نهروان العنزي
12-07-2009, 05:34 PM
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله
نص الكتاب الذي كتبه المعتضد بالله الخليفة العباسي الذي أمر فيه بلعن معاوية والبراءة منه
تاريخ الطبري الجزء الثامن ص / 183
==================
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمدلله العلى العظيم الحليم الحكيم العزيز الرحيم المنفرد بالوحدانية الباهر بقدرته الخالق بمشيئته وحكمته الذى يعلم سوابق الصدور وضمائر القلوب لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات العلى ولا في الارضين السفلى قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا وضرب لكل شئ أمدا وهو العليم الخبير والحمد لله الذى برأ خلقه لعبادته وخلق عباده لمعرفته على سابق علمه في طاعة مطيعهم وماضي أمره في عصيان عاصيهم فبين لهم ما يأتون وما يتقون ونهج لهم سبل النجاة وحذرهم مسالك الهلكة وظاهر عليهم الحجة وقدم إليهم المعذرة واختار لهم دينه الذى ارتضى لهم وأكرمهم به وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته أولياءه وأهل طاعته والعاندين عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وإن الله لسميع عليم والحمد لله الذى اصطفى محمدا رسوله من جميع بريته واختاره لرسالته وابتعثه بالهدى والدين المرتضى إلى عباده أجمعين وأنزل عليه الكتاب المبين المستبين وتأذن له بالنصر والتمكين وأيده بالعز والبرهان المتين فاهتدى به من اهتدى واستنقذ به من استجاب له من العمى وأضل من أدبر وتولى حتى أظهر الله أمره وأعز نصره وقهر من خالفه وأنجز له وعده وختم به رسله وقبضه مؤديا لامره مبلغا لرسالته ناصحا لامته مرضيا مهتديا إلى أكرم مآب المنقلبين وأعلى منازل أنبيائه المرسلين وعباده الفائزين فصلى الله عليه أفضل صلاة وأتمها وأجلها وأعظمها وأزكاها وأطهرها وعلى آله الطيبين والحمد لله الذى جعل أمير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين والقائمين بالدين والمقومين لعباده المؤمنين والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة والمستخلفين في الامة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد والغلبة حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون * وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم وفساد قد لحقهم في معتقدهم وعصبية قد غلبت عليها أهواؤهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا روية وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولا بصيرة وخالفوا السنن المتبعة إلى الاهواء المبتدعة قال الله عز وجل (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين) خروجا عن الجماعة ومسارعة إلى الفتنة وإيثارا للفرقة وتشتيتا للكلمة وإظهارا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة وبتر منه العصمة وأخرجه من الملة وأوجب عليه اللعنة وتعظيما لمن صغر الله حقه وأوهن أمره وأضعف ركنه من بنى أمية الشجرة الملعونة ومخالفة لمن استنقذهم الله به من الهلكة وأسبغ عليهم به النعمة من أهل بيت البركة والرحمة قال الله عز وجل (يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فأعظم أمير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ورأى في ترك إنكاره حرجا عليه في الدين وفسادا لمن قلده الله أمره من المسلمين وإهمالا لمن أوجبه الله عليه من تقويم المخالفين وتبصير الجاهلين وإقامة الحجة على الشاكين وبسط اليد على العاندين وأمير المؤمنين يرجع إليكم معشر الناس بأن الله عز وجل لما ابتعث محمدا بدينه وأمره أن يصدع بأمره بدأ بأهله وعشيرته فدعاهم إلى ربه وأنذرهم وبشرهم ونصح لهم وأرشدهم فكان من استجاب له وصدق قوله واتبع أمره نفر يسير من بنى أبيه من بين مؤمن بما أتى به من ربه وبين ناصر له وإن لم يتبع دينه إعزازا له وإشفاقا عليه لماضي علم الله فيمن اختار منهم ونفذت مشيئته فيما يستودعه إياه من خلافته وإرث نبيه فمؤمنهم مجاهد بنصرته وحميته يدفعون من نابذه وينهرون من عاره وعانده ويتوثقون له ممن كانفه وعاضده ويبايعون له من سمح بنصرته ويتجسسون له أخبار أعدائه ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأى العين حتى بلغ المدى وحان وقت الاهتداء فدخلوا في دين الله وطاعته وتصديق رسوله والايمان به بأثبت بصيرة وأحسن هدى ورغبة فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل بيت الدين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومعدن الحكمة وورثة النبوة وموضع الخلافة وأوجب لهم الفضيلة وألزم العباد لهم الطاعة وكان ممن عانده ونابذه وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الاكثر والسواد الاعظم يتلقونه بالتكذيب والتثريب ويقصدونه بالاذية والتخويف ويبارزونه بالعداوة وينصبون له المحاربة ويصدون عنه من قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه وأشدهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة وأولهم في كل حرب ومناصبة لا يرفع على الاسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر وأحد والخندق والفتح أبو سفيان بن حرب وأشياعه من بنى أمية الملعونين في كتاب الله ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع لماضي علم الله فيهم وفى أمرهم ونفاقهم وكفر أحلامهم فحارب مجاهدا ودافع مكابدا وأقام منابذا حتى قهره السيف وعلا أمر الله وهم كارهون فتقول بالاسلام غير منطو عليه وأسر الكفر غير مقلع عنه فعرفه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وميزله المؤلفة قلوبهم فقبله وولده على علم منه فمما لعنهم الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل به كتابا قوله (والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بنى أمية ومنه قول الرسول عليه السلام وقد رآه مقبلا على حمار ومعاوية يقود به ويزيد ابنه يسوق به لعن الله القائد والراكب والسائق ومنه ما يرويه الرواة من قوله يا بنى عبد مناف تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولا نار وهذا كفر صراح يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ومنه ما يروون من وقوفه على ثنية أحد بعد ذهاب بصره وقوله لقائده ههنا ذببنا محمدا وأصحابه ومنه الرؤيا التى رآها النبي صلى الله عليه وسلم فوجم لها فما رؤى ضاحكا بعدها فأنزل الله " وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناس " فذكروا أنه رأى نفرا من بنى أمية ينزون على منبره ومنه طرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبى العاص لحكايته إياه وألحقه الله بدعوة رسوله آية باقية حين رآه يتخلج فقال له كن كما أنت فبقى على ذلك سائر عمره إلى ما كان من مروان في افتتاحه أول فتنة كانت في الاسلام واحتقابه لكل دم حرام سفك فيها أو أريق بعدها ومنه ما أنزل الله على نبيه في سورة القدر " ليلة القدر خير من ألف شهر " من ملك بنى أمية ومنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بمعاوية ليكتب بأمره بين يديه فدافع بأمره واعتل بطعامه فقال النبي لا أشبع الله بطنه فبقى لا يشبع ويقول والله ما أنزل الطعام شبعا ولكن أعيا ومنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يطلع من هذا الفج رجل من أمتى يحشر على غير ملتى فطلع معاوية ومنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم معاوية على منبرى فاقتلوه ومنه الحديث المرفوع المشهور أنه قال إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادى يا حنان يا منان الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ومنه انبراؤه بالمحاربة لا فضل المسلمين في الاسلام مكانا وأقدمهم إليه سبقا وأحسنهم فيه أثرا وذكرا على بن أبى طالب ينازعه حقه بباطله ويجاهد أنصاره بضلاله وغواته ويحاول ما لم يزل هو وأبوه يحاولانه من إطفاء نور الله وجحود دينه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون يستهوى أهل الغباوة ويموه على أهل الجهالة بمكره وبغيه الذين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر عنهما فقال لعمار يقتلك الفيئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار مؤثرا للعاجلة كافرا بالآجلة خارجا من ربقة الاسلام مستحلا للدم الحرام حتى سفك في فتنته وعلى سبيل ضلالته ما لا يحصى عدده من خيار المسلمين الذابين عن دين الله والناصرين لحقه مجاهدا لله مجتهدا في أن يعصى الله فلا يطاع وتبطل أحكامه فلا تقام ويخالف دينه فلا يدان وأن تعلو كلمة الضلالة وترتفع دعوة الباطل وكلمة الله هي العليا ودينه المنصور وحكمه المتبع النافذ وأمره الغالب وكيد من حاده المغلوب الداحض حتى احتمل أوزار تلك الحروب وما اتبعها وتطوق تلك الدماء وما سفك بعدها وسن سنن الفساد التى عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة وأباح المحارم لمن ارتكبها ومنع الحقوق أهلها واغتره الاملاء واستدرجه الامهال والله له بالمرصاد ثم مما أوجب الله له به اللعنة قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة والتابعين وأهل الفضل والديانة مثل عمرو بن الحمق وحجر بن عدى فمن قتل أمثالهم في أن يكون له العزة والملك والغلبة ولله العزة والملك والقدرة والله عز وجل يقول (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) ومما استحق به اللعنة من الله ورسوله ادعاؤه زياد بن سمية جرأة على الله والله يقول " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ملعون من ادعى إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه ويقول الولد للفراش والعاهر الحجر فخالف حكم الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم جهارا وجعل الولد لغير الفراش والعاهر لا يضره عهره فأدخل بهذه الدعوة من محارم الله ومحارم رسوله في أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وفى