المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انتشار العلوم في البلاد بواسطة الامام علي عليه السلام !!


محمدي
14-03-2007, 06:02 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى يختار من يشاء من خلقه أمينا على وحيه وتبليغ رسالاته
وهو العالم بقلوب عباده والأصلح للقيام بهذا الدور العظيم كما هو دور الأنبياء والأوصياء
وآخرهم النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده الأئمة الطاهرين عليهم السلام
وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله في عدة مواقف بأهمية الامام علي عليه السلام لتولي مهام القيادة الالاهية من بعده وهناك الكثير من العناصر التي توفرت في الامام سلام الله عليه
لتولي هذه المهمة الربانية وهذه ليست مجال الحديث عنها في هذا الموضوع انما مجال الحديث عن احدى هذه الخصال الرفيعة وهي العلم ونشره والاهتمام به وقد مر علينا بعض الروايات التي تثبت أعلمية الامام علي عليه السلام على غيره ومن أشهر تلك الروايات قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم:
(أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب)(1)
حيث أفاد أنّ العلوم كلّها مجموعة عنده، وأنّه يجب على الناس طلب العلم، وأنّ الطريق الوحيد إليه هو مولانا عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
وكذلك كان أميرالمؤمنين عليه السلام... فقد كان المرجع الوحيد للمتصدّين للأمر، وكبار الصحابة، فكم من مشكلة علميّة عجزوا عن حلّها أو مسألة فقهيّة جهلوا الحكم الشرعي فيها، فكان هو المرجع وإليه المفزع، حتّى قال الحافظ النووي بترجمته:
«وسؤال كبار الصّحابة له ورجوعهم إلى فتاواه وأقواله في المواطن الكثيرة والمسائل المعضلات، مشهور»(2)
وإنّ ذلك من أقوى الأدلّة على إمامته المطلقة وولايته العامّة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم... لأنّ من أولى الصفات المعتبرة في الإمام ـ عند علماء الكلام من الخاصّة والعامّة ـ هو العلم:
قال شارح المواقف: «المقصد الثاني، في شروط الإمامة، الجمهور على أنّ الإمامة ومستحقّها من هو مجتهد في الاُصول والفروع، ليقوم باُمور الدين، متمكّناً من إقامة الحجج وحلّ الشّبه في العقائد الدينيّة، مستقلاًّ بالفتوى في النوازل وأحكام الوقائع، نصّاً واستنباطاً، لأنّ أهمّ مقاصد الإمامة حفظ العقائد وفصل الحكومات ورفع المخاصمات، ولن يتمّ ذلك بدون هذا الشّرط»(3)
وليس فقط رجوع كبار الصحابة وغيرهم... بل العلوم الإسلاميّة كلّها منه اُخذت وعنه انتشرت...
أمّا في المدينة المنوّرة، فقد عرفت أنّه كان المرجع للمتقمّصين للخلافة ولغيرهم، حتّى اشتهر عن عمر بن الخطّاب قوله: «لولا علي لهلك عمر»(4)، و«أقضانا علي»(5) و«لا أبقاني الله بعدك يا علي»(6)
وعن سعد بن أبي وقّاص ـ في كلام له عن الإمام عليه السلام يخاطب الناس ـ «... ألم يكن أعلم الناس»(7)
وعن ابن عبّاس: «والله، لقد اُعطي عليّ بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله، لقد شارككم في العشر العاشر»(8)
وعن أبي سعيد الخدري: «أقضاهم علي»(9 )
وعن ابن مسعود: «كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة علي»(10)
وعن عائشة: «عليّ أعلم الناس بالسنّة»(11)
وأمّا مكّة المكرّمة ، فقد عاش فيها الإمام منذ ولادته حتّى الهجرة، وسافر إليها بعد الإستيطان بالمدينة غير مرّة، ولا ريب في أخذ أهل مكّة منه العلم والمعرفة في خلال هذه المدّة.
على أنّ تلميذه الخاص ـ أعني عبدالله بن العبّاس ـ كان بمكّة مدّةً مديدة ينشر العلم، ويفسّر القرآن، ويعلّم المناسك، ويدرّس الفقه، قال الذهبي بترجمته: «الأعمش، عن أبي وائل قال: استعمل علي ابن عبّاس على الحج، فخطب يومئذ خطبةً لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثمّ قرأ عليهم سورة النور فجعل يفسّرها»(12
وروى ابن سعد عن عائشة: «إنّها نظرت إلى ابن عبّاس ومعه الخلق ليالي الحج، وهو يسئل عن المناسك. فقالت: هو أعلم من بقي بالمناسك»(13 )
وقال ابن عبدالبر: «روينا أنّ عبدالله بن صفوان مرّ يوماً بدار عبدالله بن عبّاس بمكّة، فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه...»( 14 )
واعترف ابن تيميّة بهذه الحقيقة... قال السيوطيّ: «قال ابن تيميّة: أعلم الناس بالتفسير أهل مكّة، لأنّهم أصحاب ابن عبّاس رضي الله عنهما، كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عبّاس وسعيد بن جبير وطاووس، وغيرهم»(15)
وأمّا الشام ، فقد انتشر العلم فيه عن أبي الدرداء، وهو تلميذ عبدالله بن مسعود، وابن مسعود من تلامذة الإمام، فانتهى إليه عليه السلام علم أهل الشام:
روى الحافظ أبو العبّاس المحبّ الطبري: «عن أبي الزعراء عن عبدالله قال: علماء الأرض ثلاثة، عالم بالشام، وعالم بالحجاز، وعالم بالعراق. فأمّا عالم أهل الشام فهو أبوالدرداء، وأمّا عالم أهل الحجاز فهو عليّ بن أبي طالب، وأمّا عالم أهل العراق فأخ لكم.
وعالم أهل الشام وعالم أهل العراق يحتاجان إلى عالم أهل الحجاز، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما. أخرجه الحضرمي»( 16 )
وأمّا البصرة ، فقد ورد إليها الإمام عليه السلام بنفسه، وتلك خطبه ومواعظه فيها مدوّنة في كتب التاريخ.
وأيضاً، فقد أخذ أهل البصرة وتفقّهوا على ابن عبّاس حيث كان والياً على البصرة من قبل الإمام، وهو من أشهر تلاميذه وملازميه بلا كلام، قال الحافظ ابن حجر:
«إنّ ابن عبّاس كان يغشى الناس في رمضان وهو أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتّى يفقّههم»(17)
وأمّا الكوفة ، فقد تعلّم أهلها القرآن والسنّة منه عليه السلام مباشرة مدّة بقائه بها... ولو كانوا قد تعلّموا شيئاً من ذلك قبل وروده إليها، فمن عبدالله بن مسعود وعمّار بن ياسر، وهما من تلامذته عليه السلام.
وأمّا اليمن ، فقد روى الكلّ أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد بعثه إلى اليمن قاضياً، والقضاء هو الفقه، فهو أفقه الاُمّة، لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فيما رواه الفريقان ـ «أقضاكم علي»(18 )
وهو الذي فقّه أهل اليمن وعلّمهم، وقد قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حين بعثه إليهم: «اللّهمّ اهد قلبه وثبّت لسانه»( 19 )
فهذا بعث علي إلى اليمن، وهذا شأنه في العلم وموقعه من الفقه، فقد انتشر العلم في تلك البلاد بواسطته



