أبو علي حمزة
24-07-2009, 09:06 AM
الدروس والعِبر من فدك
نَحل النبي ( صلى الله عليه وآله ) فدكاً إلى بضعته الزهراء ( عليها السلام ) بوحيٍ من الله وتعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) الروم : 38 ، سنة سبع من الهجرة ، وبقيت بيدها أكثر من ثلاث سنين ، فهل تغيَّرت حياة فاطمة الزهراء والإمام علي ( عليهما السلام ) ، حيث أنَّ فدكاً كثير الغلاَّت ، وفيرة الثمار ؟
كلاَّ وألف كلاَّ ، فلم يزل ذلك القرص من الشعير ، ولم يزل ذلك الملح أو اللبن .
وهناك سؤال يتبادر إلى الأذهان ، وهو : أين تذهب غلاَّت وثِمار وأموال فدك ؟
والجواب : لقد كانت تقسَّم على الفقراء والمحتاجين من المسلمين ، بينما الإمام علي وفاطمة ( عليهما السلام ) يعيشان حياة الزهد ، والعزوف عن الدنيا وزَبَارِجِها وبَهَارِجها .
وهنا تتبادر أسئلة أخرى : لماذا استولى عليها الحُكَّام ، ومنعوا من استمرار إنفاق ثمارها في سبيل الله ؟ ومن انتفاع الفقراء والمحتاجين لها ؟
ولماذا هذا الإصرار من الزهراء والإمام عليٍّ ( عليهما السلام ) بمطالبتهما بأموال بني النظير وفدك وسهم خيبر ، وبإرث فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من أبيها ، وغير ذلك ؟
فهذا الإصرار على تحدِّي السلطة في إجراءاتها الظالمة ، ومغاضبة الزهراء ( عليها السلام ) للغاصبين حتى توفِّيَت ، حيثُ أوصَتْ أنْ تُدفن ليلاً ، كل ذلك يجعلنا نتساءل عن السرِّ الكامن وراء تلك المطالبة ، وذلك الإصرار .
ولعلنا نستطيع أن نستلْهِمَ من ذلك دروساً وعبراً للحياة ، منها :
إنَّ انتصار الحق و تأكيده ، ورفض الباطل وإدانته ، مِن المُثُل الإسلامية العُليا ، التي سَعَى النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) إلى تثبيتها في المجتمع الإسلامي ، والتأكيد عليها في مختلف ظروف الحياة الإسلامية .
فكانت هذه المطالبة شُعلة وَهَّاجَة ، تُنير الدرب أمام المظلومين المغصوب حقَّهم ، وتحرق بوهجها وشَرَرِها الحُكَّام الظالمين على مَرِّ الأيام والدهور .
إن موقف فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في هذا الظرف الحَرِج ، واحتجاجاتها بالدستور الإسلامي القرآن الكريم ، واستشهادها بالصحابة ، يبيِّن مَدَى الانحراف الخطير الذي حدث بمسيرة الإسلام والمسلمين بعد وفاة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) .
فحاولت الزهراء وعلي ( عليهما السلام ) تحييد هذا الانحراف وتعديله منذ لحظاته الأولى ، وكان هذا واجبهما أمام الله والمجتمع ، سواء أعادَ الحقُّ إلى أصحابه أو لم يعد .
إن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أعطَتْ درساً لكُلِّ المسلمين من وجوب قول الحق ، والوقوف بوجه الحاكم الغاصب والظالم ، وأنَّه ليس بمنأىً عن الحساب والعتاب والعقاب ، وليس فوق القانون شيء .
وأنَّ الحاكم موجود لِحِماية القانون ، والالتزام بما يفرضه الشرع عليه من التزامات في نِطاق موقفه ومنصبه هذا .
إن الاعتراض والمطالبة بالحق والعدالة ليسَتْ من اختِصاص الرجال ، بل من اختصاص كُلِّ شرائح المجتمع ، بما فيه النساء ، لأنَّهُنَّ عنصر من عناصره .
إن المطالبة بالحق ، والانتصار لله تعالى ليس مشروط بإمكانية الحصول على الهدف ، وإنما هو تسجيل موقف عقائدي مرتبط بالتصدِّي للانحراف ، ومطالِبٌ بتصحيح الأخطاء ، ومُنبِّه لِمَن غفل أو تغافل عن هذا الانحراف .
وكذلك هو إظهار مواقف كلا الطرفين ، من الظالم والمظلوم ، وصاحب الحق ومغتصبِه ، والحاكم والرعيَّة ، فإظهار مواقف الطرفين على حقيقتها أمام المجتمع تؤدِّي إلى تثبيت أُسُس الحقِّ والعدالة ، وتنوُّر فِكر الرعيَّة ، حتى لو كان الظالم شاهراً سيفَه ، أو مفرِّقاً أمواله لشراء العقول ، فإن العقل سيحكمُ ولو بداخل نفسه وتحت أستار ستائره ، بالحق والعدل .
إن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) معصومة بِنَصِّ القرآن الكريم ، بالآية الشريفة التي نقَلَها الفريقان :
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الأحزاب : 33 .
