عاشق الامام الكاظم
22-07-2009, 01:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد الله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ..
عزيزي القارئ ..
كوننا عبيداً لله تعالى هو الواقع شئنا أم أبينا، ولكن الدوافع الأخرى الموجودة تدفعنا إلى عدم الالتفات إلى هذا الواقع أي العبودية، ولذلك تبدو شيئاً نحاول إقحامه على أنفسنا.
والجدير بالذكر أنّ مَن يقرّ بالعبودية لله ويُشعر نفسه بها لا يطرده المولى من رحمته وإن صدرت منه بعض المخالفات لأنّه سرعان ما ينتبه فيعتذر ويعزم على أن لا يعود لمثلها.
وكما أنّ النور المادي ينفع الإنسان في الدنيا لتمييز العدوّ من الصديق والضارّ من النافع، والهوّة عن الطريق الصحيح فكذلك الحال في المعنويات. وكما أنّ زلّة بسيطة أو انحرافاً ضئيلاً بسبب غفلة ما قد تؤدّي إلى معاناة عشرات السنين - ومثاله مَن يخيط بإبرة فتنحرف قليلاً فتدخل عينه - فكذلك الحال مع الأخطاء المعنوية، فربّ خطأ بسيط أو زلّة صغيرة تجعل الإنسان يعيش الحسرة والندامة في الآخرة أحقاباً.
ومثاله: شخص قد يكون ملتزماً بالواجبات والمستحبات، فتراه يصلّي ويصوم ويزكّي ويتهجّد، ويقوم لصلاة الليل، ولكنه مبتلى بمرض كالغرور أو التكبّر وهو غير قادر على التخلّص منه بسبب عدم تركيزه على العبودية، أو مبتلىً بذنوب أخرى تجعله لا يرى هذا المرض أو لا يحسّ به، فيكون حاله في الآخرة حال ذلك الذي أُصيبت عينه لغفلة منه فظلّ محروماً منها ما تبقّى من عمره.
معنى كون الإنسان في نور الله تعالى
عزيزي القارئ ..
إذا كان الإنسان في نور الله عزّ وجلّ فلا يزلّ ولا ينحرف ولا يطغى ولا تسيطر عليه نفسه الأمّارة بالسوء، ولا يسمح للشيطان أن يغويه، وتكون الدنيا بنظره كأهون ما يكون، لأنه يرى بهذا النور حقائق الأشياء، كما يرى بالنور المادّي الأجسامَ ويميّز بعضها عن بعض، فيُقبل على ما يرغب منها ويُدبر عمّا يكره.
إنّ مَن يجلس على مائدة في ظلام لا يعلم بما وُضع أمامه هل هو من الأطعمة أم لا؟ فقد يمدّ يده وإذا بعقرب أو حشرة ضارّة أو سمٍّ وجدَ طريقه عمداً أو خطأً إلى مائدته فيتناوله وهو لا يعلم.
أما الجالس في النور فهو يرى الطعام الذي أمامه فيميّزه عن غيره ولا يمدّ يده إلى ما يشكّ أو يحتمل الضرر فيه.
وهكذا الحال في المعنويّات؛ إن لم يكن الإنسان في نور الله تعالى، فسيكون في تيه وظلام وحيرة وضلال وإن كان لا يدرك ذلك ويتصوّر نفسه عارفاً بما حوله.
﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾
هذه الاية .. تجعل الإنسان في نور الله تعالى أي أنّ الله يمنحه النور ليرى ما ينفعه وما يضرّه، وفيم يصرف عمره، وكيف يعاشر الناس، وكيف يسيطر على نفسه وشهواته، وكيف يتخلّص من حب الدنيا وزخارفها، بل كيف يستطيع أن يعرف ما هو اللائق فيُقبل عليه وما هو المذموم فيصدّ عنه، لأنّ هذا هو حال الإنسان الذي في نور الله عزّ وجلّ.
الكلمة الاولى «إنا لله» ....والثانية.. «إنا إليه راجعون».
