امير الرافدين البصراوي
06-08-2006, 06:01 AM
خير الوجود وثورية الحياة
لَشَدَّ ما رأيناه يجعل ثوريّةَ الحياة كُلاًّ من خير الوجود، وخيرَ الوجود كِّلاًّ من ثورية الحياة!
وقالت الثورة: أنا الهادمة البانية!
وليس من حقّ الوجود العادل إلاّ أن يكون خيّراً كريماً. وليس من طبيعته إلاّ العطاءُ. وهو لا يأخذ ما يعطيه إلاّ ليعودَ إلى بذْلِه طيّباً جديداً. وخيرُ الوجود كيانٌ من كيانه وجوهرٌ من جوهرِه. وعهْدُ عليٍّ به هو هذا العهد. وإحساسُه بخيره هو إحساسه بعدْله لا يقلّ ولا يزيد. وعلى ذلك تَحَدّث عن هذا الخير فأكثر الحديثَ وقد روينا من أقواله في خير الوجود شيئاً غيرَ قليل. ولعلّ ما رويناه من تلك الروائع الصادقة نستطيع تلخيصه الآن بكلمة قالها وكأنّه يوجز بها مذهبَه المؤمنَ بخير الوجود: (وليس الله بما سُئل بأجودَ منه بما لم يُسألْ). فإذا عرفنا أنّ لفظة (الله) تعني في أقصى ما تعينه عند القدماء من أصحاب الأصالة الذهنية والروحية: مركزَ الوجودِ والروابطِ الكونية، عرفْنا أيّ خير شامل عميم هو خير الوجود الذي يمنحك ما تسألُ ضمن شروطٍ، ثمّ يعطيك فوق ما تسأل، ثمّ يزيد!
ولمّا كان الإنسان الذي يحسب أنّه جرمٌ صغير، ممثّلاً لهذا العالم الأكبر على ما يقول ابنُ أبي طالب، فلابدّ أن يكون هو أيضاً صورةَ عن الوجود بخيره كما هو صورةٌ عنه بعدله. فإذا أعطاك الوجودُ فوقَ ما تسأله من خيره، يكون قد بَدَأك لحاجةٍ في طبيعته إلى أن يكون خيّراً. وإذا كنتَ صورةً عنه، فأنتَ أحْوَج إلى اصطناع الخير من أهل الحاجة إليه. وهذا ما يؤكّده عليّ بقوله هذا: (أهل المعروف إلى اصطناعه أحوَجُ من أهل الحاجة إليه!) وهذا ما يؤكّده أيضاً في عبارةٍ يرجع إليها كلّما تحدّث عن اصطناع الخير بين الناس: (والفضل في ذلك للبادئ).
وإذ ننتقل إلى النظر في الخير ومعناه على صعيد العلاقات بين الناس، أمكننا أن نُجريَ آراء ابن أبي طالب في المجاري التالية:
• أولاً ، الخير بين الناس يكمن في أن يتعاونوا ويتساندوا، وأنْ يعمل واحدُهم من أجل نفسه والآخرين سواءٌ بسواء، وألاّ يكون في هذا العمل رياءٌ من جانب هذا ولا إكراهٌ من جانب ذاك لكي (يُعمَل في الرغبة لا في الرهبة) على حدّ ما يقول عليّ، ثم أن يضحّي بالقليل والكثير توفيراً لراحة الآخرين واطمئنان الخلق بعضهم إلى بعض، وأن تأتي هذه التضحية مبادرةً لا بعد سؤال ولا بعد قسرٍ وإجبار. وكلّ ما من شأنه أن ينفع ويفيد، سواءٌ أكان ذلك على صعيدٍ مادّي أو روحيّ، كان خيراً.