ومن غير المُمكن أن تطالِب الزهراء بِحقٍّ ليس لها ، لأنَّ ذلك ينافي العصمة ، وغيرها غير معصوم ، وهذا يعني أن كلامها ( عليها السلام ) حُجَّة ، يجب الالتزام به ، وكلام غيرها ادِّعاءً وليس بِحُجَّة .
وأنَّ غضبَها وسخطَها غضبُ وسخطُ لله تعالى ، ولا يُخفَى أنها ( عليها السلام ) ماتت وهي واجدة وغاضبة على أولئك الذين أخذوا حقَّها ، واستأثروا به دونها .
وحينما أرادوا زيارتها في مرضِها الذي استشهدت فيه ، فإنَّها لم تجب بالقبول ، بل قالت للإمام علي ( عليه السلام ) : ( البيتُ بيتُك ، والحُرَّة زوجتُك ، اِفعل ما تشاء ) .
وحينما دخلا عليها وحاولا استرضاءها وبكيا لديها ، أوضحت ( عليها السلام ) أنها غير راضية عليهما ، وأنهما أغضباها .
ولا زالت ( عليها السلام ) غاضبة ساخطة عليهما ، لأنها تعرف أنَّهما بَكَيا للتأثير عليها عاطفياً ، وليس عن تراجع عن موقفهما ، أو تقديم تنازُلات واعتذارات منهما .
ومعنى ذلك إنهما أرادا استرضائها ولو لَفظياً ، أو الإظهار للناس بأنها راضية عنهما ، وأنها قد استقبَلَتْهُما ، فهي مُقرَّة على أفعالهما ، وقد طابَت نفسُها عن فدك ، وعن حقوقها المغتصَبَة الأخرى .
لكن وصيَّتها بأن تُدفَن ليلاً ، ومن ثم تنفيذ هذه الوصية من قبل الإمام علي ( عليه السلام ) قد فوَّت الفرصة ، وسدَّ السبيل على كل مُفترٍ مدافع عن الباطل ، ومبرِّرٍ للأفعال اللاأخلاقية ، التي تتابعت على الزهراء ( عليها السلام ) .
ولمْ يبقَ لديهم من سلاح إلا الطعن بالطاهرة بنت المصطفى ( عليها السلام ) ، والانتقاص من شأنها ، وعدم الاعتناء بها ، والنيل من مقامها ، من أمثال قولهم : مَالَنَا والنساء ؟ وكذلك ردُّ طلبها ، وتمزيق كتابها ، وعدم الاعتناء بما تقوله ( عليها السلام ) ، ومطالبتها بالشهود ، وإلخ .
نَحل النبي ( صلى الله عليه وآله ) فدكاً إلى بضعته الزهراء ( عليها السلام ) بوحيٍ من الله وتعالى : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) الروم : 38 ، سنة سبع من الهجرة ، وبقيت بيدها أكثر من ثلاث سنين ، فهل تغيَّرت حياة فاطمة الزهراء والإمام علي ( عليهما السلام ) ، حيث أنَّ فدكاً كثير الغلاَّت ، وفيرة الثمار ؟
كلاَّ وألف كلاَّ ، فلم يزل ذلك القرص من الشعير ، ولم يزل ذلك الملح أو اللبن .
وهناك سؤال يتبادر إلى الأذهان ، وهو : أين تذهب غلاَّت وثِمار وأموال فدك ؟
والجواب : لقد كانت تقسَّم على الفقراء والمحتاجين من المسلمين ، بينما الإمام علي وفاطمة ( عليهما السلام ) يعيشان حياة الزهد ، والعزوف عن الدنيا وزَبَارِجِها وبَهَارِجها .
وهنا تتبادر أسئلة أخرى : لماذا استولى عليها الحُكَّام ، ومنعوا من استمرار إنفاق ثمارها في سبيل الله ؟ ومن انتفاع الفقراء والمحتاجين لها ؟
ولماذا هذا الإصرار من الزهراء والإمام عليٍّ ( عليهما السلام ) بمطالبتهما بأموال بني النظير وفدك وسهم خيبر ، وبإرث فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من أبيها ، وغير ذلك ؟
فهذا الإصرار على تحدِّي السلطة في إجراءاتها الظالمة ، ومغاضبة الزهراء ( عليها السلام ) للغاصبين حتى توفِّيَت ، حيثُ أوصَتْ أنْ تُدفن ليلاً ، كل ذلك يجعلنا نتساءل عن السرِّ الكامن وراء تلك المطالبة ، وذلك الإصرار .
ولعلنا نستطيع أن نستلْهِمَ من ذلك دروساً وعبراً للحياة ، منها :
إنَّ انتصار الحق و تأكيده ، ورفض الباطل وإدانته ، مِن المُثُل الإسلامية العُليا ، التي سَعَى النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) إلى تثبيتها في المجتمع الإسلامي ، والتأكيد عليها في مختلف ظروف الحياة الإسلامية .
فكانت هذه المطالبة شُعلة وَهَّاجَة ، تُنير الدرب أمام المظلومين المغصوب حقَّهم ، وتحرق بوهجها وشَرَرِها الحُكَّام الظالمين على مَرِّ الأيام والدهور .