أما الكلمة الأولى فهي إقرار واعتراف بالملك لله، فكأنّ الذي ينطق بهذه الكلمة يقول: أنا لست لنفسي بل إنني وكلّ ما أملك إنما ملك لله، في حين أنّ الكلمة الثانية: اعتراف بالفناء والرجوع إلى الله تعالى.
عزيزي القارئ..
ليس المقصود من هذا الحديث الشريف أنّ مجرّد تلفّظ (إنا لله وإنا إليه راجعون) يجعل الإنسان في نور الله، بل الشعور بها وإنشاؤها من أعماق القلب، وذلك باستحضار الإنسان القائل لها أنّه ليس مالكاً لنفسه ولا لسانه وبصره وسمعه ولا لما بحوزته من أموال وعلاقات وشخصية وعلم وغيرها، بل يقول لنفسه: هذه كلّها لله، والله سبحانه جعلها تحت تصرّفي لينظر كيف أعمل.
فالملك لله وحده وليس لي، بل لستُ أكثر من عبد أُتي به لتنفيذ ما أمره به مولاه.
فالعبد الذي يُشترى لأجل إعداد الطعام لسيّده مثلاً، عندما يؤتى به إلى المطبخ ويوضع تحت تصرّفه الماء والنار والمواد الغذائية، فهل سينفّذ ما يريده ويشتهيه مولاه، أم يتصرّف بما يحلو له؟ لا شكّ أنّه ليس للعبد أن يقدّم هواه على هوى سيده، وإلاّ كان مصيره العقوبة والطرد. فكذلك القائل: «إنا لله»؛ إذا كان صادقاً فعليه أن يستحضر أنّه عبد مملوك ومطيع لمولاه يقرّ ويعترف على نفسه بالعبودية، ولسيّده بالملك.
فإذا كان كذلك وقال هذه الكلمة يكون في نور الله تعالى، فيبصر عيوبه لأنّ النور هو الذي يكون وسيطاً وسبباً لأن يبصر الإنسان نفسه ويرى ما حوله وما فيه من عيوب ونقائص فيعرف حقائق الأشياء ويتجنّب ما يضرّه وما لا يعنيه وما لا يعود عليه بالنفع، ويتوجّه إلى ما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته.
نموذج من الواقع ..
كان أحد المؤمنين في كربلاء المقدّسة إذا بلغ كلمة في زيارة الإمام الحسين سلام الله عليه لا يقرأها ويقول: إني لأستحيي من الإمام أن أكذب وأنا أتكلّم معه، وتلك الكلمة في الزيارة هي عبارة «عبدُك وابنُ عبدك» فكان هذا المؤمن يقول: لا أراني بمستوي العبودية للإمام عليه السلام ولذلك لا أتمكن من إنشاء هذه الكلمة إن وصلتُ إليها.
إخوتي ..
ما يهمّنا انتباه الرجل إلى أنّه يكلّم الإمام ويعرف أنّ الإمام يسمع الكلام ويردّ جواب السلام ، وكان يعي أيضاً معنى كلمة «عبدُك وابنُ عبدِك» ويعرف أنها درجة لم يبلغها بعد، ولذلك كان يقول:
يصعب عليَّ إنشاء هذه الكلمة لأنّي أعرف أنّ علاقتي بالإمام الحسين سلام الله عليه ليست علاقة عبد بسيده كما ينبغي وإلاّ لما خالفت أوامره، وإنّي على علم بأنّ الإمام الحسين سلام الله عليه يعلم ذلك منّي أيضاً.
فنور الله تعالى جعل هذا الرجل يبصر هذه الحقائق، وإلاّ فهناك الألوف بل الملايين الذين يزورون الإمام الحسين سلام الله عليه، وكلّهم يتلفّظ هذه الكلمات مع أنّ حال كثير منهم بعيد كلّ البعد عن فحواها.
أخوتي الموالين ..
نسأل الله عز وجل أن يشملنا جميعا بنوره ورحمته لنتبّصر حقائق الامور فنميز الخبيث من الطيب ..
ملخص محاضرة اخلاقية لاحد العلماء الأجلاء حفظه الله تعالى ..
.. أسألكم الدعـــاء ..
