عاشق الزهراء
12-07-2009, 06:59 PM
http://rouyah.com/news/main_art_9665709.jpg
كلنا نحب أطفالنا، نضحي بحياتنا من أجل حياة أفضل لهم، ونعيش على أمل اليوم الذي نراهم فيه في أعلى الدرجات، ولكن ما نتمناه ونتصوره شيء، والواقع شيء آخر، كل أب وكل أم يسعيان لتنشئة أولادهما على أحسن ما يكون، لكن الأسباب والظروف معقدة.
فتصاحب عملية التنشئة أشكال من القمع والعنف والقسوة والإهمال العاطفي، يبرر الأب ذلك أحيانًا بالرغبة في فرض النظام والانضباط داخل الأسرة وأحيانًا أخرى بدافع الحب والحرص على مصلحة الأبناء، ويتصور آباء كثيرون أنهم يحسنون إلى أطفالهم طالما لم يعاقبوهم بدنيًا، لكن أشكال الإيذاء لا تقتصر على العقاب الجسدي فقط، فقد يعاني الطفل لسنوات طويلة من كلمة قيلت في لحظة غضب من أحد الأبوين، ونحن نعرف أن وقع الكلمة على بعضهم أشد إيلامًا من طعن السيف. أو بمعنى آخر يؤذي الآباء فلذات أكبادهم، إيذاءً عاطفيًا، وهم لا يشعرون أو وهم يحسبون أنهم يحسنون إليهم حتى يعلموهم الشدة وأن يكونوا على مستوى المسؤولية. وللأسف بدلاً من أن يصيروا "رجالاً" يكبرون وتكبر معهم عقد دفينة كان بالإمكان تجنبها لو راجعنا أنفسنا فيما نفعل حتى لا تصدق مقولة أبي العلاء المعري "هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد"... ليست هناك "وصفة" جاهزة لضمان تربية الأبناء أحسن تربية، لكن هناك أسسًا من المهم أن يعيها الأبوان. على الرغم من أن عملية "التربية " تحتمل التجربة والخطأ وأحيانًا يتعلم الآباء من أبنائهم أنفسهم، إلا أن الخطر يظل قائمًا من أشكال العنف والإيذاء العاطفي، الذي يتجاوز مجرد التطاول اللفظي ويهدد النمو العاطفي والاجتماعي للطفل. ولعل أهم صور الإيذاء العاطفي للطفل التي تبقى في الوعي ويمتد تأثيرها إلى ما بعد مرحلة الطفولة.
ومن المؤكد أن الأطفال يتعلمون كيف يتفاعلون مع العالم من خلال تفاعلاتهم المبكرة مع والديهم، فإذا كان سلوك الوالدين مليئا بالدفء والحب، فهم بذلك يساعدون أطفالهم على أن يجدوا في العالم مكانًا آمنًا مليئًا بفرص التعلم والاستكشاف. أما إذا كان سلوكهم يتسم بالبرودة واللامبالاة، فإنهم سيحرمون أطفالهم من العناصر الضرورية لتحقيق نموهم العاطفي والاجتماعي، وإلغاء الدافع للاستكشاف والتعلم لديهم. وفي أحيان كثيرة تتراكم مشاعر اللامبالاة مع ضغوط الحياة وانشغال الأبوين باستمرار، أو يدفع الصغار ثمن اللامبالاة التي يتبادلها الزوجان أحيانًا. فمثلا عندما يرسم الطفل لوحة، أو يكتب قصة، أو قصيدة شعر، أو يتفوق في مجال رياضي معين، فإنه يشعر بالسعادة والفخر ويعرض ذلك على والديه بكل حماس، لكنه يقابل بعدم اهتمام، أو اتهامه بأنه يضيع وقته في أمور غير مفيدة. وإذا تكرر ذلك في مواقف مختلفة فإنه يترك بذاكرة الطفل شعور بعدم الاهتمام والإهمال. وينبغي على الوالدين احتواء الطفل ومساعدته على تنمية مواهبه والتنسيق بين ذلك وبين دراسته كأن يحدد يومًا معينًا أو وقتًا معينًا ـ كالإجازات ـ لممارسة ذلك، إضافة إلى الاهتمام بالطفل في أموره الخاصة مثل الذهاب إلى مدرسته والاطمئنان على مستواه الدراسي، حضور حفلاته المدرسية، مشاركته في اختيار ملابسه، الاهتمام بأصدقائه،...