• ثانياً : يرى عليٌّ الخير لا يأتي إلاّ عملاً أولاً، ثم قولاً، لأن الإنسان يجب أن يكون واحداً كالوجود الواحد، وأن يساند بعضُه بعضاً وفاءً لهذه القاعدة، فإن قال فعل، وإن فعل قال. ومن روائع ابن أبي طالب كلمةٌ قالها في رجلٍ يرجو الله في أمرٍ ولا يعمل من أجل هذا الرجاء: (يدّعي بزعمه أنّه يرجو الله! كذبٌ والعظيم! ما باله لا يتبيّن رجاءه في عمله، فكلّ مَن رجا عُرف رجاؤه في عمله!) أمّا إذا عملتَ خيراً، فمن حقك عند ذاك أن تقول خيراً: (قلْ خيراً وافعلْ خيراً!).
• ثالثاً ، يفسح عليّ في المجال أمام قوى الخير لأن تنطلق أبعدَ ما يكون الانطلاق، وذلك بأن يجعل قبولَ التوبة عن الشرّ قاعدة يُعمل بها. فإذا أثِمَ المرء مسيئاً إلى الآخرين، فإنّ في التوبة باباً يلجه من جديد إلى عالَم الخير إذا شاء. يقول عليّ: (اقبل عذر من اعتذر إليك، وأخّر الشرّ ما استطعت). ويعرف التاريخ مقدار الإساءة التي لحقتْ بعليّ عن طريق أبي موسى الأشعري، ويعرف كذلك أنّ علياً لا ينزع إلاّ عن مذهبه أيّةً كانت الظروف والصعوبات، لذلك نراه يبعث إلى أبي موسى قائلاً: (أمّا بعد، فإنّك امرئٌ ضلّلك الهوى، واستدرجك الغرور، فاستقلِ اللهَ يقِلْك عثْرتَك، فإنّ من استقال الله أقاله!).
• رابعاً : يؤمن علي بأن قوى الخير في الإنسان تتداعى ويشدّ بعضها بعضاً شدّاً مكيناً. فإذا وُجد في إنسان جانبٌ من الخير فلابد من ارتباطه بجوانب أخرى منه، ولابدّ من ظهور هذه الجوانب عند المناسبات. وفي هذه النظرة إشارةٌ صريحة إلى أنّ الوجود واحد متكافئٌ عادلٌ خيّرٌ سواءٌ أكان وجوداً عامّاً كبيراً، أو وجوداً خاصّاً مصغّراً يتمثّل بالإنسان: (إذا كان في رجلٍ خلّةٌ رائقة فانتظروا أخواتها!).
• خامساً ، ومثل هذه العدوى الخيّرة بين الخلال الرائقة، عدوى مماثلة تنتقل من الخير إلى الشر بين الناس والناس: (جالس أهل الخير تكن منهم!) و(اطلبوا الخيرَ وأهلَه).
• سادساً ، الإيمان العميق بأنّ في طاقة الإنسان أيّاً كان أن ينهج نهج الخير، وأنّه ليس من إنسان أجدر من إنسانٍ آخر بهذا النهج: (ولا يقولَنّ أحدُكم إنّ أحداً أولى بفعل الخير منّي!).
• سابعاً : على المرء ألاّ يستكثر من فعل الخير كثيراً. بل إنّ ما يفعله من خير يظلّ قليلاً مهما كان كثيراً لأنّ في الاكتفاء بقدرٍ من الخير جحوداً بخير الوجود العظيم وإنكاراً لطاقة الإنسان الذي ينطوي فيه العالم الأكبر. يقول عليّ في أهل الخير: (ولا يرضَون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متّهمون، ومن أعمالهم مشفقون (1)).
• ثامناً ، لابدّ من الإشارة إلى النظرة العميقة التي يلقيها عليٌّ على مفاهيم النزوع الإنساني إلى ما يجعل الناسَ، كلّ الناس، في نعيم.