الحمد الله رب العالمين والصلاة على محمد واله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين ..
عزيزي القارئ ..
كوننا عبيداً لله تعالى هو الواقع شئنا أم أبينا، ولكن الدوافع الأخرى الموجودة تدفعنا إلى عدم الالتفات إلى هذا الواقع أي العبودية، ولذلك تبدو شيئاً نحاول إقحامه على أنفسنا.
والجدير بالذكر أنّ مَن يقرّ بالعبودية لله ويُشعر نفسه بها لا يطرده المولى من رحمته وإن صدرت منه بعض المخالفات لأنّه سرعان ما ينتبه فيعتذر ويعزم على أن لا يعود لمثلها.
وكما أنّ النور المادي ينفع الإنسان في الدنيا لتمييز العدوّ من الصديق والضارّ من النافع، والهوّة عن الطريق الصحيح فكذلك الحال في المعنويات. وكما أنّ زلّة بسيطة أو انحرافاً ضئيلاً بسبب غفلة ما قد تؤدّي إلى معاناة عشرات السنين - ومثاله مَن يخيط بإبرة فتنحرف قليلاً فتدخل عينه - فكذلك الحال مع الأخطاء المعنوية، فربّ خطأ بسيط أو زلّة صغيرة تجعل الإنسان يعيش الحسرة والندامة في الآخرة أحقاباً.
ومثاله: شخص قد يكون ملتزماً بالواجبات والمستحبات، فتراه يصلّي ويصوم ويزكّي ويتهجّد، ويقوم لصلاة الليل، ولكنه مبتلى بمرض كالغرور أو التكبّر وهو غير قادر على التخلّص منه بسبب عدم تركيزه على العبودية، أو مبتلىً بذنوب أخرى تجعله لا يرى هذا المرض أو لا يحسّ به، فيكون حاله في الآخرة حال ذلك الذي أُصيبت عينه لغفلة منه فظلّ محروماً منها ما تبقّى من عمره.
معنى كون الإنسان في نور الله تعالى
عزيزي القارئ ..
إذا كان الإنسان في نور الله عزّ وجلّ فلا يزلّ ولا ينحرف ولا يطغى ولا تسيطر عليه نفسه الأمّارة بالسوء، ولا يسمح للشيطان أن يغويه، وتكون الدنيا بنظره كأهون ما يكون، لأنه يرى بهذا النور حقائق الأشياء، كما يرى بالنور المادّي الأجسامَ ويميّز بعضها عن بعض، فيُقبل على ما يرغب منها ويُدبر عمّا يكره.
إنّ مَن يجلس على مائدة في ظلام لا يعلم بما وُضع أمامه هل هو من الأطعمة أم لا؟ فقد يمدّ يده وإذا بعقرب أو حشرة ضارّة أو سمٍّ وجدَ طريقه عمداً أو خطأً إلى مائدته فيتناوله وهو لا يعلم.
أما الجالس في النور فهو يرى الطعام الذي أمامه فيميّزه عن غيره ولا يمدّ يده إلى ما يشكّ أو يحتمل الضرر فيه.
وهكذا الحال في المعنويّات؛ إن لم يكن الإنسان في نور الله تعالى، فسيكون في تيه وظلام وحيرة وضلال وإن كان لا يدرك ذلك ويتصوّر نفسه عارفاً بما حوله.
﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾
هذه الاية .. تجعل الإنسان في نور الله تعالى أي أنّ الله يمنحه النور ليرى ما ينفعه وما يضرّه، وفيم يصرف عمره، وكيف يعاشر الناس، وكيف يسيطر على نفسه وشهواته، وكيف يتخلّص من حب الدنيا وزخارفها، بل كيف يستطيع أن يعرف ما هو اللائق فيُقبل عليه وما هو المذموم فيصدّ عنه، لأنّ هذا هو حال الإنسان الذي في نور الله عزّ وجلّ.
الكلمة الاولى «إنا لله» ....والثانية.. «إنا إليه راجعون».