غيرها من سفور وجوه ما قد حرمه الله وأثبت بها قربى قد باعدها الله وأباح بها ما قد حظره الله مما لم يدخل على الاسلام خلل مثله ولم ينل الدين تبديل شبهه ومنه ايثاره بدين الله ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبر الخمير صاحب الديوك والفهود والقرود وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والاخافة والتهدد والرهبة وهو يعلم سفهه ويطلع على خبثه ورهقه ويعاين سكرانه وفجوره وكفره فلما تمكن منه ما مكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه طلب بثأرات المشركين وطوائلهم عند المسلمين فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التى لم يكن في الاسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها وشفى بذلك عبد نفسه وغليله وظن أن قد انتقم من أولياء الله وبلغ النوى لاعداء الله فقال مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه ليت أشياخى ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الاسل قد قتلنا القرم من ساداتكم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل فأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تسل لست من خندف إن لم أنتقم * من بنى أحمد ما كان فعل لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحى نزل هذا هو المروق من الدين وقول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله ثم من أغلظ ما انتهك وأعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن على وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع موقعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه منه ومنزلته من الدين والفضل وشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولاخيه بسيادة شباب أهل الجنة اجتراء على الله وكفرا بدينه وعداوة لرسوله ومجاهدة لعترته واستهانة بحرمته فكأنما يقتل به وبأهل بيته قوما من كفار أهل الترك والديلم لا يخاف من الله نقمة ولا يرقب منه سطوة فبتر الله عمره واجتث أصله وفرعه وسلبه ما تحت يده وأعد له من عذابه وعقوبته ما استحقه من الله بمعصيته هذا إلى ما كان من بنى مروان من تبديل كتاب الله وتعطيل أحكامه واتخاذ مال الله دولا بينهم وهدم بيته واستحلال حرامه ونصبهم المجانيق عليه ورميهم إياه بالنيران لا يألون له إحراقا وإخرابا ولما حرم الله منه استباحة وانتهاكا ولمن لجأ إليه قتلا وتنكيلا.....................الخ
نسالكم الدعاء
اخوكم نهروان
السلام عليكم ورحمة الله
نص الكتاب الذي كتبه المعتضد بالله الخليفة العباسي الذي أمر فيه بلعن معاوية والبراءة منه
تاريخ الطبري الجزء الثامن ص / 183
==================
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمدلله العلى العظيم الحليم الحكيم العزيز الرحيم المنفرد بالوحدانية الباهر بقدرته الخالق بمشيئته وحكمته الذى يعلم سوابق الصدور وضمائر القلوب لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات العلى ولا في الارضين السفلى قد أحاط بكل شئ علما وأحصى كل شئ عددا وضرب لكل شئ أمدا وهو العليم الخبير والحمد لله الذى برأ خلقه لعبادته وخلق عباده لمعرفته على سابق علمه في طاعة مطيعهم وماضي أمره في عصيان عاصيهم فبين لهم ما يأتون وما يتقون ونهج لهم سبل النجاة وحذرهم مسالك الهلكة وظاهر عليهم الحجة وقدم إليهم المعذرة واختار لهم دينه الذى ارتضى لهم وأكرمهم به وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته أولياءه وأهل طاعته والعاندين عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة وإن الله لسميع عليم والحمد لله الذى اصطفى محمدا رسوله من جميع بريته واختاره لرسالته وابتعثه بالهدى والدين المرتضى إلى عباده أجمعين وأنزل عليه الكتاب المبين المستبين وتأذن له بالنصر والتمكين وأيده بالعز والبرهان المتين فاهتدى به من اهتدى واستنقذ به من استجاب له من العمى وأضل من أدبر وتولى حتى أظهر الله أمره وأعز نصره وقهر من خالفه وأنجز له وعده وختم به رسله وقبضه مؤديا لامره مبلغا لرسالته ناصحا لامته مرضيا مهتديا إلى أكرم مآب المنقلبين وأعلى منازل أنبيائه المرسلين وعباده الفائزين فصلى الله عليه أفضل صلاة وأتمها وأجلها وأعظمها وأزكاها وأطهرها وعلى آله الطيبين والحمد لله الذى جعل أمير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين والقائمين بالدين والمقومين لعباده المؤمنين والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة والمستخلفين في الامة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد والغلبة حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولو كره المشركون * وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم وفساد قد لحقهم في معتقدهم وعصبية قد غلبت عليها أهواؤهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا روية وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولا بصيرة وخالفوا السنن المتبعة إلى الاهواء المبتدعة قال الله عز وجل (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدى القوم الظالمين) خروجا عن الجماعة ومسارعة إلى الفتنة وإيثارا للفرقة وتشتيتا للكلمة وإظهارا لموالاة من قطع الله عنه الموالاة وبتر منه العصمة وأخرجه من الملة وأوجب عليه اللعنة وتعظيما لمن صغر الله حقه وأوهن أمره وأضعف ركنه من بنى أمية الشجرة الملعونة ومخالفة لمن استنقذهم الله به من الهلكة وأسبغ عليهم به النعمة من أهل بيت البركة والرحمة قال الله عز وجل (يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فأعظم أمير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ورأى في ترك إنكاره حرجا عليه في الدين وفسادا لمن قلده الله أمره من المسلمين وإهمالا لمن أوجبه الله عليه من تقويم المخالفين وتبصير الجاهلين وإقامة الحجة على الشاكين وبسط اليد على العاندين وأمير المؤمنين يرجع إليكم معشر الناس بأن الله عز وجل لما ابتعث محمدا بدينه وأمره أن يصدع بأمره بدأ بأهله وعشيرته فدعاهم إلى ربه وأنذرهم وبشرهم ونصح لهم وأرشدهم فكان من استجاب له وصدق قوله واتبع أمره نفر يسير من بنى أبيه من بين مؤمن بما أتى به من ربه وبين ناصر له وإن لم يتبع دينه إعزازا له وإشفاقا عليه لماضي علم الله فيمن اختار منهم ونفذت مشيئته فيما يستودعه إياه من خلافته وإرث نبيه فمؤمنهم مجاهد بنصرته وحميته يدفعون من نابذه وينهرون من عاره وعانده ويتوثقون له ممن كانفه وعاضده ويبايعون له من سمح بنصرته ويتجسسون له أخبار أعدائه ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأى العين حتى بلغ المدى وحان وقت الاهتداء فدخلوا في دين الله وطاعته وتصديق رسوله والايمان به بأثبت بصيرة وأحسن هدى ورغبة فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل بيت الدين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ومعدن الحكمة وورثة النبوة وموضع الخلافة وأوجب لهم الفضيلة وألزم العباد لهم الطاعة وكان ممن عانده ونابذه وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الاكثر والسواد الاعظم يتلقونه بالتكذيب والتثريب ويقصدونه بالاذية والتخويف ويبارزونه بالعداوة وينصبون له المحاربة ويصدون عنه من قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه وأشدهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة وأولهم في كل حرب ومناصبة لا يرفع على الاسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر وأحد والخندق والفتح أبو سفيان بن حرب وأشياعه من بنى أمية الملعونين في كتاب الله ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع لماضي علم الله فيهم وفى أمرهم ونفاقهم وكفر أحلامهم فحارب مجاهدا ودافع مكابدا وأقام منابذا حتى قهره السيف وعلا أمر الله وهم كارهون فتقول بالاسلام غير منطو عليه وأسر الكفر غير مقلع عنه فعرفه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وميزله المؤلفة قلوبهم فقبله وولده على علم منه فمما لعنهم الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل به كتابا قوله (والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بنى أمية ومنه قول الرسول عليه السلام وقد رآه مقبلا على حمار ومعاوية يقود به ويزيد ابنه يسوق به لعن الله القائد والراكب والسائق ومنه ما يرويه الرواة من قوله يا بنى عبد مناف تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولا نار وهذا كفر صراح يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ومنه ما يروون من وقوفه على ثنية أحد بعد ذهاب بصره وقوله لقائده ههنا ذببنا محمدا وأصحابه ومنه الرؤيا التى رآها النبي صلى الله عليه وسلم فوجم لها فما رؤى ضاحكا بعدها فأنزل الله " وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنة للناس " فذكروا أنه رأى نفرا من بنى أمية ينزون على منبره ومنه طرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبى العاص لحكايته إياه وألحقه الله بدعوة رسوله آية باقية حين رآه يتخلج فقال له كن كما أنت فبقى على ذلك سائر عمره إلى ما كان من مروان في افتتاحه أول فتنة كانت في الاسلام واحتقابه لكل دم حرام سفك فيها أو أريق بعدها ومنه ما أنزل الله على نبيه في سورة القدر " ليلة القدر خير من ألف شهر " من ملك بنى أمية ومنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بمعاوية ليكتب بأمره بين يديه فدافع بأمره واعتل بطعامه فقال النبي لا أشبع الله بطنه فبقى لا يشبع ويقول والله ما أنزل الطعام شبعا ولكن أعيا ومنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يطلع من هذا الفج رجل من أمتى يحشر على غير ملتى فطلع معاوية ومنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم معاوية على منبرى فاقتلوه ومنه الحديث