فإذا نحن نظرنا في آثار معظم المفكرين الذين أعاروا شؤونَ الناس اهتمامَهم، رأينا أنّ لفظة (السعادة) هي التي تتردّد في هذه الآثار، وأنّ مدلول هذه اللفظة إنّما، هو بالذات، مدار أبحاثهم وغاية ما يريدون. أمّا عليّ فقد استبدل بلفظة (السعادة) هذه ما هو أبعدُ مدىً، وأعمق معنى، وأرحبُ أفقاً، وأجلّ شأناً في ما يجب أن تتصف به الطبيعة الإنسانية وتصبو إليه. لقد استبدل بـ(السعادة) هذه، لفظة (الخير) فما كان يوجّه القلوبَ إليها بل إليه. لأنّ في السعادة ما هو محصورٌ في نطاق الفرد، ولأنّ الخير ليس بمحصور في مثل هذا النطاق. فالخير إذَن أعظم! ثمّ إنّ الخير يحتوي السعادة ولا تحتويه، فهو أشمَل! أضِفْ إلى ذلك أنّ بعض الناس قد يسعدون بما لا يشرّف الإنسان، وأنّهم قد يسعدون بما يؤذي الآخرين، وأنّم قد يَتْفَهون ويترهَلون وهم يحسبون أنّهم بذلك سعداء. أما الخير فهو غير السعادة إذ يكون معدنها هذا المعدن. فهو السعادةُ منُوطةٌ بسعادة الناس جميعاً. وهو الرضى عن أحوال الجسد والعقل والضمير! لذلك أكثر عليٌّ من استخدام هذا اللفظ في دعوته الحارّة إلى كلّ ما يرفع من شأن الإنسان!
ولم أعثر في آثار ابن أبي طالب على لفظة (السعادة) إلاّ مرةً واحدة. ولكنه لا يخرج بمعناها الذي يقصد عن مفهوم الخير بما يُحمّلها من حدوده ومعانيه. أمّا العبادة التي وردتْ فيها لفظة (السعادة) فهي هذه: (مِن سعادة الرجل أنْ تكون زوجته صالحة وأولاده أبراراً وإخوانه شرفاء وجيرانه صالحين ورزقه في بلده). فانظر كيف ربط سعادة المرء بسعادة المحيطين به من أفراد عائلته ثم بسعادة إخوانه وجيرانه جميعاً. بعد ذلك ناط سعادة هذا الرجل بسعادة بلاده مستنداً إلى أنها بلادٌ تُنتج الرزقَ لجميع أبنائها وهو واحدٌ منهم!.
لَشَدَّ ما رأيناه يجعل ثوريّةَ الحياة كُلاًّ من خير الوجود، وخيرَ الوجود كِّلاًّ من ثورية الحياة!
وقالت الثورة: أنا الهادمة البانية!
وليس من حقّ الوجود العادل إلاّ أن يكون خيّراً كريماً. وليس من طبيعته إلاّ العطاءُ. وهو لا يأخذ ما يعطيه إلاّ ليعودَ إلى بذْلِه طيّباً جديداً. وخيرُ الوجود كيانٌ من كيانه وجوهرٌ من جوهرِه. وعهْدُ عليٍّ به هو هذا العهد. وإحساسُه بخيره هو إحساسه بعدْله لا يقلّ ولا يزيد. وعلى ذلك تَحَدّث عن هذا الخير فأكثر الحديثَ وقد روينا من أقواله في خير الوجود شيئاً غيرَ قليل. ولعلّ ما رويناه من تلك الروائع الصادقة نستطيع تلخيصه الآن بكلمة قالها وكأنّه يوجز بها مذهبَه المؤمنَ بخير الوجود: (وليس الله بما سُئل بأجودَ منه بما لم يُسألْ). فإذا عرفنا أنّ لفظة (الله) تعني في أقصى ما تعينه عند القدماء من أصحاب الأصالة الذهنية والروحية: مركزَ الوجودِ والروابطِ الكونية، عرفْنا أيّ خير شامل عميم هو خير الوجود الذي يمنحك ما تسألُ ضمن شروطٍ، ثمّ يعطيك فوق ما تسأل، ثمّ يزيد!