أما الكلمة الأولى فهي إقرار واعتراف بالملك لله، فكأنّ الذي ينطق بهذه الكلمة يقول: أنا لست لنفسي بل إنني وكلّ ما أملك إنما ملك لله، في حين أنّ الكلمة الثانية: اعتراف بالفناء والرجوع إلى الله تعالى.
عزيزي القارئ..
ليس المقصود من هذا الحديث الشريف أنّ مجرّد تلفّظ (إنا لله وإنا إليه راجعون) يجعل الإنسان في نور الله، بل الشعور بها وإنشاؤها من أعماق القلب، وذلك باستحضار الإنسان القائل لها أنّه ليس مالكاً لنفسه ولا لسانه وبصره وسمعه ولا لما بحوزته من أموال وعلاقات وشخصية وعلم وغيرها، بل يقول لنفسه: هذه كلّها لله، والله سبحانه جعلها تحت تصرّفي لينظر كيف أعمل.
فالملك لله وحده وليس لي، بل لستُ أكثر من عبد أُتي به لتنفيذ ما أمره به مولاه.
فالعبد الذي يُشترى لأجل إعداد الطعام لسيّده مثلاً، عندما يؤتى به إلى المطبخ ويوضع تحت تصرّفه الماء والنار والمواد الغذائية، فهل سينفّذ ما يريده ويشتهيه مولاه، أم يتصرّف بما يحلو له؟ لا شكّ أنّه ليس للعبد أن يقدّم هواه على هوى سيده، وإلاّ كان مصيره العقوبة والطرد. فكذلك القائل: «إنا لله»؛ إذا كان صادقاً فعليه أن يستحضر أنّه عبد مملوك ومطيع لمولاه يقرّ ويعترف على نفسه بالعبودية، ولسيّده بالملك.
فإذا كان كذلك وقال هذه الكلمة يكون في نور الله تعالى، فيبصر عيوبه لأنّ النور هو الذي يكون وسيطاً وسبباً لأن يبصر الإنسان نفسه ويرى ما حوله وما فيه من عيوب ونقائص فيعرف حقائق الأشياء ويتجنّب ما يضرّه وما لا يعنيه وما لا يعود عليه بالنفع، ويتوجّه إلى ما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته.
نموذج من الواقع ..
كان أحد المؤمنين في كربلاء المقدّسة إذا بلغ كلمة في زيارة الإمام الحسين سلام الله عليه لا يقرأها ويقول: إني لأستحيي من الإمام أن أكذب وأنا أتكلّم معه، وتلك الكلمة في الزيارة هي عبارة «عبدُك وابنُ عبدك» فكان هذا المؤمن يقول: لا أراني بمستوي العبودية للإمام عليه السلام ولذلك لا أتمكن من إنشاء هذه الكلمة إن وصلتُ إليها.
إخوتي ..
ما يهمّنا انتباه الرجل إلى أنّه يكلّم الإمام ويعرف أنّ الإمام يسمع الكلام ويردّ جواب السلام ، وكان يعي أيضاً معنى كلمة «عبدُك وابنُ عبدِك» ويعرف أنها درجة لم يبلغها بعد، ولذلك كان يقول:
يصعب عليَّ إنشاء هذه الكلمة لأنّي أعرف أنّ علاقتي بالإمام الحسين سلام الله عليه ليست علاقة عبد بسيده كما ينبغي وإلاّ لما خالفت أوامره، وإنّي على علم بأنّ الإمام الحسين سلام الله عليه يعلم ذلك منّي أيضاً.
فنور الله تعالى جعل هذا الرجل يبصر هذه الحقائق، وإلاّ فهناك الألوف بل الملايين الذين يزورون الإمام الحسين سلام الله عليه، وكلّهم يتلفّظ هذه الكلمات مع أنّ حال كثير منهم بعيد كلّ البعد عن فحواها.
أخوتي الموالين ..
نسأل الله عز وجل أن يشملنا جميعا بنوره ورحمته لنتبّصر حقائق الامور فنميز الخبيث من الطيب ..
ملخص محاضرة اخلاقية لاحد العلماء الأجلاء حفظه الله تعالى ..
.. أسألكم الدعـــاء ..