ومن الأفضل أن يمارس الوالدان النقد الفعال للطفل، مثلاً عندما يحصل الطفل على درجات غير متوقعة منه في الامتحان، فيمكن أن يعاتب الطفل بأنه لم يستغل وقته بطريقة صحيحة أو أنه لم يعط الاهتمام أو الوقت الكافي الذي يحتاج إليه للدراسة، وبهذا يمكننا مساعدة الطفل على الاستبصار بمشكلته ومساعدته على إيجاد حل لها دون أن ينظر إلى نفسه على أنه إنسان فاشل.
وحينما لا يستطيع الطفل توقع رد الفعل على تصرفاته، سواء كانت هذه التصرفات صحيحة أو خاطئة، فإن ذلك يعرضه للتفكير بطريقة غير منطقية، وعدم تطور مهاراته الاجتماعية، بالإضافة إلى الضغوط المعنوية، وعدم قدرته على أن يبدأ تجربة جديدة. ويأتي ذلك من ازدواجية التعامل وتناقض الوالدين في الاستجابة لسلوك معين من الطفل، مثلاً، إذا خرج الطفل من دون إذن، فإن والديه يعاقبانه بشدة، بينما قد يفعل ذلك مرة أخرى ويتغاضى الوالدان عن ذلك تمامًا دون إعطاء أي سبب يمكن للطفل فهمه واستيعابه. أو عندما يقوم الطفل بكسر شيء في البيت، فتقوم الأم بتعنيفه وقد تستخدم العقاب الجسدي، في حين إذا قام أحد أطفال الضيوف بكسر الشيء ذاته، تحاول الأم تهدئة الوضع وإقناع الضيوف بأنه لم يحدث شيئًا وأن الطفل لا يستحق العقاب، وهكذا يشعر الطفل بالحيرة وعدم الثقة. من هنا علينا أن نحتوي الطفل وقت ارتكابه خطأ ما، وأن نقوم باحترام مشاعره خاصة إذا وقع الخطأ دون قصد منه. ومن ناحية أخرى علينا أن نعلمه كيف يتحمل نتيجة أخطائه، فإن قام بكسر شيء قصدًا أو تنفيسًا عن غضبه، فيمكنه أن يجمعه من على الأرض، أو يحرم من شيء ما مثل فسحة جميلة أو هدية يتوقعها، وأن تكون الاستجابات مناسبة للفعل وغير متناقضة من وقت لآخر.
كما أن الأطفال الذين يشعرون بالرفض من ذويهم، يعانون من اضطرابات سلوكية كثيرًا ما تؤدي إلى أحد أمرين: إما أن يخلق ذلك شخصية ضعيفة متخاذلة، غير قادرة على مواجهة الآخرين، تعاني إحساسًا عميقًا بالدونية وعدم القيمة، أو إلى شخصية سادية معادية للمجتمع، وللنماذج الأبوية المختلفة لذلك ينبغي أن ينتقد الوالدان أفعال الطفل وليس شخصيته، وأن يوضحا له بأنهما لا يرفضانه هو بل يرفضان أفعاله، ويحددان الفعل المرفوض، فهناك فرق كبير بين أن يقال للطفل بأن والدك يعتقد أنه كان بإمكانك أن تحصل على درجات أفضل في المدرسة وبين أن يقال له أن والدك يعتقد أنك إنسان فاشل، وكسول، ولا تقدر ما يفعله من أجلك فالطريقة الأولى في التعامل تخلق من الطفل إنسانا مسؤولاً، واثقًا من نفسه ومن قدراته، لديه القدرة على مواجهة المواقف الصعبة.