المرفوع المشهور أنه قال إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادى يا حنان يا منان الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ومنه انبراؤه بالمحاربة لا فضل المسلمين في الاسلام مكانا وأقدمهم إليه سبقا وأحسنهم فيه أثرا وذكرا على بن أبى طالب ينازعه حقه بباطله ويجاهد أنصاره بضلاله وغواته ويحاول ما لم يزل هو وأبوه يحاولانه من إطفاء نور الله وجحود دينه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون يستهوى أهل الغباوة ويموه على أهل الجهالة بمكره وبغيه الذين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر عنهما فقال لعمار يقتلك الفيئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار مؤثرا للعاجلة كافرا بالآجلة خارجا من ربقة الاسلام مستحلا للدم الحرام حتى سفك في فتنته وعلى سبيل ضلالته ما لا يحصى عدده من خيار المسلمين الذابين عن دين الله والناصرين لحقه مجاهدا لله مجتهدا في أن يعصى الله فلا يطاع وتبطل أحكامه فلا تقام ويخالف دينه فلا يدان وأن تعلو كلمة الضلالة وترتفع دعوة الباطل وكلمة الله هي العليا ودينه المنصور وحكمه المتبع النافذ وأمره الغالب وكيد من حاده المغلوب الداحض حتى احتمل أوزار تلك الحروب وما اتبعها وتطوق تلك الدماء وما سفك بعدها وسن سنن الفساد التى عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة وأباح المحارم لمن ارتكبها ومنع الحقوق أهلها واغتره الاملاء واستدرجه الامهال والله له بالمرصاد ثم مما أوجب الله له به اللعنة قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة والتابعين وأهل الفضل والديانة مثل عمرو بن الحمق وحجر بن عدى فمن قتل أمثالهم في أن يكون له العزة والملك والغلبة ولله العزة والملك والقدرة والله عز وجل يقول (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) ومما استحق به اللعنة من الله ورسوله ادعاؤه زياد بن سمية جرأة على الله والله يقول " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ملعون من ادعى إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه ويقول الولد للفراش والعاهر الحجر فخالف حكم الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم جهارا وجعل الولد لغير الفراش والعاهر لا يضره عهره فأدخل بهذه الدعوة من محارم الله ومحارم رسوله في أم حبيبة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وفى غيرها من سفور وجوه ما قد حرمه الله وأثبت بها قربى قد باعدها الله وأباح بها ما قد حظره الله مما لم يدخل على الاسلام خلل مثله ولم ينل الدين تبديل شبهه ومنه ايثاره بدين الله ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبر الخمير صاحب الديوك والفهود والقرود وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والاخافة والتهدد والرهبة وهو يعلم سفهه ويطلع على خبثه ورهقه ويعاين سكرانه وفجوره وكفره فلما تمكن منه ما مكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه طلب بثأرات المشركين وطوائلهم عند المسلمين فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التى لم يكن في الاسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها وشفى بذلك عبد نفسه وغليله وظن أن قد انتقم من أولياء الله وبلغ النوى لاعداء الله فقال مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه ليت أشياخى ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الاسل قد قتلنا القرم من ساداتكم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل فأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تسل لست من خندف إن لم أنتقم * من بنى أحمد ما كان فعل لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحى نزل هذا هو المروق من الدين وقول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله ثم من أغلظ ما انتهك وأعظم ما اخترم سفكه دم الحسين بن على وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع موقعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه منه ومنزلته من الدين والفضل وشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولاخيه بسيادة شباب أهل الجنة اجتراء على الله وكفرا بدينه وعداوة لرسوله ومجاهدة لعترته واستهانة بحرمته فكأنما يقتل به وبأهل بيته قوما من كفار أهل الترك والديلم لا يخاف من الله نقمة ولا يرقب منه سطوة فبتر الله عمره واجتث أصله وفرعه وسلبه ما تحت يده وأعد له من عذابه وعقوبته ما استحقه من الله بمعصيته هذا إلى ما كان من بنى مروان من تبديل كتاب الله وتعطيل أحكامه واتخاذ مال الله دولا بينهم وهدم بيته واستحلال حرامه ونصبهم المجانيق عليه ورميهم إياه بالنيران لا يألون له إحراقا وإخرابا ولما حرم الله منه استباحة وانتهاكا ولمن لجأ إليه قتلا وتنكيلا.....................الخ
نسالكم الدعاء
اخوكم نهروان