدين والانسانية، وتهيمن الميوعة السياسية على مواقف المظلومين. فالرائد لا يكذب أهله، فقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذ قال: أن من اعظم الجهاد كلمة حق امام سلطان جائر.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
19 يونيو 2009