امير الرافدين البصراوي
06-08-2006, 05:51 AM
الحنان العميق
وأدرك علي أن منطق الحنان أرفع من منطق القانون، وأن عطف الإنسان على الإنسان وسائر الكائنات، إنما هو حجة الحياة على الموت، والوجود على العدم!
ولم يكن موقف عليّ من المرأة لك الموقف الذي صَوَّروه!
إذا كان من عدالة الكون وتكافؤ الوجود أن تلتقي على صعيد واحد بَوارحُ الصيف ومُعْصِرات الشتاء، وأن تَفْنى في حقيقةٍ واحدةٍ السوافي والأعاصير والنُّسَيمات اللّينات، وأن تحملَ الطبيعةُ بذاتها، بكلّ مظهر من مظاهرها، قانونَ الثواب والعقاب، فمن هذه العدالة أيضاً ومِن هذا التكافؤ أنْ تتعاطى قوى الطبيعة وتتداخل سواءٌ في ذلك عناصرُ الجماد وعناصر الحياة. وسواءٌ في ذلك ما انبثق عن هذه أو انسلخ عن تلك.
ولما كانت صفات الإنسان وأخلاقه وميوله وأحاسيسه منبثقة عن عناصر الحياة التي تتّحد فتؤلّف ما نسميه شخصية الإنسان، فهي متعاطية متداخلة، تُثبتُ ذلك الملاحظةُ الطويلة والموازنةُ الدقيقةُ ثمّ قواعدُ العلم الحديث الذي لاحَظَ ووازن وأَرسى مكتَشفاتِه على أسُسٍ وأركان.
وقد مرّ معنا أنّ الإنسان في مذهب علي بن أبي طالب هو الصورة المثلى للكون الأمثل. وممّا يُعزى إليه هذا القولُ يخاطب به الإنسان:
وتحسبُ أنّك جرمٌ صغيرٌ
وفيك انطوى العالَمُ الأكبر
فمن الطبيعيّ في هذه الحال أنْ يُلحّ عليّ في طلب كلّ ما يتعلّق بالإنسان ممّا يطاله زمانُه وإمكاناتُ عصره. ومن الطبيعيّ كذلك أنْ يُلحّ في الكشف عمّا في هذا (الجرم الذي انطوى فيه العالَم الأكبر) مِن مظاهر العدالة الكونية وتكافؤ الوجود ضمْن الإطار الذي دارت آراؤه فيه.
أحسّ عليّ إحساساً مباشراً عميقاً أنّ بين الكائنات روابطَ لا تزول إلاّ بزوال هذه الكائنات. وأنّ كلّ ما يُنقص هذه الروابط يُنقص مِن معنى الوجود ذاته. وإذا كان الإنسانُ أحد هذه الكائنات، فإنّه مرتبطٌ بها ارتباطَ وجود. وإذا كان ذلك - وهو كائنٌ - فإنّ ارتباطَ الكائن بشبيهه أجدرُ وأولى. أما إذا كان هذا الكائنُ من الأحياء، فإنّ ما يشدّه إلى الأحياء من جنسه أثبتُ وأقوى. وأما الإنسان - رأس الكائنات الحيّة - فإنّ ارتباطه بأخيه الإنسان هو الضرورة الأولى لوجوده فرداً وجماعة.
وحين يقرّر عليّ أن المجتمع الصالح هو المجتمع الذي تسوده العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها وأشرف أشكالها، إنّما يسن قانوناً أو ما هو من باب القانون. ولكنّ هذا القانون لا ينجلي في ذهنه ولا يصبح ضرورة، إلاّ لأنه انبثاقٌ طبيعيّ عمّا أسميناه روح العدالة الكونية الشاملة، التي تفرض وجودَ هذا القانون. لذلك نرى ابنَ أبي طالب ملحّاً شديد الإلحاح على النظر في ما وراء القوانين، وعلى رعايتها بما هو أسمى منها: بالحنان الإنساني.
وما يكون الحنان إلاّ هذا النزوع الروحيّ والماديّ العميق إلى الاكتمال والسموّ. فهو بذلكٍ ضرورةٌ خلقيّة لأنه ضرورةٌ وجودية.