ولمّا كان الإنسان الذي يحسب أنّه جرمٌ صغير، ممثّلاً لهذا العالم الأكبر على ما يقول ابنُ أبي طالب، فلابدّ أن يكون هو أيضاً صورةَ عن الوجود بخيره كما هو صورةٌ عنه بعدله. فإذا أعطاك الوجودُ فوقَ ما تسأله من خيره، يكون قد بَدَأك لحاجةٍ في طبيعته إلى أن يكون خيّراً. وإذا كنتَ صورةً عنه، فأنتَ أحْوَج إلى اصطناع الخير من أهل الحاجة إليه. وهذا ما يؤكّده عليّ بقوله هذا: (أهل المعروف إلى اصطناعه أحوَجُ من أهل الحاجة إليه!) وهذا ما يؤكّده أيضاً في عبارةٍ يرجع إليها كلّما تحدّث عن اصطناع الخير بين الناس: (والفضل في ذلك للبادئ).
وإذ ننتقل إلى النظر في الخير ومعناه على صعيد العلاقات بين الناس، أمكننا أن نُجريَ آراء ابن أبي طالب في المجاري التالية:
• أولاً ، الخير بين الناس يكمن في أن يتعاونوا ويتساندوا، وأنْ يعمل واحدُهم من أجل نفسه والآخرين سواءٌ بسواء، وألاّ يكون في هذا العمل رياءٌ من جانب هذا ولا إكراهٌ من جانب ذاك لكي (يُعمَل في الرغبة لا في الرهبة) على حدّ ما يقول عليّ، ثم أن يضحّي بالقليل والكثير توفيراً لراحة الآخرين واطمئنان الخلق بعضهم إلى بعض، وأن تأتي هذه التضحية مبادرةً لا بعد سؤال ولا بعد قسرٍ وإجبار. وكلّ ما من شأنه أن ينفع ويفيد، سواءٌ أكان ذلك على صعيدٍ مادّي أو روحيّ، كان خيراً.
• ثانياً : يرى عليٌّ الخير لا يأتي إلاّ عملاً أولاً، ثم قولاً، لأن الإنسان يجب أن يكون واحداً كالوجود الواحد، وأن يساند بعضُه بعضاً وفاءً لهذه القاعدة، فإن قال فعل، وإن فعل قال. ومن روائع ابن أبي طالب كلمةٌ قالها في رجلٍ يرجو الله في أمرٍ ولا يعمل من أجل هذا الرجاء: (يدّعي بزعمه أنّه يرجو الله! كذبٌ والعظيم! ما باله لا يتبيّن رجاءه في عمله، فكلّ مَن رجا عُرف رجاؤه في عمله!) أمّا إذا عملتَ خيراً، فمن حقك عند ذاك أن تقول خيراً: (قلْ خيراً وافعلْ خيراً!).
• ثالثاً ، يفسح عليّ في المجال أمام قوى الخير لأن تنطلق أبعدَ ما يكون الانطلاق، وذلك بأن يجعل قبولَ التوبة عن الشرّ قاعدة يُعمل بها. فإذا أثِمَ المرء مسيئاً إلى الآخرين، فإنّ في التوبة باباً يلجه من جديد إلى عالَم الخير إذا شاء. يقول عليّ: (اقبل عذر من اعتذر إليك، وأخّر الشرّ ما استطعت). ويعرف التاريخ مقدار الإساءة التي لحقتْ بعليّ عن طريق أبي موسى الأشعري، ويعرف كذلك أنّ علياً لا ينزع إلاّ عن مذهبه أيّةً كانت الظروف والصعوبات، لذلك نراه يبعث إلى أبي موسى قائلاً: (أمّا بعد، فإنّك امرئٌ ضلّلك الهوى، واستدرجك الغرور، فاستقلِ اللهَ يقِلْك عثْرتَك، فإنّ من استقال الله أقاله!).
• رابعاً : يؤمن علي بأن قوى الخير في الإنسان تتداعى ويشدّ بعضها بعضاً شدّاً مكيناً. فإذا وُجد في إنسان جانبٌ من الخير فلابد من ارتباطه بجوانب أخرى منه، ولابدّ من ظهور هذه الجوانب عند المناسبات. وفي هذه النظرة إشارةٌ صريحة إلى أنّ الوجود واحد متكافئٌ عادلٌ خيّرٌ سواءٌ أكان وجوداً عامّاً كبيراً، أو وجوداً خاصّاً مصغّراً يتمثّل بالإنسان: (إذا كان في رجلٍ خلّةٌ رائقة فانتظروا أخواتها!).