كلنا نحب أطفالنا، نضحي بحياتنا من أجل حياة أفضل لهم، ونعيش على أمل اليوم الذي نراهم فيه في أعلى الدرجات، ولكن ما نتمناه ونتصوره شيء، والواقع شيء آخر، كل أب وكل أم يسعيان لتنشئة أولادهما على أحسن ما يكون، لكن الأسباب والظروف معقدة.
فتصاحب عملية التنشئة أشكال من القمع والعنف والقسوة والإهمال العاطفي، يبرر الأب ذلك أحيانًا بالرغبة في فرض النظام والانضباط داخل الأسرة وأحيانًا أخرى بدافع الحب والحرص على مصلحة الأبناء، ويتصور آباء كثيرون أنهم يحسنون إلى أطفالهم طالما لم يعاقبوهم بدنيًا، لكن أشكال الإيذاء لا تقتصر على العقاب الجسدي فقط، فقد يعاني الطفل لسنوات طويلة من كلمة قيلت في لحظة غضب من أحد الأبوين، ونحن نعرف أن وقع الكلمة على بعضهم أشد إيلامًا من طعن السيف. أو بمعنى آخر يؤذي الآباء فلذات أكبادهم، إيذاءً عاطفيًا، وهم لا يشعرون أو وهم يحسبون أنهم يحسنون إليهم حتى يعلموهم الشدة وأن يكونوا على مستوى المسؤولية. وللأسف بدلاً من أن يصيروا "رجالاً" يكبرون وتكبر معهم عقد دفينة كان بالإمكان تجنبها لو راجعنا أنفسنا فيما نفعل حتى لا تصدق مقولة أبي العلاء المعري "هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد"... ليست هناك "وصفة" جاهزة لضمان تربية الأبناء أحسن تربية، لكن هناك أسسًا من المهم أن يعيها الأبوان. على الرغم من أن عملية "التربية " تحتمل التجربة والخطأ وأحيانًا يتعلم الآباء من أبنائهم أنفسهم، إلا أن الخطر يظل قائمًا من أشكال العنف والإيذاء العاطفي، الذي يتجاوز مجرد التطاول اللفظي ويهدد النمو العاطفي والاجتماعي للطفل. ولعل أهم صور الإيذاء العاطفي للطفل التي تبقى في الوعي ويمتد تأثيرها إلى ما بعد مرحلة الطفولة.
ومن المؤكد أن الأطفال يتعلمون كيف يتفاعلون مع العالم من خلال تفاعلاتهم المبكرة مع والديهم، فإذا كان سلوك الوالدين مليئا بالدفء والحب، فهم بذلك يساعدون أطفالهم على أن يجدوا في العالم مكانًا آمنًا مليئًا بفرص التعلم والاستكشاف. أما إذا كان سلوكهم يتسم بالبرودة واللامبالاة، فإنهم سيحرمون أطفالهم من العناصر الضرورية لتحقيق نموهم العاطفي والاجتماعي، وإلغاء الدافع للاستكشاف والتعلم لديهم. وفي أحيان كثيرة تتراكم مشاعر اللامبالاة مع ضغوط الحياة وانشغال الأبوين باستمرار، أو يدفع الصغار ثمن اللامبالاة التي يتبادلها الزوجان أحيانًا. فمثلا عندما يرسم الطفل لوحة، أو يكتب قصة، أو قصيدة شعر، أو يتفوق في مجال رياضي معين، فإنه يشعر بالسعادة والفخر ويعرض ذلك على والديه بكل حماس، لكنه يقابل بعدم اهتمام، أو اتهامه بأنه يضيع وقته في أمور غير مفيدة. وإذا تكرر ذلك في مواقف مختلفة فإنه يترك بذاكرة الطفل شعور بعدم الاهتمام والإهمال. وينبغي على الوالدين احتواء الطفل ومساعدته على تنمية مواهبه والتنسيق بين ذلك وبين دراسته كأن يحدد يومًا معينًا أو وقتًا معينًا ـ كالإجازات ـ لممارسة ذلك، إضافة إلى الاهتمام بالطفل في أموره الخاصة مثل الذهاب إلى مدرسته والاطمئنان على مستواه الدراسي، حضور حفلاته المدرسية، مشاركته في اختيار ملابسه، الاهتمام بأصدقائه،...