المصدر00
استخراج المرام من استقصاء الافحام مجلد(1)
لسماحة السيد علي الحسيني الميلاني

(1) المستدرك على الصحيحين 3/127 . وهذا هو حديث مدينة العلم ، ورواته من الأئمّة الأعلام عند السنّة كثيرون جدّاً ، فراجع :
تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب ، بترجمة الإمام علي عليه السلام ، تاريخ ابن كثير 7/359 ، جامع الاُصول 9/473 ، جمع الجوامع 1/373 ، تاريخ بغداد 2/377 و4/348 و7/172 و 11/204 ، الرياض النضرة 2/255 ، فيض القدير 3/47 ، تاريخ الخلفاء : 170 ، المعجم الكبير 11/65 ، اُسد الغابة 4/22 ، تذكرة الحفّاظ 4/28 ، مجمع الزوائد 9/114 ، عمدة القاري في شرح البخاري 7/631 ، إتحاف السادة المتقين 6/244 . ومن شاء التفصيل فليرجع إلى كتاب (نفحات الأزهار) الأجزاء 10 ـ 12 .
( 2 (تهذيب الأسماء واللغات 1/3( (3 ) 46 .() شرح المواقف 8/349 .
(4)الاستيعاب 3/1103 ، فيض القدير 4/357 .
(5) الاستيعاب 3/1102 .
(6) الرياض النضرة 2/197 ، فيض القدير 4/357 (.7) المستدرك 3/500 .
(8) الاستيعاب 3/1104 ، الرياض النضرة 2/194 .
(9) فتح الباري 8/136 .
(10) الاستيعاب 3/1105 .
(11) الرياض النضرة 2/193 .
(12) تذكرة الحفّاظ 1/40 ـ 41 .
(13) الطبقات الكبرى 2/282 .
(14) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/937 .
(15) الإتقان في علوم القرآن 2/536 .
(16) الرياض النضرة في مناقب العشرة 3/199 ـ 200 .
(17) الإصابة في معرفة الصحابة 4/150 .
(18) ورد بألفاظ مختلفة في : المستصفى في علم الاُصول 1/70 ، تاريخ دمشق 51/300 ، حلية الأولياء 1/65 ، الطبقات الكبرى 2/258 و259 ، كشف الخفاء 1/162 .
(19) سنن ابن ماجة 2/774 ح2310 ، كتاب الأحكام ، باب ذكر القضاء ، سنن أبي داود 3/299 ـ 300 ح3582 ، سنن البيهقي 5/116 ح8419 ، مسند عبد بن حميد : 61 ح94 ، تاريخ بغداد 12/444 رقم 6916 ، الطبقات الكبرى 2/257 ، دلائل النبوّة للبيهقي 5/397 ، نصب الراية 5/36 وغيرها