• خامساً ، ومثل هذه العدوى الخيّرة بين الخلال الرائقة، عدوى مماثلة تنتقل من الخير إلى الشر بين الناس والناس: (جالس أهل الخير تكن منهم!) و(اطلبوا الخيرَ وأهلَه).
• سادساً ، الإيمان العميق بأنّ في طاقة الإنسان أيّاً كان أن ينهج نهج الخير، وأنّه ليس من إنسان أجدر من إنسانٍ آخر بهذا النهج: (ولا يقولَنّ أحدُكم إنّ أحداً أولى بفعل الخير منّي!).
• سابعاً : على المرء ألاّ يستكثر من فعل الخير كثيراً. بل إنّ ما يفعله من خير يظلّ قليلاً مهما كان كثيراً لأنّ في الاكتفاء بقدرٍ من الخير جحوداً بخير الوجود العظيم وإنكاراً لطاقة الإنسان الذي ينطوي فيه العالم الأكبر. يقول عليّ في أهل الخير: (ولا يرضَون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متّهمون، ومن أعمالهم مشفقون (1)).
• ثامناً ، لابدّ من الإشارة إلى النظرة العميقة التي يلقيها عليٌّ على مفاهيم النزوع الإنساني إلى ما يجعل الناسَ، كلّ الناس، في نعيم.
فإذا نحن نظرنا في آثار معظم المفكرين الذين أعاروا شؤونَ الناس اهتمامَهم، رأينا أنّ لفظة (السعادة) هي التي تتردّد في هذه الآثار، وأنّ مدلول هذه اللفظة إنّما، هو بالذات، مدار أبحاثهم وغاية ما يريدون. أمّا عليّ فقد استبدل بلفظة (السعادة) هذه ما هو أبعدُ مدىً، وأعمق معنى، وأرحبُ أفقاً، وأجلّ شأناً في ما يجب أن تتصف به الطبيعة الإنسانية وتصبو إليه. لقد استبدل بـ(السعادة) هذه، لفظة (الخير) فما كان يوجّه القلوبَ إليها بل إليه. لأنّ في السعادة ما هو محصورٌ في نطاق الفرد، ولأنّ الخير ليس بمحصور في مثل هذا النطاق. فالخير إذَن أعظم! ثمّ إنّ الخير يحتوي السعادة ولا تحتويه، فهو أشمَل! أضِفْ إلى ذلك أنّ بعض الناس قد يسعدون بما لا يشرّف الإنسان، وأنّهم قد يسعدون بما يؤذي الآخرين، وأنّم قد يَتْفَهون ويترهَلون وهم يحسبون أنّهم بذلك سعداء. أما الخير فهو غير السعادة إذ يكون معدنها هذا المعدن. فهو السعادةُ منُوطةٌ بسعادة الناس جميعاً. وهو الرضى عن أحوال الجسد والعقل والضمير! لذلك أكثر عليٌّ من استخدام هذا اللفظ في دعوته الحارّة إلى كلّ ما يرفع من شأن الإنسان!
ولم أعثر في آثار ابن أبي طالب على لفظة (السعادة) إلاّ مرةً واحدة. ولكنه لا يخرج بمعناها الذي يقصد عن مفهوم الخير بما يُحمّلها من حدوده ومعانيه. أمّا العبادة التي وردتْ فيها لفظة (السعادة) فهي هذه: (مِن سعادة الرجل أنْ تكون زوجته صالحة وأولاده أبراراً وإخوانه شرفاء وجيرانه صالحين ورزقه في بلده). فانظر كيف ربط سعادة المرء بسعادة المحيطين به من أفراد عائلته ثم بسعادة إخوانه وجيرانه جميعاً. بعد ذلك ناط سعادة هذا الرجل بسعادة بلاده مستنداً إلى أنها بلادٌ تُنتج الرزقَ لجميع أبنائها وهو واحدٌ منهم!.