ومن الأفضل أن يمارس الوالدان النقد الفعال للطفل، مثلاً عندما يحصل الطفل على درجات غير متوقعة منه في الامتحان، فيمكن أن يعاتب الطفل بأنه لم يستغل وقته بطريقة صحيحة أو أنه لم يعط الاهتمام أو الوقت الكافي الذي يحتاج إليه للدراسة، وبهذا يمكننا مساعدة الطفل على الاستبصار بمشكلته ومساعدته على إيجاد حل لها دون أن ينظر إلى نفسه على أنه إنسان فاشل.
وحينما لا يستطيع الطفل توقع رد الفعل على تصرفاته، سواء كانت هذه التصرفات صحيحة أو خاطئة، فإن ذلك يعرضه للتفكير بطريقة غير منطقية، وعدم تطور مهاراته الاجتماعية، بالإضافة إلى الضغوط المعنوية، وعدم قدرته على أن يبدأ تجربة جديدة. ويأتي ذلك من ازدواجية التعامل وتناقض الوالدين في الاستجابة لسلوك معين من الطفل، مثلاً، إذا خرج الطفل من دون إذن، فإن والديه يعاقبانه بشدة، بينما قد يفعل ذلك مرة أخرى ويتغاضى الوالدان عن ذلك تمامًا دون إعطاء أي سبب يمكن للطفل فهمه واستيعابه. أو عندما يقوم الطفل بكسر شيء في البيت، فتقوم الأم بتعنيفه وقد تستخدم العقاب الجسدي، في حين إذا قام أحد أطفال الضيوف بكسر الشيء ذاته، تحاول الأم تهدئة الوضع وإقناع الضيوف بأنه لم يحدث شيئًا وأن الطفل لا يستحق العقاب، وهكذا يشعر الطفل بالحيرة وعدم الثقة. من هنا علينا أن نحتوي الطفل وقت ارتكابه خطأ ما، وأن نقوم باحترام مشاعره خاصة إذا وقع الخطأ دون قصد منه. ومن ناحية أخرى علينا أن نعلمه كيف يتحمل نتيجة أخطائه، فإن قام بكسر شيء قصدًا أو تنفيسًا عن غضبه، فيمكنه أن يجمعه من على الأرض، أو يحرم من شيء ما مثل فسحة جميلة أو هدية يتوقعها، وأن تكون الاستجابات مناسبة للفعل وغير متناقضة من وقت لآخر.
كما أن الأطفال الذين يشعرون بالرفض من ذويهم، يعانون من اضطرابات سلوكية كثيرًا ما تؤدي إلى أحد أمرين: إما أن يخلق ذلك شخصية ضعيفة متخاذلة، غير قادرة على مواجهة الآخرين، تعاني إحساسًا عميقًا بالدونية وعدم القيمة، أو إلى شخصية سادية معادية للمجتمع، وللنماذج الأبوية المختلفة لذلك ينبغي أن ينتقد الوالدان أفعال الطفل وليس شخصيته، وأن يوضحا له بأنهما لا يرفضانه هو بل يرفضان أفعاله، ويحددان الفعل المرفوض، فهناك فرق كبير بين أن يقال للطفل بأن والدك يعتقد أنه كان بإمكانك أن تحصل على درجات أفضل في المدرسة وبين أن يقال له أن والدك يعتقد أنك إنسان فاشل، وكسول، ولا تقدر ما يفعله من أجلك فالطريقة الأولى في التعامل تخلق من الطفل إنسانا مسؤولاً، واثقًا من نفسه ومن قدراته، لديه القدرة على مواجهة المواقف الصعبة.