وأدرك علي أن منطق الحنان أرفع من منطق القانون، وأن عطف الإنسان على الإنسان وسائر الكائنات، إنما هو حجة الحياة على الموت، والوجود على العدم!
ولم يكن موقف عليّ من المرأة لك الموقف الذي صَوَّروه!
إذا كان من عدالة الكون وتكافؤ الوجود أن تلتقي على صعيد واحد بَوارحُ الصيف ومُعْصِرات الشتاء، وأن تَفْنى في حقيقةٍ واحدةٍ السوافي والأعاصير والنُّسَيمات اللّينات، وأن تحملَ الطبيعةُ بذاتها، بكلّ مظهر من مظاهرها، قانونَ الثواب والعقاب، فمن هذه العدالة أيضاً ومِن هذا التكافؤ أنْ تتعاطى قوى الطبيعة وتتداخل سواءٌ في ذلك عناصرُ الجماد وعناصر الحياة. وسواءٌ في ذلك ما انبثق عن هذه أو انسلخ عن تلك.
ولما كانت صفات الإنسان وأخلاقه وميوله وأحاسيسه منبثقة عن عناصر الحياة التي تتّحد فتؤلّف ما نسميه شخصية الإنسان، فهي متعاطية متداخلة، تُثبتُ ذلك الملاحظةُ الطويلة والموازنةُ الدقيقةُ ثمّ قواعدُ العلم الحديث الذي لاحَظَ ووازن وأَرسى مكتَشفاتِه على أسُسٍ وأركان.
وقد مرّ معنا أنّ الإنسان في مذهب علي بن أبي طالب هو الصورة المثلى للكون الأمثل. وممّا يُعزى إليه هذا القولُ يخاطب به الإنسان:
وتحسبُ أنّك جرمٌ صغيرٌ
وفيك انطوى العالَمُ الأكبر
فمن الطبيعيّ في هذه الحال أنْ يُلحّ عليّ في طلب كلّ ما يتعلّق بالإنسان ممّا يطاله زمانُه وإمكاناتُ عصره. ومن الطبيعيّ كذلك أنْ يُلحّ في الكشف عمّا في هذا (الجرم الذي انطوى فيه العالَم الأكبر) مِن مظاهر العدالة الكونية وتكافؤ الوجود ضمْن الإطار الذي دارت آراؤه فيه.
أحسّ عليّ إحساساً مباشراً عميقاً أنّ بين الكائنات روابطَ لا تزول إلاّ بزوال هذه الكائنات. وأنّ كلّ ما يُنقص هذه الروابط يُنقص مِن معنى الوجود ذاته. وإذا كان الإنسانُ أحد هذه الكائنات، فإنّه مرتبطٌ بها ارتباطَ وجود. وإذا كان ذلك - وهو كائنٌ - فإنّ ارتباطَ الكائن بشبيهه أجدرُ وأولى. أما إذا كان هذا الكائنُ من الأحياء، فإنّ ما يشدّه إلى الأحياء من جنسه أثبتُ وأقوى. وأما الإنسان - رأس الكائنات الحيّة - فإنّ ارتباطه بأخيه الإنسان هو الضرورة الأولى لوجوده فرداً وجماعة.
وحين يقرّر عليّ أن المجتمع الصالح هو المجتمع الذي تسوده العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها وأشرف أشكالها، إنّما يسن قانوناً أو ما هو من باب القانون. ولكنّ هذا القانون لا ينجلي في ذهنه ولا يصبح ضرورة، إلاّ لأنه انبثاقٌ طبيعيّ عمّا أسميناه روح العدالة الكونية الشاملة، التي تفرض وجودَ هذا القانون. لذلك نرى ابنَ أبي طالب ملحّاً شديد الإلحاح على النظر في ما وراء القوانين، وعلى رعايتها بما هو أسمى منها: بالحنان الإنساني.
وما يكون الحنان إلاّ هذا النزوع الروحيّ والماديّ العميق إلى الاكتمال والسموّ. فهو بذلكٍ ضرورةٌ خلقيّة لأنه ضرورةٌ وجودية.