إن موقف فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في هذا الظرف الحَرِج ، واحتجاجاتها بالدستور الإسلامي القرآن الكريم ، واستشهادها بالصحابة ، يبيِّن مَدَى الانحراف الخطير الذي حدث بمسيرة الإسلام والمسلمين بعد وفاة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) .
فحاولت الزهراء وعلي ( عليهما السلام ) تحييد هذا الانحراف وتعديله منذ لحظاته الأولى ، وكان هذا واجبهما أمام الله والمجتمع ، سواء أعادَ الحقُّ إلى أصحابه أو لم يعد .
إن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أعطَتْ درساً لكُلِّ المسلمين من وجوب قول الحق ، والوقوف بوجه الحاكم الغاصب والظالم ، وأنَّه ليس بمنأىً عن الحساب والعتاب والعقاب ، وليس فوق القانون شيء .
وأنَّ الحاكم موجود لِحِماية القانون ، والالتزام بما يفرضه الشرع عليه من التزامات في نِطاق موقفه ومنصبه هذا .
إن الاعتراض والمطالبة بالحق والعدالة ليسَتْ من اختِصاص الرجال ، بل من اختصاص كُلِّ شرائح المجتمع ، بما فيه النساء ، لأنَّهُنَّ عنصر من عناصره .
إن المطالبة بالحق ، والانتصار لله تعالى ليس مشروط بإمكانية الحصول على الهدف ، وإنما هو تسجيل موقف عقائدي مرتبط بالتصدِّي للانحراف ، ومطالِبٌ بتصحيح الأخطاء ، ومُنبِّه لِمَن غفل أو تغافل عن هذا الانحراف .
وكذلك هو إظهار مواقف كلا الطرفين ، من الظالم والمظلوم ، وصاحب الحق ومغتصبِه ، والحاكم والرعيَّة ، فإظهار مواقف الطرفين على حقيقتها أمام المجتمع تؤدِّي إلى تثبيت أُسُس الحقِّ والعدالة ، وتنوُّر فِكر الرعيَّة ، حتى لو كان الظالم شاهراً سيفَه ، أو مفرِّقاً أمواله لشراء العقول ، فإن العقل سيحكمُ ولو بداخل نفسه وتحت أستار ستائره ، بالحق والعدل .
إن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) معصومة بِنَصِّ القرآن الكريم ، بالآية الشريفة التي نقَلَها الفريقان :
( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الأحزاب : 33 .
ومن غير المُمكن أن تطالِب الزهراء بِحقٍّ ليس لها ، لأنَّ ذلك ينافي العصمة ، وغيرها غير معصوم ، وهذا يعني أن كلامها ( عليها السلام ) حُجَّة ، يجب الالتزام به ، وكلام غيرها ادِّعاءً وليس بِحُجَّة .
وأنَّ غضبَها وسخطَها غضبُ وسخطُ لله تعالى ، ولا يُخفَى أنها ( عليها السلام ) ماتت وهي واجدة وغاضبة على أولئك الذين أخذوا حقَّها ، واستأثروا به دونها .
وحينما أرادوا زيارتها في مرضِها الذي استشهدت فيه ، فإنَّها لم تجب بالقبول ، بل قالت للإمام علي ( عليه السلام ) : ( البيتُ بيتُك ، والحُرَّة زوجتُك ، اِفعل ما تشاء ) .
وحينما دخلا عليها وحاولا استرضاءها وبكيا لديها ، أوضحت ( عليها السلام ) أنها غير راضية عليهما ، وأنهما أغضباها .
ولا زالت ( عليها السلام ) غاضبة ساخطة عليهما ، لأنها تعرف أنَّهما بَكَيا للتأثير عليها عاطفياً ، وليس عن تراجع عن موقفهما ، أو تقديم تنازُلات واعتذارات منهما .
ومعنى ذلك إنهما أرادا استرضائها ولو لَفظياً ، أو الإظهار للناس بأنها راضية عنهما ، وأنها قد استقبَلَتْهُما ، فهي مُقرَّة على أفعالهما ، وقد طابَت نفسُها عن فدك ، وعن حقوقها المغتصَبَة الأخرى .
لكن وصيَّتها بأن تُدفَن ليلاً ، ومن ثم تنفيذ هذه الوصية من قبل الإمام علي ( عليه السلام ) قد فوَّت الفرصة ، وسدَّ السبيل على كل مُفترٍ مدافع عن الباطل ، ومبرِّرٍ للأفعال اللاأخلاقية ، التي تتابعت على الزهراء ( عليها السلام ) .
ولمْ يبقَ لديهم من سلاح إلا الطعن بالطاهرة بنت المصطفى ( عليها السلام ) ، والانتقاص من شأنها ، وعدم الاعتناء بها ، والنيل من مقامها ، من أمثال قولهم : مَالَنَا والنساء ؟ وكذلك ردُّ طلبها ، وتمزيق كتابها ، وعدم الاعتناء بما تقوله ( عليها السلام ) ، ومطالبتها بالشهود ، وإلخ .